يعتبر الاستثمار الأجنبي المباشر من أهم العوامل التي تؤثر على النمو الاقتصادي في مصر، حيث يساهم في تحسين البيئة الاستثمارية وزيادة فرص العمل والتحديث التكنولوجي وتحسين جودة المنتجات والخدمات المقدمة، كما يساعد على زيادة الإنتاجية وتحسين التوازن التجاري للدولة.
كما يساعد الاستثمار الأجنبي المباشر في جذب الرأسمال الأجنبي للاستثمار في مصر وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد المصري في السوق العالمية، مما يعزز مكانة مصر كوجهة استثمارية مهمة في المنطقة. ومن المهم أيضًا أن يتم استخدام الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل فعال في تنمية الصناعات المحلية وتعزيز قدرات الإنتاج الوطني، وذلك بما يتيح لمصر تحقيق تحول اقتصادي حقيقي يعتمد على الموارد المحلية ويقلل من الاعتماد على الواردات.
ومن الجدير بالذكر أن مصر تعتبر واحدة من أهم الدول العربية والإفريقية المستهدفة للاستثمار الأجنبي المباشر، حيث تمتلك إمكانيات اقتصادية هائلة وموقع جغرافي استراتيجي يجعلها مركزًا للاستثمار في المنطقة.
يتمتع الاستثمار الأجنبي المباشر بأهمية كبيرة في اقتصاديات الدول المضيفة، وتتمثل أهميته في عدة نقاط منها:
<!--بواسطة الاستثمار الأجنبي المباشر، يمكن خلق فرص عمل وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الدولة المضيفة ويمكن للأثر الوظيفي للاستثمار أن يختلف تبعًا للأسلوب المستخدم في الاستثمار، حيث يمكن للاستثمار في ميادين جديدة ومواقع متنوعة أن يزيد من الحاجة إلى العمالة المحلية. ومع ذلك، إذا تم الاستثمار في نشاط قائم على الحيازة والتملك، فقد يتسبب ذلك في تخفيض العمالة المطلوبة بشكل عام، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر يساهم في مكافحة مشكلة البطالة وتخفيف الفقر والتخلف، ويتوقف تأثيره على العوامل المختلفة التي تتضمن أسلوب الاستثمار ومفاوضات المستثمر.
<!--بواسطة الاستثمار الأجنبي المباشر، يمكن تعزيز الاقتصاد المحلي عن طريق تحسين قدرته على الاندماج في الاقتصاد العالمي والمشاركة في العملية الإنتاجية العالمية، مما يساهم في رفع كفاءة الاقتصاد الوطني. فالاستثمار الأجنبي المباشر يوفر الفرصة للشركات المحلية للتوسع والتعلم من خبرات الشركات الأجنبية، وتطوير مهاراتهم التكنولوجية، مما يساعد في تحسين جودة المنتجات والخدمات المحلية. كما يساعد الاستثمار الأجنبي المباشر في زيادة التجارة والتبادل التجاري بين الدول، وبالتالي زيادة فرص التصدير وتحسين موقع الدولة في الأسواق العالمية.
<!--يساهم استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية في تطوير قطاع التصدير في الدول النامية، حيث يهدف إلى إنشاء مشروعات إنتاجية في مختلف المجالات الزراعية والصناعية والخدمية، بهدف إنتاج سلع وخدمات تتميز بالتنافسية في الأسواق العالمية، مما يزيد من الإنتاجية والإنتاج وبالتالي يعمل على زيادة الدخل القومي، مما يؤدي بدوره إلى تحسين مستوى المعيشة وزيادة متوسط دخل الفرد.
<!--يسهم الاستثمار الأجنبي المباشر في سد الفجوة بين الادخار والاستثمار، حيث يعد أحد العوامل الأساسية لتمويل التنمية في الدول النامية، ويعتبر بديلاً أفضل من مصادر التمويل الأخرى، مثل القروض التي يتعين على الدول تحمل أعباء مالية كبيرة، وكذلك المعونات التي تعتمد على العلاقات السياسية بين الدول المانحة والمتلقية.
<!--بفضل الاستثمار الأجنبي المباشر، يتزايد الاهتمام بالأنشطة البحثية والتطوير في الدول المضيفة، كما يساهم في نقل التقنيات والمهارات الإدارية والتسويقية الحديثة إلى هذه الدول، مما يتيح فرصاً لتعزيز الكفاءة وزيادة الإنتاجية.
<!--يؤدي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى تأثير إيجابي على ميزان المدفوعات في الدولة المضيفة، حيث يتدفق رأس المال الأجنبي ويزيد من حصولها على العملات الصعبة وتحسين مستوى رأس المال المادي المتاح فيها.
<!--يعد الاستثمار أحد عناصر الطلب الفعال، إذ يساهم في إضافة قيمة جديدة للثروة المتراكمة ويحافظ عليها، ويزيد من رأس المال المادي المتاح، مما يلعب دورًا أساسيًا في تلبية الطلب المتزايد على المنتجات والخدمات.
<!--يعمل الاستثمار الأجنبي المباشر على تحسين البنية التحتية في الدولة المضيفة، ويساهم في تعزيز قدرتها على الأداء الاقتصادي والتنموي.
<!--يزيد من مداخيل الدولة من خلال فرض الضرائب على المستثمرين، مثل الضرائب الجمركية والضرائب على الأرباح.
- محددات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر:
رغم وجود العديد من العوامل التي تساعد على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدولة، إلا أن هناك بعض العقبات التي تعوق تحقيق ذلك، ومن بين تلك العوامل والمحددات الحاسمة هي توافر الاستقرار السياسي والاقتصادي والمحددات التكميلية، فضلاً عن المحددات القانونية والتشريعية.
تُعرف محددات الاستثمار بأنها "الظروف والأوضاع السياسية والاقتصادية والمؤسسية والإجرائية العامة التي يمكن أن تؤثر على فرص نجاح المشروع الاستثماري في منطقة أو دولة معينة". وسيتم التركيز في هذه الدراسة على تلك المحددات ودراسة أهميتها وتأثيرها على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
<!-- مدى توافر الاستقرار السياسي:
يعتبر الاستقرار السياسي عاملاً أساسياً لا يمكن الاستغناء عنه في الاستثمار، فعدم توفر الاستقرار السياسي يؤثر سلباً على الاستثمار، بينما تعتبر البيئة الآمنة والمستقرة والخالية من الشغب والاضطرابات من العوامل المجذبة للاستثمار الأجنبي المباشر؛ وذلك لأن المستثمرين يرفضون المخاطرة برأس مالهم في بيئة تفتقر إلى الاستقرار السياسي، وبالتالي فإن عدم توفر الاستقرار السياسي في الدولة يعرقل عملية الاستثمار.
يعتبر الاهتمام بتوافر الاستقرار السياسي أمرًا مهمًا وضروريًا لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأن المستثمرين يعطون أهمية أقل للاضطرابات السياسية مقارنة بعوامل أخرى، إلا أن المخاطر السياسية تشكل تهديدًا كبيرًا للمناخ الاستثماري والأعمال في الوقت الحالي، حيث يمكن أن يؤدي عدم الاستقرار السياسي إلى تراجع معدلات الادخار وارتفاع نسبة تدفق رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج، مما يشير إلى أن الاستقرار السياسي يلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على جاذبية الاستثمار الأجنبي والمحلي.
<!--مدى توافر الاستقرار الاقتصادي:
يعكس الاستقرار الاقتصادي تحقيق توازنات الاقتصاد الكلي وتوفير فرص ناجحة للاستثمار، مثل توازن ميزان المدفوعات والموازنة العامة للدولة، والسيطرة على التضخم واستقرار سعر الصرف. ويعد سعر الصرف أكثر المؤشرات الاقتصادية الكلية أهمية لجذب الاستثمار والتأثير على تدفق الاستثمار، فعند استقرار سعر صرف العملة المضيفة، تتجنب الشركات المستثمرة تقلبات الأرباح عند تحويلها للخارج، مما يزيد ثقة المستثمرين ورغبتهم في الاستثمار في تلك الدولة.
كما يؤدي انخفاض قيمة العملة المضيفة إلى انخفاض قيمة تكاليف المشروع وهذا يحفز المستثمرين الأجانب على زيادة الاستثمارات، لكن يجب الحذر من تدهور العملة المحلية لأنه يؤدي إلى تراجع الاستثمار الأجنبي في البلد المضيف.
<!--المحددات التكميلية لجذب الاستثمار:
وتنقسم المحددات التكميلية إلى.
<!--حجم السوق في الدول المضيفة: يمثل حجم السوق الصغير عاملاً مثبطاً للاستثمار بشكل عام، باستثناء حالات اقتراب السوق من الموارد الخام أو الأسواق الكبيرة الأخرى. ويتم قياس حجم السوق عادةً من خلال حجم الإنتاج وعدد السكان، وكلما اتسع حجم السوق زادت فرص المستثمرين في الاستفادة من وفورات الحجم الكبير. وبالتالي، يركز معظم الشركات الأجنبية نشاطها في المناطق التي يتميز سكانها بارتفاع حجم الدخول المتاحة للإنفاق.
<!-- توافر الموارد الطبيعية والعمالة الماهرة: إن توافر الموارد الطبيعية يُعتبر أحد المحددات الرئيسية للاستثمار الأجنبي في الدولة المضيفة، حيث تشكل المعادن والمنتجات الزراعية والمواد الخام جزءًا أساسيًا من مزايا الدول النامية. تمنح هذه الموارد الطبيعية الدول المضيفة ميزة نسبية مميزة، مما يساعد على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
تعدُّ توافر العمالة من أهم عوامل جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إذ يؤدي وجود عمالة غير مدرَّبة إلى إضعاف قدرة الشركات على توفير فرص عمل إضافية. لذلك، يتطلَّب الأمر توفير التعليم والتدريب الكافي للعمالة.
