دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

مناقشة رواية ضحى 
ضمن الجلسة نصف الشهرية التي تعقدها اللجنة الثقافية في دار لفاروق تم مناقشة رواية "ضحى" للروائي الفلسطيني "حسين ياسين"، وقد افتتح الجلسة الأستاذ "رائد الحواري" مرحبًا بالروائي "حسين ياسين" ومتمنى الشفاء العاجل للروائي "محمد عبد الله البيتاوي"، وتحدث عن الرواية فقال: تكمن أهمية هذه الرواية بتضمنها لأحداث تاريخية نجهلها ولا نعرف عنها، ويمكننا القول أن رواية "ضحى" تعد رواية مميزة، لتناول ثلاث نساء جمعتهن القدس، فكانت "ضحى" تمثل وترمز للمرأة الفلسطينية التي أعطت الكثير، لكن واقعها المحلي والعربي اضطهدها ومارس سطوته عليها، فكانت نهايتها مأساوية كحال الفلسطيني تمامًا، أما بخصوص اللغة فهي لغة سهلة وتتناسب وطبيعة شخصيات الرواية.
ثم فتح باب النقاش فتحدث الشاعر "جميل دويكات" قائلاً: الكاتب يكتب نفسه أو شيئًا منها، أو يكتب حدثًا أثر عليه، فالقسم الأول من الرواية "تانيا" جاء بشكل سلس وناعم، وهذا ما منح الرواية شيء من الإبعاد عن القسوة والألم الذي كان في "ضحى وماري تريز" وهذا يعد ذكاء من الراوي، الذي عرف كيف يبدأ روايته، ونجد لغة الراوية جميلة وشيّقة من خلال استخدام الأمثال الشعبية وبعض المقتطفات الشعرية، كل هذا يجعل الرواية مميزة، كما أن اهتمام الكتاب بالمرأة يُحسب له وللرواية، حيث أنه قدمها لنا بصورة فاعلة وحيوية.
وتحدث الأستاذ سامي مروح فقال: من يقرأ الرواية يندمج في أحداثها، وهذا ميزة لها، فالراوي يتحدث بلغة سهلة تتناسب وطبيعة الشخصيات الروائية، فهي لغة سهلة وجاءت دون تكلف، يقنعنا الراوي بأن هذه لغة الشخصيات وليست لغته، وأنه لم يتدخل فيها، وبما أن الأحداث متعلقة بفلسطين فهذا يجعلها رواية فلسطينية، بمعنى أنها تتناول القضية الفلسطينية، من هنا نجد الجغرافيا الفلسطينية حاضرة فيها، إضافة إلى تناول الراوي لمناطق أخرى، ونجده يوظف "الغجرية" بشكل رمزي، وهذا يخدم فكرة الحرية التي تناولتها الراوية، وتعامله مع المرأة كان بشكل منصف، فقدّمها لنا كما هي في واقعنا، تعطي دون أن تأخذ، وتعمل بشكل متفان، وبما أن الراوية تتحدث عن ثلاث نساء فهذا يشير إلى مكانتها، فهي امرأة قوية وقادرة على الصمود أمام الصعاب والتكيف مع الأوضاع مهما كانت متقلبة، وقد لفت انتباهي أن الراوي قدّم المغول المسلمين بصورة عصرية بينما المغول غير المسلمين فكانوا أقل منزلة، ونجد هذه الرواية تتلاقى مع رواية "مجانين بيت لحم" "لأسامة العيسة" التي يتناول فيها أحداث واقعية وأماكن جغرافية وتراثية، وهذا طبعًا يُحسب للرواية التي تقدم معلومات بصيغة أدبية، وأيضًا، هذه الرواية تتباين مع رواية "علي" لأنها أقرب إلى ثلاث روايات، ورغم تقاطعها في موضوع القدس، إلا أنه يمكننا القول أنها ثلاث روايات وليس رواية واحدة.
أما الأستاذ "محمد شحادة" فقال: رواية "ضحى" عمل أدبي مميز، فهناك مخزون ثقافي ومعرفي يمكن الرجوع له للاستفادة منه، خاصة ما جاء عن (الفلسطينيين الألمان) الذي تعرضوا للتهجير والتشريد كما حدث معنا تمامًا، ففي القسم الأول "تانيا" يشعر القارئ أنه يعيش في روسيا، حيث استطاع الراوي أن يقدم لنا مشاهد مقنعة وجذابة عن تلك البقة من العالم، من خلال حديثه عن الثلج والجبال والسهول، كما أن اللغة التي استخدمها تتناسب وطبيعة الرواية، فهي لغة سهلة وجذابة في ذات الوقت، أما في "ماري تيز" فيتحدث عن الألمان والحالة الاجتماعية التي عاشوها في فلسطين، فنجدهم جزء من طبيعة التنوع والتعدد الموجود في المجتمع الفلسطيني، وهذا الطرح الأهم في الرواية، المجتمع في فلسطين متعدد ومتنوع ويقبل بعضه بعضًا، أما صورة الغلاف فالمرأة هي في الصدر، بينما "الحطة والعقال" معلقان على الحائط، وهذا يشير إلى غياب الرجل وأن المرأة هي صاحبة الفعل ومركز الأحداث، وهذا ينسجم تمامًا مع أحداث الرواية، ونجد لغة الشخوص تتناسب وطبيعة الشخصية، وهذا يشير إلى تحرير الشخصيات من هيمنة الراوي، أما بخصوص الأخطاء فالرواية تكاد تخلو من الأخطاء اللغوية والمطبعية.
