ولا يمكن القول بأن إحدى هذه البيئات أكثر ثقلاً من غيرها أو أعلى أهمية، بل إنها تتبادل مواقع أهميتها وخطورتها من آنٍ لآخر . كما لا يمكن القول بأن هذه البيئات منفصلة أو منعزلة عن بعضها البعض، بل هي متشابكة ومترابطة وذات تأثير متبادل فيما بينها .
أ- البيئة الاقتصادية:Economic Environment
تمر البيئة الاقتصادية للتسويق الدولي بتغييرات ربما أكثر سرعة من نظائرها السياسية والقانونية ، وتتمثل البيئة الاقتصادية في الملامح الأساسية للاقتصاد والظروف الاقتصادية في الدولة (السوق الخارجية). وبالتحديد في:
ميزان المدفوعات تقدير تأثير التجارة الخارجية والاستثمارات الدولية على الاقتصاد الوطني وكيف يمكن تحقيق التوازن في هذه العمليات. ويعتبر سعر الفائدة عاملاً رئيسياً يؤثر على تكلفة الاقتراض والاستثمار، مما يجعله عنصراً مهماً في صياغة استراتيجيات التوسع الدولي، الناتج القومي الإجمالي ويسهم في تحديد حجم واستقرار السوق، وبالتالي يؤثر على إمكانيات النمو والتوسع للشركات. يلعب معدلات التضخم والانكماش دورًا في تحديد قدرة الشركات على تحديد سياسات التسعير والتكيف مع تقلبات الأسواق. يُعَد سعر الصرف جوهريًا في تحديد تنافسية المنتجات على الساحة الدولية وتكاليف تصديرها أو استيرادها.
توزيع الدخل القومي يمثل مؤشرًا هامًا لفهم هيكل المجتمع والفئات الاقتصادية، وهو يتسم بالقدرة الشرائية للفرد والتأثير على اتجاهات الاستهلاك. استقرار العملة الوطنية يعكس قوة الاقتصاد ويؤثر على مستوى التجارة الدولية والمفاوضات الدولية.
سياسات الحكومة الاقتصادية تلعب دورًا حيويًا في توجيه الأعمال، حيث يتوجب على الشركات فهم تلك السياسات والتكيف معها لتحقيق النجاح في بيئة تسويق دولية متغيرة. يُظهر تحليل البيئة الاقتصادية أهمية فهم التحولات والاتجاهات الاقتصادية في الأسواق العالمية وكيفية تكييف الشركات معها بشكل فعال.
ب- البيئة السياسية Political Environmentأعلى النموذج
البيئة السياسية تشير إلى السياق الذي يتعلق بالقوى والعلاقات السياسية في البلدان، وكيفية تأثير هذه العوامل على الشركات والمؤسسات ويُعتبر هذا السياق جزءًا أساسيًا في فهم التحديات والفرص التي قد تواجه الشركات على الصعيدين المحلي والدولي وتشمل هذه العوامل جوانب حكومية وسياسية تتأثر بنظم الحكم والقرارات السياسية في البلد، وتلعب دورًا حيويًا في توجيه استراتيجيات التسويق وأداء الأعمال. وتتمثل البيئة السياسية في الملامح الأساسية لحكومات الأسواق الدولية وبالتحديد :
<!--التوجهات والسياسات الحكومية الجمركية، النقدية، الضريبية، السعرية، والمواصفات القياسية للجودة.
<!--فاعلية الحكومة: مدى مناسبة القواعد، التعليمات، الإجراءات، القوانين، والعلاقات الدبلوماسية
<!--الاستقرار الحكومي: ومن أهم مؤشراته المخاطر السياسية، عدم الاستقرار السياسي، معدلات تغير الحكومة، الصراعات مع الدول الأخرى، موقع وكثافة الأنشطة الإرهابية، وعلاقة الحكومة بالأعمال الاقتصادية Government - Business Relationship
<!--اتجاهات الحكومة نحو الاستثمارات الدولية والاستيراد ( أي نحو المستثمرين الأجانب ) ويعكس ذلك :
<!--القيود على ملكية الأجانب ) نسبة ملكية الأجانب للمشروعات ومنظمات الأعمال(.
<!--القيود على تحويل الأموال للخارج )مدى إمكانية تحويل الأرباح ورأس المال للخارج) .
ج- البيئة الثقافية Cultural Environment:
البيئة الثقافية في سياق التسويق الدولي تعتبر عاملاً حاسماً ومعقداً يؤثر بشكل كبير على العلاقة بين الشركات والأسواق العالمية وتتسم هذه الثقافات بتنوعها الواسع، حيث يختلف السلوك والعادات والقيم من بلد إلى آخر، يعتبر فهم هذا التنوع تحدياً للشركات، حيث يتعين عليها مواكبة هذه الاختلافات والتفاعل معها بفعالية. ويتجلى تأثير الثقافة في توجيه الاحتياجات والرغبات، حيث تلعب القيم الثقافية دورًا هامًا في تحديد احتياجات الفرد ورغباته. ويتطلب تطبيق استراتيجيات التسويق الدولي توافقاً مع هذه القيم، وفهماً عميقاً لكيفية تأثيرها على سلوك المستهلك.
وتعد العوامل الثقافية أكثر تعقيداً من غيرها، وتتسم الأسواق العالمية بوجود اختلافات وتشابهات ثقافية . وتتمثل أهم عناصر البيئة الثقافية في الآتي :
الاتجاهات، المعتقدات، نظام التعليم، اتجاهات التفكير، الأيديولوجية القومية، العلاقات الاجتماعية، النظرة للأجانب والاتجاهات نحوهم، أنماط السلوك السائدة بين أعضاء، العادات والتقاليد، ديانة الدولة، اللغة والرموز اللغوية، خصائص المستهلك، القيم والأعراف، المؤسسات الاجتماعية، التحكم في التلوث المجتمع.
أعلى النموذج
وهذه العناصر الثقافية متباينة بشدة عبر الأسواق الدولية. وتؤثر المتغيرات الثقافية على المعايير الأخلاقية والأنماط والعادات الشرائية والتفضيلات من حيث الشكل، اللون، الطعم، الرائحة، وغيرها. وعليه تعد الفروق والاختلافات الثقافية مصدراً رئيساً لصعوبة إدارة عمليات التسويق الدولي، لذا يجب على المسوق الدولي تعديل ممارساته الإدارية لتتكيف مع الثقافات المختلفة، وتحديد متخذ قرار الشراء في كل سوق والتأثير فيه. كما يجب على المسوق الدولي إدراك الخصائص الآتية للثقافة:
<!--الثقافة غير ملموسة.
<!--الثقافة يمكن تعلمها( خاصية الاكتساب)
<!--الثقافة تؤثر على السلوك.
<!--الثقافة متنوعة بتنوع الأسواق.
<!--الثقافة تنتقل من جيل لآخر، وأنها تجميعية بطبيعتها.
<!--الثقافة ليست فردية، فالناس يشتركون في الثقافة الخاصة بالمجتمع )خاصية المشاركة(.
د- البيئة الاجتماعية والسكانية Social Environment:
البيئة الاجتماعية والسكانية تُعَدُّ جزءًا أساسيًا في سياق التسويق الدولي، حيث تلعب دوراً حيويًا في تحديد سلوك المستهلك والتأثير على استراتيجيات الشركات. ومن أهم مؤشرات البيئة الاجتماعية والسكانية، ما يلى :
تأثير التركيب الاجتماعي والديموغرافي: تشمل العوامل الاجتماعية والديموغرافية متغيرات مثل الفئات العمرية، والجنس، والدخل، والتعليم. يلعب فهم هذه العوامل دورًا هامًا في استهداف السوق وتحديد المنتجات والخدمات المناسبة لمجموعات العملاء المحددة. أيضاً التغيرات في الأسرة وأنماط الحياة: تؤثر بشكل كبير على قرارات الشراء وتفضيلات المستهلكين. ويجب أن تأخذ الشركات هذه التحولات في اعتبارها عند تصميم استراتيجياتها التسويقية.
التأثير الثقافي والاجتماعي: كالقيم والعادات والتقاليد تشكل جزءاً هاماً في البيئة الاجتماعية، وتؤثر على نهج الشركات في التسويق، ويجب على الشركات فهم التفاعلات الثقافية والاجتماعية لتكوين رسائل تسويقية فعّالة. كما تقدم التكنولوجيا ووسائل الاتصال: فرصًا كبيرة وتحديات في نفس الوقت ولذا يجب على الشركات أن تكون على دراية بكيفية استخدام هذه الوسائل بشكل فعّال للتفاعل مع المستهلكين وتسويق منتجاتها.
أيضاً التحديات الاجتماعية والصحية: تلعب دورًا هامًا في تشكيل سلوك المستهلك واتجاهاته. وتواجه الشركات تحديات في التعامل مع هذه القضايا وتكوين صورة إيجابية في السوق. التنوع الثقافي واللغوي: تعتبر التنوع الثقافي واللغوي تحديات إضافية في السوق الدولية. يجب على الشركات تكييف استراتيجياتها لتلبية احتياجات وتفضيلات عدة ثقافات ولغات.
بالإضافة إلى العوامل السابقة فإن هناك بعض العوامل الأخرى، متوسط العمر، التوزيع العمري للسكان، الاتجاهات نحو الحكومة، اتجاه المرأة نحو العمل، الاستهلاك الفردي، العادات الشرائية، هيكل السكان والتركيبة السكانية، عدد السكان وخصائصهم الديموغرافية، متوسط دخل الفرد، معدلات المواليد والوفيات، الاتجاهات نحو العمل، المسئولية الاجتماعية، الاستثمار الخاص، تكلفة العمالة للوحدة المنتجة، نسبة الإناث إلى الذكور، معدلات الزواج والطلاق والهجرة الداخلية والخارجية، معدلات ونسب واتجاهات التعليم: عام / فني / تجاري، كثافة السكان وتوزيعهم جغرافيًا، وما بين حضر وريف، تصنيف السكان اجتماعيًا، وتوزيعهم وفقًا للطبقة الاجتماعية).
ه- البيئة التكنولوجية أو الفنية
البيئة التكنولوجية أو الفنية تشكل عنصراً أساسياً في ساحة التسويق الدولي، إذ يتوقع من المسوقين الدوليين فهم كيف يؤثر التقدم التكنولوجي على نشاطات منظماتهم وعلى عمليات النقل ومصادر المواد الخام والطاقة ويتسارع تغيّر البيئة التكنولوجية بشكل مستمر، وتلعب دوراً كبيراً في توجيه الممارسات التسويقية على المستوى الدولي، ومن المتوقع أن يستمر هذا التطور في المستقبل.
تأثير التكنولوجيا على العمليات التشغيلية يظهر جلياً، حيث يمكن للتقنيات الحديثة تحسين الإنتاجية وجودة المنتجات والخدمات، مما يعزز قدرة المنظمات على المنافسة على مستوى السوق العالمية. وتلعب التكنولوجيا أيضاً دوراً محورياً في توجيه سلسلة التوريد الدولية، حيث تسهم في تحسين إدارة هذه السلسلة وتقليل التكاليف اللوجستية. وتسارع التطور التكنولوجي يفرض تحديات متزايدة على المسوقين الدوليين، مطالبين إياهم بمتابعة أحدث التقنيات والابتكارات وتكاملها في استراتيجياتهم.
التأثير على وسائل النقل ومصادر الموارد يظهر واضحاً، حيث تسهم التكنولوجيا في تحسين وسائل النقل وتحقيق كفاءة أكبر في استخدام الموارد.
ولا شك أن البيئة التكنولوجية تتغير بدرجة عالية من السرعة، وفى نفس الوقت تؤثر بدرجة كبيرة على الممارسات التسويقية على المستوى الدولي، كما أن هذا التغير سوف يستمر في المستقبل. وقد يكون من المفيد الإشارة إلى عدة تغييرات أو عوامل أثرت وتؤثر بدرجة كبيرة على التسويق الدولي بشكل عام، وذلك على النحو التالي :
<!--سهولة تحويل الأموال من بلد إلى آخر
<!--تطور طرق الدفع عن طريق · E-Cash(النقود الإلكترونية).
<!--التقدم في صناعة الإلكترونيات.
<!--التقدم في التكنولوجيا الحيوية Biotechnology
<!--التقدم في تكنولوجيا الاتصالات والمواصلات والنقل على النطاق العالمي .
<!--التقدم المذهل في تكنولوجيا المعلومات واستخداماتها في مجال إدارة الأعمال .
<!--تطور صناعة الحاسبات الآلية والهواتف واستخداماتها .
<!--الأقمار الصناعية
<!--شبكة المعلومات العالمية أو الإنترنت
ز- البيئة القانونية أو التشريعية أعلى النموذج
البيئة القانونية أو التشريعية في السوق الدولية تعتبر عاملاً حيويًا يجب على المسوق الدولي مراعاته لتحقيق الامتثال والاستدامة في أعماله. وتشمل هذه البيئة مجموعة من القوانين واللوائح التي تؤثر على جوانب متعددة في الأعمال، وتشكل إطارًا قانونيًا يحكم تفاعل الشركات مع البيئة الدولية.
وتتنوع القوانين وتشمل قوانين حماية المستهلك، والتشريعات المتعلقة بالتوظيف والعمل، والقوانين الضريبية والجمركية، والتشريعات المتعلقة بحماية البيئة ومكافحة الغش التجاري، وقوانين براءات الاختراع والعلامات التجارية، وقوانين التصدير والاستيراد، وقوانين تجارة الجملة والتجزئة. وفي هذا السياق، يعد احترام المسوق الدولي للقوانين التي تحكم حماية المستهلك أمرًا حاسمًا للتفاعل بشكل إيجابي مع جمهور المستهلكين كما ينبغي عليه الالتزام بمعايير الجودة وتوفير المعلومات الصحيحة وضمان سلامة المنتجات والخدمات.
