ربما يتفق الكثيرون على أن ثقافة السينما المصرية على مدى عقود طويلة أثرت داخل المجتمع أفكارا متباينة جعلت ردود الفعل أمام الأحداث كذلك , متشابهة تماما مع ما يحدث في الافلام المصرية , والتمثيليات أيضا, حتى حدى بالمواطن العادي أن يتصو نهايات الأحداث كنهاية الفيلم أو التمثيلية التي رآهــا !!
وتغوص القصص التمثيلية والفلمية في وعي المواطن المصري بعيدا وتكاد تكبل عقليته مما تشكل معه فكرا ميلودراميا يطابق الشكل الفني للقصص السينمائي والتلفازي وأحداثه , وهي نفسها قوالب معبرة عن الواقعية الاجتماعية وإلا لما كان أثرها متوغلا دخل المجتمع ومؤثرا فيه
الى ذلك التأثير نلحظ أحداث ما بعد الثورة , حيث اعتقد الناس كلهم حال عمهم الشعور بفرح الانتصار والفوز بقلب النظام السابق حيث أتبعوه بطلبات سريعة برفع الرواتب على عجل ودون دراسة !
و الاسراع كذلك بتغيير الأشخاص الغير مرغوب بهم وقد تم فعــلا والحمدلله , وتحقيق المطالب بمحاكمة المسئولين والضالعين في الفساد وآلان جاري التحقيق مع هذه الثلة الفاسدة
وإختمـرت من بعد ذلك فكرة أنه وصلنا خلاص لنهاية الفيلم الدرامي الذي عشناه سنوات طويلة وأننا نعيش آلان النهاية السعيدة !
وتظل فكرة النهاية السعيدة للفيلم الذي عايشنا جميعا أحداثه منذ قرابة الشهرين فقط حيث ينتهي بانتصار البطل وعودة المحبوبة الى حضن البطل الغائب , واستقرار الأمور في الحي والحارة ورجوع الحق لأصحابه , تظل فكرة طاغية على فكر المواطن المسالم يتردد صداها الى أن يرى الكل الصورة الأحلـى للوطن والمواطن
لكن فيما يبدو أمام المتعجلين للنهاية السعيدة كأي فيلم مصري أو عربي أو تمثيلية أن الصورة المنتظرة لن تظهر هكذا وبنفس السرعة التي تبدو بها للمشاهد للفيلم الخيالي على الشاشة
حيث تقفز الى السطح آلان نجوم أخرى على المسرح أو الشاشة تحاول بشكل درامـي خرق نجاح الأبطال الحقيقيون وقلب الترابيزة على الجميع
تلك هي نجوم الثورة المضادة وأعداء النجاح وأنصار النظام السابق الآسفين والمحزونين على وضع رؤوس النظام البائد بين جدران سجن طره الذي إمتلء ولازال يقول : هل من مزيد ؟؟!
من هنا فاننا كأفراد وشعب ومجتمع نعيش فترة تاريخية جديدة و تجربة قاسية علينا تماما وأحداث لم نعايشها من قبل ولم يخطر على بالنا مثل هذا السيناريو المتواتر بسرعة متلاحقة خصوصا مع تبدل الأحداث والنتائج , مما أوجدنا في حالة دوار رأس , لن نتفلت منها إلا بالثبات والمزيد من الثبات
لم تفاجئنا هذه الرياح كمجتمع مصري فقط بل فاجئت المنطقة العربية بأسرها, وإنها لرجفة ألمت بنا جميعا دفعت بكم من ردود الأفعال والتي لايحسن قيادها والتصرف معها إلا أهل الحكمة والتروي والتؤده
ألا وهم أهل العسكرية بخبرات الحروب لديهم وحالة الاستعداد القصوى لكافة الاخطار والاحتمالات وهم وحدهم من يملكون قدرة المواجهة لا مع الشعب بل مع المتربصين بثورة الشعب وتحديدا مثيري الشغب والقلاقل والمتاعب والفتن, وحمدا لله أن حبانا بهذا الجيش العظيم وانظر بالمقارنة لما يحدث في بقية البلدان الأخرى , وردد كثيرا الحمدلله
أعتقد و في ختام مقالنا أنه يمكنا القول بأننا استوعبنا الدروس المتتابعة للأحداث المتوالية التي نراها من اعتصام الى تظاهرات الى مشاحنات واحتقان طائفي , وقد فرض الأمر الواقع ألا نحلم كثيرا بالنهاية السعيدة بل نترقبها وننتظرهـا لكن بعدما نستوعب صبرا أعظم ومواجهة أعظم بأن نقف ضد محرضات الفتن , نقف وبيد من حديد مع جيشنا الوطني والشرطة بطبيعة الحال , آملين في زيادة التوعية يوميا وبكل الطرق الممكنة بين جماهيرنا لابعاد وكشف منابع التوتر, حفظ الله مصرنا قوية آمنة مطمئنة بحوله وقوته رافعين لرايات الاستقرار قريبا قريبا باذن الله
ساحة النقاش