<!--<!--[if !vml]-->                                  

قصة قصيرة

                                     بقلم: عصام السباعى

أصغر شهيدة

اشتد لهيب الشمس وازدادت حرارتها وامتلأ وجه الطفلة البريئة ذات العام ونصف بالعرق .. تحركت يدالأم  تمسح العرق عن وجه طفلتها وهى تقول:حسبنا الله ونعم الوكيل..

نظر الجميع فى اتجاه الصوت وتتابعت النصائح والتوجيهات..

قالت احداهن: روحى بالطفلة تحت المنصة فى الظل بعيد عن الشمس

وقالت أخرى: روحى بيها الجامع أأ من ليكى وليها..

سحبتها ثالثة من يدها وقالت لها: تعالى أنا حاوصلك الجامع من مكان مافيهوش ضرب..

انطلقت الأم بطفلتها مع المرأة الأخرى حتى وصلت الى المسجد..

اجلستها المرأة وقالت لها: خليكى هنا انتى وبنتك وما تحاوليش تنزلى الميدان تانى عشان تحمى بنتك من الشمس ومن قنابل الغاز اللى بتحدفها الشرطة على المتظاهرين..

تجلس الأم وهى مذهولة مما يحدث !

تحدث نفسها: معقول اللى بيحصل ده؟

كل النيران وقنابل الغاز والرصاص دول بينضربوا على المعتصمين السلميين العزل؟

احنا فين؟ احنا فى أنه بلد؟

والله الشيطان قدر يوقع بيننا.

ترد عليهامن تجلس بجوارها :

انتى معاكى طفلة صغيره ايه اللى طلعك من بيتك وجابك هنا ؟

قالت لها بشجاعة:

جيت أدافع عن دينى.. عن صوتى اللى قدمته فى الانتخابات خمس مرات.. عن مجلس شعب و شورى ودستور  ورئيس, كل ده يضيع فى لحظة وعايزانى أقعد فى مكانى؟

ما أقدرش أشوف كل ده بيضيع بجرة قلم  وأقعد فى مكانى..

كان لازم اجى أدافع عن صوتى وعن حريتى وعن حرية بنتى اللى على دراعى كانــ ...........

ينقطع  صوت الأم فجأة على صوت انفجارات شديدة وعلى انتشار الغاز الحارق والمسيل للدموع.. تشعر الأ م بالاختناق من الغاز .. تحاول من بجوارها اسعافها بالخل هى وطفلتها.. تبدأ الأم فى استعادة توازنها وتعود لطبيعتها, ولكن الطفلة تبدأ فى الشحوب , وتبدأ فى الاختناق .. لم يتحمل صدرها الضعيف كل هذه الكمية من الغازات..

يحاول الجميع اسعافها.. يحاول الجميع افاقتها ! ولكن أمر الله قد نفد!

ماتت الطفلة الصغيرة!

ماتت أصغر شهيدة!

![email protected]