أزمة النيل .. واتجاهات النوايا الإسرائيلية "2" بقلم: د. أسامة درويش "دكتوراه في الاقتصاد الزراعي" |
وما يحدث مع مصر الآن كانت ملامحه قائمة من قبل في مطالبة إسرائيل لمصر بعبور مياه النيل إلي صحراء النقب من خلال سيناء خاصة وان إسرائيل لديها حاجز ملحة بل وخطيرة في مشكلة المياه التي تعاني منها منذ قيام إسرائيل في منتصف القرن الماضي وكلها إشارات واضحة إلي المد الإسرائيلي في منابع النيل واختراقها لأهم دول المنابع حيث تمارس إسرائيل دورا غير مباشر من خلال بعض الدول مثل اثيوبيا وأوغندا لمنع التعاون المثمر بين دول حوض النيل خاصة في مشروعات التنمية لموارد نهر النيل بهدف الضغط علي مصر لاخضاعها لمطالبها الملحة في الموارد المائية. فالانزعاج يزداد أكثر عندما يأتي من وجود روافد إسرائيلية تتغلغل في دول المنابع لتصب الأزمات في دول المصب المتمثلة في مصر والسودان. وان خوفنا ينبع من وجود هذه الروافد كدليل علي مدي خطورة الأزمة وتراجع دورنا السياسي والاقتصادي في افريقيا بوجه عام وداخل دول حوض النيل بوجه خاص ففي الوقت الذي تتصف فيه العلاقات المصرية الافريقية بالمد والجزر تتناغم فيه روافد المد الصهيوني وتتفاعل في سيمفونية العزف المنفرد مع دول المنابع لنهر النيل خاصة وانها تعزف بلحن مزعج علي الوتر الحساس لمصر بل هو الوتر الوحيد لمصدر المياه والذي يتم الاعتماد عليه كليا بنسبة "97%". ويتأكد لنا أهداف وخطط المد الصهيوني عن طريق العلاقات الإسرائيلية الاثيوبية وتهجير يهود الفلاشا بالاضافة إلي المشاريع المشتركة بين إسرائيل وأوغندا وبناء ثلاثة سدود علي ضفاف نهر النيل بأراضيها لتوليد الطاقة الكهربية واستخدام المياه في التنمية الزراعية. والحقيقة المؤكدة التي لا يمكن اخفاؤها طويلا ان الأزمة قائمة بالفعل ولا يجب أن نتهاون في تناولها. ولذا فإن الهدف الرئيسي من طرح هذه الإشكاليات هو مدي إمكانية تنمية العلاقات المصرية بدول حوض النيل من أجل تحقيق المصالح المشتركة بينهم ومن أجل زيادة حصة مصر من مياه النيل. والسعي لإقامة المشاريع المشتركة لتنمية الموارد الاقتصادية غير المستغلة في دول الحوض خاصة وان معدل هطول الأمطار علي الحوض يتجاوز "1660" مليار متر مكعب يتم إهدار جزء كبير منها عن طريق التبخر والتسرب دون الاستفادة منها كليا نظرا لتخلف البنية الاقتصادية في هذه الدول مما يؤدي إلي وجود ندرة طبيعية في المياه رغم وجود هذه الكمية الضخمة من الأمطار في حوض النيل. ولذا فيجب التعاون مع هذه الدول من هذه الزاوية بالذات الأمر الذي يمكن أن يتحقق معه مواجهة الدور الصهيوني في منطقة حوض النيل خاصة وان العلاقات المصرية الافريقية لم تصل بعد إلي الحد الذي يؤهلها أن تكون طرفا فاعلا في التأثير علي هذه الدول خاصة وان قدرا لا يستهان به من القوي الاقتصادية الخارجية تسيطر وتهيمن بنفوذها علي ضفاف النهر لا سيما في منابعه الأساسية. فعلينا أن نعترف بأن لدينا قصورا وتراجعا حقيقيا في دورنا وعلاقتنا بدول حوض النيل الأمر الذي أدي إلي وجود فجوة ومساحة سمحت بالتدخل الإسرائيلي لتلعب دورها في دول المنابع لاستخدامها كورقة ضغط علي مصر لتوصيل مياه النيل لإسرائيل من خلال مصر. ولكن لا يكفي التركيز علي هذا الجانب فقط لاستكمال أبعاد هذا الموضوع حيث يوجد شق آخر لا يقل أهمية عن الشق الأول المتعلق بالجوانب السياسية والتدخلات الخارجية في شئون دول حوض النيل وهو سوء الاستخدام أو الاستغلال لنهر النيل بالاضافة إلي التلوث الشديد الذي يتعرض له. فعلي جانب الاستخدام يلاحظ وجود إسراف شديد في الاستهلاك بجميع المجالات المختلفة وخاصة في المجال الزراعي والذي يستهلك 80% من مياه النيل وبسبب الأنماط التقليدية والثابتة في الزراعة وزراعة المحاصيل التي تستهلك نسبة كبيرة كالأرز وقصب السكر تؤدي إلي إهدار نسبة كبيرة من الموارد المائية في حين أن هناك بدائل أخري متاحة من المحاصيل تستهلك نسبة أقل. أضف إلي ذلك طبيعة نظم الري المتبعة في الزراعة المصرية حيث يتم اتباع نظم ري تقليدية وغير مستحدثة وهو ما يؤدي إلي نفس النتيجة السابقة. أيضاً هناك كوارث أخري لا حصر لها مثل ملاعب الجولف. وغسيل وليس رش الشوارع.. الخ. أما علي جانب التلوث الذي يتعرض له نهر النيل فحدث ولا حرج حيث المخلفات الصناعية التي يستوعبها نهر النيل باستمرار ناهيك عن صرف كل المنشآت والعوامات الموجودة علي ضفاف النهر ويؤكد ذلك ما جاء في تقرير معهد استوكهولم الدولي للمياه بالسويد بأن الوضع الحالي لمصادر المياه العذبة في العالم أصبح صورة قاتمة خاصة في الدول النامية والتي تلقي نحو 70% من مخلفاتها الصناعية في المياه دون معالجة مما يعرض مصادر المياه الصالحة للشرب للتلوث الشديد. جاء ذلك خلال المؤتمر السنوي العشرين للاحتفال بالأسبوع العالي للمياه بمشاركة 130 دولة لتدق ناقوس الخطر حول ارتفاع معدلات تلوث المياه في العالم وتأثير ذلك علي نوعية المياه ويظهر ذلك بصورة واضحة في الدول النامية وبالطبع تدخل مصر ضمن هذه القائمة مما يؤدي إلي تفاقم أزمة المياه لدينا. "وللحديث بقية" |
نشرت فى 31 ديسمبر 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,796,862
ساحة النقاش