لسنا هنا لسرد الأمثلة بشكل مطول ولكن سيكون الذكر على سبيل الإيجاز لتحقيق الغرض من الاستشهاد بها، فقد اتسم عصر الخلافة الراشدة بالتخطيط المادي والاقتصادي الذي تتحقق به التنمية في هذا العصر، والتخطيط المادي، والاقتصادي يتمثل في التالي:

<!--التخطيط العمراني

وهو تصميم وتحديد أماكن المرافق العامة مثل: شبكات طرق المواصلات ونظم تزويد المياه والمجاري العامة واستخدام الأراضي والتخطيط السكاني.

كما أن الدولة الإسلامية قامت ببناء دور للإمارة في كل عاصمة ولاية، وديوان وبيت المال وكذلك السجون، وأيضاً الأماكن العامة لاستراحة المسافرين.

كما تم بناء الجسور، والطرق، وحفر الآبار، والقنوات للري، وتم بناء مدن جديدة في المناطق المفتوحة.

وكان أهم ما تميز فيها التخطيط المادي في الدولة الإسلامية مشاريع الري وإصلاح الزراعة، وفي تصميم وبناء المدن وفي تصميم وتعبيد طرق المواصلات. عالمي

وتميز عصر الخلفاء الراشدين بتنفيذ عدة مشاريع للري وإصلاح الزراعة، فقد تم حفر نهر المعاقل كقناة فرعية من نهر دجلة بهدف استصلاح مساحة واسعة من الأراضي الزراعية المهملة. كما تم حفر قنوات حوزستان من قبل حاكمها الجوز بن معاوية"، وكان أهم مشروع تم تنفيذه في العهد الراشدي هو حفر قناة أمير المؤمنين في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ليربط نهر النيل بالبحر الأحمر لأغراض الري والملاحة.

<!--التخطيط الاقتصادي

وهو جملة ما تقوم به الحكومة من أنشطة تتعلق بالتنبؤ والتوجيه والرقابة على إنتاج السلع الخاصة والخدمات.

ويهدف التخطيط الاقتصادي في الإسلام إلى مواجهة المستقبل، وقد كانت بداية للتخطيط الاقتصادي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث قرر عدم قسمة الأراضي التي أفاء الله على المسلمين من أرض العراق والشام. واستبقاها لأصحابها مقابل وضع الخراج على أرضهم والجزية على رؤوسهم، فتكون فيئاً للمسلمين. فوافق المسلمون على رأيه فشكل هذا الفيء مورداً ثابتاً للدولة الإسلامية بالإضافة للزكاة.

وفي هذا المعنى كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لسعد بن أبي وقاص: فانظر ما أجلب الناس به إلى العسكر من كراع - الكراع اسم يجمع الخيل والمال - فاقسمه بين من حضر من المسلمين واترك الأرضين والأنهار لعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين، فإنك إن قسمتها بين من حضر، لم يكن لمن بعدهم شيء. وفيه النظرة المستقبلية والاهتمام بالأجيال القادمة تشكل جوهر عملية التخطيط الاقتصادي، وهذا هو عين التخطيط من الناحية العلمية.

ومن كل ما سبق يتبين لنا بجلاء أن جميع مقومات التخطيط كانت موجودة وواضحة تماماً وخصوصاً التخطيط الإداري الناجح في العهد النبوي وعهد الخلافة الراشدة، وذلك على مستوى جميع المجالات العمرانية والاجتماعية والسياسية، وكذلك فيما يتعلق بنشر الدين الإسلامي، وتوفير الأمن، وتحقيق الاستقلال الذاتي في عهد النبي . ﷺ ..

 سابعاً: التخطيط في قصة ذي القرنين

التخطيط في قصة ذي القرنين الذي مَنَّ الله عليه بالتمكين وهيأ له الأسباب.

هل قعد ذو القرنين مكتوفاً بعد التمكين وتذليل الأسباب؟ أم تحرك فاستثمر الأسباب في صناعة التغيير وقيادته لتحقيق إرادة الله في تعمير الأرض والقيام بواجب الخلافة فيها؟ لقد أخذ بالأسباب وصنع التغيير وقاد الإعمار.

