دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

قرأت لك 
........
من قتل بائعة الكبريت في الوطن العربي..؟؟
قصة بائعة الكبريت قصة قصيرة أبدع فيها الشاعر والأديب الدنماركي هانس كريستيان أندرسن. تروي القصة حكاية فتاة في ليلة عيد رأس السنة، حيث تتساقط الثلوج، والجو القارس يعم الشوارع، كانت هناك طفلة صغيرة مسكينة عارية الرأس، فقدت حذاءها القديم الكبير بينما كانت تسير في الشارع، الذي استعارته من والدتها، وأكملت سيرها حافية القدمين، كانت هذه الفتاة الصغيرة تجوب الشوارع، وتسير فيها ؛ لكي تقوم ببيع أعواد الثقاب (الكبريت) آملةً أن يحزن عليها أحد ما، ويشتري منها، ولكن لم تصادف ولا حتى شخص واحد، حيث كانت تشعر بالبرد، فقامت بإشعال عود ثقاب، وأحاطته بيدها حتى تشعر بالدفء، وعلى الضوء الخافت من عود الثقاب هذا، تراءى لها بأنها جالسة أمام مدفئة كبيرة حديدية، والنار تشتعل فيها ؛ فينتشر الدفء ويعم المكان، فمدت ساقيها ؛ لتدفئهما، لكن عود الثقاب انطفئ، واختفى ما رسمته أمامها من أحلام، وبقي طرف عود الثقاب مشتعلاً، فأشعلت به عوداً ثانياً، فاشتعل وأضاء ما حولها ؛ فتراءى في مخيلتها مائدة طعام، عليها ديك رومي مشوي تفوح منه رائحة زكية، ثم انطفأ اللهيب، فأشعلت آخر، فتخيلت نفسها جالسة تحت شجرة ميلاد، أجمل بكثير من التي امتلكها جيرانها في السنة الماضية، ثم انطفأ عود الثقاب، ثم أنارت عود ثقاب آخر، فتخيلت جدتها واقفة وسط الأضواء، راضية سعيدة، كانت جدتها حنونة، وتعامل الفتاة الصغيرة معاملة رقيقة، وما إن رأتها الصغيرة حتى صرخت : جدتي، جدتي، خذيني إليك قبل أن ينطفئ العود، إني أعلم أنكِ ستختفين، كما أختفت المدفئة، والديك الرومي، وشجرة الميلاد، وسارعت الصغيرة إلى إشعال بقية أعواد علبة الثقاب عبر حكها بالحائط، لكي تتخيل جدتها فترة أطول، فاقتربت الجدة من الصغيرة المسكينة، وأحاطتها بين ذراعيها، وطارتا معاً إلى السماء، فلم تعد الصغيرة تشعر لا بالبرد ولا بالجوع، ثم انطفأت كل الأعواد، وقد كانت بائعة الكبريت ممدة بين زاويتي المنزلين، بخديها المحمرين، وبسمتها الجميلة على فمها، وقد ماتت إثر البرد في المساء الأخير من السنة، وعندما طلع النهار، ورأى الناس جثتها الممدة، قالوا: يا لها من فتاة صغيرة حزينة، أرادت الدفء ؛ لكن في الحقيقة، لم يعرفوا بأنها نالت الدفء طوال حياتها .
لم تكن النهاية حزينة بالنسبة لبائعة الكبريت، بل كانت نهاية سعيدة
لأنها صعدت إلى السماء مع جدتها، تاركة وراءها الكبريت، والبرد الشديد، والجوع ...؟؟
بائعة الكبريت صارت تماما مثل كرامتنا العربية .. هذه الكرامة التي تمشي في شوارع الوطن ولا أحد يلقي لها بالاً ... تمشي وهي مكسورة الرأس .. تدق الابواب ولا أحد يفتح لها ... هذه الكرامة التي ترتمي في الرصيف كي تجد مكان تنام فيه حين تتعب من المشي ولا أحد من المارة يقول : ما بال هذه الفتاة ليس عندها سكن تنام فيه .. هذه الكرامة التي صارت .. لكنها في الواقع مجرد طفلة صغيرة مرمية في الطرقات تبحثّ عن كسرة شرفّ أو شربة عزّ .. تمشي في حدود هذه الأوطان ولا أحد يتشرفّ باستقبالها لأنها فقيرة .. تحاول أن تزوّر لهم جواز سفر فيعتقلونها بتهمة الخيانة الوطنية .. تحاول أن تغيرّ اسمها فيبصقون عليها لأنها تبرأت من أصلها القديم .. ولا تملك جمهوراً عريضا يجتمع لأجله في ليلة كرة قدم بين برشلونه وريال مدريد .. ولا تملك أرضاً شريفة ينام عليه خدها من دون أن تستيقظ كي تكتشف أنهم سرقوا حتى ثيابها الداخليه ...؟؟
بائعة الكبريت كانت تبحث عن الحرية في سورية .. ولكن من الذي خطفها واستبدلها واحرق عيدانها البريئه ... بائعة الكبريت كانت تعيش في فلسطين آمنة من دون خوف ولم تضطر يوما الى بيع عيدان الثقاب في الشوارع .. ولكن مغتصب مأجور وحقير نزعوا ثيابها وعذبوها علي مرأى الجميع وعلى الاعلام كما تاجروا بأطفال سورية ثم يرفعوا عيدان الثقاب المحترقة على شاشاتهم القذرة مدعين انهم مع الحقيقه ...؟؟
هل أتكلم عن بائعة الكبريت في العراق التي شنقوها بدعوة أنها تملك في أصابعها أسلحة دمار شامل وليس عيدان ثقاب .. هل أتكلم عن بائعة الكبريت في ليبيا واليمن ام أين وأين في الوطن العربي التي كانت لا تدفع فواتير الكهرباء فماتت من شده الظلام مرعوبه.. ؟؟
على حافة عود الكبريت
بائعة الكبريت ماتت للأسف من البرد
ونحن نموت كل يوم ونقتل بعضنا البعض
نتلقى الصفعات الحقيرة ونبادلها بابتسامه عريضه
ليس هناك رد حتى الاستنكار اصبح ممنوع به النطق
هذا ما يستحقه الشرف العربي 
حين يرميه العدو ببصقه ونحن للأسف نرميه بالورد ...؟؟

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 73 مشاهدة
نشرت فى 31 ديسمبر 2017 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

558,139