دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

مرة أخرى (ما رأيت خيراً منك)...
--
بدا لي - من إصرار ناشئة كبار وصغار على أن معنى العبارة ( ما رأيت خيراً منك) يحتمل المدح والذم - أن أتتبع ما له صلة بها في مظان وجوده، فما زادني ذاك إلا اطمئناناً إلى ما صدعت به، فقد أورد ابن حنبل في حديثه عن فضائل الصحابة ما يأتي، قال: "حدثنا عبد الله،قثنا عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن القرشي وهو الكوفي قال نا يحيى بن يمان، قال حدثني عبد الرحمن بن مهدي قال سمعت زمعة بن صالح قال سمع طاوس رجلاً، وهو يقول لرجل ما رأيت رجلا قط شراً منك ". وأوردالزمخشري الخبر الآتي: "قيل لأبى أيوب صاحب المنصور: نراك إذا دعاك المنصور تغير لونك، واضطربت حالك ، قال : مََثلي مَثل بازٍ قال لديكٍ : ما رأيت شراً منك ! تكون عند قوم من صغرك إلى كبرك...". وأورد صاحب(تنقيح المقال) عن أبي ذر الغفاري خبراً مفاده أن ذئباً عدا على غنم له قبل أن يسلم ، وذلك في بدء الإسلام ، فنجشَ الذئبَ بعصاه ،وقال :" ما رأيت ذئباً أخبث منك. فأنطق الله الذئب فقال: أشرّ مني أهل مكة، بعث اللهُ إليهم نبياً، فكذبوه وشتموه". وليس يهمني من هذا الخبر مضمونه،بقدر ما أهتمُ للغةٍ كُتب بها - ولغة أي نص تنم عن عصره - ذلك أنها توضح أمرين، أولهما تأكيد لصيغة جرت عليها العرب في مدح أو ذم اعتماداً على أسلوب التفضيل، وثانيهما دلالة على أنّ بعض العرب استخدموا (أشرّ) على وزن أفعل، كما استخدموا (أخير) كما في قول رؤبة بن العجاج الذي استشهد به ابن الأنباري على تخففهم من همزة (أفعل)، قال: " ولا يكادون يقولون : فلانٌ أشر من فلان، وفلان أخير من فلان، وربما قالوه، قال رؤبة: بلال خير الناس وابن الأخيَرِ.فإذا تعجبوا قالوا: ما شرّ فلاناً، وما أشرّ فلاناً، وما خيرَ فلاناً ، وما أخيرَ فلاناً". فإذا ضممت ذا إلى ما يراه جمهور النحاة من أنه لا يجوز تقديم مِنْ ومجرورها على أفعل التفضيل - لأنّها ومجرورها بمنزلة المضاف إليه، والمضاف إليه لا يتقدّم على المضاف؛ إذ تقول: زيد أفضل من عمرٍو، ولا يجوز تقديم (من عمرٍو) على أفعل التفضيل (أفضل). ويستثنى من ذلك إذا كان المجرور بها اسم استفهام، أو مضافًا إلى اسم استفهام فإنه يجب حينئذ تقديم منْ ومجرورها، نحو: ممّنْ أنتَ خيرٌ؟ ومِنْ أيّهمْ أنت أفضلُ؟ ومنْ غلام أيّهم أنتَ أفضلُ ؟ وذلك لأنّ الاستفهام له الصّدارة" - كان الأمر كالشمس ضاحية.
واللافت أن ذلك التفسير السقيم شاع على شبكة المعلومات شيوع نار في هشيم في مجموعات تستهدف المعلمين ومحبي العربية، ووُجد لذلك ظهير ممن تُسبق أسماؤهم بحرف أو أكثرمن حروف لا معنى ما لم تظهر آثارها، وكان يُؤمل منهم تبصير الخلق وإن خالف هوى، لا ترويج الرأي الآخر القائل بجواز ذم ومدح فيها مع تغليب الأول؛ مما يجعل المرء يتمتم بقول الجاحظ في خطبة أحد كتبه:
"اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القول، كما نعوذ بك من فتنة العمل، ونعوذ بك من التكلف لما لا نحسن، كما نعوذ بك من العجب بما نحسن، ونعوذ بك من السلاطة والهذر، كما نعوذ بك من العي والحصر".
واللافت أن ذلك التفسير السقيم شاع على شبكة المعلومات شيوع نار في هشيم في مجموعات تستهدف المعلمين ومحبي العربية، ووُجد لذلك ظهير ممن تُسبق أسماؤهم بحرف أو أكثرمن حروف لا معنى ما لم تظهر آثارها، وكان يُؤمل منهم تبصير الخلق وإن خالف هوى، لا ترويج الرأي الآخر القائل بجواز ذم ومدح فيها مع تغليب الأول؛ مما يجعل المرء يتمتم بقول الجاحظ في خطبة أحد كتبه:
"اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القول، كما نعوذ بك من فتنة العمل، ونعوذ بك من التكلف لما لا نحسن، كما نعوذ بك من العجب بما نحسن، ونعوذ بك من السلاطة والهذر، كما نعوذ بك من العي والحصر".
فلعل في ذا نفعاً أو بعضاً منه، هذا والله أعلى وأعلم وأجل.
,
,

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 79 مشاهدة
نشرت فى 27 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

578,871