ادكو مدينة لا تعرف البطالة
هو انت إدكاوي كلمة شائعة بين مواطني البحيرة يوصف بها الشخص الحريص طويل البال الشاطر وتنسب الكلمة إلي إدكو أحدي مراكز محافظة البحيرة.
وبتقصي حقيقة الكلمة نجد وبحق أن مركز إدكو المطل علي ساحل البحر الأبيض المتوسط الذي يعد من أصغر مراكز المحافظة تستطيع تمييز سكانه من بين باقي سكان المحافظة من لهجتهم الموحدة في الحديث بتطويل ومد أحرف الكلام إلا أن المركز يعد خلية نحل, الكل يعمل بها, فلا يكتفي الموظف والمهندس وأصحاب المهن والمثقفين من أبنائها بعملهم فقط بل يجب أن يكون بجوار هذا العمل أيا كان مهنة أخري إضافية معظمها مهن حرفية تعددت ما بين صيد الأسماك وأم الخلول وصناعة النسيج إذ وصل عدد المصانع بها إلي أكثر من300 مصنع منها الكبير والصغير والتي تخصصت في صناعة الألياف الصناعية والأقطان والزراعة.
كما أثبت الإدكاوي رغم حداثة مهنة الزراعة بها أنه هو الأشطر في كيفية استغلال كل شبر من الأرض الزراعية والاستفادة منه, واستحدث طرق شتي في زراعة المحاصيل في غير فصل زراعتها وحول محصول الجوافة إلي شجر تثمر مرتين في العام بدلا من مرة واحدة, وذلك باستخدام طرق بسيطة يدوية لتحديد ثمار الشجرة عن طريق تقليمها وقص أجزاء منها بطرق فنية معينة, بالإضافة إلي زراعة النخيل والصناعات اليدوية الكثيرة القائمة عليه, فلم ينظر الإدكاوي إلي محصول البلح فقط والذي أيضا استثمره خير استثمار وباعه بثمن قليل للتجار الذين يضاعفون سعره200% من ثمنه الحقيقي عند العرض للمستهلك.
فقد أقام عدة صناعات من جذوع النخل وأغصانه وصنع منها المقاعد والأثاث ومن أوراقها صنع الأواني والأقفاص التي تستخدم في تعبئة الفواكه ونقلها وحتي الأعشاب والبوص التي تنبت وتنشر في أطراف بحيرة إدكو التي أصابها التلوث يقوم بحشها وقطعها وصناعة الحصر والأسقف المؤقتة وحواجز للرمال يحيط بها المزروعات.
هذا كله بجانب المهنة الأساسية وهي صيد الأسماك من البحر المتوسط وبحيرة إدكو أو المزارع الصغيرة والمنتشرة بالمركز وأيضا صيد أم الخلول وصناعته وبيعه في المحال وأيضا علي المنازل والبيوت في باقي قري المحافظة نظير ثمن يبدأ من ربع جنيه فصاعد و لا تتعجب إذا فوجئت بأن الشخص الذي يبيع أم الخلول ويمر بها علي البيوت يحمل شهادة جامعية قد يكون يعمل في إحدي الوظائف أم لا فلا فرق إذ لابد أن يكون هناك عمل حرفي أو مهني آخر.
هذا بجانب مصانع وفراكات ضرب الأرز التي تقوم بصناعته بطرق أيضا فنية جعلت منه سلعة مصنعة جاهزة للتصدير بعد تصنيعها واستخراج مواد من الأرز تقوم عليه صناعات أخري كأعلاف للأسماك والحيوانات كل هذا ولا فرق بين سكانها إلا بكثرة العمل, فنجد الطفل الصغير,6 سنوات يعمل بجوار الشيخ الكبير الذي تعدي الثمانين عاما هذا يعمل وهذا يعمل حتي صيد الأسماك وإن كانت بطرق بدائية جدا إلا أنها عند المواطن الإدكاوي شكل آخر إذ إنك تشعر عندما تراقب طرق صيدهم بأنه يحايل البحر ويخدعه حتي يحصل من باطنه علي الأسماك دون أن يشعر أو يصيبه غضب البحر وأمواجه العاتية وكلهم يجيدون السياحة ويكفي شاهدا لهم أن الركاب الذين كانوا علي متن العبارة الغارقة السلام98 في البحر الأحمر من مدينة إدكو قد نجوا جميعهم والبالغ عددهم7 أفراد لم يغرق منهم أحد وظلوا يسبحون لساعات طويلة وصلت إلي36 ساعة حتي تم انقاذهم.
كل هذه الأعمال يقوم بها المواطن والمواطنة والطفل والشيخ الإدكاوي في صبر وطول بال, وبهدوء حتي إنهم ليس لديهم وقت للمشكلات والخلافات كله في عمله كأنها خلية نحل منظمة يستيقظون قبل شروق الشمس وينامون بعد غروبها بساعات قليلة فهم فعلا أنشط فئة وأشطرها في سكان محافظة البحيرة.
إلا أن هذا كله لم ينعكس ولو في صورة واحدة علي نظافة مدينة إدكو أو تطويرها.. فالمدينة كلها تحسبها بنايات عشوائية علي تل كبير شوارع ملتوية تكثر بها المطالع العالية والمنخفضات والبيوت القديمة دون أدني تنظيم, حتي عمارتي مجلس المدينة بها تقفان مشاهدا منذ سنوات بميلهما الشديد حتي اقترابا من عناق بعضهما من الأعلي وتم إخلاؤهما منذ سنوات إلا أنهما إلي الآن تقفان شاهدتين علي الإهمال.
فكل هذا النشاط في مواطن إدكو يقابله سلبية شديدة فيما يخص مدينته ومرافقها وخدماتها المتعددة فلا اهتمام بالمرة وكل هذا انعكس علي المسئولين في مدينة إدكو وباتوا غير مهتمين بمرافق وشوارع وأحياء المدينة وحتي البحيرة التي تتلقي شتي أنواع التلوث من صرف صحي وعدم تطهير إذ يصب بها أكبر مشروع تلوث مكشوف وهو الخيري مصرف الصرف الصحي الشاهد علي تلوث الأماكن التي يمر بها من خارج مدينة دمنهور ومرورا بعدة قري ومراكز حتي يصب في بحيرة إدكو وكفي أن تلاحظ أكبر نسبة لانتشار الذباب والباعوض في مدينة إدكو وبشكل لن تراه في أي مدينة أخري, والسؤال هو هل يمكن أن ينعكس مرة واحدة نشاط سكانها ودأبهم الدائم سعيا وراء لقمة العيش علي مدينتهم لتصبح هي الأخري من أجمل وأفضل مدن المحافظة.> البحيرة ـ من أحمد جرامون
ساحة النقاش