<!--<!--<!--
1- تعريف الموضوع:
مما لا شك فيه أن نظرية الإثبات هي الأساس الذي تقوم عليه قواعد الإجراءات الجنائية منذ لحظة وقوع الجريمة إلى حين صدور الحكم فيها من السلطة القضائية بموجب السلطات الممنوحة لها، والإثبات في المواد الجنائية هو كل ما يؤدي إلى إظهار الحقيقة، ولأجل الحكم على المتهم في المسائل الجنائية يجب ثبوت وقوع الجريمة في ذاتها، وأن المتهم هو المرتكب لها وبعبارة أخرى إقامة الدليل على وقوع الجريمة وعلى نسبتها إلى المتهم، ويمكن القول أن الإثبات في المواد الجنائية هو النتيجة التي تتحقق باستعمال وسائله وطرقه المختلفة للوصول إلى الدليل الذي يستعين به القاضي لاستخلاص حقيقة الوقائع المعروضة عليه لإعمال حكم القانون عليها، والإثبات الجنائي يمر بمراحل ثلاث : الأولى مرحلة الاستدلالات بجمع عناصر التحقيق والدعوى، والثانية هي سلطة التحقيق الابتدائي، فإذا أسفر هذا التحقيق عن أدلة ترجح معها إدانة المتهم قدم إلى المحكمة، والثالثة مرحلة المحاكمة وهي من أهم المراحل لأنها مرحلة اقتناع بثبوت التهمة مبني على اليقين لا الحدس والتخمين ،إما ببراءة المتهم أو إدانته، وهذه المرحلة هي موضوع بحثنا. والإثبات الجنائي قد طرأ عليه تطورات شاسعة بفضل الطفرة العلمية الهائلة في وسائل الإثبات والتي لم تكن معروفة من قبل، فهي طفرة قامت على نظريات وأصول علمية دقيقة واستطاعت أن تزود القاضي الجنائي بأدلة قاطعة وحاسمة تربط أو تنفى العلاقة بين المتهم والجريمة، وأصبح القضاء يعول عليها كأدلة فنية يؤسس عليها الأحكام بالإدانة أو البراءة، والأدلة الجنائية أنواع : منها ما هو دليل قولي كاعتراف المتهم أو شهادة الشهود ، ومنها ما هو دليل عقلي كالقرائن والدلائل ، ومنها الأدلة المادية التي يبقى لها خصوصيتها، وهي أدلة صامتة لا تكذب أو تتجمل ومن هنا جاءت أهمية الأدلة المادية والتعامل معها بالوسائل العلمية الحديثة .
والأدلة العلمية تعتمد على الأصول والحقائق العلمية التي لم تكن معروفة في الأزمنة والعصور السابقة ، وقد بدأت تحتل مركزها المناسب في مجال الإثبات الجنائي وذلك بما تمثله من عناصر القوة وبما تتميز به من أصول الثبات والاستقرار والثقة في مصادرها العلمية .
ومن هنا جاءت أهمية سلطة القاضي الجنائي في تقدير الأدلة العلمية لما لها من أهمية في الإثبات الجنائي الحديث.
وسلطة القاضي في تقدير الأدلة لا تخرج عن إطار أنظمة الإثبات الثلاثة وهي:
نظام الأدلة القانونية، ونظام الإثبات المختلط، ونظام الأدلة المعنوية وهذا الأخير تأخذ به أغلب التشريعات العربية ،وقد أخذ به القانون المصري ،فنصت المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائي على أنه : "يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته "، كما أخذ به القانون اليمني ؛ حيث نصت المادة 367 من قانون الإجراءات الجزائية بقوله "يحكم القاضي في الدعوى بمقتضى العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته من خلال المحاكمات 000 "، كما أخذ به القانون الفرنسي حيث نصت المادة 427 من قانون الإجراءات على أن "تثبت الجرائم جميع طرق الإثبات ،ويحكم القاضي تبعا لاقتناعه الخالص " .
