جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
الأيتام مشاريع العظماء
خليل حمد
كتاب يقدم مجموعة من الشخصيات التي تعرضت لفقدان أحد الابوين أوكلاهما، وأثر هذا الفقدان على ابداعهم، فالكاتب اعتمد على كتاب "الخالدون المائة" للكاتب الامريكي "مايكل هارت" كمرجع اساسي لتأكيد الأثر الايجابي على الشخصيات التي تناولها الكتاب، اضافة إلى بعض الشخصيات من خارج قائمة المائة، مثل شخصية "صدام حسين وياسر عرفات"، فهو يطرح مرحلة/سنة اليتم وأثرها على المبدع، فيبدأ من مرحلة الولادة حتى السنة الواحدة والعشرين لعينة اليتم، فالكاتب يعتمد على فكرة أن الألم هو المحفز والباعث على نماء الابداع والتألق، حتى أنه جعل من مقولة "جبران خليل جبران" في فاتحة للكتاب حقيقة وسند علمي ومنهج دراسة لهذه الشخصيات، والتي جاء فيها:
"اللؤلؤة هيكل بناه الألم حول حبة رمل" فالكاتب يأخذ هذه المقولة كمسلمة علمية على وجود المبدعين والعظماء، حتى أنه يضع فرضية يقول فيها:
"قل لي متى تيتمت أقل لك من أنت!"
اعتقد أن الفرضيات الاجتماعية لا تأخذ مكانتها كالفرضيات العلمية، وهذا ما أخذ على النظرية الماركسية التي كانت موفقة في "المادية الجدلية" عندما تناولت حقائق نظرية علمية صرفة، واخفقت في "المادية التاريخية" لأن الحالة الإنسانية حالة معقدة ومركبة ومختلفة ولا يمكن أن تخضع لفكرة واحدة تنطبق على كافة المجتمعات البشرية.
إذن معضلة الكتاب تكمن في هذه المسألة، "يحاول أن يخلق/يوجد/يضع نظرية تقول أن اليتم/الالم هو الواجد والخالق للإبداع والمبدعين"، وهذا الخلل وجدناه في أكثر من موضع في الكتاب، فعندما يتحدث عن الشخصية المبدعة يتضع الأثر الذي تركته وكأنه مسلمة علمية، وهذا الاسلوب غير علمي، فمن المفترض في هذه الحالة أذن، أن ينطبق ما يقدم على كافة أو معظم الأيتام الذي مروا/تعرضوا لعين المرحلة، لكن أخذ حالة واحدة وتعميمها على أنها حقيقة علمية يمكن اسقاطها على كافة الأفراد فهو يمثل نموذج واضح على التفكير الطيباوي وليس العلمي.
ولكي نكون موضوعيين فيما نقول، سنأخذ حالة مفردة "بطرس الأكبر" من تلك الاستنتاجات التي يعممها الكاتب على كافة الحالات، فيقول عن فئة الخامسة وما يمتازون به:
"ـ يأتي من بينهم القادة الأفذاذ والعباقرة العظماء.
ـ هم أقوياء عظماء وأصحاب شخصيات كرومية.
ـ لا تحكمهم العاطفة، تقدميون، متنورون، رواد.
قادرون على تحقيق أهدافهم بشكل إعجازي، عظيم.
ـ انجازاتهم تمثل في الغالب قصة نجاح استثنائية مبهرة.
ـ القادة منهم يحكمون بقوة وجبروت، ولا يتوانون عن ابعاد منافسيهم لو كانوا اقارب من الدرجة الأولى.
ـ علاقتهم بالنساء غير مستقرة وقد ينفصلون عن شركاء حياتهم بعد مدة قصيرة.
ـ قد تكون قلوبهم غليظة قاسية حتى على فلذات أكبادهم.
ـ يمقتون الطبقات الاقطاعية والبرجوازية فهي عكس طباعهم وميولهم.
ـ يميلون للزواج من عامة الشعب والأوساط المتوسطة، ولو كانوا قادة عظام.
ـ غالبا ما يكونوا عمالقة في انجازاتهم، إن لم كانون أقوياء.
ـ محبون للمرح وكثيرا ما يكون مرحهم عنيفا، وقد يسرفون في الشرب.
ـ يسعون لإقامة الأساطيل وتطوير الجيوش.
ـ ينتهجون سياسة ثقافية ثورية وجديدة للدولة.
ـ يميلون لفصل الدين عن الدولة، ويعبرون أن المؤسسات الدينية تمثل قاعدة الرجعية ومنطلقها، وقد يسعون إلى إدخال مناهج تطويرية. "ص67و68، إذا ما توقفنا عند هذا الصفات التي يحاول الكاتب أن يعممها، نجدها مقلوبة، بمعنى أنه أخذ صفات وأعمال وإنجازات شخصية واحدة من قائمة المائة، واعتمدها كحقيقية علمية يمكن اسقاطها وتعميمها على كافة الحالات، متجاهلا دور التربية التي تلقتها الشخصية، ودور المحيط الاجتماعي والطبيعي والأسري حولها، كما أن هناك جوانب أخرى لها تأثير على أي شخصية من الجانب الثقافة التي تتلقاه الشخصية، مثل الشعر والأدب والفنون والمسرح والموسيقى، ويضاف إلى كل هذا طبيعة المادة التي تدرس للشخصية، مثلا التاريخ حسب أي منهج يقدم لها، وأيضا هذا الأمر ينطبق على العلوم الأخرى.
من هنا نجد الخلل في طريقة التعميم التي ينتهجها الكاتب، فهو يجعل العربة أمام الحصان، لهذا نقول أن الكتاب باستنتاجاته لم يكمن موفقا بتاتا، لكن بالمادة التي قدمها والمعلومات عن تلك الشخصيات فهو مجهود كبير يستحق أن نقف عنده، فنحن نجهل العديد من تلك الشخصيات وحتى أن عرفناها فلا نعرف انجازاتها وأثرها على المجتمعات.
الكتاب دون اسم لدار نشر، لكنه موثق في وزارة الإعلام الفلسطينية تحت رقم (182 و.ع.ر) بتاريخ 8/9/2011.
الطبعة الأولى 2011
والطبعة الثانية 2015.
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية