الاندفاع والفضول: 
(من كتابي : "العمق الفكري والفلسفي في ديوان العشق والادراك... لمعين حاطوم"
///
- الاندفاع والفضول قوى بدائيّة وطفوليّة، إنّها من دوافع الطّفولة الكامنة في نفوسنا، والتي لاتفتأ تأخذ دورها في تفعيل دوافعنا، نلوذ بها حين يتعبنا سعينا في الحياة، ويجعلنا نحسّ بالعطش والضّياع، واختلال القدرة على الإدراك والفهم، لنخلق توازنًا نفسيًّا في دواخلنا، وقد تشوّه كل شيء؛ حتى "الصّور المنطقيّة" باتت تبدو عصيّة على الإدراك... ليستيقظ الفضول فينا، وليتمرّد الحسّ على حالة الخمول والبلادة... الأمر الذي ينتهي بنا إلى العودة إلى بدائيّة التّفكير بعد عجزنا عن فهم ما يجري... وبدون تفكير منا.. وباستسلام مطلق.. نجدنا نلقي كل أمورنا عن كواهلنا، ونعلّقها بالقدر؛ بحثًا عن الرّاحة والقناعة والرّضا..
- وهكذا نظلّ في حالة صراع يقودها الفضول، وتتحجّم بها الإرادة القاصرة، والاندفاع اللّامسؤول، واللّاواعي، والمندفع بقوة من السُّرعة غير المُدرَكَةِ للاندفاع الفطري - الاندفاع غير المنضبط بقوة واعية- بل ينساب بتأثير قوة فطريّة مفارقة لقوى الإدراك والوعي... نحو المجهول الذي نأمل في تحقيق حالة السّعادة والرّضا حال كشفه.. ونظلّ نعيش في غربة عن الواقع، وعن الذّات، ما دمنا لا نملكه..
- وهذا بحد ذاته يشكّل حالة مرضيّة؛ من شأنها أن تفقدنا القدرة على تقدير القيمة الحقيقيّة للحدث، والمقوّمات الحقيقيّة للواقع، فنرى كل شيء حولنا يتحوّل إلى "نوعٍ من الأحاجي الكونيّة" فنفزع مندفعين إلى المنطق السّببي المحكوم بالبديهيّات التي لا يمكن للعقل تجاوزها أو اختراقها.. بل يفزع منها، وينكمش، ليثور فضولنا؛ ليجعلنا نلوذ بمنطقنا البسيط والسّاذج، نستمدّ منه شيئا من الرّاحة النّفسيّة المؤقّتة، نتوه فيه، نضيع في سراديب خموله وسكونه، حيث يشغلنا ما كان؛ عمّا يحدث ويحصل حولنا، أو سيكون... فننكمش خائفين، نحصي أخطاءنا، ونندب حظّنا، ونلوم قدرنا... متجاهلين بذلك حقيقتنا، لتتحوّل ذاكرتنا إلى "بوصلة تعرّفنا اتجاه أخطائنا لا اتجاه حقائقنا"
.................................. صالح أحمد (كناعنه) ...................................