وهناك أسباب عديدة تبرر الأخذ بمبدأ حرية الإثبات الجنائي ؛ منها ظهور الأدلة العلمية الحديثة التي كشف عنها العلم الحديث في إثبات الجريمة ونسبتها إلى المتهم ومثال تلك الأدلة : المستمدة من الطب الشرعي والتحاليل كالأدلة البيولوجية ، والمستمدة من الأجهزة الإلكترونية والحاسبات الآلية كالأدلة المعلوماتية ، وهذه الأدلة لاتقبل بطبيعتها إخضاع القاضي لأي قيود بشأنها، بل ينبغي أن يترك الأمر في تقديرها لمحض سلطة القاضي. وقد تعددت تسميات سلطة القاضي في تقدير الأدلة، فالبعض يطلق عليها مبدأ الاقتناع الذاتي والبعض القناعة الوجدانية للقاضي، والبعض الآخر نظام الأدلة الأدبية وأحياناً النظام الحر للأدلة، ويقصد بكل هذه التعبيرات أن القاضي لا يتقيد بأي قيد أو شرط يفرض عليه ، وإنما هو مقيد بضميره الذاتي البعيد عن الأهواء والأحاسيس الشخصية ، حر في تقدير قيمة الأدلة المقدمة له من قبل الخصوم، ولا دخل لإرادة المشرع في فرض دليل أو تحديد قيمة الدليل، ومع ذلك ليست حرية القاضي في الاقتناع مطلقة، وإنما مقيدة بشروط صحة التسبيب وبضوابط معينة تراقبها جهة الطعن.
ويعرفها بعض الفقهاء بأنها تلك الحالة الذهنية والنفسية أو ذلك المظهر الذي يوضح وصول القاضي باقتناعه، لدرجة اليقين بحقيقة واقعة لم تحدث بصورة عامة.
والسلطة التقديرية للقاضي هي التقدير الحر المسبب لعناصر الإثبات في الدعوى، وهي البديل لنظام الإثبات المقيد حيث يعين المشرع أدلة معينة لا يقضي بالإدانة إلا بناءً عليها.
كما تعددت محاولات تعريف موضوع السلطة التقديرية للقاضي ولكن هذه المحاولات كانت لها نقطة التقاء واحدة، باعتبار هذا المبدأ حالة ذهنية نابعة من ضمير القاضي النقي وتفكيره المنطقي الذي يكشف عن الحقيقة من خلال تقييمه للأدلة المطروحة في الدعوى وبناء الجزم واليقين على ما يقتنع به من الأدلة دون إلزامه بإصدار حكمه بناءً على دليل معين مقتنع به، وما يقتنع به من هذه الأدلة ورفض ما لا يقتنع به دون رقيب على ذلك، فالقاضي يبني يقينه على ضوء ما يمليه عليه ضميره وتفكيره المنطقي دون أدنى تحكم.
و سوف أتناول هذا الموضوع في نقطتين،النقطة الأولى : الأدلة الحديثة وعلاقتها بالخصوصية ، فالأدلة العلمية الحديثة تثير إحدى المشكلات التي تواجهها السياسية الجنائية المعاصرة وهي كيفية تحقيق التوازن بين المصالح المتعارضة وهي مصلحة المجتمع وضمان تطبيق القانون من ناحية وضمان الحريات الفردية من ناحية أخرى ، فكما أن للأدلة العلمية إيجابيات وفوائد كتسهيل مهمة الكشف عن الحقيقة القضائية ، فإنها قد تعصف بحريات الأفراد وحقوقهم إذا لم يحسن استخدامها ،كانتهاك حرمة الحياة الخاصة للأفراد ومعرفة أسرارهم التي يكرهون أن يطلع عليها أحد ، كالأسرار الجينية التي يمكن الحصول عليها من خلال الخريطة الجينية أو الجينوم البشري للإنسان،فما موقف المشرع الجنائي من الأبحاث والتجارب الجينية؟
وسنتناول مدى مشروعية استعمال الأجهزة الإلكترونية في التصنت على المكالمات التليفونية وتسجيل الأحاديث الشخصية للأفراد والتقاط الصور في مكان عام أو خاص ، فهل لأجهزة التصنت والتصوير علاقة بانتهاك الحياة الخاصة للأفراد ؟ وما مدى سلطة القاضي في قبول أو رفض تلك الأدلة التي يمكن الحصول عليها من خلال الأجهزة الإلكترونية؟ كل هذه التساؤلات سوف أجيب عليها في الباب الأول من هذا البحث .
أما في النقطة الثانية : فسوف أتكلم عن تقدير القاضي لبعض الأدلة الحديثة التي قسمتها إلى نوعين ، النوع الأول : الأدلة البيولوجية مثل البصمة الوراثية أو مايسمى بالحامض النووي DNA وبصمة الأصبع وغيرها ، وسنتناول مدى حجيتها في الإثبات الجنائي ومدى سلطة القاضي في تقدير هذه الأدلة في العملية الإثباتية ، والنوع الثاني : الأدلة المعلوماتية التي يمكن الحصول عليها من خلال الحاسبات الآلية وشبكات الإنترنت كالمراقبة والتوقيع الإلكتروني وغسل الأموال، ونتكلم عن الشروط الواجب توافرها عند الأخذ بها كأدلة معلوماتية ، ومدى تقدير القاضي لهذه المخرجات كأدلة إثبات في الدعاوى المنظورة أمامه ، وهذا ما سنتحدث عنه في الباب الثاني .
2- أهمية الموضوع:
يعد موضوع السلطة التقديرية للقاضي الجنائي من الموضوعات المهمة التي لا غنى عنها في القانون الجنائي على وجه الخصوص، فالقاضي الجنائي يسعى لإثبات وقائع مادية ونفسيه، أي ما تخفيه النفس البشرية، بخلاف القاضي المدني الذي يسعى لإثبات تصرفات قانونية، وعليه فلا بد من إطلاق سلطة القاضي الجنائي في الإثبات ؛ للوصول إلى الحقيقة وكشف الجريمة، خصوصاً أن المجرمين لا يرتكبون جرائمهم في العلن، ولا يعلنون مقدما عما ينوون القيام به، مما يعطي أهمية كبيرة لمبدأ السلطة التقديرية للقاضي الجنائي.
إن الدور الذي يقوم به القاضي في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية يتفق مع العقل والمنطق؛ فهو يحقق مصلحتين : مصلحة المجتمع بصفة عامة ،وذلك عندما يشعر الناس بالعدل والمساواة ، ومصلحة المحكوم عليه في التهذيب والإصلاح والحفاظ على حريته الشخصية فمنح القاضي سلطة في الإثبات بهدف الوصول إلى الحقيقة له أهمية كبيرة لمبدأ سلطة القاضي الجنائي في تقدير الأدلة .
وتزداد أهمية الموضوع لجدية وحداثة المسألة التي يتناولها ( مدى قبول الأدلة الناتجة عن التكنولوجيا الحديثة في الإثبات الجنائي) والتي فرضت نفسها على رجال القانون، خاصة الفقه الجنائي والقضاء، حيث يؤكد المختصون من رجال الطب الشرعي على مدى القوة الاثباتيه الدامغة للبصمة الوراثية وغيرها من الأدلة العلمية الحديثة
3- صعوبة البحث:
موضوع سلطة القاضي الجنائي في تقدير الأدلة موضوع سبق البحث فيه، ولكن عن تقدير الأدلة التقليدية فقط، أما الأدلة العلمية الحديثة فهو موضوع جديد لم يسبق البحث فيه ووجود الصعوبة فيه لحداثته وشحت المراجع فيه مما أدى إلى بعض الصعوبات.
4- موقف القانون المقارن :
اهتمت التشريعات بموضوع حرية القاضي الجنائي في تقدير الأدلة وعلى رأس هذه التشريعات التشريع المصري الذي أكد مبدأ حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته بالمادة 302 إجراءات بقوله " يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته " وكذلك المشرع اليمني بالمادة 367 إجراءات بقوله " يحكم القاضي في الدعوى بمقتضى العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته. " وكذلك المشرع الأردني في المادة 147 من قانون أصول المحاكمات الجزائية بقوله "تقام البينة في الجنايات والجنح والمخالفات بجميع طرق الإثبات ويحكم القاضي حسب قناعته الشخصية " وكذلك المادة 273/1 من قانون الإجراءات الفلسطيني الصادر برقم 3 لسنة 2001م بقوله " تحكم المحكمة في الدعوى حسب قناعتها التي تكونت لديها بكامل حريتها ولا يجوز لها أن تبني حكمها على أي دليل لم يطرح أمامها في الجلسة أو تم التوصل إليه بطريق غير مشروع " وكذلك المشرع الليبي في المادة 275 إجراءات الصادر في 28/11/1953م، وكذلك التشريع الجزائري في المادة 150 إجراءات الصادر في 8/6/1966م، وكذلك المشرع الفرنسي في المادة 427إجراءات وكذلك المشرع العراق في المادة 213/1 من قانون المحاكمات الجزائية الصادرة برقم ( 123) لسنة 1971م.
5- منهج البحث:
سنتبع في هذه الدراسة المنهج التحليلي من خلال تحليل النصوص التشريعية في بعض التشريعات، كما ستتبع المنهج المقارن لأهميته في هذه الدراسة باعتبارها مقارنة، وبغية تحقيق النتائج العلمية المرجوة من هذه الدراسة من خلال إبراز أوجه الاختلاف والتشابه بين هذه التشريعات ومن ثم الخلوص إلى نتائج محددة.
6- خطة البحث:
نرى أن سلطة القاضي الجنائي في تقدير الأدلة الحديثة تحتاج إلى تحليل من ناحيتين:
أولاً: عن الأدلة الحديثة وعلاقتها بالخصوصية، ومدى مشروعية هذه الأدلة في انتهاك الحياة الخاصة للأفراد ، ثانيا : نتعرض لتقدير القاضي للأدلة الحديثة كأدلة لإثبات القضايا المنظورة أمام القضاء.
- الخاتمة
بعد توفيق من الله تعالى وتسديده تم جمع معلومات هذا البحث الذي لاشك أنه يعتريه النقص لأنه عمل بشري والنقص فيه وارد مهما بذل الإنسان من جهد ، ولقد حاولت على مدار صفحاته أن أوضح عدة نقاط أثري بها ساحة البحث العلمي وقد احتوى هذا البحث على بابين كمايلي :
الباب الأول : وكان عن الأدلة الحديثة وعلاقتها بالخصوصية ,حيث تطرقنا في الجزئية الأولى منه إلى الحديث عن الاعتداء على الحق في الخصوصية من الناحية الجينية ، وعرفنا مدى مشروعية التجارب على الإنسان وماهي الشروط والضوابط التي يجب توافرها عند إجراء تجارب طبية أو علمية على جسم الإنسان ،وفي الجزئية الثانية تكلمنا عن الاعتداء على الحق فى الخصوصية بالأجهزة الإلكترونية ، وعرفنا مدى مشروعية مراقبة التلفونات والأحاديث الشخصية وموقف التشريعات المقارنة من ذلك، وكذلك مدى مشروعية التصوير سواء في مكان عام أو في مكان خاص.
وفى الباب الثاني : تكلمنا عن تقدير القاضي للأدلة الحديثة ، وتناولنا في الجزئية الأولي منه الأدلة البيولوجية ومدى قطعيتها في الإثبات الجنائي وسلطة القاضي في قبول وتقدير هذه الأدلة ،ومنها البصمة الوراثية وبصمة الصوت وبصمة الأصبع وبصمة قرنية العين ،وفي الجزئية الثانية تناولنا الأدلة المعلوماتية ومدى حجيتها كدليل معلوماتي يأخذ به القاضي لإدانة المتهم أو براءته ، ومنها الحاسبات الآلية وكيفية جمع الأدلة بواسطتها ،وكذلك الإنترنت كوسيلة للحصول على أدلة معلوماتية مثل أدلة جرائم غسل الأموال و التوقيع الإلكتروني ، ثم تكلمت عن حجية الأدلة المعلوماتية في النظم الإثباتية والشروط الواجب توافرها لقبول تلك الأدلة .
وخلال إعدادي لهذا البحث خلصت إلى عدد من النتائج و التوصيات وهي كما يلي:
أولاً: النتائج :
1- إن مسألة حماية حقوق الإنسان ، وخاصة حقه في سلامة البدن في مواجهة التجارب الطبية قد أصبحت تشغل بال الهيئات والمؤتمرات الدولية، باعتبار أن الإنسان هو غاية التنظيم الاجتماعي، ومن ثم وجب توفير الحماية الضرورية لوجوده واستمرار تقدمه في المجتمع.
2- يعد الحق في احترام الحياة الخاصة من أهم حقوق الإنسان في المجتمعات الحديثة، لما له من ارتباط وثيق بحرية الفرد وما يترتب عليها من صون لكرامته واحترام آدميته.
3- التصوير و المراقبة في مكان خاص يعد أمراً محظوراً وغير جائز متى كان ذلك بدون أذن بعكس التصوير في مكان عام .
4- على الرغم مما تحظى به الأدلة العلمية الحديثة من مميزات في الإثبات الجنائي ، إلا أن هناك بعض السلبيات كالاعتداء على خصوصيات الأفراد التي كفلتها الأديان السماوية قبل الدساتير والقوانين الوضعية والتي يلزم مراعاتها وجوباً.
5- أصبح للصورة دوراً هاماً في ميدان الإثبات الجنائي فهي تعمل على تجسيد الوقائع كما هي إذا لم يطرأ عليها أي تحريف أو تبديل قد يغني عن المعاينة.
6- في نظام الأدلة المعنوية يتمتع القاضي الجنائي بسلطة واسعة في تقدير الأدلة العلمية الحديثة، وتلك السلطة تعد احد خصائص نظريات الإثبات الحديث.
إن البصمة الوراثية هي تلك الصفات الوراثية الخاصة بكل إنسان بعينه والتي تحملها الجينات أو الجينوم البشري.
8- البصمة الوراثية أو الحمض النووي D . N . A من الأدلة البيولوجية القاطعة لتحديد هوية الجناة بشرط عدم تعارضها مع الشريعة الإسلامية.
9- البصمة الوراثية في الجمهورية اليمنية لم تستخدم في الوقت الحاضر نظراً لعدم وجود المعامل البيولوجية المتخصصة والخبراء المتخصصون في هذا المجال.
10- المشرع اليمني لم ينص صراحة على القيمة الإثباتية لبصمة الصوت في مجال الإثبات الجنائي إلا أن تسجيل الصوت يعتبر قرينة تساعد القاضي على الاقتناع سواء بالبراءة أو الإدانة.
ثانيا التوصيات:
1- توصل الباحث إلى أن هناك حاجة ملحة إلى إصدار تشريع خاص يكفل حماية الحق في الخصوصية الجينية، ويحدد ضوابط إباحة المساس المشروع بهذا الحق ، ويجرم الأفعال التي تنال منه.
2- إذا كانت الوسائل العلمية تفيد في الكشف عن الجريمة وإقامة الدليل على الجاني ، فإنها قد تعصف بحقوق الأفراد وحرياتهم إذا لم يحسن استخدامها،ولذلك فإنه يشترط لقبول الأدلة العلمية توافر شرطين:
أن تصل قيمة الدليل إلى درجة القطع من الناحية العلمية البحتة.
ألا يكون في الأخذ بهذا الدليل العلمي مساس بحقوق الأفراد وحرياتهم إلا بالقدر المسموح به قانوناً.