ويمكن أن ينظر إلى جودة التعليم الأساسي على أنها عامل أساسي يؤثر على كفاءة وإنتاجية العمالة في الدولة، كما يلعب التعليم العالي دورًا محوريًا في توفير مخرجات عالية الكفاءة والمعرفة، وتتناسب مع احتياجات سوق العمل في ظل التغيرات السريعة والمتلاحقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
<!--البنية الأساسية: تعتبر البنية التحتية الأساسية أحد عوامل جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في أي دولة، حيث تشكل العمود الفقري لأي نشاط اقتصادي ناجح وفعال. يؤدي التطور في وسائل النقل والمواصلات إلى تخفيض تكاليف المعاملات، بما في ذلك تكاليف النقل، وبالتالي توافر البنية التحتية يساهم في خفض تلك التكاليف وزيادة أرباح المستثمر. وعلى العكس، يصعب على الدول التي تفتقر إلى بنية تحتية جيدة جذب حجم كبير من الاستثمارات الأجنبية.
كما يتيح استخدام وسائل الاتصالات الحديثة فرصة لتواصل فعال وسريع بين فروع الشركات في الدول المضيفة والشركات الأم في الدول المتقدمة، وتعزز هذه الوسائل قدرة الدولة على تحسين البنية التحتية لتسهيل التكنولوجيا الحديثة المرتبطة بالاستثمار الأجنبي المباشر، وهذا يزيد من جاذبية الدولة للاستثمارات الأجنبية.
كما يثق المستثمرون الأجانب في القدرات والمهارات الفريدة للعمالة المدربة والماهرة في استيعاب هذه التكنولوجيا الحديثة، مما يعزز جاذبية الدولة للاستثمارات الأجنبية.
<!--المحددات الأمنية: يعد الاستقرار الأمني من بين المحددات الرئيسية لجذب الاستثمار الأجنبي. فتوافر الأوضاع الأمنية المستقرة والظروف الهادئة يساعد على جذب المستثمرين والاستثمارات، وبالتالي يزيد معدل النمو الاقتصادي ويحسّن الظروف المعيشية ويوفّر فرص العمل ويخفض معدلات البطالة.
بالمقابل، يؤدي تدهور الأوضاع الأمنية وغياب الاستقرار إلى تراجع المؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية، وتفاقم الأوضاع المعيشية. يتطلب قرار الاستثمار الدخول في دول أخرى استقرارًا وأمانًا موثوقًا بها، حيث يهتم المستثمرون بحماية رأسمالهم من المخاطر.
على سبيل المثال، تسببت الأوضاع الأمنية غير المستقرة التي تبعت ثورة 25 يناير و30يونيو في هروب عدد كبير من المستثمرين الأجانب، وعزوف مستثمرين آخرين عن ضخ الاستثمارات الجديدة أو التوسع في الاستثمارات القائمة. لذلك، يجب أن يكون توافر الاستقرار الأمني عاملًا أساسيًا لجذب الاستثمارات الأجنبية.
<!-- المحددات الإدارية: يوجد عدة محددات إدارية للاستثمار الأجنبي المباشر، بما في ذلك البيروقراطية والفساد الإداري وطول الإجراءات الإدارية المرتبطة بالاستثمارات. يؤثر انتشار الفساد في البيئة الاستثمارية على قرار المستثمر الأجنبي ويمنع بعض المستثمرين من الاستثمار في تلك البلدان، مما يؤثر سلبًا على اقتصاد الدولة.
ولجذب الاستثمارات الأجنبية، يجب تسهيل إجراءات تسجيل الشركات وتقليل وقت تنفيذها، كما يجب تفادي النزاعات المحتملة بين المستثمر الأجنبي والجهات الرسمية في الدولة المضيفة، بالإضافة إلى تقديم الإعفاءات الضريبية اللازمة.
يشمل تيسير الأعمال تحسين بيئة الاستثمار عن طريق توفير الخدمات المالية اللازمة وتقديم الحوافز الاستثمارية التي تشجع المستثمرين على الاستثمار، وكذلك توفير خدمات ما بعد الاستثمار وضمان تطوير مستدام للمورد البشري.
<!--البحث والتطوير: يعد الاهتمام بالبحث والتطوير أساسيًا لتهيئة المناخ الاستثماري وجذب المستثمرين في أي دولة، ومن الواضح أن نسبة الإنفاق على البحث العلمي في مصر منخفضة جدًا عالميًا، إذ لم تتجاوز نسبة الإنفاق على البحث العلمي 0.47٪ من حجم الناتج القومي الإجمالي في الفترة من 2006 إلى 2016.