موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

الأحكام القضائية للإدارية العليا في استقالة وإنهاء خدمة موظف llllllllllllllllll

edit

القانون رقم 210 لسنة 1951 - انتهاء خدمة الموظف بسبب الحكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف - المركز القانوني لهذا الموظف لا يتغير تلقائياً بمجرد صدور حكم من هذا القبيل - لا بد من تدخل الإدارة، بحسب تقديرها لقيام ظرف الإخلال بالشرف.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 745

(99)
جلسة 31 من مايو سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد طاهر عبد الحميد وأحمد علي البحراوي وعلي لبيب حسن - المستشارين.

القضية رقم 811 لسنة 12 القضائية [(1)]

( أ ) - موظف "انتهاء خدمة". أسبابها - حكم في جريمة مخلة بالشرف.
القانون رقم 210 لسنة 1951 - انتهاء خدمة الموظف بسبب الحكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف - المركز القانوني لهذا الموظف لا يتغير تلقائياً بمجرد صدور حكم من هذا القبيل - لا بد من تدخل الإدارة، بحسب تقديرها لقيام ظرف الإخلال بالشرف، بعمل إيجابي تنزل به حكم القانون على وضعه الفردي متى قدرت توفر شروط انطباقه في حقه - سلطة الإدارة التقديرية في تكييف طبيعة الجريمة الصادر فيها الحكم ومدى العقوبة المقضي بها وأثرها.
(ب) - موظف - "انتهاء خدمة" أسبابها. الحكم عليه في جريمة إصدار شيك بدون رصيد.
المركز القانوني القائم على إنهاء خدمة الموظف بسبب الحكم عليه في جريمة إصدار شيك بدون رصيد، إذا ما اعتبرت جريمة مخلة بالشرف، يلزم لنشوئه صدور قرار إداري بمعناه الصحيح المتعارف عليه بقصد إنشاء هذا المركز القانوني - لا يسوغ للمحكمة التأديبية أن تستنبط افتراض وجود مثل هذا القرار - مثال.
(جـ) - موظف "انتهاء خدمة - فصل".
حق الإدارة في عزل الموظف إدارياً، متى قام موجبه، دون إحالته إلى المحاكمة التأديبية لا يعني أن هذا الحق منوط بهذه الجهة وحدها - يجوز لها إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية إذا ما رأت وجهاً لذلك - لا وجه للتحدي بوجوب صدور قرار إنهاء الخدمة من الجهة الإدارية ومن المحكمة التأديبية. أساس ذلك.
(د) - موظف "مسئولية تأديبية".
ترك الموظف للخدمة لا يترتب عليه الإفلات من المساءلة التأديبية عما يكون قد ارتكبه أثناء قيام الرابطة الوظيفية.
1 - لئن كان البادي من استظهار نص الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة السابق الإشارة إليه أنه قد أورد في مجال أعماله حكماً تنظيمياً عاماً مفاده إنهاء رابطة التوظف بسبب الحكم على الموظف في جناية أو جريمة مخلة بالشرف إلا أن المركز القانوني لهذا الموظف لا يتغير تلقائياً بمجرد صدور حكم من هذا القبيل وإنما تتدخل الإدارة - بحسب تقديرها لقيام الإخلال بالشرف - بعمل إيجابي تنزل به حكم القانون على وضعه الفردي متى قدرت توفر شروط انطباقه في حقه، وهي في سبيل ذلك إنما تتدخل بسلطتها التقديرية في تكييف طبيعة الجريمة الصادر فيها الحكم ومدى العقوبة المقضي بها وأثرها.
2 - إن المركز القانوني القائم على إنهاء خدمة الطاعنة بسبب الحكم عليها في جرائم إصدار شيكات بدون رصيد، إذا ما اعتبرت جرائم مخلة بالشرف يلزم لنشوئه صدور إفصاح ممن يملكه بقصد إنشاء هذا المركز القانوني المعين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً، أي صدور قرار إداري بمعناه الصحيح المتعارف عليه وهو الأمر غير المتحقق حتى الآن بغير جدال في شأن الطاعنة، فإنه لا يسوغ للمحكمة التأديبية أن تستنبط افتراض وجود مثل هذا القرار أو أن تعتبر خدمة المذكورة منتهية تلقائياً بمجرد صدور الأحكام النهائية الموجبة لذلك، وإنما كان يتعين عليها وقد استبان لها أن الطاعنة قد أدينت في جرائم اعتبرت مخلة بالشرف وتحقق بذلك مناط تطبيق حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 سالفة الذكر أن تقرر إنزال حكم القانون بإنهاء الرابطة الوظيفية بوصف أن ذلك هو الجزاء الحتمي لقاء ما اقترفته الطاعنة وأدينت بسببه، دون أن - يحتج على المحكمة بأنها لا تملك توقيع مثل هذا الجزاء بمقولة أن العزل في هذه الحالة حق مقصور على الجهة الإدارية وحدها.
3 - ولئن كان مفاد الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة المشار إليه أن المشرع قد خول الجهة الإدارية الحق في عزل الموظف إدارياً متى قام موجبه دون إحالته إلى المحاكمة التأديبية، إلا أنه ليس معنى ذلك أن هذا الحق منوط بالجهة الإدارية وحدها بل إن لها كذلك إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية، إذا ما رأت وجهاً لذلك، وفي هذا مصلحة محققة للموظف، إذ ليس من شك في أن محاكمة الموظف تأديبياً ضمان أوفى له من مجرد عزله بقرار إداري، ومن ثم فإن تمسك الطاعنة بوجوب صدور قرار بإنهاء خدمتها من الجهة الإدارية دون المحكمة التأديبية يكون قائماً على حجة داحضة ويتعين اطراحه.
4 - إن واقعة ترك الخدمة لأي سبب كان لا يترتب عليها إفلات الموظف من المساءلة التأديبية عما يكون قد ارتكبه في أثناء قيام الرابطة الوظيفية، وإنما يكون من حق الجهة الإدارية تتبعه ومجازاته عما جناه في حقها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 21 من فبراير سنة 1966 فإن ميعاد الطعن فيه ينتهي يوم 22 من إبريل سنة 1966، إلا أنه لما كان هذا اليوم قد صادف عطلة رسمية - يوم الجمعة - وكان اليوم التالي عطلة رسمية أيضاً بمناسبة رأس السنة الهجرية، فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل بعدهما، وفقاً لحكم المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية النافذ وقتذاك، وإذ أودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، في اليوم التالي لنهاية العطلة الرسمية وهو يوم 24 من إبريل سنة 1966، فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد المقرر قانوناً، ويكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن النيابة الإدارية أودعت في 7 من مارس سنة 1963 قلم كتاب المحكمة التأديبية لموظفي وزارة التربية والتعليم أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت بسجل المحكمة المذكورة تحت رقم 40 لسنة 5 القضائية وأرفقت بها تقرير اتهام ضد السيدة/ كريمة محمد فؤاد سالم المدرسة بالمدرسة الإنجيلية الابتدائية بالدرجة السادسة متضمناً اتهامها بأنها في غضون المدة من عام 1958 حتى عام 1962 بمحافظة القاهرة وبوصفها مدرسة تابعة لمنطقة شرق القاهرة التعليمية، خالفت ما يجب أن يكون عليه الموظف العام بصفة عامة، ومربي النشء بصفة خاصة من حسن السير والسلوك، وذلك بأن قامت بإصدار شيكات بدون رصيد واعتادت ذلك على نحو يخالف مقتضى حسن النية فضلاً عن قيامها بتبديد أشياء محجوز عليها ومسلمة إليها كحارسة، الأمر الذي ترتب عليه صدور أحكام جنائية نهائية متعددة عليها، فأهدرت بذلك كرامة الوظيفة العامة وضربت أسوأ مثل لما يمكن أن يكون عليه شاغل هذه الوظيفة، وبذلك تكون المتهمة قد ارتكبت المخالفات الإدارية المنصوص عليها في المادتين 6 فقرة 2، 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة. وطلبت النيابة الإدارية محاكمتها طبقاً للمادتين المذكورتين والمادتين 14، 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958. وبسطت النيابة الإدارية الوقائع في مذكرتها المرفقة بتقرير الاتهام وهي تتحصل في أن شكوى قدمت ضد السيدة المذكورة تضمنت طعناً في أخلاقها وسلوكها وأن عدداً من الأحكام الجنائية صدرت بإدانتها في جرائم نصب واحتيال وأنها كثيراً ما تتغيب عن عملها في إجازات مرضية وعرضية. وقد قام قسم الرقابة الإدارية بفحص الشكوى وملف الخدمة فتبين له أنها تزوجت مرتين ولم تثبت ضدها واقعة المعاشرة غير الشرعية التي نسبتها إليها الشكوى كما اتضح له أنها تعاني من اضطراب نفسي مصحوب بأرق وأنها منحت بسبب ذلك إجازة قدرها 140 يوماً في السنة الدراسية 1959/ 1960 من مجموع أيام هذه السنة وقدرها 160 يوماً كما منحت 43 يوماً إجازة مرضية منذ عملها بالمدرسة الإنجيلية اعتباراً من 18 من أكتوبر سنة 1961. وقد ثبت أن السيدة المذكورة اتهمت في قضيتين الأولى برقم 79 جنح الدرب الأحمر لسنة 1962 بتهمة إصدار شيك بدون رصيد، والثانية برقم 2383 جنح الخليفة لسنة 1961 بتهمة تبديد أشياء محجوز عليها. وقد استعرضت مذكرة النيابة الإدارية الأحكام الجنائية النهائية الصادرة بإدانة السيدة المذكورة على النحو المفصل بها، وخلصت إلى أنها تتعلق بإصدار المتهمة عدداً من الشيكات بسوء نية دون أن يكون لها رصيد قائم وقابل للسحب وتبديدها المنقولات المحجوز عليها قضائياً والمسلمة لها على سبيل الوديعة بصفتها حارسة عليها. وطلبت النيابة الإدارية فصل المتهمة من الخدمة لفقدها شرط حسن السمعة، وهو من شروط الصلاحية للبقاء في الوظيفة العامة والاستمرار فيها. وفي مذكرة لاحقة قررت النيابة الإدارية أنه لا مجال لتطبيق المادة 107 فقرة 8 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على حالة السيدة المذكورة وإنهاء خدمتها لأن الأحكام تضاربت في شأن ما إذا كانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف أم لا تعتبر كذلك. وبجلسة 21 من فبراير سنة 1966 قضت المحكمة التأديبية "بحرمان المتهمة السيدة/ كريمة محمد فؤاد سالم من المعاش لمدة ثلاثة أشهر" وأقامت قضاءها على أن المتهمة قد صدرت ضدها أحكام كثيرة في جرائم متعددة متعلقة بإصدار شيكات بدون رصيد بعضها نافذ المفعول وبعضها مشمول بوقف التنفيذ، وأن ما ارتكبته المتهمة من مخالفات بتكرارها ارتكاب جرائم إصدار الشيكات بدون رصيد يدل على أنها استمرأت الجريمة وقطعت فيها شوطاً كبيراً مما يفقد الأمل في تقويم إعوجاجها، كما ينم عن سلوك معيب لا يتفق مع ما يجب أن تكون عليه المدرسات. ولما كانت جريمة إصدار شيك بدون رصيد هي من الجرائم المخلة بالشرف فإن خدمة المتهمة تنتهي بقوة القانون اعتباراً من 30 من ديسمبر سنة 1959 تاريخ الحكم عليها نهائياً في القضية رقم 4227 لسنة 1959 جنح عابدين، وذلك تنفيذاً لما تقضي به الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة من انتهاء رابطة التوظف كأثر حتمي لصدور حكم على الموظف في جناية أو جريمة مخلة بالشرف، ومن ثم فإن فصل المتهمة من الخدمة هو في حقيقته إجراء منفذ لمقتضى حكم القانون بما لا معدي معه عن إنزال هذا الأثر القانوني على حالة المتهمة والحكم عليها تبعاً لذلك بإحدى العقوبات المقررة لمن ترك الخدمة وهي الواردة في المادة 67 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة.
ومن حيث إن طعن رئيس هيئة مفوضي الدولة المقدم منه وجوباً بناءً على طلب السيدة/ كريمة محمد فؤاد سالم بالتطبيق لحكم المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 في شأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية يقوم على أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر خدمة الطاعنة منتهية بقوة القانون اعتباراً من 30 من ديسمبر سنة 1959 تاريخ الحكم عليها في أول جريمة إصدار شيك بدون رصيد قد خالف القانون ذلك أن فصل الموظف لصدور حكم جنائي ضده لا ينشأ المركز فيه إلا بصدور قرار بالفصل من الجهة التي اختصها القانون بذلك والثابت أن وزارة التربية والتعليم ومحافظة القاهرة بوصفها السلطة التابعة لها الطاعنة تأديبياً طبقاً لقانون الإدارة المحلية قد قامتا باتخاذ مثل هذا القرار في شأن الطاعنة المذكورة. ومن ناحية أخرى فإن اعتبارها مفصولة منذ 30 من ديسمبر سنة 1959 يستتبع عدم مساءلتها عن الوقائع التي أدت إلى الحكم عليها بأحكام جنائية تالية لهذا التاريخ، هذا بالإضافة إلى أن ما وقع منها لا يعد مخالفة إدارية لأن إصدار الشيكات بدون رصيد شأنه شأن الأوراق التجارية الأخرى كالكمبيالة والسند الأذني لا يعدو أن يكون من قبيل المعاملات المالية التي لا يعتبر النزاع بصددها سوء سلوك من الموظف يؤثر على سمعة الوظيفة وكرامتها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيدة/ كريمة محمد فؤاد سالم المدرسة بالمدرسة الإنجيلية الابتدائية والشاغلة للدرجة السادسة قد صدرت ضدها أحكام عديدة في جنح إصدار شيكات بدون رصيد ومن بينها القضية رقم 4227 لسنة 1959 جنح عابدين التي قضي فيها نهائياً بجلسة 30 من ديسمبر سنة 1959 بتأييد الحكم الغيابي الصادر في 28 من أكتوبر سنة 1959 بتغريمها خمسة جنيهات لإعطائها السيدة/ هدية بركات بصفتها رئيسة جمعية المرأة الجديدة شيكاً بمبلغ عشرة جنيهات في أول إبريل سنة 1959 لصالح الجمعية دون أن يكون للمذكورة رصيد قائم وقابل للسحب. وقد رأت النيابة الإدارية بما لها من اختصاص في هذا الشأن، أن ما نسب إلى المدرسة المذكورة يشكل سلوكاً معيباً لا يتفق مع ما يجب أن تكون عليه المدرسات وهن القائمات على تربية النشء وتثقيفه بالأخلاق الفاضلة وترويضه على التزامها فضلاً عن أن المخالفات التي قارفتها تتعدى إلى النيل من خلقها وسمعتها مما يفقدها شرط حسن السمعة والسيرة الحميدة الذي يجب توفره بالنسبة للموظفين عموماً باعتباره شرطاً من شروط الصلاحية للتعيين في الوظيفة العامة والبقاء فيها، وعلى هذا إحالتها إلى المحكمة التأديبية المختصة لمحاكمتها طبقاً للمادتين 6 فقرة 2 و83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.
ومن حيث إن جريمة إصدار شيك بدون رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تقضي - كجريمة النصب - الالتجاء إلى الكذب كوسيلة لسلب مال الغير بالباطل، وقد تصدر عن انحراف في الطبع وتنم عن ضعة في النفس، ومن ثم فإنها تكون من الجرائم المخلة بالشرف إذا ما انطوت - بحسب النظرة إليها - على ضعف في الخلق وانعدام في الأمانة ورغبة في ابتزاز أموال الناس ومن شأن هذه الجريمة عندئذ إذا ما ارتكبها الموظف العام وقضى بإدانته فيها أن تمس سمعته وذمته وتخل بالثقة المشروعة في أمانته ونزاهة معاملاته، إذ أنها تتطلب قصداً جنائياً خاصاً يقوم على توفر سوء النية وقصد الإضرار بالمجني عليه، حتى أن الشارع ألحقها في المادة 337 من قانون العقوبات بجريمة النصب وعاقب عليها بالعقوبة ذاتها التي قررها في المادة 336 منه لجريمة النصب، وبالتالي فإن الحكم على الموظف في جريمة - هكذا شأنها - إذا ما اتسمت بالصفات المتقدمة لما يؤثر ولا شك في صلاحيته لتولي الوظيفة العامة أو الاستمرار فيها لانعكاس صدى هذه الجريمة على هيبة الوظيفة وكرامتها والثقة في استقامة شاغلها وأمانته ونزاهته وذمته.
ومن حيث إنه وقد ثبت على النحو السالف بيانه أن الطاعنة قد صدرت ضدها أحكام نهائية عديدة بإدانتها في جرائم إصدار شيكات بدون رصيد، وهي جرائم مخلة بالشرف بحسب الظروف التي تمت فيها وما تكشف عن وقائعها من أفعال حسبما سلف القول، فإنه يصدق في شأنها حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة النافذ وقتذاك والتي تقضي بانتهاء خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة في حالة الحكم عليه في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف الأمر الذي ينبني عليه وجوباً عزل الطاعنة من وظيفتها. وغني عن البيان أن العزل الذي يقع كنتيجة لصدور حكم جنائي على النحو الوارد بالمادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالف الذكر لا يخرج عن كونه عقوبة تبعية أوردها القانون المذكور بكل ما في كلمة العقوبة من معنى لأن هذا العزل إن هو إلا جزاء لما اقترفه الموظف من إثم يعتبر جناية أو جنحة مخلة بالشرف والعقوبة ما هي إلا جزاء.
ومن حيث إنه ولئن كان البادي من استظهار نص الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة السابق الإشارة إليه أنه قد أورد في مجال أعماله حكماً تنظيمياً عاماً مفاده إنهاء رابطة التوظف بسبب الحكم على الموظف في جناية أو جريمة مخلة بالشرف إلا أن المركز القانوني لهذا الموظف لا يتغير تلقائياً بمجرد صدور حكم من هذا القبيل وإنما تتدخل الإدارة - بحسب تقديرها لقيام ظرف الإخلال بالشرف - بعمل إيجابي تنزل به حكم القانون على وضعه الفردي متى قدرت توفر شروط انطباقه في حقه، وهي في سبيل ذلك إنما تتدخل بسلطتها التقديرية في تكييف طبيعة الجريمة الصادر فيها الحكم ومدى العقوبة المقضي بها وأثرها. وقد كان دور جهة الإدارة في التقدير في حالة الطاعنة بالذات وبالنسبة لما ارتكبته من جرائم إصدار شيكات بدون رصيد أمراً لازماً حيال ما ثار من جدل حول طبيعة هذه الجرائم وما إذا كانت من الجرائم المخلة بالشرف أم أنها ليست كذلك، وهو ما أفصحت عنه صراحة مذكرة النيابة الإدارية المؤرخة 13 من ديسمبر سنة 1962 والمرفقة بتقرير الاتهام، إذ أشارت إلى أن الأحكام قد تضاربت فيما إذا كانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد من الجرائم المخلة بالشرف، وعلى هذا الأساس طلبت النيابة الإدارية من المحكمة التأديبية في جلستها المنعقدة في 30 من مارس سنة 1964 تطبيق المادة 107 فقرة "8" من القانون رقم 210 لسنة 1951 لصدور أحكام نهائية ضد الطاعنة مخلة بالشرف.
ومن حيث إنه متى استقام أن المركز القانوني القائم على إنهاء خدمة الطاعنة بسبب الحكم عليها في جرائم إصدار شيكات بدون رصيد، إذا ما اعتبرت جرائم مخلة بالشرف، يلزم لنشوئه صدور قرار ممن يملكه بقصد إنشاء هذا المركز القانوني المعين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً، أي صدور قرار إداري بمعناه الصحيح المتعارف عليه، وهو الأمر غير المتحقق حتى الآن بغير جدال في شأن الطاعنة، فإنه لا يسوغ للمحكمة التأديبية أن تستنبط افتراض وجود مثل هذا القرار أو أن تعتبر خدمة المذكورة منتهية تلقائياً بمجرد صدور الأحكام النهائية الموجبة لذلك، وإنما كان يتعين عليها، وقد استبان لها أن الطاعنة قد أدينت في جرائم اعتبرت مخلة بالشرف وتحقق بذلك مناط حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 سالفة الذكر أن تقرر إنزال حكم القانون بإنهاء الرابطة الوظيفية، بوصف أن ذلك هو الجزاء الحتمي لقاء ما اقترفته الطاعنة وأدينت بسببه، دون أن يحتج على المحكمة بأنها لا تملك توقيع مثل هذا الجزاء بمقولة أن العزل في هذه الحالة حق مقصور على الجهة الإدارية وحدها، ذلك أنه ولئن كان مفاد الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة المشار إليه أن المشرع قد خول الجهة الإدارية الحق في عزل الموظف إدارياً متى قام موجبه دون إحالته إلى المحاكمة التأديبية، إلا أنه ليس معنى ذلك أن هذا الحق منوط بالجهة الإدارية وحدها، بل إن لها كذلك إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية، إذا ما رأت وجهاً لذلك، وفي هذا مصلحة محققة للموظف، إذ ليس من شك في أن محاكمة الموظف تأديبياً ضمان أوفى له من مجرد عزله بقرار إداري، ومن ثم فإن تمسك الطاعنة بوجوب صدور قرار بإنهاء خدمتها من الجهة الإدارية دون المحكمة التأديبية يكون قائماً على حجة داحضة ويتعين إطراحه.
ومن حيث إنه من جهة أخرى، فإن المادة 102 "مكرراً ثانياً" من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة النافذة بصدد الخصوصية المعروضة كانت تقضي بأنه يجوز إقامة الدعوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية على الموظف الذي يكون قد ترك الخدمة لأي سبب كان، وفي هذه الحالة يجوز الحكم عليه بإحدى العقوبات المبينة بالمادة المذكورة ومنها الحرمان من المعاش لمدة ثلاثة أشهر، ومفاد النص المتقدم، أن واقعة ترك الخدمة لأي سبب كان لا يترتب عليها إفلات الموظف من المساءلة التأديبية عما يكون قد ارتكبه في أثناء قيام الرابطة الوظيفية، وإنما يكون من حق الجهة الإدارية تتبعه ومجازاته عما جناه في حقها.
ومن ثم فإن المحكمة التأديبية لا تملك توقيع إحدى العقوبات الواردة في المادة 102 "مكرراً ثانياً" سالفة الذكر إلا إذا كانت واقعة ترك الخدمة قد تمت في تاريخ لاحق لارتكاب الموظف ما يستوجب محاكمته، وهو الأمر المتخلف في شأن الطاعنة بمسايرة الفهم الخاطئ الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه، ومؤداه اعتبار خدمة الطاعنة منتهية منذ 30 من ديسمبر سنة 1959، تاريخ الحكم عليها نهائياً في أول جريمة مخلة بالشرف نسب إليها ارتكابها.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه، إذ اعتبر أن خدمة الطاعنة منتهية منذ 30 من ديسمبر سنة 1959، تاريخ صدور أول حكم نهائي بإدانتها في جريمة مخلة بالشرف، وقضى نتيجة لذلك بحرمانها من المعاش لمدة ثلاث أشهر، وهي إحدى العقوبات المقررة لمن ترك الخدمة، على حين أنه كان يتعين على المحكمة التأديبية، وقد قدرت أن شرط إعمال الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 متحقق في شأن الطاعنة أن تتدخل بإنشاء المركز القانوني، وتنزل حكم هذه الفقرة، فتقضي بعزل المذكورة فحسب فإن الحكم المطعون فيه، إذ جرى هذا المجرى، يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين من ثم القضاء بإلغائه فيما قضى به من حرمان المتهمة من المعاش لمدة ثلاثة أشهر وبتعديله فيما قضى به ضمناً من اعتبار خدمة المذكورة منتهية من 30 من ديسمبر سنة 1959، إلى اعتبارها منتهية من تاريخ صدوره، مع حفظ حقها في المعاش أو المكافأة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من حرمان المتهمة من المعاش لمدة ثلاثة أشهر، وبتعديله فيما قضى به ضمناً من اعتبار خدمة المذكورة منتهية من 30 من ديسمبر 1959، إلى اعتبارها منتهية من تاريخ صدوره.


 

[(1)] قارن الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا في شأن اعتبار خدمة الموظف منتهية بحكم القانون في حالة الحكم عليه بالإدانة في جريمة إصدار شيك بدون رصيد بوصفها جريمة مخلة بالشرف.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 71 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

الإحالة إلى المعاش لعدم اللياقة للخدمة صحياً - تقرير المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة حق الإدارة في إحالة الموظف إلى المعاش لعدم لياقته للخدمة صحياً - وجوب مراعاة ما نصت عليه المادة 109 من ضمانات للموظف.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثاني (من أول يناير سنة 1961 إلى أخر مارس سنة 1961) - صـ 594

(77)
جلسة 21 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم وعبد المنعم سالم مشهور وعبد العزيز البرادعي المستشارين.

القضية رقم 904 لسنة 5 القضائية

موظف - إنهاء الخدمة - الإحالة إلى المعاش لعدم اللياقة للخدمة صحياً - تقرير المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة حق الإدارة في إحالة الموظف إلى المعاش لعدم لياقته للخدمة صحياً - وجوب مراعاة ما نصت عليه المادة 109 من ضمانات للموظف هي وجوب ثبوت عدم اللياقة الصحية بقرار من القومسيون الطبي العام وعدم جواز فصله لهذا السبب قبل استنفاذ إجازاته المرضية والاعتيادية - صدور قرار الإحالة إلى المعاش بالمخالفة لذلك - يجعله قائماً على سبب غير صحيح.
إن القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بموظفي الدولة قد أجاز في المادة 107 فقرة ثانية إنهاء خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لعدم اللياقة للخدمة صحياً وقرن ذلك بما يضمن حقوق الموظف فنصت المادة 109 من القانون سالف الذكر على أنه "يثبت عدم اللياقة الصحية بقرار من القومسيون الطبي العام بناء على طلب الموظف أو الحكومة، ولا يجوز فصل الموظف لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ إجازاته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب الموظف نفسه الإحالة إلى المعاش دون انتظار انتهاء إجازاته". ومفاد هذا النص أنه لا يجوز إنهاء خدمة الموظف لعدم اللياقة للخدمة صحياً إلا إذا ثبت ذلك بقرار من القومسيون الطبي العام في الحدود والقيود التي تضمنها قانون موظفي الدولة في المادة 109 المشار إليها مما وفره القانون للموظف من ضمانات في حالة هو أحوج ما يكون فيها إلى الرعاية والعطف.
فإذا كان الواضح من المذكرة المرفوعة إلى رئاسة الجمهورية من وزارة الأوقاف - خلافاً لما تذكره الوزارة - أنها قد بنت طلبها الإحالة إلى المعاش على حالة المدعي الصحية وما انتابه من مرض كانت نتيجته عدم صلاحيته للعمل، أي أن الوزارة بنت طلب الإحالة على عدم اللياقة الصحية فإنه لذلك كان يتعين إعمال ما تقضي به المادة 109 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 وذلك بالعرض على القومسيون الطبي العام بناء على طلب الموظف أو جهة الإدارة ليصدر قراره المثبت لعدم اللياقة الصحية مع التريث في فصل الموظف لعدم اللياقة الصحية حتى يستنفذ إجازاته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب نفسه الإحالة إلى المعاش دون انتظار انتهاء أجازاته، ومن ثم فإن صدور قرار إحالة المدعي إلى المعاش بالمخالفة لذلك يجعله مخالفاً للقانون.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 28 من مايو سنة 1959 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزارة الأوقاف سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة المنازعات في الفصل بغير الطريق التأديبي وقرارات الإحالة إلى المعاش والاستيداع) بجلسة أول أبريل سنة 1959 في القضية رقم 669 لسنة 12 القضائية المقامة من عمر بسيم ضد وزارة الأوقاف ورئاسة الجمهورية والقاضي "بإلغاء القرار الجمهوري الصادر برقم 815 لسنة 1957 بإحالة المدعي إلى المعاش وألزمت الوزارة المدعى عليها مصاريف الدعوى ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب محامي المدعي". وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة".
وقد أعلن الطعن للمدعي في 12 من يوليه سنة 1959 وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 9 من أكتوبر سنة 1960 وأبلغت إدارة قضايا الحكومة والمدعي في 23 من يونيه سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 19 من نوفمبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 12 من مارس سنة 1958 طالباً "الحكم بصفة أصلية بإلغاء القرار الجمهوري رقم 815 لسنة 1957 الصادر بإحالة المدعي إلى المعاش قبل بلوغه السن القانونية وهو القرار المنفذ لقرار وكيل وزارة الأوقاف رقم 1011 المؤرخ 21 من سبتمبر سنة 1957 - وبصفة احتياطية بإلزام وزارة الأوقاف بأن تدفع إليه على سبيل التعويض المؤقت قرشاً واحداً مع المصروفات في الحالتين ومقابل أتعاب المحاماة" وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ أول أكتوبر سنة 1957 أبلغ بقرار رئاسة الجمهورية بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 14 من سبتمبر سنة 1957 مع ضم سنتين إلى مدة خدمته وصرف الفروق بين ماهيته ومعاشه عن هذه المدة مشاهرة وبقرار وكيل وزارة الأوقاف رقم 1011 الصادر في 21 من سبتمبر سنة 1957 تنفيذاً للقرار الجمهوري وذكر أنه مولود في 17 من فبراير سنة 1905 وأنه حاصل على دبلوم التجارة العليا من فرنسا في سنة 1930 وبدأ خدمته الحكومية في مصلحة السكك الحديدية في وظيفة كتابية من الدرجة الثامنة في 22 من مارس سنة 1931 ولكنه استقال منها في 27 من يونيه من نفس السنة ثم عين اعتباراً من اليوم التالي - 28 في وظيفة كتابية من الدرجة الثامنة بوزارة الأوقاف في قسم الأوقاف الأهلية وفي أول سبتمبر سنة 1940 نقل إلى وظيفة خبير محاسب بقسم محاسبة النظار مع ترقيته إلى الدرجة السابعة وعندما صدرت قواعد الإنصاف اعتبر في الدرجة السادسة من بدء تعيينه ثم رقي إلى الدرجة الخامسة في حركة التنسيق اعتباراً من 15 من أغسطس سنة 1947 وإلى الدرجة الرابعة في سنة 1950 وإلى الدرجة الثالثة في سنة 1957 واقترنت الترقية الأخيرة بنقله إلى وظيفة مفتش مالي وإداري بمراقبة أوقاف أسيوط ولكنه كان قبل صدورها واعتباراً من 17 من مايو سنة 1957 شاغلاً لنفس الوظيفة بمراقبة أوقاف بني سويف ولم ينفذ قرار النقل إلى أسيوط فبقى في وظيفته ببني سويف ويقول المدعي أنه كان دائماً مثال الموظف الكفء المتفاني في عمله ومنذ وضع نظام التقارير السنوية والسرية ورؤساؤه يقدرون كفايته بأعلى مراتب التقدير ولم يوقع عليه أي جزاء طيلة خدمته التي جاوزت في وزارة الأوقاف وحدها ستة وعشرين سنة ولم يحدث أن أجلت له علاوة أو حرم من ترقية في موعدها وأنه بينما يؤدي عمله بهمة ونشاط ويتنقل بين مأموريات الوزارة في تفاتيش بني سويف إذ بالوزارة تفاجئه في يوم أول أكتوبر سنة 1957 بأنها استصدرت قراراً جمهورياً بإحالته إلى المعاش اعتباراً من يوم 14 من سبتمبر سنة 1957 مع ضم سنتين إلى مدة خدمته وصرف الفرق بين ماهيته ومعاشه عن المدة المضمومة على أقساط شهرية وعلم أنه أسند إليه أن حالته الصحية لا تساعده على القيام بأعماله بسبب مرضه ويقول المدعي أن هذا السبب ينفيه ما كان يقوم به من التنقل بين تفاتيش الوزارة يفحص دفاترها في بني سويف وببا والفيوم ويجرد خزائنها ويحضر جلسات فتح المظاريف فيها وجلسات إشهار مزاداتها وجلسات تقدير محاصيلها وغير ذلك مما ينبئ عن نشاط وعمل مستمر وإنتاج دائم ويعزو المدعي صدور القرار إلى بواعث شخصية وأحقاد دفينة لدى المهندس إبراهيم عسكر وكيل الوزارة.
ويقول المدعي إن الوزارة خانها التوفيق في استصدار القرار الجمهوري بإحالته إلى المعاش لأسباب صحية لأنه ليس به ما يمنعه من العمل أو يقلل من صلاحيته للقيام بأعباء وظيفته وذكر أنه قد اعتراه المرض كأي موظف من موظفي الدولة ولكنه أبل من مرضه وعاد إلى عمله دون أن يتخلف عنده ما يعجزه عن أداء واجباته نحو الدولة ولم يسجل عليه أحد من رؤسائه في أية وظيفة تولاها تقصيراً في العمل أو عجزاً عن القيام بتبعاته وأن الحالات التي منح من أجلها أجازات مرضية محدودة وأنه مرض بسبب وضعه وزملائه الخبراء في حجرة ضيقة وغير صحية وقد شكا وزملاؤه الخبراء من سوء حال المكان الذي يعملون فيه بتاريخ 16 من أغسطس سنة 1952 وأيد شكواهم مدير قسم محاسبة النظار وقتذاك الأستاذ عبد الكريم الخطيب ولكن الوزارة لم تصنع لهم شيئاً وقد أصيب من جراء ذلك بجرح درني في أعلى الرئة اليمنى اضطر بسببه إلى دخول مصحة ألماظه للعلاج وبقي بها حتى 12 من يونيه سنة 1954 حيث شفي تماماً وعاد إلى عمله وقد استغرقت مدة مرضه سبعة أشهر تقريباً ويدل إنتاجه بعد شفائه على أن حالته عادت طبيعية كما كانت. كما منح إجازة أخرى مدتها شهر وعشرة أيام بسبب إصابته في 18 من يونيه سنة 1957 بذبحة صدرية ثم عاد بعد انتهاء هذه الإجازة إلى عمله اعتباراً من 4 من أغسطس سنة 1957 وكان قد شفي من مرضه وفي 24 من أغسطس سنة 1957 أصيب بالأنفلونزا الآسيوية وعاد بعد شفائه منها إلى عمله يوم أول سبتمبر سنة 1957 ويستطرد المدعي قائلاً أن تلك هي المناسبات التي مرض فيها طول مدة خدمته والتي بلغت ستاً وعشرين سنة وقد وضح أن المرض الذي أصابه بسبب العمل وألزمه الفراش أطول مدة قد زايله وأنه منذ أبل منه في يونيه سنة 1954 لم يعد إلى الشكوى منه ولم يتأثر به إنتاجه في العمال وأما الذبحة الصدرية والأنفلونزا الآسيوية فهما من الأمراض العادية والكثيرة الحدوث والتي قلما يسلم منها موظف وليس لأي منهما تأثير على حالته وعلى إنتاجه وليس بينها مرض مزمن تلازم أعراضه المريض به وتنتقص من قدرته على العمل كما هو شأن وحال بعض موظفي الوزارة الذين عددهم المدعي والمصابون بأمراض مزمنة تعجزهم عجزاً تاماً عن الاضطلاع بأعباء الوظيفة والذين يحتاجون فعلاً إلى الراحة.
ويقول المدعي إن السبب الذي استند إليه القرار الجمهوري بإحالته إلى المعاش هو سبب غير صحيح وأنه مشوب بعيب مخالفة القانون وعيب الانحراف بالسلطة، ويستطرد إلى أن المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 قد أوردت ضمن الأسباب التي تنتهي لقيامها خدمة الموظفين المعينين على وظائف دائمة بسبب عدم اللياقة للخدمة صحياً، وبينت المادة 109 من نفس القانون إن عدم اللياقة الصحية "يثبت بقرار من القومسيون الطبي العام وبناء على طلب الموظف أو الحكومة. ولا يجوز فصل الموظف لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ إجازاته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب الموظف نفسه الإحالة إلى المعاش دون انتظار انتهاء إجازاته".
ويقول المدعي إن وزارة الأوقاف لم تعرضه على القومسيون الطبي العام للكشف على صلاحيته للبقاء في الوظيفة من عدمه كما أنها لم تراع ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 109 سالفة الذكر حيث لم يستنفذ إجازاته المرضية والاعتيادية وفضلاً عن ذلك فإنه كان في العمل ولم يكن في إجازة عندما صدر القرار بإحالته إلى المعاش وكان في تنقل من بلد إلى آخر دون أن يلازم الفراش أو يسقط من الإعياء والعجز عن القيام للوظيفة بما تتطلبه من همة ونشاط فيكون قرار إحالته إلى المعاش بالإضافة إلى استناده إلى سبب غير صحيح قد خالف القانون فيما نصت عليه المادة 109 سالفة الذكر ومن ثم أصبح متعين الإلغاء.
ويقول إنه قد أصابه ضرر مادي وأدبي من جراء فصله الذي لا مشروعية فيه فيكون من حقه أن يطالب بتعويض يجبر هذه الأضرار ولكنه يكتفي مؤقتاً بتعويض رمزي مقداره قرش واحد محتفظاً بحقه في تعديله أثناء نظر الدعوى.
وينتهي المدعي إلى القول بأن طريق التظلم الإداري لم يجد نفعاً في مراجعة الوزارة في قرارها فلم يعد محيص من التوجه إلى القضاء.
وقالت وزارة الأوقاف رداً على الدعوى أن الدافع الحقيقي لطلب إحالة المدعي إلى المعاش هو صالح العمل وقد صدر القرار المطعون فيه مستهدفاً هذه الغاية ومستنداً إلى نص الفقرة السادسة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي تنص انتهاء خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة بفصله بمرسوم أو أمر جمهوري أو بقرار خاص من مجلس الوزراء، وأن هذا النص صدر لحكمة معينة هي هيمنة الإدارة على تسيير المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام وإطلاق حريتها في اختيار الموظفين الذين ترى فيهم الصلاحية لهذا الغرض وفصل من ترى أنه أصبح غير صالح لذلك باعتبارهم عمال هذه المرافق. وهذا من الملاءمات المتروكة لتقديرها بلا معقب عليها ما دام قد خلا قرارها من عيب إساءة استعمال السلطة فلم تستهدف سوى المصلحة العامة. كما تقول الوزارة أنه لا سند لما يقول به المدعي من أن فصله كان بسبب حالته الصحية وأنه إنما فصل لصالح العمل وملف خدمته وهو الوعاء الطبيعي المصور لحالته قاطع في الدلالة على ذلك إذ يكفي الرجوع إلى التقارير السنوية الأخيرة المقدمة عنه لإثبات هذه الحقيقة فإنتاجه في هبوط ودرجة كفايته في نقصان.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري قضت بجلسة أول أبريل سنة 1959 "بإلغاء القرار الجمهوري الصادر برقم 815 لسنة 1957 بإحالة المدعي إلى المعاش وألزمت الوزارة المدعى عليها مصاريف الدعوى ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب محامي المدعي". وأقامت المحكمة قضاءها على ما تبين لها من الرجوع لملف خدمة المدعي من أن وزارة الأوقاف قد رفعت لرئاسة الجمهورية مذكرة أبانت فيها أنها قد لاحظت أن المدعي وآخرين قد أصبحت حالتهم الصحية لا تساعدهم على القيام بأعمالهم بسبب مرضهم - الأمر الذي يترتب عليه عدم صلاحيتهم للعمل ويستدعي إحالتهم إلى المعاش والتمست المذكرة من رئاسة الجمهورية التفضل بالموافقة والنظر في إحالتهم إلى المعاش مع ضم سنتين إلى خدمة كل منهم بحيث لا يجاوز سن الستين وصرف الفرق بين الماهية والمعاش مشاهرة عن المدة المضافة، وقد قرر السيد رئيس الجمهورية بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1957 الموافقة على ما جاء بهذه المذكرة (القرار رقم 815 لسنة 1957) وتنفيذاً لهذا القرار أصدرت الوزارة قرارها رقم 1011 بتاريخ 21 من سبتمبر سنة 1957. وتقول المحكمة أنه إذا كان هذا ما ينطق به ملف خدمة المدعي فإن إنكار وزارة الأوقاف بأن فصل المدعي لم يكن بسبب حالته الصحية غير صحيح ويكون هذا السبب خاضعاً لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مطابقته أو عدم مطابقته للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار.
ويقول الحكم أنه يتعين معرفة ما إذا كان السيد رئيس الجمهورية يملك استناداً إلى المادة 107 فقرة 6 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة فصل الموظف من الخدمة بالنظر إلى أن حالته الصحية لم تعد تمكنه من أداء ما يعهد إليه من أعمال أم أنه يتعين في هذه الحالة التزام ما نصت عليه المادة 109 من ثبوت عدم اللياقة الصحية بقرار من القومسيون الطبي العام وبعد استنفاذ الموظف لإجازاته المرضية والاعتيادية.
ومن حيث إنه وإن كان حق الحكومة في فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي حق ثابت لها إلا أنه متى استندت الحكومة في هذا الفصل إلى سبب وارد في القانون وأفصحت عن نيتها في تطبيق هذا النص تعين التقيد بأحكامه، وفي هذه الخصوصية قد ثبت للمحكمة أن الحكومة استندت لفصل المدعي إلى عدم لياقته الصحية.
ومن حيث إن المشرع قد تحدث عن عدم اللياقة الصحية في الفقرة الثانية من المادة 107 وفي المادة 109 وعلى ذلك فلو أن هذه الحالة يمكن أن تدخل ضمن الحالات التي يجوز للحكومة مع قيامها فصل الموظف بمرسوم أو أمر جمهوري أو بقرار خاص من مجلس الوزراء إعمالاً لحكم الفقرة السادسة من هذه المادة لكان ورودها على هذا النحو لغواً يتنزه عنه الشارع ذلك لأن المشرع لم ير محلاً لأن يترك للحكومة حق فصل الموظف لعدم اللياقة الصحية إلا بعد الرجوع إلى القومسيون الطبي العام ليصدر قراره بعد الكشف الطبي عليه بعدم لياقته صحياً للخدمة وبعد استنفاذ إجازاته المرضية والاعتيادية وطبقاً للإجراءات المنصوص عليها في لائحة القومسيون والنتيجة التي ينتهي إليها القومسيون الطبي في هذا الشأن لا تعدو أن تكون أمراً فنياً يترخص فيه ولا تستطيع المحكمة التدخل في تقديره طالما أنه قد خلا من سوء استعمال السلطة.
وتقول المحكمة أنه يتضح مما تقدم أن المشرع قد اختص عدم اللياقة الصحية للخدمة بنص خاص (المادة 109) وأنه لا يستقيم مع ذلك القول بأن للحكومة في هذه الحالة إعمالاً لحكم المادة 107 فقرة سادسة فصل الموظف بمرسوم أو أمر جمهوري أو بقرار خاص من مجلس الوزراء - على أنه من ناحية أخرى - فإنه إذا لم يكن يتسنى إصدار قرار من القومسيون الطبي العام بعدم لياقة الموظف صحياً للخدمة فإنه يمكن القول من ناحية أخرى أنه إذا كان من شأن الحالة المرضية للموظف أن تؤثر في كفايته فإن ذلك سوف ينعكس فيما يقدم عنه من تقارير سنوية وقد رتبت المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على تقديم تقرير واحد بدرجة ضعيف عن الموظف حرمانه من أول علاوة دورية مع تخطيه في الترقية في السنة التي قدم فيها التقرير كما استلزمت المادة 32 من نفس القانون رقم 210 لسنة 1951 تقديم الموظف الذي يقدم عنه تقريران متتاليان بدرجة ضعيف للهيئة المشكل منها مجلس التأديب تفحص حالته فإذا تبين لها أنه قادر على الاضطلاع بأعباء وظيفة أخرى قررت نقله إليها بذات الدرجة والمرتب أو على خفض درجته أو مرتبه أو نقله إلى كادر أدنى فإذا تبين لها أنه غير قادر على العمل فصلته من وظيفته مع حفظ حقه في المعاش أو المكافأة.
كما يقول الحكم أنه إلى جانب ما أشير إليه من أن عدم اللياقة الصحية يلزم أن يثبت بقرار من القومسيون الطبي العام فإنه لا يوجد في ملف خدمة المدعي ما يؤيد ما ذهبت إليه الوزارة في المذكرة التي رفعتها إلى السيد رئيس الجمهورية من أن حالة المدعي الصحية لا تساعده على القيام بأعباء الوظيفة أما ما ذهبت إليه الوزارة من أن التقارير السرية المودعة بملف خدمة المدعي قاطعة الدلالة على هبوط إنتاجه ونقصان درجة كفايته فهو لا ينهض سبباً للقرار المطعون فيه ذلك لأنه بالرجوع إلى هذه التقارير لم تجد المحكمة من بينها تقريراً واحداً بدرجة ضعيف فقد قدرت كفايته عن أعوام 1952 بجيد وعن 1953 بـ 86.5% وعن 1954 بـ 52% وعن 1955 بـ 65% وعن 1956 بـ 51% وأنه إن كان نقص درجة كفايته في 1954، 1956 مرده إلى حالته المرضية إلا أن هذا التقدير لم ينزل إلى درجة ضعيف.
وانتهى الحكم إلى القول بأنه لما تقدم يكون القرار المطعون فيه غير قائم على سبب صحيح يبرره كما جاء مخالفاً للقانون ومن ثم تعين الحكم بإلغائه، كما يقول الحكم أن في إلغاء القرار جباً للطلب الاحتياطي الذي تقدم به المدعي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قرار إحالة المدعي إلى المعاش لا يقوم سببه على عدم اللياقة الصحية كما ذهبت إلى ذلك المحكمة إنما يقوم في حقيقته على صالح العمل وقد كشفت عن ذلك مذكرة الوزارة المرفوعة إلى السيد رئيس الجمهورية، فهي تقول أن حالته الصحية هو وزملاؤه لا تساعدهم على القيام بأعمالهم بسبب مرضهم الأمر الذي ترتب عليه عدم صلاحيتهم للعمل مما يستدعي إحالتهم إلى المعاش. فصالح العمل وحده هو الباعث على صدور قرار الإحالة إلى المعاش وهو ما قصدت إليه مذكرة الوزارة حيث هبط إنتاجه إلى درجة ظاهرة وتقريره الأخير عن أعماله عام 1956 المودع بملف خدمته يثبت هذه الحقيقة فقد سجل هذا التقرير درجة الكفاية ب 51 درجة وضعف إنتاجه هذا إنما يرجع إلى حالته المرضية التي دخل بسببها مصحة الأمراض الصدرية في عام 1953 وبقي بها تحت العلاج حتى 10 من يونيه سنة 1954 وما دام الثابت أن ثمت سبباً واقعياً قام عليه قرار الفصل وأن هذا السبب له أصل ثابت في الأوراق وليس ثمت أي دليل إيجابي على انحراف الإدارة عن المصلحة العامة تحت تأثير دوافع شخصية أو ابتغاء غاية غير مشروعة فقد انتفت مخالفة القرار للقانون. وأن السبب الحقيقي الذي يقوم عليه القرار الجمهوري المطعون فيه هو الصالح العام وقد صدر هذا القرار مستهدفاً هذه الغاية وإعمالاً لحكم الفقرة السادسة من المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 التي تنص على انتهاء خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة بفصله بمرسوم أو أمر جمهوري أو بقرار خاص من مجلس الوزراء، وذلك للحكمة التشريعية التي يقوم عليها هذا النص وهي وجوب هيمنة الإدارة على تسيير المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام ولما كان الموظفون هم عمال هذه المرافق فلزم أن تكون للحكومة الحرية في اختيار من ترى فيهم الصلاحية لهذا الغرض وفصل من تراه منهم أصبح غير صالح لذلك وهذا من الملاءمات المتروكة لتقديرها بلا معقب عليها ما دام قرارها قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة فلم تستهدف سوى المصلحة العامة وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى بإلغاء القرار الجمهوري الصادر بإحالة المدعي إلى المعاش فإنه يكون غير صائب في قضائه ومن ثم فقد قامت به إحدى حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا المنصوص عليها في المادة 15 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 مما يتعين معه إلغاؤه والحكم برفض طلبات المدعي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً حددت فيه وقائع الدعوى. والمسائل القانونية التي أثارها النزاع وأبدت رأيها مسبباً انتهت إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ومن حيث إنه ولئن كانت الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها إلا أنها إذا ما ذكرت أسباباً له، فإنها تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للواقع وللقانون، وللقضاء الإداري أن يراقب صحة قيام الوقائع وسلامة تكييفها القانوني، ورقابته هذه لصحة الحالة الواقعية أو القانونية تجد حدها الطبعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار في هذا الشأن مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً، فإذا كانت هذه النتيجة غير مستخلصة على هذا النحو فقد القرار الإداري سببه وتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بموظفي الدولة قد أجاز في المادة 107 فقرة ثانية إنهاء خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لعدم اللياقة للخدمة صحياً وقرن ذلك بما يضمن حقوق الموظف فنصت المادة 109 من القانون سالف الذكر على أنه "يثبت عدم اللياقة الصحية بقرار من القومسيون الطبي العام بناء على طلب الموظف أو الحكومة، ولا يجوز فصل الموظف لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ إجازاته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب الموظف نفسه الإحالة إلى المعاش دون انتظار انتهاء إجازاته". ومفاد هذا النص أنه لا يجوز إنهاء خدمة الموظف لعدم اللياقة للخدمة صحياً إلا إذا ثبت ذلك بقرار من القومسيون الطبي العام في الحدود وبالقيود التي تضمنها قانون موظفي الدولة في المادة 109 المشار إليها مما وفره القانون للموظف من ضمانات في حالة هو أحوج ما يكون فيها إلى الرعاية والعطف.
ومن حيث إن الواضح من المذكرة المرفوعة إلى رئاسة الجمهورية من وزارة الأوقاف - خلافاً لما تذكره الوزارة - أنها قد بنت طلبها الإحالة إلى المعاش على حالة المدعي الصحية وما انتابه من مرض كانت نتيجته عدم صلاحيته للعمل، أي أن الوزارة بنت طلب الإحالة على عدم اللياقة الصحية بقولها "لوحظ أن السادة محمد حافظ البيه الموظف من الدرجة الثالثة بمكتب الخبراء بقسم النظار وعمر بسيم المفتش المالي من الدرجة الثالثة ومحمود عبد الحكيم السنهوري الموظف من الدرجة الرابعة بالوزارة قد أصبحت حالتهم الصحية لا تساعدهم على القيام بأعمالهم بسبب مرضهم الأمر الذي يترتب عليه عدم صلاحيتهم للعمل ويستدعي إحالتهم إلى المعاش. لذلك يرفع الأمر إلى سيادتكم رجاء التفضل بالنظر والموافقة على إحالة السادة الموضحة أسماؤهم بعاليه إلى المعاش مع ضم سنتين إلى خدمة كل منهم بحيث لا يجاوز سن الستين وصرف الفرق بين الماهية والمعاش مشاهرة عن المدة المضافة". فإنه لذلك كان يتعين إعمال ما تقضي به المادة 109 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 وذلك بالعرض على القومسيون الطبي العام بناء على طلب الموظف أو جهة الإدارة ليصدر قراره المثبت لعدم اللياقة الصحية مع التريث في فصل الموظف لعدم اللياقة الصحية حتى يستنفذ إجازاته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب نفسه الإحالة إلى المعاش دون انتظار انتهاء إجازاته.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ذلك، يتضح من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه حصل في التقرير السنوي السري عام 1954 على اثنين وخمسين درجة من مائة وحصل في عام 1955 على خمس وستين درجة من مائة وحصل في عام 1956 على إحدى وخمسين درجة من مائة، وقد كانت الدرجات التي حصل عليها في تقدير العمل والإنتاج في هذه السنوات الثلاث على التوالي هي: 25 درجة من خمسين و32 درجة من خمسين و26 درجة من خمسين، الأمر الذي يبين منه بجلاء أن تقدير درجة كفاية المدعي وخاصة في الإنتاج والعمل، لم ينحدر به إلى ما تنعته به الوزارة من ضعف في الإنتاج وعدم الصلاحية للعمل بل يرتفع به عمله وإنتاجه وتسمو به كفايته كما هو ثابت بتقاريره إلى درجة من الكفاية لا يصدق فيها ما وصمته به جهة الإدارة.
ومن حيث إنه من أجل ذلك يكون القرار المطعون فيه قد قام على غير سبب صحيح ووقع ترتيباً على ذلك، مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه لهذا يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه لما تقدم وللأسباب التي استند إليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وفي هذه الأسباب المفصلة كل الغناء للرد على أسباب الطعن ومن ثم يكون الطعن على غير أساس سليم من القانون ويتعين رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت وزارة الأوقاف بالمصروفات وبمبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 72 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

القرار الصادر بإحالة الموظف إلى القومسيون الطبي العام للتحقق من لياقته الطبية لا يعتبر قراراً إدارياً .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 562

(57)
جلسة 21 من يناير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضايا رقم 273 لسنة 12 القضائية ورقم 510 لسنة 9 القضائية ورقم 800 لسنة 11 القضائية

( أ ) اختصاص. "اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري". موظف "نهاية الخدمة لعدم اللياقة الطبية". إحالته إلى القومسيون الطبي. قرار إداري.
القرار الصادر بإحالة الموظف إلى القومسيون الطبي العام للتحقق من لياقته الطبية لا يعتبر قراراً إدارياً ويخرج طلب إلغائه لذلك من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
(ب) موظف. "وقف عن العمل". إحالته إلى القومسيون الطبي.
المشرع حدد الحالات التي يجوز فيها وقف العامل على سبيل الحصر - ولا يجوز اللجوء إلى هذه الوسيلة لغير ما شرعت له - حتى بالنسبة لوقف موظف عن العمل لإجباره على عرض نفسه على الجهة الطبية المختصة.
1 - إنه ولئن كان حكم المادة 109 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 الذي صدر القراران المطعون فيهما في ظله قد خول جهة الإدارة الحق في إحالة الموظف إلى القومسيون الطبي العام في أي وقت للتحقق من توافر شرط اللياقة الطبية فيه باعتبار أن تحقق هذه اللياقة من الشروط الجوهرية للتعيين في خدمة الحكومة كما أنها شرط للاستمرار فيها، إلا أن القرار الذي يصدر بالإحالة إلى الكشف الطبي لا يعتبر قراراً إدارياً نهائياً ذلك لأنه ليس من شأنه أن ينشئ مركزاً قانونياً للموظف أو يعدل في مركزه القانوني، وإنما هو قرار تمهيدي للقرار الذي سيصدر من جهة الإدارة بعد أن تفصح الهيئة الطبية المختصة عن رأيها في خصوص لياقة الموظف للخدمة أو عدم لياقته ولذلك فلا يدخل قرار الإحالة إلى الكشف الطبي ضمن القرارات التي يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في طلب إلغائها.
2 - وفقاً للتنظيم الذي وضعه المشرع بالنسبة إلى الوقف عن العمل فلا يجوز أن يوقع على الموظف كعقوبة تأديبية إلا بموجب حكم من المحكمة التأديبية المختصة (مادة 84) ولا يجوز الوقف احتياطياً إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى مع الموظف قبل إحالته إلى المحاكمة التأديبية إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك (مادة 95) ولا يوجد في نصوص القانون ما يسوغ لجهة الإدارة اتخاذ هذا الإجراء الأخير لغرض آخر كمجرد الشك في أن الموظف فقد شرط اللياقة الطبية أو لإجباره على الإذعان لقرار أصدرته جهة الإدارة كما لو أحالت موظفاً إلى الكشف الطبي وامتنع عن تمكين الجهة الطبية المختصة من فحصه، وإنما يجب أن تلتزم جهة الإدارة الوسيلة التي نص عليها القانون والغرض الذي شرعت من أجله، وما دام المشرع قد أجاز الوقف الاحتياطي في أحوال معينة محددة على سبيل الحصر فلا يجوز لجهة الإدارة أن تلجأ إلى هذه الوسيلة في غير ما شرعت له وإلا كان ذلك خروجاً على حدود التنظيم الذي رسمه المشرع وإهدار الحكمة التي استهدفها من تخصيصه لكل حالة الإجراء الذي يناسبها.
وإذ كان الثابت من الاطلاع على الأوراق المرفقة بملف الطعون أن الطاعن أصيب بمرض عقلي منذ سنة 1959 استلزم عرضه على القومسيون الطبي العام عدة مرات لتقرير الإجازة لعلاجه ثم عمد الطاعن إلى عدم تمكين الجهة الطبية من فحصه منذ أواخر سنة 1960 - فأصدرت جهة الإدارة قرارها المطعون فيه بعد أن أوصت بذلك المحكمة التأديبية المختصة قاصدة من هذا القرار إجبار الطاعن على عرض نفسه على الجهة الطبية المختصة فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد أوقف الطاعن في غير الحالات التي يجوز فيها ذلك يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1303 لسنة 16 القضائية لدى محكمة القضاء الإداري "هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي" طالباً الحكم (أولاً) بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المعلن إليه بتاريخ 5 من يوليه سنة 1966 والمتضمن وقف صرف مرتبه اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 وما يترتب على ذلك من آثار. (ثانياً) إلغاء القرار فيما تضمنه وقف صرف مرتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة المصروفات وأتعاب المحاماة. وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 4 من إبريل سنة 1962 قررت المحكمة التأديبية لوزارة الأشغال تأجيل القضية التي أقامتها النيابة الإدارية ضده لمحاكمته عن بعض المخالفات الإدارية إلى أجل غير مسمى وأشارت على جهة الإدارة في أسباب قرارها بأن تتخذ الإجراءات اللازمة لإجباره على الكشف الطبي لمعرفة مدى مسئوليته عن المخالفات المنسوبة إليه. وتنفيذاً لذلك أرسل وكيل الوزارة المساعدة لوزارة الري بتاريخ 26 من مايو سنة 1962 كتاباً إلى تفتيش ري الوجه البحري لتنفيذ ما أوصت به المحكمة التأديبية وذلك بالحيلولة بين المدعي ومباشرة مهام وظيفته والامتناع عن صرف مرتبه إلى أن يكشف عليه طبياً. ثم قام التفتيش بإعلان هذا القرار إليه في 5 من يوليه سنة 1962 وامتنع عن صرف مرتبه اعتباراً من أول شهر يوليه سنة 1962، ولما كان القرار المشار إليه مخالفاً للقانون لأنه في حقيقة الأمر قرار بوقفه عن العمل صدر من وكيل الوزارة المساعد وهو غير مختص بوقفه كما أن عدم توقيع الكشف الطبي عليه لا يبرر الامتناع عن صرف مرتبه فقد تظلم من القرار ولما لم تجبه الإدارة إلى تظلمه أقام الدعوى بطلب إلغاء ذلك القرار.
وقد دفعت إدارة قضايا الحكومة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى استناداً إلى أن اختصاص القضاء الإداري محدد في طلب إلغاء القرارات الإدارية النهائية، أما الإجراء الذي اتخذته جهة الإدارة فإنه إجراء مادي قصدت به إجبار المدعي لعرض نفسه على الكشف الطبي بعد أن أعيتها الحيل لإقناعه بذلك كما تعرضت مصلحة المرفق للخطر، ولم تقصد بهذا الإجراء إحداث أثر قانوني في مركز المدعي الوظيفي ولذلك فلا يعتبر هذا الإجراء قراراً نهائياً ولا يختص مجلس الدولة بالنظر في طلب إلغائه. ويضاف إلى ذلك أنه مع التسليم جدلاً بأنه قرار إداري نهائي فقد صدر تنفيذاً لما أمرت به المحكمة التأديبية فلا يجوز الطعن فيه أمام محكمة القضاء الإداري وإنما يطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا المختصة بالنظر في الطعون التي تقدم إليها في أحكام وقرارات المحاكم التأديبية وأما بالنسبة للموضوع فقالت الحكومة إن الوقف عن العمل شرع لحماية الوظيفة العامة ولا تتضمن مواد قانون التوظف الحالات الوحيدة التي يجوز فيها وقف الموظف عن العمل بل أن جهة الإدارة تختص إلى جانب ذلك بإصدار القرارات اللازمة لضمان سير المرافق العامة بانتظام وباضطراد، والإجراء الذي اتخذته جهة الإدارة قبل المدعي لا يخرج عن هذا النطاق، فهو إجراء اقتضته الضرورة ومصلحة المرفق بعد أن تبين لجهة الإدارة مدى الخطورة التي تترتب على ترك المدعي يمارس أعمال وظيفته. وبتاريخ 23 من يناير سنة 1963 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباستمرار صرف مرتب المدعي مؤقتاً، وأقامت قضاءها على أن الحيلولة بين المدعي وبين مباشرة أعمال وظيفته هو بمثابة قرار بوقفه عن العمل أفصحت به جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني وهو إجبار المدعي على عرض نفسه على الكشف الطبي حتى يمكن تلافي الأضرار التي قد تعود على المصلحة العامة بسبب قيام المدعي بأعمال لها حيويتها مع قيام الشك تمتعه بقواه العقلية، وهذا القرار لم يصدر بناء على قرار من المحكمة التأديبية لأن المحكمة قررت تأجيل الدعوى إلى أجل غير مسمى ولم تصدر قراراً بإحالة المدعي إلى الكشف الطبي، وإذا كانت المحكمة التأديبية قد رأت من واجبها أن تشير على جهة الإدارة باتخاذ الإجراءات اللازمة لإجبار المدعي على الكشف الطبي فإن هذا التوجيه غير ملزم للإدارة فإذا اتخذت إجراء في شأن تنفيذه فإن التصرف يكون منسوباً إليها ويجب أن تتوافر فيه الشروط والأوضاع التي حددها القانون، وعلى ذلك فإن النظر في طلب إلغاء القرار المطعون فيه يدخل في اختصاص الإلغاء المقرر قانوناً لهذه المحكمة ويجوز طلب الحكم بصفة مستعجلة باستمرار صرف المرتب استناداً إلى حكم المادتين 8، 21 من قانون مجلس الدولة. ولما كان القرار المطعون فيه ليس له سند من أحكام المواد 84، 95، 96 من قانون التوظف فمن ثم يكون الطلب بحسب الظاهر قائماً على أسباب جدية، وإذا لم يثبت أن للمدعي مورد رزق آخر خلاف مرتبه فإنه يتوافر في الطلب شرط الاستعجال ولذلك يتعين القضاء باستمرار صرف مرتب المدعي إلى أن يقضى في الدعوى الموضوعية وقد طعنت وزارة الري في هذا الحكم بعريضة طعن قيدت تحت رقم 510 لسنة 9 القضائية ويقوم طعنها على وجهين أولهما أن القضاء الإداري لا يختص بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لأنه ليس إلا إجراء تمهيدياً مؤقتاً وغير نهائي لجأت إليه جهة الإدارة حتى لا تتعرض مصلحة المرفق للخطر وعلى هذا الوجه فلا يختص القضاء الإداري بالنظر في طلب إلغاء هذا الإجراء أما الوجه الثاني فهو أن الوقف تم بناء على طلب النيابة الإدارية بمناسبة التحقيقات التي أجرتها لإثبات ما طلبته المحكمة التأديبية من التحقق من مدى مسئولية المطعون عليه عن المخالفات الإدارية التي كانت مطروحة عليها ويكون الوقف عن العمل قد تم إعمالاً لنص المادة 95 من قانون التوظف ويخرج النظر في طلب إلغائه من اختصاص القضاء باعتباره وقفاً احتياطياً، وأما بالنسبة إلى الموضوع فقالت الطاعنة إن القرار اتخذ تحقيقاً للمصلحة العامة ولا يتوافر في شأنه ركن الاستعجال.
وبعد أن تم تحضير الدعوى رقم 1303 لسنة 16 ق المشار إليها أحيلت إلى محكمة القضاء الإداري فأصدرت حكماً بتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1965 برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وفي موضوعها برفضها وإلزام المدعى عليه بالمصروفات وأقامت قضاءها بالنسبة للدفع بعدم الاختصاص على نفس الأسباب التي استند إليها في حكم وقف التنفيذ، أما بالنسبة إلى الموضوع فقالت المحكمة إن القرار المطعون فيه لم يستند إلى أحكام الوقف المقررة في قانون التوظف بل استند إلي أن المدعي قد امتنع بعد الكشف عليه بتاريخ 21 من سبتمبر سنة 1960 عن التوجه إلى القومسيون الطبي لإعادة الكشف عليه، ولما كانت التقارير الطبية الموقعة عليه في المرات السابقة تكشف عن أن المدعي كان مصاباً بمرض عقلي فإن منعه عن مباشرة أعمال وظيفته يكون أمراً ضرورياً اقتضاه الحرص على حسن سير المرفق وقد استنفذ المدعي إجازاته سواء بمرتب أو بغير مرتب ومن ثم يكون القرار المطعون فيه مطابقاً للقانون.
وقد طعن المهندس فوزي بنيامين تناغو في هذا الحكم بعريضة طعن قيدت تحت رقم 273 لسنة 12 القضائية نعى فيها على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون ذلك لأن المحكمة توسعت في تحديد طبيعة القرار المطعون فيه مع أن النزاع ينحصر في طلب إلغاء القرار الصادر من وكيل وزارة الري المساعد بمنع المدعي من مزاولة عمله وبالامتناع عن صرف مرتبه، وبعبارة أخرى القرار الصادر بوقفه عن العمل ولقد نظم قانون التوظف في مواده 84، 95، 96 أحكام الوقف عن العمل كعقوبة تأديبية أو كإجراء احتياطي إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك ولا يدخل القرار موضوع الدعوى ضمن أحد النوعين وإذا صح أن الحالة التي وجد فيها المدعي تقتضي الإحالة إلى الاستيداع أو إبعاده عن أعمال وظيفته إلا أنها لا تجيز حرمانه من مرتبه، وإذا قضى الحكم المطعون فيه بخلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وبتاريخ 16 من إبريل سنة 1964 أصدرت وزارة الري قراراً آخر بتوقيع الكشف الطبي على المهندس المذكور حتى يمكن البت بصفة نهائية في أمر إحالته إلى الاستيداع أو بفصله من الخدمة وقد أقام المهندس المذكور الدعوى رقم 1437 لسنة 18 القضائية ضد وزارة الري طالباً إلغاء ذلك القرار لأنه يتضمن ضمناً منعه من العمل وحرمانه من مرتبه لحين الكشف عليه واستند في ذلك إلى نفس الأسباب التي استند إليها في الدعوى رقم 1303 لسنة 16 القضائية، وبتاريخ 12 من مايو سنة 1965 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لأن القرار المطعون فيه ليس قراراً إدارياً نهائياً وإنما هو قرار تمهيدي قصد به معرفة مدى مسئولية المدعي عن بعض المخالفات التي ارتكبها والمطروحة على المحكمة التأديبية المختصة وتنفيذاً للقرار الصادر منها بتاريخ 4 من إبريل سنة 1962 ومن ثم يكون مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري غير مختص بنظر الدعوى.
وقد طعن السيد المهندس المذكور في هذا الحكم بعريضة طعن قيدت تحت رقم 800 لسنة 11 قضائية نعى فيها على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون مستنداً في ذلك إلى أن القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلزامه بعرض نفسه على الجهة الطبية المختصة ينطوي على قرار بمنعه من مزاولة عمله ووقف صرف مرتبه وبهذه المثابة يعتبر قراراً إدارياً نهائياً من القرارات التي يختص مجلس الدولة بالنظر في طلب إلغائها. وقد أرادت وزارة الري بهذا القرار أن تتحلل من تنفيذ الحكم المستعجل الصادر في الدعوى رقم 1303 لسنة 16 القضائية والذي قضى بالاستمرار في صرف مرتبه إلى أن يقضى في دعوى الموضوع وعلى ذلك يكون قد صدر على خلاف حكم صادر لصالحه فهو مخالف للقانون.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريرين في الطعون الثلاثة انتهت في أولها إلى أن الطعن رقم 510 لسنة 9 القضائية التي أقامته الحكومة طعناً في الحكم الوقتي المستعجل الصادر في الدعوى رقم 1303 لسنة 16 القضائية سقط بصدور الحكم في موضوع تلك الدعوى والذي قضى برفضها, وأما بالنسبة إلى الطعن رقم 273 لسنة 12 القضائية الذي أقامه المهندس المذكور طعناً في الحكم الصادر برفض الدعوى فإن القرار المطعون فيه هو قرار وقف صدر على خلاف القواعد الخاصة بالوقف عن العمل التي تضمنها قانون نظام موظفي الدولة ومن ثم فهو مخالف للقانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى قد أخطأ في تطبيق القانون، وأما بالنسبة إلى الطعن رقم 800 لسنة 11 القضائية فرأت هيئة المفوضين رفضه موضوعاً.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن النقط القانونية مثار النزاع في الطعون الثلاثة هو معرفة ما إذا كان القضاء الإداري مختصاً بالنظر في طلبات الطاعن في الدعويين رقم 1303 لسنة 16 القضائية، ورقم 1437 لسنة 18 القضائية، وكذلك في تحديد الأحكام القانونية المنطبقة على النزاع.
ومن حيث إن جهة الإدارة أصدرت قرارين في شأن الطاعن صدر أولهما بتاريخ 26 من مايو سنة 1962 متضمناً إحالة الطاعن إلى القومسيون الطبي العام ومنعه من مباشرة أعمال وظيفته وعدم صرف مرتبه إليه وقد أقام الطاعن الدعوى رقم 1303 لسنة 16 القضائية بطلب إلغائه فيما تضمنه من حرمانه من مرتبه، والقرار الثاني صدر بتاريخ 16 من إبريل سنة 1964 متضمناً إحالة الطاعن إلى القومسيون الطبي العام ليبدي رأيه بصفة نهائية في حالة الطاعن الصحية حتى يمكن البت في أمره تمهيداً لإحالته إلى الاستيداع أو فصله من الخدمة وكذلك لتحديد مسئوليته عن بعض المخالفات الإدارية المنسوبة إليه والمطروحة على مجلس التأديب المختص وقد أقام الطاعن الدعوى رقم 1437 لسنة 18 القضائية بطلب إلغاء هذا القرار.
ومن حيث إنه ولئن كان حكم المادة 109 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 الذي صدر القراران المطعون فيهما في ظله قد خولا جهة الإدارة الحق في إحالة الموظف إلى القومسيون الطبي العام في أي وقت للتحقق من توافر شرط اللياقة الطبية فيه باعتبار أن تحقق هذه اللياقة من الشروط الجوهرية للتعيين في خدمة الحكومة كما أنها شرط للاستمرار فيها، إلا أن القرار الذي يصدر بالإحالة إلى الكشف الطبي لا يعتبر قراراً إدارياً نهائياً ذلك لأنه ليس من شأنه أن ينشئ مركزاً قانونياً للموظف أو يعدل في مركزه القانوني، وإنما هو قرار تمهيدي للقرار الذي سيصدر من جهة الإدارة بعد أن تفصح الهيئة الطبية المختصة عن رأيها في خصوص لياقة الموظف للخدمة أو عدم لياقته ولذلك فلا يدخل قرار الإحالة إلى الكشف الطبي ضمن القرارات التي يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في طلب إلغائها. وعلى هذا الأساس فإذا كان القرار الصادر بتاريخ 16 من إبريل سنة 1964 المشار إليه قد اقتصر على إحالة الطاعن إلى الكشف الطبي توطئة للتصرف في أمره على ضوء ما يظهر من نتيجة فحصه بمعرفة الجهة الطبية المختصة، ولا ينطوي على قرار آخر بالامتناع عن صرف مرتب الطاعن فمن ثم فإن طلب إلغائه يخرج عن اختصاص محكمة القضاء الإداري، ويكون الحكم المطعون إذ قضى بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى قد أصاب الحق في قضائه ويكون الطعن رقم 800 لسنة 11 القضائية على غير أساس حقيقاً بالرفض مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى القرار الصادر في 26 من مايو سنة 1962 موضوع الدعوى رقم 1303 لسنة 16 والطعنين رقم 510 لسنة 9 القضائية ورقم 273 لسنة 12القضائية، فقد تضمن إلى جانب إحالة الطاعن إلى الكشف الطبي منع الطاعن من مزاولة أعمال وظيفته وحرمانه من مرتبه، وإذا كانت الإحالة إلى الكشف الطبي لا تعتبر قراراً إدارياً نهائياً على النحو السالف بيانه إلا أن المنع من مزاولة أعمال الوظيفة والحرمان من مرتبها أياً كان سند جهة الإدارة في ذلك، هو في حقيقة الأمر قرار بالتوقف عن العمل يأخذ حكم القرار الإداري النهائي فتختص محكمة القضاء الإداري بالنظر في طلب إلغائه للأسباب التي أوردتها هذه المحكمة في حكميها الصادرين في الدعوى رقم 1303 لسنة 16 القضائية في شقيها المستعجل والموضوعي والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها أسباباً لحكمها ومن ثم يكون الدفع بعدم الاختصاص الذي أبدته الحكومة على غير أساس من القانون حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى موضوع الطعنين المشار إليهما فإنه يبين من تقصي أحكام قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 الذي صدر القرار المطعون فيه في ظله والقانون 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة الذي ألغى القانون رقم 210 لسنة 1951 وحل محله. إن المشرع نظم أحكام الوظيفة العامة تنظيماً شاملاً واجه به كافة المواقف التي قد تصادفها جهة الإدارة في علاقتها بموظفيها بما يكفل لتلك الجهة باعتبارها المهيمنة على المرافق العامة من تحمل مسئوليتها نحو ضمان سير تلك المرافق بانتظام واطراد، وبموجب هذا التنظيم خول المشرع جهة الإدارة سلطات واسعة حيال الموظفين باعتبارهم عمال المرافق العامة، فهي تختص بسائر شئونهم الوظيفية من تعيين وترقية ومنح علاوات، ولها أن تقرر فصلهم من الخدمة سواء بالطريق التأديبي أو بالطريق غير التأديبي، كما يجوز لها إحالتهم إلى الاستيداع بسبب حالتهم الصحية أو لدواعي المصلحة العامة، ولها وقفه عن العمل مع ما يستتبعه الوقف من الحرمان من المرتب كله أو بعضه. وقد تضمنت النصوص التي خولت جهة الإدارة تلك السلطات تحديد الجهات المختصة باتخاذ تلك الإجراءات والضمانات الأساسية التي يتعين على الإدارة مراعاتها والتي قصد بها المشرع حماية مراكز الموظفين ورعاية حقوقهم. ووفقاً للتنظيم الذي وضعه المشرع بالنسبة إلى الوقف عن العمل فلا يجوز أن يوقع على الموظف كعقوبة تأديبية إلا بموجب حكم من المحكمة التأديبية المختصة (مادة 84) ولا يجوز الوقف احتياطياً إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى مع الموظف قبل إحالته إلى المحاكمة التأديبية إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك (مادة 95) ولا يوجد في نصوص القانون ما يسوغ لجهة الإدارة اتخاذ هذا الإجراء الأخير لغرض آخر كمجرد الشك في أن الموظف فقد شرط اللياقة الطبية أو لإجباره على الإذعان لقرار أصدرته جهة الإدارة كما لو أحالت موظفاً إلى الكشف الطبي وامتنع عن تمكين الجهة الطبية المختصة من فحصه، وإنما يجب أن تلتزم جهة الإدارة الوسيلة التي نص عليها القانون والغرض الذي شرعت من أجله، وما دام المشرع قد أجاز الوقف الاحتياطي في أحوال معينة محددة على سبيل الحصر فلا يجوز لجهة الإدارة أن تلجأ إلى هذه الوسيلة في غير ما شرعت له وإلا كان ذلك خروجاً على حدود التنظيم الذي رسمه المشرع وإهداراً للحكمة التي استهدفها من تخصيصه لكل حالة الإجراء الذي يناسبها.
ومن حيث إنه ولما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق المرفقة بملف الطعن أن الطاعن أصيب بمرض عقلي منذ سنة 1959 استلزم عرضه على القومسيون الطبي العام عدة مرات لتقرير الإجازة اللازمة لعلاجه ثم عمد الطاعن إلى عدم تمكين الجهة الطبية من فحصه منذ أواخر سنة 1960 فأصدرت جهة الإدارة قرارها المطعون فيه بعد أن أوصت بذلك المحكمة التأديبية المختصة قاصدة من هذا القرار إجبار الطاعن على عرض نفسه على الجهة الطبية المختصة فمن ثم فإن القرار المطعون فيه وقد أوقف الطاعن في غير الحالات التي يجوز فيها ذلك يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه لا وجه لما تثيره المطعون عليها من أن ذلك القرار صدر تنفيذاً لقرار المحكمة التأديبية فلا يجوز الطعن فيه إلا أمام المحكمة الإدارية العليا أو إن ذلك الإجراء قد أملته الضرورة ذلك لأنه بالنسبة إلى الاعتراض الأول فإنه مردود بأن التوصية التي ضمنتها المحكمة التأديبية أسباب قرارها ليست ملزمة لجهة الإدارة، فإذا وضعتها هذه الجهة موضع التنفيذ فإن قرارها يكون قراراً يجوز الطعن فيه أمام محكمة القضاء الإداري شأنه في ذلك شأن أي قرار إداري نهائي ولا ويجوز الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا. أما بالنسبة إلى الاعتراض الثاني المتعلق بحالة الضرورة فإنه على غير أساس ذلك لأن الإجراء الذي اتخذته جهة الإدارة لم يكن هو الوسيلة الوحيدة لاتقاء الضرر إذ كان يسوغ لجهة الإدارة أن تبلغ مجلس مراقبة الأمراض العقلية بحالة الطاعن لحجزه توصلاً لاستظهار حالته العقلية بصورة رسمية إذا ما تأكد لها أن حالته من شأنها الإخلال بالأمن أو بالنظام العام، أو أن تستصدر قراراً بفصله من الخدمة لدواعي الصالح العام أو تتخذ غير ذلك من الوسائل التي شرعها القانون دون ما إخلال بالضمانات الأصلية التي رتبها قانوني موظفي الدولة صوناً لأوضاعهم وحفاظاً على سكينتهم وطمأنينة ذويهم.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم فإن القرار المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون وإذ قضى الحكم الوقتي باستمرار صرف مرتب الطاعن بعد أن استظهر في أسبابه قيام حالة الاستعجال فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه ويكون الطعن رقم 510 لسنة 9 القضائية على غير أساس حقيقاً بالرفض، أما الحكم الصادر برفض الدعوى موضوعاً وهو مثار الطعن رقم 273 لسنة 12 القضائية فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه متعيناً إلغاؤه وإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الحكومة بالمصروفات في الدعويين.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن رقم 510 لسنة 9 القضائية ورقم 273 لسنة 12 القضائية ورقم 800 لسنة 11 القضائية شكلاً وفي الموضوع:
أولاً - بالنسبة إلى الطعن رقم 800 لسنة 11 القضائية برفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.
ثانياً - بالنسبة إلى الطعن رقم 510 لسنة 9 القضائية برفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.
ثالثاًَ - بالنسبة إلى الطعن رقم 273 لسنة 12 القضائية بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر بوقف المدعي عن العمل وما ترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 96 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

انهاء خدمة  أسبابها  الاستقالة الحكمية بسبب انقطاع الموظف عن عمله - عدم جواز تقريرها فى حالة اتخاذ اجراءات تأديبية ضده - المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - المقصود بذلك هو الاجراءات المتصلة بواقعة الانقطاع ذاتها.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 1175

(129)
جلسة 17 من يونيه سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخارى وعبد الستار عبد الباقى آدم ويوسف ابراهيم الشناوى المستشارين.

القضية رقم 714 لسنة 9 القضائية

موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة حكمية". الاستقالة الحكمية بسبب انقطاع الموظف عن عمله - عدم جواز تقريرها فى حالة اتخاذ اجراءات تأديبية ضده - المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - المقصود بذلك هو الاجراءات المتصلة بواقعة الانقطاع ذاتها.
أن مجال تطبيق نص المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة، فى حدود الحكمة التشريعية التى قام عليها ينحصر فى حالة اتخاذ اجراءات تأديبية بصدد الانقطاع عن العمل خلال المدة التى يعد انقضاؤها قرينة على الاستقالة ما دام الأمر فى شأن هذا الانقطاع قد ترك لتقدير الجهة القائمة على التأديب. أما اذا كانت تلك الاجراءات منبتة الصلة بالانقطاع المذكور فان الحكمة المشار اليها لا تتحقق فى شأنها فلا تحول دون اعتبار الموظف مستقيلا - اذ بالاضافة الى أن نتيجة تلك الاجراءات أيا كانت لا علاقة لها بالسبب الذى يقوم عليه القرار المذكور فان اعتبار الموظف مستقيلا ما كان ليحول دون السير فيها الى نهايتها وفقا لنص المادة 102 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن الحكم المطعون فيه صدر فى أول ديسمبر سنة 1962 وأن المدعى طلب اعفاءه من رسوم الطعن فى 20 من يناير سنة 1963 وتقرر قبول هذا الطلب فى 11 من مارس سنة 1963 فأقام هذا الطعن بايداع تقرير به قلم كتاب هذه المحكمة فى 29 من ابريل سنة 1963.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الادارية لوزارتى الأشغال والحربية فى 5 من سبتمبر سنة 1961 أقام السيد/ عبد البديع محمد على العربى الدعوى رقم 1392 لسنة 8 القضائية طالبا الحكم بالغاء قرار وزارة الحربية الصادر فى 10 من نوفمبر سنة 1960 برقم 3414 والقاضى بفصله من عمله مع ما يترتب على ذلك من آثار وقال شرحا لدعواه أنه عين فى سنة 1938 موظفا بمصلحة الطب الشرعى وكان فى ذات الوقت يقوم بتكليف من وزارة المعارف بتدريس الفنون المسرحية فى مدارسها وفى سنة 1952 تقدم بمذكرة الى وزارة الحربية ضمنها مشروعا بانشاء المسرح العسكرى فصدر أمر تكليف اليه بانشائه وفى 4 من مارس سنة 1953 صدر قرار بندبه لوزارة الحربية ثم فى 2 من مايو سنة 1953 نقل إليها للعمل بالمسرح ثم أرغم على ترك المسرح العسكرى وأسند اليه الاشراف الفنى على النواحى الثقافية بادارة الشئون العامة ثم بعد ذلك بمكتب السيد الوزير وفى 17 من يونيو سنة 1954 نقل الى وظيفة كاتب بادارة القرعة فتظلم من هذا القرار وانتهى الأمر بأن صدر قرار من وزارة الحربية فى 22 من أغسطس سنة 1954 بندبه لوزارة الارشاد للعمل بادارة الشئون الفنية وظل يعمل فى تلك الوزارة بطريق الندب لمدة خمس سنوات وفى يناير سنة 1959 ألغى ندبه من مصلحة الفنون وأعيد لوزارة الحربية حيث الحق بمراقبة السكرتارية على أن يعمل بشئون الثقافة الفنية وفى مارس سنة 1959 أنشئت ادارة للشئون الرياضية و الثقافية تتبع مراقبة السكرتارية بالحربية وألحق بها مشرفا لشئون الثقافة الفنية الا أنه لم يمكن من أداء أى عمل مما دفعه الى أن يتقدم بالعديد من الشكاوى والتظلمات ولكن دون جدوى - وفى 23 من أكتوبر سنة 1960 أرسل اليه انذار بواسطة الشرطة متضمنا أنه سيعتبر مستقيلا من الخدمة لانقطاعه عن العمل منذ 12 من سبتمبر سنة 1960 ثم فى 10 من نوفمبر سنة 1960 صدر القرار المطعون فيه باعتباره مستقيلا من الخدمة اعتبارا من 12 من سبتمبر سنة 1960 تاريخ انقطاع المزعوم عن العمل - وذكر المدعى أن هذا القرار جاء مجحفا ومبينا على أسباب مشوبة بالتعسف فتظلم منه فى الميعاد القانونى ولما لم يجب الى تظلمه تقدم بطلب لاعفائه من رسوم دعوى الالغاء تقرر قبوله فى 12 من يولية سنة 1961 - ويبين أن أسباب طعنه على القرار تتحصل فى أنه لم ينقطع عن عمله وأنه فى أول سبتمبر سنة 1960 تقرر وقف مرتبه عن شهر أغسطس سنة 1960 وادعى المختصون بالوزارة أنه انقطع عن العمل منذ 22 من أغسطس سنة 1960 الى 26 من أغسطس سنة 1960 رغم أن الثابت أنه كان موجودا بمقر عمله ولكنه كان ممتنعا عن التوقيع على الساعة الميقاتية احتجاجا على تركه دون عمل طيلة سنتين - وفى 12 من سبتمبر سنة 1960 التاريخ المقول بأنه امتنع ابتداء منه عن العمل صدر قرار من وزارة الارشاد أبلغت به وزارة الحربية بطلب اعادة ندبه اليها للعمل الفنى بها وفى ذلك التاريخ أيضا صدر قرار بنقله كاتبا بادارة الحرب الكيماوية ولم يخطر به اطلاقا بل كان يتواجد بديوان الوزارة ويوقع يوميا بدفتر استعلامات الوزارة لمباشرة موضوع نقله ومرتبه الموقوف وكان المسئولون بالوزارة يطلبونه ويستكتبونه التماسات كانت تتخذ طريقها فى العرض حتى 23 من أكتوبر سنة 1960 تاريخ ارسال الانذار اليه عن طريق الشرطة بعد أن رفضت التماسات ندبه لوزارة الارشاد وفى ذات الفترة التى قيل بأنه منقطع فيها عن العمل كان ماثلا أمام النيابة الادارية للتحقيق معه فى مزاعم الانقطاع الأولى وفى 27 من أكتوبر سنة 1960 تقدم باستقالة مسببة خشى معها المختصون أن يظهر منها مدى تعسفهم فى معاملته فطلبوا منه فى 5 من نوفمبر سنة 1960 سحبها بدعوى امكان الموافقة على طلب وزارة الارشاد لاعادة ندبه اليها ثم اذا به يفاجأ بصدور قرار فصله.
وأجابت الوزارة على الدعوى بقولها أن لجنة التنقلات الداخلية وافقت بجلسة 8 من سبتمبر سنة 1960 على الحاق المدعى بادارة الحرب الكيماوية ولكن ورد رد من ادارة الشئون الرياضية التى كان يعمل بها بأنه رفض تنفيذ قرار اللجنة كما رفض التوقيع بالعلم على كتاب النقل بحجة أنه سيندب الى وزارة الارشاد القومى وانقطع عن العمل اعتبارا من 12 من سبتمبر سنة 1960 واستمر منقطعا منذ ذلك التاريخ وتظلم من نقله الى ادارة الحرب الكيماوية وطلب ندبه لوزارة الارشاد وانتهى الرأى بعد عرض الأمر على السيد الوزير بأنه لا يمكن النظر فى أمر ندبه الا بعد تنفيذه أوامر الوزارة الخاصة بالنقل أو على الأقل عودته للعمل بالجهة المنقول لها. وذكرت الوزارة أنه رغم مضى المدة الموجبة لفصله طبقا لأحكام المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أرسلت الوزارة اشارة تليفونية الى مأمور شرطة قسم عابدين فى 23 من أكتوبر سنة 1960 أى بعد حوالى شهر ونصف من انقطاع المدعى عن العمل طالبة التنبيه عليه بأنه سيعتبر مستقبلا لانقطاعه عن العمل بدون اذن منذ 12 من سبتمبر سنة 1960 وأيدت ذلك بكتاب أرسلته فى 24 من أكتوبر سنة 1960 ووردت اشارة من الشرطة بأنه علم بمضمون اشارة الوزارة وأنه فى انتظار الرد على شكواه - واضافت الوزارة أنه ظل منقطعا عن العمل فصدر فى 10 من نوفمبر سنة 1960 قرار باعتباره مستقيلا من الخدمة طبقا لأحكام المادة 112 المشار اليها وتظلم من هذا القرار وأبلغ برفض تظلمه فى 29 من مارس سنة 1961.
وتقدم المدعى بثلاث مذكرات بدفاعه اضاف فيها الى ما ورد بصحيفة الدعوى أن المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تنص فى الفقرة الأخيرة منها على أنه لا يجوز اعتبار الموظف مستقيلا اذا كانت قد اتخذت ضده اجراءات تأديبية خلال الشهر التالى لتركه العمل والثابت أنه مثل أمام النيابة الادارية فى 8 من أكتوبر سنة 1960 وحقق معه وتقرر توقيع جزاء عليه فى 10 من أكتوبر سنة 1960 وذكر أنه لم يعلن بقرار فصله وأنه كان ملحقا بمراقبة السكرتارية بمبنى الديوان العام ثم أنشئت ادارة للرياضة والثقافة تتبع مراقبة السكرتارية اتخذت مقرا لها غرفة بمبنى ادارة التدريب والتنظيم وأن السيد أحمد وحيد مدير عام الشئون الادارية بوزارة الحربية قد أصدر اليه أمرا شفويا بالوجود بالديوان العام للوزارة اعتبارا من 12 من سبتمبر سنة 1960 ريثما تتم اجراءات ندبه لوزارة الارشاد وأن توقيعه فى دفتر استعلامات الوزارة يؤكد تمسكه بعمله واصراره على ابلاغ تظلمه الى المسئولين بالوزارة لاتخاذ قرار بشأن انصافه.
وعقبت الوزارة على دفاع المدعى بقولها أن المقصود بالفقرة الأخيرة من المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 هو الاحالة على المحكمة التأديبية أما كونها طلبت من النيابة الادارية التحقيق معه فيما نسب اليه من مخالفات فذلك يعتبر من اجراءات التحقيق ولا يدخل ضمن الاجراءات التأديبية أما قول المدعى أنه كان يحضر الى ديوان الوزارة فمردود بأن جهة عمله قبل نقله هى ادارة التدريب والتنظيم والشئون الرياضية بمبنى غير مبنى الوزارة وبذلك لا يكون له أى عمل بالديوان العام أما دفتر الاستعلامات الذى وقع عليه فمخصص لكى يوقع عليه أى شخص يدخل ديوان عام الوزارة لاثبات شخصيته - وأضافت الوزارة أنه واضح من صحيفة الدعوى أن المدعى لم يستلم عمله بالجهة التى نقل اليها.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على أنه فى 8 من سبتمبر سنة 1960 وافقت لجنة التنقلات الداخلية بالوزارة على نقل المدعى من ادارة الشئون الرياضية الى ادارة الحرب الكيماوية وكل منهما فى مبنى مستقل عن مبنى ديوان الوزارة ولكنه انقطع عن عمله بادارة الشئون الرياضية ولم ينفذ قرار نقله باستلام العمل فى ادارة الحرب الكيماوية وأخذ يتردد على مبنى الديوان العام للسعى فى ندبه بوزارة الارشاد ولصرف مرتبه الذى كان قد تقرر وقف صرفه اعتبارا من أول سبتمبر سنة 1960 لانقطاعه عن العمل بضعة أيام خلال شهر أغسطس سنة 1960 والتظلم من قرار نقله الى ادارة الحرب الكيماوية ولما استمر منقطعا عن عمله بدون اذن منذ 12 من سبتمبر سنة 1960 صدر فى 10 من نوفمبر سنة 1960 قرار باعتباره مستقيلا من الخدمة استنادا الى نص المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - أما ما أثاره المدعى من أنه قد اتخذت ضده اجراءات تأديبية بمعرفة النيابة الادارية انتهت فى 10 من أكتوبر سنة 1960 الى خصم أيام من مرتبه فلا حجة فيه لأن التحقيق الذى أجرته النيابة الادارية كان عن وقائع حدثت وجوزى عنها قبل انقطاعه الأخير موضوع القرار المطعون فيه - أما تردده على الديوان العام فلا يعنى قيامه بعمله ولا يدل الا على أمعانه فى موقفه السلبى وهو الاستمرار فى التخلف عن عمله بدون عذر مقبول ولا يجديه قوله أن مدير عام الشئون الادارية بوزارة الحربية قد أصدر له أمرا شفويا بالوجود بالديوان لأن هذا الأمر الشفوى لا ينفى عنه أنه كان منقطعا عن عمله بادارة الحرب الكيماوية التى نقل اليها فى 8 من سبتمبر سنة 1960 كما أن وجوده بمكتب وزير الحربية فى 8 من أكتوبر سنة 1960 لسحب الاستقالة لا ينفى عنه انقطاعه قبل ذلك عن عمله خمسة عشر يوما متعاقبة من 12 من سبتمبر سنة 1960 وبذلك يكون القرار الصادر بفصله قائما على سببه ومطابقا للقانون.
ومن حيث أن الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولا: أنه كان قد صدر الى المدعى أمر شفوى من الأستاذ أحمد وجيد مدير عام الشئون الادارية بالوزارة بالعمل فى مكتبه بديوان عام الوزارة وكان مصدر هذا الأمر يملك بحكم منصبه ولأنه كان رئيسا للجنة شئون الموظفين بالوزارة - ندب المدعى من جهة الى أخرى بغير حاجة الى عرض أمر الندب على لجنة التنقلات الداخلية بالوزارة - وبناء على هذا الأمر الشفوى كان المدعى يحضر بصفة مستمرة الى إدارة الشئون الادارية بديوان عام الوزارة ولم يكن يقيد اسمه فى دفتر الاستعلامات الا فى الأيام التى يحضر فيها متأخرا الى عمله وفقا للنظام المتبع - وقد رفضت المحكمة التحقق من صحة كل ذلك عن طريق سماع أقوال الأستاذ أحمد وحيد.
ثانيا: أنه قد اتخذت ضد المدعى اجراءات تأديبية بمعرفة النيابة الادارية وأجرى معه تحقيق تم فى 8 من أكتوبر سنة 1960 وقدمت مذكرة بنتيجته فى 10 من أكتوبر سنة 1960 وأثبت الحكم خطأ أنه قد جوزى عنه قبل انقطاعه موضوع القرار المطعون فيه فى حين أن التحقيق ونتيجته لم يتما الا خلال الشهر التالى للتاريخ الذى اعتبرته الوزارة بداية لانقطاعه وهو 12 من سبتمبر 1960 ومن ثم ما كان يصح اعتباره مستقيلا طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
ثالثا: أن الأوراق حافلة بما قطع بأن المدعى كان متمسكا بوظيفته بما ينفى القرينة الضمنية المستفادة مما تقول به الوزارة من تغيبه عن العمل اذ تظلم من قرار نقله الى ادارة الحرب الكيماوية ومثل أمام النيابة الادارية للتحقيق وسحب الاستقالة التى قدمها فى 27 من أكتوبر سنة 1960.
ومن حيث أن الوزارة قد أودعت حافظة بمستنداتها حوت كتابا موجها من مراقب عام شئون العاملين الى مراقب عام الشئون القانونية تضمن تعقيبها على الطعن وهو يتحصل فى أن المدعى قد انقطع عن العمل اعتبارا من 12 من سبتمبر سنة 1960 على أثر صدور أمر بنقله من ادارة الشئون الرياضية الى ادارة الحرب الكيمائية ولم يتقدم باستقالته الا فى 26 من أكتوبر سنة 1960 أى بعد مرور خمسة وأربعين يوما على انقطاعه واعتباره مستقيلا من الخدمة طبقا للمادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فلا عبرة بطلب سحب تلك الاستقالة فى 5 من نوفمبر سنة 1960 أما الاشارة التليفونية فقد كانت مرسلة اليه أصلا لابلاغه باعتباره مستقيلا من الخدمة لانقطاعه عن العمل بدون اذن مدة زادت على خمسة عشر يوما - أما ما يزعمه من صدور أمر ندب اليه من مدير عام الشئون الادارية فلا يقوم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث أن المدعى قد تقدم بمذكرة بدفاعه أضاف فيها الى ما تضمنه تقرير الطعن أنه لما تعنتت معه وزارة الحربية استصدر كتابا من وزارة الارشاد فى 11 من سبتمبر سنة 1960 بطلب ندبه من وزارة الحربية للعمل الفنى بوزارة الارشاد ليلحق بالمسرح القومى وبتقديم هذا الكتاب الى وزارة الحربية صدر قرار بنقله الى ادارة الحرب الكيمائية من لجنة شئون الموظفين بالوزارة اتخذ تاريخ 8 من سبتمبر سنة 1960 - وذكر أن بعض زملائه شهدوا بأنه حضر الى ادارة الرياضة والثقافة يومى 12، 13 من سبتمبر سنة 1960 وأنه تظلم من قرار نقله الى السيد/ أحمد وجيد مدير عام الشئون الادارية بوزارة الحربية - وأنه تقدم فى حافظة مستنداته الأخيرة بما يفيد أنه حدثت اتصالات بين وزارة الارشاد القومى ووزارة الحربية بشأن ندبه ليستفيد المسرح القومى من خبرته وأنه لذلك فليس بمستغرب أن يصدر السيد/ أحمد وجيد أمرا له بالتواجد فى مكتبه الى أن تتم اجراءات الندب - وأشار الى ظروف سحب استقالته وذكر أن ادارة الشئون الادارية بوزارة الحربية قد استمرت بعد هذا التنازل متعنتة معه وطلبت منه أن يستلم العمل فى ادارة الحرب الكيمائية ولو ليوم واحد وأضاف أنه نقل الى وزارة الحربية لأسباب فنية فهو ليس موظفا عاديا تسرى عليه المقاييس العادية للوظائف الكتابية بتلك الوزارة من حيث الحضور والانصراف وأشار الى ما لاقاه من صعوبات بعد فصله والى أنه رغم الجهود التى بدلها طيلة سبع سنوات لم يعين فى أية فرقة من فرق الدولة.
ومن حيث أنه يبين من الأوراق أن المدعى كان يشغل وظيفة من الدرجة السادسة الكتابية بادارة الشئون الرياضية بوزارة الحربية - ونظرا الى أنه انقطع عن عمله بتلك الادارة فى المدة من 21 الى 26 من أغسطس سنة 1960 وفى 28 من أغسطس سنة 1960 - فقد وافق وكيل الوزارة فى 30 من أغسطس سنة 1960 على وقف صرف مرتبه كما وافق فى 6 من سبتمبر سنة 1960 على إحالته إلى النيابة الادارية للتحقيق معه فيما نسب اليه من مخالفات تتعلق بانقطاعه عن عمله خلال المدة المذكورة وبتوقيعه كتابا يتضمن بيانات تخالف الحقيقة عن وجوده بمقر عمله - وبدأت النيابة الادارية فى التحقيق فى 4 من أكتوبر سنة 1960 وسمعت أقوال المدعى فى 8 من أكتوبر وانتهت فى مذكرتها المؤرخة 10 من أكتوبر سنة 1960 الى ثبوت انقطاعه عن عمله دون اذن خلال المدة المشار اليها وأنه خالف التعليمات الادارية فلم يقم بالتوقيع فى الساعة الميقاتية ولم ينتظم فى الحضور حتى تاريخ اخطاره بنقله الى ادارة الحرب الكيمائية فى 12 من سبتمبر سنة 1960 ولم ينفذ قرار النقل الى تلك الادارة وحرر فى 6 من سبتمبر خطابا يتضمن بيانات تخالف الحقيقة عن وجوده بمقر الادارة - وفى 10 من نوفمبر سنة 1960 قرر وكيل الوزارة حرمانه من مرتبه عن أيام الغياب - ولما استمر انقطاعه عن عمله أرسلت ادارة المستخدمين فى 23 من أكتوبر سنة 1960 اشارة الى مأمور شرطة عابدين طالبة اخطار المدعى بأنه (سيصير اعتباره مستقيلا من الخدمة لانقطاعه عن العمل بدون اذن من 12 من سبتمبر سنة 1960 وذلك وفقا لأحكام المادة 112 فقرة أولى من قانون التوظف) وأجاب المدعى على هذا الاخطار بطلب تقدم به الى الوزارة مؤرخ 26 من أكتوبر سنة 1960 ووصل الى مكتب وزير الحربية فى 31 من أكتوبر سنة 1960 ذكر فيه أنه لم ينقطع عن العمل وأنه فى 12 من سبتمبر سنة 1960 أحضر باليد صورة من كتاب وزارة الارشاد القومى بطلب ندبه اليها وذلك بناء على طلب المدير العام المساعد للشئون الادارية فى محادثة تمت بينه وبين أحد المختصين بوزارة الارشاد - كما ذكر أنه والى منذ ذلك التاريخ الحضور الى الوزارة يوميا واضعا نفسه تحت امرتها وأمرة مدير شئونها الادارى المساعد وأرسل برقية الى الوزير وكان ينتظر يوميا بغرفة استعلامات الوزارة - كنص البرقية - حكم الوزير فى مظلمته الذى عبرت عنه أخيرا ادارة المستخدمين فى اشارتها وأنه لذلك يرفع استقالته اذ بقبوله العمل الكتابى يفقد صفة العمل الفنى فلا تقبله وزارة الارشاد فى عمل فنى بها - ثم فى 5 من نوفمبر سنة 1960 تقدم بطلب الى الوزير ذكر فيه أنه نظرا الى زوال الظروف التى دعته الى تقديم الاستقالة فانه يرجو الموافقة على سحبها واعادته الى عمله - وفى 10 من نوفمبر سنة 1960 صدر القرار المطعون فيه باعتباره مستقيلا من الخدمة لانقطاعه عن العمل بدون اذن اعتبارا من 12 من سبتمبر سنة 1960 فأقام دعواه طالبا الغاءه.
ومن حيث ان المدعى ينعى على الحكم الصادر برفض دعواه أنه أخطأ اذ أقام قضاءه على أنه انقطع عن عمله دون اذن مدة تزيد على خمسة عشر يوما رغم أنه كان يوالى الحضور الى ديوان الوزارة بناء على أمر شفوى صدر له من مدير عام الشئون الادارية بالوزارة للعمل بمكتبه وكان يقيد اسمه بدفتر استعلامات الوزارة فى الأيام التى كان يحضر فيها متأخرا وهذا النعى مردود بأنه بالاضافة الى أنه ليس فى الأوراق ما يفيد صدور قرار أو أمر من مختص يعفى المدعى من الانتظام فى عمله فى مقر ذلك العمل - فان فيما تضمنه طلب الاستقالة المقدم منه فى 26 من أكتوبر سنة 1960 ما يهدم زعمه فى هذا الشأن اذ لم يشر فى هذا الطلب الى أى قرار أو أمر شفوى أو مكتوب بندبه أو بتكليفه بالعمل فى الديوان العام بل اقتصر على القول بأنه بعد أن أحضر فى 12 من سبتمبر سنة 1960 صورة كتاب وزارة الارشاد القومى ظل يوالى الحضور الى الديوان العام يوميا واضعا نفسه تحت تصرف الوزارة وأن الموضوع قد انتهى بارساله برقية الى السيد الوزير وكان ينتظر يوميا بغرفة الاستعلامات الى أن يبت الوزير فى تظلمه.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق أن المدعى قد علم بقرار نقله الى ادارة الحرب الكيماوية فى 12 من سبتمبر سنة 1960 حسبما هو مستفاد من أقواله فى تحقيق النيابة الادارية ولكنه امتنع عن تنفيذ هذا القرار كما انقطع عن عمله الذى نقل منه واقتصر على التردد على ديوان الوزارة ساعيا الى اتمام ندبه للعمل بوزارة الارشاد القومى ومتظلما مما انتهى اليه وضعه بوزارة الحربية - وتصرفه على هذا الوجه ينطوى على اصراره على عدم الرضوخ للقرار الصادر بنقله وعلى امعانه فى الانقطاع عن عمله دون مبرر. واذ جاوز هذا الانقطاع مدة خمسة عشر يوما متعاقبة - وهى المدة التى عد المشرع انقضاءها قرينة على اعتزال الخدمة. فان القرار الصادر باعتباره مستقيلا يكون قائما على سببه ومطابقا للقانون - ولا وجه للنعى على هذا القرار بأن فى الأوراق ما يقطع بأن المدعى كان متمسكا بوظيفته بما ينفى قرينة الاستقالة الضمنية - ذلك أن القرينة المذكورة انما ترتفع اذا انتفى الافتراض الذى تقوم عليه بتقدم الموظف خلال الخمسة عشر يوما التالية للخمسة عشر يوما الأولى التى انقطع فيها عن عمله - لا بعد ذلك - بما يفيد أن انقطاعه كان لعذر مقبول تقدره جهة الادارة وهو ما لم يقم به المدعى فضلا عن أنه ليس فى الأوراق ما يفيد أن انقطاعه كان له ما يبرره.
ومن حيث أنه لا وجه للنعى على الحكم المطعون فيه بأنه خالف حكم الفقرة الأخيرة من المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التى تقضى بأنه "لا يجوز اعتبار الموظف مستقيلا فى جميع الأحوال اذا كانت قد اتخذت ضده اجراءات تأديبية خلال الشهر التالى لتركه العمل) ذلك أن مجال تطبيق هذا النص فى حدود الحكمة التشريعية التى قام عليها ينحصر فى حالة اتخاذ اجراءات تأديبية بصدد الانقطاع عن العمل خلال المدة التى يعد انقضاؤها قرينة على الاستقالة ما دام الأمر فى شأن هذا الانقطاع قد ترك لتقدير الجهة القائمة على التأديب. أما اذا كانت تلك الاجراءات منبتة الصلة بالانقطاع المذكور فان الحكمة المشار اليها لا تتحقق فى شأنها فلا تحول دون اعتبار الموظف مستقيلا - اذ بالاضافة الى أن نتيجة تلك الاجراءات أيا كانت لا علاقة لها بالسبب الذى يقوم عليه القرار المذكور فان اعتبار الموظف مستقيلا ما كان ليحول دون السير فيها الى نهايتها وفقا لنص المادة 102 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 ولما كان الثابت من الأوراق أن ما أجرى مع المدعى من تحقيق خلال الشهر التالى لانقطاعه عن عمله كان بصدد وقائع لا علاقة لها بالانقطاع الذى قام عليه القرار الصادر باعتباره مستقيلا فان هذا القرار يكون سليما وغير منطو على أية مخالفة لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 112 المشار اليها.
ومن حيث أنه لذلك تكون دعوى المدعى بطلب الغاء القرار الصادر باعتباره مستقيلا غير قائمة على أساس سليم واذ قضى الحكم المطعون فيه برفضها فانه يكون قد أصاب الحق فى قضائه الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض هذا الطعن مع الزام المدعى بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

"حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت المدعى بالمصروفات".

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 91 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

انتهاء مدة خدمته باحالته الى المعاش لبلوغه السن القانونية  مدة افادته من أحكام المنسيين بعد انتهاء الخدمة

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من اول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 1069

(110)
جلسة 28 من مايو سنة 1960

برياسة السيد سيد على الدمراوى نائب رئيس المجلس وعضوية السادة السيد ابراهيم الديوانى وعلى بغدادى والدكتور محمود سعد الدين الشريف وحسنى جورجى المستشارين.

القضية رقم 931 لسنة 4 القضائية:

موظف - انتهاء مدة خدمته باحالته الى المعاش لبلوغه السن القانونية - مدة افادته من أحكام المنسيين بعد انتهاء الخدمة - لا يفيد من أحكام صدرت وعمل بها بعد بلوغ سن الاحالة.
ان الاصل هو انتهاء خدمة الموظف بقوة القانون عند بلوغه سن الستين ولا يجوز مد خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة بعد ذلك الا بقرار من الوزير المختص وبعد الاتفاق مع وزير المالية، وان الوزير المختص بالاشتراك مع وزير المالية هو الذى يملك - استثناء من الأصل - مد خدمة الموظف بعد بلوغ السن المقررة بما لا يجاوز سنتين بأى حال بعد بلوغ تلك السن القانونية، وهو ما لم يتحقق بالنسبة للمدعى.
وأخذا بهذه الاصول فان خدمة المدعى تعتبر قد انتهت قانونا اعتبارا من 19 من يولية سنة 1956 ببلوغه الستين، وبهذه الاحالة الى المعاش التى صدر بها الاذن رقم 10 من السيد مساعد مدير منطقة بنها التعليمية فى 5 من يولية سنة 1956 انفصمت رابطة المدعى بالحكومة قانونا اعتبارا من 19 من يولية سنة 1956 وامتنع عليه من ثم الافادة من التعديل التشريعى للفقرة الاولى من المادة 40 مكررة من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة، اذ لا شبهة فى أن الحكم الذى استحدثه القانون رقم 322 لسنة 1956 الصادر بهذا التعديل والذى لم يعمل به الا اعتبارا من 2 من سبتمبر سنة 1956 لا ينطبق على المدعى بعد أن انقطعت علاقته بالحكومة قانونا، ولا يغير من هذه النتيجة أن تكون منطقة بنها التعليمية قد تلكأت بغير حق فى انفاذ حكم القانون على المدعى بما اقترحته لجنة شئون الموظفين بها فى 10 من ديسمبر سنة 1956، وبعد انتهاء خدمة المدعى قانونا، من مد خدمته الى سن الخامسة والستين، اذ لم يلق هذا الاقتراح قبولا من المختصين.

اجراءات الطعن

فى 7 من سبتمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 931 لسنة 4 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 9 من يولية سنة 1958 فى الدعوى رقم 197 لسنة 3 القضائية المقامة من السيد/ ابراهيم عراقى دراز ضد وزارة التربية والتعليم والقاضى بأحقية المدعى للترقية منسيا الى الدرجة السابعة بصفة شخصية اعتبارا من 2 من سبتمبر سنة 1956 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الوزارة المصروفات. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التى استند اليها فى صحيفة طعنه قبول الطعن شكلا وفى الموضوع الغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع الزام المدعى المصروفات. وقد أعلن هذا الطعن الى وزارة التربية والتعليم فى 26 من اكتوبر سنة 1958 والى المطعون عليه فى 4 من ديسمبر سنة 1958، وفى 10 من أغسطس سنة 1959 أبلغ الخصوم بجلسة 30 من يناير سنة 1960 المحددة لنظر هذا الطعن أما دائرة فحص الطعون التى أحالته الى المحكمة الادارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 30 من ابريل سنة 1960. وفى هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت ارجاء النطق بالحكم فى الطعن الى جلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد أستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليه السيد/ ابراهيم عراقى دراز أقام الدعوى رقم 197 لسنة 3 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم أمام المحكمة الادارية لوزارة التربية بصحيفة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة فى 13 من فبراير سنة 1956 طالبا الحكم بتسوية حالته باعتباره فى الدرجة التاسعة من بدء تعيينه ثم منحه الدرجة السادسة أسوة بما اتبع مع زملائه وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المترتبة على التسوية المذكورة، وقال شرحا لدعواه انه حصل على شهادة الاقسام الليلية فى عام 1926 وعين معلما بلجنة التعليم الالزامى فى 10 من اكتوبر سنة 1926 ثم التحق بمدارس المديرية بمرتب قدره أربعة جنيهات وظل راتبه يتدرج بعلاوات ضئيلة حتى بلغ فى أواخر ابريل سنة 1953 750 م ر6ج وأخيرا منح الدرجة الثامنة اعتبارا من أول مايو سنة 1953 وذكر أن له زميلا هو السيد/ عبد الهادى خليل خطاب الذى كان مدرسا بمدرسة نوى الابتدائية وأحيل الى المعاش فى سنة 1956 وقد حصل على ذات مؤهله وعين معه فى سنة واحدة، ومع ذلك فقد منح الدرجة الثامنة فالسابعة فالسادسة فى سنوات متتالية، ولم يؤت هو مثل هذا الحظ. وردت الجهة الادارية بأن المدعى عين معلما تابعا للجنة التعليم الالزامى فى 10 من اكتوبر سنة 1926 بمرتب قدره أربعة جنيها شهريا على غير درجة وهو حاصل على شهادة الأقسام الليلية فى عام 1926 وقد نقل من لجنة التعليم الالزامى الى مجلس مديرية القليوبية اعتبارا من أول نوفمبر سنة 1937 بماهيته التى كان يتقاضاها وهى 250 م ر4 ج خارج الهيئة ثم وضع على الدرجة التاسعة (3 - 7 ج) اعتبارا من أول مارس سنة 1938، وفى أول يناير سنة 1938 قيد على الدرجة (3 - 6 ج) ثم قيد فى أول مايو سنة 1939 على وظيفة مؤقتة بدلا من وظيفة خارج الهيئة وقيد بعد ذلك على الدرجة (4 - 6 ج) اعتبارا من أول مايو سنة 1943 وزاد مرتبه بالعلاوات حتى 750م ر6ج اعتبارا من أول مايو سنة 1950 وضم بعد ذلك الى وزارة التربية والتعليم اعتبارا من أول مارس سنة 1951 بناء على القانون رقم 108 لسنة 1950 ورقى الى الدرجة الثامنة الشخصية اعتبارا من 7 من مارس سنة 1953 بمرتب قدره 9 ج شهريا زيد بالعلاوات الدورية الى 10 ج اعتبارا من أول مايو سنة 1954. وقال ان هذا العرض التفصيلى لحالته يوضح أنه منح جميع حقوقه كاملة وليس له حق فى دعواه، أما زملاءه الذين يريد التشبه بهم فقد عينوا أصلا بخدمة مجالس المديريات وكانت بداية تعيينهم على الدرجة الثامنة بحسب ميزانية المجالس ولذلك أدركتهم الترقية الى الدرجة السابعة منسيين فى أول يولية سنة 1943 وحالتهم تختلف عن حالة المدعى ولذلك خلصت الوزارة من ذلك العرض الى طلب رفض الدعوى. وقد قدم المطعون عليه مذكرة فى 21 من نوفمبر سنة 1957 ذكر فيها أن قرارات الانصاف الصادرة سنة 1944 وأن لم تشتمل على مؤهل المدعى الا أنه قد صدر كتاب دورى رقم 2 ملف رقم ف 234 - 1 - 302 مؤقت فى شأن تقدير بعض المؤهلات الدراسية وقد ورد فيه تحت رقم 25 أن شهادة الأقسام الليلية للمعلمين الأولية فى الدرجة التاسعة بمرتب خمسة جنيهات للقائمين منهم بأعمال التدريس من بدء التعيين ثم صدر منشور دورى من وزارة المالية فى 8 من سبتمبر سنة 1951 بهذا المعنى والمنشور مكمل لقرارات الانصاف الصادرة فى سنة 1944 وأنه اذا اعتبر طبقا لما تقدم فى الدرجة التاسعة من بدء التعيين فى 10 من أكتوبر سنة 1926 وفى الدرجة الثامنة من 7 من مارس سنة 1953، أصبح مستحقا للترقية منسيا طبقا للمادة 40 مكررا من قانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 التى تقضى بأنه اذا قضى الموظف خمسة عشر عاما فى درجة واحدة وخمسة وعشرين عاما فى درجتين متتاليتين أو ثلاثين سنة فى ثلاث درجات ويكون قد مضى عليه فى الدرجة الاخيرة ثلاث سنوات على الاقل اعتبار مرقى الى الدرجة التالية بصفة شخصية ما لم يكن التقريران الاخيران بدرجة ضعيف، وخلص من ذلك الى أنه يستحق الترقية الى الدرجة السابعة ثم الى الدرجة السادسة بقوة القانون وختم طلباته بالتماس تطبيق قواعد الانصاف عليه وما تلاها من قواعد مكملة لها مع صرف الفروق المالية المترتبة على ذلك من تاريخ التعيين حتى تاريخ احالته الى المعاش فى 19 من يولية سنة 1956 مع المطالبة بمنحه الدرجات المستحقة له طبقا للمادة 40 مكررا من قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 مع الزام الوزارة بالمصروفات". وبجلسة 9 من يولية سنة 1958 حكمت المحكمة الادارية "بأحقية المدعى للترقية منسيا الى الدرجة السابعة بصفة شخصية اعتبارا من 2 من سبتمبر سنة 1956 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات". وأسست قضاءها - بعد استعراض الوقائع - على أن قواعد الانصاف لم تتضمن تقديرا لمؤهل المدعى (شهادة الاقسام الليلية) وان كان هذا المؤهل قد ورد بالبند رقم 26 من الجدول الملحق بقانون المعادلات الدراسية "حملة شهادة الأقسام الليلية (أجازة التدريس) - 5 ج فى التاسعة للقائمين بأعمال التدريس"، وبذلك يكون طلب المدعى تسوية حالته عملا بأحكام قواعد الانصاف قائما على غير أساس من القانون، وعلى أنه "يتعين والحال هذه أن تنزل المحكمة على المدعى حكم القانون، ولما كان يبين من رد الجهة الادارية على الدعوى انه قد سويت حالة المدعى عملا بأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 فاعتبر فى الدرجة التاسعة من تاريخ التعيين فى 10 من أكتوبر سنة 1926 ثم منح الدرجة الثامنة الشخصية اعتبارا من 7 من مارس سنة 1953 تطبيقا للمادة 40 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951، كما أقامت هذا القضاء على أن "المدعى اعتبر فى الدرجة التاسعة من 10 من أكتوبر سنة 1926 وفى الدرجة الثامنة من 7 من مارس سنة 1953 ومن ثم فانه بتاريخ 2 من سبتمبر سنة 1956 - ولم يكن التقريران الأخيران عنه بدرجة ضعيف - تكون قد تحققت فى شأنه شروط الترقية منسيا الى الدرجة السابعة بصفة شخصية طبقا للمادة 40 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدلة بالقرار بقانون رقم 322 لسنة 1956 المعمول به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية فى 2 من سبتمبر سنة 1956.
ومن حيث أن الطعن قد بنى على أن الثابت من ملف خدمة المدعى أنه بتاريخ 4 من يولية سنة 1956 صدر اذن بانهاء مدة خدمته اعتبارا من 19 من يولية سنة 1956 بناء على القانون رقم 341 لسنة 1956 وعلى هذا الأساس فان المدعى لم يكن موجودا بخدمة الحكومة فى 2 من سبتمبر سنة 1956 تاريخ العمل بالتعديل الذى أورده القرار بقانون رقم 322 لسنة 1956 على المادة 40 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 وبالتالى لا يفيد من أحكام التعديل المشار اليه ويكون الحكم المطعون فيه اذ قضى بأحقية المدعى للترقية الى الدرجة السابعة منسيا من 2 من سبتمبر سنة 1956 قد خالف القانون.
ومن حيث انه قد تبين لهذه المحكمة - على هدى الأوراق - أن المدعى حصل على شهادة الاقسام الليلية فى عام 1926 ثم عين معلما تابعا للجنة التعليم الالزامى فى 10 من أكتوبر سنة 1926 على غير درجة ونقل الى مجلس القليوبية فى أول نوفمبر سنة 1937 بماهية قدرها 250 م ر4 ج خارج الهيئة ثم عين فى الدرجة التاسعة (3 - 7 ج) اعتبارا من أول مارس سنة 1938 ثم قيد فى أول مايو سنة 1939 على وظيفة على وظيفة مؤقتة ثم على الدرجة (4 - 6 ج) اعتبارا من أول مايو سنة 1943 وضم بعد ذلك الى وزارة التربية والتعليم اعتبارا من أول مارس سنة 1951 عند انتقال مرفق التعليم الالزامى الى هذه الوزارة بمقتضى القانون رقم 108 لسنة 1950 ورقى منسيا الى الدرجة الثامنة اعتبارا من 7 من مارس سنة 1953 وبلغ راتبه 9 ج شهريا. وتبين من رد الوزارة أنها طبقت فى حقه قانون المعادلات الدراسية على اعتبار أن شهادة الأقسام الليلية التى يحملها واردة فى الجدول الملحق بهذا القانون تحت رقم 25 وبذلك أرجعت أقدميته فى الدرجة التاسعة بمرتب شهرى قدره 5 ج الى بدء تعيينه فى 10 من أكتوبر سنة 1926، كما تبين لهذه المحكمة من مراجعة ملف خدمته أنه صدر بتاريخ 4 من يولية سنة 1956 قرار من مساعد مدير منطقة بنها التعليمية بانهاء مدة خدمته اعتبارا من 19من يولية سنة 1956 بالتطبيق للقانون رقم 341 لسنة 1955، وعلى أساس أنه من مواليد 5 من يونية سنة 1896 ولكن لجنة شئون الموظفين بالمنطقة اقترحت بعد ذلك بجلسة 10 من ديسمبر سنة 1956 مد خدمة المدعى الى سن الخامسة والستين، غير أن المراقبة العامة للمستخدمين بالوزارة لفتت نظر المنطقة الى وجوب تنفيذ الكتاب الدورى الخاص بجعل انتهاء خدمة الموظفين فى سن الستين.
ومن حيث انه وقد تبين أن الجهة الادارية المختصة قد طبقت بالفعل فى حق المدعى القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية فاعتبرته فى الدرجة التاسعة براتب شهرى قدره 5 ج من بدء التعيين فى 10 من أكتوبر سنة 1926، فان البحث يصبح محصورا فيما اذا كانت مدد الخدمة السابقة التى قضاها فى الدرجتين التاسعة والثامنة تطوع له الافادة من حكم المادة 40 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة معدلة بالقانون رقم 322 لسنة 1956 المعمول به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية فى 2 من سبتمبر سنة 1956 أم يمتنع عليه الافادة من هذا الحكم المانع من الموانع.
ومن حيث ان صيغة الفقرة الاولى من المادة 40 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 أصبحت بعد تعديلها بالقرار بقانون رقم 322 لسنة 1956 تجرى بما يأتى: "مع عدم الاخلال بنصوص المادتين 35، 41 اذا قضى الموظف حتى تاريخ العمل بهذا القانون خمس عشرة سنة فى درجة واحدة أو خمسا وعشرين سنة فى درجتين متتاليتين أو ثلاثين سنة فى ثلاث درجات متتالية ويكون قد قضى فى الدرجة الاخيرة ثلاث سنوات على الاقل، اعتبر مرقى الى الدرجة التالية بصفة شخصية ما لم يكن التقريران الاخيران عنه بدرجة ضعيف". وموضع التعديل أن المشرع قصد الى أن يستبدل بمدة الاربع السنوات الواجب قضاؤها على الاقل فى الدرجة الاخيرة طبقا للنص القديم مدة ثلاث سنوات على أن يعمل بهذا التعديل اعتبارا من 2 من سبتمبر سنة 1956، وكان المدعى لا يفيد من الحكم الملغى الذى كان يشترط قضاء أربع سنوات على الأقل فى الدرجة الأخيرة لكونه لم يظفر بالدرجة الثامنة الشخصية الا فى 7 من مارس سنة 1953 كما سلف البيان.
ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد جرى فى الطعن رقم 1263 لسنة 2 القضائية على أن مفاد المادتين 107، 108 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة أن ثمة سنا عينها المشرع لتقاعد الموظف أو المستخدم وأن الاصل هو انتهاء خدمة الموظف بقوة القانون عند بلوغه سن الستين، ولا يجوز مد خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة - كمثل المدعى - بعد ذلك الا بقرار من الوزير المختص، وبعد الاتفاق مع وزير المالية، وان الوزير المختص بالاشتراك مع وزير المالية هو الذى يملك - استثناء من الاصل - مد خدمة الموظف بعد بلوغ السن المقررة بما يجاوز سنتين بأى حال بعد بلوغ تلك السن القانونية، وهو ما لم يتحقق بالنسبة للمدعى.
ومن حيث ان خدمة المدعى أخذا بهذه الأصول قد انتهت قانونا اعتبارا من 19 من يولية سنة 1956 ببلوغه الستين وبهذه الاحالة الى المعاش التى صدر بها الاذن رقم 10 من السيد مساعد مدير منطقة بنها التعليمية فى 5 من يولية سنة 1956، انفصمت رابطة المدعى بالحكومة قانونا اعتبارا من 19 من يولية سنة 1956، وامتنع عليه من ثم الافادة من التعديل التشريعى للفقرة الاولى من المادة 40 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة، اذ لا شبهة فى أن الحكم الذى استحدثه القانون رقم 322 لسنة 1956 الصادر بهذا التعديل، والذى لم يعمل به الا اعتبارا من 2 من سبتمبر سنة 1956 لا ينطبق على المدعى بعد أن انقطعت علاقته بالحكومة قانونا، ولا يغير من هذه النتيجة أن تكون منطقة بنها التعليمية قد تلكأت بغير حق فى انفاذ حكم القانون على المدعى بما اقترحته لجنة شئون الموظفين بها فى 10 من ديسمبر سنة 1956، وبعد انتهاء خدمة المدعى قانونا، من مد خدمته الى سن الخامسة والستين، اذ لم يلق هذا الاقتراح قبولا من المختصين. بل نبهت مراقبة المستخدمين بوزارة التربية على المنطقة بضرورة التزام حكم القانون وتغليب سلطانه من حيث وجوب انتهاء خدمة جميع الموظفين فى سن الستين الأمر الذى يقصد القول فى سلامة القرار الصادر بانهاء خدمة المدعى اعتبارا من 19 من يولية سنة 1956 على ما سلف لايضاح.
ومن حيث أنه لما تقدم من أسباب، يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، اذ طبق على المدعى حكم الفقرة الأولى من المادة 40 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 معدلة بالقرار بقانون رقم 322 لسنة 1956 ويتعين من ثم الغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع الزام المدعى بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 51 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

المادة 81 من قانون نظام الموظفين الأساسي - اعتبارها الموظف بحكم المستقيل لتغيبه خمسة عشر يوماً في حالات معينة دون وجود أسباب قاهرة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ الإدارية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1960 إلى آخر سبتمبر سنة 1960) - صـ 1334

(138)
جلسة 21 من أيلول (سبتمبر) سنة 1960

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس المجلس وعضوية السادة علي بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل ومحمود إبراهيم وحسني جورجي المستشارين.

القضية رقم 75 لسنة 2 القضائية

موظف - انتهاء الخدمة - استقالة حكمية - المادة 81 من قانون نظام الموظفين الأساسي - اعتبارها الموظف بحكم المستقيل لتغيبه خمسة عشر يوماً في حالات معينة دون وجود أسباب قاهرة - مرض الموظف المانع له من مباشرة عمله يعتبر سبباً قاهراً وعليه إقامة الدليل عليه - التحقق من العذر القهري متروك لتقدير الإدارة تحت رقابة القضاء الإداري - للإدارة إصدار قرارها باعتبار الموظف بحكم المستقيل قبل أو بعد عودته.
إن المادة 81 من قانون نظام الموظفين الأساسي تنص على أنه: "يعتبر بحكم المستقيل عند عدم وجود أسباب قاهرة:
( أ ) الموظف المعين أو المنقول الذي لم يباشر وظيفته خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تبليغه مرسوم أو قرار التعيين أو النقل.
(ب) الموظف الذي يترك وظيفته بدون إجازة قانونية ولا يستأنف عمله خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ ترك الوظيفة.
(ج) الموظف المجاز الذي لا يستأنف عمله خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتهاء الإجازة".
فهذه المادة إنما رتبت جزاء على تغيب الموظف عن عمله في تلك الحالات، عند عدم وجود أسباب قاهرة، هذا الجزاء هو اعتبار الموظف بحكم المستقيل، فالمناط في ترتيب هذا الجزاء هو التغيب بدون سبب قاهر، وغني عن القول أن للإدارة التحقق من أن غياب الموظف كان لأسباب قاهرة أو لا، وقرارها باعتبار الموظف بحكم المستقيل خاضع لرقابة القضاء الإداري، وظاهر من نص المادة المشار إليها أنها لا تشترط صدور القرار قبل عودة الموظف، بل الأمر في ذلك كله متروك لتقدير الإدارة، فقد ترى التريث حتى يعود الموظف لتعرف عذره في التغيب، وتقدر ما إذا كان له أسباب قاهرة. وقد تطول غيبة الموظف دون إخطار الجهة الإدارية التابع لها أو يكون لدى الجهة الإدارية من الشواهد ما تقتنع معه بأن غياب الموظف كان بغير عذر قهري فتصدر قرارها باعتباره بحكم المستقيل دون انتظار لعودته، والأمر في ذلك راجع لتقديرها حسب الظروف في كل حالة.
ولئن كان المرض المانع للموظف من مباشرة عمله يعتبر سبباً قاهر يبرر تغيبه، إلا أنه يجب أن يقوم هذا المرض صدقاً حتى يعذر الموظف في تغيبه، وعليه إقامة الدليل على ذلك.


