من المبادئ التي أصَّل لها الإسلام خير تأصيل الصفات التي يجب أن يتحلى بها كل من ولى أمراً ، ومنهم المدير المسلم . وهي في الحقيقة أصول وقيم ينبغي أن يراعي تطبيقها كل مسلم في أي مستوى إداري سواء كان رئيساً أو مرؤوساً ، أميراً أو وزيراً ، مديراً أو أجيراً . ولكن الإدارات العليا تزداد عليها المسؤوليات ، وتتعاظم عليها الواجبات مما يزيد أهمية تحليها بالصفات الحميدة ، والمبادئ الأساسية للمدير المسلم .
والصفات التي يجب أن يتحلى بها المدير المسلم كثيرة ومتعددة ، وقد أُجملَت في عشر صفات في السطور التالية .


* أولاً : أن يكون حسن الخلق :
إن من أهم الصفات التي ينبغي أن يتصف بها المدير المسلم هي حسن الخلق ؛ فبالخلق الحسن يستطيع الإداري أن يكسب احترام مرؤوسيه ، ومن ثم يوجههم لتحقيق الأهداف المنشودة وهم في حال معنوية عالية ، فلا يشعر أحدهم أنه محتقر وإنما يُعامَل معاملة إنسانية حسنة ، فترتفع حالته المعنوية ، فيُقبِل على إنجاز العمل وهو في أحسن حال .
وقد ضرب لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في حسن الخلق ، فوصفه ربه سبحانه وتعالى بأنه ذو خلق عظيم ، فيقول جل من قائل واصفاً نبيه : ]وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [( القلم : 4 ) ، وكما جاء عن المصطفى صلى الله عليه وسلم عن المهمة التي بُعث بها : عن مالك أنه قد بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « بُعثت لأتمم حسن الأخلاق » [1] ، ومن هنا تتضح الأهمية الكبرى لمكارم الأخلاق وحسنها .


* ثانياً : أن يكون قدوة حسنة :
يجب أن يكون المدير المسلم هو وأفعاله قدوة لمرؤوسيه كي يحتذوا به ؛ فلا بد أن يكون الإداري المسلم هو أول من يطبق تعليمات العمل ؛ فلا يأمر بشيء إلا وهو أول من ينفذه ، ولا ينهى عن شيء إلا ويكون هو أول من يبتعد عنه ؛ فقد كان قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مثل على ذلك ؛ فما أمر بشيء إلا كان هو أول من يعمل به ، وما نهى عن شيء إلا كان أول من ينتهي عنه ؛ وفي هذا يقول المولى سبحانه وتعالى : ]لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة[الأحزاب : 21 .
فالمدير المسلم يجب أن يكون قدوة لمرؤوسيه ، فلا يُعقل أن ينادي بالالتزام بمواعيد العمل وهو غير ملتزم بها ، ولا يُعقل أن ينادي بالعدل وهو ظالم ، ولا بالإخلاص وهو غارق في تفضيل وتقديم أعماله الشخصية على مصلحة العمل .


* ثالثاً : أن يكون عادلاً :
يجب أن يكون المدير عادلاً بين مرؤوسيه ، وألا يفرق بينهم في تعامله معهم ، ولا يحابي مرؤوساً على حساب مرؤوس آخر ؛ فشعور المرؤوسين بعدالة رئيسهم يرفع من حالتهم المعنوية ، وفي الوقت نفسه يمنحونه ثقتهم . أما عندما تغيب العدالة فإن النفوس تشتعل بالغضب والكراهية وتصيُّد الأخطاء ، واليأس مع العمل . وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عوف بن مالك
- رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، وتصلُّون عليهم ويصلُّون عليكم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم » قال : قلنا : يا رسول الله ! أفلا ننابذهم ؟ قال : « لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة ، لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة » [2] . وهناك العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تبين
ضرورة العدل ، ومن ذلك قول المولى سبحانه وتعالى : ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [( المائدة : 8 ) .
وعكس العدل الظلم في معاملته للمرؤوسين ولمن تحت إمرته من العمال والموظفين . ومن صوره مطل الغني وحرمان الحقوق المادية كالأجور والرواتب والحقوق المعنوية كالمراتب والترقيات والتقدير والاحترام . والظلم ظلمات يوم القيامة . وكان معاوية - رضي الله عنه - يقول : إني لأستحي أن أظلم من لا يجدُ عليَّ ناصراً إلا الله . وبكى علي بن الفضل يوماً ، فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : أبكي
على من ظلمني إذا وقف غداً بين يدي الله تعالى ولم تكن له حجة . ونادى رجل سليمان بن عبد الملك وهو على المنبر : يا سليمان ! اذكر يوم الأذان . فنزل سليمان من على المنبر ، ودعا بالرجل ، فقال له : ما يوم الأذان ؟ فقال : قال الله تعالى : ]فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [( الأعراف : 44 ) ، قال : فما ظلمتك ؟ قال : أرض لي بمكان كذا وكذا أخذها وكيلك ، فكتب إلى وكيله ادفع إليه أرضه وأرضاً مع أرضه . وروي أن سلطاناً رَقَمَ على بساطه :
لا تظْلِمَنَّ إذا ما كنتَ مقتدراً فالظلمُ مصدره يفضي إلى الندمِ
تنامُ عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنمِ

أهم صفات المدير الناجح في عمله

1ـ الاهتمام بالعاملين معك

لا بد أن تتذكر أن العاملين لن يهتموا بقدر ما تعرف ؛ حتى يعرفوا قدر اهتمامك ، ولهذا أشعرهم باهتمامك أولاً ، وبعدها يمكنك أن تطلب منهم أن يفعلوا أي شيء ، فلسنا مجتمعاً من الآلات ، حيث أننا نتعامل مع بشر، والناس لهم مشاعرهم ، وكل واحد يطمح في أن يكون موضع محبة وتقدير واحترام. ولهذا إذا ما عاملت الناس بهذه الطريقة ؛ فانهم يستجيبون بشكل أفضل ؛ أما إذا ما عاملتهم كما تعامل الإنسان الآلي فانهم يستجيبون كما تستجيب تلك الآلة ، وبهذا الوضع يصعب عليك الحصول على أي إبداع ، وستلاحظ أنهم يعبرون عن شعورهم بالتعاسة من خلال مظاهر معينة مثل هبوط المعنويات وكثرة المشاكل.

2- لاتكلف العاملين من العمل ما يشق عليهم حتى وإن كنت تطيق ذلك

لا تتوقع من العاملين معك أن يكرسوا أنفسهم للعمل على غرار ما تفعل أنت ، فالسبب الذي جعل منك مسؤولاً لعمل معين هو أنك تنظر إلى ذلك العمل من منظور مختلف عن بقية العاملين ، ولهذا أدعمهم في ذلك ؛ ولكن عليك أن تتفهم جيداً أن المخلصين المضحين هم الاستثناء لا القاعدة. وتنشئ المشكلة عندما يتوقع المسئول من العاملين تحته أن يعملوا ساعات فوق المطلوب لأنه هو يفعل ذلك ، أو أن يجعلوا العمل معهم داخل وخارج البيت لأنه هو يفعل ذلك ، أو أن يجعلوا عملاً معيناً هو كل حياتهم لأنه يفعل ذلك ، فعلى المسئولين والقادة أن يقدموا مثالاً يحتذي به ؛ ولكن عليهم أيضاً أن يدركوا الفارق بين تقديم المثال والمطالبة المقنعة ، فالعاملون معك يريدون أن يعملوا ومع ذلك يريدون أن يستمتعوا بعلاقاتهم العائلية وصداقاتهم ونشاطاتهم ، أما تبعات تجاهل هذه القاعدة فسوف يكون الاستياء الخفي أو السافر ، واحتمال تخريب نظام العمل.

3- قدر الفوارق بين العاملين ، وابحث عن الصفات المشتركة بينهم للانطلاق بالعمل منها ؛ وحتى تستطيع إدارة الأفراد المختلفين بطرق مختلفة

إن إدارة العمل تكون في بعض الأحيان صعبة على المسؤولين الذين يحاولون إدارة العمل بطريقة واحدة فقط ؛ لأن ما يحفز شخصاً ما ؛ قد لا يحفز الآخر. ولهذا عليك أن تدرس الفروق ؛ وتقيم المزايا الفريدة ؛ حتى تنتفع بها.

4- عبر عن امتنانك تجاه من يحسن تأدية عمله

كلنا نحب أن يكون هناك من يقدرنا ، ويقدر العمل الذي نقوم به ، فالعامل يحقق نتائج غير عادية عندما يشعر بأنه موضع تقدير واحترام ، وقد بينت البحوث أن الناس جوعى للتقدير عندما يتلقون ثناء أصيلاً. ولهذا اشكر أعضاء فريقك ، واثن على نجاحا تهم وإنجازاتهم ، ويمكنك أن توجه تقديرك مباشرة أمام الآخرين بشكل شفهي أو مكتوب أو بأكثر من طريقة ؛ وهذا بدوره يؤكد على نظرتهم لك كقائد يحسن للمحسن على إحسانه. وسوف تلاحظ من العاملين أنهم متى ما وجدوا مستوى من الأداء ممكناً تحقيقه ويحقق لهم الثناء ؛ حتى يبادروا لإنجازه بهدف الحفاظ على الانطباع الذي وضعوه في ذهن المسئول.

5- أسأل العاملين معك عن احتياجاتهم

إحدى افضل الطرق التي تجعل من إدارتك للعمل فعّاله هي التأكيد على فعالية العاملين معك من خلال توفير لوازم واحتياجات عملهم ، فالعاملون إذا ما كانوا لا يعملون بكامل طاقاتهم ؛ فإنك أنت الذي لا يعمل بكامل طاقته. ولا تفترض بشكل آلي أن هذا سوف يكلفك الكثير من المال ، إذ غالباً ما تكون الأمور الصغيرة هي ما يعيقهم عن القيام بعملهم بأكبر فعاليه ممكنة.

