أي مستقبل لمصر .. أي رؤية للمستقبل ؟ بقلم : د.خالد عزب [email protected] |
ستمر أيام ثورة اللوتس المصرية بين تجاذبات أطراف سياسية عديدة كل يحاول أن يحقق مكاسب أكثر أو يحافظ علي قدر أقل من التنازلات. لكن الحقيقة أن كل الأطراف ما عدا شباب التحرير التي حققت مكاسب لها علي أرض الواقع بدءاً بالإخوان امتداداً إلي حزب الوفد وحزب التجمع. أي أنها مازالت بعيدة عن شباب مصر. فكلها إرث من الماضي البعيد أو القريب. ويظل الحزب الشيوعي المصري هنا محل تساؤل حول وجوده علي الساحة من عدمه. لكن هناك أبعاد عديدة ستشهدها مصر. أولها رئيس لمدتين رئاسيتين. هذا ما سيترتب عليه عدم تركز السلطة في يد مجموعة واحدة لفترة زمنية طويلة. تحدث مراكز قوة وفساد. فضلاً عن أن من يتولي منصب الرئاسة سيدرك أن شرعيته آتية من الشارع المصري الذي سعي لهذه النقلة النوعية في تاريخ مصر. ستتدفق في الحياة السياسية المصرية دماء جديدة. تنبؤ حركة الشارع أنها ليبرالية في الأساس نتاج الطبيعة المصرية التقليدية المتوائمة مع الشخصية المصرية مع طيف من اليسار الذي له جذور في مصر مازالت ممتدة إلي اليوم. فضلاً عن التيارات الدينية مثل الإخوان المسلمين الذين لا تزيد قوتهم عن عشرة في المائة علي أحسن تقدير. بعد أن انكشفت قوتهم الحقيقة في وسط زخم مظاهرات حركة 25 يناير 2011. أما السلفيون فقد فضلوا الانعزال في المساجد والبعد عن الحياة السياسية. أما الجماعة الإسلامية والجهاد فتحت وطأ الضربات الأمنية لم يعد لهم وجود حقيقي في الساحة. لذا ستشهد مصر في الأشهر القادمة صدمة كبيرة. إذ أمام ضآلة فاعلية الأحزاب التقليدية بما فيها الحزب الوطني وحزب الوفد والحزب الناصري. وانكشاف جماعة الإخوان المسلمين الذين خسروا الشارع بعد أن ظلوا يهادنون حكم الرئيس مبارك لسنوات. دون مواجهة حقيقية إلا في إطار مناورات تخدم مصالح ضيقة للجماعة. حتي في ظل وجود 88 نائباً في البرلمان للجماعة لم يواجهوا مسئولاً كبيراً في قضايا جماهيرية ملحة. إلا في قضايا الحجاب علي غرار ما حدث مع الوزير السابق فاروق حسني. لذا فإن هذه الأحزاب والتيارات تطرح فكرة الانتخاب بالقائمة للهروب من الانتخابات الفردية. التي ستفرز قوة سياسية مستقلة عنها. من الممكن أن تشكل تيارات وأحزاباً سياسية جديدة تهدد القديمة. ومن المثير للانتباه أن هناك قيادات وشخصيات بارزة ستهرب من الحزب الوطني حتي في ظل قياداته الجديدة. وسيكون الحزب حملاً ثقيلاً علي الدولة المصرية. إذ ارتباطه بعصر حسني مبارك والفساد وزواج السلطة ورأس المال فضلاً عن مشروع التوريث وبقاء شخصيات مرتبطة بهذا المشروع في قيادة الحزب مثل محمد كمال ستجعل منه أقلية. لذا ستذهب شخصيات عامة مصرية وقيادات شبابية إلي حزب جديد يمثل الوسطية الليبرالية المصرية. كما أن من المتوقع أن تشهد بنية الدولة المصرية تغيرات كثيرة. بعضها سيطال مؤسسات من المشهد المصري. مثل المجالس القومية المتخصصة التي من المتوقع اختفاؤها تماماً. لأنها كانت مجالس مكافأة نهاية خدمة لشخصيات