كان ذو القرنين قائدا له رؤية، وأقام أعماله على قواعد التخطيط السليم، لذا قال لهم: ﴿فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردمًا﴾، يقول الشيخ الشعراوي: [لقد طلبوا سدًا وهو يقول: رَدْمًا، لقد رقَّى لهم الفكرة، وأراد أن يصنع لهم سدًا على هيئة خاصة تمتصّ الصدمات، ولا تؤثر في بنائه، لأنه جعل بين الجانبين رَدْماً كأنه سوسته تُعطِي السدّ نوعاً من المرونة، وهكذا يجب أن يكون المؤمن عند تحمُّل مسئولية الخَلْق مخطِطًا ناجحًا له رؤية [تفسير الشعراوي].

خطوات التخطيط في حياة ذي القرنين:

1ـ تحديد الرؤية المستقبلية، ودراستها دراسة جيدة

أن يأجوج ومأجوج بكثرتهم، سيعيثون في القوم فسادًا طيلـة حياتهم وحياة ذرياتهم
 من بعدهم.

 

2ـ تحديد الهدف المنشود

يستلزم إقامة ردم ضـخم علـى أعلـى تقنيـة، يمنع هجمات قـوم يأجوج ومأجوج على هؤلاء القوم والبشر في كل زمان ويبقى أبـد الدهـر.

3ـ بعث الأمل في نفوس أتباعه

لا توجد خُطة بدون الروح التفاؤلية، لذلك بدأ ذو القرنين اجتماعه معهم بالإنصات لهم والاستماع إليهم وهم يعرضون أزمتهم.. فهم من تحدثوا أولًا، فقاموا يعرضون الأزمة: ﴿ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾ [الكهف : 94].

لقد كان الموقف في حاجة إلى من يحسن تهدئته ويبث الأمن في نفوس القوم ويصدر لهم الثقة في الله عز وجل أولًا ثم في إمكاناته التي وهبها الله إياه، فما كان من ذي القرنين، إلا أن بدأ حديثه بالثناء على الله عز وجل وما منَّ عليه من إمكانيات كثيرة، فأشاع جـوا من الطمـأنينة: ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا[الكهف : 95].

ولقد تميز ذو القرنين بإجادة لغة التخاطب وهذه من مميزات القائد الناجح، فالقوم لا يكادون يفقهون قولاً، وكان له في هذا عذر في عدم مساعدتهم، ولكن لابد أنه اجتهد في الوصول إلى وسيلة للتخاطب معهم والتأثير فيهم ببلاغـة منطقه وقـوة حجته، مبينًا لهم ما سيكون لهم من ثـمرة جهدهم ألا وهـو صنـاعة أمنهـم.

4ـ احترام وجهة النظر الأخرى

لقد طرح القوم حلًا لأزمتهم، ومع ذلك فلم يقاطعهم ذو القرنين أو يعترض عليهم، حتى وإن كان في الحل ما يثير حفيظته بقولهم له: ﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾. [الكهف : 94]. إنه الممكّن في الأرض، ذو الجاه والسلطان، وهاهم يشترطون عليه أن يدفعوا له نظير قيامه بعمل لهم، ورغم ذلك لم يستدع ثورته ولم ينفعل، ولكن بهدوء قال لهم: ﴿مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾. [ثم بدأ في جذب اهتمام الحضـور واستثـار عقولهـم فهتف فيهم: ﴿ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ﴾.

5ـ توظيف كل الطاقات

وكان ذلك من خلال رسالة قويـة وبليغـة ومختصرة، جمع بها شتاتهـم ليحوّلهـم إلى قوة بشرية هائلة متحفزة، تنتظـر الأوامر الصادرة لها لتعمل بجد خلف قيادة مؤمنة وحكيمة. تلك هي القيادة التحويلية التي تحول الجموع المتكاسلة إلى قوة بشريـة هائلة تنفذ أكبر مشروع على الأرض.

كون ذو القرنين فرق العمل لتنفيذ هذا العمل المعجـز، ولقد وزع ذو القرنين أدوارًا ومراحل للعمـل عليهم ونسق بينهم. ولقد ظهر هذا جليًّا من الآيات الكريمـة، فتكونت فِرَق العمل الآتية:

<!--فريق لإحضار الحديد وتكون فور قولـه سبحانه وتعالى: ﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ﴾، وما يستلزم هذه المهمة من التنقيب عن خام الحديد، والكشف عن مناجمه وإعداده على الصورة التي طلبها ذو القرنين، ونَقْله إليه عندما يطلبه.