6- أخلص للعامل يخلص لك

الناس عادة يستجيبون بنفس الطريقة التي بها يعاملون ، فالاحترام يفرض الاحترام ، والعجرفة تجلب العجرفة ، والإخلاص يبني الإخلاص ، وهذا المصطلح الأخير مصطلح مهم يجب غرسه في نفس الموظف أو العامل، فهو يعني السهر على صالح العمل ، وعدم التخلي عنه في الأوقات الصعبة ، وهو يعني التركيز على إيجابيات العلاقة بين العامل والعمل ، وتصغير متاعبها حين تتعرض أمور العمل للخطر. فعلاقة المسؤول بالعاملين تشبه العلاقة الزوجية من حيث كونه التزام على مدى السنوات ؛ وليس خلال شهر العسل فقط ، ومادام الحال هكذا فلابد من العناية والاهتمام بها.

7- عليك بالاعتراف بالخطأ في حق العاملين معك وطلب الصفح منهم

فعن طريق الاعتراف بأخطائك تنقي الجو ، وتقدم نموذجاً يحتذى به من الشعور بالمسؤولية ، ولابد أن تنتبه أنه نادراً ما تمر الأخطاء دون أن يتنبه لها الناس. وإن حاولت أن تغطي على هذا الخطأ فإنك ستبذل قسطاً كبيراً من الطاقة في سبيل التغطية عليه مما يؤدي إلى مضاعفة الأذى وزيادة الضغط من خلال صرفك للوقت والجهد في محاولتك للتوصل إلى الحل. أما عندما تعترف بأخطائك فإن ذلك يزيد من تقدير الناس لك ، ويصبح الناس أكثر ميلاً إلى منحك ثقتهم في الأمور الأخرى.

8- أعط الصلاحية للمتعاونين معك على قدر مسئولياتهم

فإذا لم تأت الصلاحية على قدر المسؤولية فسوف تفضي بالموظف إلى الفشل ، وهذا ليس من العدل في شيء. فمن الخطاء أن يحدد المسؤولون مهمة ويحملون مسؤولية تنفيذها إلى أحد الأشخاص ؛ ولكن لألف سبب وسبب يمنعونه عن صلاحية التنفيذ ، وهكذا يحطمون معنويات العاملين معهم. وهكذا يصبح أي موظف يشعر بأنه يستخدم ككبش فداء يضحي به عندما تتدهور الأمور ، وربما يكون على حق ، حتى صاحب التفكير الإيجابي يتوصل إلى نتيجة مفادها أنه لن ينجيه سوى الحظ.

9- لا تجعل العلاقات الشخصية الاجتماعية تطغى على العلاقة العملية

فالعلاقات الاجتماعية لا تُنجِح العمل إلا إذا أُبقيت مستقلة عنه ، بحيث لا تشكل عائقاً يحول دون بلوغه ، وإذا صادف ولو مرة واحدة أن تشككت في قرار جيد ؛لأنه قد يسيء إلى علاقة شخصية مع أحد العاملين ؛ فإنك تكون عندها قد تجاوزت الحدود المسموح بها ، وأسأت إلى سير العمل.

10- لا تجعل العمل مقيداً بشخص معين

أحد أكثر مساوئ العمل شيوعاً هو أن يربط المرء نفسه بعجلة شخص آخر بحيث يوصف عادة بالقول : متعلق بذيله. إن مما يغري بالوقوع في هذا الشَّرَك حين يشعر المرء أنه مصيب عندما يحاول أن يستفيد من ربط نفسه بشخص يتميز بنفوذ كبير ، وبالرغم من أن ثمة فوائد قريبة إلا أنها لعبة في غاية الخطورة. فعندما تشد عربتك إلى عجلة شخص آخر ؛ فإنك تحصل على ركوب مجاني إلا انك لا تتحكم به ، ولهذا فالأفضل لك أن تركز على عجلتك الخاصة ، فالنور المنبعث في داخلك لا يمكن إطفاؤه ، أما النور المنبعث من غيرك فقد لا تستفيد منه.

11- اختر كلماتك بعناية فقد تحمل أهمية أكبر مما تعتقد

الموقع والصلاحية يعطيان كلماتك قوة أكبر ، فعندما تحرز موقعاً إدارياً ؛ فإن كلماتك يصبح لها وقع مختلف على أسماع وعقول الموظفين ؛ حتى أن ما قد يبدو نقاشاً عابراً في نظرك يشكل قضية حياة أو موت بالنسبة للمتعاونين معك ، فهم يعودون إلى بيوتهم ليلاً ، ويحدثون زملاءهم وعائلاتهم عن كلامك وكم كان مذهلاً أو ذكياً أو فظيعاً أو ضعيفاً.

<!-- / message -->
المصدر: موقع التنمية الإسلامية .
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 171/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
57 تصويتات / 5820 مشاهدة
نشرت فى 4 أغسطس 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,880,117

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters