مصطفى محمد الأزهري
تُعدّ عملية صنع القرارات من حتميات الأمور في الإدارة، وهذه العملية لا تُعدّ وظيفة مستقلة عن وظائف الإدارة، وإنما تُعدّ بمثابة الوسيلة أو الأداة الأساسية لممارسة جميع وظائف الإدارة من تخطيط وتنظيم وتوجيه وتنسيق واتصال ورقابة.
وتأتي عملية صنع القرارات ديناميكية لتمثل المضمون العامل لنشاط الإدارة على جميع مستوياتها التنظيمية ذلك أن اتخاذ هذه القرارات لا يكون مقصوراً على مستوى معين؛ فهي عملية تُمارس في جميع المستويات مثلها في ذلك مثل العمل التنفيذي الذي ينتشر في كافة أرجاء التنظيم.
وحول عملية صنع القرار يقول الدكتور السيد عليوة الخبير الإداري إن عملية اتخاذ القرارات تُعدّ عملية مستمرة ومتغلغلة في كل الجهاز الإداري للدولة، ويُلاحظ أن أهمية هذه القرارات تتحدد ـ بطبيعة الحال ـ بحسب مكانة وثقل مصدرها في الجهاز الإداري، فلا شك أن القرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية بصفته الرئيس الإداري الأعلى للدولة تكون أشمل وأخطر أثراً من تلك التي يصدرها مجلس الوزراء والقرارات التي يتخذها الأخير تكون أكثر شمولاً من تلك التي يصدرها الوزراء منفردين، وبنفس النمط يمكن القول إن القرارات التي يصدرها الوزير تكون أكثر شمولاً وأبعد مدى من تلك التي يصدرها مدير الإدارة أو رئيس القسم.
وعلى هذا النحو يمكن القول بصفة عامة إن القرارات التي تصدر عن القائد في الإدارة العليا تكون أكثر أهمية وشمولاً من تلك التي تصدر عن القادة في الإدارة الدنيا، أيا كان الأمر فإن مضمون القرار يكون بصورة عامة ترجمة للهدف والسياسة التي تسير عليها المنظمة، وتحديداً لأسلوب تحقيق هذا الهدف، وتلك السياسة بأقصى درجة من الكفاية.
ويضيف الدكتور عليوة قائلاً: على أي حال فإن ثمة حقيقة لا تقبل الجدل أو النقاش من جانب المهتمين بالإدارة وفقهائها، وهي أن نجاح القائد الإداري في أدائه لوظائفه يُقاس دائماً بقدرته وتفوقه في إصدار القرارات الجيدة والفعّالة في حياة التنظيم، والتي يستطيع بها تحويل سياسات التنظيم وأهدافه إلى واقع ملموس، لذلك كان موضوع القادة الإداريين موضوع عملية صنع القرارات وديناميكيتها من أهم المسائل التي يُعنى بها دارس الإدارة العامة والمهتمون بها.
ويسلم فقه الإدارة بأن عملية اتخاذ القرارات تمثل أكبر مسؤوليات المدير وأخطرها خاصة تلك التي يُبنى عليها سير العمل في التنظيم أو تلك التي تربطه بتعهدات ثقيلة لسنوات طويلة، لذلك فإن توفيق القائد أو المدير في اتخاذ القرارات الصائبة التي تحقق الأهداف المتوخاة يكون الفيصل بين نجاح المشروعات أو إخفاقها.
القرار في علم الإدارة
ويمكن تعريف القرار في علم الإدارة العامة بأنه "الاختيار المدرك بين البدائل المتاحة في موقف معين أو هو عملية المفاضلة بين حلول بديلة لمواجهة مشكلة معينة واختيار الحل الأمثل من بينها".
ويتضح من هذا التعريف أن للقرار في علم الإدارة ركنين:
الأول: أن يكون هناك أكثر من بديل متاح إزاء موقف معين.
الثاني: أن يختار الشخص وبإدراك بين البدائل المتاحة لمواجهة الموقف.
ويقسم فقهاء الإدارة العامة القرارات التي يصدرها الرئيس الإداري إلى قرارات وظيفية أو تنظيمية وقرارات شخصية، قرارات صريحة وقرارات ضمنية، قرارات مكتوبة وقرارات شفهية، قرارات انفرادية وقرارات جماعية، قرارات أساسية أو إنشائية وقرارات روتينية.
مراحل صنع القرار
قد تكون القرارات التي يصدرها المدير على قدر كبير من الأهمية، وقد لا تكون كذلك، وذلك حسب تأثير القرارات على حياة التنظيم وحسن السيرة.
ومن الطبيعي أنه كلما ازدادت أهمية هذه القرارات احتاج الأمر من صانعها بذل جهد كبير وبحث عميق في تحليل المشكلة التي تتطلب إصدار هذه القرارات، فالقرار الصادر من المدير يرفض الإذن لموظف بترك العمل أثناء وقت العمل الرسمي يحتاج إلى جهد أقل من قرار يتخذه بإحالة الموظف إلى المحكمة التأديبية، والقرار الأخير يحتاج إلى جهد أقل من قرار يعيد به المدير تنظيم هيكل وحدته الإدارية أو رسم سياسة جديدة لها .
غير أن عملية صنع القرارات على الرغم من تباين أهمية القرارات المتخذة، وعلى الرغم من تباين الجهد الذي يقوم به صانعو القرارات فإنها تمر بمراحل واحدة، وتكمن في أربع مراحل فعندما يواجه المدير مشكلة مثلاً أو موقعاً معيناً لا يرضى عنه، ويريد حلاً يواجه به هذه المشكلة أو ذلك الموقف، فهو يبدأ بعملية تشخيص المشكلة، فيتحرى الأسباب الدافعة إليها، ثم يبحث بعد ذلك عن الحلول الممكنة (عملية البحث عن البدائل) فإذا تعددت البدائل، وهي لا بد أن تتعدد، فإنه يقوم بدراسة كل بديل على حدة (عملية تقييم البدائل)، ثم يخلص بعد هذه الدراسة إلى اختيار حل أمثل (عملية الاختيار بين البدائل).
ومن ذلك يتبين أن مراحل صنع القرارات هي:
1 ـ مرحلة تشخيص المشكلة.
2 ـ مرحلة البحث عن البدائل.
3 ـ مرحلة تقييم البدائل.
4 ـ مرحلة الاختيار بين البدائل، أي اختيار البديل الأمثل.