مصرية. فضلاً عن انعدام فائدتها. كما سيعاد النظر في مفهوم الوظيفة العامة في الدولة المصرية. التي ظلت مرهونة بخدمة توجهات رأس المؤسسة أو الوزارة أو الدولة. إلي مفهوم خدمة الوطن والمواطن. كما سيؤكد مفهوم الكفاءة علي المكافأة لأن الجميع يعلم أن الحساب سيكون عسيراً من المجتمع. لأن شرعية الشارع ستحل بدلاً من شرعية الرئيس. ستجعل المسئول عينه علي محاسبة المجتمع له. كما أن مصر ستذهب كدولة إلي إعادة النظر في دولاب الدولة ليكون أسرع إيقاعاً ليتواكب مع متطلبات المرحلة الجديدة. إذ أن التكنوقراط داخل الدولة كانوا يرون أداءهم التقليدي هو رمز الدولة لكن ظهور الرغبة في الانجاز القومي ستغير هذا النمط من الأداء. خاصة أن مصر من الدول المؤهلة لتسارع معدلات الأداء بها. سيساعد علي هذا اطلاق الخيال للشباب لتقديم رؤي مستقبلية فضلاً عن تحدي اثبات أن التغيير الذي اكتسب شرعيته من ثورة الشارع في 25 يناير كان صحيحاً. سيترتب علي هذا كله اختفاء عدد كبير من النخبة المصرية. هذه النخبة التي ارتبطت لسنوات بنظام مبارك. فقد فقدت مصداقيتها أمام الشباب والمجتمع. هذه النخبة التي ظلت من الستينيات والسبعينيات علي المشهد المصري واحتكرته وسدت شرايين الدولة والمجتمع. لم ينج من هذا سوي مفكر مثل عبدالوهاب المسيري الذي انتهي به الأمر في نهاية حياته منسقاً لحركة كفاية. ومثله عدد قليل من هذه النخبة. أما الشرطة المصرية فمن المنتظر إعادة هيكلة جهاز الشرطة مرة أخري. وإذا لم تكن هذه الهيكلة بالمستوي المنتظر. فستتوقع انفجار الوضع مرات أخري في مصر. لأن جهاز الشرطة قام علي مفهوم أمن الدولة وعليه يجب أن يعاد تأسيسه من جديد علي أن مفهوم أمن المجتمع وسلامته ينشأ منه بعد ذلك مفهوم أمن الدولة. فسوء معاملة الشرطة للمواطنين بدءاً من الطبقات الدنيا والطبقة الوسطي. هو الذي دفع أبناء الطبقة الوسطي للانخراط علي شبكة المعلومات "الإنترنت" لمقاومة فساد الدولة متمثلاً في جهاز الشرطة. كان إذا سرق منزل مواطن فعليه أن يلجأ للواسطة لكي يهتم بالحادثة ولا يتحرك رافعو البصمات أو ضابط المباحث من قسم الشرطة إلا بواسطة كبيرة. بل إن الإهانة وتعمد الترافع علي المواطنين. بل وتجاهلهم تسبب في جروح غائرة لدي الشعب المصري تجاه جهاز الشرطة. فضلاً عن تفرغ قيادات هذا الجهاز لتكوين ثروات طائلة والتزاوج مع رجال أعمال. فضلاً عن التعامل مع البلطجية لتزوير الانتخابات تارة وإرهاب المواطنين تارة أخري. فضلاً عن تراخي الشرطة في تأمين الشارع المصري. وفرض إتاوات علي بعض المواطنين. والحقيقة أن الحكم الكلي القاطع علي جهاز الشرطة المصري بفساده أمر فيه ظلم كبير لرجال شرفاء في جهاز الشرطة. عاملوا المصريين باحترام وطوروا بعض وحداته مثل بعض وحدات المرور. وحاولوا أن يكونوا صورة مشرفة له. إن هذا كله يؤطر خروج الأغلبية الصامتة في مصر لعقود من صمتها إلي المشاركة في كافة مناحي الحياة في مصر. |
نشرت فى 10 مارس 2011
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,796,955
ساحة النقاش