السراج المنير في الطب العربي والإسلامى

 

ومن هذا المنطلق كنت أرى بالرأي الذي يقول بأن أمور الرقية توقيفية تعبدية ، ولو أخذنا أخي الحبيب بالرأي الآخر فلي وقفات مع ذلك وهي على النحو التالي :

أولاً : الرقية هي العوذة ، يقول شيخ الاسلام بن تيمية - رحمه الله - :

( الرقى بمعنى التعويذ ، والاسترقاء طلب الرقية ، وهو من أنواع الدعاء ) ( مجموع الفتاوى - 1 / 182 ، 328 - 10 / 195 ) 0

وبالتالي فهي من أنواع الدعاء وهذا أقرب إلى أن يكون الأمر توقيفي في الأصول واجتهادي في الفروع 0 

ثانياً : وقفة مع حديث عبدالرحمن عن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال :

( كنا نرقي في الجاهلية ، فقلنا : يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال : اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك )

( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام ( 64 ) – برقم ( 2200 ) ، وأبو داوود في سننه – كتاب الطب ( 18 ) – برقم 3886 )

قال المناوي : ( " اعرضوا علي رقاكم " جمع رقية بالضم وهي العوذة ، والمراد ما كان يرقى به في الجاهلية ، استأذنوه في فعله فقال " اعرضوها علي " أي لأني العالم الأكبر المتلقي عن معلم العلماء ومفهم الحكماء فلما عرضوا عليه قال " لا بأس بالرقى " أي هي جائزة " ما لم يكن فيه " أي فيما رقي به " شرك " أي شيء يوجب اعتقاد الكفر أو شيء من كلام أهل الشرك الذي لا يوافق الأصول الإسلامية فإن ذلك محرم ومن ثم منعوا الرقى بالعبراني والسرياني ونحـو ذلك مما يجهل معناه خوف الوقوع في ذلك ) ( فيض القدير - 1 / 558 ) 0 

ومن هنا يلاحظ أن المعنى متعلق بالألفاظ وليس بالأفعال فمقصود الحديث الألفاظ التي كان يرقى بها في الجاهلية عرضت عليه  وأجاز ما لم يكن فيه شرك 0 

يقول شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( وعامة ما بأيدي الناس من العزائم والطلاسم والرقى التي لا تفقه بالعربية فيها ما هو شرك بالجن 0 

ولهذا نهى علماء المسلمين عن الرقى التي لا يفقه معناها ، لأنها مظنة الشرك وإن لم يعرف الراقي أنها شرك 0 وفي صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال : كنا نرقي في الجاهلية فقلنا : يا رسول الله : كيف ترى في ذلك فقال : " اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " < أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام ( 64 ) – برقم ( 2200 ) ، وأبو داوود في سننه – كتاب الطب ( 18 ) – برقم 3886 > ) ( مجموع الفتاوى – 19 / 13 ) 0

وقال أيضا : ( وليس للعبد أن يدفع كل ضرر بما شاء ولا يجلب كل نفع بما يشاء ؛ بل لا يجلب النفع إلا بما فيه تقوى الله ولا يدفع الضرر إلا بما فيه تقوى الله ، فإن كان ما يفعله في العزائم والأقسام ، ونحو ذلك مما أباحه الله ورسوله – فلا بأس به ، وإن كان مما نهى الله عنه ورسوله لم يفعله ) ( مجموع الفتاوى - 24 / 280 ) 0

وقال : ( ولا يشرع الرقى بما لا يعرف معناه لا سيما إن كان فيه شرك ، فإن ذلك محرم ، وعامة ما يقوله أهل العزائم فيه شرك ، وقد يقرأون مع ذلك شيئا من القرآن ويظهرونه ويكتمون ما يقولونه من الشرك ، وفي الاستشفاء بما شرعه الله ورسوله ما يغني عن الشرك وأهله ) ( إيضاح الدلالة في عموم الرسالة - 45 ) 0 

ثالثاً : من هم أهل الاجتهاد ؟؟؟

سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - السؤال التالي :

ما حكم الاجتهاد في الإسلام ؟ وما شروط المجتهد ؟؟؟

فأجاب : ( الحمد لله ، الاجتهاد في الإسلام هو بذل الجهد لإدراك حكم شرعي من أدلته الشرعية ، وهو واجب على من كان قادراً عليه ؛ لأن الله عز وجل يقول : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل/43 ، الأنبياء/7 ، والقادر على الاجتهاد يمكنه معرفة الحق بنفسه ، ولكن لابد أن يكون ذا سعة في العلم واطلاع على النصوص الشرعية ، وعلى الأصول المرعية ، وعلى أقوال أهل العلم ؛ لئلا يقع فيما يخالف ذلك ، فإن من الناس طلبة علم ، الذين لم يدركوا من العلوم إلا الشيء اليسير من ينصب نفسه مجتهداً ، فتجده يعمل بأحاديث عامة لها ما يخصصها ، أو يعمل بأحاديث منسوخة لا يعلم ناسخها ، أو يعمل بأحاديث أجمع العلماء على أنها على خلاف ظاهرها ، ولا يدري عن إجماع العلماء .

ومثل هذا على خطر عظيم ، فالمجتهد لابد أن يكون عنده علم بالأدلة الشرعية ، وعنده علم بالأصول التي إذا عرفها استطاع أن يستنبط الأحكام من أدلتها ، وعلم بما عليه العلماء ، بأن لا يخالف الإجماع وهو لا يدري ؛ فإذا كانت هذه الشروط في حقه موجودة متوافرة فإنه يجتهد .

ويمكن أن يتجزأ الاجتهاد بأن يجتهد الإنسان في مسألة من مسائل العلم فيبحثها ويحققها ويكون مجتهداً فيها ، أو في باب من أبواب العلم كأبواب الطهارة مثلاً يبحثه ويحققه ويكون مجتهداً فيه" انتهى ) ( فتوى للشيخ ابن عثيمين عليها توقيعه - " فتاوى علماء البلد الحرام " - ص 508 ) 0

يقول الشيخ محمد صالح المنجد : ( إن الاجتهاد في المسائل له شروط ، وليس يحق لكل فرد أن يفتي ويقول في المسائل إلا بعلم وأهلية ، وقدرة على معرفة الأدلة ، وما يكون منها نصا أو ظاهرا ، والصحيح والضعيف ، والناسخ والمنسوخ ، والمنطوق والمفهوم ، والخاص والعام ، والمطلق والمقيد ، والمجمل والمبين ، ولا بد من طول ممارسة ، ومعرفة بأقسام الفقه وأماكن البحث ، وآراء العلماء والفقهاء ، وحفظ النصوص أو فهمها ، ولا شك أن التصدي للفتوى من غير أهلية ذنب كبير ، وقول بلا علم ، وقد توعد الله على ذلك بقوله تعالى : " ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون " سورة النحل 116 ، وفي الحديث : " من أفتى بغير ثبت فإنا إثمه على من أفتاه " صحيح رواه الإمام أحمد ( 2/ 321 ) ، وعلى طالب العلم أن لا يتسرع في الفتوى ، ولا يقول في المسألة إلا بعد أن يعرف مصدر ما يقوله ودليله ومن قال به قبله ، فإن لم يكن أهلا لذلك فليعط القول باريها ، وليقتصر على ما يعرف ، ويعمل بما حصل عليه ، ويواصل التعلم والتفقه حتى يحصل على حاله يكون فيها أهلا للإجتهاد ، والله الهادي إلى الصواب ) ( موقع الاسلام سؤال وجواب - فتوى رقم 2071 ) 0 

وقطعاً بعد هذا الكلام ، فالمعني ليس المعالج بل الاجتهاد لمن هو أهل له أي :

( فالمجتهد من كان صاحب علم وأهلية ، وقدرة على معرفة الأدلة ، وما يكون منها نصا أو ظاهرا ، والصحيح والضعيف ، والناسخ والمنسوخ ، والمنطوق والمفهوم ، والخاص والعام ، والمطلق والمقيد ، والمجمل والمبين ، ولا بد من طول ممارسة ، ومعرفة بأقسام الفقه وأماكن البحث ، وآراء العلماء والفقهاء ، وحفظ النصوص أو فهمها )

رابعاً : أما فتح هذا الباب أمام كل نطيحة ومتردية وأكيلة سبع ممن لا خلاق لهم :

فهذه طامة كبرى وزلة عظمى تفتح باب شر على الاسلام والمسلمين ، وكم من معالج اجتهد حسب رأيه فاتسع الخرق على الراقع في اجتهاده ، فمنهم من طلب بعدم التسمية عند استخدام العلاج ، ومنهم من وضع القرآن عند رأس المريض ومنهم ومنهنم 000000 

والأحوط والإولى للمعالج صاحب العلم الشرعي الحاذق المتمرس أن يعود للعلماء العاملين العابدين في بعض المسائل الدقيقةى والتي تحتاج للاجتهاد والقياس والاستنباط حرصاً على عقيدته ودينه وتوجهه 0

هذا ما تيسر لي أخي الحبيب ( المستغفر ) ، بارك الله فيكم وحياكم الله وبياكم مرة ثانية في منتداكم ( منتدى الرقية الشرعية ) وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

الرأي الأخر يقول 

الرقى الشرعية ... هل هي توقيفية أم اجتهادية؟ الشيـخ : عبـداللـه بن صــالح العبـيــد 



فهرس الدروس

  (تقديم)  (1)  (2)  (3) (4) (5)  (6)   (7)

 

(8)  (9)   (10)  (11)  (12) (13) (14)  (15) 

 

 



المصدر: أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 392 مشاهدة
نشرت فى 23 أغسطس 2012 بواسطة tebnabawie

سالم بنموسى

tebnabawie
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,214,477