وتتمثل تلك العوامل في الأتي:
1- الثورة الصناعية وظهور الإنتاج الكبير:-
أدى ظهور الثورة الصناعية في أوائل القرن التاسع عشر إلى تطور هائل في أدوات الإنتاج وأساليبه، ونتيجة لتطبيق مبادئ الإدارة العلمية السليمة ظهرت الصناعات الضخمة التي اجتذبت آلاف العمال وملايين المستهلكين ، فظهرت مشاكل في العلاقات بين صاحب العمل (والمتمثل في مجلس الإدارة) والعمال داخل هذه المصانع، وصاحب هذا التطور تكوين نقابات للعمال للدفاع عن مصالحهم تجاه الإدارة العليا، وقامت الإضرابات من وقت لآخر احتجاجاً على سوء المعاملة حيناً، والمطالبة بتوفير ظروف عمل أفضل أو نظم للدفع تتناسب مع الجهد المبذول، ومن هنا زاد ضغط الرأي العام لإنصاف العمال وتلبية مطالبهم ولهذا ظهرت أهمية وجود حلقة اتصال بين الإدارة والعمال( الجمهور الداخلي) لشرح وجهة نظر المنظمة فيما يتعلق بسياساتها وإجراءاتها.
ومن الناحية الأخرى أدى ظهور الإنتاج كبير الحجم إلى تباعد المسافة بين المنتج والمستهلك واشتراك مجموعات من الأفراد أو المنظمات ( وسطاء ) لتسهيل توافر السلع لدى المستهلكين، وأدى ذلك إلى تزايد عدد الجماهير المتصلة بالمنظمات وأهمية وجود علاقات طيبة معهم تؤدي في النهاية إلى إرضاء هذه المجموعات وتحقيق أهداف المنظمة في نفس الوقت.
<!--تزايد المنافسة.
أدى إتباع الطرق السليمة في الصناعة إلى زيادة الإنتاج وبالتالي ازداد المعروض من المنتجات عن حجم الطلب عليه ، وتحول السوق من سوق بائعين ( قلة المعروض من سلعة أو خدمة معينة بالنسبة للطلب عليها ) إلى سوق مشترين ، وقد نتج عن هذا التطور زيادة حدة المنافسة بين الشركات في محاولة لإرضاء المستهلك وإشباع رغباته ، وقد أدت هذه المنافسة إلى الاهتمام لإرضاء احتياجات ورغبات المستهلكين وأخذها بإقامة علاقات طيبة مع جماهير الشركة المتصلة بها وجماهير الرأي العام لمحاولة كسر تأييد وثقة هذه الجماهير ، والعمل على خلق صورة ذهنية جيدة للشركة في أعين الجماهير مقارنة بالشركات الأخرى.
<!--تزايد الوعي من جانب جماهير الرأي العام :
أدى تزايد الوعي وانتشار التعليم والثقافة بين الفئات المختلفة للمجتمع إلى تزايد الحاجة إلى المعلومات الصحيحة وإلى مزيد من التفسيرات والإيضاحات المتعلقة بالقرارات ، والسياسات التي تتبعها المنظمة على مستوى الوحدة الاقتصادية ، والقرارات السياسية الخاصة بالدولة على مستوى المجتمع بأكمله.
فعلى مستوى المنظمة أدى تزايد الوعي وانتشار التعليم إلى زيادة احتياجه إلى المعلومات الكاملة الخاصة بالمنتج ، وظهرت العديد من الجمعيات للمحافظة على مصالح المستهلكين وحماية حقوقهم ورفض التعامل مع الشركات التي تبين أنها لا تعمل نحو إشباع رغبات واحتياجات المستهلكين ، إذ تقوم بإمدادهم بمعلومات خاطئة عن منتجاتها سواء من خلال الإعلان أو البيانات المدونة على غلاف السلعة ، ومن هنا ظهرت العلاقات العامة في بناء جسر من الثقة والتفاهم بين المنظمة وجماهيرها وشرح أبعاد القرارات التي تتخذها بشأن منتوجاتها.
وعلى مستوى الدولة ككل أدى تزايد الوعي السياسي وإنشاء النظم الديمقراطية إلى اهتمام الحكومات بالتأثير في الرأي العام سواء محلياً أو دولياً من خلال وسائل الإعلام المختلفة أو التنظيمات القائمة ووجهت البحوث إلى دراسة أساليب التأثير والاستمالة وأنشأت وحدات متخصصة لتحليل الرأي العام والتعرف على آراء الأفراد في القضايا والمشكلات المثارة لوضعها في الاعتبار عند اتخاذ القرارات أو السياسات تجنباً للأزمات والإضرابات.
<!--تطوير وسائل الاتصال.
لقد ساهم التطور الهائل في وسائل الاتصال الجماهيري في تقريب المساقات بين بقاع العالم المختلفة، حتى أصبح يطلق عليه (قرية صغيرة) وكان ذلك سبباً من أسباب الاهتمام بالعلاقات العامة في المجال الدولي، والحرص على كسب تأييد الرأي العام العالمي، وفي نفس الوقت انعكس هذا الاهتمام مرة ثانية على المجال الداخلي سواء على مستوى المنظمة أو على مستوى المجتمع ككل.
<!--تزايد علاقات الاعتمادية
يتميز العصر الذي نعيش فيه اليوم بالتبعية والاعتمادية المتبادلة بين الأفراد والمنظمات المختلفة، فالأفراد في محاولاتهم لإشباع احتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية والروحية أصبحوا يعتمدون إلى حد كبير على تعاون الآخرين سواء أفراداً أو منظمات ، فهم يعتمدون على المتاجر في توفير الطعام والملبس وعلى الحكومة لإمدادهم بالمنافع والحماية وغيرها من الاعتمادات، وهذه العلاقات ذات الطبيعة الاعتمادية أدت إلى بروز أهمية العلاقات الإنسانية في الحياة المعقدة.
وعلى الجانب الآخر فإن التنظيمات المختلفة سواء الاعتمادية أو الاجتماعية أو السياسية أو الدينية تعتمد في نشاطها وبقائها على الشعور الطيب للأفراد تجاهها، وهذه العلاقة الاعتمادية للمنظمات المختلفة على الأفراد تعتبر واحدة من أهم المتغيرات الأساسية التي تحكم علاقات القرن العشرين، وهو ما يزيد من أهمية دور العلاقات العامة في ظل هذه العلاقة.