نريد الجودة به!!
بقلم
محمود سلامة الهايشة
كاتب وباحث مصري
عطفاً على مقال الدكتورة لميس جابر، المنشور بجريدة الوطن المصرية، يوم الجمعة 17 فبراير 2017، تحت عنوان "رسالة إلى وزير التعليم"، وهي عبارة عن رسائل ونصائح لوزير التربية والتعليم الجديد د.طارق شوقي. وبما أن وزارة التعليم مسئولة عن التعليم قبل الجامعي، فقد وجهت حديثها في الفقرة الأولى عن مخرجات مراحل التعليم الثلاثة "الابتدائي، الإعدادي، والثانوي" وهي بلا شك في غاية السوء، بل وتسببت في انهيار منظومة القيم وعلى رأسها قيمة الولاء والانتماء الوطني لمصر، جغرافياً وتاريخاً، حاضراً ومستقبلاً، وقد ركزت على فقد الهوية بدأ من ضياع اللغة الأم، فبعد أن يبعد الإنسان عن أمه ورعايتها وتربيتها واللجوء إلى أم أو أمهات بديلة فماذا ننتظر من أبناءً في المستقبلين القريب والبعيد؟!
وقد تطرقت للإشكالية المزمنة المعروف بالدروس الخصوصية التي أصبح لها مراكز منتشرة ومنتظمة، وضربة عدة أمثلة لطريقة مواجهة الدولة لبعض لأزمات التي مرت بها خلال العقد الأخير، كأنفلونزا الخنازير وإغلاق الكافيهات، وأضيف وأنفلونزا الطيور، والمنتجات الدنماركية ومسألة المقاطعة لمنتجاتها من الألبان والأنسولين بسبب أزمة الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول الكريم، وطبعا المدرس الخصوصي بالمدرسة الموازية في مراكز الدروس الخصوصية كبديل عن المدرسة غير النظيفة والمكتظة بالطلاب.
ومن الأسئلة التي طرحتها وأجابت عليها: هل هذه المناهج قابلة للفهم وتصحيح الوعى وأداء الغرض التعليمي منها أم هي نصوص جوفاء باردة مغلوطة ومبهمة؟، أن المناهج العقيمة التي تستعصى على الفهم لا تستعصى على الحفظ، وهى مهمة المدرس الخاص أساساً.. وهذا يذكرني بالفيلم العبقري "الثلاثة يشتغلونها" )أي الثلاثة يُخادعونها)، وهو فيلم من بطولة ياسمين عبد العزيز، وهالة فاخر، وصلاح عبد الله. عنوان الفيلم مستوحى من فيلم أُنتج عام 1965 اسمه الثلاثة يحبونها. وقد طرح يوم ٣ يونيو2010، قصة وسيناريو "يوسف معاطي"، إخراج "علي إدريس". تدور قصة الفيلم حول الفتاة البسيطة نجيبة" ياسمين عبد العزيز" المتفوقة بالدراسة والتي تنجح بالثانوية العامة بنسبة 101% وتكون الأولى على الثانوية، ولكنها كانت تحفظ ولا تفهم، فجاء النتيجة تعرضها لثلاثة شباب يخدعونها وتتعرض للإخفاقات والصعوبات، وفي كل مره تتعلم شيء جديداً يضاف لخبراتها، وهي دعوة لتغيير المناهج لاستخدام المستويات العليا من التفكير والابتعاد عن الحفظ والاستظهار، والتطبيق الفعلي لاستراتيجيات حل المشكلات.
وقد قفزت الدكتورة لميس جابر في رسائل لوزير التعليم، من الامتحانات الموحدة إلى نماذج الإجابة النموذجية التي تعد قوالب صماء أمام الطلاب والمصححين، وهي تعد "نماذج لوأد الإبداع وتوقف التفكير"، فأي خروج عن تلك النماذج يعد خطأ يفق الطالب درجات، وبالتالي يضيع المجهود ويصبح في نظر المؤسسة التعليمية وأهله طالب غير متفوق وغير مميز!!، فيما يعرف بقولبة عقول المتعلمين لتخريج ملايين البشر بنفس طريقة التفكير وبذات الأسلوب في حل الأزمات، ثم ننتظر تقدم وتطوير المجتمع!!، فكليات التربية تعلم طلاب المعلمين مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، أما مدارس التربية والتعليم فترسخ لانعدام الفروق الفردية بين المتعلمين!
كما تطرقت في حديثها عن جزء مهم بالعملية التعليمية، ألا وهو المعلم من خريجي كليات التربية، الذي أصبح يحتاج إلى تعليم بدلا أن يكون هو المعلم، فالمعلم يحتاج إلى معلم، وقد أرجعت ذلك إلى ضعف مستوى الملتحقين حاليا بتلك الكليات، وهذا ناتج من تحويل كلية التربية من كلية قمة بإبان ما كان هناك تكليف لتعيين خرجيها، إلى كلية من الكليات غير العادية التي لا يقبل عليها من يحمل درجات عالية بالثانوية العامة، ففي الماضي كان يدخل أفضل ما في النظام ليتخرج ليدخل داخل النظام مرة أخرى، بينما الآن أصبح يدخل النظام أسوأ ما في النظام لا يلتحق مرة أخرى داخل النظام!!
وقد اختتمت مقالها بذكر الامتحان الذي قرره الدكتور "طه حسين" وزير المعارف عام 1951 على كل معلمي مصر، وهو اختبار في "التربية وعلم النفس".
ساحة النقاش