سلام لكم‏..‏ جيل الكرامة والعزة
بقلم : د‏.‏ وليد أحمد فتيحي

 


لن اتحدث عن الثمانية عشرة يوما التي غيرت تاريخ مصر‏,‏ ولن اتحدث عن التضحيات والشهداء من خيرة شباب مصر الذين سطروا بدمائهم تاريخ مصر الجديد‏.

 

‏ ولن اتحدث عن الطاغية وما أجرم في حق شعبه طوال ثلاثين عاما‏..‏ ولن اتحدث عن سنة الله التي لاتتبدل ولاتتغير في حق الطاغين والمفسدين‏.‏ لن اتحدث عن كل هذا وإنما سأتحدث عن صورة واحدة تحكي لك قصة الإنسان‏..‏ كل إنسان‏..‏ وفي هذه الحالة الخاصة قصة الإنسان المصري‏.‏
احتشاد أكثر من مليون شخص في ميدان التحرير ميدان الثورة من جميع أطياف المجتمع وفئاته شباب في مقتبل اعمارهم فتيانا وفتيات ونساء وشيوخا كلهم يعملون علي قلب رجل واحد من أجل تنظيف وإعادة ميدان التحرير وتجميله ليعود أفضل مما كان عليه قبل‏52‏ يناير الماضي‏.‏ صورة لم ترها مصر من قبل‏..‏ صورة شعب يعامل شوارعه وساحاته وميادينه والمال العام كأنه‏(‏ بيته الكبير‏)‏ ومئات الشباب يرتدون زيا مكتوبا عليه فخور بتنظيف مصر‏,‏ فتيات وشباب من خيرة جامعات مصر بما فيها الجامعة الأمريكية يقومون بتنظيف الشوارع والفتيات يرددن شعارا واحدا‏(‏ ارفع رأسك أنت مصري‏).‏
وقد نشرت جريدة الأهرام في عددها الثاني بعد الثورة‏31‏ فبراير‏1102,‏ تعليقات بعض الفتيات‏,‏ حيث تقول داليا شوقي‏92‏ سنة وهي محامية بشركة أوراسكوم إنها جاءت إلي ميدان التحرير لتشارك في الفرحة وفي العمل التطوعي وتقوم بأعمال النظافة في الميدان لان هذا واجب وطني‏,‏ وأضافت هويدا عادل‏52‏ سنة طبيبة أسنان أن ما نقوم به هو عمل وطني وعلي كل مصري أن يشارك في هذا العمل التطوعي‏,‏ وأيضا تقول بسمة محاسبة باحد البنوك بأنها فخورة بالمشاركة في هذا العمل‏.‏
انها قصة ذلك الإنسان الذي خلق الله ونفخ فيه من روحه وكرمه‏(‏ ولقد كرمنا بني آدم‏).‏
ذلك الإنسان الذي خلقه الله ليعبده وحده وحرره من الذل إلا له سبحانه‏..‏ والانكسار إلا بين يديه‏.‏
ذلك الإنسان الذي أودعه الله تلك النفخة الربانية والفطرة السليمة في الإنسان السوي الذي يأبي أن يستعبد الا لله رب العالمين‏.‏
ذلك الإنسان الحر الذي جعله الله من دون كل الكائنات مخيرا في أعماله ومحاسبا عليها فلم يقهره حتي في عبادته سبحانه‏.‏
ذلك الإنسان الذي إذا أهين وجرد وسلب من كرامته مات وإن كان يسير علي وجه الأرض‏.‏
ذلك الإنسان الذي إذا وفر له المناخ الصحي السليم من الحرية والكرامة اتقدت في قلبه وفؤاده أنوار الروح العلوية فتشحذ عزيمته وهمته وتنشط للعمل جوارحه‏.‏
ذلك الإنسان الذي إن شعر أن ارضه التي يقف عليها هي ملك له وهو مستخلف فيها وعليها‏,‏ عاملها كما يعامل أغلي ما يملك‏,‏ وعندما يتحقق مفهوم المواطنة الحق علي أرض الواقع‏.‏
