( بيتٌ يَلُفُّهُ الغُموض. )
في الغابَةِ البَعيدَةِ كانَ بَيتَها
تُحيطُهُ الأشجار وَتُغدِقُ قربَهُ الأنهار
والرياحينُ من حَولِهِ
أجَماتَها كَأنٌَها في حِوار
يُوَشوِشُ بَعضَها بَعضاً ... أحاديثُُ بَينَها تُدار
والمَنزِلُ غارِقُ في قَلبِها ... تُحيطُهُ الأسرار
تَسكُنُ فيهِ غادَةٌ تَغارُ مِن جَمالِها الوُرود
والزَنبَقُ يَلتَوي في غُصنِهِ
وتَميل ... في رَوضِها شَوقاً لَها الأزهار
والغادَةُ في حِصنِها … قَد عانَدَت فِكرَها الأقدار
غادَرَت روحَها بَهجَةَ الحَياة
ماتَ فارِسَها … غادَرَ رَوضَها
كَيفَ تُكمِل عَيشَها… أرشِد قَلبَها ... يا رَبَّها
قَد كانَ صَرحاً لَها…
يا وَيحَها الأيام… إن أدارَت ظَهرَها
لَم يَعُد بالحَياة ...مَن يَعبَأ بِها
ضاقَتِ الآفاقُ عَن هّمِّها
مَن يَحمي بَعدَهُ حِصنَها ?
الطُيور حَولَها تَرثوا لَها ... لِحالِها
تُطيلُ تَغريدِها الحَزين ... كأنَّهُ الأنين
تُجيبُها البَلابِلُ من نايِها
وحينَما يُخَيِّمُ الظَلام
كُلُّ ما في الغابِ هُم يَنام
إلا غادَتنا ( رِهام )
تُطيلُ في لَيلِها السَهَر ... لَيلٌ طَويلٌ بلا قَمَر
يُحيطهُ جَوٌّ كَثيفٌ من الضَجَر ثُمَّ تَغفو ( رِهام )
قَد غادَرَت روحَها الأحلام
يَلُفُّها البُرود… بِلا حُدود
وهكَدا ... تَوالَت الأيَّام…
صُدفَةً… وَجَدتها في الجِوار
كَيفَ أبتَدي بالحِوار ?
مَع حَزينَةٍ لا تُثيرَها الأسرار
قُلتُ : يا وَيحَها الأقدار
أبعَدَت عَنِّي حَبيبَتي ( جُلَّنار )
ولَم يَعُد لي حَبيبة… أيَّتها الغَريبة
نَظَرَت إلَيَّ في بُرودٍ … مِلؤهُ إستِهتار
قُلتُ غابَت بُغتَةٌ… ويحاً لِتِلكُمُ الأقدار
نَظَرَت نَحوي… بِنَظرَةٍ ..كأنٌَها إستِفسار
قُلتُ : غادَرَت عالَمي كَم أحُنُّ لَها
أردَفتُ… تُشبِهُ قَدٌَكِ في طولِها
وتُشبِهُ فيكِ البَياض ... وشعرَكِ مِثلَ شَعرِها
نَظَرَت إلَيَّ بإستغراب !!!
قالَت : و أينَ هِيَ ? !!!
أجبتُها : ألَم أقل أنَّني لا أزالُ أكَلِّمُها ?
وآمَلُ أنٌَني أُسعِدُها… ثُمَّ مَدَدتُ يَدي لَها
تَرَدَّدَت بُرهَةً… لكِنَّها… مَدَّت إلَيٌَ يَدَها
بقلمي
المحامي. عبد الكريم الصوفي
اللاذقية. ..... سورية