<!--فريـق للتجهيزات والمعاونة، وهذا الفريق يتولى تعبيد الطرق وإعدادها من مواقع الحديـد، ومواقع النحاس، وأفران صهره، حتى موقع الردم. كذا المعاونة فيما تستلزمه المساواة بين الصدفـين، والذي يتولاه ذو القرنين.

<!--فريق لإيقاد النيران، وهذا الفريق يتولى إعداد مواد وخامات الاشتعال، كذا أدوات النفخ والبـدء في النفخ لإشعال النيران عندما يطلب ذلك ذو القرنين في الوقت المحدد.

<!--فريــق لإعداد النحــاس المــذاب، وهذا الفريق يتـولى، اكتشاف خام النحاس، ونقله إلى أفران صهره، والتي يقيمونها، ثم صهر النحاس ونقله إلى موقع الردم عندما يطلبه ذو القرنين. وهذا كله قد وضح من قول ذي القرنين إجمالاً، دون الدخول في هذه التفاصيل بقوله سبحانه وتعالى: ﴿ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴾. [الكهف : 96].

هذه بعض الفرق التي نستطيع أن نجزم أن هذا العمل قد تطلبها – وأكثر من تصورنا هذا قد حدث- لما يتطلبه هذا العمل الضخم من فرق لتنفيذه، حتى إننا نتخيل أنه لابد أن الشعب كـله قد عمل فيه، وذلك للحاجة إلى كثير من الأيـدي العامـلة لتنفيذه، ولا نستطيع أن نتخيل كيف شرح ذو القرنين وبيّن لكـل فريق عمله وواجباته وأن يؤدي كل فريق عمله على أكمل وأتم وجه.

6ـ جهاز المتابعة والرقابة

ولا ننسى أن القوم لا يكادون يفقهون قولاً، وكيف تابع ذو القرنين المراحل البعيدة عن موقع الردم عندما كان يساوي بين الصدفين وهناك من يعمل بعيدًا عنه في الكشف عن عنصري الحديد والنحاس وتصنيعهما، ونقل الكميات المطلوبة منهما، كذا خامات ومواد الاشتعال، وكان لابد لهذه الفِرَق أن تتولى إدارة أنفسهم بأنفسهم.

وكأني بذي القرنين قد فوض بعضًا من مهامه الإشرافية لأفراد من الشعب. وهذا ما نطلق عليه في إدارة الأعمال ”التفويض”، ولقد نجحوا في هذا، وتلك ما تنادي به النظريات الحديثة في ”القيـادة”، وإدارة الأعمال”.

7 ـ إدارة الـوقت

إن الذين ينظرون إلى الوقت بعين الاهتمام هم الذين يحققون إنجازات كثيرة في حياتهم الشخصية والمهنية، وهم الذين يعلمون أن الوقت قليل لتحقيق كل ما يريدون، وعلى العكس من ذلك فإن المرء الذي لا يهتم كثيرًا بالإنجازات ينظر إلى الوقت على أنه ذو قيمة قليلة.

والسياق القرآني الجليـل في هذه القصة، يلفت أنظارنـا إلى أهمية عامل الوقت والاستخـدام الأمثـل له، وذلك من خلال إشـارات لطيفـة في أثناء تنفيـذ الردم. فبعد عرض فكرتـه عليهم بـدأ في التنفيـذ على الفور بقوله: ﴿آتوني زبر الحديد﴾، فإذا انتهت مرحلة، بدأ بالمرحلة التي بعدها على الفور: ﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴾. [الكهف : 96].

وبدراسة مراحل تنفيذ ”مشروع الردم” الذي أقامـه ذو القرنين بمعاونتهم له، نرى أن هناك عدة أنشطة قد بدأت معًا استثمارًا للوقت وعدم إضاعته، حتى إننا نستطيع أن نؤكد أن الشعب كله كان في حالة استنفار، وتوزعت المسئوليات وأدى جميع أفراد المجتمع دوره بإتقـان وفي تسلسل متتـابع لمراحـل تنفيذ الردم.