وقد كانت هذه أول دعوة تبادلها شباب مصر علي ميدان حركتهم‏(‏ الفيس بوك‏)‏ دعوة تؤكد ببساطة ووضوح أن الثورة مازالت مستمرة وأن القادم لن يكون أفضل الا بهم والتي وضعت كميثاق سمي بميثاق الحرية‏(‏ أتعهد أنا المواطن المصري‏,‏ أني سأكون علي قدر المسئولية التي دفع ثمنها شهداء ثورة‏52‏ يناير‏,‏ وأني سأحافظ علي ما حققناه من حرية وكرامة في تلك الثورة الشريفة‏,‏ وسوف احافظ علي كرامتي وحريتي دائما ما حييت‏,‏ وكذلك حرية وكرامة المواطنين المصريين مادام علي ذلك سبيل‏.‏ ومن اليوم سأعمل جاهدا علي النمو بوطني‏,‏ باذلا كل مايلزم لذلك من وقت وعلم وعمل وجهد‏,‏ بكل اخلاص وحب‏.‏ وأنني سوف احرص علي تنمية علمي ومهاراتي الشخصية باستمرار لأواكب التطور‏.‏ وأني سوف أقدم الحب والعطاء لشركائي في الوطن‏,‏ مهما كان عمره وجنسه وديانته‏,‏ أو مستواه الاجتماعي‏,‏ لنقضي معا علي آفات المجتمع من فقر وجهل ومرض‏.‏ واتعهد أن احترم الرأي والرأي الآخر واتناقش من أجل الوصول للحق والحق فقط‏.‏ لن أسب ولن اتطاول علي احد وسأحرص علي التحلي بالاخلاق الحميدة في معاملاتي‏.‏ سأبتسم في وجه الناس ما استطعت‏.‏ وسأحاول تيسير الأمور عليهم ومساعدتهم بما أملك من وقت وجهد‏.‏ لن أغش ولن أدلس وسأعترف بجهلي وخطئي واحاول إصلاحه ما استطعت‏.‏ لن أسمح لأي أحد أن يبث الفرقة والفتنة بين الشعب المصري بجميع طوائفه‏.‏ وسأدافع بروحي وكل ما أملك من أجل سيادة الوطن واستقراره وان يرتقي بسواعد مواطنيه لأعلي المراتب‏)‏ هذا هو ميثاق الحرية الذي يتداوله الثوار الشباب فيما بينهم بلغتهم السلسة التي يتقنونها‏.‏
حقا انها سخرية القدر ان تسقط الجمهورية بيد الجمهور‏,‏ وأن يخلع رئيس في عيد شرطته التي منها كان يستمد قوته‏,‏ وأن ينظف الشعب أرضه وتحمده كل شعوب الأرض‏,‏ بعد أن يسقط نظاما طاغيا مذموما من الدنيا بفساده‏,‏ ليس له من اسم رئيس وزرائه السابق أدني نصيب‏.‏
وتمر مصر بمخاضها ليولد الجيل الجديد‏..‏ ويحيي بالموت في سبيلها معاني ماتت منذ زمن بعيد‏.‏
حقا أن هناك أشياء يمكن ان يشتريها المال‏,‏ ولكن أثمن الاشياء وأقدسها لاتشتري ولاتباع وإنما تولد وتموت‏,‏ فهي ليست من هذه الدنيا ولا من تراب أرضها لانها من تلك النفحة الربانية التي كرم الله بها الإنسان‏.‏
سلام لكم منا ياجيل الكرامة والعزة والإباء‏..‏ سلم الله لنا هذا الجيل الذي أحيا فينا الأمل‏.‏

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 122 مشاهدة
نشرت فى 24 فبراير 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,797,434