إجراءات الطعن

بتاريخ 13 من حزيران (يونيه) سنة 1960 أودع الأستاذ عبد الجواد السرميني المحامي الوكيل عن السيد/ عبد الوهاب بن محمد الكلزية، صحيفة طعن في الحكم الصادر بجلسة 14 من نيسان (إبريل) سنة 1960 من محكمة القضاء الإداري بدمشق، في القضية رقم 111 لسنة 1 ق، المرفوعة من الطاعن ضد السيد وزير التربية والتعليم التنفيذي، والقاضي بقبول الدعوي شكلاً، وبرفضها موضوعاً. ويطلب الطاعن للأسباب الواردة في صحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفسخ الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار الإداري موضوع الطعن الصادر من وزارة التربية والتعليم بتاريخ 3 من آذار (مارس) سنة 1959 برقم 1650 وإلزام الخصم في الطعن بالرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.
أبلغ هذا الطعن للمدعي عليه بتاريخ 15 حزيران (يونيه) سنة 1960 وعين بنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4 من أيلول (سبتمبر) سنة 1960 وأحيل إلى المحكمة الإدارية العليا بجلسة 10 من أيلول (سبتمبر) سنة 1960، وبعد سماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات، أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما هو ثابت من أوراق الطعن، في أن الطاعن السيد/ عبد الوهاب بن محمد الكلزية أقام هذه الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بدمشق ضد السيد وزير التربية والتعليم التنفيذي، يطعن في القرار الصادر منه ذي الرقم 1650 بتاريخ 3 من آذار (مارس) سنة 1959، والذي نص على اعتباره مستقيلاً من الخدمة اعتباراً من 25 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958، لتغيبه عن العمل بدون عذر مشروع اعتباراً من هذا التاريخ مدة تزيد على 32 يوماً، وأن يسترد منه ما تقاضاه من رواتب بعد تاريخ 25 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958، ويطلب المدعي الحكم "بإلغاء هذا القرار وإلزام المدعي عليه بالرسوم والمصاريف والأتعاب"، وقال بياناً لدعواه أنه كان يشكو من مرض في كليتيه من زمن بعيد، وقد اشتد عليه الألم في تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1958 فاضطر إلى الحصول على تقارير طبية في فترة الألم الذي كان ينتله، وقد حصل على ثلاثة تقارير: الأول بتاريخ 30 تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1958 موقع من الطبيب كامل جزماتى والثاني بتاريخ 6 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958 موقع من الطبيب موريس كوسا، والثالث مؤرخ 17 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958 موقع من الطبيب فريشو، وجميعها تشهد بأن المدعي مصاب بالتهاب الكلى والتوائها وأنه في حاجة إلى استراحة معينة. وقد امتنع طبيب التربية والتعليم عن تصديق التقرير الأول بداعي أنه لم يقم بفحص المدعي بنفسه يوم حصوله على التقرير، وصدق التقرير الثاني. أما التقرير الثالث، فطلب فيه إحالة المدعي إلى اللجنة الصحية. وقد قدم المدعي هذه التقارير الثلاثة إلى مديرية التربية والتعليم بحلب، وانتظر منها أن تحيله إلى اللجنة الصحية، ولكن المديرية المذكورة لم تفعل. وبتاريخ 20 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958، وقبل أن تنتهي مدة التقرير الطبي الممنوح من الطبيب فريشو بتاريخ 17 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958، والمتضمن لزوم استراحة المدعي ثمانية أيام من تاريخ التقرير المذكور، بلغت مديرية التعليم بحلب المدعي كتاباً برقم 732/ 6، إذ يتضمن أنها بسبيل اتخاذ القرار اللازم لاعتباره مستقيلاً من الوظيفة، وأنها ستبلغه القرار الذي ستصدره الوزارة فور اتخاذه. وعندما تلقى المدعي هذا الكتاب كان الألم قد اشتد عليه، ونصحه أطباؤه ومعالجوه أن يذهب إلى بيروت، وصادف ذلك وقوع عطلة عيد الميلاد ورأس السنة الغربية، فذهب إليها، واضطر أن يبقى فيها نحواً من شهرين تحت التداوي، عاد خلالها بضعة أيام إلى حلب ودمشق، وحصل بذلك على ثلاثة تقارير طبية من الطبيب ليون بني قومشيان الذي قام بمداواته وتطبيبه، التقرير الأول مؤرخ 24/ 12/ 1958 لمدة 15 يوماً، والثاني 7/ 1/ 1959 لخمسة عشر يوماً أيضاً، والثالث مؤرخ 4/ 2/ 1959 لعشرة أيام أخرى، ولما انقضت مدة التقرير الأخير وشعر ببعض الراحة عاد إلى حلب، وقدم هذه التقارير مصدقة من مرجعها القانوني إلى مديرية التربية والتعليم غير أن المديرية المذكورة أعادتها إليه بدعوى أنها غير مستوفية الشروط القانونية. وقد أشارت مديرية التربية على المدعي بالدوام على التدريس في مدرسة ابن خلدون الخاصة، فداوم عليها عشرين يوماً تقريباً من 15 من شباط (فبراير) سنة 1959 إلى 5 من آذار (مارس) سنة 1959، بلغته في نهايتها قرار تسريحه، وهو القرار المطعون فيه. وينعي المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته لأحكام المادة 60 من قانون الموظفين، والتي تنص "على الموظف المريض أن يعلم رئيسه المباشر بالأمر إن لم يتجاوز مدة المرض ثلاثة أيام، وعليه إذا تجاوز المرض هذه المدة أن يقدم تقريراً من طبيبه المداوي وللإدارة أن تعتمد أحد أطباء الحكومة للتحقيق عن صحة التقارير الطبية الخاصة، وإذا استمر المرض أكثر من ثلاثين يوماً يحال الموظف على لجنة طبية تؤلف في مراكز المحافظات من ثلاثة أطباء موظفين يعينون بقرار من المحافظ في بدء كل سنة" ويقول المدعي أن القرار المطعون فيه، إذ اعتبره مستقيلاً من الخدمة اعتباراً من 25 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958 لتغيبه عن العمل بدون عذر مشروع اعتباراً من هذا التاريخ مدة تزيد على 32 يوماً، هذا القرار مخالف للمادة 60 سالفة الذكر، لأن المدعي كان مريضاً، وأضطر للسفر إلى بيروت في 24 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958، ثم قدم تقارير طبية مصدقة حسب الأصول إلى مديرية التربية بحلب، غير أن هذه المديرية لم تعتبر هذه التقارير للأسباب التي ذكرتها في ذيل العريضة المقدمة منه في 15 من شباط (فبراير) سنة 1959، ولم تخبر الوزارة بأمر هذه التقارير، وهذه الأسباب هي ( أ ) أن التقارير الطبية الصادرة عن أطباء بيروت لم تقدم خلال ثلاثة أيام من بدء المرض عملاً ببلاغ وزارة الخزانة رقم 1189 تاريخ 2 من شباط (فبراير) سنة 1949. (ب) أن مصدر التقارير لبنان، ولا يجوز قبولها إلا إذا كان سفر الموظف إلى لبنان بموجب أجازة مسبقة ثم بموافقة مسبقة من مرجعه على مغادرة الجمهورية العربية المتحدة. (جـ) عدم تصديق التقارير من الهيئة السياسية للجمهورية العربية المتحدة. ويرد المدعي على هذه الأسباب أن المادة 60 من قانون الموظفين أوجبت على الموظف أن يعلم رئيسه المباشر بالأمر إن لم تتجاوز مدة المرض ثلاثة أيام فإذا تجاوزت هذه المدة فعليه أن يقدم تقريراً من طبيبه المداوي. ولما كان مرض المدعي قد تجاوز الثلاثة أيام، وكان الحكم لنص القانون لا لبلاغ وزارة المالية فضلاً عن أن المدعي لم يمكنه مرضه لتقديم هذه التقارير إلا بعد عودته إلى حلب، بسبب اشتداد المرض عليه، مما يشكل عذراً مشروعاً يجب مراعاته في حالة المرض الشديد. وعن السبب الثاني يقول المدعي إنه اضطر إلى السفر إلى بيروت حين اشتد عليه الألم، بناء على طلب أطباء حلب الذين كانوا يعالجونه، وقد سافر في يوم 24 من كانون الأول (ديسمبر)، وكان يومئذ مأذوناً بموجب التقرير الطبي الصادر عن الطبيب فريشو، والذي ينتهي في ذلك اليوم، وكان اليوم الثاني وهو يوم 25 كانون الأول يوم عطلة رسمية باعتباره عيداً للميلاد، وبذلك تكون مغادرة المدعي سوريا إلى لبنان في يوم من أيام إجازاته الصحية، وبقاؤه إلى اليوم الثاني كان في عطلة رسمية، وفي بيروت اتصل به الألم إلى درجة لم يستطيع معها مغادرة البلدة عملاً بنصيحة أطبائه، وكان عرضة لغيبوبة مستمرة، مما اضطر معه إلى البقاء في بيروت، والحصول على تقارير طبية طيلة المدة التي ألزمه المرض فيها للعلاج، ويرد على السبب الثالث بأن التقارير الطبية الموقعة من أطباء لبنان مصدقة من دوائر الصحة في لبنان، وقد قام المدعي مؤخراً بتصديقها من الهيئة السياسية.
وقد أفاد السيد وزير التربية والتعليم بكتابه رقم 3510/ 6 ث المؤرخ 18 من آب (أغسطس) سنة 1959 أنه يبين من دراسة قضية المدعي أنه كان كثير الانقطاع عن عمله بمبرر قانوني وبدون مبرر، وقد كان منذ بدء تعيينه في سنة 1935 كثير المشاكل كثير الانقطاع، حتى أنه لا تكاد تخلو سنة دراسية من انقطاع أو تخلف غير مبرر، وأرفق السيد الوزير مع كتابه سالف الذكر تقريري المفتش الإداري بحلب، وفيهما بيان الأسباب التي أدت إلى اعتبار المدعي مستقيلاً وآخرها انقطاعه عن العمل بدون مبرر قانوني اعتباراً من 25 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958 لمدة تزيد على خمسة عشر يوماً. وقد تضمن تقريرا المفتش الإداري المرفقان بكتاب السيد الوزير عرضاً لحالة المدعي من التحاقه بالخدمة في سنة 1935، وجاء في هذا التقرير أن المدعي انقطع منذ صباح 6 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958 حتى مساء 12/ 12/ 1958، مدة سبعة أيام، قدم فيها تقريراً طبياً مصدقاً من طبيب التربية، واستمر في الانقطاع من صباح 12/ 12/ 1958 حتى مساء 16/ 12/ 1958 أي مدة أربعة أيام دون أن يقدم معذرة أو تقريراً طبياً، وبهذا الانقطاع بدأت فترة انقطاع جديدة غير مشروعة، واستمر على الانقطاع من صباح 17/ 12/ 1958 حتى مساء 24/ 12/ 1958، أي مدة ثمانية أيام، قدم فيها تقريراً طبياً خاصاً لم يصدق عليه طبيب التربية، وإنما طلب إحالته إلى اللجنة الصحية نتيجة لتدخل مديرية التربية لديه، ليتأكد من صحة المرض، وليكون دقيقاً في معاينته، وبقي هذا التقرير في دائرة التربية دون أن يتخذ تجاهه أي إجراء، فلم يحل المريض إلى اللجنة الصحية، ولم يعد التقرير إلى طبيب التربية، مصرة على تصديقه منه باعتبار أن مدة المرض لم تتجاوز الشهر، ولا يحال المريض إلى اللجنة الطبية إلا إذا تجاوزت مدة المرض الشهر، وبهذا أصبحت مدة هذا الغياب معلقة على رأى طبيب التربية، ولا يمكن الحكم بمشروعيتها إلا إذا صادق عليها، كما لا يمكن الحكم بعدم مشروعيتها إلا إذا رفض تصديقه خطياً. وقد استمر المدرس على الانقطاع بعد انتهاء التقرير السابق منذ صباح 25/ 12/ 1958 ولا يزال مستمراً على انقطاعه حتى تاريخ كتابة التقرير المذكور في 25 من كانون الثاني (يناير) سنة 1959 أي مدة 32 يوماً متصلة دون أن يراجع الدائرة ودون أن يقدم تقريراً طبياً، وحينما استجوبه المفتش عن سبب انقطاعه المستمر أجاب بأنه لا يزال ينتظر إحالته إلى اللجنة الصحية حسب اقتراح طبيب التربية. ويقول المفتش في تقريره أن هذا الانقطاع غير مشروع، ولا يبرره قول المدرس (المدعي) أنه ينتظر إحالته إلى اللجنة الصحية تنفيذاً لحاشية طبيب التربية، لأن هذه الحاشية إنما هي اقتراح مرسل من طبيب التربية إلى المديرية ولا علاقة للمريض به، وللمديرية إن تقبله أو ترفضه وتصر على تصديقه من طبيب التربية، وقد قدر له التقرير الطبي الخاص ثمانية أيام يشفى بعدها، فأقصى ما يطلبه المريض من نتيجة لهذا التقرير السماح له بالتغيب ثمانية أيام براتبه، ولكن القانون لم يعطه هذه المنحة مسلماً بها دائماً، وإنما أوقفها على التحقق من صحة التقرير والتحقق هذا ممنوح للإدارة وليس حقاً للمريض. وحق المريض ينحصر في تقديمه التقرير الطبي ويبدأ حينئذ حق الإدارة في قبول التقرير أو الشك فيه، فإذا جرى إهمال أو تهاون في استعمال حق الإدارة فليس للمريض أن يتعلق في هذا التهاون، ليستفيد بأكثر مما يعطيه تقريره الطبي الخاص، وكان على المريض عند نفاذ الأيام الثمانية التي منحه إياها تقريره الطبي الخاص أن يعود إلى العمل أو أن يقدم تقريراً طبياً جديداً أما أن يجلس في البيت مدة 32 يوماً معتمداً على اقتراح من طبيب التربية بإحالته إلى اللجنة الصحية، فهذا لا يستند إلى قانون، وهذا الغياب الأخير يعتبر غير مشروع ولا مبرر له ولا قانون..
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري بدمشق أصدرت في 14 من نيسان (إبريل) سنة 1960 حكمها المطعون فيه، وهو يقضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أنه لا محل لمناقشة ما أثاره المدعي من موقف الجهة الإدارية بالنسبة للتقارير الثلاثة الأولى التي وضعها أطباء حلب لأن للجهة الإدارية إذ اعتبرت الانقطاع عن العمل المعني بالحكم الوارد في المادة 81 من قانون الموظفين الأساسي اعتباراً من 25 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958، فمفاد ذلك أنها اعتدت بهذه التقارير وأجازتها، وعلى ذلك فإن المنازعة إنما تدور حول انقطاع المدعي عن عمله ابتداءً من التاريخ الذي حددته الجهة الإدارية أي من 25 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958، وأن المادة 60 من قانون الموظفين الأساسي قد تضمنت القواعد التي تتبع عند الانقطاع بسبب المرض، فنصت على أنه يجب على الموظف المريض أن يعلم رئيسه المباشر بالأمر إذا لم تتجاوز مدة الانقطاع ثلاثة أيام، وعليه أن يقدم تقريراً من طبيبه المداوي، وللإدارة أن تعتمد أحد أطباء الحكومة للتحقيق عن صحة التقارير الطبية الخاصة، وإذا استمر المرض أكثر من ثلاثين يوماً يحال الموظف على لجنة طبية، ومفاد ذلك أنه على الموظف أن يخطر رئيسه المباشر أو أن يقدم تقارير طبيبه الخاص، حسب الأحوال، لكي تستطيع الجهة الإدارية أن تتثبت من صحة الواقعة على الوجه الذي رسمه المشرع في كل حالة بإحالته على الطبيب أو اللجنة إذا جاوزت المدة الشهر الواحد، وأن الثابت من الأوراق أن المدعي لم يقدم تقارير طبيبه المعالج ببيروت، إلا بعد أن انقطع أكثر من شهرين، أي أنه تقاعس عن إتباع ما فرضه عليه القانون وبذلك قامت به الحالة المنصوص عليها في المادة 81 من قانون الموظفين لأن هذا الانقطاع وقع بعد انقضاء أجازة مرضية. وتنص هذه المادة على أن يعتبر في حكم المستقيل عند عدم وجود أسباب قاهرة، الموظف المجاز الذي لا يستأنف عمله خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتهاء أجازته وأنه ليس ثمت أسباب قاهرة تبرر للمدعي ألا يراعي ما أوجبه حكم المادة 60 من القانون، ذلك أن التقارير التي قدمها ورفضتها الإدارة قد وضع أولها في 24 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958، والثاني في 7 من كانون الثاني (يناير) سنة 1959، والثالث في 4 من شباط (فبراير) سنة 1959، وكان في وسعه أن يرسل إلى الجهة الإدارية كل تقرير في ميعاده، ولكنه لم يفعل هذا إلا أنه قرر في صحيفة دعواه أنه عاد إلى حلب وإلى دمشق بضعة أيام خلال مدة انقطاعه، ومع ذلك لم يحاول أن يتخذ الإجراء الذي فرضه عليه القانون، وانتهت من ذلك إلى أن الجهة الإدارية قد أصدرت القرار المطعون فيه بسلطة تقديرية لا معقب عليها، إذ لم يشب قرارها عيب إساءة استعمال السلطة، والقرار المطعون فيه على أساس من الواقع والقانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه طبقاً لنص المادة 81 من قانون الموظفين الأساسي، فإن انقطاع الموظف عن عمله مدة خمسة عشر يوماً، لا يكون بداءة سبباً لاعتباره بحكم المستقيل، إلا إذا لم تكن ثمت أسباب قاهرة حالت بينه وبين متابعة عمله في الوظيفة، فإذا كان غيابه بسبب قاهر حال دون قيامه بواجبات وظيفته، فعندها يعتبر غيابه مشروعاً، ولا ينطبق عليه حكم المادة 81 المشار إليها، وأن انقطاع المدعي في الفترة ما بين 25/ 12/ 1958 و14/ 2/ 1959 كان بسبب مرضه الثابت بتقارير طبية مصدقة من المراجع الرسمية حسب الأصول، هذا المرض الذي ألزمه الفراش طيلة هذه المدة، وقد عانى منه آلاماً مبرحة ونوبات قاسية اضطرته للبقاء في بيروت تحت المعالجة والمراقبة الطبية، الأمر الذي يجعل غيابه بعذر وبسبب قاهر. وأن محكمة القضاء الإداري لم ترفض عذر الطاعن، وإنما حصرت أسباب حكمها في الإجراءات القانونية واتخذت من تخلف المدعي عن مراعاتها مسوغاً لما قضت به، وهذا ما لا يرى الطاعن الأخذ به، لأن القول بأن عدم تقديم التقارير الطبية إلى مديرية التربية والتعليم في المواعيد المحددة ما يبرر عدم منح الموظف إجازة صحية قول غير مقبول وتأخر الطاعن عن القيام بإجراءات تصديق هذه التقارير من المراجع الرسمية وتقديمها إلى مديرية التربية والتعليم في حلب كان بسبب خارج عن إرادته، فلا يسوغ اعتباره تأخره في تقديم هذه التقارير إلى حين شفائه سبباً في رفض قبول هذه التقارير واعتمادها، وأن أثر مخالفة الإجراءات المنصوص عليها في المادة 60 ينحصر في حرمان الموظف من حق الاستفادة من الأجازة الصحية مع تقاضيه الراتب، ولا يمكن أن يؤدي ذلك إلى نفي وقوع السبب القاهر، لأنه من الوقائع المادية التي يمكن إثباتها بجميع طرق الإثبات، كما أن تأخر الموظف في تقديم ما يثبت أن غيابه كان لأسباب قاهرة إلى ما بعد زوال هذه الأسباب لا يمكن أن يؤدي إلى نفي وقوعها، وإلى القول بأن الانقطاع لم يكن بسببها، فضلاً عن أن المادة 81 عندما استثنت من حكمها الغياب بسبب قاهر لم تشترط في ذلك أي شرط في إثبات السبب المذكور، كما لم توجب على الموظف القيام بأي إجراء معين أثناء وقوعها، ولهذا فإنه يرى بأنه لا يجوز تقييد حكمها بما نص عليه في شأن منح الإجازة الصحية والإجراءات الواجب اتخاذها للاستفادة من هذه الإجازة لأنها أحكام منفصلة عن الحكم الوارد في المادة 81، وبهذه الصورة يمكن القول بأن حرمان الموظف من حق الاستفادة من الإجازة الصحية بسبب عدم تقديم التقرير الطبي الممنوح له إلى جهة الإدارة فور الحصول عليه، إنما يؤدي إلى اعتبار غيابه بدون سبب، وإلى نفي وقوع حالة المرض التي منعته من الاستمرار في عمله إنما هو قول يخالف صراحة المادة 81 ويكون الحكم المطعون فيه مخالفاً للقانون، كما يكون القرار المطعون فيه واجب الإلغاء. وأضاف المدعي إلى ما تقدم أن القرار الإداري موضوع الطعن لم يصدر في فترة غياب الطاعن بسبب مرضه كما لم يصدر فور عودته، وإنما صدر بعد أكثر من عشرين يوماً على رجوعه إلى الوظيفة، وممارسته لعمله في مدرسة ابن خلدون الخاصة، وبعد أن قدم تقاريره الطبية وصدقها من المراجع الرسمية، وبذلك يكون القرار المطعون فيه مستوجب الإلغاء من هذه الجهة أيضاً، لأن عودة الطاعن إلى عمله بعد غيابه يعتبر قبولاً من الإدارة لمعذرته، فلا يسوغ أن ترجع عن موافقتها، لأن المشرع وإن لم يحدد زمناً لاتخاذ القرار الذي يصدر بالاستناد إلى المادة 81 إلا أن هذا لا يعني أن للإدارة حرية مطلقة في هذا المجال، وإنما يتعين عليها أن تحسن اختيار وقت تصرفها فتصدر قرارها في زمن الغياب أو في زمن قريب جداً منه لأن ضرورة استقرار المعاملات وتنظيم أوضاع الموظفين وتحديد مراكزهم القانونية تستلزم ألا تبقي هذه الأوضاع والمراكز القانونية مهددة مدداً طويلة.
ومن حيث إن المادة 81 من قانون نظام الموظفين الأساسي تنص على أنه "يعتبر بحكم المستقيل عند عدم وجود أسباب قاهرة:
( أ ) الموظف المعين أو المنقول الذي لم يباشر وظيفته خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تبليغه مرسوم أو قرار التعيين أو النقل.
(ب) الموظف الذي يترك وظيفته بدون إجازة قانونية ولا يستأنف عمله خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ ترك الوظيفة.
(ج) الموظف المجاز الذي لا يستأنف عمله خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتهاء الأجازة".
ومن حيث إن هذه المادة إنما رتبت جزاء على تغيب الموظف عن عمله في تلك الحالات عند عدم وجود أسباب قاهرة، هذا الجزاء هو اعتبار الموظف بحكم المستقيل فالمناط في ترتيب هذا الجزاء هو التغيب بدون سبب قاهر، وغني عن القول أن للإدارة التحقق من أن غياب الموظف كان لأسباب قاهرة أو لا، وقرارها باعتبار الموظف بحكم المستقيل خاضع لرقابة القضاء الإداري، وظاهر من نص المادة المشار إليها أنها لا تشترط صدور القرار قبل عودة الموظف، بل الأمر في ذلك كله متروك لتقدير الإدارة، فقد ترى التريث حتى يعود الموظف لتعرف عذره في التغيب، وتقدر ما إذا كان له أسباب قاهرة، وقد تطول غيبة الموظف دون إخطار الجهة الإدارية التابع لها أو يكون لدى الجهة الإدارية من الشواهد ما تقتنع معه بأن غياب الموظف كان بغير عذر قهري، فتصدر قرارها باعتباره بحكم المستقبل دون انتظار لعودته، والأمر في ذلك راجع لتقديرها حسب الظروف في كل حالة.
ومن حيث إنه ولئن كان المرض المانع للموظف من مباشرة عمله يعتبر سبباً قاهراً يبرر تغيبه، إلا أنه يجب أن يقوم هذا المرض صدقاً حتى يعذر الموظف في تغيبه، وعليه إقامة الدليل على ذلك.
ومن حيث إن الإدارة إذا استخلصت من ظروف الحال وملابساته أن المدعي لم يقم به مثل المرض المانع له من مباشرة عمله، قد استخلصت ذلك استخلاصاً مقبولاً من أصول ثابتة في الأوراق، إذ ثابت منها ومما قرره المدعي في استدعاء الدعوى أنه سافر إلى لبنان في اليوم الأخير من إجازته الصحية التي لم تعتمد دون أن يخطر جهة الإدارة التابع لها باستمرار مرضه ولا بسفره خارج البلاد، ولا سجل وجوده واستمر انقطاعه عن العمل أكثر من خمسين يوماً دون أن تعلم عنه الجهة الإدارية شيئاً، وثابت من استدعاء الدعوى أنه عاد لدمشق وحلب في فترة هذا الانقطاع، ومع هذا لم يخطر الجهة الإدارية بعذره، ولم يرسل إليها التقارير الطبية التي حصل عليها، ولم يكن ثمة ما يمنعه من ذلك حتى تستطيع جهة الإدارة أن تتحقق من قيام هذا العذر في الوقت المناسب، فلا خطأ من جانبها، إذ هي طرحت الشهادة المرضية التي قدمها المدعي بعد عودته، والتي منعها بتصرفه من إجراء ما يقضي به القانون من إحالته على اللجنة الصحية المختصة.
ومن حيث إنه لما قام عليه الحكم المطعون فيه من أسباب أخرى يكون هذا الحكم قد أصاب الحق، ويكون الطعن على غير أساس سليم من القانون ويتعين رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 46 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

إن عزل الموظف من وظيفته كنتيجة لصدور حكم جنائي ضده هو عقوبة بكل ما في هذه الكلمة من معنى لأن هذا الفصل إن هو إلا جزاء لما اقترفه من أثم يعد جناية أو جنحة مخلة بالشرف والعقوبة ما هي إلا جزاء.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة - الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) - صـ 784

(69)
جلسة 23 من فبراير سنة 1963

برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1348 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف - عزله من وظيفته كنتيجة لصدور حكم جنائي ضده - هو عقوبة بكل ما في هذه الكلمة من معنى - أساس ذلك أن هذا الفصل جزاء لما اقترفه من جناية أو جنحة مخلة بالشرف، والعقوبة ما هي إلا جزاء.
(ب) موظف - فصله - الحكم عليه في جناية مع وقف التنفيذ لمدة محددة من تاريخ النطق بالحكم، على أن يكون الوقف شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم - نص المادة 59 عقوبات على اعتبار هذا الحكم كأن لم يكن بعد انقضاء مدة الوقف دون صدور حكم بإلغاء الوقف خلالها - أثره - اعتبار القرار الإداري الصادر بفصل المحكوم عليه بعد انقضاء مدة الوقف على هذا الوجه فاقداً ركن السبب.
1 - إن عزل الموظف من وظيفته كنتيجة لصدور حكم جنائي ضده هو عقوبة بكل ما في هذه الكلمة من معنى لأن هذا الفصل إن هو إلا جزاء لما اقترفه من أثم يعد جناية أو جنحة مخلة بالشرف والعقوبة ما هي إلا جزاء.
2 - تنص المادة 59 عقوبات على أنه "إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يكن يصدر خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبات المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن" وظاهر هذا النص واضح في أن الحكم بعد انقضاء مدة الإيقاف يعتبر كأن لم يكن بما اشتمل عليه من عقوبات بمدلولها الواسع، أي سواء أكانت عقوبات أصلية أو تبعية وبمعنى آخر، يزول كل أثر لهذا الحكم..
وعلى ما تقدم فإذا مضت المدة التي أمر الحكم بوقف تنفيذ العقوبة خلالها على تاريخ صدور الحكم المطعون عليه، قبل أن يصدر القرار الإداري بفصله من الخدمة، فإن هذا القرار يكون قد صدر مستنداً إلى حكم يعتبره القانون بعد انقضاء هذه المدة كأنه لم يكن وغير ممكن تنفيذ العقوبات المقضى بها، ومن ثم يكون القرار المذكور - بحسب الظاهر - قد صدر فاقداً للسبب الذي قام عليه.


إجراءات الطعن

في 4 من يوليه سنة 1962 أودع السيد رئيس إدارة القضايا عريضة طعن سكرتيرية هذه المحكمة في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 5/ 5/ 1962 في القضية رقم 621 لسنة 8 القضائية المرفوعة من السيد/ الحسيني أحمد عبد السلام ضد وزارة التربية والتعليم، والقاضي "باستمرار صرف راتب المدعي من تاريخ صدور قرار فصله مع الأمر بإحالة الدعوى إلى مفوض الدولة لإعداد تقرير في موضوعها" وطلب السيد رئيس إدارة القضايا للأسباب التي أوردها في عريضة طعنه "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين".
وقد أعلن هذا الطعن إلى طرفي الخصومة ثم حدد لنظره جلسة أمام دائرة فحص الطعون أخطر بها الطرفان، وهذه أحالته إلى المحكمة الإدارية العليا التي بعد أن نظرته قررت إرجاء النطق بالحكم فيه لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية في 27 من سبتمبر سنة 1961 طالباً الحكم "أولاً بصفة مستعجلة بصرف مرتبه إلى حين الفصل في موضوع الدعوى وثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بفصله من منطقة المنصورة التعليمية المنوه عنه بصلب هذه الصحيفة مع إلزام الوزارة المدعى عليها بالمصروفات والأتعاب".
وقال المدعي شرحاً لدعواه إن منطقة التعليم بالمنصورة أخطرته في 22/ 6/ 1961 عن طريق المدرسة التي يعمل مدرساً بها بقرار فصله من الخدمة اعتباراً من 21/ 1/ 1958 للحكم عليه في الجناية رقم 492 لسنة 1956 كلي المنصورة..... مع إيقاف صرف ماهيته اعتباراً من شهر يونيه سنة 1961...، ويعيب المدعي على هذا القرار مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن الحكم الذي استند إليه قرار الفصل قد نص فيه على إيقاف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات على أن يكون الإيقاف شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة عليه، وقد صدر هذا الحكم في 21/ 1/ 1958 وبعد فوات أكثر من ثلاث سنوات على صدوره صدر قرار الفصل في 22/ 6/ 1961، وتنص المادة 59 من قانون العقوبات على أنه "إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يكن صدر في خلالها حكم بإيقافه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأنه لم يكن" أي أنه إذا مضت ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم يعتبر كأنه لا وجود له ولا يبقى له أي كيان، وقد صدر هذا الحكم بالتطبيق لحكم المادة 55 من قانون العقوبات التي لم توضع عبثاً وإنما قد وضعت لمثل هذه الحالة، لأن الحكمة التي ارتآها المشرع من وضع تلك المادة هي اعتبار الحكم كإنذار للمحكوم عليه بأن يسلك سلوكاً مستقيماً في مدة معينة حددها وهي ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم الذي له طابع خاص يختلف به عن باقي الأحكام.... ويقول الدكتور السعيد مصطفى السعيد في كتابه الأحكام العامة في قانون العقوبات الطبعة الثالثة ص 735 "إذا انقضت مدة الوقف هذه ولم يكن قد صدر خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن (مادة 59) وهذا يعتبر بمثابة إعادة اعتبار بقوة القانون لا يحتاج المحكوم عليه بعده إلى طلب إعادة اعتباره إليه من السلطة القضائية، بل مجرد مضي الثلاث سنين بغير أن يصدر حكم بإلغاء الوقف تسقط العقوبة التي كان تنفيذها معلقاً ويزول كل ما يترتب عليها من وجوه عدم الأهلية والحرمان من الحقوق سواء في ذلك ما كان مقرراً في قانون العقوبات وما نص عليه في قوانين خاصة".
ومن ثم فإن ما نصت عليه المادة 107 من قانون الموظفين في فقرتها السابعة لم يعد له أي تأثير على مركز المدعي القانوني بعد أن أصبح الحكم الجنائي كأن لم يكن ولا وجود له - .... وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 6 من قانون نظام الموظفين على أنه "يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف ألا يكون قد سبق الحكم عليه في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف ما لم يكن قد رد إليه اعتباره في الحالتين" أي أن هذه المادة تجيز تعيين الموظف إذا كان قد رد إليه اعتباره والنتيجة الحتمية لذلك هي أنه إذا كان الموظف قد صدر عليه حكم ثم رد إليه اعتباره فإنه يبقى في وظيفته ما دام القانون يجيز توظيفه في مثل هذه الحالة، وتفريعاً على ما تقدم فإن المدعي قد رد إليه اعتباره بقوة القانون بفوات الثلاث سنوات المنصوص عليها في الحكم واعتبار هذا الحكم كأن لم يكن طبقاً لحكم المادة 59 عقوبات وبالتالي يكون فصله جاء مخالفاً للقانون، ولا يغير من ذلك كون قرار الفصل قد نعى فيه على اعتبار الفصل من 21/ 1/ 1958 إذ أنه لا يجوز أن يكون لقرار الفصل أثر رجعي خاصة إذا ما كان قد صدر بعد أن أصبح الحكم كأنه لم يكن وبعد أن رد اعتبار الطالب له بقوة القانون...".
أجابت الوزارة المدعى عليها على الدعوى بأن المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن "خدمة الموظف تنتهي لأحد الأسباب الآتية.... وجاء في القفرة الثامنة منها أن الحكم على الموظف في جناية أو جريمة مخلة بالشرف كسبب من هذه الأسباب...." وقد حكم على المدعي في جناية ومن ثم فإنه يعتبر مفصولاً بقوة القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه ولا يغير من وجهة النظر هذه أن الحكم صدر مشمولاً بإيقاف التنفيذ لأن إيقاف التنفيذ لا يتعدى الآثار الجنائية وبذلك تظل الآثار الإدارية قائمة ونافذة المفعول وهذا المبدأ مستقر بحكم المحكمة الإدارية العليا ولم يشترط القانون أن تتدخل الإدارة بإدارتها الملزمة لإحداث هذا الأثر القانوني، فإذا صدر مثل هذا القرار فإنه لا يعدو أن يكون عملاً تنفيذياً محضاً للقانون لا قراراً إدارياً منشأ لمركز قانوني في حق الموظف، وسيان في ذلك أن يصدر القرار التنفيذي فور تحقق الواقعة المرتبة لحكم القانون أو أن يتراخى إلى ما بعد ذلك بوقت طويل أو قصير، وسواء كان الحكم الجنائي مشمولاً بإيقاف التنفيذ أو غير مشمول - فإن حكم القانون واقع في جميع الحالات من تلقاء نفسه، وقد تواترت أحكام مجلس الدولة على ذلك من جميع جهات القضاء الإداري وتوج بحكم من المحكمة الإدارية العليا كما تقدم.
وبجلسة 5 من مايو سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية المذكورة في الطلب المستعجل باستمرار صرف راتب المدعي من تاريخ صدور قرار فصله "بانية قضاءها هذا على أن الدعوى المستعجلة يجب أن تقوم على ركنين حتى تعتبر مقبولة قانوناً أولهما ركن الاستعجال وثانيهما ركن المشروعية والركن الأول من الشهادة المقدمة من المدعي بأنه لا يملك سوى راتبه وبالتالي فإن حرمانه من راتبه يعتبر خطراً على معيشته إذ أنه يعتمد عليه في قيام أوده أو عيشه.... وأما بالنسبة للركن الثاني فإنه يتعين أن يكون هناك احتمال حسب ظاهر الأوراق ودون مساس بأصل الدعوى أو موضوعها - لكسب الدعوى موضوعاً، ويبين من مساق الوقائع في هذه الدعوى أن المدعى عليها لم تصدر قراراً إدارياً إلا بعد فوات مدة على انتهاء مدة وقف التنفيذ والتي يترتب عليها اعتبار الحكم كأن لم يكن ويزول جميع آثاره سواء كانت جنائية أو إدارية (م 59 عقوبات). وقرار الفصل وقد صدر متأخراً فقد صدر منعدماً لوروده على غير محل إذ أن المدعي قد رد إليه اعتباره بصيرورة الحكم الجنائي منعدماً وكأن لم يكن... ومن ثم يكون هذا الطب قد توافر له ركن الجدية أي صفة المشروعية وذلك كله دون مساس بالموضوع...".
ومن حيث إن الطعن يقوم على ما قضت به المحكمة الإدارية العليا من وجوب التفرقة بين العزل كعقوبة جنائية تبعية أو تكميلية أي سواء أكان عزلاً نهائياً أم عزلاً لمدة مؤقتة تقع بالتطبيق لقانون العقوبات، وبين إنهاء خدمة الموظف وقطع رابطة التوظف نهائياً سواء بالتطبيق للفقرة الرابعة من المادة (107) من قانون التوظف أي كجزاء تأديبي بعد محاكمة تأديبية أو بطريق العزل الإداري أي بقرار جمهوري بالتطبيق للفقرة السادسة أو بقوة القانون ونتيجة للحكم على الموظف في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف وفقاً للفقرة الثامنة من تلك المادة وكل أولئك أسباب قانونية لإنهاء خدمة الموظف تطبق كل منهما في مجاله متى قام موجبه واستوفى أوضاعه وشرائطه.... ولا يجوز تعطيل أحكام قانون نظام موظفي الدولة في إنهاء الخدمة بأي سبب من الأسباب المشار إليها متى توافرت الشروط القانونية إذ لكل من العزل كعقوبة جنائية بالتطبيق لأحكام قانون العقوبات والعزل تأديبياً كان أم إدارياً بالتطبيق لأحكام قانون موظفي الدولة لكل مجاله وشروطه وأحكامه الخاصة به في التطبيق، وأنه ليس ثمة تلازم بينهما في كل الأحوال وإن كان توقع التلاقي في تحقيق الأثر في بعض الأحوال فلا يجوز إذن تعطيل أحكام قانون التوظف في مجال تطبيقها متى قام موجبها واستوفت أوضاعها وشروطها. وفي ضوء ما تقدم يتضح خطأ ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن فصل الموظف طبقاً لنص المادة 107 فقرة 8 لا يترتب بقوة القانون بل يشترط أن تفصح الإدارة عن ذلك بحسب تقديرها - وكما سبق أن توضح فإن إنهاء الخدمة يترتب حتماً وبقوة القانون على الحكم على الموظف في جناية أو جريمة مخلة بالشرف دون أن يكون لجهة الإدارة أي سلطة للترخص في هذا الشأن، وأن قرار الفصل لا يعدو أن يكون من قبيل الإجراءات اللازمة لتنفيذ القانون الذي جعل إنهاء الخدمة أثراً حتمياً في هذه الحالة، ولا يؤثر في صحة النتيجة المتقدمة وقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها في الجناية بالتطبيق للمادة 55 من قانون العقوبات تطبيقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن "وقف تنفيذ الآثار المترتبة على الأحكام الجنائية بالتطبيق للمادة 55 من قانون العقوبات وما بعدها لا يشمل إلا العقوبة التبعية والآثار الجنائية المترتبة على الحكم فلا يتعداها إلى الآثار الأخرى سواء أكانت هذه الآثار من روابط القانون الخاص أم من روابط القانون العام، أي سواء أكانت مدنية أو إدارية (حكم المحكمة الإدارية طعن رقم 5 لسنة 4 القضائية)، ويؤيد هذا النظر أحكام محكمة النقض العديدة التي تجمع على أن وقف التنفيذ لا يتعدى العقوبات الأصلية أو التبعية وحدها فقضت بأن "وقف التنفيذ لا يكون بحسب صريح النصوص التي وضعت لها في القانون إلا بالنسبة للعقوبات فهو إذن لا يجوز في التعويضات أو الرد بجميع صوره" كما قضت بأن "المادة 55 حين نصت على جواز وقف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس إنما عنت العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقي سواء أكانت هذه العقوبات أصلية أو تبعية أم الجزاءات الأخرى والتي - وإن كان فيها معنى العقوبة ولكنها ليست عقوبة بحتة - فإنه لا يجوز الحكم بوقف التنفيذ فيها" وتقول الوزارة إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ أيضاً فيما ساقه دليلاً على انعدام القرار المطعون فيه من القول بأن جهة الإدارة لم تفصح عن إرادتها في فصل المطعون ضده إلا بعد انتهاء مدة وقف التنفيذ التي يترتب عليها القانون اعتبار الحكم كأن لم يكن وزوال جميع آثاره سواء كانت جنائية أم إدارية أي بعد أن رد إلى المطعون ضده اعتباره بصيرورة الحكم الجنائي منعدماً - فهذا القول مردود عليه بأن جهة الإدارة لا تملك أن تترخص في إبقاء الموظف أو إقصائه في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون نظام الموظفين إذ أن خدمة الموظف تنتهي بقوة القانون كأثر حتمي للحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف... والواقع أن من وجهين الوجه الأول يتعلق بتفسير نص المادة 59 من قانون العقوبات التي تنص على أنه "إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يصدر في خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن" هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه ينطوي على خطأ في فهم القانون، فقد خلط الحكم المطعون فيه بين الحكم الصادر في الجريمة وبين العقوبة المحكوم بها والموقوف تنفيذها، فالذي يعتبر كأن لم يكن هو الحكم بالعقوبة الموقوف تنفيذها دون سائر العقوبات الأخرى التي لم تحكم بإيقاف تنفيذها، يؤكد ذلك نص المادة 55 من قانون العقوبات والتي تنص "بأنه يجوز للمحكمة عند الحكم في جناية أو جنحة بالغرامة أو بالحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر في نفس الوقت بإيقاف تنفيذ العقوبة.... ويجوز أن تجعل الإيقاف شاملاً لأية عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم" وعلى ذلك وطبقاً لكل ما تقدم، ولما كان الشارع لم يتطلب لانتهاء الخدمة وفقاً لحكم المادة 107 فقرة 8 من قانون التوظف سوى صدور حكم في جناية أو جنحة مخلة بالشرف فإن صدور هذا الحكم كاف لتحقق سبب إنهاء الخدمة ولو صدر الحكم في الجناية بغير عقوبة الجناية أو صدر الحكم مع وقف تنفيذ العقوبة أو لم تنفذ العقوبة الموقوفة بسبب مضي ثلاث سنوات على حكم وقف التنفيذ واعتبار الحكم بالعقوبة كأن لم يكن....
ومن حيث إن موضوع الطعن الحالي خاص بما قضت به المحكمة من استمرار صرف مرتب المطعون ضده الذي بنى طلبه هذا على توافر ركن الاستعجال والمشروعية وهو ما أخذ به الحكم المطعون فيه وقوام الطعن في هذا الحكم أنه قد بني على أسباب لا يساندها ظاهر النصوص القانونية التي ارتكزت عليها... وبداهة أن طلب صرف المرتب هو إجراء وقتي لا يؤثر القضاء فيه على أصل الحق أو الموضوع المتفرع عنه هذا الطلب فالقاضي وهو ينظره إنما يستمد العناصر المكونة لعقيدته فيه من ظاهر الأوراق وما توحي إليه ظاهر النصوص القانونية وذلك بالقدر الذي يسمح باتخاذ إجراء وقتي متى وجدت الظروف المبررة لهذا...
ومن حيث إنه على الأساس المتقدم، وسواء ما يدل عليه ظاهر الأوراق أو يشير إليه ظاهر النصوص القانونية المتعلقة بنقطة النزاع، فإن فصل المطعون ضده من الخدمة وتنحيته عن وظيفته إنما كان إعمالاً لقرار صدر من مدير التربية والتعليم لمنطقة المنصورة التعليمية في 22/ 6/ 1961 لصدور حكم على المطعون ضده من محكمة جنايات المنصورة في القضية رقم 442 لسنة 1956 كلي المنصورة بجلسة 21 من يناير سنة 1958 قضى بحبسه سنة مع الشغل بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً، وقد أرجع القرار تاريخ الفصل إلى تاريخ صدور هذا الحكم.... ويبين من الاطلاع على الحكم المذكور أن التهمة التي حوكم من أجلها المطعون عليه إنما يرجع تاريخها إلى 7 إبريل سنة 1953 منذ كان طالباً وقبل التحاقه بخدمة الوزارة في سنة 1956 والتهمة التي وجهت إليه هي أنه اعتدى على ثلاثة من الطلبة أحدث بأحدهم عاهة مستديمة وبعد أن استعرضت محكمة الجنايات ظروف الدعوى وملابسات الاعتداء رأت استعمال الرأفة مع المتهم عملاً بنص المادة 17 عقوبات، وقالت المحكمة في تبرير ذلك "إن أخلاق المتهم والظروف التي ارتكبت فيها الجريمة تبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون لذلك ترى المحكمة الأمر بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات من تاريخ النطق بهذا الحكم (21 يناير سنة 1958) على أن يكون الإيقاف شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم" وقد تنازل المجني عليه الذي تخلفت عنده العاهة المستديمة عن دعواه المدنية التي كان قد أقامها ضد المطعون عليه محافظة منه على الصلات الودية بينهما....
ومن حيث إن عزل الموظف من وظيفته كنتيجة لصدور حكم جنائي ضده هو عقوبة بكل ما في هذه الكلمة من معنى لأن هذا الفصل إن هو إلا جزاء لما اقترفه من أثم يعد جناية أو جنحة مخلة بالشرف والعقوبة ما هي إلا جزاء.
ومن حيث إن المادة 59 عقوبات تنص على أنه "إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يكن صدر في خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبات المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن" وظاهر هذا النص واضح في أن الحكم بعد انقضاء مدة الإيقاف يعتبر كأن لم يكن بما اشتمل عليه من عقوبات بمدلولها الواسع، أي سواء أكانت عقوبات أصلية أو تبعية وبمعنى آخر يزول كل أثر لهذا الحكم....
ومن حيث إنه على ما تقدم وقد مضت ثلاث سنوات على تاريخ صدور الحكم المطعون عليه قبل أن يصدر القرار الإداري بفصله من الخدمة فإن هذا القرار يكون قد صدر مستنداً إلى حكم يعتبره القانون بعد انقضاء هذه المدة كأنه لم يكن وغير ممكن تنفيذ العقوبات المقضى بها، ومن ثم يكون القرار المذكور - بحسب الظاهر - قد صدر فاقداً للسبب الذي قام عليه.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق والصواب في النتيجة التي انتهى إليها مما يتعين معه رفض الطعن وإلزام الوزارة بمصروفات هذا الطلب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الحكومة بمصروفات هذا الطلب.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 217 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

فصل الموظف لعدم قضائه فترة الاختبار على ما يرام - اعتباره من صميم عمل السلطة الإدارية بلا معقب عليها ما لم تنحرف أو تسئ استعمال سلطتها - استخلاص الإدارة أسباب عدم الصلاحية من كثرة طلب الموظف للإجازات وتحايله للحصول عليها ولو لم يتجاوز حدودها المرسومة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة - الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) - صـ 828

(73)
جلسة 16 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة: مصطفى كامل إسماعيل. وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح. ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 967 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف - الموظف الدائم والموظف المؤقت - مناط التفرقة بينهما في قانون التوظف.
(ب) هيئة البريد - وظائف الدرجة التاسعة بميزانيتها في السنة المالية 1957/ 1958 مؤقتة - السلطة المختصة بفصل المعينين عليها - هي المنصوص عليها في قرار مجلس الوزراء الصادر في 31/ 12/ 1952 أو من يفوض بعد ذلك قانوناً.
(ج) موظف مؤقت - قرار فصله - صدوره من الوزير باعتباره من الموظفين الموضوعين تحت الاختبار لا من الموظفين المؤقتين - صحته ما دامت السلطة التي تملك الفصل في الحالتين واحدة، وقام الفصل على سبب عدم الصلاحية للبقاء في الوظيفة.
(د) موظف - فترة الاختبار - فصل - فصل الموظف لعدم قضائه فترة الاختبار على ما يرام - اعتباره من صميم عمل السلطة الإدارية بلا معقب عليها ما لم تنحرف أو تسئ استعمال سلطتها - استخلاص الإدارة أسباب عدم الصلاحية من كثرة طلب الموظف للإجازات وتحايله للحصول عليها ولو لم يتجاوز حدودها المرسومة - اعتبار الإجازات المتواصلة والغياب المتكرر إساءة لاستعمال الحق وسوء سلوك وظيفي ينعكس أثره الضار على الوظيفة العامة - نهوض ذلك دليلاً على عدم تقدير الموظف للمسئولية ولا يقدح فيه تقدير كفايته بدرجة جيد والشهادة له بالكفاية والأمانة - اعتبار عدم تقدير المسئولية سلوكاً وخلقاً لا يشفع فيهما الكفاية أو الأمانة - صحة قرار الفصل الصادر بناء على هذا الاستخلاص.
1 - إن قانون الموظفين قد جعل مناط التفرقة بين الموظف الدائم الذي يسري في شأنه حكم المادة 19 المشار إليها والموظف المؤقت هو دائمية الوظيفة أو عدم دائميتها بحسب وصفها الإداري في الميزانية، وقد أكد ذلك فيما أورده في المادة 26 من جعل المعينين على وظائف مؤقتة خاضعين في توظيفهم وتأديبهم وفصلهم للأحكام التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء.
2 - بالاطلاع على الميزانية العامة 1957/ 1958 يتبين أن وظائف الدرجة التاسعة بهيئة البريد هي وظائف مؤقتة، وما دام قرار تعيين المطعون ضده كان على إحدى هذه الدرجات المؤقتة ومن ثم فهو موظف مؤقت يخضع لحكم المادة 26 من قانون التوظف رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر، وبالتالي يكون من سلطة الجهة الإدارية إنهاء خدمته أو فصله من وظيفته بالأداة التي نص عليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 31/ 12/ 1952 أو لمن فوض بعد ذلك قانوناً.
3 - إذا كان مركز المطعون ضده في الوظيفة هو مركز لائحي فإنه يطبق في شأنه ما يطبق على الموظفين المؤقتين، ولا يغير العقد المبرم بينه وبين الحكومة من طبيعة هذه العلاقة، فإذا كان الوزير قد أنهى خدمة المطعون ضده بوصفه من الموظفين الموضوعين تحت الاختبار بالتطبيق للمادة 19 من قانون التوظف وليس من الموظفين المؤقتين الخاضعين لحكم المادة 26 من هذا القانون، فإن الأمر لا يختلف في الحالين إذ السلطة التي تملك الفصل في كليهما واحدة، وكذلك الأسباب التي قام عليها وهي عدم الصلاحية للبقاء في الوظيفة.
4 - لما كانت الوظيفة تكليفاً وضرورة، وأن الأجر مقابل العمل، فلا محل للإبقاء على شاغلها إذا لم يكن قادراً على النهوض بأعبائها لأمور خاصة به متعلقة بالبعد عن عائلته أو متعلقة بقدرته الصحية، لأنها لم تنشأ لتكون مصدر رزق بغير عمل. فإذا رأت الجهة الإدارية من الملابسات التي صاحبت الإجازات وقد بلغ مجموعها الكلي 156 يوماً في أقل من سنتين - أن المطعون ضده إنما كان يتحايل في الحصول عليها، فإن اقتناعها بذلك كان له ما يبرره مهما قيل بأنه لم يتجاوز حدوده فيها لأن الإجازات بكافة أنواعها وإن كانت مشروعة قانوناً في الحدود المرسومة إلا أن طلبها يجب أن يكون للضرورة مراعاة لصالح العمل وعدم إشاعة الاضطراب فيه بهذا الغياب المتواصل المتكرر، وإساءة استعمال الحق نوع من الانطباعات الضارة بالوظيفة العامة وتسئ إليها وبالتالي فهي ضرب من ضروب سوء السلوك الوظيفي، وعلاوة على هذا فإن الثابت من المذكرة المحررة عن المطعون ضده بتاريخ 2/ 7/ 1959 من المنطقة التي يعمل فيها أنها توافق على إنهاء فترة اختباره لكثرة إجازاته ولعدم اهتمامه بعمله وتقدير مسئوليته. وهذه الجهة بحكم اتصالها بالموظف لا شك تكون أقدر من غيرها في الحكم على عمله وعلى مدى صلاحيته للبقاء في الوظيفة. وما دام لم يوجه لها أي طعن يحمل المظنة في سلامة هذا التقدير وكونه قد حصل على تقدير جيد، وقيل عنه أنه متوسط وأمين فلا يقدح كل ذلك فيما استخلصته جهة الإدارة من أعماله في مجموعها طوال السنتين اللتين أمضاهما في الخدمة على الدرجة التاسعة المؤقتة، من أنه لا يقدر المسئولية وخصوصاً وأن عدم تقدير المسئولية إنما هو سلوك وخلق لا يشفع فيهما كفاية أو أمانة. ويتضح من المكاتبات الصادرة من المنطقة التي يعمل فيها المطعون ضده أنها كانت مشفقة عليه راغبة في أن يصلح من أمره وقد سبق أن طلبت له مهلة ليقوم نفسه.
فلذا رأت الجهة الإدارية عدم صلاحية المطعون ضده للبقاء في وظيفته مستندة في ذلك إلى ما تقدم ذكره، فإنها تكون قد بنت قرارها على استخلاص سائغ يؤدي إليه ما هو ثابت في الأوراق التي عرضت عليها.


