عالمية الإسلام والتحديات المعاصرة
بقلم:جمال رجب سيدبي
لا ريب في أن المستقبل للإسلام, لأنه هو الدين الوحيد القادر علي إنقاذ إنسانية الانسان, وهو الدين الذي يلبي أشواق الفطرة والمتابع بإنصاف في الشرق والغرب يلحظ الحضور القوي لمكانة الاسلام في نفس الانسان المعاصر.
العجب العجاب, هو الاقبال المنقطع النظير من الانسان الغربي في قراءة ومعرفة وفهم الاسلام, فمنذ أيام لاحظنا دخول أخت زوج توني بلير في الاسلام.
إن الانسان الغربي عندما يتعرف علي الاسلام كمنهج شامل متكامل للوجود والحياة والانسان, يستشعر عمق هذا الدين, وتسامح هذا الدين, فهذا ولي العهد البريطاني يتحدث عن الاسلام بلغة الإنصاف والموضوعية, وحري بنا نحن المسلمين أن نصدر هذا الخطاب للعالمين, لابد أن ننشر الفكر المعتدل نحو ديننا من الغربيين من أمثال ولي العهد البريطاني وجون أمبرسيتو الأمريكي.
هذا الطرح يقودنا إلي تساؤل أكثر صعوبة ما هي التحديات التي تواجه الاسلام في واقعنا المعاصر؟
إن هناك تحديات عظاما تواجه الاسلام, ألا وهي الخطاب الديني المعتدل والمستنير أقصد لغة الخطاب تخلت عن لغة العصر وتعقيداته, ومن هنا يتعين تجديد الخطاب الديني لمعايشة العصر وقضاياه في ظل ثورات متلاحقة الثورة المعلوماتية وثورة الاتصال فبعض الذين يتصدون للخطاب الديني يتخلون عن العصر ولغته. ومن ثم فإن الحاجة ماسة لإعداد الدعاة القادرين علي معرفة العصر وقضاياه مع المحافظة علي العقيدة وثوابتها, أقول هذا حتي لا يعتقد البعض أن المقصود بالتجديد في الخطاب الديني, الاجتراء علي ثوابت الشرع والعقيدة, أو تحويل الثابت إلي متغير.
وسبب آخر هو عدم الفهم الصحيح لهذا الدين, فالبعض يدلي بدلوه دون معرفة لحقيقة هذا الدين, ومعرفة المنهج الاسلامي بتسامحه وتوازنه ـ فالناس أعداء ما جهلوا ـ فالبعض يعرض الحق بصورة قاتمة لتنفر النفس والطبع السليم من جماليات الدين, وفي الوقت الذي يدعو فيه الاسلام إلي الصورة المثلي والمعاني السامية, نجد مبالغة من البعض إما بالترهيب تارة أو الترغيب المفرط تارة أخري, وكلاهما يضران بالدعوة الاسلامية ولغة الحق والحقيقة.
لقد جاء الاسلام بالموقف المتوازن بين الترهيب والترغيب لكي يصنع النفس الجميلة المتوازنة وينبغي علي من يتصدون للدعوة الاسلامية أن يلتزموا بمثل هذا المنهج القرآني الفريد.
كما أن الخلاف حول أيديولوجيات معينة يجعل الفهم للدين أحادي النظر, ونحن من جانبنا نري أن النظرة الشمولية تتقبل الآراء والأفكار في إطار وسطية واعتدال الاسلام, إن اختلاف البعض حول مسميات معينة والوقوف عند حد العصبية الدينية الضيقة يضر أكثر مما يصلح ولعل مقولة الشيخ رشيد رضا خير ما نستشهد به في هذا الصدد( نتعاون علي ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفا فيه).
إن آفة العمل الاسلامي في الغرب الآن تتبلور حول مسميات معينة فالاسلام جاء بالمنهج المعتدل( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) وحري بمؤسسات المجتمع المدني والمراكز الاسلامية أن تتعاون جميعا في إظهار الصورة الوضيئة والمتسامحة عن الاسلام ويعذر بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه.
رغم هذه التحديات, وغيرها من عقبات تبقي الظاهرة الاسلامية في نمو واطراد, لماذا؟ لأن الاسلام دين الفطرة( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم), ولأن مصدر هذا الدين رباني, ومن ثم نجد الانتشار للإسلام في العالم أجمع بقوة الاسلام الذاتية, بلغته العقلية المنطقية, هذه المقومات الذاتية هي التي تؤدي إلي انتشار الاسلام في أوروبا والعالم أجمع.
فالاسلام ينمو ويتمدد دون مجهود يحسب للمسلمين, أو إن صح التعبير ليس لدينا كمسلمين مجهود مخطط ومدروس للتعريف بالحق, ورغم ذلك فإنا نستبشر خيرا فكل يوم نري الاقبال علي هذا الدين, وماذا يكون الحال لو بذلنا الغالي والثمين لنصرة هذا الدين بالوسائل المعاصرة وبكل اللغات الحية العالمية.
إن الاسلام قادر بمنهجه الفذ, علي إنقاذ إنسان العصر من معاناته, وأزماته. والأمر يحتاج إلي ضرب النموذج والمثال في كل ميدان من ميادين حياتنا.
فقراءة الواقع واستنطاق التاريخ, يؤكدان أن المستقبل للإسلام.
ساحة النقاش