لا يخلو إنسان من الشعور بنقص ما، وإلا كان إنساناً غير سوى، لكن الشخصيات السلبية هى التى تقع فى فخ الشعور المتواصل بالنقص وعندما تعجز عن مواجهته تقع فريسة فى دائرة الصراع العاطفى مما يستنفد منها طاقتها العصبية، إضافة إلى فقدان الثقة بالنفس والهروب إلى الخيال وأحلام اليقظة، والتى يعتبر الاستسلام لها أشد خطورة على العقل من المخدرات.
تقول د. نادية قاسم، خبيرة الإرشاد النفسى: الشعور بالنقص يختلف من شخص لآخر وفقاً للنسق والتربية التى نشأ عليها الفرد، وهناك بعض حالات الشعور بالنقص يضطر الشخص فيها للتمثيل وتقمص شخصية غير شخصيته ليغطى نقاط الضعف التى تظهر عليه بحيث يعطى رسالة مخالفة لما يدور بداخله.
عندما يتملك الشخص شعوراً بالنقص يتحول لشخص دون ضمير مهنى، والبعض يتحول لحالة من الحسد الاجتماعى ومراقبة المتميزين والحقد عليهم وتمنى الاستيلاء على ما وصلوا إليه من مكانة أو منصب أو نجاح.
وينشأ الشعور بالنقص منذ الطفولة غالباً بسبب التشوهات الخلقية والعيوب الجسمانية وفقدان بعض الحواس كفقدان البصر أو السمع والكلام أو الإصابة بالعرج أو الشلل أو النحافة أو البدانة، وكلها عوامل تسبب للطفل الشعور بالنقص وعدم الثقة بالنفس، وتتوقف الصحة النفسية للطفل على مدى اهتمام الوالدين بمشكلته، فإذا كان دورهما إيجابياً واستطاعا إقناع الطفل بما خلقه الله عليه دون إيذائه نفسيا مع محاولة تنمية القدرات السليمة الأخرى، فإنهما يساعدانه على التوافق مع المجتمع، أما إذا كان دور الأبوين سلبيا عن طريق السخرية أو العطف الزائد فإن ذلك من شأنه أن يركز انتباه الطفل على عاهته فيتحول لشخص ناقم ثائر يوجه غضبه ضد المجتمع وأنظمته وتقاليده.
التأخر الدراسى وصعوبة التعلم يزيدان أيضا من شعور الطفل بالنقص لعجزه عن متابعة الدروس وتفوق زملائه عليه، وكذلك مقارنة الطفل بأخواته وأقاربه حتى إذا كانت تلك المقارنة بهدف دفع الطفل إلى النشاط، ويفضل استبدال النقد والتوبيخ بتشجيع الطفل.
كما أن استخدام العنف والعقاب الزائد ضد الأطفال وإصرار الوالدين على الطاعة العمياء دون مناقشة أو تفاهم تُفقد الطفل الثقة بالنفس خصوصا العقاب بالضرب.
إلى ذلك تؤثر الأجواء الأسرية والعلاقة بين الوالدين على نفسية الطفل، فإذا كانت المحبة سائدة فى البيت، يكون الطفل غالباً مطمئناً وواثقا من نفسه.
وللتغلب على الشعور بالنقص الذى ينشأ فى مرحلة الطفولة يجب اتباع عدة خطوات منها:
- التعامل بمهارة مع الطفل الذى يعانى من الشعور بالنقص وتعزيز ثقته بنفسه ومساعدته على تقبل الآخرين والرضا بخلق الله.
- الاهتمام بمرحلة الطفولة المبكرة والتى تقوم عليها الشخصية وتعلم كيفية تطوير مهارات الأطفال وخلق شخصيات فعالة وقادرة على المواجهة والمنافسة.
- عمل حلقات للنقاش بين جميع أفراد الأسرة والتحدث بإيجابية حول أى مشكلة تطرأ ومحاولة حلها بدلا من إخفائها وعدم مواجهتها.
- الاستماع للمراهقين دون السخرية منهم، وإرشادهم للقنوات الشرعية للتنفيس عن طاقتهم سواء بالرياضة أو ممارسة الهوايات.
- تقييم ومتابعة أداء الأطفال والمراهقين والشباب أولا بأول حتى لا نسمح للعقد ومركبات النقص بالتسلل داخلهم.
- الانتباه إلى أن كبت مشاعر ورغبات الأطفال والمراهقين سينتج عنه أشخاصا غير أسوياء لا يعرفون حقوقهم أو واجباتهم وغير قادرين على الأداء الجيد لأنهم ممتلئون بالشعور بالنقص والحرمان.
|
ساحة النقاش