في الجلسة الأولى لقضية مقتل سوزان تميم: حشد من المحامين وزوجان للقتيلة ومتهمان
القاضي يؤجل نظر القضية إلى الشهر المقبل > الادعاء يقدم للمحكمة 24 دليلا تشمل مطواة واسطوانة مكالمات هاتفية بين السكري ومصطفى
حشود من المواطنين ورجال الاعلام ورجال الامن أمام مبنى المحكمة (أ.ف.ب)القاضي يستمع الى أحد المحامين (أ.ف.ب)القاضي محمدي قنصوة يفض أحراز القضية (أ.ف.ب)هشام طلعت مصطفى في قفص الاتهام (رويترز)المتهم الاول محسن السكري يتابع وقائع المحاكمة (أ.ب)
القاهرة: عبد الستار حتيتةفي زنزانة متحركة على ظهر شاحنة نصف نقل زرقاء اللون، وبملابس الحبس الاحتياطي البيضاء، ووسط حشد من رجال أمن وإعلام وفضوليين، دخل المتهمان بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، الضابط المصري السابق محسن السكري، 39 عاما، ورجل الأعمال عضو مجلس الشورى المصري، هشام طلعت مصطفى، 49 عاما، من شارع جانبي، واستقرا، حيث كانت الساعة السابعة والنصف صباحا، في قفص الاتهام بمحكمة جنايات القاهرة أمس. وبعد أن بدأت جلستها في الساعة التاسعة صباحا، وبعد أن استمعت إلى محامين عن زوجين قالا إنهما زوجا سوزان تميم، ومحامين عن كل من «السكري» و«مصطفى»، ومحامين دخلوا في القضية ضد المتهمَين الاثنين، لمجرد أنهم محامون، بعد كل تلك المداولات والمداخلات التي استمرت نحو 3 ساعات، قررت المحكمة تأجيل نظر القضية، إلى منتصف الشهر المقبل، بناء على طلبات المحامين، وهي الحاجة لمزيد من الوقت لتصوير أوراق القضية والاطلاع على المستندات واستدعاء باقي الشهود. وسمحت المحكمة لمحاميي الدفاع بالاطلاع على أوراق القضية واستخراج صور منها، مع استمرار حبس المتهمَين «السكري» و«مصطفى» على ذمة قضية مقتل تميم التي وقعت في شقتها بدبي نهاية يوليو (تموز) الماضي.
وبدأت جلسة المحكمة أمس بتلاوة المستشار مصطفى سليمان المحامى العام لنيابة استئناف القاهرة قرار الاتهام في القضية. وقالت النيابة إن المتهم الأول محسن السكري ارتكب جناية خارج القطر، وقتل المجني عليها سوزان تميم مع سبق الإصرار والترصد. وأضافت أن «السكري» بيَّت النية وعقد العزم على قتلها. وأنه قام بمراقبة حركاتها بالعاصمة البريطانية لندن. وقالت النيابة إن السكري تتبع سوزان تميم إلى دبي، واشترى سكيناً وتوجَّه إلى مسكنها، وطرق بابها. وأوضحت أن المتهم الأول زعم لـ«تميم» قبل أن تفتح له الباب أنه مندوب عن الشركة مالكة العقار الذي تقيم فيه. وأنه أوهمها بأنه جاء لتسليمها هدية وخطاب شكر من الشركة. وقالت النيابة في اتهاماتها لـ«السكري» إنه حين فتحت سوزان تميم له الباب، ضربها بالسكين وشل مقاومتها. وأنه قام بذبحها قاطعاً الأوعية الدموية الرئيسية والقصبة الهوائية والمريء. وأوضحت النيابة أن هذا الاعتداء أودى بحياة «تميم».
وحين سأل القاضي محسن السكري عن قوله في ما هو منسوب إليه من النيابة العامة، قال إن هذا لم يحدث، وأنه لم يقتل سوزان تميم، وأضاف: «أنا بريء من دمها».