إجراءات الطعن

في 31 من مارس سنة 1962 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة نائباً عن السيدين وزير المواصلات ومدير عام هيئة البريد، سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 29/ 1/ 1962 في الدعوى رقم 2543 لسنة 8 القضائية المرفوعة من السيد/ سليمان عبد الرحمن نصر الله ضد وزارة المواصلات والهيئة العامة للبريد القاضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من السيد وزير المواصلات بإنهاء خدمة المدعي وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة" وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين".
وقد أعلن هذا الطعن إلى الطرفين وعرض على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا، وبعد أن سمعت هذه المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى المشار إليها طلب فيها الحكم بإلغاء قرار فصله من الخدمة الصادر في 13/ 7/ 1959 واعتباره كأن لم يكن وإعادته إلى عمله طبقاً للعقد المبرم بينه وبين الإدارة مع ما يترتب على ذلك من آثار واحتياطياً الحكم بقرش صاغ كتعويض مبدئي عن هذا الفصل التعسفي وإلزام الجهة الإدارية بالمصاريف وأتعاب المحاماة...... "وقال شرحاً لدعواه إنه التحق بهيئة البريد في 18/ 5/ 1957 بوظيفة موزع من الدرجة التاسعة وذلك بموجب عقد محرر بينه وبين هيئة البريد في 31/ 10/ 1957 نص فيه على أنه "لا يجوز الاستغناء عن أحد طرفي العقد إلا بعد إخطاره قبل نهاية العقد بشهر وإذا لم يقم بإخطاره فيستمر ساري المفعول بنفس الشروط" وقد قامت الهيئة بفصل الطالب فصلاً تعسفياً أعلن إليه في 22/ 7/ 1959 دون مراعاة لنص العقد الأمر الذي يجعل قرار الفصل باطلاً، هذا بصفة أصلية واحتياطياً محل تعويض.
أجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي عين بوظيفة من الدرجة التاسعة المؤقتة تحت الاختبار اعتباراً من 18/ 5/ 1957، وقد أفادت المنطقة التي يعمل بها بأنها لا توافق على إنهاء فترة اختباره لكثرة إجازاته وعدم اهتمامه وتقديره للمسئولية وذلك بناء على ما قرره رئيسه المباشر وبعرض الأمر على السيد الدكتور وزير المواصلات وافق في 13/ 7/ 1959 على إنهاء خدمة المدعي لفقده شرط الصلاحية وقبل أن يصدر قرار الفصل في 7/ 9/ 1959 أرسلت الهيئة برقية في 22/ 7/ 1959 إلى المنطقة التابع لها الطالب لإبعاده عن العمل تمهيداً لصدور قرار الفصل. وعلى أثر ذلك تقدم المدعي بتظلم إداري في 1/ 8/ 1959.
وبتاريخ 29/ 1/ 1962 قضت المحكمة الإدارية المذكورة، برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من وزير المواصلات بإنهاء خدمة المدعي وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة "بانية حكمها هذا على أن الإدارة إنما بنت تقديرها لعدم قضاء المدعي فترة الاختبار على ما يرام على ما نعته عليه من كثرة إجازاته وعدم اهتمامه بعمله وتقدير مسئوليته... أما عن الإجازات فلا يجوز أن تكون عنصراً من عناصر صلاحية المدعي مؤثراً فيها أو مهدراً لها ما دامت قد تمت في الحدود المرسومة قانوناً.... كما وأن العناصر الأخرى التي انبنى عليها عدم الصلاحية لا تستخلص مما هو ثابت في الأوراق فقد حصل في التقدير المقدم عن سنة 1958 على 70 درجة بتقدير مرضي وقال عنه رؤساؤه من ملاحظي ورئيس قسم التوزيع عندما طلب منهم إبداء الرأي فيه أنه متوسط في عمله... ومن ثم يكون قرار الفصل قد قام على سبب غير صحيح وجاء بالتالي مخالفاً للقانون ويتعين الإلغاء.
ومن حيث إن أوجه الطعن تقوم على أن تقدير صلاحية الموظف تحت الاختبار إنما مرده إلى الإدارة بلا معقب عليها من القضاء الإداري ما دام تقديرها قد خلا من إساءة استعمال السلطة والحكم المطعون فيه إذ حاول أن يبسط رقابته على تقدير الإدارة لصلاحية المطعون ضده للبقاء في الوظيفة يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه..... والقاضي الإداري هو قاضي مشروعية عليه أن يتأكد من صحة القرار الإداري وقيامه على أسبابه أي على مجرد ثبوتها في الأوراق وأما تقدير قيمة أسباب القرار فإنه يدخل في صميم اختصاص الإدارة باعتباره من الملائمات..... وإعطاء الموظف الحق في الإجازات لا يمنع الإدارة وهي المشرفة عليها من أن تقرر أن الموظف يسئ استعمال حقه في هذه الإجازات، وقد قرر رؤساء المطعون ضده في تقاريرهم أنه كثير التحايل في الحصول على الإجازات كما وأن استناد الحكم المطعون فيه إلى التقرير السري المقدم عنه عام 1958 لا ينفي عن المطعون ضده ما نسبته إليه الإدارة إذ العبرة بسلوكها الوظيفي وكفايته طوال السنتين المحددتين للاختبار دون الاقتصار على سنة واحدة، ذلك أن الصلاحية ليست صفة لازمة للموظف فهي تتخصص بالزمان وبنوع العمل المسند إليه....".
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضده من عمال القنال وقد ألحق بالخدمة في 18/ 5/ 1957 وبعد أن استوفى مسوغات تعيينه صدر قرار في 29/ 9/ 1957 بتعيينه على الدرجة التاسعة المؤقتة بهيئة البريد.... طبقاً لشروط عقد الاستخدام الذي سيبرم معه.... وقد حرر العقد فعلاً في 31/ 10/ 1957 واعتبر بداية تعيينه من 29/ 9/ 1957 وتنتهي في 28/ 9/ 1958 متضمناً أنه يتجدد لمدة أخرى مساوية لتلك المدة ما لم يعلن أحد الطرفين الآخر قبل نهاية المدة بشهر برغبته في إنهائه ويستمر التجديد بعد ذلك بالشروط نفسها.... ولوكيل الوزارة أو رئيس المصلحة توقيع العقوبات التأديبية ويكون قراره نهائياً فيما عدا عقوبة الفصل فتكون من سلطة الوزير... ويكون من جميع الوجوه الأخرى وبدون الإخلال بأحكام المادة (7) خاضعاً للقواعد واللوائح الخاصة بالموظفين الجاري العمل بها والتي سيعمل بها في الحكومة المصرية.... وتنص المادة 7 من العقد المذكور على أن "يكون لكل من الطرفين إنهاء هذا العقد في أي وقت كان بمقتضى إعلان يرسل كتابة قبل ذلك بمدة شهر".
ومن حيث إنه بناء على مذكرة من مساعد المدير العام لشئون الأفراد والشئون العامة والتي جاء فيها "إن المطعون ضده عين بخدمة الهيئة من الدرجة التاسعة المؤقتة تحت الاختبار اعتباراً من 18/ 5/ 1957 وأن المنطقة التابع لها المذكور لا توافق على إنهاء فترة اختباره وقد وافق السيد الوزير في 13/ 7/ 1959 على فصله ثم صدر القرار الوزاري بذلك اعتباراً من هذا التاريخ وبالتطبيق لحكم المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تنص على أن "يكون التعيين لأول مرة في أدنى الدرجات بوظائف الكادرين الفني العالي والإداري. ويكون التعيين في وظائف الكادر الفني المتوسط في الدرجة السابعة أو الثامنة حسب الوظيفة المطلوب التعيين فيها ويكون التعيين في وظائف الكادر الكتابي في وظائف الدرجتين الثامنة والتاسعة.... ويكون التعيين في الوظائف المشار إليها تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، فإن لم يتم الموظف مدة الاختبار على ما يرام فصل من وظيفته..." وقد أبدى رئيس قسم الموزعين رأيه في المطعون ضده بأنه كثير الانقطاع والتحايل في الحصول على الإجازات وأن تقدير عمله متوسط رغم أمانته، كما أبدى رئيس ملاحظي الموزعين رأيه فيه بأنه كثير التحايل في الحصول على الإجازات وأنه متوسط في عمله.
ومن حيث إن قانون الموظفين قد جعل مناط التفرقة بين الموظف الدائم الذي يسري في شأنه حكم المادة 19 المشار إليها والموظف المؤقت هو دائمية الوظيفة أو عدم دائميتها بحسب وصفها الإداري في الميزانية، وقد أكد ذلك فيما أورده في المادة (26) من جعل المعينين على وظائف مؤقتة أو لأعمال مؤقتة خاضعين في توظيفهم وتأديبهم وفصلهم للأحكام التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الميزانية العامة 1957/ 1958 تبين أن وظائف الدرجة التاسعة بهيئة البريد هي وظائف مؤقتة وأن قرار تعيين المطعون ضده كان على إحدى هذه الدرجات المؤقتة ومن ثم فهو موظف مؤقت يخضع لحكم المادة 26 من قانون التوظف رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر وبالتالي يكون من سلطة الجهة الإدارية إنهاء خدمته أو فصله من وظيفته بالأداة التي نص عليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 31/ 12/ 1952 أو لمن فوض بعد ذلك قانوناً.
ومن حيث إن قرار فصل المطعون ضده وإن كان مبناه عدم قضائه فترة الاختبار على ما يرام بالتطبيق للمادة 19 من قانون التوظف إلا أنه يكون صحيحاً إذا حمل على أسباب تؤدي إلى هذه النتيجة بغض النظر عن التكييف القانوني له وما دامت أداة الفصل في الحالين واحدة.
ومن حيث إن الوظائف إنما تنشأ لحاجة المرفق إليها فيجب أن يوليها من له القدرة الجسمانية والعقلية على القيام بأعبائها خصوصاً وأن مرفق البريد من المرافق الشديدة الاتصال بمصالح الجمهور وتتطلب ممن يعمل فيه المواظبة والمثابرة بنفس مقبلة على تحمل المسئولية كاملة وتقدير ذلك كله في الموظف هو من صميم عمل السلطة الإدارية المشرفة على هذا المرفق ولا معقب عليها في ذلك ما دام لم يثبت أنها قد انحرفت به أو أساءت استعمال سلطتها فيه.
ومن حيث إن مركز المطعون ضده في الوظيفة هو مركز لائحي يطبق في شأنه ما يطبق على الموظفين المؤقتين، ولا يغير العقد المبرم بينه وبين الحكومة من طبيعة هذه العلاقة، فإذا كان الوزير قد أنهى خدمة المطعون ضده بوصفه من الموظفين الموضوعين تحت الاختبار وليس من الموظفين المؤقتين فإن الأمر لا يختلف في الحالين إذ السلطة التي تملك الفصل في كليهما واحدة وكذلك الأسباب التي قام عليها وهي عدم الصلاحية للبقاء في الوظيفة....
ومن حيث إن عدم صلاحية المطعون ضده للبقاء في الوظيفة قد استخلصت أسبابها مما هو ثابت في الأوراق فقد تبين من الاطلاع على ملف الخدمة أن المطعون ضده قد ألحق بالخدمة في 13/ 5/ 1957 بوظيفة موزع مراقبة إسكندرية وتفيد الشكاوى المقدمة من والده أن ابنه له زوجة وأولاد يقيمون بالقصاصين الجديدة بالقرب من مدينة الإسماعيلية لذلك فهو يطلب نقله إليها ثم أخذ يلح المطعون ضده في النقل إلى مكان قريب من محل إقامة عائلته فلم يجب إلى طلبه والظاهر من كشف الإجازات التي منحت له وتتابع طلبها أنه كان في حالة قلق لبعده عن أهله مما صرفه عن العمل إلى السعي الحثيث في النقل فبلغت إجازاته المرضية من 16/ 7/ 1957 لغاية 15/ 4/ 1959 90 يوماً في أقل من سنتين وفي بداية الخدمة وبلغت إجازته الاعتيادية من 3/ 5/ 58 لغاية 22/ 4/ 1959، 48 يوماً أي حوالي شهر ونصف في أقل من عامين وكذلك بلغت إجازاته العارضة خلال هذه المدة 18 يوماً، ولما كانت الوظيفة تكليفاً وضرورة، وأن الأجر مقابل العمل فلا محل للإبقاء على شاغلها إذا لم يكن قادراً على النهوض بأعبائها لأمور خاصة به متعلقة بالبعد عن عائلته أو متعلقة بقدرته الصحية لأنها لم تنشأ لتكون مصدر رزق بغير عمل.... فإذا رأت الجهة الإدارية من الملابسات التي صاحبت الإجازات وقد بلغ مجموعها الكلي 156 يوماً في أقل من سنتين أن المطعون ضده إنما كان يتحايل في الحصول عليها فإن اقتناعها بذلك كان له ما يبرره مهما قيل بأنه لم يتجاوز حدوده فيها لأن الإجازات بكافة أنواعها وإن كانت مشروعة قانوناً في الحدود المرسومة إلا أن طلبها يجب أن يكون للضرورة مراعاة لصالح العمل وعدم إشاعة الاضطراب فيه بهذا الغياب المتواصل المتكرر، وإساءة استعمال الحق نوع من الانطباعات الضارة بالوظيفة العامة وتسئ إليها وبالتالي فهي ضرب من ضروب سوء السلوك الوظيفي وعلاوة على هذا فإن الثابت من المذكرة المحررة عن المطعون ضده بتاريخ 2/ 7/ 1959 من المنطقة التي يعمل فيها أنها توافق على إنهاء فترة اختباره لكثرة إجازاته ولعدم اهتمامه بعمله وتقدير مسئوليته. وهذه الجهة بحكم اتصالها بالموظف لا شك تكون أقدر من غيرها في الحكم على عمله وعلى مدى صلاحيته للبقاء في الوظيفة. وما دام لم يوجه لها أي طعن يحمل المظنة في سلامة هذا التقدير وكونه قد حصل على تقدير جيد وقيل عنه أنه متوسط وأمين فلا يقدح كل ذلك فيما استخلصته جهة الإدارة من أعماله في مجموعها طوال السنتين التي أمضاها في الخدمة على الدرجة التاسعة المؤقتة من أنه لا يقدر المسئولية وخصوصاً وأن عدم تقدير المسئولية إنما هو سلوك وخلق لا يشفع فيهما كفاية أو أمانة...... و يتضح من المكاتبات الصادرة من المنطقة التي يعمل فيها المطعون ضده أنها كانت مشفقة عليه راغبة في أن يصلح من أمره وقد سبق أن طلبت له مهلة ليقوم نفسه.
ومن حيث إنه إذا رأت الجهة الإدارية عدم صلاحية المطعون ضده للبقاء في وظيفته مستندة في ذلك إلى ما تقدم ذكره فإنها تكون قد بنت قرارها على استخلاص سائغ يؤدي إليه ما هو ثابت في الأوراق التي عرضت عليها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون القرار المطعون فيه قد صدر سليماً لا مخالفة فيه للقانون إذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مغايراً فقد أخطأ الصواب مما يتعين إلغاؤه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 32 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

ادانة الموظف فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف - شمول الحكم بوقف التنفيذ والنص به على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية - ينصرف الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 913

(92)
جلسة 17 من مارس 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد شلبى يوسف وعادل عزيز زخارى وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 320 لسنة 10 القضائية

( أ ) كادر عمال - عامل - انتهاء خدمة - المادة 5 من تعليمات المالية رقم 8 المكملة لأحكام كادر العمال - الجرم الموجب للرفت وفقا لها - يتحدد مدلوله طبقا للقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة الذى كان ساريا حينذاك - أساس ذلك أنه القانون العام المنظم لقواعد التوظيف وكافة شئون موظفى الدولة.
(ب) موظف - عامل - انتهاء خدمة - الحكم على العامل فى جناية - يعد من قبيل الجرم الموجب للفصل - أساس ذلك من التعليمات المالية سالفة البيان ومن نص المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - ليس بشرط فى ذلك أن تكون الجناية مخلة بالشرف.
(جـ) موظف - انتهاء خدمة - عقوبة تبعية - انتهاء خدمة الموظف المحكوم عليه فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف وفق الفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - لا يخرج عن كونه عقوبة تبعية أوردها القانون المذكور - ليس بشرط فى العقوبة أن يكون منصوصا عليها بقانون العقوبات.
(د) عقوبة - وقف تنفيذ - الحكم فى جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة - للمحكمة أن تأمر فى نفس الحكم بايقاف تنفيذ العقوبة - جواز أن يكون الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية - الايقاف اختيارى للقاضى له أن يأمر به بناء على طلب الخصوم أو من تلقاء نفسه.
(هـ) موظف - انتهاء خدمة - حكم فى جناية - وقف تنفيذ - ادانة الموظف فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف - شمول الحكم بوقف التنفيذ والنص به على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية - ينصرف الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين - الحكم الصادر من محكمة الجنايات بحبس المطعون ضده ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمه ثلاثة جنيهات - النص فيه على وقف تنفيذ العقوبة على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم - احترام حجية هذا الحكم مؤداه أبقاء المطعون ضده فى وظيفته وعدم أعمال حكم - الفقرة 8 المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - انهاء الخدمة وفقا لحكم هذه الفقرة يعتبر من الآثار الجنائية التى أوقف الحكم تنفيذها.
1 - تنص المادة 5 من تعليمات المالية رقم 8 وهى التى تكمل أحكام كادر العمال على أن "عامل اليومية المتهم بجرم موجب للرفت يصير ايقافه مؤقتا عن العمل فى كل حالة. واذا اتضح بعد التحقيق أن العامل برئ تصرف له أجرته عن كل مدة الايقاف. واذا تبينت أدانته يرفت من تاريخ الايقاف المؤقت". ولما كانت هذه التعليمات لم تحدد مدلول عبارة الجرم الموجب للفصل فانه يتعين الرجوع الى أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة الذى كان ساريا حينذاك - لتحديد هذا المدلول باعتبار أن هذا القانون هو القانون العام المنظم لقواعد التوظف وكافة شئون موظفى الدولة.
2 - تنص المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أن "تنتهى خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية:
(1)
(2)
(3) الحكم عليه فى جناية أو جريمة مخلة بالشرف.
وعلى ذلك فانه يعد من قبيل الجرم الموجب للفصل فى منطق التعليمات المالية المشار اليها الحكم على العامل فى جناية ولا يشترط أن تكون الجناية مخلة بالشرف لأن لفظ الجناية ورد فى الفقرة 8 من المادة المنوه عنها مطلقا.
3 - أن كلا من قانون العقوبات وقانون نظام الموظفين رقم 210 لسنة 1951 قد عالج أثر الأحكام التى تصدر بالادانة فى جريمة من جرائم القانون العام على رابطة التوظف، فنص قانون العقوبات على العزل كعقوبة تبعية لكل حكم بعقوبة جناية فى الفقرة الأولى من المادة 25 وكعقوبة تكميلية وجوبية أو جوازية يتعين لتنفيذها أن ينص عليها فى الحكم وذلك فى حالة الحكم بالحبس فى بعض الجنايات والجنح المحددة فى القانون، والعزل وفقا لهذه الأحكام دائم اذا كان عقوبة تبعية ومؤقت اذا كان عقوبة تكميلية، أما العزل المنصوص عليه بالفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فهو عزل دائم أيا كانت العقوبة المحكوم بها فى جناية أو جريمة مخلة بالشرف، ولئن كان العزل وفقا لأحكام هذا النص الأخير أوسع مدى مما نص عليه قانون العقوبات الا أنه لا محل للفصل بين المجالين الجنائى والادارى ما دام العزل على أى حال - لا يخرج عن كونه أثرا لصدور حكم جنائى بالادانة، وتحقق هذا الأثر - وفقا لأحكام قانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 فى بعض الأحوال التى لا يتحقق فيها وفقا لأحكام قانون العقوبات - ليس من شأنه أن يغير من طبيعته، ذلك أن العقوبات التى تطبق على المحكوم عليه جنائيا - وأن كان الأصل أن يكون منصوصا عليها فى قانون العقوبات - الا أن هذا القانون لا يشملها كلها بل أن بعضها قد ورد النص عليه فى قوانين أخرى، فاذا كان القانون رقم 210 لسنة 1951 قد قضى بانتهاء خدمة الموظف المحكوم عليه فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف، أيا كانت العقوبة المحكوم بها عليه، فانه يكون بهذا الاطلاق والتعميم قد أضاف الى الحالات التى يقع فيها العزل وفقا لقانون العقوبات حالات أخرى، على أن ذلك لا يؤثر على طبيعة العزل اذ أنه يقع فى جميع الأحوال كأثر للحكم الجنائى الصادر بالادانة، أى أن العزل الذى يقع بحكم الفقرة 8 من المادة 107 من قانون الموظفين لا يخرج فى الواقع عن كونه عقوبة تبعية أوردها القانون المذكور.
4 - ينص قانون العقوبات فى المادة 555 منه على أنه "يجوز للمحكمة عند الحكم فى جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر فى نفس الحكم بايقاف تنفيذ العقوبة اذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التى ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود الى مخالفة القانون ويجب أن تبين فى الحكم أسباب الايقاف ويجوز أن يجعل الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية" وجعل وقف التنفيذ شاملا للعقوبات التبعية أو للآثار الجنائية التى تترتب على الحكم أنما هو مبدأ جديد استحدثه قانون العقوبات عند تعديله فى سنة 1937 وقد جاء فى المذكرة الايضاحية بيانا له ما يأتى: "يجوز جعل الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية كمراقبة البوليس والحرمان من حق الانتخاب. كما يجوز أن يشمل جميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم كاعتبار الحكم سابقة فى العود.
ولم يكن هذا جائزا فى قانون سنة 1904 وقد اقتبسه المشرع من القوانين الحديثة أما عن سلطة المحكمة فمتى توافرت الشروط السابق بيانها فيجوز للقاضى أن يأمر بايقاف التنفيذ أى أن الايقاف اختيارى متروك لتقدير القاضى فله أن يأمر به بناء على طلب الخصوم أو من تلقاء نفسه كما أن له أن يرفضه ومتى أمر بالايقاف يتعين عليه أن يذكر أسباب ذلك فى الحكم".
واذا أمر الحكم الجنائى بأن يكون ايقاف التنفيذ شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين اذ أن طبيعتها جميعا واحدة ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها مادام انها كلها من آثار الحكم الجنائى.. يؤكد هذا النظر ما ورد فى المذكرة الايضاحية لقانون العقوبات من جواز أن يكون ايقاف التنفيذ شاملا (للحرمان من حق الانتخاب) باعتباره عقوبة تبعية.
مع أن هذا (الحرمان) لم يرد النص عليه فى هذا القانون بل كان عند صدوره فى سنة 1937 منصوصا عليه فى تشريع آخر - هو المرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1935 الخاص بالانتخابات والذى حل محله القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية.
ومن حيث أن محكمة جنايات الفيوم عندما قضت فى حكمها الصادر فى 19 من سبتمبر سنة 1962 - بحبس المطعون ضده ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمة ثلاثة جنيهات - أمرت بايقاف تنفيذ العقوبة على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الاثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم فانها قد استهدفت بحكمها المقترن بايقاف التنفيذ الشامل لجميع الاثار الجنائية المحافظة على مركز المطعون فيه الوظيفى وعدم الاضرار بمستقبله وكان مؤدى احترام حجية هذا الحكم ابقاء المطعون ضده فى وظيفته وعدم اعمال حكم الفقرة 8 من المادة 107 من قانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 فى حقه باعتبار أن أنهاء الخدمة وفقا لحكم هذه الفقرة من الآثار الجنائية التى أوقف الحكم تنفيذها. واذ ذهبت الجهة الادارية غير هذا المذهب واعتبرت خدمة المطعون ضده منتهية بصدور الحكم المذكور عليه تكون قد أهدرت حجية هذا الحكم وخالفت أحكام القانون الخاصة بايقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية.


اجراءات الطعن

فى يوم 25 من يناير سنة 1964 أودع السيد محامى ادارة قضايا الحكومة بصفته نائبا عن السيد وزير المواصلات والسيد مدير عام مصلحة الطرق والكبارى سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن قيد بجدولها برقم 320 لسنة 10 قضائية فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية فى 25 من نوفمبر سنة 1963 فى الدعوى رقم 308 لسنة 10 قضائية المقامة من السيد/ أحمد عبد الكريم سالم ضد السيد وزير المواصلات والسيد المدير العام لمصلحة الطرق والكبارى والقاضى بقبول الدعوى شكلا وبالغاء القرار رقم 490 الصادر فى 16 من أكتوبر سنة 1962 من مفتش الطرق والكبارى فيما تضمنه من فصل المدعى من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة... وطلب الطاعن - للاسباب المبينة بصحيفة الطعن - أحالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا لتقضى بقبوله شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع الزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد أعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضده فى 22 من يناير سنة 1964. وقد قرر عند اعلانه، أن صحة اسمه محمد عبد الكريم سالم. وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الطعن انتهت فيه الى انها ترى قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى والزام المطعون ضده المصروفات. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أى من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27 من يونية سنة 1964 وأخطر بها ذوو الشأن فى 30 من مايو سنة 1964. وقد قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الأولى" التى عينت لنظره أمامها جلسة 5 من ديسمبر سنة 1964 وأخطر بها ذوو الشأن فى 26 من أكتوبر سنة 1964 وفيها قرر المطعون ضده أن صحة اسمه محمد عبد الكريم وليس أحمد عبد الكريم وتداول الطعن بالجلسات حتى جلسة 20 من مارس سنة 1965 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن قررت أصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل فى أن المدعى/ أحمد عبد الكريم سالم أقام الدعوى رقم 308 لسنة 10 قضائية ضد السيد وزير المواصلات والسيد المدير العام لمصلحة الطرق والكبارى بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة الادارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية فى 10 من فبراير سنة 1963 ذكر فيها أنه التحق فى عام 1939 بمصلحة الطرق والكبارى بالفيوم بوظيفة عامل ورقى الى وظيفة رئيس عمال عام 1948. وفى سنة 1960 اتهمته النيابة العمومية فى الجناية رقم 4075 لسنة 1960 أبشواى - والتى قيدت برقم 808 لسنة 1960 كلى الفيوم - لاحرازه سلاحا بدون ترخيص. وبجلسة 19 من سبتمبر سنة 1962 قضت محكمة جنايات الفيوم بحبسه ثلاثة شهور وغرامة ثلاثة جنيهات مع ايقاف تنفيذ العقوبتين لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صدور الحكم على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة. وفى 8 من أكتوبر سنة 1962 صدر قرار ادارى بايقافه عن العمل ثم فى 16 من ذات الشهر صدر قرار آخر رقم 490 بفصله من الخدمة فتظلم منه وقد أخطر فى 26 من ديسمبر سنة 1962 برفض تظلمه فرفع هذه الدعوى طالبا الحكم بالغاء قرار فصله واعادته الى عمله مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المدعى عليهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وينعى على القرار المطعون فيه أنه صدر بلا سبب قانونى يبرر صدوره واتسم بالتعسف لان جريمة احراز السلاح ليست من الجرائم المخلة بالذمة والشرف فضلا عن أن المحكمة قد قضت بايقاف تنفيذ العقوبة وجميع الآثار الجنائية المترتبة عليها وبذلك فقد انصرفت ارادتها الى عدم المساس بمركز المدعى الوظيفى. وبجلسة التحضير الذى عقدها السيد مفوض الدولة فى 21 من أبريل سنة 1963 قرر المدعى أن صحة اسمه محمد عبد الكريم سالم وليس أحمد عبد الكريم كما جاء بصحيفة الدعوى وطلب تصحيح اسمه على هذا الأساس. وقد ردت مصلحة الطرق والكبارى على الدعوى بأن المدعى/ محمد عبد الكريم سالم - قبض عليه فى 28 من أكتوبر سنة 1960 بتهمة احراز سلاح بدون ترخيص فأوقف عن العمل اعتبارا من اليوم التالى ثم أفرج عنه بضمان مالى. وقد أفادت نيابة مركز أبشواى بأنه ليس لديها مانع من اعادته الى عمله الى أن يتم التصرف نهائيا فى القضية وبناء عليه وافقت المصلحة على اعادته للعمل. وبجلسة 19 من سبتمبر سنة 1962 حكم بحبسه لمدة ثلاثة شهور وتغريمه ثلاثة جنيهات وايقاف تنفيذ العقوبتين لمدة ثلاث سنوات على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم. ثم أضافت المصلحة أنه لما كان هذا الحكم قد صدر من محكمة الجنايات فانه يتعين انهاء خدمة المذكور بالتطبيق لأحكام القانون وأرفقت المصلحة بردها شهادة رسمية من القلم الجنائى الكلى بنيابة الفيوم مبينا بها منطوق الحكم المشار اليه. وقد قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا انتهت فيه الى أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا والزام المدعى المصروفات واستندت فى ذلك الى أن التعليمات المالية رقم 8 الصادرة فى سنة 1922 تقضى بفصل العامل اذا ثبت ادانته فى جرم موجب للفصل، وأنه يجب تحديد مدلول هذا الجرم فى ضوء ما ورد بالفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التى نصت على الفصل فى حالة الحكم على الموظف فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف، وطالما انه قد حكم على المدعى فى جناية فيكون قرار الفصل قد صدر سليما مطابقا لحكم القانون ولا يغير من ذلك أن المحكمة قد قضت بايقاف الآثار الجنائية المترتبة على الحكم لأن الفصل الادارى من الوظيفة ليست من هذه الآثار.
وبجلسة 25 من نوفمبر سنة 1963 قضت المحكمة الادارية بقبول الدعوى شكلا وبالغاء القرار رقم 490 الصادر فى 16 من أكتوبر سنة 1962 من مفتش الطرق والكبارى فيما تضمنه من فصل المدعى من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على وجوب تطبيق التعليمات المالية رقم 8 واستبعاد تطبيق الفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وقالت أن هذه التعليمات وان كانت قد أشارت الى الجرم الموجب للفصل الا انها لم تحدده تحديدا مانعا جامعا غير انه يستفاد منها ان المشرع ترك تحديد المقصود بهذا الجرم أو نوعه لتفسير الادارة فى حدود الصالح العام فى ضوء القواعد العامة السارية فى شأن مختلف أنواع العاملين فى الحكومة وأن المحكمة ترى - فى نطاق ما تقدم أن الجرم الموجب للفصل يجب أن يكون جريمة من الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة سواء أكانت جناية أو جنحة. وأن المشرع قد نحا هذا النحو بالنسبة للائحة العاملين فى الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962.. وأن الجريمة التى أسندت الى المدعى والتى حكم فيها بالحبس وأن كانت تعتبر من الجنايات "احراز سلاح بدون ترخيص" الا أنها لا ترقى الى درجة الجريمة المخلة بالشرف الموجبة للفصل لأنها لا تدل على انحراف فى الطبع يؤثر فى المصلحة العامة بقدر ما تدل على اعتناق المدعى لعادة مرذولة فى الريف المصرى تقوم على حيازة أسلحة نارية دون ترخيص فضلا عن ضآلة الضرر الذى نتج عنها والذى استشعرته محكمة الجنايات فحكمت بعقوبة الجنحة مع وقف التنفيذ. وأنه لما كان القرار المطعون فيه قد صدر مستندا الى الحكم على المدعى فى هذه الجناية - وهى لا تعتبر من الجرائم الموجبة للفصل فقد كان يتعين قبل توقيع العقوبة المتقدمة عرض الأمر على اللجنة الفنية المختصة ثم يصدر قرار الفصل من وكيل الوزارة على أساس أن الفصل تأديبى وليس بقوة القانون. ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر دون أخذ رأى هذه اللجنة ولم يصدر من وكيل الوزارة المختص فانه يكون قد جانب الصواب ويتعين لذلك الغاؤه. وقد طعنت الحكومة فى هذا الحكم بصحيفة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة فى 25 من يناير سنة 1964 واستندت فى طعنها الى أن الحكم المطعون فيه - وقد قضى بأن الجرم الموجب للفصل فى نطاق تطبيق المادة 5 من التعليمات المالية رقم 8 الصادرة فى أول يولية سنة 1913 يجب أن يكون جريمة من الجرائم المخلة بالشرف سواء أكانت جناية أم جنحة - قد انطوى على خطأ فى تطبيق القانون وتأويله وذلك لأن النص الذى طبقه الحكم جاء عاما ومن ثم يجب تفسيره فى ضوء القواعد العامة السارية فى شأن مختلف أنواع العاملين فى الحكومة وهى القواعد التى قررها القانون رقم 210 لسنة 1951 فى الفقرة 8 من المادة 107 وهى التى تقرر انتهاء خدمة الموظف بسبب الحكم عليه فى جناية أو جريمة مخلة بالشرف. ولا يصح القياس - كما ذهبت المحكمة فى حكمها المطعون فيه - على لائحة العاملين بالشركات لأن الأمر متعلق بعمال الحكومة. ولما كان المطعون ضده قد حكم عليه فى جناية ويعتبر هذا الحكم من قبيل الادانة الموجبة لترتيب الفصل بقوة القانون طبقا للتعليمات المالية سالفة الذكر ولا يحول دون نفاذ حكم هذه التعليمات أمر المحكمة الجنائية بوقف تنفيذ العقوبة وقفا شاملا. ومن ثم يكون قرار فصله قرارا صحيحا ويكون الحكم المطعون فيه اذ قضى بالغاء هذا القرار، على غير أساس سليم من القانون جديرا بالالغاء. وطلبت الحكومة لذلك الغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع الزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه. وقد عقبت هيئة مفوضى الدولة على هذا الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا انتهت فيه الى أنها ترى قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى والزام المطعون ضده المصروفات واستندت فى ذلك الى نفس الأسباب التى استندت اليها الحكومة فى الطعن وردت على ما قررته المحكمة - من أن القرار لم يصدر من وكيل الوزارة بعد أخذ رأى اللجنة الفنية - ردت على ذلك بأن القرار الصادر بفصل المطعون ضده لا يعدو أن يكون مجرد اجراء تنفيذى لحكم المادة الخامسة من تعليمات المالية سالفة الذكر ومن ثم فان العلة من عرض الأمر على تلك اللجنة - عند فصل العامل بسبب تأديبى - تكون منتفية لسقوط الحكمة القائمة عليها وعدم الجدوى من العرض فى هذه الحالة ومن ثم فلا يعيب القرار صدوره من الرئيس المختص مباشرة دون عرض الأمر على اللجنة..
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضده محمد عبد الكريم سالم قدم الى محكمة جنايات الفيوم متهما فى الجناية رقم 4075 لسنة 1960 أبشواى (808 كلى سنة 1960 الفيوم) لأنه "فى يوم 28 من أكتوبر سنة 1960 بدائرة مركز أبشواى محافظة الفيوم (1) حاز سلاحا ناريا (بندقية خرطوش غير مخشخنة الماسورة) بدون ترخيص، (2) حاز طلقة نارية مما يستعمل فى الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصا له فى حيازتها". وبجلسة 19 من سبتمبر سنة 1962 قضت المحكمة حضوريا بحبس المتهم مع الشغل ثلاثة أشهر وتغريمه ثلاثة جنيهات وايقاف العقوبتين لمدة ثلاث أشهر من يوم الحكم على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين. واستنادا الى هذا الحكم أصدر السيد مفتش الطرق والكبارى بأسيوط فى 16 من أكتوبر سنة 1960 قرارا بفصل المطعون ضده من الخدمة.
ومن حيث أن المطعون ضده كان يشغل وظيفة رئيس عمال بمصلحة الطرق والكبارى ممن ينطبق عليهم كادر العمال الذى كان معمولا به حينذاك.
ومن حيث أن المادة 5 من تعليمات المالية رقم 8 - وهى التى تكمل أحكام كادر العمال تنص على أن "عامل اليومية المتهم بجرم موجب للرفت يصير ايقافه مؤقتا عن العمل فى كل حالة. واذا اتضح بعد التحقيق أن العامل برئ تصرف له أجرته عن كل مدة الايقاف، واذا تبينت ادانته يرفت من تاريخ الايقاف المؤقت". ولما كانت هذه التعليمات لم تحدد مدلول عبارة الجرم الموجب للفصل فانه يتعين الرجوع الى أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة الذى كان ساريا حينذاك - لتحديد هذا المدلول باعتبار أن هذا القانون هو القانون العام المنظم لقواعد التوظف وكافة شئون موظفى الدولة.
وتنص المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أن "تنتهى خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية:
(1)........
(2)........
(3) الحكم عليه فى جناية أو جريمة مخلة بالشرف".
وعلى ذلك فانه يعد من قبيل الجرم الموجب للفصل فى مفهوم التعليمات المالية المشار اليها الحكم على العامل فى جناية ولا يشترط أن تكون الجناية مخلة بالشرف لأن لفظ الجناية ورد فى الفقرة 8 من المادة المنوه عنها مطلقا.
ومن حيث أن المطعون ضده وأن كان قد حكم عليه فى جناية مما يوجب عزله الا أن المحكمة قد قضت بوقف تنفيذ العقوبة وعلى أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم. وعلى ذلك فان النقطة القانونية مثار النزاع هى ما اذا كان أمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة، على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم، يمنع جهة الادارة من انهاء خدمة المحكوم ضده بالتطبيق للفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أم لا.
ومن حيث أن كلا من قانون العقوبات وقانون نظام الموظفين رقم 210 لسنة 1951 قد عالج آثار الأحكام التى تصدر بالادانة فى جريمة من جرائم القانون العام على رابطة التوظف. فنص قانون العقوبات على العزل كعقوبة تبعية لكل حكم بعقوبة جناية فى الفقرة الأولى من المادة 25 وكعقوبة تكميلية وجوبية أو جوازية يتعين لتنفيذها أن ينص عليها فى الحكم وذلك فى حالة الحكم بالحبس فى بعض الجنايات والجنح المحددة فى القانون. والعزل وفقا لهذه الأحكام دائم اذا كان عقوبة تبعية ومؤقت اذا كان عقوبة تكميلية. أما العزل المنصوص عليه فى الفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فهو عزل دائم أيا كانت العقوبة المحكوم بها فى جناية أو فى جنحة مخلة بالشرف. ولئن كان العزل وفقا لأحكام هذا النص الأخير أوسع مدى مما نص عليه قانون العقوبات الا أنه لا محل للفصل بين المجالين الجنائى والادارى مادام العزل - على أى حال - لا يخرج عن كونه أثرا لصدور حكم جنائى بالادانة، وتحقق هذا الأثر - وفقا لأحكام قانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 فى بعض الأحوال التى لا يتحقق فيها وفقا لأحكام قانون العقوبات - ليس من شأنه أن يغير من طبيعته، وذلك أن العقوبات التى تطبق على المحكوم عليه جنائيا - وأن كان الأصل أن يكون منصوصا عليها فى قانون العقوبات - إلا أن هذا القانون لا يشملها كلها بل أن بعضها قد ورد النص عليه فى قوانين أخرى. فاذا كان القانون رقم 210 لسنة 1951 قد قضى بانتهاء خدمة الموظف المحكوم عليه فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف، أيا كانت العقوبة المحكوم بها عليه، فانه يكون بهذا الاطلاق والتعميم قد أضاف الى الحالات التى يقع فيها العزل وفقا لقانون العقوبات حالات أخرى. على أن ذلك لا يؤثر على طبيعة العزل اذ أنه يقع فى جميع الأحوال كأثر للحكم الجنائى الصادر بالادانة. أى أن العزل الذى يقع بحكم الفقرة 8 من المادة 107 من قانون الموظفين لا يخرج فى الواقع عن كونه عقوبة تبعية أوردها القانون المذكور.
ومن حيث أن قانون العقوبات ينص فى المادة 55 منه على أنه "يجوز للمحكمة عند الحكم فى جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر فى نفس الحكم بايقاف العقوبة اذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التى ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بانه لن يعود الى مخالفة القانون ويجب أن تبين فى الحكم أسباب الايقاف ويجوز أن يجعل الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية".. وجعل وقف التنفيذ شاملا للعقوبات التبعية أو للآثار الجنائية التى تترتب على الحكم انما هو مبدأ جديد استحدثه قانون العقوبات عند تعديله فى سنة 1937 وقد جاء فى المذكرة الايضاحية بيانا له ما يأتى: "يجوز جعل الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية كمراقبة البوليس والحرمان من حق الانتخاب. كما يجوز أن يشمل جميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم كاعتبار الحكم سابقة فى العود. ولم يكن هذا جائزا فى قانون سنة 1904 وقد اقتبسه المشرع من القوانين الحديثة. أما عن سلطة المحكمة فمتى توافرت الشروط السابق بيانها فيجوز للقاضى أن يأمر بايقاف التنفيذ أى أن الايقاف اختيارى متروك لتقدير القاضى فله أن يأمر به بناء على طلب الخصوم أو من تلقاء نفسه كما أن له أن يرفضه ومتى أمر بالايقاف تعين عليه أن يذكر أسباب ذلك فى الحكم.
ومن حيث أنه اذا أمر الحكم الجنائى بأن يكون ايقاف التنفيذ شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الامر الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين اذ أن طبيعتها جميعا واحدة ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها ما دام أنها كلها من آثار الحكم الجنائى. يؤكد هذا النظر ما ورد فى المذكرة الايضاحية لقانون العقوبات من جواز أن يكون ايقاف التنفيذ شاملا (للحرمان من حق الانتخاب) باعتباره عقوبة تبعية. مع أن هذا (الحرمان) لم يرد النص عليه فى هذا القانون. بل كان عند صدوره فى سنة 1937 منصوصا عليه فى تشريع آخر - هو المرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1935 الخاص بالانتخابات والذى حل محله القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية.
ومن حيث أن محكمة جنايات الفيوم عندما قضت فى حكمها الصادر فى 19 من سبتمبر سنة 1962 - بحبس المطعون ضده ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمه ثلاثة جنيهات - أمرت بايقاف تنفيذ العقوبة على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم وعلى ذلك فانها قد استهدفت بحكمها المقترن بايقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية المحافظة على مركز المطعون فيه الوظيفى وعدم الاضرار بمستقبله. وكان مؤدى احترام حجية هذا الحكم ابقاء المطعون ضده فى وظيفته وعدم اعمال حكم الفقرة 8 من المادة 107 من قانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 فى حقه باعتبار أن انهاء الخدمة وفقا لحكم هذه الفقرة من الآثار الجنائية التى أوقف الحكم تنفيذها.
واذ ذهبت الجهة الادارية غير هذا المذهب واعتبرت خدمة المطعون ضده منتهية بصدور الحكم المذكور عليه، تكون قد أهدرت حجية هذا الحكم وخالفت أحكام القانون الخاصة بايقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية.
وبالتالى يكون القرار الصادر فى 16 من أكتوبر سنة 1960 - بفصل المطعون ضده من الخدمة استنادا الى الحكم المذكور - قد صدر مخالفا للقانون ويكون الحكم المطعون فيه اذ قضى بالغاء القرار المذكور قد صادف الحق فى قضائه وذلك لغير الاسباب التى استند اليها ويكون طعن الجهة الادارية على هذا الحكم فى غير محله حقيقا بالرفض مع الزامها المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا، والزمت الوزارة الطاعنة المصروفات..


 

بهذا المبدأ قضت المحكمة بنفس الجلسة فى القضية رقم 635 لسنة 9 القضائية.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 62 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

انتهاء خدمة الموظف المحكوم عليه فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف وفق الفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - لا يخرج عن كونه عقوبة تبعية أوردها القانون المذكور.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 913

(92)
جلسة 17 من مارس 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد شلبى يوسف وعادل عزيز زخارى وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 320 لسنة 10 القضائية

( أ ) كادر عمال - عامل - انتهاء خدمة - المادة 5 من تعليمات المالية رقم 8 المكملة لأحكام كادر العمال - الجرم الموجب للرفت وفقا لها - يتحدد مدلوله طبقا للقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة الذى كان ساريا حينذاك - أساس ذلك أنه القانون العام المنظم لقواعد التوظيف وكافة شئون موظفى الدولة.
(ب) موظف - عامل - انتهاء خدمة - الحكم على العامل فى جناية - يعد من قبيل الجرم الموجب للفصل - أساس ذلك من التعليمات المالية سالفة البيان ومن نص المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - ليس بشرط فى ذلك أن تكون الجناية مخلة بالشرف.
(جـ) موظف - انتهاء خدمة - عقوبة تبعية - انتهاء خدمة الموظف المحكوم عليه فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف وفق الفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - لا يخرج عن كونه عقوبة تبعية أوردها القانون المذكور - ليس بشرط فى العقوبة أن يكون منصوصا عليها بقانون العقوبات.
(د) عقوبة - وقف تنفيذ - الحكم فى جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة - للمحكمة أن تأمر فى نفس الحكم بايقاف تنفيذ العقوبة - جواز أن يكون الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية - الايقاف اختيارى للقاضى له أن يأمر به بناء على طلب الخصوم أو من تلقاء نفسه.
(هـ) موظف - انتهاء خدمة - حكم فى جناية - وقف تنفيذ - ادانة الموظف فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف - شمول الحكم بوقف التنفيذ والنص به على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية - ينصرف الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين - الحكم الصادر من محكمة الجنايات بحبس المطعون ضده ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمه ثلاثة جنيهات - النص فيه على وقف تنفيذ العقوبة على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم - احترام حجية هذا الحكم مؤداه أبقاء المطعون ضده فى وظيفته وعدم أعمال حكم - الفقرة 8 المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - انهاء الخدمة وفقا لحكم هذه الفقرة يعتبر من الآثار الجنائية التى أوقف الحكم تنفيذها.
1 - تنص المادة 5 من تعليمات المالية رقم 8 وهى التى تكمل أحكام كادر العمال على أن "عامل اليومية المتهم بجرم موجب للرفت يصير ايقافه مؤقتا عن العمل فى كل حالة. واذا اتضح بعد التحقيق أن العامل برئ تصرف له أجرته عن كل مدة الايقاف. واذا تبينت أدانته يرفت من تاريخ الايقاف المؤقت". ولما كانت هذه التعليمات لم تحدد مدلول عبارة الجرم الموجب للفصل فانه يتعين الرجوع الى أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة الذى كان ساريا حينذاك - لتحديد هذا المدلول باعتبار أن هذا القانون هو القانون العام المنظم لقواعد التوظف وكافة شئون موظفى الدولة.
2 - تنص المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أن "تنتهى خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية:
(1)
(2)
(3) الحكم عليه فى جناية أو جريمة مخلة بالشرف.
وعلى ذلك فانه يعد من قبيل الجرم الموجب للفصل فى منطق التعليمات المالية المشار اليها الحكم على العامل فى جناية ولا يشترط أن تكون الجناية مخلة بالشرف لأن لفظ الجناية ورد فى الفقرة 8 من المادة المنوه عنها مطلقا.
3 - أن كلا من قانون العقوبات وقانون نظام الموظفين رقم 210 لسنة 1951 قد عالج أثر الأحكام التى تصدر بالادانة فى جريمة من جرائم القانون العام على رابطة التوظف، فنص قانون العقوبات على العزل كعقوبة تبعية لكل حكم بعقوبة جناية فى الفقرة الأولى من المادة 25 وكعقوبة تكميلية وجوبية أو جوازية يتعين لتنفيذها أن ينص عليها فى الحكم وذلك فى حالة الحكم بالحبس فى بعض الجنايات والجنح المحددة فى القانون، والعزل وفقا لهذه الأحكام دائم اذا كان عقوبة تبعية ومؤقت اذا كان عقوبة تكميلية، أما العزل المنصوص عليه بالفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فهو عزل دائم أيا كانت العقوبة المحكوم بها فى جناية أو جريمة مخلة بالشرف، ولئن كان العزل وفقا لأحكام هذا النص الأخير أوسع مدى مما نص عليه قانون العقوبات الا أنه لا محل للفصل بين المجالين الجنائى والادارى ما دام العزل على أى حال - لا يخرج عن كونه أثرا لصدور حكم جنائى بالادانة، وتحقق هذا الأثر - وفقا لأحكام قانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 فى بعض الأحوال التى لا يتحقق فيها وفقا لأحكام قانون العقوبات - ليس من شأنه أن يغير من طبيعته، ذلك أن العقوبات التى تطبق على المحكوم عليه جنائيا - وأن كان الأصل أن يكون منصوصا عليها فى قانون العقوبات - الا أن هذا القانون لا يشملها كلها بل أن بعضها قد ورد النص عليه فى قوانين أخرى، فاذا كان القانون رقم 210 لسنة 1951 قد قضى بانتهاء خدمة الموظف المحكوم عليه فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف، أيا كانت العقوبة المحكوم بها عليه، فانه يكون بهذا الاطلاق والتعميم قد أضاف الى الحالات التى يقع فيها العزل وفقا لقانون العقوبات حالات أخرى، على أن ذلك لا يؤثر على طبيعة العزل اذ أنه يقع فى جميع الأحوال كأثر للحكم الجنائى الصادر بالادانة، أى أن العزل الذى يقع بحكم الفقرة 8 من المادة 107 من قانون الموظفين لا يخرج فى الواقع عن كونه عقوبة تبعية أوردها القانون المذكور.
4 - ينص قانون العقوبات فى المادة 555 منه على أنه "يجوز للمحكمة عند الحكم فى جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر فى نفس الحكم بايقاف تنفيذ العقوبة اذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التى ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود الى مخالفة القانون ويجب أن تبين فى الحكم أسباب الايقاف ويجوز أن يجعل الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية" وجعل وقف التنفيذ شاملا للعقوبات التبعية أو للآثار الجنائية التى تترتب على الحكم أنما هو مبدأ جديد استحدثه قانون العقوبات عند تعديله فى سنة 1937 وقد جاء فى المذكرة الايضاحية بيانا له ما يأتى: "يجوز جعل الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية كمراقبة البوليس والحرمان من حق الانتخاب. كما يجوز أن يشمل جميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم كاعتبار الحكم سابقة فى العود.
ولم يكن هذا جائزا فى قانون سنة 1904 وقد اقتبسه المشرع من القوانين الحديثة أما عن سلطة المحكمة فمتى توافرت الشروط السابق بيانها فيجوز للقاضى أن يأمر بايقاف التنفيذ أى أن الايقاف اختيارى متروك لتقدير القاضى فله أن يأمر به بناء على طلب الخصوم أو من تلقاء نفسه كما أن له أن يرفضه ومتى أمر بالايقاف يتعين عليه أن يذكر أسباب ذلك فى الحكم".
واذا أمر الحكم الجنائى بأن يكون ايقاف التنفيذ شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين اذ أن طبيعتها جميعا واحدة ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها مادام انها كلها من آثار الحكم الجنائى.. يؤكد هذا النظر ما ورد فى المذكرة الايضاحية لقانون العقوبات من جواز أن يكون ايقاف التنفيذ شاملا (للحرمان من حق الانتخاب) باعتباره عقوبة تبعية.
مع أن هذا (الحرمان) لم يرد النص عليه فى هذا القانون بل كان عند صدوره فى سنة 1937 منصوصا عليه فى تشريع آخر - هو المرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1935 الخاص بالانتخابات والذى حل محله القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية.
ومن حيث أن محكمة جنايات الفيوم عندما قضت فى حكمها الصادر فى 19 من سبتمبر سنة 1962 - بحبس المطعون ضده ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمة ثلاثة جنيهات - أمرت بايقاف تنفيذ العقوبة على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الاثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم فانها قد استهدفت بحكمها المقترن بايقاف التنفيذ الشامل لجميع الاثار الجنائية المحافظة على مركز المطعون فيه الوظيفى وعدم الاضرار بمستقبله وكان مؤدى احترام حجية هذا الحكم ابقاء المطعون ضده فى وظيفته وعدم اعمال حكم الفقرة 8 من المادة 107 من قانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 فى حقه باعتبار أن أنهاء الخدمة وفقا لحكم هذه الفقرة من الآثار الجنائية التى أوقف الحكم تنفيذها. واذ ذهبت الجهة الادارية غير هذا المذهب واعتبرت خدمة المطعون ضده منتهية بصدور الحكم المذكور عليه تكون قد أهدرت حجية هذا الحكم وخالفت أحكام القانون الخاصة بايقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية.


اجراءات الطعن

فى يوم 25 من يناير سنة 1964 أودع السيد محامى ادارة قضايا الحكومة بصفته نائبا عن السيد وزير المواصلات والسيد مدير عام مصلحة الطرق والكبارى سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن قيد بجدولها برقم 320 لسنة 10 قضائية فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية فى 25 من نوفمبر سنة 1963 فى الدعوى رقم 308 لسنة 10 قضائية المقامة من السيد/ أحمد عبد الكريم سالم ضد السيد وزير المواصلات والسيد المدير العام لمصلحة الطرق والكبارى والقاضى بقبول الدعوى شكلا وبالغاء القرار رقم 490 الصادر فى 16 من أكتوبر سنة 1962 من مفتش الطرق والكبارى فيما تضمنه من فصل المدعى من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة... وطلب الطاعن - للاسباب المبينة بصحيفة الطعن - أحالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا لتقضى بقبوله شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع الزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد أعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضده فى 22 من يناير سنة 1964. وقد قرر عند اعلانه، أن صحة اسمه محمد عبد الكريم سالم. وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الطعن انتهت فيه الى انها ترى قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى والزام المطعون ضده المصروفات. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أى من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27 من يونية سنة 1964 وأخطر بها ذوو الشأن فى 30 من مايو سنة 1964. وقد قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الأولى" التى عينت لنظره أمامها جلسة 5 من ديسمبر سنة 1964 وأخطر بها ذوو الشأن فى 26 من أكتوبر سنة 1964 وفيها قرر المطعون ضده أن صحة اسمه محمد عبد الكريم وليس أحمد عبد الكريم وتداول الطعن بالجلسات حتى جلسة 20 من مارس سنة 1965 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن قررت أصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل فى أن المدعى/ أحمد عبد الكريم سالم أقام الدعوى رقم 308 لسنة 10 قضائية ضد السيد وزير المواصلات والسيد المدير العام لمصلحة الطرق والكبارى بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة الادارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية فى 10 من فبراير سنة 1963 ذكر فيها أنه التحق فى عام 1939 بمصلحة الطرق والكبارى بالفيوم بوظيفة عامل ورقى الى وظيفة رئيس عمال عام 1948. وفى سنة 1960 اتهمته النيابة العمومية فى الجناية رقم 4075 لسنة 1960 أبشواى - والتى قيدت برقم 808 لسنة 1960 كلى الفيوم - لاحرازه سلاحا بدون ترخيص. وبجلسة 19 من سبتمبر سنة 1962 قضت محكمة جنايات الفيوم بحبسه ثلاثة شهور وغرامة ثلاثة جنيهات مع ايقاف تنفيذ العقوبتين لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صدور الحكم على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة. وفى 8 من أكتوبر سنة 1962 صدر قرار ادارى بايقافه عن العمل ثم فى 16 من ذات الشهر صدر قرار آخر رقم 490 بفصله من الخدمة فتظلم منه وقد أخطر فى 26 من ديسمبر سنة 1962 برفض تظلمه فرفع هذه الدعوى طالبا الحكم بالغاء قرار فصله واعادته الى عمله مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المدعى عليهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وينعى على القرار المطعون فيه أنه صدر بلا سبب قانونى يبرر صدوره واتسم بالتعسف لان جريمة احراز السلاح ليست من الجرائم المخلة بالذمة والشرف فضلا عن أن المحكمة قد قضت بايقاف تنفيذ العقوبة وجميع الآثار الجنائية المترتبة عليها وبذلك فقد انصرفت ارادتها الى عدم المساس بمركز المدعى الوظيفى. وبجلسة التحضير الذى عقدها السيد مفوض الدولة فى 21 من أبريل سنة 1963 قرر المدعى أن صحة اسمه محمد عبد الكريم سالم وليس أحمد عبد الكريم كما جاء بصحيفة الدعوى وطلب تصحيح اسمه على هذا الأساس. وقد ردت مصلحة الطرق والكبارى على الدعوى بأن المدعى/ محمد عبد الكريم سالم - قبض عليه فى 28 من أكتوبر سنة 1960 بتهمة احراز سلاح بدون ترخيص فأوقف عن العمل اعتبارا من اليوم التالى ثم أفرج عنه بضمان مالى. وقد أفادت نيابة مركز أبشواى بأنه ليس لديها مانع من اعادته الى عمله الى أن يتم التصرف نهائيا فى القضية وبناء عليه وافقت المصلحة على اعادته للعمل. وبجلسة 19 من سبتمبر سنة 1962 حكم بحبسه لمدة ثلاثة شهور وتغريمه ثلاثة جنيهات وايقاف تنفيذ العقوبتين لمدة ثلاث سنوات على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم. ثم أضافت المصلحة أنه لما كان هذا الحكم قد صدر من محكمة الجنايات فانه يتعين انهاء خدمة المذكور بالتطبيق لأحكام القانون وأرفقت المصلحة بردها شهادة رسمية من القلم الجنائى الكلى بنيابة الفيوم مبينا بها منطوق الحكم المشار اليه. وقد قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا انتهت فيه الى أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا والزام المدعى المصروفات واستندت فى ذلك الى أن التعليمات المالية رقم 8 الصادرة فى سنة 1922 تقضى بفصل العامل اذا ثبت ادانته فى جرم موجب للفصل، وأنه يجب تحديد مدلول هذا الجرم فى ضوء ما ورد بالفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التى نصت على الفصل فى حالة الحكم على الموظف فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف، وطالما انه قد حكم على المدعى فى جناية فيكون قرار الفصل قد صدر سليما مطابقا لحكم القانون ولا يغير من ذلك أن المحكمة قد قضت بايقاف الآثار الجنائية المترتبة على الحكم لأن الفصل الادارى من الوظيفة ليست من هذه الآثار.
وبجلسة 25 من نوفمبر سنة 1963 قضت المحكمة الادارية بقبول الدعوى شكلا وبالغاء القرار رقم 490 الصادر فى 16 من أكتوبر سنة 1962 من مفتش الطرق والكبارى فيما تضمنه من فصل المدعى من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على وجوب تطبيق التعليمات المالية رقم 8 واستبعاد تطبيق الفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وقالت أن هذه التعليمات وان كانت قد أشارت الى الجرم الموجب للفصل الا انها لم تحدده تحديدا مانعا جامعا غير انه يستفاد منها ان المشرع ترك تحديد المقصود بهذا الجرم أو نوعه لتفسير الادارة فى حدود الصالح العام فى ضوء القواعد العامة السارية فى شأن مختلف أنواع العاملين فى الحكومة وأن المحكمة ترى - فى نطاق ما تقدم أن الجرم الموجب للفصل يجب أن يكون جريمة من الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة سواء أكانت جناية أو جنحة. وأن المشرع قد نحا هذا النحو بالنسبة للائحة العاملين فى الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962.. وأن الجريمة التى أسندت الى المدعى والتى حكم فيها بالحبس وأن كانت تعتبر من الجنايات "احراز سلاح بدون ترخيص" الا أنها لا ترقى الى درجة الجريمة المخلة بالشرف الموجبة للفصل لأنها لا تدل على انحراف فى الطبع يؤثر فى المصلحة العامة بقدر ما تدل على اعتناق المدعى لعادة مرذولة فى الريف المصرى تقوم على حيازة أسلحة نارية دون ترخيص فضلا عن ضآلة الضرر الذى نتج عنها والذى استشعرته محكمة الجنايات فحكمت بعقوبة الجنحة مع وقف التنفيذ. وأنه لما كان القرار المطعون فيه قد صدر مستندا الى الحكم على المدعى فى هذه الجناية - وهى لا تعتبر من الجرائم الموجبة للفصل فقد كان يتعين قبل توقيع العقوبة المتقدمة عرض الأمر على اللجنة الفنية المختصة ثم يصدر قرار الفصل من وكيل الوزارة على أساس أن الفصل تأديبى وليس بقوة القانون. ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر دون أخذ رأى هذه اللجنة ولم يصدر من وكيل الوزارة المختص فانه يكون قد جانب الصواب ويتعين لذلك الغاؤه. وقد طعنت الحكومة فى هذا الحكم بصحيفة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة فى 25 من يناير سنة 1964 واستندت فى طعنها الى أن الحكم المطعون فيه - وقد قضى بأن الجرم الموجب للفصل فى نطاق تطبيق المادة 5 من التعليمات المالية رقم 8 الصادرة فى أول يولية سنة 1913 يجب أن يكون جريمة من الجرائم المخلة بالشرف سواء أكانت جناية أم جنحة - قد انطوى على خطأ فى تطبيق القانون وتأويله وذلك لأن النص الذى طبقه الحكم جاء عاما ومن ثم يجب تفسيره فى ضوء القواعد العامة السارية فى شأن مختلف أنواع العاملين فى الحكومة وهى القواعد التى قررها القانون رقم 210 لسنة 1951 فى الفقرة 8 من المادة 107 وهى التى تقرر انتهاء خدمة الموظف بسبب الحكم عليه فى جناية أو جريمة مخلة بالشرف. ولا يصح القياس - كما ذهبت المحكمة فى حكمها المطعون فيه - على لائحة العاملين بالشركات لأن الأمر متعلق بعمال الحكومة. ولما كان المطعون ضده قد حكم عليه فى جناية ويعتبر هذا الحكم من قبيل الادانة الموجبة لترتيب الفصل بقوة القانون طبقا للتعليمات المالية سالفة الذكر ولا يحول دون نفاذ حكم هذه التعليمات أمر المحكمة الجنائية بوقف تنفيذ العقوبة وقفا شاملا. ومن ثم يكون قرار فصله قرارا صحيحا ويكون الحكم المطعون فيه اذ قضى بالغاء هذا القرار، على غير أساس سليم من القانون جديرا بالالغاء. وطلبت الحكومة لذلك الغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع الزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه. وقد عقبت هيئة مفوضى الدولة على هذا الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا انتهت فيه الى أنها ترى قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى والزام المطعون ضده المصروفات واستندت فى ذلك الى نفس الأسباب التى استندت اليها الحكومة فى الطعن وردت على ما قررته المحكمة - من أن القرار لم يصدر من وكيل الوزارة بعد أخذ رأى اللجنة الفنية - ردت على ذلك بأن القرار الصادر بفصل المطعون ضده لا يعدو أن يكون مجرد اجراء تنفيذى لحكم المادة الخامسة من تعليمات المالية سالفة الذكر ومن ثم فان العلة من عرض الأمر على تلك اللجنة - عند فصل العامل بسبب تأديبى - تكون منتفية لسقوط الحكمة القائمة عليها وعدم الجدوى من العرض فى هذه الحالة ومن ثم فلا يعيب القرار صدوره من الرئيس المختص مباشرة دون عرض الأمر على اللجنة..
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضده محمد عبد الكريم سالم قدم الى محكمة جنايات الفيوم متهما فى الجناية رقم 4075 لسنة 1960 أبشواى (808 كلى سنة 1960 الفيوم) لأنه "فى يوم 28 من أكتوبر سنة 1960 بدائرة مركز أبشواى محافظة الفيوم (1) حاز سلاحا ناريا (بندقية خرطوش غير مخشخنة الماسورة) بدون ترخيص، (2) حاز طلقة نارية مما يستعمل فى الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصا له فى حيازتها". وبجلسة 19 من سبتمبر سنة 1962 قضت المحكمة حضوريا بحبس المتهم مع الشغل ثلاثة أشهر وتغريمه ثلاثة جنيهات وايقاف العقوبتين لمدة ثلاث أشهر من يوم الحكم على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين. واستنادا الى هذا الحكم أصدر السيد مفتش الطرق والكبارى بأسيوط فى 16 من أكتوبر سنة 1960 قرارا بفصل المطعون ضده من الخدمة.
ومن حيث أن المطعون ضده كان يشغل وظيفة رئيس عمال بمصلحة الطرق والكبارى ممن ينطبق عليهم كادر العمال الذى كان معمولا به حينذاك.
ومن حيث أن المادة 5 من تعليمات المالية رقم 8 - وهى التى تكمل أحكام كادر العمال تنص على أن "عامل اليومية المتهم بجرم موجب للرفت يصير ايقافه مؤقتا عن العمل فى كل حالة. واذا اتضح بعد التحقيق أن العامل برئ تصرف له أجرته عن كل مدة الايقاف، واذا تبينت ادانته يرفت من تاريخ الايقاف المؤقت". ولما كانت هذه التعليمات لم تحدد مدلول عبارة الجرم الموجب للفصل فانه يتعين الرجوع الى أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة الذى كان ساريا حينذاك - لتحديد هذا المدلول باعتبار أن هذا القانون هو القانون العام المنظم لقواعد التوظف وكافة شئون موظفى الدولة.
وتنص المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أن "تنتهى خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية:
(1)........
(2)........
(3) الحكم عليه فى جناية أو جريمة مخلة بالشرف".
وعلى ذلك فانه يعد من قبيل الجرم الموجب للفصل فى مفهوم التعليمات المالية المشار اليها الحكم على العامل فى جناية ولا يشترط أن تكون الجناية مخلة بالشرف لأن لفظ الجناية ورد فى الفقرة 8 من المادة المنوه عنها مطلقا.
ومن حيث أن المطعون ضده وأن كان قد حكم عليه فى جناية مما يوجب عزله الا أن المحكمة قد قضت بوقف تنفيذ العقوبة وعلى أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم. وعلى ذلك فان النقطة القانونية مثار النزاع هى ما اذا كان أمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة، على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم، يمنع جهة الادارة من انهاء خدمة المحكوم ضده بالتطبيق للفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أم لا.
ومن حيث أن كلا من قانون العقوبات وقانون نظام الموظفين رقم 210 لسنة 1951 قد عالج آثار الأحكام التى تصدر بالادانة فى جريمة من جرائم القانون العام على رابطة التوظف. فنص قانون العقوبات على العزل كعقوبة تبعية لكل حكم بعقوبة جناية فى الفقرة الأولى من المادة 25 وكعقوبة تكميلية وجوبية أو جوازية يتعين لتنفيذها أن ينص عليها فى الحكم وذلك فى حالة الحكم بالحبس فى بعض الجنايات والجنح المحددة فى القانون. والعزل وفقا لهذه الأحكام دائم اذا كان عقوبة تبعية ومؤقت اذا كان عقوبة تكميلية. أما العزل المنصوص عليه فى الفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فهو عزل دائم أيا كانت العقوبة المحكوم بها فى جناية أو فى جنحة مخلة بالشرف. ولئن كان العزل وفقا لأحكام هذا النص الأخير أوسع مدى مما نص عليه قانون العقوبات الا أنه لا محل للفصل بين المجالين الجنائى والادارى مادام العزل - على أى حال - لا يخرج عن كونه أثرا لصدور حكم جنائى بالادانة، وتحقق هذا الأثر - وفقا لأحكام قانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 فى بعض الأحوال التى لا يتحقق فيها وفقا لأحكام قانون العقوبات - ليس من شأنه أن يغير من طبيعته، وذلك أن العقوبات التى تطبق على المحكوم عليه جنائيا - وأن كان الأصل أن يكون منصوصا عليها فى قانون العقوبات - إلا أن هذا القانون لا يشملها كلها بل أن بعضها قد ورد النص عليه فى قوانين أخرى. فاذا كان القانون رقم 210 لسنة 1951 قد قضى بانتهاء خدمة الموظف المحكوم عليه فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف، أيا كانت العقوبة المحكوم بها عليه، فانه يكون بهذا الاطلاق والتعميم قد أضاف الى الحالات التى يقع فيها العزل وفقا لقانون العقوبات حالات أخرى. على أن ذلك لا يؤثر على طبيعة العزل اذ أنه يقع فى جميع الأحوال كأثر للحكم الجنائى الصادر بالادانة. أى أن العزل الذى يقع بحكم الفقرة 8 من المادة 107 من قانون الموظفين لا يخرج فى الواقع عن كونه عقوبة تبعية أوردها القانون المذكور.
ومن حيث أن قانون العقوبات ينص فى المادة 55 منه على أنه "يجوز للمحكمة عند الحكم فى جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر فى نفس الحكم بايقاف العقوبة اذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التى ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بانه لن يعود الى مخالفة القانون ويجب أن تبين فى الحكم أسباب الايقاف ويجوز أن يجعل الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية".. وجعل وقف التنفيذ شاملا للعقوبات التبعية أو للآثار الجنائية التى تترتب على الحكم انما هو مبدأ جديد استحدثه قانون العقوبات عند تعديله فى سنة 1937 وقد جاء فى المذكرة الايضاحية بيانا له ما يأتى: "يجوز جعل الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية كمراقبة البوليس والحرمان من حق الانتخاب. كما يجوز أن يشمل جميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم كاعتبار الحكم سابقة فى العود. ولم يكن هذا جائزا فى قانون سنة 1904 وقد اقتبسه المشرع من القوانين الحديثة. أما عن سلطة المحكمة فمتى توافرت الشروط السابق بيانها فيجوز للقاضى أن يأمر بايقاف التنفيذ أى أن الايقاف اختيارى متروك لتقدير القاضى فله أن يأمر به بناء على طلب الخصوم أو من تلقاء نفسه كما أن له أن يرفضه ومتى أمر بالايقاف تعين عليه أن يذكر أسباب ذلك فى الحكم.
ومن حيث أنه اذا أمر الحكم الجنائى بأن يكون ايقاف التنفيذ شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الامر الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين اذ أن طبيعتها جميعا واحدة ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها ما دام أنها كلها من آثار الحكم الجنائى. يؤكد هذا النظر ما ورد فى المذكرة الايضاحية لقانون العقوبات من جواز أن يكون ايقاف التنفيذ شاملا (للحرمان من حق الانتخاب) باعتباره عقوبة تبعية. مع أن هذا (الحرمان) لم يرد النص عليه فى هذا القانون. بل كان عند صدوره فى سنة 1937 منصوصا عليه فى تشريع آخر - هو المرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1935 الخاص بالانتخابات والذى حل محله القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية.
ومن حيث أن محكمة جنايات الفيوم عندما قضت فى حكمها الصادر فى 19 من سبتمبر سنة 1962 - بحبس المطعون ضده ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمه ثلاثة جنيهات - أمرت بايقاف تنفيذ العقوبة على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم وعلى ذلك فانها قد استهدفت بحكمها المقترن بايقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية المحافظة على مركز المطعون فيه الوظيفى وعدم الاضرار بمستقبله. وكان مؤدى احترام حجية هذا الحكم ابقاء المطعون ضده فى وظيفته وعدم اعمال حكم الفقرة 8 من المادة 107 من قانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 فى حقه باعتبار أن انهاء الخدمة وفقا لحكم هذه الفقرة من الآثار الجنائية التى أوقف الحكم تنفيذها.
واذ ذهبت الجهة الادارية غير هذا المذهب واعتبرت خدمة المطعون ضده منتهية بصدور الحكم المذكور عليه، تكون قد أهدرت حجية هذا الحكم وخالفت أحكام القانون الخاصة بايقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية.
وبالتالى يكون القرار الصادر فى 16 من أكتوبر سنة 1960 - بفصل المطعون ضده من الخدمة استنادا الى الحكم المذكور - قد صدر مخالفا للقانون ويكون الحكم المطعون فيه اذ قضى بالغاء القرار المذكور قد صادف الحق فى قضائه وذلك لغير الاسباب التى استند اليها ويكون طعن الجهة الادارية على هذا الحكم فى غير محله حقيقا بالرفض مع الزامها المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا، والزمت الوزارة الطاعنة المصروفات..


