د. ليلى تكلا تكتب: من إدارة الثورة إلى إدارة الدولة

١٧/ ٣/ ٢٠١١

«الدستور» هو الإطار الذى يحدد مبادئ الحكم ونظامه وشكل الدولة والحقوق والواجبات، وأسس العلاقة بين السلطات واختصاصات كل منها، وسواء كان مدوناً أو غير مدون فإنه «أبوالقوانين»، لابد أن يلتزم بمبادئه كل ما يصدر من تشريعات وقرارات وإلا كانت باطلة.

ونظراً لأهميته، فإن لصدوره وتعديله أساليب تختلف عن التقنين التشريعى. واحترام الدستور فريضة سياسية، ولابد أن يؤخذ بالجدية اللائقة بتلك المكانة.

ولما كان الدستور الديمقراطى لابد أن يأتى معبراً عن رغبات الشعب ويشارك جميع فئاته فى وضعه، فإنه إذا تغيرت مطالب الشعب وأصبح الدستور القائم لا يفى بتحقيق مطالبه أصبح لابد من تغييره.

واليوم ليس هناك اختلاف حول الحاجة إلى دستور جديد، إنما حول الآلية والتوقيت، وذلك أمر يقتضى التوفيق بين أوضاع المرحلة الحالية والأهداف المطلوبة.

الأسئلة التى يثيرها الوضع الحالى كثيرة ومهمة، نشير لبعضها:

١- هل الحالة الأمنية مهيأة لإجراء الاستفتاء فى الموعد المحدد؟

٢- إذا رفضت التعديلات فماذا يكون الوضع؟ وإذا أخذنا بالرأى القائل إن الدستور معطل لم يسقط قانوناً، فإن ذلك يعنى قبول الدستور الحالى دون تعديل، وإذا أخذنا بالرأى الذى يؤكد أنه سقط فعلاً، فسوف يعنى ذلك تكريس الفراغ الدستورى.

٣- هل المناخ العام والخدمات الانتخابية وتنظيم اللجان تسمح بإجراء انتخابات برلمانية؟

٤- هل هناك أحزاب تعكس الواقع الجديد يمكنها المنافسة فى الانتخابات المقبلة؟

٥- هل تم حسم وضع المصريين فى الخارج بالنسبة للإدلاء بأصواتهم؟

٦- كيف يمكن حسم الجدل المثار حول التعديلات المقترحة وهى كثيرة وأغلبها جدير بالاهتمام؟

٧- هل يمكن ترك الحالة الاقتصادية المتردية على ما هو عليه؟

تشير الإجابات إلى أن المرحلة الحالية تتطلب إجراءات عدة وعملاً كبيراً وجهداً خارقاً نشير إلى بعضه فى نقاط خمس:

أولاً:

- العمل الجاد على استتباب الأمن فى إطار إعادة تنظيم بعض أجهزة الشرطة وأساليبها.

- تأجيل الاستفتاء على التعديلات الدستورية (ويبدو أنه غير متاح)

- تشكيل مجموعة بحث لدراسة كل ما قيل وكتب حول «التعديلات» للاسترشاد بها.

- تأتى الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية (الحياة تستمر فى الدولة دون مجلسى الشعب والشورى فترة طويلة من السنة ولكن من الصعب الاستمرار دون رئيس محدد، خاصة أن القوات المسلحة تفضل العودة إلى مهامها الأصلية فى حماية الدولة والدفاع عن الوطن).

- تشكيل لجنة لتنظيم الانتخابات الرئاسية من حيث المواصفات (مواطن أو مواطنة لا يقل عمره عن ٤٠ سنة)، والاختصاصات (توضيحها والحد منها على غرار النموذج الفرنسى أو التركى أو غيرهما)، وتحديد مدة الرئاسة (خمس سنوات تجدد مرة واحدة).

- يلتزم الرئيس المنتخب بتشكيل لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد والاستفتاء عليه ( وللدكتور نور فرحات نص متكامل فى هذا الصدد).

ثانياً:

■ صدور إعلان دستورى محدود يتضمن ما يلى:

- النص على سقوط دستور ١٩٧١ (لحسم هذه القضية).

- استمرار قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمسؤولياته لحين انتخاب رئيس.

- تأكيد أن مصر جمهورية ديمقراطية مدنية يقوم نظامها على سيادة القانون والمواطنة والمساواة واحترام التعددية الثقافية والدينية والسياسية.

- تشكيل لجنة تنظم قواعد انتخابات رئيس الجمهورية (مشار إليها سابقاً).

- تعديل بعض نصوص قانون الأحزاب لتسهيل الإنشاء والأداء (وهو ما يتم فعلاً).

- استهلال تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية ( خاصة بالنسبة للاختيار بين الفردى والقائمة، وتخفيض سن المرشح لمجلس الشعب إلى ٢٥ سنة بدلاً من ٣٠ سنة، وتنظيم مشاركة المصريين فى الخارج).

- تشكيل لجنة من خبراء الاقتصاد والقانون والاجتماع لدراسة الأوضاع الاقتصادية (بهدف إحياء الاقتصاد المصرى وجذب الاستثمار وانضباط العمل والإنتاج وعودة البورصة).

- تأكيد التزام مصر بالاتفاقيات والمواثيق الدولية التى تصدق عليها الدولة.

- التزام الرئيس المنتخب بالقيام بإجراءات وضع دستور جديد.

ثالثاً:

- يلتزم الرئيس المنتخب بتشكيل لجنة تأسيسية لوضع مشروع دستور جديد متكامل، تشكل لجانه النوعية ويعقد جلسات استماع ويطرح المشروع فى حوار قومى ويتم الاستفتاء عليه.

- تتم الانتخابات البرلمانية فى ظل الدستور الجديد والقوانين المعدلة والاختصاصات الواضحة والتعددية الحزبية.

- استكمال تعديل القوانين ذات الصلة بالانتخابات البرلمانية وهى: قانون رقم (٧٣) لسنة ١٩٥٦ الخاص بتنظيم ومباشرة الحقوق السياسية، قانون رقم (٤) لسنة ١٩٧٧ الخاص بنظام الأحزاب السياسية، قانون رقم (٣٨) لسنة ١٩٧٢ بشأن مجلس الشعب، قانون رقم (١٢٠) لسنة ١٩٨٠ بشأن مجلس الشورى، قانون رقم (١٧٤) لسنة ٢٠٠٥ الخاص بتنظيم الانتخابات الرئاسية.

رابعاً:

- النظر فى إلغاء حالة الطوارئ فور استتباب الأمن.

- إنعاش الاقتصاد لمنع التدهور والحد من البطالة مع معاقبة الامتناع عن أداء الوظيفة بالتظاهر لمطالب فئوية.

- العمل الجاد على سد منابع الاحتقان الطائفى الذى يهدد بتقسيم المجتمع ويؤدى إلى جرائم متكررة وذلك بتعديل بعض القوانين والإجراءات، والأوراق الثبوتية، ومناهج التعليم، والخطاب الدينى والإعلامى، وتنمية ثقافة المواطنة التى تعنى المساواة وإعلاء الانتماء للوطن.

- دراسة أوضاع المجالس المحلية والشعبية لتوضيح الاختصاصات وتقييم الأداء.

خامساً:

تبقى مسألة الدعوة لتغيير الأوضاع القائمة بتشكيل مجلس رئاسى.. وهو اقتراح برّاق من الناحية النظرية لكنه يثير مشاكل وتساؤلات كثيرة من الناحية العملية الواقعية، منها: من الذى سوف يختار هذا المجلس؟ هل يشكل بالاختيار، أم بالانتخاب؟ إن كان اختياراً فمن يقوم بالاختيار: المجلس العسكرى، أم مجلس الوزراء، وهنا يكون السؤال: أين التغيير؟ وإن كان عن طريق الانتخاب فما هى شروط الترشيح ونظام انتخابه؟ وهل يمكن اختيار كل الاتجاهات الموجودة فى الساحة التى توافق عليها فئات الشعب؟ هل سوف يتم الاتفاق بينهم حتى يسير دولاب العمل؟ أليس هناك احتمال إشعال صراع داخل هذا المجلس وبين فئات الشعب، متباينة الاتجاه؟

إذا لزم الأمر، يمكن تشكيل لجنة تنسيق بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة وبعض أعضائه مع رئيس الوزراء وبعض وزرائه، حتى لا ندخل فى متاهة اختيار مجلس رئاسى، علينا تحديد اختصاصاته المحددة وآليات عمله، من الصعب الاتفاق عليه. وأعتقد أن ذلك التنسيق يتم بالفعل وليست هناك ضرورة لتنظيمات جديدة.

[email protected]

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 148 مشاهدة
نشرت فى 17 مارس 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,795,212