3- من أجل ضمان حقوق الأفراد الذين تجري عليهم التجارب الطبية ،لابد من تشكيل لجان خاصة تقوم بمراجعة مشاريع البحوث بصورة محايدة ومستقلة ومن ثم توضيح الحالة القانونية لهذه الجان المناط بها مهمة المراجعة على أن تكون هذه اللجان مشكلة من اختصاصيين من غير الأشخاص الذين يقومون بالتجربة الطبية من أجل تحديد الفائدة التي من أجلها أجريت التجربة ؛ لأن شرط الفائدة أمر ضروري لابد من تحقيقه في التجارب الطبية.
4- عدم مشروعية مراقبة المكالمات التلفونية والأحاديث الشخصية لما تمثله من انتهاك لحقوق الأفراد في حياتهم الخاصة إلا وفق شروط وضوابط قضائية معينة يحددها القانون.
5- لضمان الحصول على نتائج صحيحة نوصي أن يجري تحليل الحامض النووي DNA في معامل معترف بها ومستوفية للشروط المتطلبة قانوناً، كما يجب اتباع القواعد العلمية في أخذ العينة أو رفعها وحفظها وتحليلها، ويجب أن يكون أخذ العينة من المتهم في الحدود وبالإجراءات المسموح بها قانوناً.
6- عمل أرشيف علمي للمحكوم عليهم الذين صدرت ضدهم أحكام باتة بعقوبات جنائية، وخاصة في جرائم الاغتصاب وهتك العرض والقتل، تثبت فيه بصمة الحامض النووي المميز لكل منهم، مع ربط هذا الأرشيف بمشروع الرقم القومي ومشروع الحاسب الآلي للبصمات المعمول به حالياً في مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية في كل البلدان.
7- يناشد الباحث المشرعين في الدول العربية لاستصدار قوانين تلزم تسجيل البصمة الوراثية لكل مولود عند استخراج شهادة ميلاد وعند إجراء تطعيم طبي حتى يسهل الرجوع إليها عند الحاجة .
8- هناك فراغ تشريعي في مجال البصمة الوراثية أو ما يسمى بالحامض النووي D . N .A بالنسبة للتشريع اليمني ولذلك يجب أن يتدخل المشرع في استصدار قانون ينظم العمل بالبصمة الوراثية .
9- نناشد الجهات المتخصصة في الجمهورية اليمنية في إيجاد أحدث معامل بيولوجية لتحليل البصمة الوراثية D . N . A وكذلك خبراء متخصصين في هذا المجال .
10- كذلك هناك فراغ تشريعي في مجال العمل ببصمة الصوت بالنسبة للتشريع في الجمهورية اليمنية ولذا فيجب أن يتدخل المشرع في استصدار قانون ينظم العمل ببصمة الصوت .
11- يناشد الباحث المشرع اليمني بصفة خاصة بإصدار قانون ينظم حماية الأموال المعلوماتية، باعتبار أن النصوص الحالية غير ملائمة للتطبيق في ظل التطور المتلاحق لأساليب الجريمة في العصر الحديث .
13 - نقترح على الجهات المختصة ممثلة بالسلطة القضائية في بلدي الجمهورية اليمنية إيجاد قضاء متخصص مدرب للنظر في الجرائم المعلوماتية ومن بينها الجرائم المتعلقة بالإنترنت، وذلك لصعوبة كشف هذه الجرائم وإثباتها والتحقيق فيها كونها تحتاج إلى معطيات خاصة قد لا تتوافر في القضاء العادي.
14- يوصي الباحث المشرع في الدول العربية بضرورة بذل مزيد من التعاون بين الأجهزة المعنية لتبادل الخبرات في المجال المعلوماتي والمجال البيولوجي وتكثيف الزيارات الميدانية المتبادلة والندوات الدولية المتعلقة بأدلة الإثبات الحديثة بغية تحقيق الأهداف المنشودة لتحقيق قضاء عادل.
15- كما يوصي الباحث قيام الجهات ذات العلاقة بعقد دورات تدريبية محلية ودولية لمأموري الضبط القضائي وأعضاء النيابة العامة والقضاة على كيفية التعامل مع الأجهزة الحديثة لاستخلاص الدليل في الوقائع المراد إثباتها
ساحة النقاش