لذلك استطاع ذو القرنين أن يحقق الهدف المنشود في وقت قليل وبتكلفة بسيطة لم يدع فرصة لعاطل أن ينخر في صفوف الأمة فيهون من عزيمتها ويضعف من إرادتها، إنما الكل في عمل جاد ونشاط مستمر في ظل التعاون والخطة المُحْكَمة مع اعتمادهم علي الله تعالي.

ثامناً: أهمية التخطيط الإداري في الإسلام

تظهر أهمية التخطيط الإداري من خلال ما يأتي:

<!--أنه النية الكامنة في نفوس أرباب العمل، ورغبتهم في تأديته

ويترجم على أحسن وجه وأتمه وأتقنه. وبهذا سيكون التخطيط سبيلاً لتحقيق الإحسان الذي كتبه الله على كل شيء، قال تعالى: وَأَحْسِنُوا، "والأمر بالإحسان على عمومه، أي: أحسنوا كل أعمالكم وأتقنوها فلا تهملوا إتقان شيءٍ منها، حديث أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه، عن رسول الله . . قال: "إِنَّ الله كتب الإحسان على كل شيء". ناهيك بمحبة الله التي يحصلها المرء المتقن لعمله وتلك لعَمْرُ الله فضيلة كتبها الله للمحسنين حيث قال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾. ]البقرة  :95 :[إنَّ هذا الإحسان يتناغم مع ما أبدع الله صنعته عليه من الإتقان والإحكام، قال : ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾. [السجدة : 7]: أَي: أَنْقَنَه وأَحْكَمَه،

وقال: ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَنْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾. ]النمل : 88[.

<!--أنه يعد نتيجة تفاعل مع التوقعات المستقبلية

 ليأخذ الإنسان حِذْرَه من الكوارث أو يتحفّز لاغتنام الفرص. وأَخْذُ الحذر المصائب، من والتحفز للمغانم مندوب لهما شرعًا ويدل على ذلك عموم قول الله تعالى: ﴿ يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَأَنفِرُوا تُبَاتٍ أَوِ أنفِرُوا جَمِيعًا ﴾. [النساء : 71]. وقول الله تعالى: ﴿ قُل لِعِبَادِيَ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَوةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يوم لا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَال. ]إبراهيم : 31[.

وهذا بلا ريب سَمْتُ العُقَلاء، وسبيل الألباء، أرأيتَ إلى سورة يوسف التي حَكَتْ لنا شيئًا من التخطيط الاقتصادي في مواجهة أزمة كيف قال ربنا في خاتمتها: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْباَب ﴾.[يوسف : 111]. وإنَّ في هذه اللفتة لَمِنَ المناسبة العجيبة ما لا ينبغي أنْ يُغفل عنه، ولقد جاء من قبل العرب: "العَقْلُ يَقع على العقل".

<!--يُعَدُّ التخطيط خطوة رائدة نحو اتخاذ قرارات واضحة ومحددة تتعلق بالعمل المزمع تنفيذه

من حيث تحديد الأهداف، وتوزيع المهام، مما سيكون له الأثر في جَعل الأفراد على دراية بما سينهضون به من مهام، كما أنه سيساعد في تهيئتهم قَبْل الإقبال عليه ويدفعهم إلى تبنيه والشعور بالمسؤولية تجاهه.

ولا غرو فإنَّ ذلك سيرفع من مستوى الإنجاز، وكفاءته. فإنَّ كل شخص يضطلع بعمل يُوكل إليه وتحدد له أهدافه، وتوقت له مدة إنجازه، سيركز عليه ويوجّه همته نحوه، وهكذا تتظافر المجهودات للقيام بالعمل بإتقان انظر إلى ذي القرنين حين خطط لبناء الردم وكان الهدف واضحًا إِبَّان القيام بالعمل، ووزّع المهام، كانت النتيجة رَدْمًا متينا قال الله عنه: ﴿ فَمَا أَسْطَعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبا ﴾. [الكهف : 97].

<!--طبيعة التخطيط التي تعتني بتفاصيل الأمور

ستحتم طبيعة التخطيط التي تعتني بتفاصيل الأمور على المخططين العناية عند التخطيط بالصورة التي يكون عليها الأداء، وتوقيتات التنفيذ المرحلية، بل ربما تجاوز ذلك إلى الإرشادات التي ينبغي مراعاتها في كل مرحلة من مراحل التنفيذ وذلك سينعكس إيجابا على العمل بخفض الوقت اللازم لأدائه، كما أنه سيقضى به على كل عمل غير مجدي.

