الإسراء والثورة الحقيقية بقلم :د . طه حبيش |
وإذا كانت الإسراء قد عبرت عن حادثة زمانها هو عصر المبعث. ومكانها قد امتد من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي. فإن ذلك لا يعني أنها كانت حدثاً عارضاً بلغ منه الكتاب أجله وانقطع عن المسلمين في جميع العصور ورده ونفعه. وإنما حادثة الإسراء والمعراج في الحقيقة هي حادثة نبوية في غايتها. إلهية في مبدأها ومنتهاها. وهي بهذه الحيثية عظيمة المدد كبيرة النفع يستطيع أبناء الأمة الإسلامية أن يتأملوها في كل عصر فيحصلوا منها علي الهدف المراد الذي يمدهم بالدفء يساعدهم علي الحركة الاجتماعية والنشاط الذي يعد قاطرتهم إلي المستقبل. ونحن في هذه الأيام يحسن بنا أن نلتفت إلي حادثة الإسراء لنأخذ منها مخططاً أو برنامجاً إلي الثورة الحقيقية التي تسير بنا في مسارها الصحيح. ولقد تبين لكل عاقل أن حادثة الإسراء وإن كانت قد أمدت المسلمين والنبي معهم بقسط وافر من الطمأنينة الناشئة من استشعار معية الله لهم "إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" فإنها في نفس الوقت قد مثلت رجفة أو هزة عنيفة أثرت في كل قديم فاسد. ونالت من كل منحرف هدام. إنها رجفة قد استشعرها الكل حتي رأيناهم يضعون أيدهم علي رءوسهم بفعل الرجفة فيهم.. وحتي رأيناهم يفتحون أفواههم في صمت كالبيت الذي زالت عنه حرمته لا يميز صاحبه بين الداخل إليه أو الخارج منه. وقد رأيناهم بين مصفر ومصفق قد خرجوا عن وقارهم وودعوا اتزانهم. وهذه الرؤية المتعددة الجوانب توقفنا في نهاية المطاف علي مجموعة من المظاهر تقول: إن حادثة الإسراء تمثل في الحقيقة ثورة علي كل قديم بالي. وعلي كل فاسد عتيق. والثائر الحقيقي الذي أُنيط به التغيير وأسند إليه الإصلاح هو النبي صلي الله عليه وسلم وهو يدرك معني الثورة. ويقف علي أسرارها. ويحيط بجميع جوانبها. والثورة في أول مراحلها تشتمل علي عدة عناصر هامة. منها: سرعة الإيقاع. وعنف الحركة الفكرية والمادية. والعلم بموقع الضربة مع احتواء للروح والقلب. ومع احتواء للجسم والمادة. والثائر الحقيقي هو هذا الإنسان القادر علي أن يخرج من هذه الرجفة بغير خسائر. في المجتمع بحيث لا يوقع فيه كثير انقسام. وإن وقع فيه انقسام فإن الثائر الحق هو الذي يترك جميع الأبواب مفتحة للم الشمل بعد ذهاب الدهشة. وهذه المرحلة الأولي من الثورة تملي علي الثائر أن يكون واعياً بمواقع أقدامه. وأن يكون واعياً بكيفية استثمار اللحظة الأولي التي تشكل أولي خطوات الثورة. وهذا ما حدث بالفعل لرسول الله صلي الله عليه وسلم بقاؤه في مكة الذي تلخصه في منتهاه حادثة الإسراء. إنما ثورة تمثل أولها هدم الفساد بغير خسائر. أو بخسائر قد فتحت لإصلاحها الأبواب.. ليتساءل الكل وهم يعايشون الحدث.. ثم ماذا بعد؟ |
نشرت فى 29 يونيو 2011
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,791,817
ساحة النقاش