كما وجَّهت النيابة المصرية للمتهم الثاني هشام طلعت مصطفى اتهامات في قضية قتل «تميم»، وقالت في جلسة أمس إن «مصطفى» اشترك، عن طريق تحريض المتهم الأول (السكري) والاتفاق معه ومساعدته لقتل المجني عليها انتقاماً منها.
وأضافت النيابة أن المتهم الثاني اتفق مع «السكري» على قتل «تميم»، وأنه استأجره لهذا الغرض مقابل مليوني دولار. وقالت إن «مصطفى» أمد «السكري» ببيانات خاصة بسوزان تميم، وسهل له تنقلاته للحصول على تأشيرات دخوله لندن والإمارات. وأضافت النيابة قائلة إن هذه المساعدة (من المتهم الثاني للمتهم الأول) أدت لإتمام الجريمة.
ورداً على سؤال القاضي فيما هو منسوب إليه من تهم، أجاب هشام طلعت مصطفى بأنه لا علاقة له بمقتل المطربة اللبنانية، وأضاف في جلسة أمس: «قدمت كل الدلائل على براءتي، وحسبي الله ونعم الوكيل». وفضَّت المحكمة أحراز القضية وعددها 24 حرزا منها مطواة بها خمسة أسلحة، واسطوانة مدمجة «سي دي» مسجل عليها مكالمات قالت النيابة المصرية إنها دارت بين «السكري» و«مصطفى»، ومنها أيضاً تقرير فني من دبي حول البصمة الوراثية الخاصة بسوزان تميم. كما ضمت الأحراز هواتف جوالة خاصة بالمتهمَين ومراسلات قالت النيابة المصرية إنها دارت بينهما على الهاتف. وشملت الأحراز كذلك بنطلونين وتي شيرت ومفكرة وجهاز كمبيوتر محمول «لاب توب» وشريط يعرض شخصا يعتقد أنه «السكري» يتجول داخل العقار الذي تقطن به سوزان تميم بدبي.
وأثبتت المحكمة حضور عدد كبير من المحامين والمدعين بالحقوق المدنية في القضية. كما أثبتت طلباتهم وهي الادعاء بالحق المدني من كل من والد سوزان تميم، عبد الستار تميم، وشقيقها، خليل تميم. وأثبتت المحكمة كذلكأثبتت حضور دفاع محامين عن اللبناني عادل معتوق، قالوا إنه هو زوج سوزان تميم، ومحامين عن الملاكم البريطاني العراقي الاصل رياض العزاوي قالوا إنه زوج سوزان تميم أيضاً، وطالب هؤلاء المحامون بصفتهم كمدعين بالحق المدني بـ 5001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت، في القضية المنظورة، وهو ما يخول لهم، في حالة موافقة المحكمة على قبول الطلبات والحكم لصالحهم، المطالبة بتعويض مالي كبير. وقدّم دفاع «معتوق» ما قال إنها أوراق تفيد أنه زوجها، وأنه لم يطلقها، وأنه بناء على هذه الأوراق لا يحق لها الزواج بآخر. كما قدم دفاع «العزاوي» ما قال إنها وثيقة زواج تفيد زواجه منها أيضا قائلا إنه لم يطلقها.
ومن المحامين الذين حضروا جلسة أمس مدعين بالحق المدني عن «معتوق»، إلى جانب محاميه المصري طلعت السادات، كل من المحامي البريطاني ديفيد مارتين أسيري، والمحامي الإماراتي محمد علي سليمان، والمحامى اللبناني روجيه خوري. وطلبت المحكمة من المحامين الأجانب الحصول من السلطات المصرية على شهادات بحقهم في الحضور.
وطلب طلعت السادات من المحكمة في جلسة أمس السماح له باستخراج صورة رسمية من دعوى قال إن هشام طلعت مصطفى سبق وأقامها ضد سوزان تميم، لخلافات مالية بينهما، وكذلك ضم محضر قال إن الشرطة المصرية حررته من قبل ويتضمن ما زعم أنه يخص عملية القبض على والد سوزان تميم، وبحوزته ما قيل انه مخدر الكوكايين. كما طلب ضم محضر شرطة آخر قال إنه يخص إلقاء امرأة من أحد طوابق فندق «الفورسيزونز» المملوك لهشام طلعت مصطفى بمصر.
