إدكو بين التدمير وغياب الضمير
بقلم :قطب دويب .مستشار التحرير
إدكو معرضة لكارثة بيئية خطيرة .. هذه المدينة التى تنتظر مستقبل سياحى واقتصادى باهر من خلال موقعها على البحر المتوسط وهى امتداد طبيعى لشواطئ الاسكندرية شرقاَ وقد خصصت الدولة 1800 فدان على ساحل البحر المتوسط فى مدينة إدكو لتكون متنفسا ومنطقة سياحية عالمية تعود بالنفع على مصر كلها ولكن تبقى 211 فدان من المساحة السابقة وهذا بقرار جمهورى . ولكن ادكو تقترب رويداَ رويدا من أن تصبح ضحية لمشروع شركة " برتش بتروليم " البريطانية لبناء مصنع الغاز الطبيعى المسال فى منطقة حساسة جدا شمال المدينة على الشاطئ وإذا تحقق اقامةهذا المصنع ستكون ادكو منطقة كوارث انسانية فسوف يتعرض السكان لأضرار صحية واقتصادية واجتماعية تقلب حياتهم رأساً على عقب .. وقد انقسم بعض مواطنى ادكو بين مؤيد ومعارض وغاب الضمير الإنسانى لدى الشركة والمسئولين وبعض أصحاب الإختصاص العلمى فى هذا الشأن وتوضيحاً للحقيقة فاننى كإبن من أبناء ادكو التى هى مسقط رأسى وملعب طفولتى وسنوات شبابى وجدت أننى مدين لبلدتى بشرح النقاط الأساسية للآثار الخطيرة الناجمة على بناء هذا المصنع وذلك بعد أن التقيت بنخبة من العلماء كل فى مجال إختصاصه وخُلصت من تلكم اللقاءات بالآتى :
1- بناء هذا المشروع فى المنطقة الساحلية شمال ادكو لأبد أن تسبقه دراسة بيئية تفصيلية عن تأثيراته الصحية والمناخية والإقتصادية واللإجتماعية على السكان وطريقة معيشتهم ويجب النظر فىالبناء فى مواقع أخرى مفضلة بعيداً عن ساحل ادكو ولسنا بأقل من شعب دمياط الذى اوقف اقامة شركة " أجر يوم " من خلال ارادة قوية للمجتمع المحلى
2- ربما تم التصريح بهذا المصنع فى عهد الفساد السابق من خلال اذدواجية المعايير والقرارات حيث أن هذه الأرض المزمع اقامة المشروع عليها صدر بها قرار جمهورى بتخصيصها للمشاريع السياحية فكيف تتم الموافقة على إنشاء المشروع على أرض أصبحت ملكية عامة للشعب الإدكاوى ومتنفس طبيعى له . ثم التصريح لشركة ذات أسوا سمعة من كافة شركات البترول فى حوادثها القاتله والمخربه للبيئة . وفى الغالب حدث ذلك بطريقة ديكتاتورية متجاهلة لمصالح السكان . ذلك العهد الذى انتهى ونحن فى نظام جديد يتوجه الى الديمقراطية الحقيقية والى دولة مدنية تصنع آراء وشكاوى المواطنين بعين الإعتبار . ونحن بالتالى نرجو من الحكومة وجهات الغختصاص أن تتمهل فى تنفيذهذا المشروع الكارثى بكل المقاييس العلمية والبحثية حتى تتم دراسة بيئية شاملة ونزيهة وشفافة . وارجو من المحافظ والقيادات السياسية والتنفذية ومنظمات المجتمع المدنى بكل اشكالها أن تتخذ موقفا قوياً للدفاع عن حقوق الإنسان فى حياة معيشية كريمة بعيدة عن الكوارث وغياب الضمير الغنسانى . كما أرجو من وزارة البترول أن تقف فى صف العدالة الإنسانية .
وقفات علمية للتوضيح والأهمية :
*****************************
دعونا ندخل فى نقاش علمى نبدأه بالرياح حيث أن هبوب الرياح الشمالية الغربية معظم أيام السنة وفى كل الفصول سوف تحمل معها مخلفات غازية وتراب كيميائى يسمم جو مدينة ادكو ويعرض السكان لأمراض رئوية سرطانية والتهاب العيون والجهاز التنفسى والعصبى يكون ضحيته بالأكثر الأطفال وكبار السن وبجانب ذلك تلوث مخزون المياه الجوفية بالعوادم الكيميائية المتسربة من المصنع .
إن أهالى ادكو يعتمدون بدرجة كبيرة على المياه الجوفية لمزارعهم ومياه الشرب والطبخ وستتأثر بها النخيل ومحاصيل البلح والعنب والفواكه ...... وبإختصار لقمة عيشهم . أضف الى ذلك خراب اقتصادى لصيادى السمك والثروات البحرية التى يعتمد عليها المواطنين الذين يجاهدون لإطعام أسرهم من قوت يوم إلى التالى . علاوةعلى ذلك إن شواطئ الإسكندرية أصبحت مكتظة بأهاليها والمصيفين وشاطئ ادكو العريض يعطى غدداً طبيعياً كمصدر اقتصادى هائل للأهالى عندما يتحول الى مصيف يدر عليهم خيرا ويرفع من مستوى معيشتهم
والسؤال البديهى :هل هذا الكنز المحتمل ممكناً بوجود مركبات الكبريت التى لها رائحة البيض الفاسد ؟
ولكى يفهم القارئ الغير متخصص موازنة المصنع اقتصاديا من ناحية والمخاطر الممكن حدوثها من ناحية أخرى سأعطى شرحاً وجيزاً لخطوات تحويا الغاز الى حالة السيولة والشوائب المنتجة . يتكون الغاز الطبيعى من الجزيئات الخفيفة للبترول التى توجد فى الحالة الغازية فى درجات الحرارة المعتادة ولكنها تتحول الى سوائل بالتبريد الشديد حينما ينكمش حجمها قدر 600 مرة عن حجمها الغازى . وهنا يسهل نقلها فى خطوط الأنابيب للتخزين والتعبئة فى الناقلات البحرية البردة للتصدير . وأهم غاز فى هذه الصناعة غاز الميثان ولكن الغاز الطبيعى يحتوى أيضاً على البيوتان والبنتان ومركبات صغيرة أخرى ممكن فصلها وتعبئتها فى أنابيب البوتاجاز للإستهلاك المحلى وقبل خطوة التبريد من اللازم التخلص من شوائب بعضها شديد الخطورة مثل معدن الزئبق لتأثيره على الجهاز العصبى وبالتالى الجسم كله .
ويفصل أيضاً غاز ثانى أكسيد الكربون الخانق وهو من أهم الغازات المسببة لإحتباس الحرارى . وغاز كبرتيد الهيدروجين السام ذا الرائحة الكريهة كما ذكرت سالفا . كما أن تربة ساحل ادكو طينية تسمح بتسرب المخلفات الى مستوى المياه الجوفية ومن الواضح أن اى تسرب لهذه الشوائب فى البيئة سواء فى الهواء او التربة اوالمياه الجوفية والسطحية او فى مياه البحر سيسبب تلوثاً خطيراً على الصحة العامة وهنا يجب أن نسأل كيف ستتخلص الشركة من هذه السموم هل ستلقى بها فى مياه البحر أم ستدفن فى الأرض او تطلق فى الهواء ؟ معرفة الإجابة عن هذا السؤال أمر حيوى وهنا أطرح بعض الافكار منها ما يخص الوزارة المسئولة وبعضها لغدارة الشركة وخاصة أود أن أخاطب أهالى ادكو أهيب بهم أنه فى مناخ الحرية والديمقراطية لهم كل الحق فى التعبير عن أرائهم ودفاعهم عن مصالحهم بشرط أن يكون ذلك بطريقة سلمية وبدون أى عنف أو اللجوء للفوضى لأن الإحتجاج السلمى هو الأجدى والاصلح فمثلاً من الوسائل السلمية جمع ىلاف من التوقيعات لمواطنى ادكو تطالب الحكومة بالبحث عن مواقع أخرى بعيدة عن ساحل ادكو لإنشاء المصنع تحقق غرضه الإقتصادى بلا ضرر لهم ومن الوسائل الفعالة أيضاً وضع هذا الهدف فى أعلى درجة من الأهمية وبإدلاء أصواتهم للمرشح الذى يثقون بأنه سيقف بجانبهم وقفة قوية فى المجالس التشريعية هذا هو معنى الحرية ولُب الديمقراطية وأناشد المسئولين عن البترول والصحة العامة ومحافظة البحيرة أن ينفذوا دراسة بيئية يقوددها خلاصة من العلماء المصريين المخلصين بالتعاون مع بيوت الخبرة العالمية ذات السمعة الحسنة . وهذه الشركة لها العديد من الأخطاء وتسببت فى كوارث بيئية فى خليج المكسيك وايرلندا وغيرها . حيث حيث كثرت حوادث الإنفجار وانسكاب النفط سببها الإهمال فى الصيانة وضغط التكاليف وتسريح العمالة بغرض زيادة الربح وحدث فى شهر مارس 2006 واقعة خطيرة حيث حدث شرخ فى أنابيب البترول فى منطقة ثلجية ( بخليج برودوباى ) بولاية ألاسكا سببه اهمال الكشف عن سلامة الأنابيب وغُرِمت شركة البى بى ملايين الدولارات لتلويث الثلوج والمياه . وفى وقت آخر غُرِمت 300 مليون دولار بأمر الكونجرس الأمريكى لتلاعب فى أسعار تكرير البترول بمدينة تكساس . وأشنع كارثة حدثت فى الخليج المكسيكى التى تطل على عدة ولايات من ناحية الجنوب الشرقى للولايات المتحدة الأمريكية فى 20 ابريل 2010 م حدث انفجار هائل وحريق فى منصة حفر بئر فى مياه الخليج العميقة قتل فيها 11 عامل وتسبب فى انهيار وكسر أنابيب الحفر وتدفق كميات هائلة من النفط الخام يوميأً فى مياه الخليج حتى أمكن السيطرة عليه بعد ثلاثة شهور طوال من المحاولات الفاشلة وقد أجبرت الشركة بدفع بلايين الدولارات تعويضاً لمن تعرضوا لهذه الكارثة من صيادين و أصحاب المطاعم والفنادق وغلق الشواطئ السياحية . هذا بالإضافة الى قتل آلاف من الحيوانات وطيور البحر وكساد تجارة المحار والجمبرى ولجأت الشركة لسكب كميات هائلة من الكيماويات لتخبئة النفط العائم لترسيبه الى قاع البحر حيث يقتل حيوانات القاع بعيداً عن الناظرين .
للتنويه :
هذه معلومات مأخوذة من علماء ومصادر عديدة كجريدة نيويورك تايمز – جريدة واشنطن بوست 2010م – وتتبعى الشخصى للأنباء ولن أسهب أكثر من ذلك لأن هذا الحادث ما زال فى ذاكرة العام أجمع فهل نحتاج لدليل أقوى من هذا لمراعاة التروى والحذر ؟ وإبعاد هذه الكارثة عن ساحل ادكو
اللهم بلغت ...... اللهم فاشهد –
Kottb [email protected]
ساحة النقاش