مناظرة حول التحول الديمقراطي في مصر


يحيـي غـانم إبراهـــيم السـخـاوي يعد تيم سابستيان هو أشهر محاور صحفي تلفزيوني في العالم‏;‏ فقد عرفه العالم منذ‏28‏ عاما ببرنامجه الشهير هارد توك أي الكلام الجد علي شاشة تلفزيون البي بي سي

 

 والذي استمر يقدمه علي مدار ربع قرن‏,‏ وذلك قبل أن يتولي إدارة منتدي مناظرات الدوحة العالمي‏.‏ يوم الإثنين كانت القاهرة علي موعد مع هذا المنتدي العالمي الذي عقد دورته في الجامعة الأمريكية علي بعد خطوات قليلة من ميدان التحرير حيث انطلقت ثورة‏25‏ يناير لكي تغير ليس فقط نظام الحكم السابق‏,‏ وإنما لتغير وجه مصر بأكمله‏.‏
القضية التي طرحها المنتدي في دورته القاهرية التي أذيعت علي الهواء في فضائيات مختلفة في العالم لكي يشاهدها في نفس اللحظة‏400‏ مليون منزل عبر الكرة الأرضية أي ما يقرب من مليار مشاهد ـ وذلك قبل أن يأخذ التصويت عليها‏,‏ هي هل في صالح الديمقراطية الإسراع بإجراء الاستفتاء علي التعديلات الدستورية والانتخابات البرلمانية‏,‏ أم أنه من الأفضل التأجيل لكي تستعد القوي السياسية لهذه الخطوة‏,‏ بالإضافة إلي كتابة دستور جديد؟
ضربة البداية أخذتها مروة شرف الدين الناشطة في حقوق المرأة وباحثة في القانون بجامعة أكسفورد‏,‏ التي دفعت بضرورة التأجيل باعتبار أن الديمقراطية ليست هي الانتخابات‏,‏ وإنما الأخيرة هي إحدي أدوات الديمقراطية متسائلة باستنكار‏:‏ هل جلبت لنا الانتخابات التي تمت تحت النظام السابق ديمقراطية؟‏.‏ وأجابت السيدة شرف الدين علي نفسها بالنفي‏.‏ واستطردت الناشطة المصرية ملقية عدة ملاحظات من بينها‏:‏ نريد إصلاحات حقيقية وليس مساحيق تجميل‏,‏ والإصلاح يبدا بكتابة دستور جديد بدلا من ذلك الدستور الميت الحالي الذي يتم ترقيعه‏.‏ وتساءلت‏:‏ هل القوي السياسية استعدت لهذه الانتخابات أم أن الجماعات والأفراد تحت النظام السابق هم الذين سيركبون الموجة ويحققون المكاسب؟ وقالت إن الإسراع بهذا الشكل يجعل الأمر يبدو وكأنهم يريدون ديمقراطية علي غرار الوجبات السريعة‏!‏
المحاور سابستيان قارع السيدة شرف الدين الحجة بالحجة سائلا إياها‏:‏ ألا تثقين في المؤسسة العسكرية‏,‏ وألا تخشين أن يقال إنك تعطلين العملية الديمقراطية؟‏.‏ الناشطة ردت علي حجة المحاور بقولها أن الرجل يفعل مثلما فعل الرئيس السابق مبارك عندما خير الشعب بينه وبين الفوضي وذلك بإيحائه بأن الخيار بين الإسراع بالانتخابات بما يحمل ذلك من مخاطر‏,‏ وبين الديكتاتورية‏!‏
من جانبه‏,‏ اتهم الدكتور عصام العريان المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان السيدة شرف الدين بأنها تسعي للإبقاء علي الوضع الراهن‏,‏ دافعا بأن المصريين صبروا‏60‏ عاما للحصول علي الديمقراطية‏,‏ ومن ثم لا يجب التباطؤ‏,‏ ومن أن أي مبررات لتأجيل الانتخابات هي هراء‏,‏ وأن كافة القوي السياسية تستطيع التكاتف لتشكيل قائمة وطنية بهدف نهائي ألا وهو تكريس مبدأ أن الأمة هي مصدر السلطات‏.‏
المحاور سابستيان دفع عصام العريان بقوله إن من صبر‏60‏ عاما يمكنه أن يصبر قليلا من الوقت بهدف إقامة ديمقراطية كاملة وحقيقية‏,‏ وذلك قبل أن يطرح عليه الخطاب المعتمد للإخوان من الجهاد ضد إسرائيل وأمريكا‏.‏ العريان أكد أن الإخوان لا يرغبون في السيطرة علي الحياة السياسية‏,‏ ومن أنهم أكدوا مرارا إصرارهم علي التعددية‏,‏ ومن أن الإخوان لن يحصلوا علي أكثر من‏30%‏ من مقاعد البرلمان‏.‏أما بشأن مسألة الجهاد‏,‏ فقد أوضح أن الإخوان مثلهم مثل آخرين يعارضون السياسات الأمريكية وليس أمريكا‏.‏
ويبدو أن خطاب الدكتور عريان لم يوافق هوي لدي الناشط شهير اسحق مما دفعه للتساؤل‏:‏ كيف يمكن أن نسمح لقوة منفردة مثل الاخوان أن تنفرد بالساحة السياسية؟ وكيف نذهب للانتخابات في ظل هذه التخوفات وهذا الدستور التعس؟ وأكد شهير ضرورة التفاوض مع المؤسسة العسكرية بشأن دستور مؤقت‏,‏ وبدء حوار وطني‏,‏ مشيرا إلي أن المؤسسة العسكرية تتولي إدارة دفة البلاد بفضل وبفعل الثورة‏,‏ نافيا ما طرحه المحاور سبستيان من أن هذا التطويل يهدد بفقدان قوة دفع الثورة‏.‏
أما شريف طاهر عضو حزب الوفد‏,‏ فقد أشار إلي ضرورة الانتباه إلي المخاطر الكثيرة التي تهدد البلاد مثل انفصال جنوب السودان والأوضاع في ليبيا‏,‏ ناهيك عن المخاطر الداخلية‏,‏ ومن أن بقاء الجيش في الداخل يزيد هذه المخاطر‏,‏ مؤكدا علي أن الأنسب إجراء الانتخابات بدون إبطاء ثم تتولي حكومة منتخبة كتابة دستور جديد‏,‏ ومن أن المهم هو وضع نظام يسمح بتصحيح الأخطاء أكثر من الاهتمام بمن سيتولي مع ترك الجيش ليمارس مهمته الأصلية بالدفاع عن الحدود‏.‏
المناظرة حمي وطيسها عندما لفت الدكتور العريان ممثل الإخوان إلي أن كل من الدكتور محمد البرادعي والسيد عمرو موسي المرشحين المحتملين لمنصب الرئاسة عندما يعارضان الاستفتاء علي التعديلات الدستورية‏,‏ فانهما بذلك لن يمكنهما خوض الانتخابات طبقا للدستور القديم‏,‏ وهو ماردت عليه السيدة شرف الدين بمطالبتها بإعلان دستوري سريع يجب الدستور القديم ثم تشكيل مجلس رئاسي إنتقالي ثم جمعية تأسيسية تمثل فيها قطاعات الأمة لكتابة دستور جديد ثم انتخابات برلمانية فرئاسية‏,‏ وذلك في مدي زمني لا يتخطي يونيو‏.2012‏
عند هذه اللحظة بدأت مداخلات الجمهور لكي تشتعل المناظرة‏,‏ حيث وجه أحدهم اتهاما لممثل الوفد بأن حزبه لم يعد يمثل الليبرالية‏,‏ وتسائل آخر‏:‏ أين كان الوفد من ميدان التحرير وإزاء معاناة الجماهير‏,‏ في حين قال ثالث إن الوفد لا يمثل شباب التحرير‏!‏ ممثل حزب الوفد رد بأنه هو شخصيا كان في الميدان‏,‏ وأن قرار الوفد منذ البداية هو المشاركة في الثورة من دون لافتات حزبية‏,‏ أن الوفد والمعارضة القديمة كانت مضطهدة من النظام‏,‏ وهو ما ردت عليه السيدة شرف الدين من أن الشباب كان مضطهدا‏,‏ ولكنه فجر وقام بالثورة‏,‏ وهو ما أضطر ممثل الإخوان لأن يسارع بنجدة زميله ممثل الوفد بالتأكيد علي أن الجميع كانوا في الميدان وفي مقدمتهم الإخوان الذين أمنوا الميدان والشباب ودافعوا ونظموا‏,‏ وذلك في إشارة للدور الحيوي الذي لعبه شباب الإخوان في تأمين الثورة منذ بدايتها‏,‏ حيث ختم بقوله‏:‏ لسنا اقل ثورية من أي أحد‏.‏
وحول المطالبة بإعادة النظر في خطاب الإخوان‏,‏ رد العريان بأن الإخوان يعترفون بالحقوق الكاملة والمتساوية بين المسلمين والأقباط وبكامل الحقوق للمرأة‏.‏
في نهاية المناظرة‏,‏ أجمل المحاور سابستيان أهم ما ورد بها من نقاط خلاف وهي كانت الأكثر والأعنف‏,‏ والإتفاق وكان في حده الأدني‏,‏ وذلك قبل أن يطرح السؤال المفتاح‏:‏ هل أنت مع الإسراع بالاستفتاء علي التعديلات الدستورية والإنتخابات البرلمانية من منطلق صالح الديمقراطية؟ فجاءت الإجابة لا بنسبة‏84.6%‏ في حين جاءت الإجابة نعم بنسبة‏4.51%‏ فهل يصوت المصريون يوم السبت القادم بنفس النتيجة أم لا؟‏!‏ الإجابة سيحملها الصندوق الذي بات هو طريق الحوار الأمثل في مصر‏.‏

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 127 مشاهدة
نشرت فى 16 مارس 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,795,362