تأمل في قصة يوسف عليه السلام حين عبَّر رؤيا الملك التي حَمَلَتْ لهم خطة مواجهة مشكلة مستقبلية، فإنه وجههم إلى العمل، ثم ذكر لهم الصورة التي يؤدى عليها فقال: ﴿ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَابًا ﴾. [يوسف : 47]. طلب منهم الاستمرار الدائب في الزراعة، وحدد لهم مدة المرحلة الأولى من التنفيذ وهي سبع سنوات، وأرشدهم إلى ما ينبغي مراعاته في هذه المرحلة ﴿ فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ ۚ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ ﴾، وهكذا ظل يرسم لهم مخطط تجاوز المحنة مرحلةً مرحلة. وهذا عامل مهم من عوامل ترتيب الأولويات، وسيؤدي إلى توفير المجهودات علاوةً على أنه أحد مقومات رفع مستوى الأداء.

<!--أنه يسهل عملية الرقابة

 فلا نتصور رقابة صحيحة بلا تخطيط. فهو الذي يضع الأطر العامة التي من ورصد الانحرافات، ووضع الخطط للتحسين وقد تنبه نبي الله يوسف عليه السلام العلي لهذا الجانب فطلب من الملك أنْ يعهد إليه بخزائن الأرض خلالها يتم قياس الأداء، له الطلب: ﴿ قَالَ أَجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾. [يوسف : 55]. ولا ريب أنه بهذا الإشراف سيكون مخوَّلاً بمراقبة خطة الأداء المرسومة لتجاوز الأزمة.

التخطيط الإداري هو عملية مهمة في إدارة أي منظمة، سواء كانت دينية أو غير دينية، وهو يعتبر جزءًا مهمًا من الإدارة الإسلامية. ففي الإسلام، يُنظر إلى التخطيط الإداري على أنه أساس الإدارة الناجحة، وهو مفهوم مهم في العديد من الآيات والأحاديث النبوية التي تدل على أن الله يحب النظام والترتيب في كل شيء. وبموجب ذلك، فإن التخطيط الإداري يساعد المسلمين على تنظيم حياتهم اليومية وأعمالهم، سواء في المجال الشخصي أو المهني.

كما أنه يساعد الأفراد على تحديد أهدافهم ووضع خطط واستراتيجيات لتحقيقها، وبالتالي يزيد من احتمالية نجاحهم في الحياة. ومن خلال التخطيط الإداري، يتمكن الإداريون في المنظمات الإسلامية من تحقيق الأهداف المحددة وتوفير الخدمات للمجتمعات المحلية بشكل أفضل، كما يساعد في تحسين الكفاءة والإنتاجية وتقليل التكاليف. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التخطيط الإداري في الإسلام يعتمد على العدالة والمساواة والشفافية، وهو ما يؤدي إلى إدارة مثالية وعادلة ومستدامة في المنظمات الإسلامية.

وبما أن التخطيط الإداري يلعب دورًا حيويًا في تحقيق الأهداف والأنشطة الإسلامية، فإنه يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من الإدارة الإسلامية. ولذلك، يمكن القول بأن التخطيط الإداري يعد جزءًا مهمًا من الثقافة الإدارية الإسلامية، ويجب على المسلمين أن يعملوا على تطوير قدراتهم في هذا المجال وتحسين مهاراتهم الإدارية، حتى يتمكنوا من تحقيق الأهداف والرؤى الإسلامية بشكل أفضل. ويجب أن يتم العمل على تطوير أنظمة التخطيط الإداري في المنظمات الإسلامية، وتوفير التدريب والتعليم المناسب للمسلمين لتحسين مهاراتهم في هذا المجال.

بالتالي، يمكن الاستنتاج بأن التخطيط الإداري له أهمية كبيرة في الإسلام، ويعتبر جزءًا مهمًا من الثقافة الإدارية الإسلامية. ويساعد في تنظيم حياة المسلمين وأعمالهم، وتحقيق الأهداف والرؤى الإسلامية بشكل أفضل، ويجب على المسلمين العمل على تحسين مهاراتهم في هذا المجال لتحقيق النجاح في الحياة والعمل الإداري.

 

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 92 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,878,403

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters