عُشَّاقُ لغَةِ الضـَّـاد، المقال الأول..بقلم الكاتب ماهر عبد الواحد
بدأ الأديب/ ماهر عبدالواحد من اليوم الأربعاء 08 /01/ 2014 كتابة سلسلة مقالات عشاق اللغة، بواقع مقال يوميا وستدور المقالات حول لغتنا الجميلة ومواطن الجمال بها ، وسيكون للبلاغة دور مميز ، لذا أرجو منك يا صديقي العزيز التكرم بالاهتمام بهذه المقالات التي ستزيد من حصيلتك اللغوية والبلاغية والأدبية ، وسنبدأ المقال الأول مع امرىء القيس .
المقال الأول :
يقول امرؤ القيس في معلقته ، معاتبا حبيبته فاطمة :
أفاطمَ مَهْلا بَعْضَ هذا التدللِ وإنْ كنْتِ قدْ أزمَعْتِ صَرْمى فأجْمِلى
أغرَّكِ مِنى أنَّ حُــبَّكِ قاتلى وأنـَّـكِ مَهْما تأمرى القلبَ يَفْعَــلِ
وإنْ تَكُ قدْ ساءَتْكِ مِنى خليقةٌ فَسُلِّى ثيـابى مِـنْ ثيابــكِ تنــسُلِ
وما ذرفتْ عيناكِ إلا لتضربي بسَهْمَيْكِ في أعْشار قلـبٍ مُقــتَّلِ
والآن دعْنا يا صَديقى العزيز ننظر ألى البيت الأول فنجد على رأسه فاطم ، فهى متربعة على عرش قلبه وعلى قمة أبياته .. ا نظر إلى مادة فطم تجد :
فطمَتْ المُرْضِعُ الرضيعَ : فطماً أى قطعت عنه الرَّضاع
انفطمَ : أى انقطع عن الرضاع
الفِطامُ : قطعُ الولد عن الرضاع
الفطيمُ : أى المفطومُ
الفاطمية : الدولة الفاطمية تنتسب إلى السيدة فاطمة الزهراء ، والفواطم خلفاءُ الدولة الفاطمية . وأنت تلاحظ اسم ( فاطمة الزهراء ) حيث ترتبط فاطمة بالزهراء ، أما الزهراء فمن مادة زَهَرَ نجد :
زَهَرَ : زهر الوجه أو السراج أو القمر زَهْرا وزهوراً وزهرة أى تلألأ وأشرق ، زهر النباتُ أى طلع زهرُه .
زَهِرَ : زَهَراً وزهارةً وزهورةً أى حَسُنَ وابيض وصفا فهو أزهر وهى زهراء .
الأزهر : هو كلُّ أبيضٍ صافٍ مُشرق مضىء .
الأزهران : هما الشمسُ والقمر .
الزهراء : لقب السيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول صلى الله عليه وسلم .
ونحن نقول فاطمة وفاطم وفطيمة وفطومة .... .
يطلب منها امرؤ القيس التمهل ، مهلاً أى رفقاً ، والتدلل والدلال والتدليل أن يثق الانسانُ بحبِّ غيره إياه فيؤذيه على قدر ثقته به ، وإن كنت أزمعتى صرمى أى وطنت نفسك على ذلك فأجملى أى أجملى الهجران .
وما ذرَفَتْ عيْناكِ إلا لتضربى ... بسَهْمَيْكِ في أعْشار قلبٍ مُقتَّلِ
ذَرَفَ الدَمْعُ : ذرْفاً وذروفاً وذريفاً أى سالَ .
ذرفت العينُ : أى سالَ دمْعها و أسالته فهو مَذْروف و ذريف .
وقد استعار امرؤ القيس للحظ عينيها ودمعهما اسم السهم لتأثيرهما في القلوب وجرحهما إياها كجرح السهام للأجسام ، والقلب المقتل أي المذلل غاية التذليل وأعشار القلب هي قطعه وأجزاؤه .
مـاهر عبد الواحــــد (نشر بتصرف).
ساحة النقاش