علاوة على ذلك، يتطلب الامتثال للتشريعات المتعلقة بالتوظيف والعمل احترام شروط العمل وضمان حقوق العاملين، مما يعزز بيئة عمل نزيهة ومستدامة ويظهر تأثير القوانين الضريبية والجمركية جليًا في تكوين تكلفة الأعمال وتحديد هياكل التسعير وطرق التصدير والاستيراد. لذلك يتوجب على المسوق الدولي توظيف استراتيجيات تأخذ في اعتبارها هذه القوانين لتجنب التأخير في العمليات والمشاكل المالية.
من ناحية أخرى، يتعين على المسوق الدولي التركيز على حماية البيئة ومكافحة الغش التجاري، حيث يمكن لتبني ممارسات تجارية صديقة للبيئة والامتثال لقوانين الحماية البيئية أن تعزز سمعة الشركة وتلبي توقعات العملاء المتزايدة بشأن الاستدامة. بالإضافة قوانين براءات الاختراع والعلامات التجارية أهمية كبيرة، حيث يجب على المسوق الدولي حماية هذه الحقوق للمحافظة على تفرده في السوق والتفاعل الفعّال مع المنافسين.
و- البيئة التنافسية Competitive Environment
البيئة التنافسية في ساحة التسويق الدولي تُشكّل جزءًا أساسيًا للتفوق والنجاح ويتطلب من المسوق الدولي فهم عميق لعوامل التنافس وتأثيراتها على أداء الشركة في الأسواق العالمية. وتتأثر درجة تشدد المنافسة بعوامل مثل حجم السوق ونمط نموه، وهو ما يستدعي من المسوق اعتماد استراتيجيات قوية تتفوق في بيئة تنافسية متغيرة.
علاوة على ذلك، يلعب الابتكار واستخدام التقنيات الحديثة دورًا رئيسيًا في تحديد فعالية المنافسة. ويجب على المسوق الدولي الاستفادة من التكنولوجيا بشكل إبداعي للتفوق على المنافسين وتحقيق الفوز في الأسواق العالمية، إن تأثير المتغيرات الاقتصادية والسياسية يلعب دورًا حاسمًا في تحديد نجاح المنافسة. ويتعين على المسوق الدولي التكيف مع التحولات في هذه الجوانب للبقاء قويًا في ساحة المنافسة.
أما فيما يتعلق بالاستراتيجيات، يتطلب تحديد سياسات التسعير والتسويق بالإضافة إلى جودة المنتجات والفهم العميق لطبيعة المنافسة وكيفية التفوق بها. ويجب أن يكون المسوق الدولي حذرًا وفعّالًا في استخدام هذه الاستراتيجيات للتفوق على المنافسين وتحقيق النجاح في الأسواق العالمية.
ي ـ البيئة الطبيعية Natural Environment:
تعتبر البيئة الطبيعية عاملًا أساسيًا في سياق التسويق الدولي، حيث تلعب دورًا حيويًا في تأثير استراتيجيات الأعمال وتشمل العوامل الطبيعية مجموعة واسعة من الجوانب، مثل المناخ والجغرافيا والموارد الطبيعية، والتي تتفاعل معها الشركات في مساعيها لتحقيق التوازن بين البيئية وأهداف الأرباح. وفي سوق اليوم، يتعين على المسوق الدولي فهم تأثيرات الظروف الطبيعية على سلوك المستهلكين واحتياجاتهم. على سبيل المثال، قد يؤثر المناخ على الطلب على منتجات معينة، ويتعين على الشركات تكييف استراتيجياتها التسويقية والإعلانية بناءً على هذه التغيرات.
وتعتبر البيئة الطبيعية في سياق التسويق الدولي أكثر تعقيدًا وتنوعًا، حيث يتعامل المسوق الدولي مع تحديات متعددة تتضمن الاستدامة وحماية المحيط واستغلال الموارد بشكل فعال. ويشكل التحكم في العوامل الطبيعية مثل تغير المناخ والتلوث تحديات تؤثر على استراتيجيات العلامة التجارية والتسويق. ويستلزم التحول نحو التسويق البيئي من المسوقين الدوليين تكامل العوامل البيئية في استراتيجياتهم، حيث يتطلب ذلك الابتكار في تصميم المنتجات والتفاعل مع توقعات المستهلكين الذين يتزايد وعيهم بأثر الأعمال على البيئة. وقد يجد المسوق الدولي نفسه ملزمًا بالبحث عن مصادر طاقة مستدامة وتطوير عمليات إنتاج صديقة للبيئة. هذا الارتباط بين الأعمال والبيئة يسهم في بناء صورة إيجابية للشركة وتعزيز الولاء لدى العملاء الذين يشعرون بالتفاعل المستدام مع العلامة التجارية.