 

بهذا المبدأ قضت المحكمة بنفس الجلسة فى القضية رقم 635 لسنة 9 القضائية.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 85 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

الحكم الصادر من محكمة الجنايات فى 9 من مارس سنة 1959 بحبس الطاعن مع الشغل لمدة ستة شهور فى جناية احراز سلاح بدون ترخيص - الأمر بوقف تنفيذ العقوبة الأصلية دون عقوبة العزل .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 1113

(110)
جلسة 24 من أبريل 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ محمد شلبى يوسف وعادل عزيز وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 1413 لسنة 7 القضائية

( أ ) حكم جنائى - عقوبة - موظف - عزل - العقوبة الجنائية أما أصلية أو تبعية أو تكميلية - العقوبة اما وجوبية يتعين على القاضى النص عليها فى حكمه أو جوازية يكون للقاضى أن يحكم بها ان شاء - العزل من الوظائف الأميرية - لا يرد أبدا كعقوبة أصلية - قد يرد كعقوبة تبعية أو كعقوبة تكميلية تحت أى من نوعيها الوجوبى أو الجوازى.
(ب) موظف - انتهاء خدمة - حكم جنائى - جريمة مخلة بالشرف - المادة 107 من قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 - انتهاء خدمة الموظف حتما وبحكم القانون اذا حكم عليه فى جناية - يستوى فى ذلك أن يكون الحكم الصادر فى جناية تضمن توقيع عقوبة جناية أم عقوبة جنحة - القانون لم يفرق بين الأحكام الصادرة فى جناية تبعا لنوع العقوبة التى تتضمنها أو تبعا لكونها مخلة بالشرف أو غير مخلة به - انتهاء خدمة الموظف كذلك اذا كان الحكم صادرا فى جنحة أو مخالفة وقدرت الجهة الادارية التابع لها الموظف أن الجريمة فى أى من هاتين الحالتين مخلة بالشرف - سكوت القانون عن وضع تعريف للجريمة المخلة بالشرف أو تقديم أمثلة لها - لا يعنى استقلال السلطة الادارية بتكييفها - خضوعها فى ذلك لرقابة القضاء الادارى عند الطعن أمامه بالالغاء.
(جـ) موظف - انتهاء خدمة - الحكم على الموظف فى جناية أو جريمة مخلة بالشرف - ينهى خدمته بقوة القانون دون حاجة الى استصدار قرار بالعزل - صدور قرار بالعزل - يعد من قبيل الاجراءات التنفيذية اللازمة لتنفيذ الحكم - انتهاء الخدمة يترتب بالفعل منذ اللحظة التى أصبح فيها الحكم الجنائى نهائيا.
(د) موظف - انتهاء خدمة - حكم جنائى - وقف تنفيذ - أمر الحكم الجنائى بأن يكون ايقاف التنفيذ شاملا لجميع الآثار الجنائية - انصراف هذا الأمر الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين - أساس ذلك أن طبيعتها جميعا واحدة ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها.
(هـ) موظف - انتهاء خدمة - حكم جنائى - قانون - نفاذه - الحكم الصادر من محكمة الجنايات فى 9 من مارس سنة 1959 بحبس الطاعن مع الشغل لمدة ستة شهور فى جناية احراز سلاح بدون ترخيص - الأمر بوقف تنفيذ العقوبة الأصلية دون عقوبة العزل - مؤدى ذلك عزل الطاعن نهائيا من وظيفته اعمالا لنص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - وقوع هذا العزل بقوة القانون وترتبه حتما من تاريخ صدور حكم محكمة الجنايات - القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة - لا يسرى فى شأن الطاعن اذ لم يكن فى عداد العاملين حين نفاذه.
1 - تنقسم العقوبات باعتبار أصالتها أو تبعيتها الى: عقوبة أصلية وهى التى ترد حتما فى الحكم وتكفى بذاتها للعقاب، ولا يتصور حكم جنائى دون نص عليها وقد يأتى الحكم بها دون غيرها كالسجن والحبس والغرامة (المواد من 13 الى 23) - وعقوبة تبعية وهى التى تترتب حتما فى الحالات التى نص القانون عليها أثر الحكم باحدى العقوبات الأصلية، ولو لم ينص القاضى عليها صراحة فى حكم الادانة (المواد من 24 الى 31) كالحرمان من الحقوق والمزايا التى ذكرتها المادة (25) عقوبات وفى مقدمة هذه المزايا القبول فى أى خدمة فى الحكومة أيا كانت أهمية الخدمة، وكوضع المحكوم عليه تحت مراقبة البوليس فى بعض الحالات - وعقوبة تكميلية - وهذه تماثل العقوبة التبعية فى كونها لا تقوم على استقلال بل تلحق بعقوبة أصلية أخرى، ومع ذلك فانها تختلف عن التبعية فى كونها لا تطبق الا حيث ينطق بها القاضى صراحة فى حكمه المنطوى على العقوبة الأصلية ومن أمثلة العقوبة التكميلية، الحرمان من الوظيفة فى الحالات المنصوص عليها فى المادة 27 عقوبات والتى تنص على أن: (كل موظف ارتكب جناية مما نص عليه فى الباب الثالث والرابع والسادس: والسادس عشر من الكتاب الثانى من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس، يحكم عليه أيضا بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه). والعقوبات التكميلية هى بدورها نوعان وجوبية يتعين على القاضى النص عليها فى حكمه، والا كان قابلا للطعن، وجوازيه يكون للقاضى أن يحكم بها ان شاء أو انه لا يحكم بها. وقد نصت المادة 26 عقوبات على ان (العزل من وظيفة أميرية هو الحرمان من الوظيفة نفسها، ومن المرتبات المقررة لها. وسواء كان المحكوم عليه بالعزل عاملا فى وظيفته وقت صدور الحكم عليه، أو غير عامل فيها، لا يجوز تعيينه فى وظيفة أميرية، ولا نيله أى مرتب مدة يقدرها الحكم، وهذه المدة لا يجوز أن تكون أكثر من ست سنين، ولا أقل من سنة واحدة). وفى مجال قانون العقوبات لا يرد العزل من الوظائف الأميرية، أبدا كعقوبة أصلية لأن العقوبات الأصلية وردت فى القسم الأول من الباب الثالث من قانون العقوبات على سبيل الحصر والتحديد (الاعدام، والأشغال الشاقة المؤبدة، والمؤقتة، والسجن، والحبس والغرامة)، وانما قد يرد العزل من الوظيفة الأميرية كعقوبة تبعية أو كعقوبة تكميلية تحت أى من نوعيها الوجوبى، أو الجوازى. فمتى صدر حكم جنائى، وكان المحكوم عليه موظفا عاما أثر هذا الحكم الجنائى على مركزه الوظيفى فأدى الى عزله على وجه التأبيد تارة، وبصفة مؤقتة تارة أخرى. وهذا العزل هو الذى يكون العقوبة التبعية للعقوبة الأصلية التى قضى بها الحكم الجنائى ولكن العزل من الوظيفة الأميرية لا يتم دائما بقوة القانون، ونتيجة حتمية لصدور الحكم ذاته، فقد يتطلب فى بعض الحالات اشارة صريحة به فى الحكم الصادر بالادانة، وذلك حسبما يكون العزل عقوبة تبعية أو عقوبة تكميلية. وترتيبا على ذلك فانه فى مجال تطبيق قانون العقوبات، يكون العزل عقوبة تبعية أى يتم بقوة القانون، ودون حاجة الى النص عليه فى الحكم متى حكم على الموظف بعقوبة جناية (بالاعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بالسجن) ويستوى فى ذلك أن توقع عقوبة الجناية هذه بمناسبة جناية أو جنحة. والعزل فى هذه الحالة مؤبد يؤدى الى حرمان الموظف من وظيفته بصفة نهائية، وعدم أهليته مستقبلا لتقلد أى وظيفة عامة. ذلك ما نصت عليه صراحة المادة 25 من قانون العقوبات.
أما اذا كان العزل عقوبة تكميلية فانه لا يقع الا باشارة صريحة فى الحكم حسبما سلف الايضاح ويظهر ذلك فى حالات منها: الحكم على الموظف بالحبس فى بعض الجنايات كالرشوة واختلاس الأموال الأميرية، والغدر، والاكراه وسوء المعاملة من الموظفين لأفراد الناس، والتزوير. والعزل فى هذه الحالات عقوبة تكميلية وجوبية أى لابد من النص الصريح عليه فى الحكم.
وهذا النوع من العزل هو عزل مؤقت لا تنقص مدته عن سنة أو عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها على الموظف أيهما أكبر ومع ذلك فلا يجوز أن تزيد المدة فى كل الأحوال على ست سنوات - وهناك عزل فى مجال العقوبات عند الحكم على الموظف بعقوبة جنحة فى بعض جنح أشار المشرع بمناسبتها الى ضرورة النص على عزل الموظف فى الحكم الصادر عليه بالادانة. فالعزل هنا هو أيضا عقوبة تكميلية وجوبية - كما انه عزل مؤقت لا تقل مدته عن سنة، ولا تزيد على ست سنوات. مثال ذلك (كل قاضى امتنع عن الحكم أو صدر منه حكم ثبت أنه غير حق بسبب التوسط لديه، يعاقب بالحبس، وبالعزل) واذا امتنع أحد القضاة عن الحكم يعاقب بالعزل وبغرامة، وكل موظف عام اشترى بناء على سطوة وظيفته ملكا قهرا عن مالكه يعاقب بحسب درجة ذنبه بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وبالعزل فضلا عن رد الشىء... وهنالك عزل بمثابة عقوبة تكميلية ولكنه جوازى للقاضى عند الحكم على الموظف بعقوبة جنحة فى جنح معينة أخرى. ومن ذلك ما نصت عليه المادة 127 عقوبات (كل موظف عمومى أمر بعقاب المحكوم عليه أو عاقبه بنفسه بأشد من العقوبة المحكوم بها عليه قانونا يجازى بالحبس أو بغرامة ويجوز أن يحكم عليه أيضا مع هذه العقوبة بالعزل). تلك هى الحالات التى يؤدى فيها الحكم الجنائى، وفقا لأحكام قانون العقوبات، الى عزل الموظف. وهذا العزل قد يكون نهائيا أو موقوتا وقد يكون وجوبيا أو اختياريا. وقد يقع بقوة القانون فى بعض الحالات، وقد يكون بناء على اشارة ترد بحكم الادانة فى بعضها الآخر. فالمشرع الجنائى لا يرتب على الأحكام الجنائية آثارا موحدة فى العلاقة الوظيفية بل أثارا متفاوتة تختلف من حكم الى آخر. مستهديا فى ذلك كله بجسامة الجريمة جناية أم جنحة، وأخيرا بنوع الجرم المنسوب الى الموظف العام، وما اذا كان متصلا أم بعيدا عن شئون وظيفته. ذلك هو ما كان يترتب على الحكم الجنائى من أثر على الوظيفة العامة وفقا لأحكام العقوبات.
2 - نص الفصل الثامن من قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 على انهاء خدمة الموظفين المعينين على وظائف دائمة ونصت المادة 107 منه على أن "تنتهى خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية:
(1) بلوغ السن المقررة لترك الخدمة.....
(8) الحكم عليه فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف......
(9) الموت..... ".
ومؤدى ذلك أن الحكم الجنائى يؤدى ابتداء من أول يوليو سنة 1952 وفقا لأحكام القانون الادارى، الى عزل الموظف العام فى حالتين:
( أ ) اذا كان حكما صادرا فى جناية. والجنايات هى الجرائم المعاقب عليها بالاعدام أو الاشغال الشاقة المؤبدة أو الاشغال الشاقة المؤقته أو السجن (المادة العاشرة من قانون العقوبات) فمتى ثبت هذا الوصف فى الفعل المنسوب الى الموظف العام والذى جوزى عليه من أجله فلا مفر من أن يؤدى الحكم الصادر عليه بادانته الى عزله، سواء تضمن الحكم توقيع عقوبة جناية، أى عقوبة من العقوبات الأربعة السالف ذكرها، أم تضمن توقيع عقوبة جنحة الحبس الذى يزيد أقصى مدته على أسبوع، أو الغرامة التى يزيد أقصى مقدارها على جنيه واحد - فقد يحدث ذلك فى حالات معينة نص عليها القانون ومن بينها حالة الطاعن فى الطعن الراهن. وواضح من نص المادة 107 أن المشرع فى القانون رقم 210 لسنة 1951 لم يفرق بين الاحكام الصادرة فى جناية من حيث أثرها على مركز الموظف تبعا لنوع العقوبة التى تتضمنها، وهو كذلك لم يفرق بين جناية وجناية تبعا لكونها مخلة بالشرف أو غير مخلة به. فتتساوى فى الاثر جناية القتل العمد، وجناية الرشوة كما تتساوى جناية احراز سلاح دون ترخيص، وجناية هتك العرض.
فكلها أحكام صادرة فى جنايات وكلها تنهى العلاقة حتما ويحكم القانون بين الموظف والدولة.
(ب) اذا كان الحكم صادرا فى حنحة أو مخالفة وقدرت الجهة الادارية التابع لها الموظف أن الجريمة فى أى من هاتين الحالتين مخلة بالشرف. وقد سكت القانون عن وضع تعريف للجريمة المخلة بالشرف كما سكت عن تقديم أمثلة للجريمة التى تتسم بهذا الوصف. الا أن ذلك لا يعنى البته استقلال السلطة الادارية بتكييف الجريمة بل هى تخضع لرقابة القاضى الادارى عند الطعن أمامه بالالغاء.
3 - وغنى عن القول أن العزل المترتب على حكم جنائى يتميز عن غيره من حالات انتهاء الخدمة كالاستقالة أو العزل بحكم تأديبى أو الفصل بقرار جمهورى، بأوصاف خاصة منها ما سبق أن قضت به هذه المحكمة العليا من أن خدمة الموظف تنتهى بالحكم عليه فى جناية - أو جريمة مخلة بالشرف - بقوة القانون ودون حاجة الى استصدار قرار بالعزل. فان صدر مثل هذا القرار - وفى الطعن الراهن قرار وزارة الأوقاف رقم 1559 فى 20/ 7/ 1959 بانهاء خدمة الطاعن اعتبارا من 9 من مارس سنة 1959 تاريخ الحكم عليه فى جناية احراز سلاح بدون ترخيص. اعتبر من قبيل الاجراءات التنفيذية اللازمة لتنفيذ حكم القانون (الفقرة الثامنة من المادة 107 والفقرة السابعة من المادة 130 من القانون رقم 210 لسنة 1951) وترتيبا على ذلك فان الموظف أو المستخدم الذى انتهت خدمته بحكم جنائى لا يتأتى له العودة الى عمله الا بقرار تعيين جديد فيما لو جازت هذه الاعادة قانونا. واستناد الطاعن الى موقف جهة الادارة أمر لا يعول عليه امام التمسك بحكم القانون. كما انه لا محل للقول بضرورة عرض قرار العزل واستصداره من مجلس التأديب أو من المحكمة التأديبية - على النحو الذى ذهب اليه الطاعن فى الطعن الراهن - ذلك ان العزل فى الصورة التى نحن بصددها لا ينطوى على عقوبة تأديبية يختص بها مجلس التأديب أو أية سلطة تأديبية أخرى، وانما يتم بالفعل منذ اللحظة الذى أصبح فيها الحكم الجنائى نهائيا.
4 - تنص المادة 55 من قانون العقوبات على أنه (يجوز للمحكمة عند الحكم فى جناية أو جنحة بالغرامة أو بالحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر فى نفس الحكم بايقاف تنفيذ العقوبة اذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التى ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود الى مخالفة القانون ويجب ان تبين فى الحكم أسباب ايقاف التنفيذ. ويجوز أن يجعل الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية، ولجميع الاثار الجنائية المترتبة على الحكم.) فالمشرع الجنائى قد أجاز للقاضى وبشروط معينة، يتعلق بعضها بالجريمة موضوع المحاكمة، وبعضها بالعقوبة المحكوم بها، والبعض الآخر بحالة المجرم، أجاز له أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة.
والأصل هو أن ينصرف الوقف الى العقوبة الأصلية وحدها لانه نظام يرمى الى تهديد المجرم بالحكم الصادر بالعقوبة فخول الشارع للقاضى السلطة فى أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التى يصدر بها حكمه مدة معينة من الزمن تكون بمثابة فترة للتجربة، يطالب المحكوم عليه بأن لا يعود خلالها الى ارتكاب جريمة جديدة اذا هو أراد أن يفلت نهائيا من العقوبة المحكوم بها عليه، وان يعتبر الحكم الصادر بها كأن لم يكن والا نفذت عليه هذه العقوبة فضلا عما يحكم به عليه فى الجريمة الجديدة. ومع ذلك فللقاضى أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبات الثانوية من تبعية أو تكميلية بل أن للقاضى أن يمد أثر الوقف الى كافة الاثار الجنائية المترتبة على الحكم. أما قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 فقد اكتفى بالاشارة الى الحكم الذى يصدر على الموظف فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف باعتبار الحكم سببا من أسباب انتهاء خدمة الموظف أى أنه قد ذكر فى النص لفظ (الحكم عليه) دون وصف خاص. فاذا أمر القاضى بوقف تنفيذ العقوبة الاصلية وما يتبعها من عقوبات فهل يترتب على الحكم رغم ذلك - وفى ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 (الفقرة الثامنة من المادة 107) قطع العلاقة التى تربط الموظف بالدولة؟ أن هذه المحكمة العليا قد أجابت على ذلك فى حكمها الاول فى هذا الصدد (الطعن رقم 5 لسنة 4 ق بجلسة 12 من يوليه سنة 1958) بما يفيد أنها فرقت تماما بين الميدان الجنائى من ناحية والميدان الادارى من ناحية أخرى. فالحكم له فى الميدان الجنائى أحكامه الخاصة وله كذلك أثاره التى تختلف فى حالة وقف تنفيذ العقوبة عنها فى حالة شمولها بالنفاذ أما الميدان الادارى فيستقل بذاته، وللحكم فى نطاقه أحكامه واثاره المتميزة، ومن بين هذه الآثار انهاء العلاقة الوظيفية، وهى نتيجة تترتب على الحكم سواء أكانت العقوبة التى تضمنها واجبة النفاذ أم أنه قد أمر بوقف تنفيذها اذ أن هذا الاختلاف قد يكون له أثره فى مدى نفاذ العقوبة فى الميدان الجنائى ولكنه فى الميدان الادارى عديم الاثر. فلكل من العزل كعقوبة جنائية بالتطبيق لاحكام قانون العقوبات، والعزل تأديبيا كان أم اداريا، وبالتطبيق لاحكام قانون موظفى الدولة، لكل مجاله وأوضاعه وشروطه وأحكامه الخاصة به فى التطبيق. ثم عادت هذه المحكمة العليا بعد اذ ادركت ان الحاجز الذى أقامته بين آثار الحكم جنائيا وآثاره اداريا فى الطعن رقم (5) ق يتسم بشئ من الشدة ويصعب التسليم به دون تحفظ فاصدرت هذه المحكمة حكمها بجلسة 13 من مارس سنة 1965 فى الطعن رقم 320 لسنة 10 ق بما يفيد أنه اذا أمر الحكم الجنائى بأن يكون ايقاف التنفيذ شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الامر الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين اذ أن طبيعتها جميعا واحدة، ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها ما دام انها كلها من آثار الحكم الجنائى.
5 - ان وقائع الطعن الراهن وعناصره اللازمة للفصل فيه هى واضحة محددة وفى غنى عن كل ما اثاره الطاعن فى مذكراته من جدل حول فروض. فمحكمة جنايات قنا أمرت فى حكمها الصادر فى 9 من مارس سنة 1959 بحبس الطاعن مع الشغل لمدة ستة شهور فى جناية احراز سلاح (مشخشن) بدون ترخيص، وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة الاصلية دون عقوبة العزل ولم يطعن فى هذا الحكم، ومؤدى ذلك عزل الطاعن نهائيا من وظيفته أعمالا لنص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذى كان سارى المفعول وقتذاك. وهو عزل وقع بقوة القانون وتم فعلا قبل صدور القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة ويوم صدوره فى 12 من فبراير سنة 1964 ونشره فى 18 منه والعمل بأحكامه من أول يوليو سنة 1964 لم يكن الطاعن فى عداد أولئك العاملين الذين لا تسرى أحكام القانون الجديد الا عليهم أما الطاعن فقد كان معزولا من وظيفته حتما بقوة القانون من تاريخ صدور حكم محكمة جنايات قنا عليه فى 9 من مارس سنة 1959.


اجراءات الطعن

فى 5 من يوليو سنة 1961 أودع الأستاذ المحامى عن السيد/ أحمد يوسف حامد سكرتارية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1413 لسنة 7 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة 24 من ديسمبر سنة 1960 فى الدعوى رقم 880 لسنة 7 القضائية المقامة من السيد الطاعن ضد وزارة الأوقاف، والذى قضى: (برفض الدعوى والزام المدعى المصروفات). وطلب السيد الطاعن للأسباب التى استند اليها فى صحيفة طعنه: (قبول هذا الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، وبالغاء القرار الادارى المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، مع الزام المطعون عليهما - وزارة الأوقاف ووزارة الاصلاح الزراعى - المصروفات ومقابل الأتعاب.). وقد أعلن هذا الطعن الى كل من وزارتى الاصلاح الزراعى فى 13 من يوليو سنة 1961 والأوقاف فى 16 منه وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16 من نوفمبر سنة 1963 وفيها طلبت الحكومة التأجيل للاستعداد ثم بجلسة 28 من مارس سنة 1964 قررت الدائرة احالة الطعن للمرافعة أمام المحكمة الادارية العليا بجلسة 3 من أكتوبر سنة 1964 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت المحكمة ارجاء النطق بالحكم الى جلسة 31 من أكتوبر سنة 1964 ورخصت للطاعن فى تقديم مذكرة وللحكومة الرد عليها مع تبادل الاطلاع. وفى 21 من أكتوبر سنة 1964 تقدم الطاعن بطلب أعادة الطعن الى المرافعة لأن الموضوع يتعلق بتقرير مبدأ مدى تطبيق القانون الأصلح على حالة الطاعن. فقررت المحكمة قبول الطلب. وكلفت الحكومة بضم ملف خدمة الطاعن ورخصت فى تقديم صورة رسمية من حكم محكمة جنايات قنا بجلسة 9 من مارس سنة 1959 فى الجناية رقم 708 لسنة 1958 وبجلسة 21 من نوفمبر سنة 1964 قررت المحكمة التأجيل لتنفيذ القرار السابق، وبجلسة 2 من يناير سنة 1965 قدم الحاضر عن الطاعن صورة غير رسمية من الحكم الصادر فى قضية النيابة العامة رقم 708 لسنة 1958 وصمم على أسباب طعنه. ثم تقدمت الحكومة بدفاعها عن وزارتى الأوقاف والاصلاح الزراعى وانتهت الى طلب تأييد الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع الزام الطاعن مصروفاتها. ثم قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرها بالرأى القانونى وفيه خلصت الى رفض الطعن مع الزام صاحبه المصروفات. وبجلسة 20 من مارس سنة 1965 قررت المحكمة أرجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 880 لسنة 7 القضائية أمام المحكمة الادارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بصحيفة أودعها أولا سكرتارية المحكمة الادارية لرئاسة الجمهورية فى 14 من يناير سنة 1960 برقم 38 لسنة 7 القضائية طلب فيها الحكم بالغاء القرار الصادر بانهاء خدمته من وزارة الأوقاف - وبجلسة 14 من أبريل سنة 1960 حكمت هذه المحكمة الأخيرة بعدم اختصاصها وباحالتها الى المحكمة الادارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية للاختصاص. وبجلسة 24 من ديسمبر سنة 1960 حكمت محكمة الصحة والأوقاف برفض الدعوى والزمت المدعى المصروفات.
وأقامت قضاءها هذا على أن المدعى - الطاعن - يطلب الحكم بالغاء القرار رقم 1559 الصادر من وكيل وزارة الأوقاف فى 20 من يوليو سنة 1960 بانهاء خدمته اعتبارا من 9 من مارس سنة 1959 تأسيسا على انه صدر من وكيل وزارة الأوقاف الذى هو غير مختص اذ الاختصاص معقود لوزارة الاصلاح الزراعى التى يعمل بها المدعى. وفضلا عن ذلك فان الفصل أصبح بعد صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 من اختصاص المحكمة التأديبية وحدها. ثم استطرد الحكم المطعون فيه قائلا انه قد بان للمحكمة الادارية لوزارة الأوقاف من ملف خدمة الطاعن انه فى 27 من فبراير سنة 1950 أصدر وزير الأوقاف قرارا بتعيين المدعى بوظيفة كاتب فى الدرجة الثامنة، ثم صدر فى 21 من ديسمبر سنة 1958 القرار الوزارى رقم 1078 بندب المدعى وبعض من زملائه للعمل بالاصلاح الزراعى كل بمرتبه اعتبارا من أول ديسمبر سنة 1958 على أن يتحمل الاصلاح الزراعى بمرتباتهم ودرجاتهم الأخرى. وفى 17 من يناير سنة 1959 أصدر المدير العام لهيئة الاصلاح الزراعى القرار رقم 17 باعتماد هذا الندب، واستند القرار المذكور على سابق موافقة وزارة الأوقاف على ندب أولئك الموظفين. وعلى ضوء هذا القرار فان المركز القانونى للمدعى يكون قد تحدد وهو انه ما زال يعتبر من موظفى وزارة الأوقاف لأن الندب وهو بطبيعته اجراء مؤقت لا يترتب عليه أن تنقطع العلاقة الوظيفية بينه وبين الجهة المنتدب منها، وغاية ما فى الأمر خضوعه فى مباشرته للعمل للجهة المنتدب اليها (الاصلاح). وانتقل الحكم المطعون فيه الى القول بأن المدعى كان قد قدم الى محكمة جنايات قنا لاتهامه فى القضية رقم 708 لسنة 1958 بندر قنا سنة 1958 لأنه فى 5 من يونيو سنة 1958 ببندر قنا أحرز (طبنجه) بدون ترخيص.
وقد حكمت محكمة جنايات قنا بجلسة 9 من مارس سنة 1959 بمعاقبة المدعى بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور، وأمرت بوقف التنفيذ، وذلك بالتطبيق لنص المادتين (55، 56 من قانون العقوبات). ثم بعد صدور هذا الحكم أصدر السيد / وكيل وزارة الأوقاف قرارا فى 20 من يولية سنة 1960 بفصله من الخدمة استنادا الى المادة 107 من قانون موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 واستطرد الحكم المطعون فيه يقول أن مثار النزاع فى الدعوى هو ما اذا كان الحكم الصادر من محكمة جنايات قنا بمعاقبة المدعى فى جناية احراز طبنجة بدون ترخيص، بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور مع وقف تنفيذ عقوبة الحبس يمنع الادارة من انهاء خدمة المدعى بالتطبيق للفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أم لا يمنعها؟ ثم قال الحكم أن لكل من العزل كعقوبة جنائية. والعزل كجزاء تأديبى أم ادارى مجاله وأوضاعه وشروطه وأحكامه الخاصة به فى التطبيق، وانه ليس ثمة تلازم بينهما فى جميع الأحوال، وان كان قد يقع التلاقى فى تحقيق الأثر فى بعض الأحوال فلا يجوز اذن تعطيل أحكام قانون التوظف فى مجال تطبيقها متى قام موجبها واستوفت أوضاعها وشروطها. وانتهى الحكم المطعون فيه الى أن المدعى يعتبر مفصولا من الخدمة اعتبارا من 9 من مارس سنة 1959 تاريخ الحكم عليه من محكمة جنايات قنا، وذلك طبقا لأحكام الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وأن القرار الادارى الصادر بانهاء خدمة المدعى يعتبر اعلانا للشهرة وتنبيها لادارة المستخدمين باتخاذ الاجراءات اللازمة فى هذا الخصوص وبالتالى فلا جدوى من البحث عما اذا كان هذا القرار الأخير قد صدر من مختص أم من غير مختص فالدعوى قامت على غير أساس سليم من القانون ويتعين رفضها..
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون (1) لان الثابت أن القرار المطعون فيه أنهى خدمة الطاعن استنادا الى الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بسبب الحكم عليه بعقوبة جنحة فى جناية احراز سلاح بدون ترخيص وانهاء الخدمة بهذه الصورة اجراء باطل لان العزل لا يمكن أن يعتبر من العقوبات التبعية بقوة القانون الا فى حالة الحكم على موظف بعقوبة جناية بالتطبيق لأحكام المادتين (24، 25) من قانون العقوبات (2) ان قرار الفصل حتى بفرض صحة صدوره فقد صدر ممن لا يملكه لان القرار المطعون فيه صدر من وكيل وزارة الأوقاف فى الوقت الذى كان الطاعن يعمل فيه بوزارة الاصلاح (3) ان احراز السلاح ليس عملا مكروها أو شائنا أو مخلا بالشرف أو مخالفا للدين أو الأخلاق بل هو عمل مشروع أباحه القانون ومن ثم يكون تأسيس الفصل على ارتكاب هذا الفعل غير جائز وبالتالى يكون القرار فاقدا لركن السبب. وانتهى تقرير طعن الطاعن الى طلب قبول طعنه شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، وبالغاء القرار الادارى الصادر بفصله.
ومن حيث انه قد بان لهذه المحكمة من الاطلاع على أوراق الطعن ومن ملف خدمة الطاعن ومن صورة الحكم الجنائى المقدم بجلسة المرافعة من الحاضر عن الطاعن أن محكمة جنايات قنا أصدرت بجلستها المنعقدة فى 9 من مارس سنة 1959 حكمها فى قضية النيابة العامة رقم 708 لسنة 1958 جنايات قنا المتهم فيها الطاعن أحمد يوسف حامد بأنه فى يوم 5 من يونيو سنة 1958 بدائرة بندر قنا أحرز السلاح النارى (طبنجه) بغير ترخيص كما أحرز الطلقات المبينة بالمحضر وطلبت النيابة العامة معاقبة المتهم بالمواد (1، 6، 26، 30) من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 القسم الأول ( أ ) وقضت محكمة الجنايات فى الجناية المذكورة بالحكم الآتى: (حكمت المحكمة حضوريا بمعاقبة أحمد يوسف حامد بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم، وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة). وفى 20 من يوليو سنة 1959 أصدر السيد وكيل وزارة الأوقاف القرار رقم 1559 بانتهاء خدمة السيد/ أحمد يوسف حامد الكاتب المراجع من الدرجة السابعة بتفتيش أسيوط، والمنتدب للهيئة العامة للاصلاح الزراعى اعتبارا من 9 من مارس سنة 1959 تاريخ الحكم عليه فى القضية رقم 708 لسنة 1958 جنايات قنا وذلك بعد الاطلاع على كتاب الهيئة العامة للاصلاح الزراعى المؤرخ 28/ 7/ 1959 برقم 298 المبلغ به صورة من كتاب نيابة قنا الكلية المبلغ لها فى 27/ 4/ 1959 الذى يفيد أن محكمة جنايات قنا قد حكمت بتاريخ 9/ 3/ 1959 على السيد المذكور بالحبس ستة أشهر مع الشغل ومع ايقاف تنفيذ العقوبة وانه لم يطعن فى الحكم المذكور. وقد صدر القرار رقم 1559 بانهاء خدمة الطاعن تأسيسا على نص المادة 107 فقرة ثامنة من القانون رقم 210 لسنة 1951 ولما يكن قد صدر بعد القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة فى 12 من فبراير سنة 1964.
ومن حيث أن الأصل، وفقا لأحكام قانون العقوبات، انه يترتب على الحكم الجنائى سقوط الحق فى تقلد الوظائف العامة أو فى البقاء فيها وذلك فى حالات وبشروط معينة. تنقسم العقوبات باعتبار أصالتها أو تبعيتها الى: عقوبة أصلية وهى التى ترد حتما فى الحكم وتكفى بذاتها للعقاب، ولا يتصور حكم جنائى دون نص عليها وقد يأتى الحكم بها دون غيرها كالسجن والحبس والغرامة (المواد من 13 الى 23) - وعقوبة تبعية وهى التى تترتب حتما فى الحالات التى نص القانون عليها أثر الحكم باحدى العقوبات الأصلية ولو لم ينص القاضى عليها صراحة فى حكم الادانة (المواد من 24 الى 31) كالحرمان من الحقوق والمزايا التى ذكرتها المادة (25) عقوبات وفى مقدمة هذه المزايا القبول فى أى خدمة فى الحكومة أيا كانت أهمية الخدمة، وكوضع المحكوم عليه تحت مراقبة البوليس فى بعض الحالات - وعقوبة تكميلية - وهذه تماثل العقوبة التبعية فى كونها لا تقوم على استقلال بل تلحق بعقوبة أصلية أخرى، ومع ذلك فانها تختلف عن التبعية فى كونها لا تطبق الا حيث ينطق بها القاضى صراحة فى حكمه المنطوى على العقوبة الأصلية ومن أمثلة العقوبة التكميلية، الحرمان من الوظيفة فى الحالات المنصوص عليها فى المادة 27 عقوبات والتى تنص على أن: (كل موظف ارتكب جناية مما نص عليه فى الباب الثالث والرابع والسادس، والسادس عشر من الكتاب الثانى من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس، يحكم عليه أيضا بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه). والعقوبات التكميلية هى بدورها نوعان: وجوبية يتعين على القاضى النص عليها فى حكمه، والا كان قابلا للطعن، وجوازيه يكون للقاضى أن يحكم بها ان شاء أو انه لا يحكم بها. وقد نصت المادة 26 عقوبات على أن (العزل من وظيفة أميرية هو الحرمان من الوظيفة نفسها، ومن المرتبات المقررة لها. وسواء كان المحكوم عليه بالعزل عاملا فى وظيفته وقت صدور الحكم عليه، أو غير عامل فيها، لا يجوز تعيينه فى وظيفة أميرية، ولا نيله أى مرتب مدة يقدرها الحكم، وهذه المدة لا يجوز أن تكون أكثر من ست سنين، ولا أقل من سنة واحدة). وفى مجال قانون العقوبات لا يرد العزل من الوظائف الأميرية، أبدا كعقوبة أصلية لأن العقوبات الأصلية وردت فى القسم الأول من الباب الثالث من قانون العقوبات على سبيل الحصر والتحديد (الاعدام، والأشغال الشاقة المؤبدة، والمؤقتة، والسجن، والحبس والغرامة)، وانما قد يرد العزل من الوظيفة الأميرية كعقوبة تبعية أو كعقوبة تكميلية تحت أى من نوعيها، الوجوبى، أو الجوازى. فمتى صدر حكم جنائى، وكان المحكوم عليه موظفا عاما أثر هذا الحكم الجنائى على مركزه الوظيفى فأدى الى عزله على وجه التأييد تاره، وبصفة مؤقتة تارة أخرى. وهذا العزل هو الذى يكون العقوبة التبعية للعقوبة الأصلية التى قضى بها الحكم الجنائى ولكن العزل من الوظيفة الأميرية لا يتم دائما بقوة القانون، وكنتيجة حتمية لصدور الحكم ذاته، فقد يتطلب فى بعض الحالات اشارة صريحة به فى الحكم الصادر بالادانة، وذلك حسبما يكون العزل عقوبة تبعية أو عقوبة تكميلية. وترتيبا على ذلك فانه فى مجال تطبيق قانون العقوبات، يكون العزل عقوبة تبعية أى يتم بقوة القانون، ودون حاجة الى النص عليه فى الحكم متى حكم على الموظف بعقوبة جناية (بالاعدام، أو بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بالسجن) ويستوى فى ذلك أن توقع عقوبة الجناية هذه بمناسبة جناية أو جنحة. والعزل فى هذه الحالة مؤبد يؤدى الى حرمان الموظف من وظيفته بصفة نهائية، وعدم أهليته مستقبلا لتقلد أى وظيفة عامة. ذلك ما نصت عليه صراحة المادة 25 من قانون العقوبات. أما اذا كان العزل عقوبة تكميلية فانه لا يقع الا باشارة صريحة فى الحكم حسبما سلف الايضاح ويظهر ذلك فى حالات منها: الحكم على الموظف بالحبس فى بعض الجنايات كالرشوة، واختلاس الأموال الأميرية، والغدر، والاكراه وسوء المعاملة من الموظفين لأفراد الناس، والتزوير. والعزل فى هذه الحالات عقوبة تكميلية وجوبية أى لابد من النص الصريح عليه فى الحكم. وهذا النوع من العزل هو عزل مؤقت لا تنقص مدته عن سنة أو عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها على الموظف أيهما أكبر ومع ذلك فلا يجوز أن تزيد المدة فى كل الأحوال على ست سنوات - وهناك عزل فى مجال العقوبات عند الحكم على الموظف بعقوبة جنحة فى بعض جنح أشار المشرع بمناسبتها الى ضرورة النص على عزل الموظف فى الحكم الصادر عليه بالادانة. فالعزل هنا هو أيضا عقوبة تكميلية وجوبية - كما انه عزل مؤقت لا تقل مدتة عن سنة، ولا تزيد على ست سنوات. مثال ذلك (كل قاضى امتنع عن الحكم أو صدر منه حكم ثبت أنه غير حق بسبب التوسط لديه، يعاقب بالحبس، وبالعزل) واذا امتنع أحد القضاة عن الحكم يعاقب بالعزل وبغرامة، وكل موظف عام اشترى بناء على سطوة وظيفته ملكا قهرا عن مالكه يعاقب بحسب درجة ذنبه بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وبالعزل فضلا عن رد الشىء..... وهنالك عزل بمثابة عقوبة تكميلية ولكنه جوازى للقاضى عند الحكم على الموظف بعقوبة جنحة فى جنح معينة أخرى. ومن ذلك ما نصت عليه المادة 127 عقوبات (كل موظف عمومى أمر بعقاب المحكوم عليه أو عاقبه بنفسه بأشد من العقوبة المحكوم بها عليه قانونا يجازى بالحبس أو بغرامة ويجوز أن يحكم عليه أيضا مع هذه العقوبة بالعزل). تلك هى الحالات التى يؤدى فيها الحكم الجنائى، وفقا لأحكام قانون العقوبات، الى عزل الموظف. وهذا العزل قد يكون نهائيا أو موقوتا. وقد يكون وجوبيا أو اختياريا. وقد يقع بقوة القانون فى بعض الحالات، وقد يكون بناء على اشارة ترد بحكم الادانة فى بعضها الآخر. فالمشرع الجنائى لا يرتب على الأحكام الجنائية آثارا موحدة فى العلاقة الوظيفية بل أثارا متفاوتة تختلف من حكم الى آخر. مستهديا فى ذلك كله بجسامة الجريمة جناية أم جنحة، وبجسامة العقوبة الموقعة عليه، وبما اذا كانت عقوبة جناية أم عقوبة جنحة، وأخيرا بنوع الجرم المنسوب الى الموظف العام، وما اذا كان متصلا أم بعيدا عن شئون وظيفته. ذلك هو ما كان يترتب على الحكم الجنائى من أثر على الوظيفة العامة وفقا لأحكام العقوبات. وبقى الحال على ذلك الى أن صدر قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 والذى أصبح نافذ المفعول من أول يوليو سنة 1952، فقد نص الفصل الثامن من قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 على انهاء خدمة الموظفين المعينين على وظائف دائمة ونصت المادة 107 منه على أن (تنتهى خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية:
(1) بلوغ السن المقررة لترك الخدمة.....
(8) الحكم عليه فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف......
(9) الموت.....).
ومؤدى ذلك ان الحكم الجنائى يؤدى ابتداء من أول يوليو سنة 1952 وفقا لأحكام القانون الادارى، الى عزل الموظف العام فى حالتين:
( أ ) اذا كان حكما صادرا فى جناية. والجنايات هى الجرائم المعاقب عليها بالاعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن (المادة العاشرة من قانون العقوبات) فمتى ثبت هذا الوصف فى الفعل المنسوب الى الموظف العام والذى جوزى عليه من أجله فلا مفر من أن يؤدى الحكم الصادر عليه بادانته الى عزله، سواء أتضمن الحكم توقيع عقوبة جناية، أى عقوبة من العقوبات الأربعة السالف ذكرها أم تضمن توقيع عقوبة جنحة الحبس الذى يزيد أقصى مدته على أسبوع أو الغرامة التى يزيد أقصى مقدارها على جنيه واحد -. فقد يحدث ذلك فى حالات معينة نص عليها القانون ومن بينها حالة الطاعن فى الطعن الراهن. وواضح من نص المادة 107 أن المشرع فى القانون رقم 210 لسنة 1951 لم يفرق بين الأحكام الصادرة فى جناية من حيث أثرها على مركز الموظف تبعا لنوع العقوبة التى تتضمنها، وهو كذلك لم يفرق بين جناية وجناية تبعا لكونها مخلة بالشرف أو غير مخلة به. فتتساوى فى الأثر جناية القتل العمد، وجناية الرشوة كما تتساوى جناية احراز سلاح دون ترخيص، وجناية هتك العرض. فكلها أحكام صادرة فى جنايات وكلها تنهى العلاقة حتما ويحكم القانون بين الموظف والدولة.
(ب) اذا كان الحكم صادرا فى جنحة أو مخالفة وقدرته الجهة الادارية التابع لها الموظف أن الجريمة فى أى من هاتين الحالتين مخلة بالشرف. وقد سكت القانون عن وضع تعريف للجريمة المخلة بالشرف كما سكت عن تقديم أمثلة للجريمة التى تتسم بهذا الوصف. الا ان ذلك لا يعنى البته استقلال السلطة الادارية بتكييف الجريمة بل هى تخضع لرقابة القاضى الادارى عند الطعن أمامه بالالغاء. وغنى عن القول أن العزل المترتب على حكم جنائى يتميز عن غيره من حالات انتهاء الخدمة كالاستقالة أو العزل بحكم تأديبى أو الفصل بقرار جمهورى، بأوصاف خاصة منها ما سبق أن قضت به هذه المحكمة العليا من أن خدمة الموظف تنتهى بالحكم عليه فى جناية - أو جريمة مخلة بالشرف - بقوة القانون. ودون حاجة الى استصدار قرار بالعزل. فان صدر مثل هذا القرار - وفى الطعن الراهن قرار وزارة الأوقاف رقم 1559 فى 20/ 7/ 1959 بانهاء خدمة الطاعن اعتبارا من 9 من مارس سنة 1959 تاريخ الحكم عليه فى جناية احراز سلاح بدون ترخيص. اعتبر من قبيل الاجراءات التنفيذية اللازمة لتنفيذ حكم القانون (الفقرة الثامنة من المادة 107 والفقرة السابعة من المادة 130 من القانون رقم 210 لسنة 1951) وترتيبا على ذلك فان الموظف أو المستخدم الذى انتهت خدمته بحكم جنائى لا يتأتى له العودة الى عمله الا بقرار تعيين جديد فيما لو جازت هذه الاعادة قانونا. واستناد الطاعن الى موقف جهة الادارة أمر لا يعول عليه أمام التمسك بحكم القانون. كما انه لا محل للقول بضرورة عرض قرار العزل واستصداره من مجلس التأديب أو من المحكمة التأديبية - على النحو الذى ذهب اليه الطاعن فى الطعن الراهن - ذلك أن العزل فى الصورة التى نحن بصددها لا ينطوى على عقوبة تأديبية يختص بها مجلس التأديب أو أية سلطة تأديبية أخرى، وانما يتم بالفعل منذ اللحظة التى أصبح فيها الحكم الجنائى نهائيا وثابت فى أوراق ملف الطعن أن الطاعن لم يطعن فى حكم جنايات قنا وان كان الحكم فى الجناية صدر بعقوبة الحبس وقد وقع هذا كله قبل يوم 12 من فبراير سنة 1964 تاريخ صدور القرار بالقانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة. فقد استحدث المشرع الجديد وضعا يختلف فى الفقرة السابعة من المادة 77 منه عن الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون 210 لسنة 1951، فصار النص الجديد منذ فبراير سنة 1964 هو. "تنتهى خدمة العامل لأحد الأساليب الآتية:
(1) بلوغ السن.....
(7) الحكم عليه بعقوبة جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ويكون الفصل جوازيا للوزير المختص اذا كان الحكم مع وقف تنفيذ العقوبة.".
ومن حيث انه عما أثاره تقرير الطعن عن مدى أثر الحكم بوقف تنفيذ العقوبة فى المجال الادارى وعلى رابطة الوظيفة العامة، وبعبارة أخرى تعلق تنفيذ الأحكام على شرط، تنص المادة 55 من قانون العقوبات على انه (يجوز للمحكمة عند الحكم فى جناية أو جنحة بالغرامة أو بالحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر فى نفس الحكم بايقاف تنفيذ العفوبة اذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التى ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بانه لن يعود الى مخالفة القانون ويجب أن تبين فى الحكم أسباب ايقاف التنفيذ. - ويجوز أن يجعل الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية، ولجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم.).
فالمشرع الجنائى قد أجاز للقاضى وبشروط معينة، يتعلق بعضها بالجريمة موضوع المحاكمة، وبعضها بالعقوبة المحكوم بها، والبعض الآخر بحالة المجرم، أجاز له أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة.
والأصل هو أن ينصرف الوقف الى العقوبة الأصلية وحدها لأنه نظام يرمى الى تهديد المجرم بالحكم الصادر بالعقوبة فخول الشارع للقاضى السلطة فى أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التى يصدر بها حكمه مدة معينة من الزمن تكون بمثابة فترة للتجربة، يطالب المحكوم عليه بأن لا يعود فى خلالها الى ارتكاب جريمة جديدة اذا هو أراد أن يفلت نهائيا من العقوبة المحكوم بها عليه، وأن يعتبر الحكم الصادر بها كأن لم يكن، والا نفذت عليه هذه العقوبة فضلا عما يحكم به عليه للجريمة الجديدة. ومع ذلك فللقاضى أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبات الثانوية من تبعية أو تكميلية بل ان للقاضى أن يمد أثر الوقف الى كافة الآثار الجنائية المترتبة على الحكم. أما قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 فقد اكتفى بالاشارة الى الحكم الذى يصدر على الموظف فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف باعتبار الحكم سببا من أسباب انتهاء خدمة الموظف أى انه قد ذكر فى النص لفظ (الحكم عليه) دون وصف خاص. فاذا أمر القاضى بوقف تنفيذ العقوبة الأصلية وما يتبعها من عقوبات فهل يترتب على الحكم رغم ذلك - وفى ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 أى الفقرة الثامنة من المادة 107 قطع العلاقة التى تربط الموظف بالدولة؟ ان هذه المحكمة العليا قد أجابت على ذلك فى حكمها الأول فى هذا الصدد (الطعن رقم 5 لسنة 4 ق بجلسة 12 من يوليو سنة 1958 بما يفيد انها فرقت تماما بين الميدان الجنائى من ناحية والميدان الادارى من ناحية أخرى. فالحكم له فى الميدان الجنائى أحكامه الخاصة وله كذلك أثاره التى تختلف فى حالة وقف تنفيذ العقوبة عنها فى حالة شمولها بالنفاذ. أما الميدان الادارى فيستقل بذاته، وللحكم فى نطاقه أحكامه وآثاره المتميزة، ومن بين هذه الآثار انهاء العلاقة الوظيفية، وهى نتيجة تترتب على الحكم سواء أكانت العقوبة التى تضمنها واجبة النفاذ أم انه قد أمر بوقف تنفيذها اذ ان هذا الاختلاف قد يكون له أثره فى مدى نفاذ العقوبة فى الميدان الجنائى ولكنه فى الميدان الادارى عديم الأثر. فلكل من العزل كعقوبة جنائية بالتطبيق لأحكام قانون العقوبات، والعزل تأديبيا كان أم اداريا، وبالتطبيق لأحكام قانون موظفى الدولة، لكل مجاله وأوضاعه وشروطه وأحكامه الخاصة به فى التطبيق. ثم عادت هذه المحكمة العليا بعد اذ أدركت أن الحاجز الذى اقامته بين آثار الحكم جنائيا وآثاره اداريا فى الطعن رقم (5) لسنة 4 ق يتسم بشئ من الشدة ويصعب التسليم به دون تحفظ فأصدرت هذه المحكمة حكمها بجلسة 13 من مارس سنة 1965 فى الطعن رقم 320 لسنة 10 ق بما يفيد انه (اذا أمر الحكم الجنائى بأن يكون ايقاف التنفيذ شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين اذ ان طبيعتها جميعا واحدة، ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها مادام انها كلها من آثار الحكم الجنائى فاذا كانت محكمة جنايات الفيوم عندما قضت فى حكمها الصادر فى 19/ 9/ 1962 بحبس المطعون عليه ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمه ثلاثة جنيهات أمرت بايقاف تنفيذ العقوبة على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم، فانها قد استهدفت بحكمها المقترن بايقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية المحافظة على مركز المطعون عليه الوظيفى وعدم الاضرار بمستقبله وكان مؤدى احترام حجية هذا الحكم ابقاء المطعون عليه (محمد عبد الكريم سالم) فى وظيفته، وعدم اعمال حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فى حقه باعتبار ان انهاء الخدمة وفقا لحكم هذه الفقرة من الآثار الجنائية التى أوقف الحكم تنفيذها.). ومهما يكن من أمر فان وقائع الطعن الراهن وعناصره اللازمة للفصل فيه هى واضحة محددة وفى غنى عن كل ما أثاره الطاعن فى مذكراته من جدل حول فروض. فمحكمة جنايات قنا أمرت فى حكمها الصادر فى 9 من مارس سنة 1959 بحبس الطاعن مع الشغل لمدة ستة شهور فى جناية احراز سلاح (مشخشن) بدون ترخيص، وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة الأصلية دون عقوبة العزل ولم يطعن فى هذا الحكم، ومؤدى ذلك عزل الطاعن نهائيا من وظيفته اعمالا لنص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذى كان سارى المفعول وقتذاك. وهو عزل وقع

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 67 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

أمر الحكم الجنائى بأن يكون ايقاف التنفيذ شاملا لجميع الآثار الجنائية - انصراف هذا الأمر الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 1113

(110)
جلسة 24 من أبريل 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ محمد شلبى يوسف وعادل عزيز وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 1413 لسنة 7 القضائية

( أ ) حكم جنائى - عقوبة - موظف - عزل - العقوبة الجنائية أما أصلية أو تبعية أو تكميلية - العقوبة اما وجوبية يتعين على القاضى النص عليها فى حكمه أو جوازية يكون للقاضى أن يحكم بها ان شاء - العزل من الوظائف الأميرية - لا يرد أبدا كعقوبة أصلية - قد يرد كعقوبة تبعية أو كعقوبة تكميلية تحت أى من نوعيها الوجوبى أو الجوازى.
(ب) موظف - انتهاء خدمة - حكم جنائى - جريمة مخلة بالشرف - المادة 107 من قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 - انتهاء خدمة الموظف حتما وبحكم القانون اذا حكم عليه فى جناية - يستوى فى ذلك أن يكون الحكم الصادر فى جناية تضمن توقيع عقوبة جناية أم عقوبة جنحة - القانون لم يفرق بين الأحكام الصادرة فى جناية تبعا لنوع العقوبة التى تتضمنها أو تبعا لكونها مخلة بالشرف أو غير مخلة به - انتهاء خدمة الموظف كذلك اذا كان الحكم صادرا فى جنحة أو مخالفة وقدرت الجهة الادارية التابع لها الموظف أن الجريمة فى أى من هاتين الحالتين مخلة بالشرف - سكوت القانون عن وضع تعريف للجريمة المخلة بالشرف أو تقديم أمثلة لها - لا يعنى استقلال السلطة الادارية بتكييفها - خضوعها فى ذلك لرقابة القضاء الادارى عند الطعن أمامه بالالغاء.
(جـ) موظف - انتهاء خدمة - الحكم على الموظف فى جناية أو جريمة مخلة بالشرف - ينهى خدمته بقوة القانون دون حاجة الى استصدار قرار بالعزل - صدور قرار بالعزل - يعد من قبيل الاجراءات التنفيذية اللازمة لتنفيذ الحكم - انتهاء الخدمة يترتب بالفعل منذ اللحظة التى أصبح فيها الحكم الجنائى نهائيا.
(د) موظف - انتهاء خدمة - حكم جنائى - وقف تنفيذ - أمر الحكم الجنائى بأن يكون ايقاف التنفيذ شاملا لجميع الآثار الجنائية - انصراف هذا الأمر الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين - أساس ذلك أن طبيعتها جميعا واحدة ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها.
(هـ) موظف - انتهاء خدمة - حكم جنائى - قانون - نفاذه - الحكم الصادر من محكمة الجنايات فى 9 من مارس سنة 1959 بحبس الطاعن مع الشغل لمدة ستة شهور فى جناية احراز سلاح بدون ترخيص - الأمر بوقف تنفيذ العقوبة الأصلية دون عقوبة العزل - مؤدى ذلك عزل الطاعن نهائيا من وظيفته اعمالا لنص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - وقوع هذا العزل بقوة القانون وترتبه حتما من تاريخ صدور حكم محكمة الجنايات - القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة - لا يسرى فى شأن الطاعن اذ لم يكن فى عداد العاملين حين نفاذه.
1 - تنقسم العقوبات باعتبار أصالتها أو تبعيتها الى: عقوبة أصلية وهى التى ترد حتما فى الحكم وتكفى بذاتها للعقاب، ولا يتصور حكم جنائى دون نص عليها وقد يأتى الحكم بها دون غيرها كالسجن والحبس والغرامة (المواد من 13 الى 23) - وعقوبة تبعية وهى التى تترتب حتما فى الحالات التى نص القانون عليها أثر الحكم باحدى العقوبات الأصلية، ولو لم ينص القاضى عليها صراحة فى حكم الادانة (المواد من 24 الى 31) كالحرمان من الحقوق والمزايا التى ذكرتها المادة (25) عقوبات وفى مقدمة هذه المزايا القبول فى أى خدمة فى الحكومة أيا كانت أهمية الخدمة، وكوضع المحكوم عليه تحت مراقبة البوليس فى بعض الحالات - وعقوبة تكميلية - وهذه تماثل العقوبة التبعية فى كونها لا تقوم على استقلال بل تلحق بعقوبة أصلية أخرى، ومع ذلك فانها تختلف عن التبعية فى كونها لا تطبق الا حيث ينطق بها القاضى صراحة فى حكمه المنطوى على العقوبة الأصلية ومن أمثلة العقوبة التكميلية، الحرمان من الوظيفة فى الحالات المنصوص عليها فى المادة 27 عقوبات والتى تنص على أن: (كل موظف ارتكب جناية مما نص عليه فى الباب الثالث والرابع والسادس: والسادس عشر من الكتاب الثانى من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس، يحكم عليه أيضا بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه). والعقوبات التكميلية هى بدورها نوعان وجوبية يتعين على القاضى النص عليها فى حكمه، والا كان قابلا للطعن، وجوازيه يكون للقاضى أن يحكم بها ان شاء أو انه لا يحكم بها. وقد نصت المادة 26 عقوبات على ان (العزل من وظيفة أميرية هو الحرمان من الوظيفة نفسها، ومن المرتبات المقررة لها. وسواء كان المحكوم عليه بالعزل عاملا فى وظيفته وقت صدور الحكم عليه، أو غير عامل فيها، لا يجوز تعيينه فى وظيفة أميرية، ولا نيله أى مرتب مدة يقدرها الحكم، وهذه المدة لا يجوز أن تكون أكثر من ست سنين، ولا أقل من سنة واحدة). وفى مجال قانون العقوبات لا يرد العزل من الوظائف الأميرية، أبدا كعقوبة أصلية لأن العقوبات الأصلية وردت فى القسم الأول من الباب الثالث من قانون العقوبات على سبيل الحصر والتحديد (الاعدام، والأشغال الشاقة المؤبدة، والمؤقتة، والسجن، والحبس والغرامة)، وانما قد يرد العزل من الوظيفة الأميرية كعقوبة تبعية أو كعقوبة تكميلية تحت أى من نوعيها الوجوبى، أو الجوازى. فمتى صدر حكم جنائى، وكان المحكوم عليه موظفا عاما أثر هذا الحكم الجنائى على مركزه الوظيفى فأدى الى عزله على وجه التأبيد تارة، وبصفة مؤقتة تارة أخرى. وهذا العزل هو الذى يكون العقوبة التبعية للعقوبة الأصلية التى قضى بها الحكم الجنائى ولكن العزل من الوظيفة الأميرية لا يتم دائما بقوة القانون، ونتيجة حتمية لصدور الحكم ذاته، فقد يتطلب فى بعض الحالات اشارة صريحة به فى الحكم الصادر بالادانة، وذلك حسبما يكون العزل عقوبة تبعية أو عقوبة تكميلية. وترتيبا على ذلك فانه فى مجال تطبيق قانون العقوبات، يكون العزل عقوبة تبعية أى يتم بقوة القانون، ودون حاجة الى النص عليه فى الحكم متى حكم على الموظف بعقوبة جناية (بالاعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بالسجن) ويستوى فى ذلك أن توقع عقوبة الجناية هذه بمناسبة جناية أو جنحة. والعزل فى هذه الحالة مؤبد يؤدى الى حرمان الموظف من وظيفته بصفة نهائية، وعدم أهليته مستقبلا لتقلد أى وظيفة عامة. ذلك ما نصت عليه صراحة المادة 25 من قانون العقوبات.
أما اذا كان العزل عقوبة تكميلية فانه لا يقع الا باشارة صريحة فى الحكم حسبما سلف الايضاح ويظهر ذلك فى حالات منها: الحكم على الموظف بالحبس فى بعض الجنايات كالرشوة واختلاس الأموال الأميرية، والغدر، والاكراه وسوء المعاملة من الموظفين لأفراد الناس، والتزوير. والعزل فى هذه الحالات عقوبة تكميلية وجوبية أى لابد من النص الصريح عليه فى الحكم.
وهذا النوع من العزل هو عزل مؤقت لا تنقص مدته عن سنة أو عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها على الموظف أيهما أكبر ومع ذلك فلا يجوز أن تزيد المدة فى كل الأحوال على ست سنوات - وهناك عزل فى مجال العقوبات عند الحكم على الموظف بعقوبة جنحة فى بعض جنح أشار المشرع بمناسبتها الى ضرورة النص على عزل الموظف فى الحكم الصادر عليه بالادانة. فالعزل هنا هو أيضا عقوبة تكميلية وجوبية - كما انه عزل مؤقت لا تقل مدته عن سنة، ولا تزيد على ست سنوات. مثال ذلك (كل قاضى امتنع عن الحكم أو صدر منه حكم ثبت أنه غير حق بسبب التوسط لديه، يعاقب بالحبس، وبالعزل) واذا امتنع أحد القضاة عن الحكم يعاقب بالعزل وبغرامة، وكل موظف عام اشترى بناء على سطوة وظيفته ملكا قهرا عن مالكه يعاقب بحسب درجة ذنبه بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وبالعزل فضلا عن رد الشىء... وهنالك عزل بمثابة عقوبة تكميلية ولكنه جوازى للقاضى عند الحكم على الموظف بعقوبة جنحة فى جنح معينة أخرى. ومن ذلك ما نصت عليه المادة 127 عقوبات (كل موظف عمومى أمر بعقاب المحكوم عليه أو عاقبه بنفسه بأشد من العقوبة المحكوم بها عليه قانونا يجازى بالحبس أو بغرامة ويجوز أن يحكم عليه أيضا مع هذه العقوبة بالعزل). تلك هى الحالات التى يؤدى فيها الحكم الجنائى، وفقا لأحكام قانون العقوبات، الى عزل الموظف. وهذا العزل قد يكون نهائيا أو موقوتا وقد يكون وجوبيا أو اختياريا. وقد يقع بقوة القانون فى بعض الحالات، وقد يكون بناء على اشارة ترد بحكم الادانة فى بعضها الآخر. فالمشرع الجنائى لا يرتب على الأحكام الجنائية آثارا موحدة فى العلاقة الوظيفية بل أثارا متفاوتة تختلف من حكم الى آخر. مستهديا فى ذلك كله بجسامة الجريمة جناية أم جنحة، وأخيرا بنوع الجرم المنسوب الى الموظف العام، وما اذا كان متصلا أم بعيدا عن شئون وظيفته. ذلك هو ما كان يترتب على الحكم الجنائى من أثر على الوظيفة العامة وفقا لأحكام العقوبات.
2 - نص الفصل الثامن من قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 على انهاء خدمة الموظفين المعينين على وظائف دائمة ونصت المادة 107 منه على أن "تنتهى خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية:
(1) بلوغ السن المقررة لترك الخدمة.....
(8) الحكم عليه فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف......
(9) الموت..... ".
ومؤدى ذلك أن الحكم الجنائى يؤدى ابتداء من أول يوليو سنة 1952 وفقا لأحكام القانون الادارى، الى عزل الموظف العام فى حالتين:
( أ ) اذا كان حكما صادرا فى جناية. والجنايات هى الجرائم المعاقب عليها بالاعدام أو الاشغال الشاقة المؤبدة أو الاشغال الشاقة المؤقته أو السجن (المادة العاشرة من قانون العقوبات) فمتى ثبت هذا الوصف فى الفعل المنسوب الى الموظف العام والذى جوزى عليه من أجله فلا مفر من أن يؤدى الحكم الصادر عليه بادانته الى عزله، سواء تضمن الحكم توقيع عقوبة جناية، أى عقوبة من العقوبات الأربعة السالف ذكرها، أم تضمن توقيع عقوبة جنحة الحبس الذى يزيد أقصى مدته على أسبوع، أو الغرامة التى يزيد أقصى مقدارها على جنيه واحد - فقد يحدث ذلك فى حالات معينة نص عليها القانون ومن بينها حالة الطاعن فى الطعن الراهن. وواضح من نص المادة 107 أن المشرع فى القانون رقم 210 لسنة 1951 لم يفرق بين الاحكام الصادرة فى جناية من حيث أثرها على مركز الموظف تبعا لنوع العقوبة التى تتضمنها، وهو كذلك لم يفرق بين جناية وجناية تبعا لكونها مخلة بالشرف أو غير مخلة به. فتتساوى فى الاثر جناية القتل العمد، وجناية الرشوة كما تتساوى جناية احراز سلاح دون ترخيص، وجناية هتك العرض.
فكلها أحكام صادرة فى جنايات وكلها تنهى العلاقة حتما ويحكم القانون بين الموظف والدولة.
(ب) اذا كان الحكم صادرا فى حنحة أو مخالفة وقدرت الجهة الادارية التابع لها الموظف أن الجريمة فى أى من هاتين الحالتين مخلة بالشرف. وقد سكت القانون عن وضع تعريف للجريمة المخلة بالشرف كما سكت عن تقديم أمثلة للجريمة التى تتسم بهذا الوصف. الا أن ذلك لا يعنى البته استقلال السلطة الادارية بتكييف الجريمة بل هى تخضع لرقابة القاضى الادارى عند الطعن أمامه بالالغاء.
3 - وغنى عن القول أن العزل المترتب على حكم جنائى يتميز عن غيره من حالات انتهاء الخدمة كالاستقالة أو العزل بحكم تأديبى أو الفصل بقرار جمهورى، بأوصاف خاصة منها ما سبق أن قضت به هذه المحكمة العليا من أن خدمة الموظف تنتهى بالحكم عليه فى جناية - أو جريمة مخلة بالشرف - بقوة القانون ودون حاجة الى استصدار قرار بالعزل. فان صدر مثل هذا القرار - وفى الطعن الراهن قرار وزارة الأوقاف رقم 1559 فى 20/ 7/ 1959 بانهاء خدمة الطاعن اعتبارا من 9 من مارس سنة 1959 تاريخ الحكم عليه فى جناية احراز سلاح بدون ترخيص. اعتبر من قبيل الاجراءات التنفيذية اللازمة لتنفيذ حكم القانون (الفقرة الثامنة من المادة 107 والفقرة السابعة من المادة 130 من القانون رقم 210 لسنة 1951) وترتيبا على ذلك فان الموظف أو المستخدم الذى انتهت خدمته بحكم جنائى لا يتأتى له العودة الى عمله الا بقرار تعيين جديد فيما لو جازت هذه الاعادة قانونا. واستناد الطاعن الى موقف جهة الادارة أمر لا يعول عليه امام التمسك بحكم القانون. كما انه لا محل للقول بضرورة عرض قرار العزل واستصداره من مجلس التأديب أو من المحكمة التأديبية - على النحو الذى ذهب اليه الطاعن فى الطعن الراهن - ذلك ان العزل فى الصورة التى نحن بصددها لا ينطوى على عقوبة تأديبية يختص بها مجلس التأديب أو أية سلطة تأديبية أخرى، وانما يتم بالفعل منذ اللحظة الذى أصبح فيها الحكم الجنائى نهائيا.
4 - تنص المادة 55 من قانون العقوبات على أنه (يجوز للمحكمة عند الحكم فى جناية أو جنحة بالغرامة أو بالحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر فى نفس الحكم بايقاف تنفيذ العقوبة اذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التى ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود الى مخالفة القانون ويجب ان تبين فى الحكم أسباب ايقاف التنفيذ. ويجوز أن يجعل الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية، ولجميع الاثار الجنائية المترتبة على الحكم.) فالمشرع الجنائى قد أجاز للقاضى وبشروط معينة، يتعلق بعضها بالجريمة موضوع المحاكمة، وبعضها بالعقوبة المحكوم بها، والبعض الآخر بحالة المجرم، أجاز له أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة.
والأصل هو أن ينصرف الوقف الى العقوبة الأصلية وحدها لانه نظام يرمى الى تهديد المجرم بالحكم الصادر بالعقوبة فخول الشارع للقاضى السلطة فى أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التى يصدر بها حكمه مدة معينة من الزمن تكون بمثابة فترة للتجربة، يطالب المحكوم عليه بأن لا يعود خلالها الى ارتكاب جريمة جديدة اذا هو أراد أن يفلت نهائيا من العقوبة المحكوم بها عليه، وان يعتبر الحكم الصادر بها كأن لم يكن والا نفذت عليه هذه العقوبة فضلا عما يحكم به عليه فى الجريمة الجديدة. ومع ذلك فللقاضى أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبات الثانوية من تبعية أو تكميلية بل أن للقاضى أن يمد أثر الوقف الى كافة الاثار الجنائية المترتبة على الحكم. أما قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 فقد اكتفى بالاشارة الى الحكم الذى يصدر على الموظف فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف باعتبار الحكم سببا من أسباب انتهاء خدمة الموظف أى أنه قد ذكر فى النص لفظ (الحكم عليه) دون وصف خاص. فاذا أمر القاضى بوقف تنفيذ العقوبة الاصلية وما يتبعها من عقوبات فهل يترتب على الحكم رغم ذلك - وفى ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 (الفقرة الثامنة من المادة 107) قطع العلاقة التى تربط الموظف بالدولة؟ أن هذه المحكمة العليا قد أجابت على ذلك فى حكمها الاول فى هذا الصدد (الطعن رقم 5 لسنة 4 ق بجلسة 12 من يوليه سنة 1958) بما يفيد أنها فرقت تماما بين الميدان الجنائى من ناحية والميدان الادارى من ناحية أخرى. فالحكم له فى الميدان الجنائى أحكامه الخاصة وله كذلك أثاره التى تختلف فى حالة وقف تنفيذ العقوبة عنها فى حالة شمولها بالنفاذ أما الميدان الادارى فيستقل بذاته، وللحكم فى نطاقه أحكامه واثاره المتميزة، ومن بين هذه الآثار انهاء العلاقة الوظيفية، وهى نتيجة تترتب على الحكم سواء أكانت العقوبة التى تضمنها واجبة النفاذ أم أنه قد أمر بوقف تنفيذها اذ أن هذا الاختلاف قد يكون له أثره فى مدى نفاذ العقوبة فى الميدان الجنائى ولكنه فى الميدان الادارى عديم الاثر. فلكل من العزل كعقوبة جنائية بالتطبيق لاحكام قانون العقوبات، والعزل تأديبيا كان أم اداريا، وبالتطبيق لاحكام قانون موظفى الدولة، لكل مجاله وأوضاعه وشروطه وأحكامه الخاصة به فى التطبيق. ثم عادت هذه المحكمة العليا بعد اذ ادركت ان الحاجز الذى أقامته بين آثار الحكم جنائيا وآثاره اداريا فى الطعن رقم (5) ق يتسم بشئ من الشدة ويصعب التسليم به دون تحفظ فاصدرت هذه المحكمة حكمها بجلسة 13 من مارس سنة 1965 فى الطعن رقم 320 لسنة 10 ق بما يفيد أنه اذا أمر الحكم الجنائى بأن يكون ايقاف التنفيذ شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الامر الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين اذ أن طبيعتها جميعا واحدة، ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها ما دام انها كلها من آثار الحكم الجنائى.
5 - ان وقائع الطعن الراهن وعناصره اللازمة للفصل فيه هى واضحة محددة وفى غنى عن كل ما اثاره الطاعن فى مذكراته من جدل حول فروض. فمحكمة جنايات قنا أمرت فى حكمها الصادر فى 9 من مارس سنة 1959 بحبس الطاعن مع الشغل لمدة ستة شهور فى جناية احراز سلاح (مشخشن) بدون ترخيص، وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة الاصلية دون عقوبة العزل ولم يطعن فى هذا الحكم، ومؤدى ذلك عزل الطاعن نهائيا من وظيفته أعمالا لنص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذى كان سارى المفعول وقتذاك. وهو عزل وقع بقوة القانون وتم فعلا قبل صدور القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة ويوم صدوره فى 12 من فبراير سنة 1964 ونشره فى 18 منه والعمل بأحكامه من أول يوليو سنة 1964 لم يكن الطاعن فى عداد أولئك العاملين الذين لا تسرى أحكام القانون الجديد الا عليهم أما الطاعن فقد كان معزولا من وظيفته حتما بقوة القانون من تاريخ صدور حكم محكمة جنايات قنا عليه فى 9 من مارس سنة 1959.