وطلب السادات من المحكمة كذلك استخراج خطاب من الضرائب العقارية بأسماء ملاك وحدات سكنية بعمارتي «الفورسيزونز» بالقاهرة والإسكندرية، والسماح له باستخراج صورة رسمية لما قال إنه عقد تمليك سوزان تميم لشقة بـ«الفورسيزونز» بالقاهرة، وشقة أخرى بمشروع «مدينتي» السكني شمال العاصمة المصرية. وطلب أيضاً استخراج شهادة من وزارة الإسكان المصرية عن مساحة الأرض الخاصة بمشروع «مدينتي» الذي يقع شمال القاهرة، وسعر المتر في المشروع، وما تم سداده من قيمته.
كما طلب «السادات» استخراج شهادة عن حجم أموال سوزان تميم بالقاهرة والتي قال إن هشام طلعت مصطفى حولها إليها، وكذلك شهادة بحسابات أموال هشام طلعت مصطفى ببنوك سويسرا.
وخلال جلسة أمس أبدى فريد الديب محامي هشام طلعت مصطفى، دهشته لما أثير في أولى جلسات المحاكمة، من وجود كلام عن أن لسوزان تميم زوجين في آن واحد. وطلب الديب من محكمة جنايات القاهرة إحالة هذه الدعاوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة. كما طلب أيضا من المحكمة الاستماع إلى أقوال شهود الإثبات في القضية لمناقشتهم، وفى مقدمتهم الضباط الذين قاموا بعملية ضبط المتهمين في القضية.
ومن جانبه تقدم حافظ فرهود المحامي عن هشام طلعت مصطفى أيضاً، بعدة طلبات من المحكمة في أولى جلساتها أمس، وكان على رأس تلك الطلبات إخلاء سبيل موكله (مصطفى) بأي ضمانات، قائلاً إن هناك ضرورة ملحة من أجل الحفاظ على الكيان الاقتصادي لـ11 شركة تابعة لإشراف وملكية هشام طلعت مصطفى. وأضاف «فرهود» موجها حديثه للقاضي، إن شركات «مصطفى» لها علاقات أجنبية وعربية ولها تعاملات مع مصارف وبنوك داخل البلاد وخارجها، وأنه (مصطفى) مسؤول عن 60 ألف عامل يعملون في شركاته، التي قال إن كل هذه أمور يمكن أن تعاني من مخاطر من جراء استمرار حبسه على ذمة القضية. وقال «فرهود» أيضاً إن هناك أشخاصا (لم يسمهم) لهم مصلحة في النيل من الكيان الاقتصادي الكبير لشركات «مصطفى»، وأن لهم مصلحة في الإساءة إليه، ومصلحة في «الشوشرة» على نجاحاته.
وخلال جلسة أمس كذلك قدم خمسة محامين مصريين بينهم نبيه الوحش المحامي، طلبات بالتدخل بصفاتهم الشخصية بالادعاء بالحق المدني ضد المتهمين «السكري» و«مصطفى»، إذ طلب كل منهم تعويضا مؤقتا قدره 5001 جنيه.. فيما طلب «الوحش» تعويضا ماديا قدره مليارا جنيه قال إنه يريد توجيه هذا المبلغ في حال الحكم لصالحه للإنفاق على أهالي العشوائيات (وهي مناطق سكنية كثيرة غير مخططة بالعديد من المدن المصرية).
