كنت أنازع...أصارع خيالات الراحلين بمفردي
كما دونكيشوت مع طواحين الهواء
ما كانت تصاحبني آمال عودتهم...إنما مجرد مكابرة من روحي...كي أقنع نفسي أنني حاولت وفشلت...
تراني أضحك عليها بمحاولة تقنيع تعاستي وإلباسها ثوب اللامبالاة...
صادقة هي بعض الأحلام حين تقتنص ضعفك خلسة...ترتمي في حضنك على هيئة ملاك...تختزل سعادتك المفقودة في لحظات...تزهر...وتثمر وتوزع الخيرات...وترسم البسمة على ثغر أهانته العذابات وأذاقته مرارة الهجر ألاف الويلات...كل هذا في لحظات...
يكبر الحلم ويتغذى من بقايا العثرات...أظنه سيعوضني مافات...أغفو...فإذا برأسي على أرض قاسية بدت لي لوهلة صدر حنون قد استوعب حرماني وأضحى لي كل غالي...منحني أكسير الحياة...أتراني أهدي وأقتات على فتات الذكريات العابرات سماء أحزاني كشهب من بعيد المسافات...
خافتة هي الأماني المتصحرة على شطآن الهجر...قريبة إلى ظلي الشفاف... بعيدة عن حواف نفسي العطشى...التي قتلت حواسها ملوحة الذكرى المنقوعة بماء البحر...فجأة تحركت موجة الترحال وتغيير الوجهة...بعدما اصفرت كل الوجوه وبدت تنازع وتشتكي جفافها ساعة الغروب...تقدمت الخطى وخريطة الرصيف المفقود مبللة تقطر سما بدأ يتسلل لحواف روحي خلسة...أضناني المسير...تقوقعت على شاهد قبر يبكي روحا فرت منه لحظة الزوبعة...واسيته وأخبرته قصتي...عرف انني ابحث مسكنا يأوي وحدتي بعيدا عن أطيافهم...
بعيدا عن السعادة التي خذرت حواسي واختصرت ألواني...فتح دراعيه واحتضن أوهامي...نامي وانسي أنني كنت لساكن ثاني...