اجراءات الطعن

فى 5 من يوليو سنة 1961 أودع الأستاذ المحامى عن السيد/ أحمد يوسف حامد سكرتارية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1413 لسنة 7 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة 24 من ديسمبر سنة 1960 فى الدعوى رقم 880 لسنة 7 القضائية المقامة من السيد الطاعن ضد وزارة الأوقاف، والذى قضى: (برفض الدعوى والزام المدعى المصروفات). وطلب السيد الطاعن للأسباب التى استند اليها فى صحيفة طعنه: (قبول هذا الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، وبالغاء القرار الادارى المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، مع الزام المطعون عليهما - وزارة الأوقاف ووزارة الاصلاح الزراعى - المصروفات ومقابل الأتعاب.). وقد أعلن هذا الطعن الى كل من وزارتى الاصلاح الزراعى فى 13 من يوليو سنة 1961 والأوقاف فى 16 منه وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16 من نوفمبر سنة 1963 وفيها طلبت الحكومة التأجيل للاستعداد ثم بجلسة 28 من مارس سنة 1964 قررت الدائرة احالة الطعن للمرافعة أمام المحكمة الادارية العليا بجلسة 3 من أكتوبر سنة 1964 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت المحكمة ارجاء النطق بالحكم الى جلسة 31 من أكتوبر سنة 1964 ورخصت للطاعن فى تقديم مذكرة وللحكومة الرد عليها مع تبادل الاطلاع. وفى 21 من أكتوبر سنة 1964 تقدم الطاعن بطلب أعادة الطعن الى المرافعة لأن الموضوع يتعلق بتقرير مبدأ مدى تطبيق القانون الأصلح على حالة الطاعن. فقررت المحكمة قبول الطلب. وكلفت الحكومة بضم ملف خدمة الطاعن ورخصت فى تقديم صورة رسمية من حكم محكمة جنايات قنا بجلسة 9 من مارس سنة 1959 فى الجناية رقم 708 لسنة 1958 وبجلسة 21 من نوفمبر سنة 1964 قررت المحكمة التأجيل لتنفيذ القرار السابق، وبجلسة 2 من يناير سنة 1965 قدم الحاضر عن الطاعن صورة غير رسمية من الحكم الصادر فى قضية النيابة العامة رقم 708 لسنة 1958 وصمم على أسباب طعنه. ثم تقدمت الحكومة بدفاعها عن وزارتى الأوقاف والاصلاح الزراعى وانتهت الى طلب تأييد الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع الزام الطاعن مصروفاتها. ثم قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرها بالرأى القانونى وفيه خلصت الى رفض الطعن مع الزام صاحبه المصروفات. وبجلسة 20 من مارس سنة 1965 قررت المحكمة أرجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 880 لسنة 7 القضائية أمام المحكمة الادارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بصحيفة أودعها أولا سكرتارية المحكمة الادارية لرئاسة الجمهورية فى 14 من يناير سنة 1960 برقم 38 لسنة 7 القضائية طلب فيها الحكم بالغاء القرار الصادر بانهاء خدمته من وزارة الأوقاف - وبجلسة 14 من أبريل سنة 1960 حكمت هذه المحكمة الأخيرة بعدم اختصاصها وباحالتها الى المحكمة الادارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية للاختصاص. وبجلسة 24 من ديسمبر سنة 1960 حكمت محكمة الصحة والأوقاف برفض الدعوى والزمت المدعى المصروفات.
وأقامت قضاءها هذا على أن المدعى - الطاعن - يطلب الحكم بالغاء القرار رقم 1559 الصادر من وكيل وزارة الأوقاف فى 20 من يوليو سنة 1960 بانهاء خدمته اعتبارا من 9 من مارس سنة 1959 تأسيسا على انه صدر من وكيل وزارة الأوقاف الذى هو غير مختص اذ الاختصاص معقود لوزارة الاصلاح الزراعى التى يعمل بها المدعى. وفضلا عن ذلك فان الفصل أصبح بعد صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 من اختصاص المحكمة التأديبية وحدها. ثم استطرد الحكم المطعون فيه قائلا انه قد بان للمحكمة الادارية لوزارة الأوقاف من ملف خدمة الطاعن انه فى 27 من فبراير سنة 1950 أصدر وزير الأوقاف قرارا بتعيين المدعى بوظيفة كاتب فى الدرجة الثامنة، ثم صدر فى 21 من ديسمبر سنة 1958 القرار الوزارى رقم 1078 بندب المدعى وبعض من زملائه للعمل بالاصلاح الزراعى كل بمرتبه اعتبارا من أول ديسمبر سنة 1958 على أن يتحمل الاصلاح الزراعى بمرتباتهم ودرجاتهم الأخرى. وفى 17 من يناير سنة 1959 أصدر المدير العام لهيئة الاصلاح الزراعى القرار رقم 17 باعتماد هذا الندب، واستند القرار المذكور على سابق موافقة وزارة الأوقاف على ندب أولئك الموظفين. وعلى ضوء هذا القرار فان المركز القانونى للمدعى يكون قد تحدد وهو انه ما زال يعتبر من موظفى وزارة الأوقاف لأن الندب وهو بطبيعته اجراء مؤقت لا يترتب عليه أن تنقطع العلاقة الوظيفية بينه وبين الجهة المنتدب منها، وغاية ما فى الأمر خضوعه فى مباشرته للعمل للجهة المنتدب اليها (الاصلاح). وانتقل الحكم المطعون فيه الى القول بأن المدعى كان قد قدم الى محكمة جنايات قنا لاتهامه فى القضية رقم 708 لسنة 1958 بندر قنا سنة 1958 لأنه فى 5 من يونيو سنة 1958 ببندر قنا أحرز (طبنجه) بدون ترخيص.
وقد حكمت محكمة جنايات قنا بجلسة 9 من مارس سنة 1959 بمعاقبة المدعى بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور، وأمرت بوقف التنفيذ، وذلك بالتطبيق لنص المادتين (55، 56 من قانون العقوبات). ثم بعد صدور هذا الحكم أصدر السيد / وكيل وزارة الأوقاف قرارا فى 20 من يولية سنة 1960 بفصله من الخدمة استنادا الى المادة 107 من قانون موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 واستطرد الحكم المطعون فيه يقول أن مثار النزاع فى الدعوى هو ما اذا كان الحكم الصادر من محكمة جنايات قنا بمعاقبة المدعى فى جناية احراز طبنجة بدون ترخيص، بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور مع وقف تنفيذ عقوبة الحبس يمنع الادارة من انهاء خدمة المدعى بالتطبيق للفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أم لا يمنعها؟ ثم قال الحكم أن لكل من العزل كعقوبة جنائية. والعزل كجزاء تأديبى أم ادارى مجاله وأوضاعه وشروطه وأحكامه الخاصة به فى التطبيق، وانه ليس ثمة تلازم بينهما فى جميع الأحوال، وان كان قد يقع التلاقى فى تحقيق الأثر فى بعض الأحوال فلا يجوز اذن تعطيل أحكام قانون التوظف فى مجال تطبيقها متى قام موجبها واستوفت أوضاعها وشروطها. وانتهى الحكم المطعون فيه الى أن المدعى يعتبر مفصولا من الخدمة اعتبارا من 9 من مارس سنة 1959 تاريخ الحكم عليه من محكمة جنايات قنا، وذلك طبقا لأحكام الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وأن القرار الادارى الصادر بانهاء خدمة المدعى يعتبر اعلانا للشهرة وتنبيها لادارة المستخدمين باتخاذ الاجراءات اللازمة فى هذا الخصوص وبالتالى فلا جدوى من البحث عما اذا كان هذا القرار الأخير قد صدر من مختص أم من غير مختص فالدعوى قامت على غير أساس سليم من القانون ويتعين رفضها..
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون (1) لان الثابت أن القرار المطعون فيه أنهى خدمة الطاعن استنادا الى الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بسبب الحكم عليه بعقوبة جنحة فى جناية احراز سلاح بدون ترخيص وانهاء الخدمة بهذه الصورة اجراء باطل لان العزل لا يمكن أن يعتبر من العقوبات التبعية بقوة القانون الا فى حالة الحكم على موظف بعقوبة جناية بالتطبيق لأحكام المادتين (24، 25) من قانون العقوبات (2) ان قرار الفصل حتى بفرض صحة صدوره فقد صدر ممن لا يملكه لان القرار المطعون فيه صدر من وكيل وزارة الأوقاف فى الوقت الذى كان الطاعن يعمل فيه بوزارة الاصلاح (3) ان احراز السلاح ليس عملا مكروها أو شائنا أو مخلا بالشرف أو مخالفا للدين أو الأخلاق بل هو عمل مشروع أباحه القانون ومن ثم يكون تأسيس الفصل على ارتكاب هذا الفعل غير جائز وبالتالى يكون القرار فاقدا لركن السبب. وانتهى تقرير طعن الطاعن الى طلب قبول طعنه شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، وبالغاء القرار الادارى الصادر بفصله.
ومن حيث انه قد بان لهذه المحكمة من الاطلاع على أوراق الطعن ومن ملف خدمة الطاعن ومن صورة الحكم الجنائى المقدم بجلسة المرافعة من الحاضر عن الطاعن أن محكمة جنايات قنا أصدرت بجلستها المنعقدة فى 9 من مارس سنة 1959 حكمها فى قضية النيابة العامة رقم 708 لسنة 1958 جنايات قنا المتهم فيها الطاعن أحمد يوسف حامد بأنه فى يوم 5 من يونيو سنة 1958 بدائرة بندر قنا أحرز السلاح النارى (طبنجه) بغير ترخيص كما أحرز الطلقات المبينة بالمحضر وطلبت النيابة العامة معاقبة المتهم بالمواد (1، 6، 26، 30) من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 القسم الأول ( أ ) وقضت محكمة الجنايات فى الجناية المذكورة بالحكم الآتى: (حكمت المحكمة حضوريا بمعاقبة أحمد يوسف حامد بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم، وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة). وفى 20 من يوليو سنة 1959 أصدر السيد وكيل وزارة الأوقاف القرار رقم 1559 بانتهاء خدمة السيد/ أحمد يوسف حامد الكاتب المراجع من الدرجة السابعة بتفتيش أسيوط، والمنتدب للهيئة العامة للاصلاح الزراعى اعتبارا من 9 من مارس سنة 1959 تاريخ الحكم عليه فى القضية رقم 708 لسنة 1958 جنايات قنا وذلك بعد الاطلاع على كتاب الهيئة العامة للاصلاح الزراعى المؤرخ 28/ 7/ 1959 برقم 298 المبلغ به صورة من كتاب نيابة قنا الكلية المبلغ لها فى 27/ 4/ 1959 الذى يفيد أن محكمة جنايات قنا قد حكمت بتاريخ 9/ 3/ 1959 على السيد المذكور بالحبس ستة أشهر مع الشغل ومع ايقاف تنفيذ العقوبة وانه لم يطعن فى الحكم المذكور. وقد صدر القرار رقم 1559 بانهاء خدمة الطاعن تأسيسا على نص المادة 107 فقرة ثامنة من القانون رقم 210 لسنة 1951 ولما يكن قد صدر بعد القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة فى 12 من فبراير سنة 1964.
ومن حيث أن الأصل، وفقا لأحكام قانون العقوبات، انه يترتب على الحكم الجنائى سقوط الحق فى تقلد الوظائف العامة أو فى البقاء فيها وذلك فى حالات وبشروط معينة. تنقسم العقوبات باعتبار أصالتها أو تبعيتها الى: عقوبة أصلية وهى التى ترد حتما فى الحكم وتكفى بذاتها للعقاب، ولا يتصور حكم جنائى دون نص عليها وقد يأتى الحكم بها دون غيرها كالسجن والحبس والغرامة (المواد من 13 الى 23) - وعقوبة تبعية وهى التى تترتب حتما فى الحالات التى نص القانون عليها أثر الحكم باحدى العقوبات الأصلية ولو لم ينص القاضى عليها صراحة فى حكم الادانة (المواد من 24 الى 31) كالحرمان من الحقوق والمزايا التى ذكرتها المادة (25) عقوبات وفى مقدمة هذه المزايا القبول فى أى خدمة فى الحكومة أيا كانت أهمية الخدمة، وكوضع المحكوم عليه تحت مراقبة البوليس فى بعض الحالات - وعقوبة تكميلية - وهذه تماثل العقوبة التبعية فى كونها لا تقوم على استقلال بل تلحق بعقوبة أصلية أخرى، ومع ذلك فانها تختلف عن التبعية فى كونها لا تطبق الا حيث ينطق بها القاضى صراحة فى حكمه المنطوى على العقوبة الأصلية ومن أمثلة العقوبة التكميلية، الحرمان من الوظيفة فى الحالات المنصوص عليها فى المادة 27 عقوبات والتى تنص على أن: (كل موظف ارتكب جناية مما نص عليه فى الباب الثالث والرابع والسادس، والسادس عشر من الكتاب الثانى من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس، يحكم عليه أيضا بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه). والعقوبات التكميلية هى بدورها نوعان: وجوبية يتعين على القاضى النص عليها فى حكمه، والا كان قابلا للطعن، وجوازيه يكون للقاضى أن يحكم بها ان شاء أو انه لا يحكم بها. وقد نصت المادة 26 عقوبات على أن (العزل من وظيفة أميرية هو الحرمان من الوظيفة نفسها، ومن المرتبات المقررة لها. وسواء كان المحكوم عليه بالعزل عاملا فى وظيفته وقت صدور الحكم عليه، أو غير عامل فيها، لا يجوز تعيينه فى وظيفة أميرية، ولا نيله أى مرتب مدة يقدرها الحكم، وهذه المدة لا يجوز أن تكون أكثر من ست سنين، ولا أقل من سنة واحدة). وفى مجال قانون العقوبات لا يرد العزل من الوظائف الأميرية، أبدا كعقوبة أصلية لأن العقوبات الأصلية وردت فى القسم الأول من الباب الثالث من قانون العقوبات على سبيل الحصر والتحديد (الاعدام، والأشغال الشاقة المؤبدة، والمؤقتة، والسجن، والحبس والغرامة)، وانما قد يرد العزل من الوظيفة الأميرية كعقوبة تبعية أو كعقوبة تكميلية تحت أى من نوعيها، الوجوبى، أو الجوازى. فمتى صدر حكم جنائى، وكان المحكوم عليه موظفا عاما أثر هذا الحكم الجنائى على مركزه الوظيفى فأدى الى عزله على وجه التأييد تاره، وبصفة مؤقتة تارة أخرى. وهذا العزل هو الذى يكون العقوبة التبعية للعقوبة الأصلية التى قضى بها الحكم الجنائى ولكن العزل من الوظيفة الأميرية لا يتم دائما بقوة القانون، وكنتيجة حتمية لصدور الحكم ذاته، فقد يتطلب فى بعض الحالات اشارة صريحة به فى الحكم الصادر بالادانة، وذلك حسبما يكون العزل عقوبة تبعية أو عقوبة تكميلية. وترتيبا على ذلك فانه فى مجال تطبيق قانون العقوبات، يكون العزل عقوبة تبعية أى يتم بقوة القانون، ودون حاجة الى النص عليه فى الحكم متى حكم على الموظف بعقوبة جناية (بالاعدام، أو بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بالسجن) ويستوى فى ذلك أن توقع عقوبة الجناية هذه بمناسبة جناية أو جنحة. والعزل فى هذه الحالة مؤبد يؤدى الى حرمان الموظف من وظيفته بصفة نهائية، وعدم أهليته مستقبلا لتقلد أى وظيفة عامة. ذلك ما نصت عليه صراحة المادة 25 من قانون العقوبات. أما اذا كان العزل عقوبة تكميلية فانه لا يقع الا باشارة صريحة فى الحكم حسبما سلف الايضاح ويظهر ذلك فى حالات منها: الحكم على الموظف بالحبس فى بعض الجنايات كالرشوة، واختلاس الأموال الأميرية، والغدر، والاكراه وسوء المعاملة من الموظفين لأفراد الناس، والتزوير. والعزل فى هذه الحالات عقوبة تكميلية وجوبية أى لابد من النص الصريح عليه فى الحكم. وهذا النوع من العزل هو عزل مؤقت لا تنقص مدته عن سنة أو عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها على الموظف أيهما أكبر ومع ذلك فلا يجوز أن تزيد المدة فى كل الأحوال على ست سنوات - وهناك عزل فى مجال العقوبات عند الحكم على الموظف بعقوبة جنحة فى بعض جنح أشار المشرع بمناسبتها الى ضرورة النص على عزل الموظف فى الحكم الصادر عليه بالادانة. فالعزل هنا هو أيضا عقوبة تكميلية وجوبية - كما انه عزل مؤقت لا تقل مدتة عن سنة، ولا تزيد على ست سنوات. مثال ذلك (كل قاضى امتنع عن الحكم أو صدر منه حكم ثبت أنه غير حق بسبب التوسط لديه، يعاقب بالحبس، وبالعزل) واذا امتنع أحد القضاة عن الحكم يعاقب بالعزل وبغرامة، وكل موظف عام اشترى بناء على سطوة وظيفته ملكا قهرا عن مالكه يعاقب بحسب درجة ذنبه بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وبالعزل فضلا عن رد الشىء..... وهنالك عزل بمثابة عقوبة تكميلية ولكنه جوازى للقاضى عند الحكم على الموظف بعقوبة جنحة فى جنح معينة أخرى. ومن ذلك ما نصت عليه المادة 127 عقوبات (كل موظف عمومى أمر بعقاب المحكوم عليه أو عاقبه بنفسه بأشد من العقوبة المحكوم بها عليه قانونا يجازى بالحبس أو بغرامة ويجوز أن يحكم عليه أيضا مع هذه العقوبة بالعزل). تلك هى الحالات التى يؤدى فيها الحكم الجنائى، وفقا لأحكام قانون العقوبات، الى عزل الموظف. وهذا العزل قد يكون نهائيا أو موقوتا. وقد يكون وجوبيا أو اختياريا. وقد يقع بقوة القانون فى بعض الحالات، وقد يكون بناء على اشارة ترد بحكم الادانة فى بعضها الآخر. فالمشرع الجنائى لا يرتب على الأحكام الجنائية آثارا موحدة فى العلاقة الوظيفية بل أثارا متفاوتة تختلف من حكم الى آخر. مستهديا فى ذلك كله بجسامة الجريمة جناية أم جنحة، وبجسامة العقوبة الموقعة عليه، وبما اذا كانت عقوبة جناية أم عقوبة جنحة، وأخيرا بنوع الجرم المنسوب الى الموظف العام، وما اذا كان متصلا أم بعيدا عن شئون وظيفته. ذلك هو ما كان يترتب على الحكم الجنائى من أثر على الوظيفة العامة وفقا لأحكام العقوبات. وبقى الحال على ذلك الى أن صدر قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 والذى أصبح نافذ المفعول من أول يوليو سنة 1952، فقد نص الفصل الثامن من قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 على انهاء خدمة الموظفين المعينين على وظائف دائمة ونصت المادة 107 منه على أن (تنتهى خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية:
(1) بلوغ السن المقررة لترك الخدمة.....
(8) الحكم عليه فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف......
(9) الموت.....).
ومؤدى ذلك ان الحكم الجنائى يؤدى ابتداء من أول يوليو سنة 1952 وفقا لأحكام القانون الادارى، الى عزل الموظف العام فى حالتين:
( أ ) اذا كان حكما صادرا فى جناية. والجنايات هى الجرائم المعاقب عليها بالاعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن (المادة العاشرة من قانون العقوبات) فمتى ثبت هذا الوصف فى الفعل المنسوب الى الموظف العام والذى جوزى عليه من أجله فلا مفر من أن يؤدى الحكم الصادر عليه بادانته الى عزله، سواء أتضمن الحكم توقيع عقوبة جناية، أى عقوبة من العقوبات الأربعة السالف ذكرها أم تضمن توقيع عقوبة جنحة الحبس الذى يزيد أقصى مدته على أسبوع أو الغرامة التى يزيد أقصى مقدارها على جنيه واحد -. فقد يحدث ذلك فى حالات معينة نص عليها القانون ومن بينها حالة الطاعن فى الطعن الراهن. وواضح من نص المادة 107 أن المشرع فى القانون رقم 210 لسنة 1951 لم يفرق بين الأحكام الصادرة فى جناية من حيث أثرها على مركز الموظف تبعا لنوع العقوبة التى تتضمنها، وهو كذلك لم يفرق بين جناية وجناية تبعا لكونها مخلة بالشرف أو غير مخلة به. فتتساوى فى الأثر جناية القتل العمد، وجناية الرشوة كما تتساوى جناية احراز سلاح دون ترخيص، وجناية هتك العرض. فكلها أحكام صادرة فى جنايات وكلها تنهى العلاقة حتما ويحكم القانون بين الموظف والدولة.
(ب) اذا كان الحكم صادرا فى جنحة أو مخالفة وقدرته الجهة الادارية التابع لها الموظف أن الجريمة فى أى من هاتين الحالتين مخلة بالشرف. وقد سكت القانون عن وضع تعريف للجريمة المخلة بالشرف كما سكت عن تقديم أمثلة للجريمة التى تتسم بهذا الوصف. الا ان ذلك لا يعنى البته استقلال السلطة الادارية بتكييف الجريمة بل هى تخضع لرقابة القاضى الادارى عند الطعن أمامه بالالغاء. وغنى عن القول أن العزل المترتب على حكم جنائى يتميز عن غيره من حالات انتهاء الخدمة كالاستقالة أو العزل بحكم تأديبى أو الفصل بقرار جمهورى، بأوصاف خاصة منها ما سبق أن قضت به هذه المحكمة العليا من أن خدمة الموظف تنتهى بالحكم عليه فى جناية - أو جريمة مخلة بالشرف - بقوة القانون. ودون حاجة الى استصدار قرار بالعزل. فان صدر مثل هذا القرار - وفى الطعن الراهن قرار وزارة الأوقاف رقم 1559 فى 20/ 7/ 1959 بانهاء خدمة الطاعن اعتبارا من 9 من مارس سنة 1959 تاريخ الحكم عليه فى جناية احراز سلاح بدون ترخيص. اعتبر من قبيل الاجراءات التنفيذية اللازمة لتنفيذ حكم القانون (الفقرة الثامنة من المادة 107 والفقرة السابعة من المادة 130 من القانون رقم 210 لسنة 1951) وترتيبا على ذلك فان الموظف أو المستخدم الذى انتهت خدمته بحكم جنائى لا يتأتى له العودة الى عمله الا بقرار تعيين جديد فيما لو جازت هذه الاعادة قانونا. واستناد الطاعن الى موقف جهة الادارة أمر لا يعول عليه أمام التمسك بحكم القانون. كما انه لا محل للقول بضرورة عرض قرار العزل واستصداره من مجلس التأديب أو من المحكمة التأديبية - على النحو الذى ذهب اليه الطاعن فى الطعن الراهن - ذلك أن العزل فى الصورة التى نحن بصددها لا ينطوى على عقوبة تأديبية يختص بها مجلس التأديب أو أية سلطة تأديبية أخرى، وانما يتم بالفعل منذ اللحظة التى أصبح فيها الحكم الجنائى نهائيا وثابت فى أوراق ملف الطعن أن الطاعن لم يطعن فى حكم جنايات قنا وان كان الحكم فى الجناية صدر بعقوبة الحبس وقد وقع هذا كله قبل يوم 12 من فبراير سنة 1964 تاريخ صدور القرار بالقانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة. فقد استحدث المشرع الجديد وضعا يختلف فى الفقرة السابعة من المادة 77 منه عن الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون 210 لسنة 1951، فصار النص الجديد منذ فبراير سنة 1964 هو. "تنتهى خدمة العامل لأحد الأساليب الآتية:
(1) بلوغ السن.....
(7) الحكم عليه بعقوبة جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ويكون الفصل جوازيا للوزير المختص اذا كان الحكم مع وقف تنفيذ العقوبة.".
ومن حيث انه عما أثاره تقرير الطعن عن مدى أثر الحكم بوقف تنفيذ العقوبة فى المجال الادارى وعلى رابطة الوظيفة العامة، وبعبارة أخرى تعلق تنفيذ الأحكام على شرط، تنص المادة 55 من قانون العقوبات على انه (يجوز للمحكمة عند الحكم فى جناية أو جنحة بالغرامة أو بالحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر فى نفس الحكم بايقاف تنفيذ العفوبة اذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التى ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بانه لن يعود الى مخالفة القانون ويجب أن تبين فى الحكم أسباب ايقاف التنفيذ. - ويجوز أن يجعل الايقاف شاملا لأية عقوبة تبعية، ولجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم.).
فالمشرع الجنائى قد أجاز للقاضى وبشروط معينة، يتعلق بعضها بالجريمة موضوع المحاكمة، وبعضها بالعقوبة المحكوم بها، والبعض الآخر بحالة المجرم، أجاز له أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة.
والأصل هو أن ينصرف الوقف الى العقوبة الأصلية وحدها لأنه نظام يرمى الى تهديد المجرم بالحكم الصادر بالعقوبة فخول الشارع للقاضى السلطة فى أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التى يصدر بها حكمه مدة معينة من الزمن تكون بمثابة فترة للتجربة، يطالب المحكوم عليه بأن لا يعود فى خلالها الى ارتكاب جريمة جديدة اذا هو أراد أن يفلت نهائيا من العقوبة المحكوم بها عليه، وأن يعتبر الحكم الصادر بها كأن لم يكن، والا نفذت عليه هذه العقوبة فضلا عما يحكم به عليه للجريمة الجديدة. ومع ذلك فللقاضى أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبات الثانوية من تبعية أو تكميلية بل ان للقاضى أن يمد أثر الوقف الى كافة الآثار الجنائية المترتبة على الحكم. أما قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 فقد اكتفى بالاشارة الى الحكم الذى يصدر على الموظف فى جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف باعتبار الحكم سببا من أسباب انتهاء خدمة الموظف أى انه قد ذكر فى النص لفظ (الحكم عليه) دون وصف خاص. فاذا أمر القاضى بوقف تنفيذ العقوبة الأصلية وما يتبعها من عقوبات فهل يترتب على الحكم رغم ذلك - وفى ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 أى الفقرة الثامنة من المادة 107 قطع العلاقة التى تربط الموظف بالدولة؟ ان هذه المحكمة العليا قد أجابت على ذلك فى حكمها الأول فى هذا الصدد (الطعن رقم 5 لسنة 4 ق بجلسة 12 من يوليو سنة 1958 بما يفيد انها فرقت تماما بين الميدان الجنائى من ناحية والميدان الادارى من ناحية أخرى. فالحكم له فى الميدان الجنائى أحكامه الخاصة وله كذلك أثاره التى تختلف فى حالة وقف تنفيذ العقوبة عنها فى حالة شمولها بالنفاذ. أما الميدان الادارى فيستقل بذاته، وللحكم فى نطاقه أحكامه وآثاره المتميزة، ومن بين هذه الآثار انهاء العلاقة الوظيفية، وهى نتيجة تترتب على الحكم سواء أكانت العقوبة التى تضمنها واجبة النفاذ أم انه قد أمر بوقف تنفيذها اذ ان هذا الاختلاف قد يكون له أثره فى مدى نفاذ العقوبة فى الميدان الجنائى ولكنه فى الميدان الادارى عديم الأثر. فلكل من العزل كعقوبة جنائية بالتطبيق لأحكام قانون العقوبات، والعزل تأديبيا كان أم اداريا، وبالتطبيق لأحكام قانون موظفى الدولة، لكل مجاله وأوضاعه وشروطه وأحكامه الخاصة به فى التطبيق. ثم عادت هذه المحكمة العليا بعد اذ أدركت أن الحاجز الذى اقامته بين آثار الحكم جنائيا وآثاره اداريا فى الطعن رقم (5) لسنة 4 ق يتسم بشئ من الشدة ويصعب التسليم به دون تحفظ فأصدرت هذه المحكمة حكمها بجلسة 13 من مارس سنة 1965 فى الطعن رقم 320 لسنة 10 ق بما يفيد انه (اذا أمر الحكم الجنائى بأن يكون ايقاف التنفيذ شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر الى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين اذ ان طبيعتها جميعا واحدة، ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها مادام انها كلها من آثار الحكم الجنائى فاذا كانت محكمة جنايات الفيوم عندما قضت فى حكمها الصادر فى 19/ 9/ 1962 بحبس المطعون عليه ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمه ثلاثة جنيهات أمرت بايقاف تنفيذ العقوبة على أن يكون الايقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم، فانها قد استهدفت بحكمها المقترن بايقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية المحافظة على مركز المطعون عليه الوظيفى وعدم الاضرار بمستقبله وكان مؤدى احترام حجية هذا الحكم ابقاء المطعون عليه (محمد عبد الكريم سالم) فى وظيفته، وعدم اعمال حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فى حقه باعتبار ان انهاء الخدمة وفقا لحكم هذه الفقرة من الآثار الجنائية التى أوقف الحكم تنفيذها.). ومهما يكن من أمر فان وقائع الطعن الراهن وعناصره اللازمة للفصل فيه هى واضحة محددة وفى غنى عن كل ما أثاره الطاعن فى مذكراته من جدل حول فروض. فمحكمة جنايات قنا أمرت فى حكمها الصادر فى 9 من مارس سنة 1959 بحبس الطاعن مع الشغل لمدة ستة شهور فى جناية احراز سلاح (مشخشن) بدون ترخيص، وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة الأصلية دون عقوبة العزل ولم يطعن فى هذا الحكم، ومؤدى ذلك عزل الطاعن نهائيا من وظيفته اعمالا لنص الفقرة ال�

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 39 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

القانون رقم 120 لسنة 1960 بأجازة تسوية المعاش على أساس ضم سنتين لمدة الخدمة وفقا لشروط معينة - وجوب تقديم طلب ترك الخدمة للافادة من أحكامه خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نفاذه

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 9

(2)
جلسة 20 من نوفمبر سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد شلبى يوسف وعادل عزيز زخارى وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 428 لسنة 9 القضائية

موظف. (انتهاء الخدمة). (الاستقالة). معاش. القانون رقم 120 لسنة 1960 بأجازة تسوية المعاش على أساس ضم سنتين لمدة الخدمة وفقا لشروط معينة - وجوب تقديم طلب ترك الخدمة للافادة من أحكامه خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نفاذه - أساس ذلك مقتضى النص وظروف الحال وقصد المشرع كما أفصحت عند المذكرة الايضاحية.
ان طلب ترك الخدمة مع الافادة من المزايا المنصوص عليها فيه - وهى ضم سنتين الى مدة خدمة الموظف وحسابهما فى المعاش ومنح علاوتين من علاوات الدرجة - هذا الطلب جائز لكل موظف بلغ سن الخامسة والخمسين فى تاريخ نفاذ القانون رقم 120 لسنة 1960 أو خلال الثلاثة الأشهر التالية لهذا التاريخ. وأنه، وان كانت عبارة النص تدل فى ظاهرها وللوهلة الأولى أن تقديم طلب ترك الخدمة غير مقيد بميعاد، الا أن مقتضى النص وظروف الحال وقصد الشارع منه على نحو ما جاء بالمذكرة الايضاحية للقانون كل أولئك يقتضى اعتبار الثلاثة أشهر المشار اليها أجلا محددا لتقديم طلبات ترك الخدمة طبقا للقانون سالف الذكر فقد تضمن النص - فيما تضمن من مزايا - منح الموظف علاوتين من علاوات درجته بحيث لا يتجاوز بهما الدرجة نهاية مربوط الدرجة وقد جاء فى المذكرة الايضاحية تحديدا لهذه الدرجة، حسبما تقدم، أنها هى درجته الحالية ومقتضى ذلك أن المزايا التى يقررها النص لمن يتقدم بطلب ترك الخدمة من الموظفين مقيدة بحالته التى يكون عليها فى تاريخ نفاذ القانون أو فى الثلاثة أشهر التالية لهذا التاريخ فتضاف هذه المزايا الى حالته تلك... ومفهوم ذلك أن الطلب يتعين تقديمه خلال المدة المذكورة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - فى أن المطعون عليه السيد/ أحمد على حمزه أقام الدعوى رقم 402 لسنة 9 قضائية ضد وزارة الاقتصاد بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة الادارية لوزارة الحزانة والاقتصاد والتخطيط والصناعة والزراعة والتموين فى 26 من يولية سنة 1962 طالبا الحكم بتسوية معاشه طبقا لأحكام المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال - شرحا لدعواه - أنه كان يشغل وظيفة مدير ادارة الترقيات والبحوث بالمراقبة العامة للمستخدمين بوزارة الاقتصاد بالدرجة الثالثة الكتابية. وقد أحيل الى المعاش لبلوغه السن القانونية اعتبارا من أول فبراير لسنة 1962. وأنه لما كان من مواليد أول فبراير سنة 1902 وقد استوفت فى حقه كافة شروط المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 فتقدم للوزارة فى 4 نوفمبر سمو 1961 طالبا ترك الخدمة على أساس أن يسوى معاشه طبقا لأحكام هذه المادة ولكن الوزارة أصدرت فى 14 من ديسمبر سنة 1961 القرار رقم 1411 باحالته الى المعاش اعتبارا من أول فبراير سنة 1962 تاريخ بلوغه السن القانونية.. ثم ذكر المطعون عليه أن هذا القرار الأخير يتضمن فى واقع الحال رفضا لطلبه المقدم فى 4 من نوفمبر سنة 1961 وأن الوزارة قد تراخت فى البت فى طلبه الى ما بعد مضى الثلاثين يوما التى حددتها المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وهذا يعتبر قبولا ضمنيا لطلب الاستقالة وبذلك يكون قرارها الصادر فى 14 من ديسمبر سنة 1961 برفض هذا الطلب قد صدر باطلا لفقدانه ركن المحل ويتعين بالتالى الغاؤه مع ما يترتب على ذلك من آثار وتسوية معاشه طبقا للمادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960.. وقد ردت الوزارة على الدعوى بمذكرة مؤرخة فى 24 من سبتمبر سنة 1962 قالت فيها أن ديوان الموظفين رأى عدم جواز النظر فى طلبه لعدم تقديمه فى خلال الثلاثة شهور التالية لتاريخ نفاذ القانون المشار اليه ونظرا لأن ميعاد احالته الى المعاش كان فى آخر يناير سنة 1962 فقد أصدرت الوزارة القرار رقم 1411 لسنة 1961 باحالته الى المعاش اعتبارا من أول فبراير سنة 1962 ثم تظلم المطعون عليه ورأى السيد مفوض الدولة أن القانون المذكور لم يعين ميعادا لتقديم طلبات الانتفاع بأحكامه وانتهى الى أحقيته فى الانتفاع بأحكام هذا القانون وباعادة عرض الموضوع على ديوان الموظفين أصر على رأيه وقرر أن الجمعية العمومية للقسم الاستشارى للفتوى والتشريع بمجلس الدولة قد وافقت على هذا الرأى وأضافت الوزارة أن المطعون عليه كان يعمل مديرا لاحدى ادارات مراقبة المستخدمين وكان على علم بأن ترك الخدمة فى ظل أحكام القانون يستلزم منه المبادرة بتقديم طلبه فى الميعاد المحدد الا أن ذلك كان سيفوت عليه الترقية الى الدرجة الثالثة التى رقى اليها فعلا بعد شهور من انتهاء الميعاد المذكور وأن افادته من القانون بعد ترقيته فى هذا الميعاد ينطوى على مخالفة صريحة لقصد الشارع وانه لما كانت استقالته المقدمة بعد الميعاد تعتبر استقالة مقرونة بشروط فتعتبر بذلك كأن لم تكن طبقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وانتهت الوزارة الى طلب رفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات. وقد عقب المدعى على رد الوزارة بأن القول بأن هناك ميعادا لتقديم الطلبات هو قيد يرد على حرية جهة الادارة ولا يرد على حرية الموظف كما أنه يتنافى مع قصد المشرع والنص الصريح وأن المشرع لو قصد وضع ميعاد زمنى لنص على ذلك صراحة. وقدم السيد مفوض الدولة لدى المحكمة الادارية تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الدعوى انتهى فيه الى أنه يرى الحكم بالغاء القرار الضمنى الصادر من السيد وزير الاقتصاد برفض طلب المدعى اعتزاله الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 وما يترتب على ذلك من آثار وتسوية معاشه وفقا لأحكام القانون المذكور والزام الوزارة المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مستندا فى ذلك الى الأسانيد التى ساقها المدعى. وبجلسة 12 من يناير سنة 1963 قضت المحكمة الادارية بأحقية المدعى فى اعادة تسوية معاشه طبقا لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات. وبنت قضاءها - بعد أن استعرضت نص المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 ومذكرته الايضاحية - على أنه ولئن صح القول بأن طلب ترك الخدمة طبقا لهذا القانون خاضع لتقدير الجهة الادارية ولها أن تقبله أو ترفضه وفقا لمقتضيات المصلحة العامة، الا أنه من البديهى أن مثل هذا الطلب هو بمثابة استقالة فينبغى على جهة الادارة أن تراعى أحكام قانون موظفى الدولة التى تحكم الاستقالة وعلى الأخص الفقرة الأخيرة من المادة 110 منه من وجوب الفصل فى طلب ترك الخدمة طبقا للقانون رقم 120 لسنة 1960 خلال ثلاثين يوما من تاريخ تقديمه وألا اعتبرت الاستقالة مقبولة بقوة القانون وذلك متى توافرت فى حق مقدم الطلب الشروط المنصوص عليها بالقانون المذكور. ثم ذكرت المحكمة أنه لا نزاع فى أن المدعى قد توافرت فيه هذه الشروط ولكن الخلاف يدور حول ميعاد تقديم الطلب وما اذا كان ذلك مقيدا بفترة الثلاثة أشهر التالية لتاريخ نفاذ القانون وردت على ذلك بأن هذه الفترة كما يبين من استعراض المادة الأولى من القانون المشار اليه، قد حددت لبلوغ الموظف سن الخامسة والستين حتى يستفيد من أحكام القانون ولم يحدد القانون تاريخا بذاته لتقديم الطلب كما لم يقرنه بفترة محددة. وانه لما كان المدعى قد قام طلبه فى 4 من نوفمبر سنة 1961 فان القرار الضمنى برفضه والصادر فى 14 من ديسمبر سنة 1961 يكون قد جاء بعد انقضاء ثلاثين يوما من تاريخ تقديمه وبعد أن أصبحت الاستقالة مقبولة بحكم القانون وبالتالى فان الرفض يكون قد ورد على غير محل. وبصحيفة أودعت سكرتارية هذه المحكمة فى 11 من مارس سنة 1963 طعنت وزارة الاقتصاد فى هذا الحكم واستندت فى طعنها الى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله فيما ذهب اليه من أن القانون رقم 120 لسنة 1960 لم يحدد تاريخا بذاته لتقديم الطلب ورتب على ذلك قبول هذا الطلب وصحته واعتبار الاستقالة بالتالى مقبولة بحكم القانون - ذلك لأنه لا يجوز طلب ترك الخدمة بعد انقضاء فترة الثلاثة أشهر المشار اليها بالمادة الأولى من القانون المذكور حسبما انتهت اليه الجمعية العمومية للقسم الاستشارى بمجلس الدولة اذ أن المدعى (المطعون عليه) كان يعلم علم اليقين أن المبادرة بتقديم هذا الطلب خلال الثلاثة أشهر المنصوص عليها بالقانون سيفوت عليه الترقية الى الدرجة الثالثة التى رقى اليها فعلا بعد شهور من انتهاء هذا الميعاد ومن ثم وتأسيسا على ما تقدم يكون طلبه المقدم فى 4 من نوفمبر لسنة 1961 لا يعدو أن يكون استقالة عادية يدخل فى نطاق المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ولا يحكمها الاستثناء المقرر فى القانون رقم 130 لسنة 1960، ولما كانت هذه الاستقالة مقترنة بقيد ومعلقة على شرط فانها تعتبر كأن لم تكن بحكم الفقرة الأخيرة من المادة 110 سالفة الذكر ويكون بالتالى قرار الاحالة الى المعاش لبلوغ السن القانونى قرارا صحيحا مستوفيا لأركانه.. وقد رد المطعون عليه على الطعن بمذكرة قال فيها أن نص القانون رقم 120 لسنة 1960 لم يتضمن - تصريحا أو تلميحا - موعدا لتقديم طلبات ترك الخدمة ولو شاء تحديد موعد لنص على ذلك صراحة كما فعل فى القوانين الأخرى فضلا عن أن تحديد هذا الموعد لا يكون قيدا على حرية الطالب وانما هو قيد على حرية جهة الادارة تتقيد به عند البت فى الطلب فى حدود القانون.. كما أن المستفاد من نص القانون المذكور أن بلوغ سن الخامسة والستين شرط للطلب فلا يصح الطلب فقد تحققه. واذا فرض أن الشارع قصد تحديد موعد على النحو الذى ارتأته الوزارة من 3 من أبريل لسنة 1960 (تاريخ صدور القانون) الى 7 من يولية سنة 1960 (نهاية مدة الثلاثة أشهر) فان هذا الموعد يطول أو يقصر تبعا لحالة الطالب ومن ثم فلا يتحقق العدل بينهم. ثم ذكر المطعون عليه أنه لا يجوز تقديم طلب قبل بلوغ السن المنوه عنها لأن الطلب لا يكون صالحا للنظر الا بعد بلوغ هذه السن وذلك حتى لا يحصل تضارب فى التطبيق وأورد على ذلك مثلا بأحد الموظفين كان يبلغ السن المشار اليها فى أول يوليو لسنة 1960 وتقدم بطلب ترك الخدمة فى أول مايو لسنة 1960 فان وافقت الجهة الادارية على طلبه فى الثلاثين يوما المحددة للبت فى الطلبات تكون قد خالفت نص القانون 120 لسنة 1960 لعدم توافر شرط السن فى هذا التاريخ وأن هى تراخت فى البت فى الطلب الى ما بعد فوات الثلاثين يوما فان الاستقالة تعتبر مقبولة - بحكم القانون 210 لسنة 1951 - اعتبارا من أول يونية أى فى وقت لم يكن الطالب قد تحقق فيه شرط بلوغ تلك السن ويكون هذا تضاربا ظاهرا لا يمكن أن يغفل عنه الشارع. أما عن الدرجة المالية التى يعامل بها الموظف ويمنح علاوتان من علاواتها ولا يتجاوز بهما نهاية مربوطها فيقول المطعون عليه انها هى درجة الموظف حال قبول استقالته وتركه الخدمة اعمالا لأحكام القانون وليست درجته عند صدور القانون كما تقول الوزارة الطاعنة. وانتهى المطعون عليه الى طلب رفض الطعن والزام الوزارة بالمصروفات. ثم قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الطعن انتهت فيه الى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه والزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة واستندت فى ذلك الى نفس الأسانيد التى استند اليها المطعون عليه وأضافت اليها أنه لا وجه لما تتحدى به الحكومة - من أن تسوية معاش الموظف انما تتم بالحالة التى تكون عليها وقت تقديم الطلب خلال الثلاثة شهور المحددة فى القانون فاذا كان قد أصابه ترقية بعد هذه المدة يكون قصد الشارع قد تخلف - ذلك لأن هذا القول يبنى بحكم اللزوم على الأخذ بفكرة أن هناك موعدا لتقديم الطلبات وهو أمر استبعدته هيئة المفوضين. وقد عقبت الحكومة بمذكرة صممت فيها على الطلبات الواردة بتقرير الطعن واستندت فى ذلك الى الأسباب السابق ابداؤها به وأضافت اليها أن شرط الافادة من الأحكام التى تضمنها نص المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 أن يكون الموظف قد تقدم بطلب يلتمس فيه ترك الخدمة والمستفاد بحكم اللزوم أن يتحقق هذا الشرط ويقوم فى فترة سريان النص وهى الثلاثة أشهر التالية لنفاذه اذ من غير المقبول أن يترك الميعاد مفتوحا الى أى مدى ولمطلق اختيار الموظف الذى لن يقبل على ذلك بداهة الا قبل تاريخ بلوغه السن القانونية بأيام معدودة حتى يفيد فى صرف مرتبه كاملا طول مدة خدمته وما دام أن يضمن فى النهاية الافادة من المزايا التى وردت بالقانون وفى هذه الحالة يكون شرط تقديم طلب ترك الخدمة بغير معنى ومجرد عبث بل أنه يؤدى الى تجريد القانون من دلالته فبدلا من أن يكون قانونا بتيسير اعتزال الخدمة، على نحو ما أطلق عليه المشرع، يصبح وكأنه يقرر معاشات استثنائية بدون موجب لفئة الموظفين لا لشىء الا لأنهم كانوا قد بلغوا سن الخامسة والخمسين فى وقت معين مع أن هذا القانون انما قرر مزايا بعوض أو بمقابل والذى يتمثل فى اعتزال الموظف للخدمة فى مدة الثلاثة أشهر المنوه عنها ثم أردفت الحكومة قائلة انه يؤكد المعنى الذى تقول به أن المشرع، وهو بصدد ترغيب الموظفين فى اعتزال الخدمة، رأى أن يعوضهم عن المدة الباقية من خدمتهم وذلك بضم سنتين الى مدة خدمتهم المحسوبة فى المعاش مع علاوتين من علاوات الدرجة وأنه مما لا شك فيه أن حساب المعاش على الأساس السابق رهين بأن يكون الموظف قد ترك الخدمة فعلا فى مدى حدده القانون سلفا وأنه يقطع فى ذلك أن المذكرة الايضاحية للقانون المذكور، وهى بصدد التحدث عن أساس التسوية قررت بأن المقصود بالدرجة التى تسوى حالة الموظف على أساسها هى درجته الحالية وليس من شك فى أن الدرجة الحالية التى عنتها المذكرة الايضاحية هى الدرجة التى يشغلها الموظف وقت ترك الخدمة ما دام أن التسوية فى خصوص المعاش لا تقوم الا بعد ترك الخدمة - الأمر الذى يفيد أن القانون المشار اليه يتضمن حكما وقتيا بأن نص على فترة زمنية لأعمال أحكامه خلالها - اذ بغير هذه الفترة لا يتصور أن يسوى المعاش على أساس ما ورد بالنص الذى فصلته المذكرة الايضاحية. ثم قدم المطعون عليه مذكرة صمم فيها على ما طلبه بمذكرته الأولى من رفض الطعن والزام الحكومة بالمصروفات والأتعاب للأسانيد التى استند اليها فى تلك المذكرة ثم رد على ما جاء بفتوى الجمعية العمومية للقسم الاستشارى للفتوى والتشريع بأن المشرع لو أراد تحديد فترة لنص على ذلك بصراحة لأننا فى صدد مواعيد سقوط تحتاج الى تحديد وتنظيم والنص عليها واجب. وأن كلمة "الحالية" التى وردت فى آخر العبارة المذكرة الايضاحية "وعلى أن يمنح علاوتين من علاوة درجته الحالية - ولا يمكن أن تفيد معنى معينا مقبولا الا اذا كان القصد منها علاوتين من علاوات درجة الموظف حال تركه الخدمة دون حالته فى تاريخ نفاذ القانون. ثم رد الموظف على ما قررته تلك الفتوى - من أنه قد يرقى الموظف الى درجة أعلى ويبلغ بذلك نهاية مربوط درجته الحالية أو بما يجاوز هذا المربوط ومنحه أى علاوة بعد ذلك ينطوى على مخالفة صريحة لقصد الشارع - رد على ذلك بأن احتمال ترقية الموظف اذا تقدم باستقالته فى بحر الثلاثة شهور قائمة أيضا ومثل ذلك اذا استوفى موظف شرط السن وتقدم باستقالة فى يوم 2 من يولية لسنة 1960 وفى يوم 15 من ذات الشهر حل عليه الدور فرقى الى درجة أعلى قبل أن تبت الادارة فى استقالته فان هذه الترقية لا تكون موجبة للمخالفة ومانعة من قبول الاستقالة لأن هذه الترقية تتم طبقا لأحكام القانون التى تحكمه كموظف مسئول عليه واجبات وله حقوق وأن نص المادة 110 من القانون 210 لسنة 1951 يؤيد هذا بقوله "للموظف أن يستقيل.. ولا تنتهى خدمة الموظف الا بالقرار الصادر بقبول استقالته" ثم ردد المطعون عليه دفاعه السابق ابداؤه بصحيفة دعواه وبمذكراته السابقة وختم مذكرته بأن حالته فردية فهو الوحيد الذى تقدم بهذا الطلب وكل زملائه قد أحيلوا فعلا الى المعاش وأن القانون رقم 120 لسنة 1960 المشار اليه قد بطل العمل به منذ أول يوليو لسنة 1964 تاريخ العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1964 الذى ألغى العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 القوانين المعدلة له بما فيها القانون رقم 120 لسنة 1960 وانتهى الى التصميم على طلباته.
ومن حيث ان مقطع النزاع فى هذا الطعن ينحصر فيما اذا كان القانون رقم 120 لسنة 1960 المشار اليه قد حدد تاريخا معينا لتقديم طلب ترك الخدمة من عدمه.
ومن حيث أن المادة الأولى من القانون المذكور تنص على أنه "استنثاء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 يجوز لكل من بلغ سن الخامسة والخمسين من الموظفين أو يبلغها خلال الثلاثة شهور من تاريخ نفاذ هذا القانون طلب ترك الخدمة على أن يسوى معاشه على أساس ضم سنتين لمدة خدمته وحسابهما فى المعاش حتى ولو تجاوز بهذا الضم سن الستين. على ألا تتجاوز مدة الخدمة المحسوبة فى المعاش نتيجة لهذا الضم 37.5 سنة وعلى أساس أن يمنح علاوتين من علاوات درجته ولا يتجاوز بهما نهاية مربوط الدرجة".. وجاء فى المذكرة الايضاحية لهذا القانون أن الدرجة التى يمنح الموظف علاوتين من علاواتها هى درجته الحالية.. ويستفاد من نص هذه المادة أن طلب ترك الخدمة مع الافادة من المزايا المنصوص عليها فيه - وهى ضم سنتين الى مدة خدمة الموظف وحسابهما فى المعاش ومنح علاوتين من علاوات الدرجة - هذا الطلب جائز لكل موظف بلغ سن الخامسة والخمسين من تاريخ نفاذ القانون المشار اليه أو خلال الثلاثة الأشهر التالية لهذا التاريخ وأنه، وأن كانت عبارة النص تدل فى ظاهرها وللوهلة الأولى أن تقديم طلب ترك الخدمة غير مقيد بميعاد، الا أن مقتضى النص وظروف الحال وقصد الشارع منه على نحو ما جاء بالمذكرة الايضاحية للقانون كل أولئك يقتضى اعتبار الثلاثة أشهر المشار اليها أجلا محددا لتقديم طلبات ترك الخدمة طبقا للقانون سالف الذكر فقد تضمن النص - فيما تضمن من مزايا - منح الموظف علاوتين من علاوات درجته بحيث لا يتجاوز بهما نهاية مربوط الدرجة وقد جاء فى المذكرة الايضاحية تحديدا لهذه الدرجة، حسبما تقدم، أنها هى درجته الحالية ومقتضى ذلك أن المزايا التى يقررها النص لمن يتقدم بطلب ترك الخدمة من الموظفين مقيدة بحالته التى يكون عليها فى تاريخ نفاذ القانون أو فى الثلاثة الأشهر التالية لهذا التاريخ فتضاف هذه المزايا الى حالته تلك. ومفهوم ذلك أن الطلب يتعين تقديمه خلال المدة المذكورة وبذلك يمكن تحديد الدرجة التى يمنح الموظف عند تركه الخدمة علاوتين من علاواتها، بما لا يجاوز نهاية مربوطها، بأنها الدرجة الحالية التى يكون الموظف معينا عليها فى تاريخ نفاذ القانون أو فى الثلاثة أشهر التالية لهذا التاريخ. ومن ثم فلا يجوز طلب ترك الخدمة بعد انقضاء هذه الفترة لتخلف شرط من شروط الافادة من هذا القانون فقد يرقى الموظف الى درجة أعلى ويبلغ بذلك نهاية مربوط درجته الحالية أو يجاوز هذا المربوط ومنح أية علاوة بعد ذلك ينطوى على مخالفة صريحة لقصد الشارع الذى حدد المزايا تحديدا واضحا قاطعا فلا يجوز الزيادة فيها أو الانتقاص منها.
ومن حيث أن القانون رقم 120 لسنة 1960 المشار اليه قد عمل به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية فى 3 أبريل لسنة 1960 فيكون آخر ميعاد لتقديم طلبات ترك الخدمة للافادة من أحكامه هو 2 من يوليو سنة 1960، ولما كان الثابت أن المطبعون عليه قد فوت هذا الميعاد وتراخى فى تقديم طلبه الى يوم 4 من نوفمبر لسنة 1961 وذلك بعد أن رقى إلى الدرجة الثالثة فى 26 من يناير لسنة 1961 وبعد أن منح علاوة دورية من علاواتها اعتبارا من أول مايو لسنة 1961 ومن ثم فيكون قد تقدم بطلبه بعد مضى الثلاثة شهور المنصوص عليها بالمادة الأولى من القانون المذكور وبالتالى فلا حق له فى الافادة من أحكامه وتكون دعواه بطلب تسوية حالته وفقا لهذه الأحكام على غير أساس سليم من القانون متعينا رفضها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب خلاف هذا المذهب فانه يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك القضاء بالغائه وبرفض دعوى المطعون عليه مع الزامه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 79 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

اعتزال الخدمة، سلطة تقديرية اعتزال الخدمة وفقا للقانون رقم 120 لسنة 1960، سلطة جهة الادارة فى شأن طالبية من الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 الى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 202

(23)
جلسة 19 من ديسمبر 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومى نصار ومحمد مختار العزبى. المستشارين.

القضية رقم 1594 لسنة 8 القضائية

( أ ) - موظف. "نهاية الخدمة". اعتزال الخدمة، سلطة تقديرية اعتزال الخدمة وفقا للقانون رقم 120 لسنة 1960، سلطة جهة الادارة فى شأن طالبية من الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية، سلطة تقديرية ليس للقضاء التعقيب عليها ما دام قرارها قد خلا من اساءة استعمال السلطة.
(ب) - دعوى الالغاء. الاجراءات السابقة على رفعها "تظلم". القرار الصادر برفض طلب اعتزال الخدمة المقدم وفى القانون رقم 120 لسنة 1960 من موظف شاغل لدرجة أصلية لا يشترط التظلم منه قبل رفع الدعوى بطلب الغائه.
1 - سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن المشرع عندما أصدر القانون رقم 120 لسنة 1960 انما كان هدفه الأساسى هو معالجة مشكلة قدامى الموظفين الراسبين المنسيين بطريقة تواجه فى الوقت ذاته على نحو أنجع للقضاء على ما ينتج عن محاولات الانصاف التى اتبعت فى الماضى لرفع الغبن عن هؤلاء المتخلفين من تضخم فى الدرجات الشخصية التى كان يلجأ الى ترقيتهم عليها علاجا لمشكلتهم مع ما فى ذلك من مجافاة للأصول المقررة التى تقضى بالربط بين الدرجة والوظيفة على أساس من الواقع، وقد كانت كراهية هذه الأوضاع المفتعلة والرغبة فى اجتثاث منابتها هى الحافز الذى حدا بالمشرع الى التفكير فى ايجاد وسيلة للتخلص من تلك الدرجات الشخصية باصدار القانون رقم 120 لسنة 1960 الذى قصد به أصلا اباحة طلب ترك الخدمة بالشروط والأوضاع المنصوص عليها فى المادة الأولى منه لمن يبلغ من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية سن الخامسة والخمسين أو يبلغها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نفاذه.
وقد أورد الشارع حكم المادة الأولى من القانون المذكور استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة والقوانين المعدلة وأخصها ما ورد فى المادة 110 فيما يتعلق بالاستقالة المقترنة بقيد أو المعلقة على شرط وجعل طلب اعتزال الخدمة فى هذه الحالة رخصة مباحة للموظف ليستعملها بمشيئته متى تحققت فيه شروطها، واذا كان هدف المشرع أصلا هو علاج وضع الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بايجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية أو التخفف فيها قدر المستطاع عن طريق اصدار التشريع آنف الذكر، وكانت هذه الحكمة التشريعية انما تعبر بذاتها عن مصلحة عامة ابتغاها الشارع بعد أن وزن ملاءمتها بالنسبة الى كل من الموظف والخزانة العامة فى ترك أمثال هؤلاء الموظفين فى خدمة الحكومة لما فى ذلك من الغاء لدرجاتهم الشخصية التى أعرب المشرع صراحة عن حرصه على التخلص منها سواء بهذا الطريق أو بما نص عليه فى المادة الثانية من القانون رقم 120 لسنة 1960 من تنظيم تسوية الدرجات الشخصية الباقية واستهلاكها. والأمر بعد ذلك مختلف بالنسبة لغير هؤلاء الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية فان الشارع عندما رأى عدم قصر هذه الرخصة على أصحاب الدرجات الشخصية والتوسع فى تيسير الافادة منها لصالح غير هؤلاء من الموظفين الذين تتوافر فيهم تلك الشروط، قيدها بان يتقدموا بطلب اعتزال الخدمة للمصالح والهيئات الحكومية والوزارات التى تكون لها البت فى هذه الطلبات فى ضوء المصلحة العامة. ومن ثم فان المشرع فى الوقت الذى أباح لغير أصحاب الدرجات الشخصية الانتفاع بالميزة التى انطوى عليها القانون المذكور قد أكد سلطة جهة الادارة التقديرية وحريتها فى قبول ذلك الاعتزال أو رفضه وفقا لما تراه أكثر تحقيقا للمصلحة العامة وبهذه المثابة فليس للقضاء الادارى التعقيب على القرار الذى تتخذه فى هذا الشأن ما دام قد خلا من عيب اساءة استعمال السلطة.
2 - ان طلب المدعى الذى تقدم به الاعتزال الخدمة بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 يخضع للسلطة التقديرية المخولة لجهة الادارة، فان هى أفصحت عن ارادتها حياله بالرفض، فان هذا التصرف من جانبها له كل مقومات القرار الادارى، ومن ثم يكون الطعن عليه بطريق دعوى الالغاء وقد نص الشارع على أن ميعاد رفع الدعوى الى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الالغاء ستون يوما، وهى على خصوص هذه الدعوى تسرى من تاريخ اخطار المدعى فى 1/ 8/ 1960 بالقرار الادارى الصادر برفض طلبه سابق الذكر واذ كان المدعى لم يودع عريضة الدعوى الا فى 7/ 11/ 1960 فانها تكون غير مقبولة شكلا لرفعها بعد الميعاد. وليس يصحيح ما تثيره هيئة مفوضى الدولة من أنه يتعين على المدعى أن يتظلم من قرار الرفض المشار اليه والا اعتبرت دعواه من هذا الوجه غير مقبولة بالتطبيق لنص المادة 12 من قانون مجلس الدولة لا وجه لذلك ما دام ان طلب الاعتزال هو بحسب تكييفه القانونى فى حدود ما أفصحت عنه المذكرة الايضاحية للقانون رقم 120 لسنة 1960 ذاته لا يعدو أن يكون من قبيل الاستقالة المشروطة، والقرار الذى أنصبت عليه دعوى الالغاء وهو رفض هذه الاستقالة لا يدخل ضمن القرارات المنصوص عليها فى الفقرات ثالثا ورابعا وخامسا من المادة 8 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة والتى نصت المادة 12 من القانون المذكور بالنسبة لها على عدم قبول دعوى الالغاء قبل التظلم منها الى الهيئة الادارية التى أصدرت القرار أو الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت فى هذا التظلم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن فى ان المدعى أقام دعواه طالبا الحكم باستحقاقه المعاملة بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 فيما تعلق باعتزاله الخدمة على أساس منحه علاوتين من علاوات الدرجة الثانية وضم سنتين على مدة خدمته المحسوبة فى المعاش وربط معاشه على أساس هاتين المزيتين مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال فى بيان ذلك أنه ولد فى 25 من ديسمبر سنة 1900، وحصل على دبلوم المعلمين العليا سنة 1925، والتحق على أثر ذلك بوظائف التدريس، وتدرج فيها حتى رقى الى الدرجة الثانية اعتبارا من 21/ 7/ 1955، وعند صدور القانون رقم 120 لسنة 1960 تقدم المدعى فى 2/ 7/ 1960 الى وزارة التربية والتعليم ملتمسا الموافقة على اعتزاله الخدمة على أساس معاملته بمقتضى الحكم الوارد فى المادة الأولى من القانون المذكور التى تنص على أنه استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 يجوز لكل من بلغ الخامسة والخمسين من الموظفين أو يبلغها خلال الثلاثة شهور من تاريخ نفاذ هذا القانون طلب ترك الخدمة على أن يسوى معاشه على أساس ضم سنتين لمدة خدمته وحسابها فى المعاش حتى ولو تجاوز بهذا الضم سن الستين على ألا تتجاوز مدة الخدمة المحسوبة فى المعاش نتيجة لهذا الضم 37.5 سنة وعلى أن يمنح علاوات درجته ولا يتجاوز بهذا نهاية مربوط الدرجة. ثم ذكر المدعى أنه تلقى من الوزارة فى 1/ 8/ 1960 اخطارا بعدم الموافقة على طلبه تأسيسا على أن المدة الباقية له فى الخدمة أقل من سنة وأن أحكام القانون المشار اليه لا ينطبق الا على من تجاوز الخامسة والخمسين بشرط ألا تكون سنه زادت على 59 سنة وأضاف المدعى ان الوزارة أجابت طلبات مماثلة لموظفين لم يتبق لهم الا أيام فى الخدمة، وكذلك فعلت غيرها من الوزارات، والواقع أن ما ذهبت اليه وزارة التربية والتعليم بالنسبة للمدعى يعتبر تطبيقا خاطئا للقانون رقم 120 لسنة 1960 لأن نص هذا القانون جعل لطلب ترك الخدمة حدا أدنى من السن ولم يجعل له حدا أعلى، كما أن تفسير الوزارة على هذا الوجه يترتب عليه أن يفيد من كان دون التاسعة والخمسين أكثر ممن جاوزها.
وأجابت الجهة الادراية على الدعوى بأن طلبت رفض الدعوى استنادا الى أن القانون رقم 120 لسنة 1960 خولتها سلطة تقديرية فى قبول الطلبات أو رفضها ابتغاء المصلحة العامة، وأنها رفضت طلب المدعى فى حدود هذه الرخصة.
وبجلسة 11/ 1/ 1962 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعى بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضائها على أن الثابت أن المدعى ولد فى 25 من ديسمبر سنة 1900، وبعد حصوله على دبلوم المعلمين العليا سنة 1925 التحق بخدمة وزارة المعارف فى وظيفة مدرس، وتدرج فى وظائف التدريس حتى رقى الى الدرجة الثانية اعتبارا من 21/ 7/ 1955 ولما صدر القانون رقم 120 لسنة 1960 تقدم بطلب معاملته طبقا لأحكام هذا القانون وذلك فى 2/ 7/ 1960، وقد أخطرته الوزارة برفض طلبه هذا فى 1/ 8/ 1960 ولما كان القرار بالقانون رقم 120 لسنة 1960 خول لجهة الادارة أن تقبل أو ترفض طلب ترك الخدمة وفقا للقانون المذكور بما تقتضيه دواعى المصلحة العامة، ومن ثم تكون الدعوى فى حقيقتها طلب الغاء قرار جهة الادارة برفض طلب المدعى واذ كان المدعى قد أقام دعواه يوم 7/ 11/ 1960 أى بعد انقضاء أكثر من ستين يوما على اخطاره برفض طلبه فى 1/ 8/ 1960 فان الدعوى تكون مرفوعة بعد الميعاد.
ومن حيث ان طعن المدعى يقوم على أن الطلب الذى تقدم به، فى 2/ 3/ 1960 بقى تحت نظر الوزارة لمدة جاوزت الثلاثين يوما دون أن تجيب عليه بقبول أو برفض فيكون بذلك قد أصبح مقبولا بقوة القانون ويترتب على قبوله نشوء حق المدعى فى المعاملة بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 دون أن يكون الأمر مفتقرا الى موافقة الجهة الادارية، وعلى هذا الأساس تكون الدعوى من قبيل دعاوى التسوية، ولا تفتقر الى التظلم الادارى الوجوبى المنصوص عليه من منازعات الالغاء - وعلى أى حال - ومهما يكن الأمر فى المدة التى بقى فيها طلب المدعى تحت نظر الوزارة - فان القول بأن للجهة الادارية حرية فى تطبيق القانون رقم 120 لسنة 1960 هو قول يناقض ما جاء بمذكرته الايضاحية ويتعارض مع الغاية من سن التشريع فقد استهدفت الدولة من اصدار هذا التشريع اتاحة الفرصة لكل موظف تفقدمت به السن وقارب الاحالة الى المعاش أن يتقاعد ويخلى الوظيفة لمن يكون أوفر منه شبابا وأقل منه درجة وراتبا. ومن ثم فليس تطبيق هذا القانون متروكا لتقدير الجهة الادارية تترخص فيه حسبما تراه وعلى هذا المقتضى أيضا يكون الحق الذى قرره التشريع مما يمكن المطالبة به بدعوى تسوية دون حاجة الى الطعن بالالغاء.
ومن حيث أنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن المشرع عندما أصدر القانون رقم 120 لسنة 1960 انما كان هدفه الأساسى هو معالجة قدامى الموظفين الراسبين المنسيين بطريقة تواجه فى الوقت ذاته على نحو أنجع للقضاء على ما ينتج عن محاولات الانصاف الى اتبعت فى الماضى لرفع الغبن عن هؤلاء المتخلفين من تضخم فى الدرجات الشخصية التى كان يلجأ الى ترقيتهم عليها علاجا لمشكلتهم مع ما فى ذلك من مجافاة للأصول المقررة التى تقضى بالربط بين الدرجة والوظيفة على أساس من الواقع، وقد كان كراهية هذه الأوضاع المفتعلة والرغبة فى اجتثاث منابتها هى الحافز الذى حدا بالمشرع الى التفكير فى ايجاد وسيلة للتخلص من تلك الدرجات الشخصية باصدار القانون رقم 120 لسنة 1960 الذى قصد به أصلا اباحة طلب ترك الخدمة بالشروط والأوضاع المنصوص عليها فى المادة الأولى منه لمن يبلغ من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية سن الخامسة والخمسين أو يبلغها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نفاذه. وقد أورد الشارع حكم المادة الأولى من القانون المذكور استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة والقوانين المعدلة وأخصها ما ورد فى المادة 110 فيما يتعلق بالاستقالة المقترنة بقيد أو المعلقة على شرط وجعل طلب اعتزال الخدمة فى هذه الحالة رخصة متاحة للموظف ليستعملها بمشيئته متى تحققت فيه شروطها، واذا كان هدف المشرع هو علاج وضع الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بإيجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية أو التخفف فيها قدر المستطاع عن طريق اصدار التشريع آنف الذكر، وكانت هذه الحكمة التشريعية انما تعبر بذاتها عن مصلحة عامة ابتغاها الشارع بعد أن وزن ملاءمتها بالنسبة الى كل من الموظف والخزانة العامة فى ترك أمثال هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة لما فى ذلك من الغاء لدرجاتهم الشخصية التى أعرب المشرع صراحة عن حرصه على التخلص منها سواء بهذا الطريق أو بما نص عليه فى المادة الثانية من القانون رقم 120 لسنة 1960 من تنظيم لتسوية الدرجات الشخصية الباقية واستهلاكها. والأمر بعد ذلك مختلف بالنسبة لغير هؤلاء - الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية - فان الشارع عند ما رأى عدم قصر هذه الرخصة على أصحاب الدرجات الشخصية والتوسع فى تيسير الافادة منها لصالح غير هؤلاء من الموظفين الذين تتوافر فيهم تلك الشروط، قيدها بأن يتقدموا بطلب اعتزال الخدمة للمصالح والهيئات الحكومية والوزارات التى تكون لها البت فى هذه الطلبات فى ضوء المصلحة العامة. ومن ثم فان المشرع فى الوقت الذى أباح فيه لغير أصحاب الدرجات الشخصية الانتفاع بالميزة التى أنطوى عليها القانون المذكور قد أكد سلطة جهة الادارة التقديرية وحريتها فى قبول ذلك الاعتزال أو رفضه وفقا لما تراه أكثر تحقيقا للمصلحة العامة وبهذه المثابة فليس للقضاء الادارى التعقيب على القرار الذى تتخذه فى هذا الشأن ما دام قد خلا من عيب اساءة استعمال السلطة وهو العيب الذى يقع عبء اثباته على من يدعيه.
ومن حيث ان الثابت ان المدعى ليس من بين الشاغلين لدرجات شخصية فهو يشغل الدرجة الثانية الأصلية اعتبارا من 21/ 7/ 1955، وأنه تقدم بطلب اعتزال الخدمة بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 فى 2/ 7/ 1960 طبقا لما هو مبين بطلبه المودع ملف الدعوى وهو بعينه التاريخ الذى أشار اليه بعريضة الدعوى - وذلك خلافا لما ابدأه المدعى خطأ بعد ذلك سواء فى الطعن أو فى مذكراته - ثم أنه أخطر فعلا برفض طلبه بتاريخ 1/ 8/ 1960 وبذلك يكون رفض الجهة الادارية قد صدر خلال الثلاثين يوما المحددة للبت فى الطلب المذكور وبناء على ما تقدم فان طلب المدعى الذى تقدم به لاعتزال الخدمة بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 يخضع للسلطة التقديرية المخولة لجهة الادارة، فان هى أفصحت عن ارادتها حياله بالرفض، فان هذا التصرف من جانبها له كل مقومات القرار الادارى، ومن ثم يكون الطعن عليه بطريق دعوى الالغاء، وقد نص الشارع على أن ميعاد رفع الدعوى الى المحكمة تسرى من تاريخ اخطار المدعى فى 1/ 8/ 1960 بالقرار الادارى الصادر برفض طلبه سابق الذكر واذ كان المدعى لم يودع عريضة الدعوى الا فى 7/ 11/ 1960. فانها تكون غير مقبولة شكلا لرفعها بعد الميعاد. وليس بصحيح ما تثيره هيئة مفوضى الدولة من أنه كان يتعين على المدعى أن يتظلم من قرار الرفض المشار اليه والا اعتبرت دعواه من هذا الوجه غير مقبولة بالتطبيق لنص المادة 12 من قانون مجلس الدولة، ولا وجه لذلك ما دام أن طلب الاعتزال هو بحسب تكييفه القانونى فى حدود ما أفصحت عنه المذكرة الايضاحية للقانون 120 لسنة 1960 ذاته لا يعدو أن يكون من قبيل الاستقالة المشروطة، والقرار الذى انصبت عليه دعوى الالغاء وهو رفض هذه الاستقالة لا يدخل ضمن القرارات المنصوص عليها فى الفقرات ثالثا ورابعا وخامسا من المادة 8 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة والتى نصت المادة 12 من القانون المذكور بالنسبة لها على عدم قبول دعوى الالغاء قبل التظلم منها الى الهيئة الادارية التى أصدرت القرار أو الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت فى هذا التظلم. وبهذه المثابة يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فى قضائه بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد ومن ثم يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون، ويتعين لذلك القضاء برفضه مع الزام رافعه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت المدعى بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

انتهاء الخدمة بسبب انقطاع الموظف عن عمله بدون اذن،للمدة التى يعتبر انقاؤها بمثابة استقالة عدم صحته  لا ينال منه الاستناد الى سبب آخر

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 519

(64)
جلسة 12 من مارس سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية كل من السادة الأساتذة: عادل عزيز وحسنين رفعت وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 10 لسنة 10 القضائية

( أ ) موظف. "انتهاء الخدمة. أسبابها". "الاستقالة". اعتبار انقطاع الموظف عن العمل دون بيان الأسباب الموجبة لذلك خلال الخمسة عشر يوما التالية فى حكم الاستقالة - اقتران الانقطاع بتقديم طلب فى اليوم التالى للاحالة الى القومسيون الطبى لتقرير عدم اللياقة للخدمة بسبب مرض يحول دون الاستمرار فى العمل - انتفاء القرينة التى رتبها القانون على هذا الانقطاع - لا وجه لافتراض أن علة الانقطاع هى الاستقالة.
(ب) موظف. "انتهاء الخدمة. أسبابها". انتهاء الخدمة بسبب انقطاع الموظف عن عمله بدون اذن، للمدة التى يعتبر انقاؤها بمثابة استقالة - عدم صحته - لا ينال منه الاستناد الى سبب آخر، كعدم اللياقة الطبية اذا كان ذلك لم يتم بقرار من الجهة المختصة بتقرير ذلك - اختلاف المركز القانونى المترتب على انهاء الخدمة فى كل من الحالتين عنه فى الأخرى.
(جـ) موظف. "مرتبة". الحق فى تقاضى المرتب عن مدة فصل الموظف فى حالة الحكم بالغائها - لا يترتب تلقائيا كأثر من آثار الغاء قرار الفصل - لصاحب الشأن اذا ما أحيل بينه وبين أداء العمل أن يرجع بدعوى تعويض عن قرار الفصل غير المشروع متى توافرت عناصرها ومقوماتها.
1 - أن المستفاد من نص المادة 13 من دكريتو 29 من أبريل سنة 1895 الذى رددت حكمه المادة 181 من قانون المصلحة المالية أن الشارع قد اعتبر انقطاع الموظف عن عمله دون أن يبين الأسباب الموجبة لذلك خلال الخمسة عشر يوما التالية قرينة على الاستقالة وأن هذه القرينة يمكن دحضها اذا قدم الموظف خلال هذه المدة الأسباب الموجبة لهذا الانقطاع. ومن ثم فاذا كان انقطاع الطاعن عن العمل فى 2 من ديسمبر سنة 1951 قد اقترن بتقديمه طلبا فى اليوم التالى لاحالته الى القومسيون الطبى لتقرير عدم لياقته للخدمة طبيا لاصابته بمرض يحول دون استمراره فى العمل - فان - فى ذلك ما يكفى للافصاح عن سبب انقطاعه وهو المرض الذى دعاه الى تقديم الطلب المذكور - وبذلك لا يكون هناك وجه لافتراض أن علة انقطاعه هى الاستقالة وتنتفى القرينة التى رتبها القانون على هذا الانقطاع.
2 - متى بان أن القرار الصادر بانهاء خدمة الطاعن اعتبارا من 2 من ديسمبر سنة 1951 - استنادا الى المادة 181 من قانون المصلحة المالية - قد صدر على غير أساس من القانون فى غير الأحوال الموجبة لذلك فانه لا حجة فى قول الوزارة أن ما نعاه منه ما دام يمكن حمله على سبب قانونى آخر هو عدم اللياقة الصحية أخذا بتقرير الطاعن فى هذا الشأن ذلك انه ما كان يجوز الاستناد الى هذا السبب لانهاء خدمته الا بعد ثبوت عدم لياقته بقرار من الجهة المختصة وهى القومسيون الطبى وعلى هذا اطردت أحكام التشريعات الخاصة بالتوظف والمعاشات وقضى به قانون المصلحة المالية فى المادة 268 منه التى نصت على أنه (لا يجوز احالة الموظف أو المستخدم على المعاش بسبب مرض أو عاهة أصيب بها أثناء خدمته الا بناء على شهادة تعطى من القومسيون الطبى بالقاهرة دالة على أنه أصبح غير قادر على الخدمة) وتضمن قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 النص فى المادة 22 منه على أن (كل من يطلب تسوية معاشه أو مكافأته من الموظفين أو المستخدمين بسبب عاهة أو مرض يجب الكشف عليه بمعرفة القومسيون الطبى بالقاهرة) ونصت المادة 23 من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 على أن عدم القدرة على الخدمة يجب اثباته بواسطة قومسيون طبى القاهرة بناء على طلب الموظف أو المستخدم نفسه أو بناء على طلب المصلحة ونصت المادة 109 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أن (يثبت عدم اللياقة الصحية بقرار من القومسيون الطبى العام بناء على طلب الموظف أو الحكومة وبالاضافة الى ما تقدم فان المركز القانونى المترتب على انتهاء الخدمة بسبب الانقطاع عن العمل.
3 - ان الحق فى المرتب لا يعود تلقائيا كأثر من آثار الغاء قرار الفصل بل يخضع لاعتبارات أخرى أهمها أن هذا الحق يقابله واجب هو أداء العمل ونظرا لأن الطاعن قد حيل بينه وبين أداء عمله وحرمت الجهة الادارية من خدماته طيلة مدة فصله فانه لا يكون من حقه المطالبة بصرف مرتبه عن هذه المدة كأثر من آثار الالغاء وله اذا شاء أن يرجع على الوزارة بدعوى تعويض عن قرار الفصل غير المشروع متى توافرت عناصرها ومقوماتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد صدر فى 22 من مايو سنة 1963 وفى 21 من يوليو سنة 1963 تقدم الطاعن بطلب لاعفائه من رسوم الطعن فيه وقد تقرر قبول هذا الطلب فى 12 من أغسطس سنة 1963 فأقام هذا الطعن بايداع تقرير به قلم كتاب المحكمة فى 7 من أكتوبر سنة 1963 وبذلك يكون الطعن قد أقيم فى الميعاد مستوفيا أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى أنه فى 8 من سبتمبر سنة 1953 تقدم السيد/ حافظ محمد نصر يتظلم الى اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم ذكر فيه انه تخرج فى كلية دار العلوم العليا فى سنة 1932 والتحق بوظائف التدريس بوزارة المعارف فى تلك السنة وكان يقوم بعمله خير قيام ورقى الى الدرجة الرابعة فى سنة 1950 - وفى سنة 1951 مرض مرضا شديدا منعه من الاستمرار فى الوظيفة فتقدم بطلب الى الوزارة فى يناير سنة 1951 راغبا فى احالته الى القومسيون الطبى تمهيدا لاحالته الى المعاش وتسوية حالته وصرف معاش أو مكافأة عن مدة خدمته ولما لم يجب الى طلبه تقدم بطلب آخر الى المنطقة بشبين الكوم فى 7 من يوليو سنة 1953 مصرا على طلب احالته الى القومسيون الطبى وتسوية حالته أو اعادته الى وظيفته مدرسا بالفصول الثانوية بمدرسة بركة السبع الثانوية لأنه شفى من مرضه وأصبح قادرا على العمل وانتهى فى تظلمه الى طلب التحقيق فيه.
وأجابت الوزارة على هذا التظلم بقولها أن السيد/ حافظ محمد نصر قد سبق أن تقدم باستقالته فى 3 من ديسمبر سنة 1951 وليس فى يناير سنة 1951 وان الادارة العامة للغة العربية ناقشته فى هذه الاستقالة وأصر عليها وانقطع عن عمله بعد تقديمها وأن اصراره عليها جاء بكتاب الادارة العامة للغة العربية يدل على أنه عازف عن الوظيفة غير راغب فى الاستمرار فيها - وانه تبين أيضا من الدعوى رقم 121 لسنة 7 القضائية المرفوعة منه انه فتح مدرسة حرة الأمر الذى يبين منه أنه رغب فى اعتزال الخدمة للاشتغال بالأعمال الحرة كما انه انقطع عن عمله بعد تقديم استقالته فيعتبر مفصولا من تاريخ انقطاعه بناء على استقالته وانقطاعه عن العمل أكثر من خمسة عشر يوما - أما اعادته الى عمله فأمر جوازى وذلك فى حالة احتياج الوزارة ووجود درجة خالية يمكن تعيينه عليها.
وقد أحيل هذا التظلم الى المحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم التى قررت بجلستها المنعقدة فى 29 من فبراير سنة 1956 احالة الدعوى بحالتها الى محكمة القضاء الادارى للاختصاص عملا بحكم المادة 73 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بتنظيم مجلس الدولة.
وبجلسة التحضير المنعقدة فى 29 من مارس سنة 1958 قرر المدعى أن طلباته هى اعادته الى عمله بالوزارة ومنحه مرتبه من يوم أن تقدم بطلب احالته الى القومسيون الطبى.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها انتهت فيه الى أنها ترى الحكم برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات.
وتقدم المدعى بمذكرتين بدفاعه وقال فيهما انه تدرج فى وظائف التدريس بوزارة التربية والتعليم الى أن وصل الى مدرس بالفصول الثانوية بمدرسة بركة السبع بالدرجة الرابعة بمرتب قدره 41 جنيها و625 مليما ابتداء من أول أغسطس سنة 1950 وفى سنة 1951 أصيب بمرض شديد أعجزه عن العمل فتقدم الى الوزارة بطلب احالته الى القومسيون الطبى لفحصه تمهيدا لاحالته الى المعاش وتسوية حالته وانتظر أن يجاب طلبه دون جدوى فتقدم بطلبين آخرين مصمما على طلب احالته الى القومسيون فكان مصير هذه الطلبات ومنها الطلب المؤرخ فى 9 من يناير سنة 1952 مصير الطلب الأول وفى مارس سنة 1952 كانت صحته قد تحسنت فتوجه الى المدرسة لاستئناف عمله بها فأجابه الناظر بأن الوزارة قد عينت بديلا له وأن ادارة المدرسة ليس لديها أى معلومات عن طلبه - ولبث ينتظر الاحالة الى القومسيون الطبى ثم أقام دعواه فى 8 من سبتمبر سنة 1953 وفى أول فبراير سنة 1955 ورد اسمه فى نشرة الوزارة كمدرس بالفصول الثانوية بمدرسة بركة السبع وذكر قرين اسمه أن مرتبه 41 جنيها و500 مليم وكانت الوزارة قد امتنعت عن صرف مرتبه من فبراير سنة 1952 ثم علم انها منحته علاوة قدرها 2 جنيه و625 مليما فى 26 من يونيو سنة 1954 - وذكر المدعى أن الثابت بملف الخدمة أن هناك كتابا من ادارة التعليم الثانوى الى ادارة المستخدمين مؤرخا فى 9 من يوليو سنة 1953 يتضمن انه لا مانع من احالته الى القومسيون الطبى العام وأن ورود اسمه فى نشرة الوزارة فى سنة 1955 ومنحه علاوة فى سنة 1954 يدل على أن علاقته بها كانت قائمة لم تنقطع فى وقت معاصر لنظر الدعوى - وأضاف أن مستندات الوزارة قد وقعت فى تناقض فى شأنه لأنه بينما تضمن الأمر التنفيذى المؤرخ فى 29 من أغسطس سنة 1956 بانهاء خدمته اشارة الى أنه قدم استقالته فى 3 من ديسمبر سنة 1951 وانقطع عن العمل فى 2 من ديسمبر سنة 1951 اذا بها تقرر فى تأشيرة مؤرخة فى 25 من مايو سنة 1958 موقعة من المراقب العام بأنه لم يفصل بناء على هذه الاستقالة وانما فصل بناء على المادة 181 من قانون المصلحة المالية لانقطاعه عن العمل - وذكر أن هذه المادة ترتب اعتبار الموظف مستعفيا من وظيفته على امتناعه عن ابداء أسباب انقطاعه عن عمله فى الخمسة عشر يوما التالية لهذا الانقطاع فاذا كان الموظف قد أبدى هذه الأسباب فان قرينة اعتباره مستعفيا من وظيفته لا تعتبر قائمة وقد بين هو أن سبب انقطاعه عن العمل هو المرض فلا وجه بعد ذلك لاعتباره مستعفيا مهما طال هذا المرض - وعقب على قول الوزارة انه استقال ليتفرغ لادارة مدرسة نص الابتدائية بقوله أنه لا زال لتلك المدرسة ناظرا معين من بين موظفى الوزارة - وذكر المدعى أن للمدرسة مجلس ادارة مشكل برياسته واختصاص هذا المجلس مقصور على رسم خطوط السياسة العامة للمدرسة ولا يجتمع الا نادرا والاشتراك فيه لا يتعارض مع أى عمل حكومى كما ذكر أن للمدرسة لجنة فنية مشكلة من أعضاء مجلس الادارة وانه يبين من الاطلاع على سجل المدرسة عدم وجود اسمه بأية صفة فلم تكن له مصلحة فى أن يستقل من وظيفة كان مرتبه منها 42 جنيها و650 مليما فى الشهر ليقحم نفسه فى عملا لا يدر شيئا وأضاف أنه ليس مسئولا عن فقد الطلب المقدم منه وأن الوزارة اذ تدعى أنه استقال من وظيفته عليها أن تثبت تقديم هذه الاستقالة وان بالملف كثير من القرائن التى تقطع باستمرار علاقته بالوزارة الى تاريخ معاصر لنظر الدعوى وذلك ينفى الادعاء بأنه قدم استقالته من وظيفته فى سنة 1951
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى المدعى على أن الذى يبين من الأوراق ومن ملف الخدمة انه قدم استقالته الى منطقة شبين الكوم التعليمية فى 3 من ديسمبر سنة 1951 وانقطع عن العمل اعتبارا من ذلك التاريخ وأوقف صرف مرتبه اعتبارا من نوفمبر سنة 1951 وأنه تقدم بطلب الى وكيل الوزارة يطلب فيه احالته الى القومسيون الطبى ليقرر صلاحيته للخدمة حول ادارة المستخدمين فى 6 من يناير سنة 1952 وفى 26 من يونيو سنة 1952 قدم طلبا الى السيد الوزير التمس فيه اعادته للخدمة وحفظ هذا الطلب فى 27 من يوليو سنة 1952 وفى 29 من أغسطس سنة 1956 أصدر مراقب عام المستخدمين أمرا تنفيذيا بانهاء خدمته عملا بأحكام المادة 181 من القانون المالى اعتبارا من 2 من ديسمبر سنة 1951 تاريخ انقطاعه عن العمل بسبب تقديمه استقالته أو على حد قوله من تاريخ تقديم طلب احالته الى القومسيون الطبى ليقرر لياقته للخدمة والقدر المتيقن أنه لم يعد الى عمله مدة تتجاوز الخمسة عشر يوما ولم يقدم ما يدل على أن انقطاعه كان لعذر مقبول كما لم يبد أسبابا تبرر هذا الانقطاع أما الطلب الذى قدمه فى 26 من يونيو سنة 1952 لاعادته للخدمة أو لاحالته الى القومسيون الطبى ففضلا عن أنه قد قدم بعد انقضاء الخمسة عشر يوما المنصوص عليها فى القانون المالى فان ما جاء بهذا الطلب من انه كان مريضا لا يعد سببا يبرر الانقطاع لأن هناك اجراءات نص عليها القانون للحصول على اجازات مرضية ليس من بينها تقديم شهادات من أطباء خصوصيين كما انه ثبت من الاطلاع على ملف الدعوى رقم 121 لسنة 7 القضائية المقامة منه انه كان فى ذلك الوقت يشغل منصب رئيس جمعية التربية الفنية بقويسنا التى من ضمن أعمالها ادارة مدرسة النصر الابتدائية بقويسنا ومن ثم لا يكون المرض سببا يبرر الانقطاع عن العمل - ولا حجة فى قوله أن تقدم بطلب الى الوزارة لاحالته الى القومسيون الطبى تمهيدا لاحالته الى المعاش اذ كان عليه أن يستمر فى أداء واجباته الى أن يبت فى طلبه ومن ثم فان القرار المذكور المستند الى المادة 181 من القانون المالى والصادر ممن يملكه فى حدود اختصاصه اذ استخلص النتيجة التى انتهى اليها استخلاصا سائغا من أصول تنتجها يكون قد قام على سببه ومطابقا للقانون.
ومن حيث ان الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
1 - ان الحكم قد أخطأ حين استخلص وجود استقالة للمدعى فهناك تأشيرات من الادارات المختصة بأن المدعى طلب احالته الى القومسيون الطبى وانها لا تمانع فى ذلك كالتأشيرة المؤرخة فى 9 من مارس سنة 1953 التى يحتويها كتاب ادارة التعليم الثانوى الى ادارة المستخدمين والقرارين الصادرين أولهما بمنحه علاوة دورية فى سنة 1954 وثانيهما بادراج اسمه ضمن أسماء مدرسى مدرسة بركة السبع وهذه الأوراق تنفى أن ثمة استقالة وتناقض الوزارة فى دفاعها بين القول بأن انهاء خدمته كان على أساس قبول استقالته وبين القول بأنها كانت تطبيقا للمادة 181 من قانون المصلحة المالية يقطع بأن الاستخلاص الذى أقام عليه الحكم قضاءه فى غير محله.
2 - أن الحكم لم يبين لماذا أعرض عن الأخذ بدلالة القرارين الصادرين بمنحه العلاوة وبايراد اسمه ضمن مدرسى مدرسة بركة السبع الاعدادية على استمرار صلته بالوزارة بعد التاريخ الذى اعتبرته مبدأ انتهاء خدمته.
(3) انه يبدو أن المحكمة قد استخلصت من الدعوى التى كان المدعى قد أقامها فى شأن اعانة مدرسة النصر بقويسنا أنه قد استقال ليتفرغ للعمل فى المدرسة المذكورة وهو استخلاص واستناد خاطئ لأنه أوضح أنه كان رئيسا لمجلس ادارة تلك المدرسة ولا يباشر أى عمل من أعمال الادارة الفعلية بها.
ومن حيث أن هيئة مفوضى الدولة قد تقدمت بتقرير برأيها انتهت فيه الى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبالغاء القرار التنفيذى الصادر فى 29 من أغسطس سنة 1956 بانهاء خدمة الطاعن اعتبارا من 2 من ديسمبر سنة 1951 وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الوزارة المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث أن الوزارة قد تقدمت بمذكرة بدفاعها قالت فيها أنه بتاريخ 2 من ديسمبر سنة 1951 انقطع المدعى فجأة عن العمل وفى اليوم التالى أخطر منطقة شبين الكوم التعليمية بطلب يلتمس فيه احالته الى القومسيون الطبى فيما يقرر عدم لياقته للخدمة وذلك تمهيدا لاصدار قرار بانهاء خدمته وتسوية حالته بصرف المعاش أو المكافأة المستحقة له عن مدة خدمته باعتبار أنه أصيب بمرض يحول دون استمراره فى العمل - أى أنه تقدم بهذا الطلب لا لكى يقرر له القومسيون الاجازة المرضية التى تتفق مع نوع مرضه ولكن تمهيدا لتقرير عدم لياقته للخدمة واصدار قرار يقضى باعفائه منها أى أنه قدر ابتداء أن المرض الذى ألم به لن يسمح له بالعودة الى العمل - وظل انقطاعه عن العمل مستمرا من 2 من ديسمبر سنة 1951 حتى 26 من يونيو سنة 1952 عندما تقدم الى الوزير مكررا ذات طلبه الأول أو اعادته الى العمل أما واقعة توجهه الى ناظر المدرسة فى مارس سنة 1952 فلا أساس لها فى الأوراق ولم يشر اليها فى تظلمه أمام اللجنة القضائية ومضت الوزارة تقول أنه ما كان يجوز له الانقطاع عن العمل دون أن يطلب الترخيص له باجازة مرضية وطلبه المشار اليه لم يكن ليغنى عن التقدم بطلب الاجازة - ولم تفوت عليه جهة الادارة فرصة اعطائه الاجازة بل القدر المتيقن فى تفويت الفرصة - أن كان - هو عدم صدور قرار بانهاء خدمته لعدم اللياقة الصحية على نحو ما هدف اليه من طلبه وهذا لا ينال من القرار محل الطعن ما دام يمكن حمله على سبب قانونى آخر هو عدم الياقة الطبية اخذا بتقريره هو فى هذا الشأن - وذلك بالاضافة الى أنه ظل منقطعا عن عمله سبعة أشهر قبل تقدمه بطلبه الى الوزير حال أن النصوص (المادة 165 من القانون المالى) تقضى بأنه يتعين شطب اسم الموظف واحالته الى المعاش اذا لم يستطع العودة الى عمله بعد انقضاء ستة أشهر وأشارت الوزارة الى أن تاريخ الانقطاع عن العمل معاصر لتاريخ اقامة الدعوى رقم 121 لسنة 7 القضائية فانقطاعه عن العمل لم يكن مرجعه الى المرض بل كان مرده الى أنه لا يستطيع الجمع بين نشاطين فى وقت واحد يؤيد ذلك أن انقطاعه كان فجأة دون أن يحول استنفاذ اجازته المرضية بما يفيد أن ثمة مصلحة فورية تتطلب الانقطاع عن العمل - فالقرائن تقطع بعدم جدية مزاعمه اذ أنه فى الوقت الذى أدعى فيه أنه كان مريضا بحيث يعجز عن الاستمرار فى أى عمل - لم يقعده هذا المرض عن النشاط فى مدرسته الخاصة بحكم رئاسته لمجلس الادارة - وعقبت الوزارة على ما ورد بتقرير هيئة المفوضين من أن الأوراق تثبت أن الوزارة عاملت الطاعن بوصفه مستمرا فى الخدمة ولم ينقطع بقولها أن فى ذلك تحميل لوقائع لمنازعة بما لا تحتمل لمجرد خطأ وقعت فيه الوزارة بعدم شطب اسم الطاعن من السجلات التى تنعكس صورتها على النشرات والقرارات التى تصدر وفقا لما تتضمنه من بيانات والعبرة فى هذا المقام بالمركز القانونى الفعلى للموظف والواضح أن الوزارة لم تصرف له مرتبه من تاريخ انقطاعه عن العمل وأنه تقدم فى 26 يونيو سنة 1952 بطلب لاعادته الى الخدمة تقرر حفظه مما لا يسوغ معه القول بأن الوزارة عاملته على أساس أنه ما زال فى الخدمة - ومضت الوزارة تقول أن الطاعن قد أوضح بشكل بات وقاطع أنه عقد النية على اعتزال الخدمة فهو لم يطلب الترخيص باجازة مرضية واذا صح القول أن ثمة حق فات عليه من اجراء عدم احالته الى القومسيون الطبى فهذا الحق يتمثل فيما قرره فى طلبه وهو عدم صلاحيته الطبية من وقت انقطاعه عن العمل لا من الوقت الذى يستنفذ فيه اجازته المرضية لأنه لم يطلبها - وانتهت الوزارة الى القول بأنه لو سلم جدلا بأن الطاعن انقطع عن عمله بسبب المرض وبأن القومسيون الطبى كان سينتهى بأنه يتعين اعفاؤه من العمل فانه لا يسوغ له طلب الحكم بالغاء قرار انهاء خدمته وصرف مرتبه من تاريخ انقطاعه - اذ لا يمكن افتراض أنه أبل من مرضه خلال المدة المسموح بها كأجازات مرضية واعتباره مستمرا فى عمله على القومسيون الطبى مع أنه كان يهدف بطلبه الى اعفائه من الخدمة بسبب عدم اللياقة - واذا فرض جدلا أن اهمال الادارة فوت عليه حقا احتماليا يتمثل فى أن يقرر القومسيون عودته الى العمل مع حساب مدة غيابه هذه اجازة مرضية الا أنه مع افتراض قيام هذه الاجازة حكما فان القانون يقضى بعدم امتدادها أكثر من ستة أشهر كان يتعين عليه بعدها أن يعود الى العمل فى تاريخ أقصاه 2 من مايو سنة 1952 ويبدى عذر المرض مؤيدا بالمستندات ولكنه لم يعد خلال خمسة عشر يوما من هذا التاريخ وأول طلب قدمه للوزارة فى هذا الشأن مؤرخ فى 27 من يونيو سنة 1952 فيتعين تطبيق المادة 181 من القانون المالى فى حقه باعتباره فى حكم المستقبل من تاريخ انقطاعه عن العمل.
ومن حيث انه بالرجوع الى ملف خدمة الطاعن يبين أنه لم يرفق به الطلب الذى أشارت اليه الوزارة فى مذكرتها فى هذا الطعن وقالت أن الطاعن قد تقدم به الى منطقة شبين الكوم التعليمية فى 3 من ديسمبر سنة 1951 ملتمسا فيه احالته الى القومسيون الطبى كما يقرر عدم لياقته للخدمة وذلك تمهيدا لاصدار قرار بانهاء خدمته وتسوية حالته بصرف المعاش أو المكافأة المستحقة له عن مدة خدمته باعتبار أنه أصيب بمرض يحول دون استمراره فى العمل - كما لم ترفق بالملف المذكور الطلبات الأخرى التى يدعى الطاعن أنه تقدم بها فى هذا الشأن ومنها الطلب المقدم منه فى 8 من يناير سنة 1952 والمشار اليه فى كتاب ادارة المستخدمين المرسل الى منطقة شبين الكوم التعليمية فى أول أبريل سنة 1952 والذى طلب فيه البت فى طلبه الأول (صفحة 64 من ملف الخدمة رقم د 6 - 24/ 137) - والطلب الذى قالت الوزارة فى مذكرتها المشار اليها أن الطاعن تقدم به السيد الوزير فى 26 من يونيو سنة 1952 طالبا ذات طلبه الأول أو اعادته الى الخدمة وكذلك الطلب المشار اليه فى الكتاب المرسل من منطقة شبين الكوم التعليمية فى 13 من يوليو سنة 1953 الى المراقبة العامة للتعليم الثانوى والذى ذكرت أن الطاعن طلب فيه اعادته الى الخدمة أو احالته الى القومسيون الطبى وصرف المكافأة التى يستحقها (صفحة 57 من ذات الملف) - ويبين مما حواه هذا الملف من مكاتبات وتأشيرات أن الطلب الذى تقدم به الطاعن فى 3 ديسمبر سنة 1951 قد وصف فيها بأنه طلب استقالته - وأن الادارات المختلفة بالوزارة وبمنطقة شبين الكوم التعليمية ظلت تتبادل المكاتبات فى شأن الطلب المذكور ومع يتبع فيه وفى شأن اعادة الطاعن الى عمله الى ما بعد اقامته دعواه بمدة طويلة ظل فيها مركزه القانونى معلقا الى أن أصدر المراقب العام للمستخدمين فى 29 من أغسطس سنة 1956 ما وصفه بأن أمر تنفيذى بانهاء خدمة الطاعن اعتبارا من 2 من ديسمبر سنة 1951 عملا بأحكام المادة 181 من القانون المالى وقد تضمن هذا الأمر الاشارة فى ديباجته الى أن الطاعن قد تقدم باستقالته فى 3 من ديسمبر سنة 51 وانقطع عن العمل فى 2 من ديسمبر (صفحة 125 من ملف الخدمة) - وبين المراقب العام للمستخدمين فى كتابه المرسل الى ادارة الشئون القانونية فى 25 من مايو سنة 1958 فى شأن البحث عن الاستقالة المقدمة من الطاعن أنه لم يفصل بناء على هذه الاستقالة التى لم تدخل فى اعتبار عند اصدار قرار فصله ولكنه فصل تطبيقا للمادة 181 من قانون المصلحة المالية لانقطاعه عن العمل (صفحة 143 من ملف الخدمة).
ومن حيث أن الخلاف الذى ثار أمام اللجنة القضائية ثم أمام محكمة القضاء الادارى حول ما اذا كان الطلب المشار اليه والمقدم من الطاعن فى 3 من ديسمبر سنة 1951 يتضمن استقالته من وظيفته أو التماس احالته الى القومسيون الطبى لاصابته بمرض يحول دون استمراره فى عمله قد انحسم بما قررته الوزارة فى هذا الشأن فى مذكرتها المقدمة فى هذا الطعن على الوجه السابق بيانه.
ومن حيث أنه وان لم يعد هناك خلاف بين الطرفين حول فحوى الطلب المذكور الا أن الخلاف لا زال قائما حول الأثر المترتب على انقطاع الطاعن عن عمله الذى عاصر تقديمه هذا الطلب فبينما يذهب الطاعن الى أن انقطاعه كان بسبب المرض ثم بسبب امتناع الوزارة عن اعاداته الى عمله بعد شفائه والى أنه ما كان يجوز لذلك اعتباره مستقيلا وفقا لحكم المادة 181 من قانون المصلحة المالية - تذهب الوزارة الى أنه نظرا الى لم يضمن طلبه المشار اليه طلب منحه اجازة مرضية فانه ما كان يجوز له الانقطاع عن العمل حتى يبت فى ذلك الطلب والى أنه وان كان ذلك القرار الصادر بفصله قد أستند الى المادة 181 سالفة الذكر الا أن ذلك لا ينال من القرار المذكور ما دام يمكن حمله على سبب قانونى آخر هو عدم اللياقة الطبية أخذ بتقرير الطاعن فى هذا الشأن.
ومن حيث أن المادة 181 من قانون المصلحة المالية قد رددت حكم المادة 13 من الدكريتو الصادر فى 29 من أبريل سنة 1895 فى شأن اجازات المستخدمين الملكيين التى تنص على أن (كل موظف أو مستخدم لا يعود الى عمله عند انتهاء مدة اجازته يحرم من ماهيته بكاملها من ابتداء يوم انقضائها وهذا لا يمنع معاقبته بالجزاءات التأديبية التى يستحقها عن ذلك - واذا لم يبين الأسباب الموجبة لتأخيره فى ميعاد الخمسة عشر يوما التالية لانتهاء مدة اجازته فيعتبر مستقيلا ويشطب اسمه من جدول المستخدمين وقد تضمن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة حكما مماثلا فى المادة 112 منه التى قضت بأن يعتبر الموظف مستقيلا اذا انقطع عن عمله بدون اذن خمسة عشر يوما متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرضية له فيها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوما التالية ما لم يثبت أن انقطاعه كان لعذر مقبول - كما تضمنت مثل هذا الحكم المادة 81 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964.
ومن حيث أن المستفاد من نص المادة 13 من دكريتو 29 من أبريل سنة 1895 الذى رددت حكمه المادة 181 من قانون المصلحة المالية أن الشارع قد أعتبر انقطاع الموظف عن عمله دون أن يبين الأسباب الموجبة لذلك خلال الخمسة عشر يوما التالية قرينة على الاستقالة وأن هذه القرينة يمكن دحضها اذا قدم الموظف خلال هذا المدة الأسباب الموجبة لهذا الانقطاع. ومن ثم فاذا كان انقطاع الطاعن عن العمل قد اقترن بتقديمه طلبا فى اليوم التالى لاحالته الى القومسيون الطبى لتقرير عدم لياقته للخدمة طبيا لاصابته بمرض يحول دون استمراره فى العمل - فان ذلك ما يكفى للافصاح عن سبب انقطاعه وهو المرض الذى دعاه الى تقديم الطلب المذكور - وبذلك لا يكون هناك وجه لافتراض أن علة انقطاعه هى الاستقالة وتنتفى القرينة التى رتبها القانون على هذا الانقطاع.
ومن حيث أن ينعى على الطاعن بأنه لم يكن جادا فى طلبها احالته الى القومسيون الطبى بمقولة أنه فى الوقت الذى انقطع فيه عن العمل دون اجازة مدعيا المرض ظل يرأس جمعية الترقية الفنية بقويسنا التى ينحصر نشاطها فى مجال التعليم الخاص وأقام الدعوى رقم 121 لسنة 7 القضائية طالبا الغاء القرار الصادر بتخفيض اعانة مدرسة النصر الابتدائية التى تديرها تلك الجمعية فى تاريخ معاصر لتاريخ انقطاعه عن العمل الأمر الذى يمكن معه القول بأن انقطاعه عن العمل لم يكن مرجعه الى المرض ولا الاستقالة من رئاسة تلك الجمعية بل مرده أنه لا يستطيع الجمع بين نشاطين فى وقت واحد - هذا النعى مردود (أولا) بأن مجرد استمرار الطاعن رئيسا لمجلس ادارة الجمعية المشار اليها واقامته الدعوى رقم 121 لسنة 7 القضائية لا يكفى لأن يستخلص منه استخلاصا سائغا أنه لم يكن مريضا فى 2 من ديسمبر سنة 1951 تاريخ انقطاعه عن العمل وذلك بالاضافة الى أن اقامته الدعوى المذكور كانت بايداع صحيفتها فى 25 من أكتوبر سنة 1952 أى بعد التاريخ الذى يدعى أنه شفى فيه من مرضه وبعد تقديمه الطلب المشار اليه فى مذكرة الوزارة والمؤرخ فى 26 من يونية سنة 1952
و(ثانيا) بأنه مما يدل على أن الطاعن كان جادا فى طلبه أنه تقدم بطلب مماثل فى 8 من يناير سنة 1952 ملتمسا البت فيه والمستفاد مما حواه ملف خدمته من أوراق أن عدم البت فى طلبه الأول يرجع الى فقده والى عدم وقوف الادارات.. المختصة على حقيقة مضمونة والى فهمها خطأ أنه طلب استقالة لا طلب احالة الى القومسيون الطبى بسبب المرض الأمر الذى ترتب عليه أن ظل المركز القانونى للطاعن معلقا حتى أصدر المراقب العام للمستخدمين الأمر المؤرخ فى 29 من أغسطس سنة 1956 بأنهاء خدمته على الوجه السابق بيانه.
و(ثالثا) بأنه كان يتعين على الوزارة اذا ثار لديها أى شك فى السبب الذى برر به الطاعن انقطاعه عن العمل وهو المرض أن تحيله الى القومسيون الطبى وهو الجهة المختصة للتحقق مما اذا كان ما يدعيه من عدم لياقته صحيا صحيحا أو غير صحيح وهو ما لم تقم به أصلا.
ومن حيث أنه متى ثبت أن الوزارة كانت على علم بسبب انقطاع الطاعن عن العمل الذى أفصح عنه فى طلبه المؤرخ فى 3 من ديسمبر سنة 1951 وهو المرض وبذلك انتفت القرينة القانونية التى رتبها الشارع على الانقطاع عن العمل فان حكم المادة 181 من قانون المصلحة المالية لا ينطبق عليه.
2 - متى بان ان القرار الصادر بانهاء خدمة الطاعن اعتبارا من 2 من ديسمبر سنة 1951 - استنادا الى المادة 181 من قانون المصلحة المالية قد صدر على غير أساس من القانون فى غير الأحوال الموجبة لذلك فانه لا حجة فى قول الوزارة أن ما نعاه الطاعن على القرار المذكور لا ينال منه ما دام يمكن حمله على سبب قانونى آخر هو عدم اللياقة الصحية أخذا بتقرير الطاعن فى هذا الشأن ذلك أنه ما كان يجوز الاستناد الى هذا السبب لانهاء خدمته الا بعد ثبوت عدم لياقته بقرار من الجهة المختصة وهى القومسيون الطبى وعلى هذا اضطردت أحكام التشريعات الخاصة بالتوظف والمعاشات وقضى به قانون المصلحة المالية فى المادة 268 منه التى نصت على أنه (لا يجوز احالة الموظف أو المستخدم على المعاش بسبب مرض أو عاهة أصيب بها أثناء خدمته الا بناء على شهادة تعطى من القومسيون الطبى بالقاهرة دالة على أنه أصبح غير قادر على الخدمة) وتضمن قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 النص فى المادة 22 منه على أن (كل من يطلب تسوية معاشه أو مكافأته من الموظفين أو المستخدمين بسبب عاهة أو مرض يجب الكشف عليه بمعرفة القومسيون الطبى بالقاهرة) ونصت المادة 23 من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 على أن عدم القدرة على الخدمة يجب اثباته بواسطة قومسيون طبى القاهرة بناء على طلب الموظف أو المستخدم نفسه أو بناء على طلب المصلحة ونصت المادة 109 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أن (يثبت عدم اللياقة الصحية بقرار من القومسيون الطبى العام بناء على طلب الموظف أو الحكومة) - وبالاضافة الى ما تقدم فان المركز القانونى المترتب على انتهاء الخدمة بسبب الانقطاع عن العمل.
وأنه وقد انتهت المحكمة الى عدم انطباق المادة 181 من قانون المصلحة المالية على الطاعن فان القرار الصادر فى 29 من أغسطس سنة 1956 بأنهاء خدمته اعتبارا من 2 من ديسمبر سنة 1951 لا يعتبر مجرد أمر تنفيذى كاشف عن مركز قانونى تقرر بحكم القانون وهو اعتباره مستقيلا من تاريخ انقطاعه عن العمل - بل أن فصل الطاعن يعتبر مبنيا على هذا القرار المخالف للقانون مما يتعين معه القضاء بالغائه.
ومن حيث أنه وان كان الثابت بملف خدمة الطاعن أنه بلغ سن الستين فى ديسمبر سنة 1962 (اذ أن تاريخ ميلاده هو 16 من ديسمبر سنة 1902) الا أنه لا شك فى أن له مصلحة فى الغاء القرار المذكور لما يترتب على هذا الالغاء من آثار فيما يتعلق بحساب مدة خدمته وتسوية حالته وحساب ما يكون مستحقا له من معاش أو مكافأة وفيما يتعلق بحقه فى المطالبة بتعويض عما لحق به من ضرر بسبب فصله ذلك أن من بين طلبات الطاعن التى تقدم بها الى محكمة القضاء الادارى صرف مرتبه من يوم ان تقدم يطلب احالته الى القومسيون الطبى وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الحق فى المرتب لا يعود تلقائيا كأثر من آثار الغاء قرار الفصل بل يخضع لاعتبارات أخرى أهمها أن هذا الحق يقابله واجب هو أداء العمل - ونظرا أن الطاعن قد حيل بينه وبين أداء عمله وحرمت الجهة الادارية من خدماته طيلة مدة فصله فانه لا يكون من حقه المطالبة بصرف مرتبه عن هذه المدة كأثر من آثار الالغاء وله اذا شاء أن يرجع على الوزارة بدعوى تعويض عن قرار الفصل غير المشروع متى توافر عناصرها ومقوماتها.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله بقضائه برفض دعوى الطاعن الأمر الذى يتعين معه الغاؤه والقضاء بالغاء القرار الصادر بأنهاء خدمته وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه السابق بيانه والزام الحكومة المصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وبالغاء القرار الصادر بانهاء خدمة الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب والزمت الحكومة بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 52 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

الطعن المقدم للمحكمة الإدارية العليا من الخصوم ذوي الشأن، على خلاف طعن هيئة مفوضي الدولة، يحكمه أصل مقرر هو ألا يضار الطاعن بطعنه .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 21

(4)
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيزي زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 32 لسنة 9 القضائية

( أ ) موظف "انتهاء الخدمة. استقالة تيسيرية". دعوى "دعوى تسوية" "التظلم السابق على رفع الدعوى". القانون رقم 120 لسنة 1960 - طلب شاغلي الدرجات الشخصية ممن تحققت فيهم الشروط التي يتطلبها القانون المذكور اعتزال الخدمة بالتطبيق لأحكامه - رخصة مباح لهم استعمالها - الأمر في قبول أو رفض الطلب مرده إلى القانون ذاته وإلى تقدير جهة الإدارة أو اختيارها - الدعوى التي تقام في هذا الخصوص في حقيقة تكييفها دعوى تسوية لا تستلزم تظلماً إدارياً قبل رفعها ولا تخضع لميعاد الستين يوماً.
(ب) محكمة إدارية عليا "الطعن أمامها". موظف "انتهاء الخدمة. استقالة تيسيرية". الطعن المقدم للمحكمة الإدارية العليا من الخصوم ذوي الشأن، على خلاف طعن هيئة مفوضي الدولة، يحكمه أصل مقرر هو ألا يضار الطاعن بطعنه - على أنه في حالة وجود ارتباط جوهري بين شق مطعون فيه من الحكم وشق آخر غير مطعون فيه - يعتبر الطعن القائم في شق منهما مثيراً للطعن في شقه الثاني - أساس ذلك، تجنب قيام حكمين متعارضين - تطبيق ذلك بالنسبة لدعوى أقيمت بطلب أصلي هو تسوية الحالة طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 وآخر احتياطي هو الحكم بتعويض مؤقت قضى فيها بعدم قبول الطلب الأول لرفعه بعد الميعاد وبإجابة الطلب الاحتياطي - طعن جهة الإدارة في شق الحكم الخاص بالقضاء بالتعويض المؤقت لا يثير الطعن في شقه الخاص بعدم قبول الدعوى - عدم وجود ارتباط جوهري بينهما [(
1)].
1 - أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب شاغلي الدرجات الشخصية اعتزال الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 رخصة مباحة لهؤلاء الموظفين لهم استعمالها متى تحققت فيهم الشروط التي تطلبها هذا القانون - وإذ كان هدف المشرع من إصداره هو معالجة مشكلة قدامى الموظفين المنسيين ووضع حد لتضخم الدرجات الشخصية والتخلص منها قدر المستطاع وكانت الحكمة التشريعية إنما تعبر بذاتها عن مصلحة عامة ابتغاها الشارع بعد أن وزن ملاءمتها بالنسبة إلى كل من الموظف والخزانة العامة وقدر أنها تبرر إصدار مثل هذا التشريع - فإن ثمة قرينة قانونية قاطعة لا تحتمل إثبات العكس على تحقيق المصلحة العامة في ترك أمثال هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة وتتمثل هذه المصلحة في إلغاء درجاتهم الشخصية التي أعرب المشرع صراحة عن حرصه على التخلص منها فلا وجه للتفرقة بسبب السن أو بدعوى مصلحة العمل ما بين فريق وآخر من شاغلي الدرجات الشخصية ما دام القانون لم يقض بهذه التفرقة ولا تقرها نصوصه وبناء على ما تقدم فإن الأمر في قبول أو رفض الطلبات التي تقدم منهم لاعتزال الخدمة طبقاً لأحكام القانون المذكور ليس مرده إلى تقدير جهة الإدارة واختيارها، وإنما مرده في الحقيقة إلى أحكام القانون ذاته الذي رتب حقوقاً معينة متعلقة بالمعاش لمن يطلبون اعتزال الخدمة من ذوي الدرجات الشخصية المتوافرة فيهم شروط مقررة بحيث أنه متى توافرت فيهم الشروط الواجبة قانوناً حقت لهم الإفادة من أحكام القانون وحق على جهة الإدارة تمكينهم من هذه الإفادة وبهذه المثابة فإن الدعوى التي تقام في هذا الخصوص في حقيقة تكييفها دعوى تسوية تقوم على منازعة في معاش لا تستلزم تظلماً إدارياً قبل رفعها ولا تخضع لميعاد الستين يوماً.
2 - إن الطعن المقدم للمحكمة العليا من هيئة المفوضين - التي ليست طرفاً ذا مصلحة شخصية في المنازعة وإنما تتمثل فيها الحيدة لصالح القانون وحده - يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون ثم تنزل حكمه في المنازعة غير مقيدة بطلبات هيئة المفوضين - إلا أن الطعن من الخصوم ذوي الشأن الذين إنما يطعنون لصالحهم وحدهم يحكمه أصل مقرر بالنسبة للطعن في الأحكام وهو ألا يضار الطاعن بطعنه - على أنه في حالة قيام ارتباط جوهري بين شق مطعون فيه من الحكم وبين شق آخر غير مطعون فيه بأن كان هذا الشق الأخير مترتباً على الشق الأول بحيث يتأثر الحكم فيه بنتيجة الحكم في ذلك الشق الأول - فإنه لا مندوحة تجنباً لقيام حكمين نهائيين متعارضين من أن يعتبر الطعن القائم في الشق الأول منهما مثيراً للطعن في الشق الثاني.
إن طعن الوزارة في الحكم الصادر لصالح المدعي إنما ينصب على شقه الخاص بالقضاء له بتعويض مؤقت ومن ثم فهو لا يفتح الباب لنقض ما قضى به لصالحها ضد المدعي من عدم قبول طلبه الأصلي شكلاً وهو الطلب الخاص بتسوية حالته والذي كان مطروحاً أمام المحكمة الإدارية وقعد عن الطعن في شق الحكم الصادر فيه إذ فضلاً عن ألا تضار الوزارة الطاعنة بطعنها فإنه ليس هناك ارتباط جوهري من قبيل ما سلف بيانه بين هذا الشق الذي لم يطعن فيه من الحكم وبين شقة الآخر المطعون فيه والخاص بالتعويض المؤقت - ذلك أن الحكم في الطعن بما يؤكد حق المدعي في التعويض أو بما ينفي حقه فيه لا يؤثر على ما حكم به في طلبه الأصلي سالف الذكر من عدم قبوله شكلاً إذ أن الحكم بذلك مبني على تكييف الطالب المذكور بأنه طلب إلغاء لقرار إداري لا طلب تسوية وعلى أنه وقد رفع بعد الميعاد القانوني وذلك دون تعرض لمشروعية تصرف الجهة الإدارية أو عدم مشروعيته بما قد يتعارض مع الأساس الموضوعي الذي يبنى عليه الحكم بالتعويض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين في 15 من يناير سنة 1962 أقام المرحوم/ علي حسن إبراهيم الدعوى رقم 156 لسنة 9 القضائية ضد السيد وزير الزراعة طالباً الحكم أصلياً بتعويضه تعويضاً عينياً وذلك بتسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 واحتياطياً بإلزام المدعى عليه بأن يدفع له مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت مع إلزامه بالمصروفات والأتعاب وقال شرحاً لدعواه أنه من مواليد 7 من أكتوبر سنة 1900 وبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 6 من أكتوبر سنة 1960 وتقدم بطلب إحالته إلى المعاش مع تسوية حالته طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 ورغم استيفائه جميع الشروط التي نص عليها هذا القانون صدر قرار بحفظ طلبه وهو قرار مخالف للقانون ولقصد المشرع من إصداره وهو علاج مشكلة الموظفين المنسبين علاجاً شاملاً وتعويضهم تعويضاً عادلاً إلى جانب الرغبة الملحة في التخلص من الدرجات الشخصية - وكان سبب الرفض هو أن المدة الباقية على بلوغه سن الإحالة إلى المعاش أقل من سنة وهو شرط باطل لمخالفته للقانون ولقصد الشارع علاوة على أنه مناف للعدالة يخلق أوضاعاً شاذة بإغداق المزايا على الموظف الأقل سناً ومرتباً ودرجة ويجعله يتقاضى معاشاً يزيد عما يتقاضاه زميله الأكبر سناً والأطول خدمة وقد سكت القانون عن تحديد الحد الأقصى لسن طالب الاعتزال حرصاً من الشارع على المساواة بين الموظفين ومما يدل على أن هذا القانون يعتبر من قبيل الإنصاف أو قواعد التسوية أن النية كانت متجهة إلى تعميمه بالنسبة لمن خرجوا قبل صدوره فيكون من باب أولى واجب التطبيق على جميع من خرجوا في ظله - أما عبارة الصالح العام التي وردت بالمذكرة الإيضاحية فكان المقصود بها الموظفين الذين على درجات أصلية دون أصحاب الدرجات الشخصية وقد وردت نصوص بعبارات عامة صريحة الدلالة على قصد المشرع تعميم تطبيقه وأضاف المدعي أنه واضح من المذكرة المرفوعة من مراقبة المستخدمين إلى السيد الوزير في شأن طلبه أن سبب الرفض هو أن المدة الباقية أقل من سنة وذكر أنه يحق له المطالبة بتعويض عما أصابه من أضرار نتيجة لهذا القرار الباطل وأنه قد تقدم بطلب إعفاء قيد برقم 136 لسنة 8 القضائية قضى بقبول بجلسة 20 من ديسمبر سنة 1961.
وأجابت الوزارة على الدعوى بمذكرة قالت فيها أنه جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 120 لسنة 1960 أن على المصالح والوزارات البت في طلبات ترك الخدمة في ضوء المصلحة العامة وأن المدعي قد تقدم في 30 من مايو سنة 1960 بطلب يلتمس فيه إحالته إلى المعاش طبقاً للقانون المشار إليه وعرض على الوزارة فاستعملت سلطتها طبقاً لما جاء بالمذكرة الإيضاحية وحفظت الطلب في 11 من يونيو سنة 1960.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بأحقية المدعي في مبدأ التعويض عن القرار المطعون فيه والحكم له بقرش واحد على سبيل التعويض المؤقت وإلزام المدعى عليها المصروفات.
وبجلسة أول أكتوبر سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية بعدم قبول الطلب الأصلي شكلاً لرفعه بعد الميعاد وبأحقية المدعي في تعويض مؤقت قدره قرش واحد وإلزام الوزارة المصروفات وأقامت قضاءها بعدم قبول الطلب الأصلي على أن القضاء به يعني ضمناً الحكم بإلغاء القرار الصادر من وزير الزراعة في 11 من يونيو سنة 1960 ونظراً إلى أنه لم يتبع ما نصت عليه المادتان 12، 20 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فإن هذا الطلب يكون غير مقبول شكلاً - كما أقامت قضاءها بالتعويض المؤقت على أن سلطة جهة الإدارة في البت في الطلبات المقدمة من الموظفين إعمالاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 مقيدة بما تتطلبه المصلحة العامة فإن ثبت أن رفض الطلب كان تحقيقاً للمصلحة العامة التي تقضي بحسن سير المرفق وانتظامه كان قرارها سليماً أما إذا انتهجت جهة الإدارة منهجاً لا يرتبط بالمصلحة العامة ولم يكن الدافع لها إلا قرب نهائية خدمة الموظف كان تصرفها مجاوزاً لحدود سلطتها ومخالفاً للقانون والثابت أن الجهة الإدارية قد حفظت الطلب المقدم من المدعي بتاريخ 11 من يونيو سنة 1960 استناداً إلى سبب لم ينص عليه القانون وهو أن المدة الباقية له تقل عن سنة من تاريخ تقديم طلبه فتصرفها على هذا الوجه يكون غير مشروع - ونظراً إلى أن تطبيق القانون رقم 120 لسنة 1960 كان سيحقق للمدعي فائدة محتمة فيكون عدم إجابته إلى طلبه قد أصابه بضرر محقق الأمر الذي رأت معه المحكمة إجابته إلى طلبه الاحتياطي والحكم له بتعويض مؤقت قدره قرش واحد.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ قرر أن الجهة الإدارية قد حفظت طلب المدعي استناداً إلى أن المدة الباقية على إحالته إلى المعاش من تاريخ تقديم الطلب تقل عن سنة ذلك أن قرار الرفض قد صدر غير مسبب ولم تفصح جهة الإدارة عن سببه ولا يغير من هذا أن المذكرة التي رفعت للوزارة بشأن هذا الطلب قد ذكر بها أن تاريخ إحالة مقدم الطلب إلى المعاش هو 6 من أكتوبر سنة 1960 إذ أن ذكر هذه العبارة كان من قبيل سرد حالته كما أنه على فرض أن السبب الذي استنتجه الحكم صحيح فإنه ليس في ذلك أية مخالفة للقانون أو خروج على المحكمة التي توخاها الشارع بل أنه إعمالاً لهذه الحكمة ذلك أن المسلم أن للجهة الإدارية سلطة البت في طلبات الموظفين المقدمة طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 على ضوء المصلحة العامة وهذا ما قررته المذكرة الإيضاحية له وقد قصد المشرع منه تحقيق هدف خاص هو التخلص من الدرجات الشخصية بعد أن تضخم عددها لكثرة ترقية الموظفين المنسيين فإذا كان هذا الهدف متحققاً بإعمال القواعد العامة المقررة في قانون الموظفين بانتهاء خدمة الموظف لبلوغه السن القانونية للإحالة إلى المعاش فلا محل في هذه الحالة لتطبيق القانون رقم 120 لسنة 1960 وإلا كان في ذلك تحميل للخزانة العامة بأعباء مالية بمنح الموظف ميزات مالية دون مبرر مما يعتبر خروجاً على الهدف الذي قصده المشرع وانحرافاً في استعمال السلطة وهذا ما حاولت الجهة الإدارية تفاديه في حالة المطعون ضده إذ تبين أنه يبلغ السن القانونية للإحالة إلى المعاش خلال مدة تقل عن سنة من تاريخ تقديم طلبه فلم تجد محلاً لتطبيق القانون 120 لسنة 1960 ومما تقدم يتضح أن القرار المطعون فيه قرار سليم متفق مع القانون ومن ثم يكون قد انعدم ركن الخطأ وتنتفي مسئولية الإدارة.
ومن حيث أن هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكومة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى أحقية المطعون ضده في تسوية حالته طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام الحكومة المصروفات وذلك تأسيساً على أن الصحيح في الأمر هو أن دعوى المنازعة في القرار الصادر برفض طلب المدعي اعتزاله الخدمة بمقتضى أحكام القانون المذكور تعد بحسب تكييفها القانوني السليم دعوى تسوية تقوم على منازعة في معاش فلاً تستلزم تظلماً إدارياً قبل رفعها ولا تخضع لميعاد الستين يوماً المقرر لطلبات الإلغاء - وأن الطعن وأن اقتصر على شق الحكم الخاص بالتعويض يثير المنازعة في شقه الخاص بالإلغاء لأن مثار المنازعة في الواقع هو مشروعية أو عدم مشروعية موقف الإدارة من عدم تسوية حالة المدعي طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 فالتسوية والتعويض نتيجتان مترتبتان على أساس قانوني واحد وترتبط إحداهما بالآخر ارتباطاً جوهرياً.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي ولد في 7 من أكتوبر سنة 1900 فكان سنة عند العمل بالقانون رقم 120 لسنة 1960 وقد جاوز الخامسة والخمسين - وقد تقدم في 30 من مايو سنة 1960 بطلب يلتمس فيه أحالته إلى المعاش طبقاً للقانون المشار إليه - وفي 2 من يونيو سنة 1960 أعدت مراقبة المستخدمين والمعاشات مذكرة في شأن هذا الطلب تضمنت أن المدعي قد رقي إلى الدرجة السابعة الكتابية بصفة شخصية اعتباراً من 26 من مارس سنة 1960 وأن مرتبه أصبح خمسة وثلاثين جنيهاً اعتباراً من أول إبريل سنة 1960 وأن المدة الباقية لبلوغه السن القانونية في 6 من أكتوبر سنة 1960 تقل عن سنة - وفي 9 من يونيو سنة 1960 أشر السيد وكيل الوزارة المساعد على هذه المذكرة بما نصه (للعرض على السيد الدكتور الوزير رجاء التفضل بالنظر مع العلم بأن تاريخ إحالته على المعاش 6/ 10/ 1960) وفي 11 من يونيو سنة 1960 أشر السيد الوزير على المذكرة بما يفيد رفض الطلب.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب شاغلي الدرجات الشخصية اعتزال الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 رخصة مباحة لهؤلاء الموظفين لهم استعمالها متى تحققت فيهم الشروط التي تطلبها هذا القانون - وإذ كان هدف المشرع من إصداره هو معالجة مشكلة قدامى الموظفين المنسيين ووضع حد لتضخم الدرجات الشخصية والتخلص منها قدر المستطاع وكانت المحكمة التشريعية إنما تعبر بذاتها عن مصلحة عامة ابتغاها الشارع بعد أن وزن ملاءمتها بالنسبة إلى كل من الموظف والخزانة العامة وقدر أنها تبرر إصدار مثل هذا التشريع - فإن ثمة قرينة قانونية قاطعة لا تحتمل إثبات العكس على تحقق المصلحة العامة في ترك أمثال هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة وتتمثل هذه المصلحة في إلغاء درجاتهم الشخصية التي أعرب المشرع صراحة عن حرصه على التخلص منها فلا وجه للتفرقة بسبب السن أو بدعوى مصلحة العمل ما بين فريق وآخر من شاغلي الدرجات الشخصية ما دام القانون لم يقض بهذه التفرقة ولا تقرها نصوصه وبناء على ما تقدم فإن الأمر في قبول أو رفض الطلبات التي تقدم منهم لاعتزال الخدمة طبقاً لأحكام القانون المذكور ليس مرده إلى تقدير جهة الإدارة واختيارها وإنما مرده في الحقيقة إلى أحكام القانون ذاته الذي رتب حقوقاً معينة متعلقة بالمعاش لمن يطلبون اعتزال الخدمة من ذوي الدرجات الشخصية المتوافرة فيهم شروط مقررة بحيث إنه متى توافرت هذه الشروط الواجبة قانوناً حقت لهم الإفادة من أحكام القانون وحق على جهة الإدارة تمكينهم من هذه الإفادة - وبهذه المثابة فإن الدعوى التي تقام في هذا الخصوص تكون في حقيقة تكييفها دعوى تسوية تقوم على منازعة في معاش لا تستلزم تظلماً إدارياً قبل رفعها ولا تخضع لميعاد الستين يوماً.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن عدم قبول الوزارة طلب المدعي اعتزال الخدمة طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 رغم أنه توافرت فيه الشروط التي تطلبها هذا القانون يكون غير قائم على أساس سليم ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى للمدعي بما طلبه من تعويض مؤقت تأسيساً على خطأ الوزارة في عدم قبول طلبه المذكور قد أصاب الحق في قضائه ومن ثم فإن طعن الوزارة على هذا الحكم يكون غير سديد مما يتعين معه القضاء برفضه.
ومن حيث إنه ولئن كان صحيحاً أن الطعن المقدم للمحكمة العليا من هيئة المفوضين - التي ليست طرفاً ذا مصلحة شخصية في المنازعة وإنما تتمثل فيها الحيدة لصالح القانون وحده - يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون ثم تنزل حكمها في المنازعة غير مقيدة بطلبات هيئة المفوضين - إلا أن الطعن من الخصوم ذوي الشأن الذين إنما يطعنون لصالحهم وحدهم يحكمه أصل مقرر بالنسبة للطعن في الأحكام وهو إلا يضار الطاعن بطعنه - على أنه في حالة قيام ارتباط جوهري بين شق مطعون فيه من الحكم وبين شق آخر غير مطعون فيه بأن كان هذا الشق الأخير مترتباً على الشق الأول بحيث يتأثر الحكم فيه بنتيجة الحكم في ذلك الشق الأول - فإنه لا مندوحة تجنباً لقيام حكمين نهائيين متعارضين من أن يعتبر الطعن القائم في الشق الأول منهما مثيراً للطعن في الشق الثاني.
ومن حيث إن طعن الوزارة في الحكم الصادر لصالح المدعي إنما ينصب على شقة الخاص بالقضاء له بتعويض مؤقت - وهذا الطعن لا يفتح الباب لنقض ما قضى به صالحها ضد المدعي من عدم قبول طلبه الأصلي شكلاً وهو الطلب الخاص بتسوية حالته والذي كان مطروحاً أمام المحكمة الإدارية وقعد عن الطعن في شق الحكم الصادر فيه إذ فضلاً عن أن الأصل هو ألا تضار الوزارة الطاعنة بطعنها فإنه ليس هناك ارتباط جوهري من قبيل ما سلف بيانه بين هذا الشق الذي لم يطعن فيه من الحكم وبين شقه الآخر المطعون فيه والخاص بالتعويض المؤقت - ذلك أن الحكم في الطعن بما يؤكد حق المدعي في التعويض أو بما ينفي حقه فيه لا يؤثر على ما حكم به في طلبه الأصلي سالف الذكر من عدم قبوله شكلاً إذ أن الحكم بذلك مبني على تكييف الطلب المذكور بأنه طلب إلغاء لقرار إداري لا طلب تسوية وعلى أنه وقد رفع بعد الميعاد القانوني وذلك دون تعرض لمشروعية تصرف الجهة الإدارية أو عدم مشروعيته بما قد يتعارض مع الأساس الموضوعي الذي يبني عليه الحكم بالتعويض.
ومن حيث إنه لذلك يتعين الحكم برفض الطعن مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.