ويقع مبنى المحكمة في منطقة «باب الخلق» ويطل على شارع بورسعيد التجاري والحيوي بوسط العاصمة المصرية. وبينما كانت «قاعة السادات» التي جرت فيها أولى جلسات المحاكمة أمس تغص بالعشرات من المحامين والشهود ورجال الأمن والإعلام، تبادل المئات من ركاب حافلات وسيارات أجرة ومارة، التعليقات العابرة مع المنتظرين أمام مبنى المحكمة، حول ملابسات الجريمة ومن يمكن أن يُدان فيها ومن يمكن أن يخرج منها براءة «مثل الشعرة من العجين». وأخذت امرأة مسنة تدعى فوزية أحمد جاد الكريم، تصيح أمام مبنى المحكمة وسط الجمهور وكردونات الأمن، قائلة إنها جاءت من عزبة منسي بالإسكندرية، من الدائرة الانتخابية التي كان يمثلها هشام طلعت مصطفى بمجلس الشورى، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «هو (مصطفى) كان يزكي من ماله على أسرتي في عزبة منسي، وسدد لي نفقات عملية جراحية في بطني، ولازم يطلع براءة»، لكن عددا من الموظفين الذين كانوا في طريقهم إلى عملهم نهروها قائلين: يا ست روحي لحالك وسيبي القضاء يأخذ مجراه.
* القاضي محمدي قنصوة.. الحكم الفصل في قضايا الرأي العام بمصر
* القاهرة: وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»
* للقاضي المصري محمدي قنصوm رئيس الدائرة الثالثة بمحكمة جنايات جنوب القاهرة، التي تنظر قضية مقتل المطربة سوزان تميم، تاريخ عريق في نظر قضايا الرأي العام بمصر، وهذا جانب من أهم القضايا التي أصدر فيها أحكاما، أو أحيلت إلى دائرته، بعد سنوات من التداول:
> في 16 مارس (آذار) 2008 ارتبط اسم القاضي قنصوm بمحاكمة المتهمين في قضية قيادات بوزارة الزراعة المصرية والمعروفة إعلاميا باسم قضية «المبيدات المسرطنة»، والتي أحيلت إليه بعد سنوات من الجدل القانوني والقضائي والسياسي والإعلامي في مصر. وسبق الحكم في هذه القضية على مسؤولين بالوزارة بأحكام مشددة من 5 إلى 10 سنوات وعزلهم من وظائفهم. وسيفصل القاضي قنصوm في الطعن المقدم من المحكوم عليهم في جلسة 20 الشهر القادم.
> في 20 يناير (كانون الثاني) 2008 رفضت محكمة جنايات القاهرة برئاسة القاضي قنصوm الاستشكال المقدم من كل من زعيم تنظيم الجهاد الأسبق عبود الزمر، وطارق الزمر، ضد قرار استمرار حبسهما في قضية اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات، والمعروفة باسم «قضية الجهاد الكبرى»، رغم انتهاء مدة عقوبتيهما في تلك القضية. وقالت المحكمة حينذاك إن الاستشكال المقدم من «الزمر» جاء بغير الطريق الذي رسمه القانون.
> في 20 أغسطس (آب) 2007 ارتبط اسم القاضي «قنصوm» بالمحاكمات في قضية تفجيرات منطقة الأزهر وميداني عبد المنعم رياض والسيدة عائشة بالقاهرة، والتي وقعت في النصف الأول من 2005. وحكمت المحكمة في تلك القضية، برئاسة القاضي «قنصوm»، على أربعة متهمين بالسجن المؤبد، واثنان بالسجن عشر سنوات، ومتهم واحد بالسجن المشدد ثلاث سنوات، واثنان بالسجن لعام واحد، فيما قضت ببراءة أربعة متهمين آخرين.
> في 23 فبراير (شباط) 2006 تولى القاضي قنصوm النظر في الدعوى التي أقامها وزير بالحكومة ضد 3 صحافيين مصريين بصحيفة خاصة لنشرهم تقريرا في عام 2004 يتهمونه فيه بالفساد واستغلال منصبه. وأصدرت المحكمة برئاسة «قنصوm» حكما بتأييد حبس صحافي من الثلاثة، وبراءة زميليه، وإلزامهم جميعاً بدفع 10 آلاف جنيه كتعويض مؤقت، قبل أن يتنازل الوزير بعد ذلك عن الدعوى القضائية.
ساحة النقاش