أما الأستاذ "نضال دروزة" فقال: أن الراوية أقرب إلى القصة، الحوارات شبهة معدومة وكأنها قصة سردية، خاصة عندما تحدث عن روسيا، أما موضوع الألمان في فلسطين والقدس فهو موضوع جديد ولم يكن مطروح، وحتى معروف للكثير منا، وهذه الإضافة تُحسب "للرواية" ومثل هذا التوثيق نحن في أمس الحاجة له لنؤكد أن فلسطين وشعبها كانوا يتعاموا مع الآخرين بمدنية وعصرية، بعيدًا عن عقلية القبلية، أما بخصوص اللغة فالراوي استخدم لغة عالية وسهلة في ذات الوقت، فنجد بعض المقاطع الشعرية وأيضًا بعض الأمثال الشعبية، وهذا ما يجعلها قريبة من القارئ الذي يجد فيها كل ما يريد، وموضوع الرواية بحد ذاته مهم وحيوي، فتناول ثلاث نساء في رواية شيء جميل، كما أن إعطائهن دور البطولة المطلقة يجعل الرواية شكلاً ومضمونًا رواية مهمة.
وقدم الشاعر "عمار دويكات" ورقة نقدية جاء فيها: 
"قراءة في رواية ضحى لحسين ياسين عمار دويكات: إن تذوق النص الأدبي يُعد من أروع ما يكون، فقد يزيد الشعور بالحياة والجمال، وخاصة عندما يكون الكاتب متمكنًا من عقال اللغة الأدبية والفنية التصويرية الرائعة، ومتحكمًا بحركاته وانفعالاته، وممتلكًا من المعلومات التاريخية والحكايات التراثية، والكم الهائل من الأحداث السياسية والاجتماعية، ما يؤهله ليكتب نصًا يصلح أن يكون مرجعًا أدبيًا توثيقيًا. رواية ضحى رواية توثيقية تاريخية وطنية اجتماعية، مكانها مساحات ممتدة من الجبال والسهول والأسواق، بل إن الأماكن التي وردت في الرواية تكاد لا تحصى، وبذات الوقت سيطر الكاتب على التدرج والإيقاع في سرد الأزمنة وتنقل بين دول كثيرة ليصل إلى نقطة السيادة الكبرى وهي القدس. المرأة في الرواية لها الدور الطليعي، ومصدر الضوء والإلهام للكاتب، وهذا يتجلى في عنوانها، ومن المفارقة الرائعة أن الرواية تسلط الضوء على دورة المرأة وليست العربية فقط بل تتعدد الأجناس والديانات والأعراق لكنها كلها تلتقي في رئتي القدس. ولعل أهم ما ورد في الرواية هو توثيق الكاتب للوجود الألماني في القدس، فالمستعمرة الألمانية التي بُنيت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، في ظل الدولة العثمانية، وما لاقاه الألمان من قمع وتشريد والذي يشبه إلى حد كبير ما لاقوه الفلسطينيون، وكأن الكاتب يريد حشد كل ظواهر الاستبداد ليكوّن الحالة الحقيقية التي مرت بها فلسطين التاريخية في الحقبة الزمنية التي يجهلها الكثير حتى من المثقفين. لقد أخرجنا الكاتب من الروتين الذي قد يكون في سردية الكتب التاريخية، ووضعنا في بحر المتعة والانجذاب والتفاعل مع الكثير من الأحداث التاريخية والتي يصل تأثيرها ليومنا هذا. النهايات المفتوحة في الرواية أضافت للرواية المزيد من المتعة والتذوق الأدبي وفتح الباب على حدائق التخيل والتوقع ورسم النهايات التي يرديها القارئ حسب ذوقه ومدى تأثره بالنص.
تطور شخصيات الرواية كان متقنًا مسيطرًا عليه ومقنعًا. عنوان الرواية: قد يُخيل للبعض أن العنوان كان بعيدًا عن المضمون، فدور ضحى كان دورًا كغيره من الأدوار لدى الشخوص الكثيرة في الرواية، فلماذا كانت هي العنوان؟ في تقديري ضحى هي القدس ذاتها، فهي لقيت ما لقيته ضحى الثائرة من ظلم وتعسف وضياع. مآخذ على الرواية: -إن الصفحات المائة الأولى كانت تتعلق بالوجود في روسيا، وقد أفاض الكاتب بالكثير من التفاصيل والتي قد لا يكون لها مبررًا، إذ أن التفاصيل مثلاً التي تتعلق بالقدس وحيفا ويافا لها مدلولها المكاني والزماني والسياسي، أما التفاصيل التي تتعلق بروسيا مثلاً، قد تكون زائده وغير مبررة. -لقد اتخذ الكاتب لقاء الراوي عبد الباقي بشخص في الفندق (ألفيي) من أصول ألمانية ليدخل في تفاصيل كثيرة وكبيرة عن طريق حكاية قصة والدته، ليسهب بالسرد، وقد تكون السرعة في التواصل مع الألماني في الفندق مستعجلة، إذ كان بإمكان الكاتب أن يطور هذه الشخصية ومدى انسجامها مع الراوي ليستطيع التقدم في النص. -لقد كان للجنس في الرواية وخاص في المئة الصفحة الأولى حضورًا مباشرًا وغير مباشر، فهناك كسر وخدش للحياء، فكان بإمكانه التلميح بدون الولوج في تفاصل قد لا يرغبها البعض منا. - لم يتطرق الكاتب لأسباب النزاع بين الأمة الألمانية والعالم، وإلى مدى الفظاعة التي مارسها الألمان بحق البشرية، وهذا بالطبع ليس دفاعًا عن أحد، ولكن لإنصاف الواقع. في النهاية لقد استطاع الكاتب في هذه الرواية أن يكون شاعرًا وروائيًا ومؤرخًا"
في نهاية اللقاء تحدث الروائي "حسين ياسين" شاكرًا الحضور ودار الفاروق على ما تبذله من مجهود في خدمة الثقافة والمثقفين، ثم قال: في هذه الجلسة أخذت الرواية حقها من البحث والنقاش وهذا أسعدني، فقليلة هي تلك الجلسات التي تتناول رواية بهذه الطريقة من البحث، أما السر الأدبي وراء كتابة "ضحى"، فهو أنني ابن فلسطين ولا أعرف أن أكتب إلاّ عنها، كنت في "الطالبية" حيث كانت شاهدت أجمل بيوت فلسطين، وعندما سألت عن سعر البيت كان في حدود عشرين مليون دولار أمريكي، وهنا خطر على بالي سؤال: "أين أصحاب هذه البيوت؟" من هنا جاءت فكرة كتابة "ضحى"، فالألمان الذين أقاموا في فلسطين وكانوا جزء أساسي من الشعب الفلسطيني، تم تهجيرهم كما تم تهجير الفلسطينيين تمامًا، فكان مصير الأحياء الألمانية كحال المناطق الفلسطينية، فهم يتماثلون معنا في التشرد والتهجير، كما أن الطريقة العنصرية التي تعاملت بها دولة الاحتلال معهم تتماثل مع طريقتها في التعامل معنا نحن الفلسطينيين، فقد استمرت المفاوضات بينهم وبين الحكومة الألمانية عشر سنوات، وكانت ألمانيا الاتحادية في حينها تسعى للتخلص من تهمة "العداء للسامية" التي لصقت بها بأي ثمن، فكان الثمن على حساب (الفلسطينيين الألمان) وعلى حساب ممتلكاتهم.
وعندما تم الانهاء من كتابة "ضحى وماري تيز" وجدت أن أحداثها قاسية ومؤلمة، فارتأيت أن أكتب شيء يخفف من حدة تلك القسوة، فكتب "تانيا"، أما بخصوص "ضحى" فهي تمثل كل فلسطين، كانت حياتها سعيدة وهادئة، حتى جاء الاستعمار الإنجليزي الذي مهّد لقيام دولة الاحتلال، وكان الشيوعيين هم الأكثر عداء للإنجليز وأكثرهم تنظيمًا وفاعلية، من هنا وجدت أن أكتب "ضحى" الفتاة التي قاومت الإنجليز، لكن بعد الاحتلال نجدها تذهب إلى الأردن ثم إلى العراق ثم إلى بيروت ثم إلى قرطاج وهناك يتم قتلها على يد رجل سكّير، فكل محطة وصلتها "ضحى" تمثل واقع الشعب الفلسطيني وما تعرض له على يد الأنظمة في تلك الدول، فقد تم المتاجرة بها في العراق، وفي لبنان وجدت ذاتها مع "الساحلي" من خلال العمل الفدائي، وهناك "العجمي" الذي يمثل إيران ودورها في ركب الموجهة سعيًا وراء مصالحه وليس مصلحة "ضحى/فلسطين" وما كان مقتل "ضحى" في قرطاج إلاّ إشارة لأوسلو ما أحدثه من قتل للقضية، أما بخصوص اللغة فقد بذلتُ مجهودًا كبيرًا لتكون لغة تتناسب وطبيعة الشخصيات، وما جاء في الصفحة 214، يمثل وجهة نظري. 
وفي نهاية الجلسة تقرر أن تكون الجلسة القادمة يوم السبت الموافق 4/8/2018 لمناقشة ديوان "أنت وحدك أغنية" للشاعر "فراس حج محمد"

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 127 مشاهدة
نشرت فى 24 يوليو 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

580,377