جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
القِصرُ و الطّولُ، بهما يُقاسُ العلوُّ و الانخفاضُ. و تتحدّدُ من خلالهما المسافة، أيّ مسافة.. و يتقابلُ تَبعًا لهما الأعلى و الأسفلُ – الذّرى و السّفوح – الطّوْلُ (بِفَتْح الطّاء وتسكين الواو) و القُصورُ – القريبُ والبعيد – الفسيحُ والضيّق..
لنتأمّلْ مثلاً هذا التّجانسَ الصوتيّ بين زوجيْ الطُّولِ و القِصَرِ/ الطَّوْلِ و القُصور.. إنّ جزءًا من حكايتي مقتصِرٌ على هذيْن الزّوجيْن.. أحسُّ أنّني بلغتُ في هذا الطّورِ من حياتي البهيجة مرحلة الإحساسِ بالقِصَـرِ (وما سيليه من قُصورٍ سيكونُ بديهيّا). إنّ الأشياءَ، جُـلّ متعلّقاتي في هذا التـوِّ، تتوقّفُ عن وظائفِها، تتقلّصُ، و تدخلُ طور الثبوت.. لا بدّ أنّ هذه التجلياتِ هي إحدى مَحَطّاتِ النّكوصِ الأكبر..
أنا أبصِرُ، أتمتّعُ منذ انزلاقي إلى الطين (طين ينزلقُ في الطّين انزلاقيْن مُتتاليَيْن؟) بنعمةِ عطاءٍ إلهيٍّ قد لا يتمتّعُ بها غيري- حاسّة البصر الكاملة (حتّى إشعارٍ آخر).. ذلك فضلٌ إلهيّ.. نتاجًا لهذا الفضْلِ، أنا أتمتّعُ (ينبغي بالضّرورة) بملَكَةِ بلوغِ الأشياءِ البعيدة.. إنّ بلوغ الأشياءِ البعيدة يعني قدرةٌ على أن أطولَ ببصري النّائياتِ (لستُ مع ذلك أدّعي الانتسابَ إلى نسلِ زرقاءِ اليمامة). وأنْ أبلُغَ بتلك الحاسّةِ المنعومِ بها عليّ، ارتفاعًا عموديًّا بصَريًّا مُحترَمًا، و امتدادًا أفُقيًّا مَسْحِيًّا يُحْكَمُ له بنسبةٍ من الكفاءةِ المائزة.. و الحديثُ يتعلّقُ طبْعًا بالرؤية، أيْ بالتمكّنِ البَصَريِّ.. لقد أتاحَ لي هذا التمكّنُ البصَريّ مِن الإحاطةِ البصَرَيّةِ بالمرئيّاتِ قريبِها و نائيها (نسْبيًّا، فأنا لا أدّعي في ذلك الإطلاقَ)..
لقد أتاحتْ لي عينايَ أنْ أتذوّقَ مُسَخّراتِ الطّبيعة و البشرِ (أهمّ مُسَخّرات كونيّة في اعتقادي):
ها تتراءى أمامي طرقاتٌ جميلة و شوارع شيّـقةُ الضّوضاءِ ..
ها تنبثقُ كائناتٌ جميلة (كثيرٌ منها دميمٌ) في الطّرقاتِ.. تتلخّصُ الكائناتُ والأشياءُ الجميلة كلّها عندي في امرأة جميلةٍ (لا بُدّ منْ تحديد مقاييس الجمالِ التي إليها أشيرُ.. و لكنّي لا أستطيعُ تحديدها رغم اطّلاعي على فلسفةِ الأنوثة، إذ اكتشفتُ أنّه لا يُمكنُ أنْ يُنَظّرَ لها أو أنْ تُخْتزَلَ أو تُدرَجَ ضمنَ مقولاتٍ مفهوميّة.. استنتجتُ إذنْ أنّ الأنوثةَ فلسفةٌ غير خاضعة للتصنيف... و مع ذلك تختزلُ نشيدَ العالم.. )..
ها تتراءى فوقي سماءٌ أنثى، مُطرّزةٌ بالزرقةِ حيناً، موشومةٌ بالغيْمِ آخرَ. وتارةً عاوية طعينةُ بَرْقٍ فحْلٍ صريعة رعْدٍ طاحن، و طوراً، متوّجة بزينةٍ الكواكبِ، و محروسة بالشّهُبِ الثّـواقب..
ها تتراءى حواليّ صحراءٌ جديرة بالإحساس بالهولِ .. ثمّة أمام عينيّ كثبان.. طينٌ، تراب.. خواء قاحل ( ليس في الخواء القاحل ما يعنُّ لكمْ مِن الوحشة الفاحشة، و لا من القبحِ الضّاري. ثمّة جمالٌ مُتوارٍ، قِفْ تجدْه في الدّاخل.. ).
أنا أبصِرُ، أتمتّعُ منذ انزلاقي إلى الطين (طين ينزلقُ في الطّين انزلاقيْن مُتتاليَيْن؟) بنعمةِ عطاءٍ إلهيٍّ قد لا يتمتّعُ بها غيري- حاسّة البصر الكاملة (حتّى إشعارٍ آخر).. ذلك فضلٌ إلهيّ.. نتاجًا لهذا الفضْلِ، أنا أتمتّعُ (ينبغي بالضّرورة) بملَكَةِ بلوغِ الأشياءِ البعيدة.. إنّ بلوغ الأشياءِ البعيدة يعني قدرةٌ على أن أطولَ ببصري النّائياتِ (لستُ مع ذلك أدّعي الانتسابَ إلى نسلِ زرقاءِ اليمامة). وأنْ أبلُغَ بتلك الحاسّةِ المنعومِ بها عليّ، ارتفاعًا عموديًّا بصَريًّا مُحترَمًا، و امتدادًا أفُقيًّا مَسْحِيًّا يُحْكَمُ له بنسبةٍ من الكفاءةِ المائزة.. و الحديثُ يتعلّقُ طبْعًا بالرؤية، أيْ بالتمكّنِ البَصَريِّ.. لقد أتاحَ لي هذا التمكّنُ البصَريّ مِن الإحاطةِ البصَرَيّةِ بالمرئيّاتِ قريبِها و نائيها (نسْبيًّا، فأنا لا أدّعي في ذلك الإطلاقَ)..
لقد أتاحتْ لي عينايَ أنْ أتذوّقَ مُسَخّراتِ الطّبيعة و البشرِ (أهمّ مُسَخّرات كونيّة في اعتقادي):
ها تتراءى أمامي طرقاتٌ جميلة و شوارع شيّـقةُ الضّوضاءِ ..
ها تنبثقُ كائناتٌ جميلة (كثيرٌ منها دميمٌ) في الطّرقاتِ.. تتلخّصُ الكائناتُ والأشياءُ الجميلة كلّها عندي في امرأة جميلةٍ (لا بُدّ منْ تحديد مقاييس الجمالِ التي إليها أشيرُ.. و لكنّي لا أستطيعُ تحديدها رغم اطّلاعي على فلسفةِ الأنوثة، إذ اكتشفتُ أنّه لا يُمكنُ أنْ يُنَظّرَ لها أو أنْ تُخْتزَلَ أو تُدرَجَ ضمنَ مقولاتٍ مفهوميّة.. استنتجتُ إذنْ أنّ الأنوثةَ فلسفةٌ غير خاضعة للتصنيف... و مع ذلك تختزلُ نشيدَ العالم.. )..
ها تتراءى فوقي سماءٌ أنثى، مُطرّزةٌ بالزرقةِ حيناً، موشومةٌ بالغيْمِ آخرَ. وتارةً عاوية طعينةُ بَرْقٍ فحْلٍ صريعة رعْدٍ طاحن، و طوراً، متوّجة بزينةٍ الكواكبِ، و محروسة بالشّهُبِ الثّـواقب..
ها تتراءى حواليّ صحراءٌ جديرة بالإحساس بالهولِ .. ثمّة أمام عينيّ كثبان.. طينٌ، تراب.. خواء قاحل ( ليس في الخواء القاحل ما يعنُّ لكمْ مِن الوحشة الفاحشة، و لا من القبحِ الضّاري. ثمّة جمالٌ مُتوارٍ، قِفْ تجدْه في الدّاخل.. ).
---------------
سيف الدّين العلوي من رواية قادمة
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية