كتبت:مي زكريا نيل 190
عندما يغادر فلذات الكبد بيت الأسرة لبناء حياتهم الخاصة, غالبا ماتشعر الأم بالفراغ والخواء خاصة إذا تزامن رحيلهم مع تقاعدها عن العمل
ويحذر الخبراء المرأة من ارتكاب الأخطاء التقليدية التي تدمر معنوياتها وتحول بينها وبين التكيف مع أوضاعها الجديدة فتضيع الوقت ـ الذي صار لديها منه الكثير ـ في مشاهدة التليفزيون وتقنع بزيارات الأبناء القصيرة فتقبع في منزلها دون حركة أو نشاط وينتهي بها المطاف الي زيارة عيادات الأطباء حيث تعالج من الأمراض النفسية كالاكتئاب والأمراض العضوية الناجمة عن قلة الحركة كالسمنة وماتسببه من مخاطر صحية.
وكما يؤكد الدكتور أحمد كامل مرتجي أستاذ طب المسنين بجامعة عين شمس, فان معظم الذين يتوقفون عن العمل سواء كانوا رجالا أو نساء يتركون مواقعهم وهم مازالوا يتمتعون بالصحة والطاقة والقدرة علي العطاء وان استغلال خبراتهم التي اكتسبوها من ممارسة عملهم لسنوات طويلة أفضل بكثير من إصابتهم بالأمراض النفسية والبدنية التي تكلف الدولة عبئا ماليا من أجل ان توفر لهم العلاج والدواء, ويضرب أمثلة بدول لا تلتزم بميعاد محدد للتقاعد كالولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا أما غير القادرين علي العمل بسبب تقدمهم في السن ومشاكلهم الصحية فنصيحة الطبيب لهم هي الاستمرار في الحركة بارتياد النوادي وممارسة رياضة خفيفة كالمشي أو السباحة, لتكوين شبكة من المعارف والأصدقاء تقيهم شر الشعور بالوحدة وتوفر لهم الأنشطة الترفيهية التي تضمن لهم الحركة والاستمتاع بالحياة كالرحلات والحفلات الترفيهية والروحانية مثل الحج والعمرة, ويؤكد فوزي الشاذلي مدير جمعية الشباب الدائم للمسنين ان نشاط جمعيات المسنين يجب ألا يقتصر علي الأنشطة الترفيهية فقط ولكن لابد ان تيسر لأعضائها الرعاية الطبية كالتعاقد مع الاطباء ومعامل التحاليل أو الصيدليات لتسهل عليهم الحصول علي الخدمات الصحية دون مشقة. وتغيير المرأة لأنشطتها في الحياة بعد تركها عملها الذي كانت تجيده لسنوات طويلة من حياتها يقتضي منها القدرة علي التكيف مع ما استجد عليها من ظروف والجراءة في اقتحام مجالات جديدة في الحياة والتصميم علي النجاح تقول تيري وهي نموذج ناجح لقوة الإرادة والقدرة علي التكيف وتعمل منسق مناسبات وأفراح وهي أم وجدة, إنها لم تكف عن العمل طوال حياتها فعندما كان ابنها في المدرسة كان لديها متجر خاص تديره في مدينة الاسكندرية ولكن بتغير ظروفها وانتقالها الي القاهرة عملت بإدارة احدي المدارس الأجنبية لتشغل وقتها وساعدها في ذلك إجادتها للغة الانجليزية ثم اضطرتها الظروف مرة أخري لترك العمل إلا إنها لم تيأس كعادتها واقتحمت مجالا جديدا تماما وهو التنسيق للمناسبات والأفراح, وتؤكد تيري أنها لم تكن تعرف ألف بأء هذا النوع من العمل ولكنها تعلمته بل وأجادته فجو الأفراح المبهج والاعتماد عليها بالكامل في التخطيط لكل التفاصيل كالكوشة وتنسيق الزهور وتزيين الطاولات وتجهيز الأنوار التي تضفي علي قاعة الفرح الرونق والبهاء قد استفزت امكانياتها وامتصت طاقتها, ومع هذا تبقي لديها الوقت لتقضيه مع أبنائها وحفيدها كذلك تعاني ربة البيت المتفرغة من نفس المشاعر عندما يتزوج ابناؤها كالخوف من الوحدة والفراغ, فمني العزبي وهي أم لثلاثة أبناء منهم اثنان تزوجا ومازال ابنها الأصغر يدرس ويقيم مع الأسرة مع أنها تحرص علي استضافة أبنائها المتزوجين ورعاية حفيدتها إلا إنها أعترفت أنها قلقة بشأن اليوم الذي تنتهي مسئولياتها تجاه الأبناء وتعاني من الفراغ وتتمني المشاركة في برامج محو الأمية, فطالما استمتعت بالتدريس لأبنائها عندما كانوا في المدرسة.
فما رأي خبراء علم النفس في الأنشطة المناسبة لهذه المرحلة من حياتها تقول الدكتورة مايسة أنور المفتي أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس: إن العطاء كان دائما وأبدا هو دور المرأة ومحور حياتها في كل سن ووقت فبعد إتمام مهمتها كأم ربت وساعدت أبناءها علي النضوج والنجاح في تكوين أسرهم المستقلة تعود لممارسة نفس الدور مجددا مع أحفادها ولكن وهي أكثر حنكة وصبرا فتسهم في تنشئتهم وتعزز فيهم المباديء السامية كحرية التعبير عن الرأي والشعور بالمسئولية تجاه الوطن خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي نعيشها الآن.
ساحة النقاش