أيهما يجب أن يسبق ويطغى على الآخر.. هل كره الإخوان يجعلنا نعمل ضد مصر؟! أم أن حب مصر يفترض أن يجعلنا نتعامل مع الإخوان بموضوعية ووطنية حتى مع الاحتفاظ بنفس الرأي فيهم؟!.
هناك تراكم لملفات وأحداث تم التعامل معها بعيدا عن الموضوعية والمنطق. على الصعيد الداخلي هناك دأب على زرع الفتنة بين الإخوان والرئاسة من جهة .. وبين المؤسسة العسكرية من جهة أخرى.. لدرجة دعوة الجيش للتدخل.. وذلك بتصعيد العنف المتعمد في الشارع .. بالإضافة لترويج مخطط رئاسي لعزل الفريق السيسى.
وهو كلام ضد المنطق لأنه يدمر تماسك الدولة والمجتمع ويؤذى الجيش حيث يبعده عن مهمته الأساسية.. وهى حماية الحدود والأمن القومي من الأخطار الخارجية.
الملف الثاني مؤسسة الأزهر وشيخه.. حيث تم تصوير أحداث تسمم طلبة المدينة الجامعية للأزهر على أنها مؤامرة من الإخوان للإطاحة بشيخ الأزهر دون أي دليل.. خاصة وأن شيخ الأزهر محصن من العزل بموجب الدستور الجديد (بعكس العهد السابق).
والملف الثالث يتعلق بالطائفية.. حيث تم تحويل العنف السياسي (بسب فشله) إلى عنف طائفي بين المسلمين والمسيحيين دون مشكلة حقيقية بين الطرفين.. وهو ما يجعلنا نتساءل عن المستفيد من ذلك ؟؟
والملف الرابع يتعلق بالقضاء وبتعديل المادة الخاصة بإحالة القاضي للتقاعد في سن السبعين (ليكون مثل باقي مخاليق المصريين وتطبيقا ً للدستور) على أنها مؤامرة أخوانية. والحقيقة أن كل ذلك لا يمثل إلا سياسات شاذة لأنها بدون أي أدلة مادية.. خاصة وأنه لا توجد الآن أزمة بين الرئاسة والجيش . و لا مؤامرة ضد الأزهر.. حيث شاهدنا عملية انتخاب المفتى الجديد بشفافية ونزاهة نتج عنها مفتى ليس من الإخوان..
فما المانع أن يتم انتخاب شيخ جديد للأزهر بنفس الطريقة. أما الفتنة الطائفية فمعلوم أنه لا مشكله بين عامة الشعب من الطرفين .. والكل تكاتف وأثبت ذلك بعد الأحداث الأخيرة. إذا انتقلنا للملفات الخارجية فنجد أن تناول العلاقة مع قطر يمثل قدرا ً كبيرا ً من الاستعباط.
فهل يعقل أن دولة مثل قطر التي توازى حي شبرا بالقاهرة تستطيع الهيمنة على مصر؟ قطر تساعد مصر اقتصاديا ً ولم تشتري الأهرام ولا قناة السويس كما حاول البعض الترويج إعلاميا ً. كذلك الأمر بالنسبة لليبيا التي تقدم لمصر مساعدات اقتصادية.. في حين يحاول البعض إفساد العلاقة بالمطالبة بعدم تسليم قذاف الدم للمحاكمة هناك. ولم يكن السودان بعيدا ً عن الصراع الداخلي المصري.. فبمجرد زيارة الرئيس للخرطوم بحثا عن التكامل حتى ظهرت مزاعم أن مصر ستتنازل عن حلايب وشلاتين. في مقابل ماذا ؟ وما هي قدرات السودان للضغط على مصر؟. ستمر الأيام ونتأكد هل حدث تكامل مفيد مع السودان.. أم تم التنازل عن حلايب وشلاتين ؟ كما تم استغلال قضية العلاقة مع إيران لتصوير المصريين على أنهم سيتشيعوا إذا تم إعادة العلاقات .. أو تم فتح الباب أمام السياح الإيرانيين.. رغم أن جميع دول الخليج بلا استثناء لديها علاقات رسمية ومجتمعية شاملة مع إيران.
فهل يعقل أن تحرم مصر من دعم اقتصادي من قطر أو ليبيا أو إيران ؟ والطريف أنه حتى تركيا الدولة السنية لم تسلم من المماحكات وتعرض الطيب اردوغان للهجوم من القوى السياسية في مصر بسبب محاولته مساعدة حكومة الرئيس مرسى. من منطلق وطني بعيدا ً عن أي توجه حزبي أو فكرى.. نطالب من يكره الإخوان أن يفهم أن المصريون استيقظوا .. وبالتالي الطريق الوحيد لإزاحتهم من السلطة هو منافستهم والانتصار عليهم من خلال الصناديق. المذهل أن بعض فصائل المعارضة ما زالت (بعد فشل كل الملفات المذكورة) تحاول إعاقة الإخوان بدون أن تنافسهم في الشارع بتقديم البديل الأفضل لمصلحتنا جميعا ً.
ولذلك هذه الملفات الداخلية والخارجية التي استهدفت دون مبررات سابقة ولا تأكيدات لاحقة تجبرنا على أن نتساءل: هل المطلوب هو تدمير أكبر دولة عربية إسلامية بسبب انتماء الرئيس للإخوان حتى لو كان منتخبا ً؟. ولمصلحة من كل ذلك؟. وما هو الانتماء المطلوب إذن للرئيس المرغوب؟. القضية ببساطة أكبر بكثير من كره الإخوان !!.. فهل هي قضية كره نهضة مصر؟ ولحساب حب من إذن؟!
. د.حسن الحيوان رئيس جمعية المقطم للثقافة والحوار