وماذا عن التعليم المصري
بقلم:د‏.‏محمد سكران


يأتي طرح هذا التساؤل في سياق معطيات الثورة المصرية الشعبية التي حظيت بتأييد شعبي وتقدير عالمي غير مسبوق لتحضرها ورقيها‏,‏ ونبل غاياتها‏,‏ وسمو أهدافها‏,‏ وهي الثورة التي باتت تفرض إجراء تغييرات جذرية في كل الميادين والمجالات‏,‏ ومختلف الهيئات والمؤسسات‏.

 

,‏ وفي القلب منها التعليم المصري باعتباره ركيزة التقدم والشرط الضروري لملاحقة التطور والالية الحاكمة لقدرتنا علي مواجهة تحديات العصر‏,‏ والمحور الاساسي لامننا القومي‏,‏ ومن قبل ومن بعد القيام بدوره في تكريس ثقافة الديمقراطية والمواطنة‏,‏ وحقوق الانسان‏,‏ وغيرها من الغايات والأهداف الوطنية الانسانية‏.‏
وللإجابة عن التساؤل المشار إليه نقول‏:‏ إن التعليم المصري قد شهد عبر تاريخه الطويل‏,‏ العديد من المحاولات للنهوض به‏,‏ تحديثه وتطويره‏,‏ لكن ـ وفي الوقت نفسه ـ لم تستطع هذه المحاولات التغلب علي ما يعانيه من مشكلات وأزمات‏.‏ وتؤكد عشرات البحوث والدراسات‏,‏ ومعطيات واقع التعليم المصري أنه لم يشهد من الازمات والإخفاقات عبر تاريخه الطويل مثلما شاهده ابتداء من عقد السبعينيات من القرن الماضي‏,‏ وما تلاه من عقود‏,‏ بسبب الظروف السياسية والاقتصادية‏,‏ وفي القلب منها الأخذ بسياسة الانفتاح الاقتصادي‏,‏ والتي مهدت بعد ذلك للخصخصة والرأسمالية المتوحشة‏,‏ وزواج المال بالسلطة‏,‏ وما ترتب علي هذا من شيوع منظومة الفساد والإفساد في كل الميادين والمجالات‏,‏ وعلي كل المستويات‏,‏ ومنها التعليم المصري بكافة مؤسساته ومراحله التعليمية‏,‏ حيث شهد التعليم المصري ابتداء من العقد المشار اليه‏,‏ وما تلاه من عقود انتشار التعليم الخاص والاجنبي وانتشار الوباء السرطاني وهي ليس غيرها الدروس الخصوصية الي جانب انتشار المدارس الدينية المكرسة لثقافة اللامواطنة‏,‏ وفقر المناهج الدراسية واعتمادها علي الحفظ والاستظهار وغياب قيم المواطنة وحقوق الانسان‏,‏ ناهيك عن التدخل السياسي في التعليم المصري‏,‏ والذي أدي الي اهتزاز بنيانه واضطراب سياساته‏,‏ وعدم استقراره‏,‏ وعلي سبيل المثال‏,‏ ما حدث في أواخرا ثمانينيات القرن الماضي من بتر سنة دراسية من جسم التعليم الابتدائي‏,‏ وما ترتب عليها مما عرف وقتها بأزمة الدفعة المزدوجة في الثانوية العامة‏,‏ تم اعادة هذه السنة في اوائل العقد الاول من القرن الحالي‏,‏ وما ترتب علي هذا مما عرف بسنة الفراغ التي مازلنا نعاني منها حتي الآن‏,‏ ناهيك عما حدث ويحدث من تخبط واضح بالنسبة للثانوية العامة‏,‏ ويطول الحديث عن التعليم الفني‏,‏ وما يعاني منه خريجوه من أمية أبجدية‏,‏ وليس فقط أمية عدم إتقان المهارات التخصصية في هذا النوع من التعليم‏.‏
وأيضا يطول الحديث عما حدث في التعليم الجامعي من اختراقات للسياسة والمال والتيارات الدينية الي جانب التدخل في التعيينات للقيادات الجامعية‏,‏ ولأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم‏,‏ وانشاء البرامج المتميزة للقادرين ماليا داخل الجامعات الحكومية‏,‏ وإلغاء نظام الانتساب‏,‏ وفتح الباب علي مصراعيه للتعليم المفتوح بمصاريفه الباهظة‏,‏ والنيل من مكانة عضو هيئة التدريس بعشرات الوسائل ومنها علي سبيل المثال‏:‏ اشتراط زيادة مرتبه بوجوده داخل كليته‏82‏ ساعة اسبوعيا‏(‏ بواقع‏7‏ ساعات يوميا‏)‏ ومن ثم قياس عطائه بمجرد وجوده لا بإنتاجه وبحوثه ودراساته الي جانب عمليات تزوير الاتحادات الطلابية وحرمان الطلاب من الاشتغال بالعمل السياسي‏,‏ وغيرها من الأمور التي معها أصبحت الجامعات فاقدة الهوية‏,‏ ومكرسة للطبقية‏.‏ و هنا ـ وكما تفرض موضوعية الطرح ـ نشير الي أن هناك عشرات الانتقادات التي تم طرحها من قبل أهل الاختصاص‏,‏ والمهمومين بقضايا التعليم المصري‏,‏ كما أن هناك العديد من السياسات والاستراتيجيات التي تم وضعها‏,‏ وعلي سبيل المثال‏:‏ ذلك المشروع القومي لتطوير التعليم المصري‏,‏ الذي تم وضعه عندما كان دكتور حسين كامل بهاء الدين وزيرا للتعليم وهو مشروع المعايير القومية للتعليم المصري في اطار عالمي مقارن‏,‏ وأيضا الخطة الاستراتيجية القومية لاصلاح التعليم قبل الجامعي للاعوام من‏8002/7002‏ الي‏2102/1102,‏ وغيرها من المشاريع والخطط التي قامت بوضعها الخبرات والعقول والكفاءات المصرية ذات التوجهات الوطنية القومية ولكن لم تجد طريقها للتنفيذ بفعل ألاعيب السياسة وتقلباتها وعدم وجود الميزانية القادرة علي النهوض بالتعليم وتطويره‏.‏
وهذا يعني ببساطة شديدة أننا لسنا بحاجة الي المزيد من السياسات والاستراتيجيات‏,‏ وما علينا الا مراجعة ما تم طرحه في ضوء ماكشفت عنه الثورة المصرية الشعبية من توجهات واحتياجات ومتطلبات‏,‏ وفي ضوء تحديات عصر المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات‏,‏ وما تفرضه من وجود عقليات نقدية وانماط تفكير غير تقليدية‏,‏ ومن توجهات تكرس ثقافة المواطنة والدولة المدنية وحقوق الانسان‏,‏ وغيرها من التوجهات ذات الطابع الوطني والانساني‏,‏ وفي الختام التحية لشهداء الثورة المصرية

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 211 مشاهدة
نشرت فى 15 مارس 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,601,370