"الجمهورية" أولي الصحف التي تحدثت عنها
الدراسة التي رصدت ما عجز الحكم عن رصده
أعدت الدراسة للنشر - ثناء حامد
"الجمهورية" كانت أول من نشر هذه الدراسة.. عرضت "الجمهورية" النتائج الأولية الصادمة لأول دراسة عن مدي إحساس الناس بالظلم والفساد في 25 يناير ..2009 ولم يسبق "الجمهورية" مطبوعة حكومية أو معارضة أو مستقلة.. أكدت الدراسة التي سبق نشرها منذ عامين أن الفساد سببه الرئيسي هو تزاوج المال والسلطة. وخرج مانشيت "الجمهورية" "تقرير حكومي يؤكد الاستسلام للفساد وغياب العدالة والضمير" ورغم أن الدراسة التي قام بها فريق بحثي بجامعة القاهرة بقيادة د.أحمد زايد لم تكتمل ولكن "الجمهورية" نشرت نتائجها الأولية.
وعندما ظهرت الدراسة للنور.. انفردت "الجمهورية" بنشر النتائج الصادمة للمرة الثانية لتعلن بوضوح شديد أن الدولة تنحاز لأصحاب النفوذ ورجال الأعمال علي حساب البسطاء..
واليوم نعرض هذه الدراسة كاملة وبدون رتوش ليتبين القارئ أن الشباب كانوا يرون الصورة وبوضوح أكثر من أي فئة في المجتمع. حيث عبر حوالي 87% عن الفساد وبصورة صحيحة. وشعروا بالظلم البين من أفراد العينة. والمفاجأة أن الشريحة العمرية لهم كانت أقل من 35 سنة رغم تعدد متغيرات الدراسة من حيث تنوع المستوي التعليمي والمستوي المادي والمناطق السكنية.. ولكن كان التوجخ واحداً سواء في الريف أو الحضر. حيث رأي أكثر من 85% من أفراد العينة "الشباب" أن الفساد في مصر تزيد معدلاته. وكأنه في أكتوبر 2009 كان يعلن عن بدء ثورته بإعلان إدراكه لهذا الفساد.. الجميل لم تلحظ الدراسة فروقاً بين الذكور والإناث في مدي هذا الإدراك.
الأكثر فساداً
ورأي الشباب أن أكثر فئات المجتمع فساداً هم رجال الأعمال ذوي السلطة وبنسبة 43% تليها فئة التجار المستغلين بنسبة 34% ثم الشرطة ورجالها وممارساتهم في المرتبة الثالثة للفساد. ثم أعضاء مجلس الشعب ومدي تربحهم من عضوية المجلس.
النتائج العامة تعكس شعوراً واحداً هو: أن نصف المجتمع تقريباً ينظرون إلي رجال الأعمال بالسلطة وتجاوزاتهم نبأت بالنهايات الحالية لهم. حيث سعوا بكل ما أوتوا من قوة للتربح والمتاجرة بثروات الوطن تحكمهم في ذلك عقلية تجارية ويحميهم موقعهم من السلطة.. كما تعكس محاباة السلطة لرجال الأعمال وتقديم تسهيلات كبيرة لهم.
ويعرض د.أحمد زايد عميد آداب القاهرة رئيس الفريق البحثي رؤية الشباب لأكثر مؤسسات الدولة فساداً. حيث جاءت المصالح الحكومية الخدمية الأولي في الفساد 4.48%. تليها مؤسسات قطاعي الصحة والتعليم بنسبة متقاربة. ثم الإعلام. ثم الداخلية. وأخيراً المحليات.. وتعبر رؤية المصريين لأكثر المؤسسات فساداً في المجتمع عن وجود فجوة كبيرة بين المواطن وبين الدولة. وتتضح هذه الفجوة عند احتياج المواطن للخدمات.
وتتجلي مظاهر الفساد كما سجلها المصريون في انتشار الرشوة التي احتلت مكان الصدارة وبنسبة 70.6%. فلابد للمواطن مهما كان مستواه التعليمي أو الاجتماعي دفع رشوة للحصول علي حقه الطبيعي.. يلي ذلك المحسوبية بنسبة 46% وسواء الرشوة أو المحسوبية فالاثنتان وجهان لعملة واحدة وهي عملة الفساد. وتغلغله في كل نواحي الحياة اليومية.
وتؤكد الدراسة أن الفساد أصبح من المسلمات التي يتعامل معها المصريون كل يوم.. مما أدي إلي تفضيل المواطن المصري لمصلحته الشخصية عن العامة.
يري 40% من المجتمع المصري أن الدولة لا تهتم بمصلحتهم ولا تعبر عنهم ولا عن همومهم. ومشاكلهم لم تنل القدر الكافي من اهتمام هذه الدولة.. معني هذا وبمنظور القائمين علي الدراسة أن العديد من شرائح المجتمع المصري كانوا يرون وجود أزمة ثقة مع الدولة. فهم يرون الدولة بعيدة عنهم.
وثلاثة أرباع المجتمع كان يري أن الدولة منحازة لذوي السلطة والنفوذ والمال.. ونتيجة لهذا الانحياز الواضح عزف الكثير من المصريين عن المشاركة بأي شكل من الأشكال.. وكلما ارتفع المستوي التعليمي. زاد الإحساس بانحياز الدولة لبضعة آلاف علي حساب 85 مليون مصري.. أي أن العلاة طردية بين مستوي التعليم وإحساس الناس بالظلم.. وتؤكد الدراسة أن الشباب الأكثر إحساساً بهذا الظلم والمتمثل في البطالة وقلة فرص العمل.
وأشكال الانحياز من الدولة حددها 70% تري أنها منحازة لأصحاب النفوذ. ويليهم رجال الأعمال.. ويعتقد كل المصريين أن الدولة توفر لهاتين الفئتين كل أشكال الحماية والدعم. ويحققون من وراء الدولة الكثير من المصالح والمكاسب ويمثل أصحاب المحسوبية الفئة الثانية من الحاصلين علي دعم الحكومة. وأخيراً التجار.. علي حساب الأغلبية الصامتة من المصريين.
فوضت أمري إلي الله
وتؤكد الدراسة أن الشعور بالظلم لغياب العدالة وصل إلي ذروته لكل المصريين وبنسبة 95%.. ويتفوق شباب الريف في الشعور بالظلم عن شباب المدن بنسبة 65%. وإحساس الشعور بالظلم عند الذكور أعلي بنسبة 55%. عن الإناث سواء كان متعلماً أو أمياً.. والشعور بالظلم أخذ أشكال عدم توافر الحياة الكريمة بنسبة 65%. يليه ضعف الأجور لتلبية أبسط الاحتياجات 51%.. والأخطر ما رصدته الدراسة بين الشباب بعدم الإحساس بالأهمية وبقيمة الفرد في مجتمعه. ووصل هذا الإحساس بين الشباب بنسبة 82.5%.. يليهم في هذا الإحساس الموظف المصري ثم المرأة.
وما من مصري تقابله وتحدثه عن الدولة ومدي قدرتها علي تلبية احتياجاته إلا ويقول لك: "فوضت أمري لله".. حيث لا تتم الاستجابة بنسبة 60% لطلبات الناس تجاه المرافق الحكومية أو لإعادة حق لصاحبه.. و40% يبحثون عن واسطة ليلبوا طلباتهم.. و36% يدفعون رشوة لموظف.. و3% فقط بدأوا مؤخراً إلي اللجوء إلي الاعتصام للحصول علي حقوقهم.. و2% يكتبون للجرائد لنفس السبب.. "لاحظ أن ذلك كان في فبراير 2009".
ويفسر القائمون علي الدراسة هذه السلوكيات لدي المصريين بأنهم تغيب عنهم ثقافة "عايز حقي" ولا يعترضون عادة عند تعرضهم للظلم. ولهذا تأصلت النزعة الشخصية لدي المواطن المصري بنسبة 86% ويتفوق في هذه الصفة سكان المدن عن سكان الريف. والإناث عن الذكور وبنسبة 86% أيضاً مما يعكس حقيقة أن الإناث أكثر إدراكاً لمصلحتهن الشخصية من الذكور حتي لا يضيع حقها في مجتمع لا يعترف القائمون عليه بحقوق الشعب المصري.
القانون ذهب مع الريح
رصدت الدراسة عدم إحساس الشباب بالقانون وهيبته مستنيدين في ذلك إلي أن أصحاب النفوذ يحققون ما يريدون بصرف النظر عن اتفاق هذا مع القانون أو عدم اتفاقه.. بل يصل الأمر عند 90% من ذوي النفوذ يفصلون قوانين تحفظ مصالحهم الشخصية. ويرتبط هذا الوضع بشكل كبير بالتزاوج بين المال والسلطة الذي يراه غالبية المصريين سواء شباب أو غيرهم من دعائم الفساد الأكثر خطورة. اتفاق الشباب أولاً ثم باقي أفراد المجتمع أن التناقض بين الأفعال والأقوال لدي القائمين علي الحكم هو الأكثر عمومية. حيث يري المصريون أن رجال السياسة يليهم رجال الشرطة من أكثر فئات الدولة تناقضاً.. يليهم رجال الدين. حيث أصبح من الواضح أن التدين اكتفي بالشكل المظهري فقط. ووصلت نسبة الإحساس بالتناقض إلي 90% بين المصريين.
الأكثر إيلاماً أن نصف المجتمع تقريباً يري أن المسئولين لا يتحدثون بصراحة. ولا يحترمون ذكاء الشعب المصري. و77% يري أن الدولة تكذب بشكل مباشر وغير مباشر.
وهذا سبب آخر لعزوف الكثير من الشباب علي المشاركة الانتخابية لعدم مصداقية الحكومة وانتشار التزوير.. وغياب المشاركة السياسية لا يعني غياب المشاركة المجتمعية. حيث رصدت الدراسة أن 92.2% يشاركون الآخرين لمواجهة كارثة مجتمعية أو حادث لأحد الجيران. وهذه سمة أساسية في الشخصية المصرية. ولكن ممارسات الحكم الخاطئ جعلت المصريين عزوفين عن أي مشاركة تخص الدولة.
اليأس وفقدان القدوة
وخلصت الدراسة إلي حقيقة مؤلمة أن اليأس وفقدان الأمل تفشي بين فئات العمر الشابة. خاصة مع غياب القدوة أو الهدف القومي الذي يلتفون حوله.
وأوصت الدراية بضرورة تغيير أسلوب أجهزة الدولة مثل: الإعلام والشرطة والقضاء. بحيث تكون أكثر حيادية وألا تعطي الانطباع بالتحيز الشديد وخاصة من قطاعي الشرطة والإعلام لمجموعة الحكم. والتخفيف من ممارسات الشرطة وتحويلها من شرطة تأمين فئة معينة لشرطة في خدمة الشعب.
كما أوصت بإلغاء الألقاب التي تفشت في المجتمع. خاصة الملغاة بالقانون. والتي انتشرت بين رجال الشرطة ورجال الأعمال.. وضرورة تدريب كبار موظفي الدولة والمسئولين علي التواضع واحترام المواطنين.
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 100 مشاهدة
نشرت فى 24 فبراير 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,686,401