 

[(1)] قارن حكم المحكمة الإدارية العليا في القضية رقم 1565 لسنة 3 القضائية الصادر بجلسة 27/ 4/ 1957 والمنشور بمجموعة السنة الثانية المبدأ رقم 101 ص 975، والحكم الصادر في القضية رقم 161 لسنة 3 القضائية بجلسة 29/ 6/ 1957 والمنشور بمجموعة السنة الثانية المبدأ رقم 137 ص 1335، والحكم الصادر في القضية رقم 230 لسنة 9 القضائية بجلسة 23/ 5/ 1965 والمنشور بمجموعة السنة العاشرة مبدأ رقم 133 ص 1470.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 42 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

القانون رقم 120 لسنة 1960 - طلب شاغلي الدرجات الشخصية ممن تحققت فيهم الشروط التي يتطلبها القانون المذكور اعتزال الخدمة بالتطبيق لأحكامه .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 21

(4)
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيزي زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 32 لسنة 9 القضائية

( أ ) موظف "انتهاء الخدمة. استقالة تيسيرية". دعوى "دعوى تسوية" "التظلم السابق على رفع الدعوى". القانون رقم 120 لسنة 1960 - طلب شاغلي الدرجات الشخصية ممن تحققت فيهم الشروط التي يتطلبها القانون المذكور اعتزال الخدمة بالتطبيق لأحكامه - رخصة مباح لهم استعمالها - الأمر في قبول أو رفض الطلب مرده إلى القانون ذاته وإلى تقدير جهة الإدارة أو اختيارها - الدعوى التي تقام في هذا الخصوص في حقيقة تكييفها دعوى تسوية لا تستلزم تظلماً إدارياً قبل رفعها ولا تخضع لميعاد الستين يوماً.
(ب) محكمة إدارية عليا "الطعن أمامها". موظف "انتهاء الخدمة. استقالة تيسيرية". الطعن المقدم للمحكمة الإدارية العليا من الخصوم ذوي الشأن، على خلاف طعن هيئة مفوضي الدولة، يحكمه أصل مقرر هو ألا يضار الطاعن بطعنه - على أنه في حالة وجود ارتباط جوهري بين شق مطعون فيه من الحكم وشق آخر غير مطعون فيه - يعتبر الطعن القائم في شق منهما مثيراً للطعن في شقه الثاني - أساس ذلك، تجنب قيام حكمين متعارضين - تطبيق ذلك بالنسبة لدعوى أقيمت بطلب أصلي هو تسوية الحالة طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 وآخر احتياطي هو الحكم بتعويض مؤقت قضى فيها بعدم قبول الطلب الأول لرفعه بعد الميعاد وبإجابة الطلب الاحتياطي - طعن جهة الإدارة في شق الحكم الخاص بالقضاء بالتعويض المؤقت لا يثير الطعن في شقه الخاص بعدم قبول الدعوى - عدم وجود ارتباط جوهري بينهما [(
1)].
1 - أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب شاغلي الدرجات الشخصية اعتزال الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 رخصة مباحة لهؤلاء الموظفين لهم استعمالها متى تحققت فيهم الشروط التي تطلبها هذا القانون - وإذ كان هدف المشرع من إصداره هو معالجة مشكلة قدامى الموظفين المنسيين ووضع حد لتضخم الدرجات الشخصية والتخلص منها قدر المستطاع وكانت الحكمة التشريعية إنما تعبر بذاتها عن مصلحة عامة ابتغاها الشارع بعد أن وزن ملاءمتها بالنسبة إلى كل من الموظف والخزانة العامة وقدر أنها تبرر إصدار مثل هذا التشريع - فإن ثمة قرينة قانونية قاطعة لا تحتمل إثبات العكس على تحقيق المصلحة العامة في ترك أمثال هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة وتتمثل هذه المصلحة في إلغاء درجاتهم الشخصية التي أعرب المشرع صراحة عن حرصه على التخلص منها فلا وجه للتفرقة بسبب السن أو بدعوى مصلحة العمل ما بين فريق وآخر من شاغلي الدرجات الشخصية ما دام القانون لم يقض بهذه التفرقة ولا تقرها نصوصه وبناء على ما تقدم فإن الأمر في قبول أو رفض الطلبات التي تقدم منهم لاعتزال الخدمة طبقاً لأحكام القانون المذكور ليس مرده إلى تقدير جهة الإدارة واختيارها، وإنما مرده في الحقيقة إلى أحكام القانون ذاته الذي رتب حقوقاً معينة متعلقة بالمعاش لمن يطلبون اعتزال الخدمة من ذوي الدرجات الشخصية المتوافرة فيهم شروط مقررة بحيث أنه متى توافرت فيهم الشروط الواجبة قانوناً حقت لهم الإفادة من أحكام القانون وحق على جهة الإدارة تمكينهم من هذه الإفادة وبهذه المثابة فإن الدعوى التي تقام في هذا الخصوص في حقيقة تكييفها دعوى تسوية تقوم على منازعة في معاش لا تستلزم تظلماً إدارياً قبل رفعها ولا تخضع لميعاد الستين يوماً.
2 - إن الطعن المقدم للمحكمة العليا من هيئة المفوضين - التي ليست طرفاً ذا مصلحة شخصية في المنازعة وإنما تتمثل فيها الحيدة لصالح القانون وحده - يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون ثم تنزل حكمه في المنازعة غير مقيدة بطلبات هيئة المفوضين - إلا أن الطعن من الخصوم ذوي الشأن الذين إنما يطعنون لصالحهم وحدهم يحكمه أصل مقرر بالنسبة للطعن في الأحكام وهو ألا يضار الطاعن بطعنه - على أنه في حالة قيام ارتباط جوهري بين شق مطعون فيه من الحكم وبين شق آخر غير مطعون فيه بأن كان هذا الشق الأخير مترتباً على الشق الأول بحيث يتأثر الحكم فيه بنتيجة الحكم في ذلك الشق الأول - فإنه لا مندوحة تجنباً لقيام حكمين نهائيين متعارضين من أن يعتبر الطعن القائم في الشق الأول منهما مثيراً للطعن في الشق الثاني.
إن طعن الوزارة في الحكم الصادر لصالح المدعي إنما ينصب على شقه الخاص بالقضاء له بتعويض مؤقت ومن ثم فهو لا يفتح الباب لنقض ما قضى به لصالحها ضد المدعي من عدم قبول طلبه الأصلي شكلاً وهو الطلب الخاص بتسوية حالته والذي كان مطروحاً أمام المحكمة الإدارية وقعد عن الطعن في شق الحكم الصادر فيه إذ فضلاً عن ألا تضار الوزارة الطاعنة بطعنها فإنه ليس هناك ارتباط جوهري من قبيل ما سلف بيانه بين هذا الشق الذي لم يطعن فيه من الحكم وبين شقة الآخر المطعون فيه والخاص بالتعويض المؤقت - ذلك أن الحكم في الطعن بما يؤكد حق المدعي في التعويض أو بما ينفي حقه فيه لا يؤثر على ما حكم به في طلبه الأصلي سالف الذكر من عدم قبوله شكلاً إذ أن الحكم بذلك مبني على تكييف الطالب المذكور بأنه طلب إلغاء لقرار إداري لا طلب تسوية وعلى أنه وقد رفع بعد الميعاد القانوني وذلك دون تعرض لمشروعية تصرف الجهة الإدارية أو عدم مشروعيته بما قد يتعارض مع الأساس الموضوعي الذي يبنى عليه الحكم بالتعويض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين في 15 من يناير سنة 1962 أقام المرحوم/ علي حسن إبراهيم الدعوى رقم 156 لسنة 9 القضائية ضد السيد وزير الزراعة طالباً الحكم أصلياً بتعويضه تعويضاً عينياً وذلك بتسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 واحتياطياً بإلزام المدعى عليه بأن يدفع له مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت مع إلزامه بالمصروفات والأتعاب وقال شرحاً لدعواه أنه من مواليد 7 من أكتوبر سنة 1900 وبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 6 من أكتوبر سنة 1960 وتقدم بطلب إحالته إلى المعاش مع تسوية حالته طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 ورغم استيفائه جميع الشروط التي نص عليها هذا القانون صدر قرار بحفظ طلبه وهو قرار مخالف للقانون ولقصد المشرع من إصداره وهو علاج مشكلة الموظفين المنسبين علاجاً شاملاً وتعويضهم تعويضاً عادلاً إلى جانب الرغبة الملحة في التخلص من الدرجات الشخصية - وكان سبب الرفض هو أن المدة الباقية على بلوغه سن الإحالة إلى المعاش أقل من سنة وهو شرط باطل لمخالفته للقانون ولقصد الشارع علاوة على أنه مناف للعدالة يخلق أوضاعاً شاذة بإغداق المزايا على الموظف الأقل سناً ومرتباً ودرجة ويجعله يتقاضى معاشاً يزيد عما يتقاضاه زميله الأكبر سناً والأطول خدمة وقد سكت القانون عن تحديد الحد الأقصى لسن طالب الاعتزال حرصاً من الشارع على المساواة بين الموظفين ومما يدل على أن هذا القانون يعتبر من قبيل الإنصاف أو قواعد التسوية أن النية كانت متجهة إلى تعميمه بالنسبة لمن خرجوا قبل صدوره فيكون من باب أولى واجب التطبيق على جميع من خرجوا في ظله - أما عبارة الصالح العام التي وردت بالمذكرة الإيضاحية فكان المقصود بها الموظفين الذين على درجات أصلية دون أصحاب الدرجات الشخصية وقد وردت نصوص بعبارات عامة صريحة الدلالة على قصد المشرع تعميم تطبيقه وأضاف المدعي أنه واضح من المذكرة المرفوعة من مراقبة المستخدمين إلى السيد الوزير في شأن طلبه أن سبب الرفض هو أن المدة الباقية أقل من سنة وذكر أنه يحق له المطالبة بتعويض عما أصابه من أضرار نتيجة لهذا القرار الباطل وأنه قد تقدم بطلب إعفاء قيد برقم 136 لسنة 8 القضائية قضى بقبول بجلسة 20 من ديسمبر سنة 1961.
وأجابت الوزارة على الدعوى بمذكرة قالت فيها أنه جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 120 لسنة 1960 أن على المصالح والوزارات البت في طلبات ترك الخدمة في ضوء المصلحة العامة وأن المدعي قد تقدم في 30 من مايو سنة 1960 بطلب يلتمس فيه إحالته إلى المعاش طبقاً للقانون المشار إليه وعرض على الوزارة فاستعملت سلطتها طبقاً لما جاء بالمذكرة الإيضاحية وحفظت الطلب في 11 من يونيو سنة 1960.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بأحقية المدعي في مبدأ التعويض عن القرار المطعون فيه والحكم له بقرش واحد على سبيل التعويض المؤقت وإلزام المدعى عليها المصروفات.
وبجلسة أول أكتوبر سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية بعدم قبول الطلب الأصلي شكلاً لرفعه بعد الميعاد وبأحقية المدعي في تعويض مؤقت قدره قرش واحد وإلزام الوزارة المصروفات وأقامت قضاءها بعدم قبول الطلب الأصلي على أن القضاء به يعني ضمناً الحكم بإلغاء القرار الصادر من وزير الزراعة في 11 من يونيو سنة 1960 ونظراً إلى أنه لم يتبع ما نصت عليه المادتان 12، 20 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فإن هذا الطلب يكون غير مقبول شكلاً - كما أقامت قضاءها بالتعويض المؤقت على أن سلطة جهة الإدارة في البت في الطلبات المقدمة من الموظفين إعمالاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 مقيدة بما تتطلبه المصلحة العامة فإن ثبت أن رفض الطلب كان تحقيقاً للمصلحة العامة التي تقضي بحسن سير المرفق وانتظامه كان قرارها سليماً أما إذا انتهجت جهة الإدارة منهجاً لا يرتبط بالمصلحة العامة ولم يكن الدافع لها إلا قرب نهائية خدمة الموظف كان تصرفها مجاوزاً لحدود سلطتها ومخالفاً للقانون والثابت أن الجهة الإدارية قد حفظت الطلب المقدم من المدعي بتاريخ 11 من يونيو سنة 1960 استناداً إلى سبب لم ينص عليه القانون وهو أن المدة الباقية له تقل عن سنة من تاريخ تقديم طلبه فتصرفها على هذا الوجه يكون غير مشروع - ونظراً إلى أن تطبيق القانون رقم 120 لسنة 1960 كان سيحقق للمدعي فائدة محتمة فيكون عدم إجابته إلى طلبه قد أصابه بضرر محقق الأمر الذي رأت معه المحكمة إجابته إلى طلبه الاحتياطي والحكم له بتعويض مؤقت قدره قرش واحد.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ قرر أن الجهة الإدارية قد حفظت طلب المدعي استناداً إلى أن المدة الباقية على إحالته إلى المعاش من تاريخ تقديم الطلب تقل عن سنة ذلك أن قرار الرفض قد صدر غير مسبب ولم تفصح جهة الإدارة عن سببه ولا يغير من هذا أن المذكرة التي رفعت للوزارة بشأن هذا الطلب قد ذكر بها أن تاريخ إحالة مقدم الطلب إلى المعاش هو 6 من أكتوبر سنة 1960 إذ أن ذكر هذه العبارة كان من قبيل سرد حالته كما أنه على فرض أن السبب الذي استنتجه الحكم صحيح فإنه ليس في ذلك أية مخالفة للقانون أو خروج على المحكمة التي توخاها الشارع بل أنه إعمالاً لهذه الحكمة ذلك أن المسلم أن للجهة الإدارية سلطة البت في طلبات الموظفين المقدمة طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 على ضوء المصلحة العامة وهذا ما قررته المذكرة الإيضاحية له وقد قصد المشرع منه تحقيق هدف خاص هو التخلص من الدرجات الشخصية بعد أن تضخم عددها لكثرة ترقية الموظفين المنسيين فإذا كان هذا الهدف متحققاً بإعمال القواعد العامة المقررة في قانون الموظفين بانتهاء خدمة الموظف لبلوغه السن القانونية للإحالة إلى المعاش فلا محل في هذه الحالة لتطبيق القانون رقم 120 لسنة 1960 وإلا كان في ذلك تحميل للخزانة العامة بأعباء مالية بمنح الموظف ميزات مالية دون مبرر مما يعتبر خروجاً على الهدف الذي قصده المشرع وانحرافاً في استعمال السلطة وهذا ما حاولت الجهة الإدارية تفاديه في حالة المطعون ضده إذ تبين أنه يبلغ السن القانونية للإحالة إلى المعاش خلال مدة تقل عن سنة من تاريخ تقديم طلبه فلم تجد محلاً لتطبيق القانون 120 لسنة 1960 ومما تقدم يتضح أن القرار المطعون فيه قرار سليم متفق مع القانون ومن ثم يكون قد انعدم ركن الخطأ وتنتفي مسئولية الإدارة.
ومن حيث أن هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكومة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى أحقية المطعون ضده في تسوية حالته طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام الحكومة المصروفات وذلك تأسيساً على أن الصحيح في الأمر هو أن دعوى المنازعة في القرار الصادر برفض طلب المدعي اعتزاله الخدمة بمقتضى أحكام القانون المذكور تعد بحسب تكييفها القانوني السليم دعوى تسوية تقوم على منازعة في معاش فلاً تستلزم تظلماً إدارياً قبل رفعها ولا تخضع لميعاد الستين يوماً المقرر لطلبات الإلغاء - وأن الطعن وأن اقتصر على شق الحكم الخاص بالتعويض يثير المنازعة في شقه الخاص بالإلغاء لأن مثار المنازعة في الواقع هو مشروعية أو عدم مشروعية موقف الإدارة من عدم تسوية حالة المدعي طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 فالتسوية والتعويض نتيجتان مترتبتان على أساس قانوني واحد وترتبط إحداهما بالآخر ارتباطاً جوهرياً.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي ولد في 7 من أكتوبر سنة 1900 فكان سنة عند العمل بالقانون رقم 120 لسنة 1960 وقد جاوز الخامسة والخمسين - وقد تقدم في 30 من مايو سنة 1960 بطلب يلتمس فيه أحالته إلى المعاش طبقاً للقانون المشار إليه - وفي 2 من يونيو سنة 1960 أعدت مراقبة المستخدمين والمعاشات مذكرة في شأن هذا الطلب تضمنت أن المدعي قد رقي إلى الدرجة السابعة الكتابية بصفة شخصية اعتباراً من 26 من مارس سنة 1960 وأن مرتبه أصبح خمسة وثلاثين جنيهاً اعتباراً من أول إبريل سنة 1960 وأن المدة الباقية لبلوغه السن القانونية في 6 من أكتوبر سنة 1960 تقل عن سنة - وفي 9 من يونيو سنة 1960 أشر السيد وكيل الوزارة المساعد على هذه المذكرة بما نصه (للعرض على السيد الدكتور الوزير رجاء التفضل بالنظر مع العلم بأن تاريخ إحالته على المعاش 6/ 10/ 1960) وفي 11 من يونيو سنة 1960 أشر السيد الوزير على المذكرة بما يفيد رفض الطلب.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب شاغلي الدرجات الشخصية اعتزال الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 رخصة مباحة لهؤلاء الموظفين لهم استعمالها متى تحققت فيهم الشروط التي تطلبها هذا القانون - وإذ كان هدف المشرع من إصداره هو معالجة مشكلة قدامى الموظفين المنسيين ووضع حد لتضخم الدرجات الشخصية والتخلص منها قدر المستطاع وكانت المحكمة التشريعية إنما تعبر بذاتها عن مصلحة عامة ابتغاها الشارع بعد أن وزن ملاءمتها بالنسبة إلى كل من الموظف والخزانة العامة وقدر أنها تبرر إصدار مثل هذا التشريع - فإن ثمة قرينة قانونية قاطعة لا تحتمل إثبات العكس على تحقق المصلحة العامة في ترك أمثال هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة وتتمثل هذه المصلحة في إلغاء درجاتهم الشخصية التي أعرب المشرع صراحة عن حرصه على التخلص منها فلا وجه للتفرقة بسبب السن أو بدعوى مصلحة العمل ما بين فريق وآخر من شاغلي الدرجات الشخصية ما دام القانون لم يقض بهذه التفرقة ولا تقرها نصوصه وبناء على ما تقدم فإن الأمر في قبول أو رفض الطلبات التي تقدم منهم لاعتزال الخدمة طبقاً لأحكام القانون المذكور ليس مرده إلى تقدير جهة الإدارة واختيارها وإنما مرده في الحقيقة إلى أحكام القانون ذاته الذي رتب حقوقاً معينة متعلقة بالمعاش لمن يطلبون اعتزال الخدمة من ذوي الدرجات الشخصية المتوافرة فيهم شروط مقررة بحيث إنه متى توافرت هذه الشروط الواجبة قانوناً حقت لهم الإفادة من أحكام القانون وحق على جهة الإدارة تمكينهم من هذه الإفادة - وبهذه المثابة فإن الدعوى التي تقام في هذا الخصوص تكون في حقيقة تكييفها دعوى تسوية تقوم على منازعة في معاش لا تستلزم تظلماً إدارياً قبل رفعها ولا تخضع لميعاد الستين يوماً.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن عدم قبول الوزارة طلب المدعي اعتزال الخدمة طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 رغم أنه توافرت فيه الشروط التي تطلبها هذا القانون يكون غير قائم على أساس سليم ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى للمدعي بما طلبه من تعويض مؤقت تأسيساً على خطأ الوزارة في عدم قبول طلبه المذكور قد أصاب الحق في قضائه ومن ثم فإن طعن الوزارة على هذا الحكم يكون غير سديد مما يتعين معه القضاء برفضه.
ومن حيث إنه ولئن كان صحيحاً أن الطعن المقدم للمحكمة العليا من هيئة المفوضين - التي ليست طرفاً ذا مصلحة شخصية في المنازعة وإنما تتمثل فيها الحيدة لصالح القانون وحده - يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون ثم تنزل حكمها في المنازعة غير مقيدة بطلبات هيئة المفوضين - إلا أن الطعن من الخصوم ذوي الشأن الذين إنما يطعنون لصالحهم وحدهم يحكمه أصل مقرر بالنسبة للطعن في الأحكام وهو إلا يضار الطاعن بطعنه - على أنه في حالة قيام ارتباط جوهري بين شق مطعون فيه من الحكم وبين شق آخر غير مطعون فيه بأن كان هذا الشق الأخير مترتباً على الشق الأول بحيث يتأثر الحكم فيه بنتيجة الحكم في ذلك الشق الأول - فإنه لا مندوحة تجنباً لقيام حكمين نهائيين متعارضين من أن يعتبر الطعن القائم في الشق الأول منهما مثيراً للطعن في الشق الثاني.
ومن حيث إن طعن الوزارة في الحكم الصادر لصالح المدعي إنما ينصب على شقة الخاص بالقضاء له بتعويض مؤقت - وهذا الطعن لا يفتح الباب لنقض ما قضى به صالحها ضد المدعي من عدم قبول طلبه الأصلي شكلاً وهو الطلب الخاص بتسوية حالته والذي كان مطروحاً أمام المحكمة الإدارية وقعد عن الطعن في شق الحكم الصادر فيه إذ فضلاً عن أن الأصل هو ألا تضار الوزارة الطاعنة بطعنها فإنه ليس هناك ارتباط جوهري من قبيل ما سلف بيانه بين هذا الشق الذي لم يطعن فيه من الحكم وبين شقه الآخر المطعون فيه والخاص بالتعويض المؤقت - ذلك أن الحكم في الطعن بما يؤكد حق المدعي في التعويض أو بما ينفي حقه فيه لا يؤثر على ما حكم به في طلبه الأصلي سالف الذكر من عدم قبوله شكلاً إذ أن الحكم بذلك مبني على تكييف الطلب المذكور بأنه طلب إلغاء لقرار إداري لا طلب تسوية وعلى أنه وقد رفع بعد الميعاد القانوني وذلك دون تعرض لمشروعية تصرف الجهة الإدارية أو عدم مشروعيته بما قد يتعارض مع الأساس الموضوعي الذي يبني عليه الحكم بالتعويض.
ومن حيث إنه لذلك يتعين الحكم برفض الطعن مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.


[(1)] قارن حكم المحكمة الإدارية العليا في القضية رقم 1565 لسنة 3 القضائية الصادر بجلسة 27/ 4/ 1957 والمنشور بمجموعة السنة الثانية المبدأ رقم 101 ص 975، والحكم الصادر في القضية رقم 161 لسنة 3 القضائية بجلسة 29/ 6/ 1957 والمنشور بمجموعة السنة الثانية المبدأ رقم 137 ص 1335، والحكم الصادر في القضية رقم 230 لسنة 9 القضائية بجلسة 23/ 5/ 1965 والمنشور بمجموعة السنة العاشرة مبدأ رقم 133 ص 1470.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 43 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

القانون رقم 46 لسنة 1964 في شأن العاملين المدنيين بالدولة - نصه على أن يكون الفصل جوازياً للوزير في حاله الحكم مع وقف التنفيذ .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 55

(6)
جلسة 5 من نوفمبر سنه 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر الدين المستشارين.

القضية رقم 11 لسنة 10 القضائية

( أ ) موظف "انتهاء الخدمة. أسبابها. الحكم في جريمة مخلة بالشرف".
لم يحدد القانون الجرائم المخلة بالشرف تحديداً جامعاً مانعاً - تعريفها - هي التي ترجع إلي ضعف في الخلق وانحراف في الطبع - مثال - جريمة إصدار شيك بدون رصيد [(
1)].
(ب) موظف "انتهاء الخدمة. أسبابها. حكم نهائي في جريمة مخلة بالشرف" القانون رقم 210 لسنه 1951 - انتهاء خدمة الموظف بحكم القانون - لا يغير من ذلك شمول الحكم الجنائي بوقف التنفيذ ما دام أن المحكمة أمرت بوقف تنفيذ العقوبة ولم تأمر توقف تنفيذ الآثار المترتبة على الحكم.
(ج) تشريع "نفاذه". موظف "انتهاء الخدمة" القانون رقم 46 لسنة 1964 في شأن العاملين المدنيين بالدولة - نصه على أن يكون الفصل جوازياً للوزير في حاله الحكم مع وقف التنفيذ - عدم سريان أحكامه متى ثبت أن الحكم قد صدر قبل العمل به [(2)].
1 - تكفل المشرع في قانون العقوبات بتحديد الجنايات في وضوح وجلاء. إما الجرائم المخلة بالشرف فلم تحدد في هذا القانون أو في سواه تحديداً جامعاً مانعاً كما كان شأنه بالنسبة للجنايات، على أن المتفق عليه أنه يمكن تعريف هذه الجرائم بأنها هي تلك التي ترجع إلي ضعف في الخلق وانحراف في الطبع. والشخص إذا انحدر إلي هذا المستوى الأخلاقي لا يكون أهلاً لتولي المناصب العامة التي تقتضي فيمن يتولاها إن يكون متحلياً بالأمانة والنزاهة والشرف واستقامة الخلق ولما كانت جريمة إصدار شيك بلا رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات هي - كجريمة النصب - تقتضي الالتجاء إلي الكذب كوسيلة لسلب مال الغير فهي لذلك لا تصدر إلا عن انحراف في الطبع وضعه في النفس، ومن ثم فإنها تكون في ضوء التعريف - سالف الذكر - مخلة بالشرف.
2 - أن الطاعن - وقد حكم عليه بالعقوبة في جريمة إعطاء شيك بلا رصيد وأصبح هذا الحكم نهائياً - فأنه يقوم في شأنه سبب من أسباب انتهاء الخدمة المنصوص عليها في المادة 107 المنوه عنها ويتعين لذلك فصله من الخدمة بحكم القانون، دون حاجه إلي محاكمة تأديبية، ولا بغير من ذلك إن المحكمة الجنائية قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمده معينة - وذلك للظروف التي ارتأتها ومنها قيام الطاعن بسداد قيمة الشيكات أثناء المحاكمة - ذلك لأنه تبين من الاطلاع على هذا الحكم أن المحكمة قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة فقط ولم تحكم بوقف تنفيذ الآثار المترتبة على هذا الحكم، وعلي ذلك فإن هذا الحكم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يمنع من ترتيب الآثار المترتبة على الحكم، سواء أكانت آثارا جنائية أم مدنيه أم إدارية.
3- لئن كان قانون العاملين المدنيين رقم 46 لسنه 1964 قد جعل الفصل جوازياً للسيد الوزير في حالة الحكم بوقف التنفيذ - إلا أن هذا القانون لا يسرى على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به وقد صدر الحكم على الطاعن في تلك الجريمة المخلة بالشرف قبل العمل بالقانون المذكور، وفضلاً عن ذلك فإن أمر مقصور على جهة الإدارة أما القضاء فعليه أن ينزل حكم الفصل استناداً إلي الأصل المنصوص عليه في حاله صدور حكم في جناية أو جنحة مخلة بالشرف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في إن الطاعن السيد/ عبد العزيز محمد علي أقام الدعوى رقم 124 لسنة 6 القضائية بصحيفة أودعها سكرتارية المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة والاقتصاد والتخطيط والصناعة والزراعة والتموين في 14 من ديسمبر سنه 1961 ضد وزارة الخزانة ومصلحه الضرائب طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر بفصله من الخدمة وما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال - شرحاً لدعواه - أنه ألمت به ظروف طارئة استدعته إلي الاقتراض من أحد زملائه بالمصلحة وحرر له ستة شيكات بمبلغ خمسين جنيهاً - هو قيمة المبلغ المقترض وفوائده - تسحب من بنك سوارس المحول عليه راتبه. ثم طلب قرضاً من هذا البنك لسداد دينه فرفض، فسعى لدى بنك الجمهورية فوافق بشرط تحويل راتبه فحوله إليه وأخطر المقرض بذلك طالباً إليه تغيير مكان سحب الشيكات إلي بنك الجمهورية فتعلل بان الشيكات ليست معه وبأن الزمالة تحول دون الأضرار بزميله في العمل. وحدث أن شجر خلاف بينه وبين أحد أقارب المقترض ترتب عليه أن حصل هذا الأخير من بنك سوارس على تأشيرة بعدم وجود رصيد للساحب به وأبلغ النيابة العامة التي أحالته إلي المحاكمة الجنائية في القضية رقم 3260 لسنه 1959 جنح السيدة. فقضت المحكمة بجلسة 23 من يناير سنه 1961 بحبسه شهراً. فاستأنف فقضت المحكمة الاستئنافيه بتأييد الحكم المطعون فيه مع إيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات فطعن في هذا الحكم أمام محكمة النقض ولما يفصل في هذا الطعن، وفي 31 من يوليه سنه 1961 أبلغ بالقرار الوزاري رقم 53 لسنة 1961 بفصله من الخدمة اعتباراً من 23 من يناير سنة 1961 تطبيقاً لنص المادة 107 من قانون التوظف على اعتبار أن الجريمة التي حكم بها عليه مخلة بالشرف، فتظلم في 19 من أغسطس سنة 1961 ولما لم يصله رد أقام هذه الدعوى، وينعى على قرار فصله أنه صدر بلا مبرر ولا سند من القانون بمقولة إن جريمة إصدار شيك بدون رصيد لا تدل بذاتها على انحراف في السلوك ومن ثم فإنها لا تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف إذ هي لا تكون كذلك إلا إذا صاحبتها طرق احتيالية وأن ركن الاحتيال من واقع أسباب الحكم الجنائي غير متوفرة فيه لأن ما أتاه ليس نصباً بدليل أنه كان له رصيد في بنك الجمهورية وامتنع المقرض عن تحويل مكان السحب إليه وبدليل أنه لم ينحرف بطبعه ولم يكن به ضعف في الخلق أدى به لاجتناب الفضيلة مما استوجب احتقاره في المجتمع أو عدم ائتمانه على المصلحة العامة وأضاف المدعي أنه لا يحوز للجهة الإدارية أن تفصله تلقائياً بمجرد صدور الحكم الجنائي بل كان يجب التحقق من توافر جريمة النصب لأن القاضي الجنائي لم يتوقع أن يترتب على حكمه إقصاء موظف أمضى في خدمه الدولة بسلوك حسن أكثر من ثلاثين عاماً ثم يختلف مع المستفيد من الشيك فيتنازعان في مكان السحب فيؤدي إلى أن يتمكن المستفيد بسوء نيته إلي إقصاء موظف عن وظيفته.
وطلبت مصلحة الضرائب رفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصرفات ومقابل أتعاب المحاماة واستندت في ذلك أن قرار فصل المدعي صدر سليماً طبقاً لحكم المادة 107 من قانون التوظف رقم 210 لسنة 1951 لأن واقعه إمضاء شيك بدون رصيد بسوء نية يعتبر عملاً مخلاً بالشرف وأن الحكم بإيقاف التنفيذ لا يتعدى الآثار الجنائية ولا يجوز مد أثر الإيقاف ليشمل الناحية الإدارية وقدمت حافظة مستندات أرفقت بها صورة من الحكم الجنائي الاستئنافي وملف خدمة المدعي.
ثم قدم المدعي حافظة مستندات ومذكرة ردد فيها ما جاء بصحيفة الدعوى وأضاف إليه أن بعض أحكام المحاكم التأديبية قضت بأن جريمة إصدار شيك بلا رصيد لا تعتبر مخلة بالشرف إلا إذا خالطتها طرق احتيالية أدت بها إلى صفه النصب، وأنه يلزم بحث كل حالة على حدة لاستظهار ما يصاحبها من ظروف وملابسات ومن ثم فلاً يسرى عليها بصفة مطلقة حكم المادة 107 سالفة الذكر بل ينعقد النظر في شأن توافر حكم هذه المادة للجهة التأديبية المختصة، كما ذكر المدعي في مذكرته أن إيقاف الحكم يضع المحكوم عليه في موضع البريء أو على الأقل في صف من رد إليهم اعتبارهم - وأن الحكم ضده - وقد كان مع الإيقاف لظروفه ولأنه قام بسداد قيمة الشيك - فإنه يستنبط منه أسلوب الرحمة الذي أخذته به محكمة الجنح وهو الأسلوب الذي يرجو أن تأخذه به المحكمة الإدارية.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الدعوى انتهت فيه إلي أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وبإلزام رافعها المصروفات. واستندت في ذلك إلي نفس الأسباب التي استندت إليها الحكومة في ردها على الدعوى.
قدم المدعي مذكرتين بالتعقيب على تقرير هيئه المفوضين أوضح فيهما تاريخ جريمة إصدار شيك بلا رصيد ومصدرها التشريعي، وانتهى إلي القول بأن هذه الجريمة، وبصفه عامة، لا يمكن أن تعتبر مخلة بالشرف لأنها جريمة خاصة قصد بها المشرع - لاعتبارات اقتصادية بعيد الصلة عن الأخلاق والشرف - تمكين الشيك كي يغدو أداة للوفاء بديلاً عن النقود، وأن العلاقة بينه وبين زميله المستفيد من الشيك هي علاقة مديونية، والاستدانة ليست مخلة بالشرف إذا كانت لسبب مشروع لا يمت إلي الوظيفة بصلة، كما أن المستفيد كان يعلم، عند تحرير الشيكات، أنه ليس له رصيد في البنك المسحوب عليه مما يجعله شريكاً بالتحريض على الجريمة، ثم ردد المدعي ما جاء بدفاعه السابق وانتهى إلي التصميم على طلباته، وقدم حافظتين بمستنداته.
وبجلسة 27 من إبريل سنه 1963 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات، وأقامت قضاءها - بعد أن أوردت نص المادة 107 من قانون نظام الموظفين رقم 210 لسنه 1951، الذي كان سارياً حينذاك - على أن مقتضى هذا النص أنه إذا حكم على موظف في جناية أو في أي جريمة مخلة بالشرف، ولو كانت جنحه، فالفصل يقع بقوة القانون. وأنه لما كانت الجريمة التي فصل بسببها المدعي - وهي جريمة إصدار شيك بدون رصيد - هي جريمة مخلة بالشرف - فإن قرار فصله يكون قد صدر سليماً ومطابقاً للقانون، واستندت المحكمة، في القول بأن هذه الجريمة مخلة بالشرف، إلى أن قصد المشرع من العقاب عليها - بنص المادة 337 من قانون العقوبات - هو حماية الشيك باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات. وأن سوء النية في هذه الجريمة يتوافر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود رصيد مقابل له في تاريخ إصداره.. وأن المشرع وقد أورد المادة 337 من قانون العقوبات في الباب العاشر منه الخاص بالنصب وخيانة الأمانة وعاقب على هذه الجريمة بذات عقوبة جريمة النصب المنصوص عليها في المادة 336 من القانون المذكور - فإنه يكون قد أوضح عن قصده باعتبار هذه الجريمة من جرائم النصب وخيانة الأمانة وهي جريمة لا شك في أنها مخلة بالشرف.. وأنه فضلاً عن ذلك فإن المشرع قد نص في المادة 49 من قانون العقوبات على أن تعتبر السرقة والنصب وخيانة الأمانة جنحاً متماثلة في العود وأن التفسير الراجح أن هذا التعداد هو على سبيل التمثيل لا الحصر فإذا الحق المشرع جريمة النصب وخيانة الأمانة بالسرقة، فإنه أنما اعتبر أن جميع الجرائم الواردة تحت باب النصب وخيانة الأمانة - ومنها جريمة إصدار شيك بدون رصيد - متماثلة مع السرقة في العود لاتفاقها كلها في الطبيعة وهذا التماثل يقتضي بحكم طبائع الأشياء أن يكون لجريمة إصدار شيك بدون رصيد نفس الأثر الماس بالنزاهة والشرف الذي لجريمة السرقة.
وقد طعن المدعي في هذا الحكم طالباً قبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبالتالي إلغاء القرار الصادر بفصله من العمل وما يترتب على ذلك من آثار. أو إعادة الدعوى إلى المحكمة الإدارية للفصل فيها من جديد مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات والأتعاب. وبني طعنه على أن الحكم المطعون فيه قد صدر مبنياً على خطأ في تفسير القانون كما أنه أخل بحقه في الدفاع. وقال في بيان السبب الأول أن جريمة إصدار شيك بدون رصيد ليست مخلة بالشرف واستند في ذلك إلى نفس الأسباب التي استند إليها في عريضة دعواه وفي المذكرات المقدمة منه، وأضاف إليها أن الجرائم المخلة بالشرف هي التي تجرع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع يدفعان بالشخص إلى اجتناب الفضائل واقتراف الكبائر التي توجب احتقاره ولا يؤتمن معها على المصلحة العامة خشيه أن يضحي بها في سبيل مصالحه الخاصة لتحقيق شهواته فتنحسر عنه صفه الموظف العام وتنعدم صلاحيته للوظيفة بقوة القانون وأنه بتطبيق هذا الضابط على الجريمة التي أدين فيها يبين أنه لا يمكن أن تعتبر مخلة بالشرف بالمعنى السابق إيضاحه لأنه لم يقصد اغتيال المستفيد من الشيك. أما عن سبب الطعن الثاني - وهو الإخلال بحق الدفاع - فقد أسسه المدعي على أن المحكمة في حكمها المطعون فيه لم ترد على نقط الدفاع القانونية التي وردت بمذكراته الأمر الذي يؤدي إلى قصور في التسبيب.
ثم قدم المدعي مذكرة ردد فيها دفاعه السابق وأضاف إليه أن مجرد تحرير شيك وعدم وجود رصيد يكفي للوفاء به - رغم أنه يعتبر سلوكاً غير قويم إلا أنه لا يسئ إلى سلوك الموظف الوظيفي أو ينعكس عليه أو يؤثر في حسن سمعته بالقدر الذي يؤدي إلى فقده عنصر الصلاحية لتولي الوظائف العامة وأنه بتطبيق ذلك على الدعوى الحالية يبين أنه لم يفعل ما يعتبر مخلاً بالشرف ولم يفسر سلوكه عن نزوع إلى اغتيال مال الدائن أو خداعه بشيك وهمي أو خداعه بمظاهر غير صادقه بل أنه كان في ظروف تنم عن صدقه ورغبته في الوفاء وليس في سلوكه ما يتنافى مع واجبات الوظيفة ولاعتبارات الشرف والأمانة التي يجب أن تتوافر في الموظف. ثم أشار المدعي إلى أن قانون العاملين المدنين رقم 46 لسنة 1964 قد نص على أن تنتهي خدمة العامل عند الحكم عليه بعقوبة جنائية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ويكون الفصل جوازياً للوزير المختص إذا كان الحكم مع وقف تنفيذ العقوبة.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام رافعه المصروفات استناداً إلى أن جريمة إصدار شيك بلا رصيد من الجرائم المخلة بالشرف وأن الحكم بوقف التنفيذ لا يمنع من إنزال حكم المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
عقب المدعي على تقرير هيئة مفوضي الدولة بمذكرة ثم أعقبها أخيراً بمذكرتين وقد لخص فيها دفاعه السابق على ما سبق بيانه وأضاف إليه أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد اتجه إلى أنه إذا حكم بوقف تنفيذ العقوبة فلاً يترتب عليه الفصل وأنه لا مجال للنظر فيما إذا كان وقف التنفيذ شاملاً للآثار الجنائية أم غير شامل لها بمقولة أن العزل في هذه الحالة لا يترتب كأثر جنائي بل كأثر إداري ولا ولاية للقضاء الجنائي في أن يشمل التنفيذ بإيقاف الآثار الإدارية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن محكمة السيدة الوطنية قد قضت بجلسة 2 من يناير سنة 1961 في الجنحة رقم 3260 سنة 1959 بحبس الطاعن - السيد/ عبد العزيز محمد علي - شهراً مع الشغل وكفالة مائة قرش لإيقاف التنفيذ وألزمته أن يدفع للمدعي المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية المناسبة لهذا المبلغ ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصرفات جنائية. وذلك لما ثبت لديها من أنه قد أصدر شيكين للسيد/ مراد يوسف لمعي على بنك سوارس فرع القاهرة بلا مقابل وفاء لهما وقد عاقبته لذلك بمقتضى المادة 337 من قانون العقوبات. وقد استأنف الطاعن هذا الحكم وفي 10 من مايو سنة 161 قضي في الاستئناف بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثالث سنوات. وألزمت المتهم بالمصروفات المدنية. وجاء في أسباب هذا الحكم أن الحكم المستأنف جاء سليماً صحيحاً في تقديره للعقاب بما يتعين معه تأييده غير أن المحكمة ترى نظراً لظروف الواقعة ولما يستشعر في غضونها من أن المتهم لن يعود إلي ارتكاب جرم مماثل ولأنه قام بسداد قيمة الشيك إيقاف لتنفيذ العقوبة على مقتضى المادة 55 من قانون العقوبات. وقد قرر الطاعن بجلسة 26 من مارس سنة 1966 أن محكمة النقض قد قضت برفض الطعن الذي كان رفعه عن الحكم الجنائي الصادر ضده. وفي 11 من يوليه سنه 1961 أصدرت مصلحه الضرائب التي كان يعمل بها الطاعن قراراً فصله من الخدمة بالتطبيق لحكم المادة 107 من قانون نظام الموظفين رقم 210 لسنة 1951 الذي كان سارياً حينذاك.
ومن حيث إن هذه المادة قد نصت على أن تنتهي خدمة الموظف لأحد الأسباب التي عددتها ومنها السبب الذي ذكرته الفقرة الثامنة منها وهي الحكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف. ويستفاد من هذا النص أن الجرائم ليست كلها سواء من حيث أثرها على رابطه التوظف التي تربط الموظف بالحكومة فمنها ما يستتبع ارتكابها والحكم بالإدانة فيها فصم هذه الرابطة، وينتظم هذا النوع الجنايات كافة وكذا الجرائم المخلة بالشرف، ومنها ما لا يستتبع هذه النتيجة بحكم القانون وهو ما عدا ذلك من الجرائم. وقد تكفل المشرع في قانون العقوبات بتحديد الجنايات في وضوح وجلاء. أما الجرائم المخلة بالشرف فلم يحددها في هذا القانون أو في سواه تحديد جامعاً مانعاً كما كان شأنه بالنسبة للجنايات. على أن المتفق عليه أنه يمكن تعريف هذه الجرائم بأنها هي تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع. والشخص إذا انحدر إلى هذا المستوى الأخلاقي لا يكون أهلاً لتولي المناصب العامة التي تقتضي فيمن يتولاها أن يكون متحلياً بالأمانة والنزاهة والشرف واستقامة الخلق. ولما كانت جريمة إصدار شيك بلا رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات هي - كجريمة النصب - تقتضي الالتجاء إلى الكذب كوسيلة لسلب مال الغير فهي لذلك لا تصدر إلا عن انحراف في الطبع وضعف في النفس ومن ثم فإنها تكون، في ضوء التعريف سالف الذكر، مخلة بالشرف. وسبق لهذه المحكمة أن قضت بأن هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف. بمدلوله المعني بالفقرة الثانية من المادة 107 السابق الإشارة إليها وذلك لمساسها بسمعة الموظف وذمته وتأثيرها على الثقة في أمانته ونزاهة معاملاته إذ أنها تتطلب قصداً جنائياً خاصاً يقوم على توافر سوء النية وقصد الإضرار بالمجني عليه حتى أن الشارع ألحقها في المادة 337 من قانون العقوبات بجريمة النصب وعاقب عليها بذات العقوبة التي قررها في المادة 336 منه لجريمة النصب وأن الحكم على الموظف بالعقوبة في جريمة هكذا شأنها مما يؤثر في صلاحيته لتولي الوظيفة العامة أو الاستمرار فيها. إذ ينعكس صداها على هيبة الوظيفة وكرامتها واعتبارها.
ومن حيث إن الطاعن - وقد حكم عليه بالعقوبة في جريمة إعطاء شيك بلا رصيد وأصبح هذا الحكم نهائياً وقد أقر بأن محكمة النقض قد حكمت برفض الطعن الذي قدمه في هذا الحكم حسبما تقدم - فإنه يقوم في شأنه سبب من أسباب انتهاء الخدمة المنصوص عليها في المادة 107 المنوه عنها ويتعين لذلك فصله من الخدمة بحكم القانون دون حاجة إلي محاكمة تأديبية. ولا يغير من ذلك أن المحكمة الجنائية قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة معينة - وذلك للظروف المخففة التي ارتأتها ومنها قيام الطاعن بسداد قيمة الشيكات أثناء المحاكمة - ذلك لأنه تبين من الاطلاع على هذا الحكم أن المحكمة قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة فقط ولم تحكم بوقف تنفيذ الآثار المترتبة على هذا الحكم. وعلى ذلك فإن هذا الحكم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يمنع من ترتيب الآثار المترتبة على الحكم سواء أكانت أثاراً جنائية أم مدنية أم إدارية، ومن الآثار الإدارية التي تترتب على الحكم في جريمة مخلة بالشرف ما نصت عليه الفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر من إنهاء خدمة الموظف فور الحكم عليه في هذه الجريمة. ولا وجه لما أثاره الطاعن - من أن قانون العاملين المدنيين رقم 46 لسنة 1964 قد جعل الفصل جوازياً للسيد الوزير في حالة الحكم مع وقف تنفيذ - لأن هذا القانون لا يسري على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به وقد صدر الحكم على الطاعن في تلك الجريمة المخلة بالشرف قبل العمل بالقانون المذكور. وفضلاً عن ذلك فإن هذا أمر مقصور على جهة الإدارة. أما القضاء فعليه أن ينزل حكم الفصل استناداً إلى الأصل المنصوص عليه في حالة صدور حكم في جناية أو جنحة مخلة بالشرف.
ومن حيث إنه لا صحة لما ذهب إليه الطاعن - من أن جريمة إصدار شيك بلا رصيد لا تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف إلا إذا صاحبتها طرق احتيالية - ذلك لأن المادة 337 من قانون العقوبات تقضي بأن يحكم بالعقوبات الخاصة بجريمة النصب على كل من أعطى بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك أو سحب بعد إعطاء الشيك كل الرصيد أو بعضه بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك، أو أمر المسحوب عليه الشيك بعدم الدفع ويبين من هذا النص أن المشرع قد اعتبر الحالات التي عددها في هذه المادة، والتي تتوافر فيها أركان الجريمة، من قبيل الوسائل الاحتيالية التي تهدد قيمة الشيك باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات.
ومن حيث إنه لا يقبل من الطاعن أمام القضاء الإداري أن يناقش المعاملة التي حرر من أجلها الشيك أو البواعث التي دفعته إلى تحريره أو علم المستفيد بعدم وجود رصيد، ما دام أن الحكم الجنائي الصادر بإدانته قد اكتسب حجية نهائية وأصبح لذلك مقيداً لجهات القضاء الأخرى في خصوص ما قضى به ما دام أن إنهاء الخدمة هو أثر لازم له.
ومن حيث إنه، لما تقدم، يكون القرار الصادر بفصل الطاعن من وظيفته - للحكم عليه في جريمة مخلة بالشرف مع وقف تنفيذ العقوبة - قد صدر صحيحاً متفقاً وأحكام القانون ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه، إذ قضي برفض دعواه بإلغاء هذا القرار، يكون قد أصاب الحق في قضائه وبالتالي يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون، ولا وجه لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه - من أنه أخل بحق الدفاع لأنه لم يرد على كل نقاط دفاعه - ذلك لأنه، فضلاً عن أن المحكمة ليست ملزمة بتقصي كافة أوجه دفاع المدعي والرد عليها - فإن الحكم المطعون فيه قد بني على أسباب صحيحة فيها الرد الكافي على دفاع المدعي.
ومن حيث إنه لذلك يتعين القضاء بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.


[()] بمثل هذا المبدأ قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 1762 لسنة 7 ق بجلسة 29/ 12/ 1962 المنشور بمجموعة السنة الثامنة - المبدأ 33 ص 353، وفي حكمها الصادر في القضية رقم 574 لسنة 11 ق بجلسة 31/ 12/ 1966.
[()] يمثل هذا المبدأ قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 1413 لسنة 7 ق بجلسة 24/ 4/ 1965 المنشور بمجموعة السنة العاشرة - المبدأ 110 ص 1113، وفي حكمها الصادر في القضية رقم 574 لسنة 11 ق بجلسة 31/ 12/ 1966.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 114 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

تبصير الجهة الإدارية لصاحب الشأن لما قد يترتب على الشكوى المقدمة ضده من إحالة الأمر على النيابة الإدارية وما قد يجره ذلك من إحالته إلى المحكمة .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 149

(14)
جلسة 12 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 580 لسنة 10 القضائية

( أ ) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة". قرار إداري. سببه. إكراه. طلب الاستقالة هو ركن السبب فى القرار الإداري الصادر بقبولها - وجوب صدوره عن رضاء صحيح - يفسده ما يفسد الرضا من عيوب ومنها الإكراه - خضوع الإكراه باعتباره مؤثراً في صحة القرار لتقديم المحاكم الإدارية في حدود رقابتها لمشروعية لقرارات الإدارية - خضوعه كذلك لرقابة المحكمة العليا في تعقيبها على أحكام تلك المحاكم.
(ب) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة". إكراه. تبصير الجهة الإدارية لصاحب الشأن لما قد يترتب على الشكوى المقدمة ضده من إحالة الأمر على النيابة الإدارية وما قد يجره ذلك من إحالته إلى المحكمة - اختياره الاستقالة - لا تثريب على مسلك الجهة الإدارية - أساس ذلك.
1 - أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب الاستقالة هو ركن السبب في القرار الإداري الصادر بقبولها، وأنه يلزم لصحة هذا القرار أن يكون الطلب قائماً لحين صدور القرار مستوفياً شروط صحته شكلاً وموضوعاً. وأن طلب الاستقالة باعتباره مظهراً من مظاهر إرادة الموظف في اعتزال الخدمة يجب أن يصدر برضاء صحيح، فيفسده ما يفسد الرضا من عيوب، ومنها الإكراه إن توافرت عناصره، بأن يقدم الموظف الطلب تحت سلطان رهبة تبعثها الإدارة في نفسه دون حق، وكانت قائمة على أساس، بينما كانت ظروف الحال تصور له خطراً جسيماً محدقاً يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال، ويراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامته، وأن الإكراه باعتباره مؤثراً في صحة القرار الإداري - يخضع لتقدير المحاكم الإدارية في حدود رقابتها لمشروعية القرارات الإدارية، كما يخضع لرقابة المحكمة العليا في تعقيبها على أحكام تلك المحاكم.
2 - لا تثريب على الجهة الإدارية إن هي بصرت الطاعن بما قد يترتب على الشكوى من إحالة الأمر إلى النيابة الإدارية وما قد يجره ذلك من إحالته إلى المحاكمة، ثم تركت له التقدير في هذا الشأن فاختار هو أهون الضررين، إذ الإدارة بمسلكها هذا لم تتخذ وسيلة غير مشروعة، ولم تنحرف بسلطتها عن الغاية المشروعة بل أنها سلكت المسلك السوي الواجب عليها اتباعه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذا الطعن - على ما يبين من أوراقه - تخلص في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 445 لسنة 15 القضائية ضد جامعة عين شمس أمام محكمة القضاء الإداري "هيئة المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية والتعويضات بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة في 20 من فبراير سنة 1961، طلب فيها الحكم" بإلزام الجامعة بأن تدفع له عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية لإكراهه على تقديم استقالته من الخدمة مع إلزام المدعى عليها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. "وقال في بيان دعواه أنه تخرج في كلية الآداب عام 1940، وحصل على دبلوم معهد الدراسات الشرقية عام 1943، والدكتوراه عام 1955 ثم عين مدرساً للغة التركية بكلية الآداب بجامعة عين شمس عام 1956، وظل يؤدي عمله على خير وجه، وكان الطلبة والطالبات يترددون عليه للتزود من عمله، واستيضاحه فيما شكل عليهم فهمه، وكان من بينهم الطالبات فايزة شافعي وتيسير سليم ونبيلة فكري، وكانت الأخيرة مخطوبة لزميل لها في الكلية يدعي حامد إسماعيل وقد ألحت هذه الطالبة على الطاعن إلحاحاً شديداً كي يهدي إليها أحد دواوينه الشعرية" "وردة وبلبل" وأن يكتب عليه "كلمة إهداء، فلم يسعه إزاء إلحاحها من إهدائها الديوان بعد أن كتب عليه "إلى ابنتي الآنسة نبيلة مع أطيب التمني" وما أن شاهد خطيبها الكتاب في يدها وعليه (الإهداء) حتى أخذته ثورة جامحة واستولت عليه غيره عارمة، فبادر إلى تقديم شكوى إلى الدكتور مهدي علام عميد الكلية ضمنها ما صورته له غيرته العمياء، وقد تلقفت الكلية هذه الشكوى ودعت مقدمها إلى مكتب العميد الذي وجه إليه جملة استجوابات تعسفية على حد قوله ولم يواجه الطاعن بها، وإنما اقتصر العميد على أن قرأ عليه بعض فقرات من الشكوى وهو يهدده ويتوعده في كل لحظة بالتشهير به والإساءة إليه وإهانته أمام تلاميذه، ولم يشأ أن يسمع أقوال شهود النفي، وكان مع المستجوبين الدكتور محمد القصاص والدكتور إبراهيم أمين الشواربي رئيس قسم اللغات الشرقية الذي يحتدم كراهية وحقد على الطالب بشهادة كثير من أساتذة جامعة القاهرة وعين شمس وطلبة قسم الدراسات الشرقية بآداب عين شمس، وقد ظهر هذا الحقد منذ نحو عامين حين اختلف معه في الرأي على أسئلة الامتحان وأصبح التعاون بينهما مستحيلاً، وقد سبق لرئيس القسم أنه سبه أمام بعض زملائه قبل استجوابه بنحو أسبوعين. وكان الدكتور الشواربي أثناء استجوابه ينهره ويتهكم عليه. وبرغم أن الطالب كتب إلى العميد ورقة يدحض بها ما وجهه إلى الطاعن إلا أن المستجوبين لم يظهروا أي استعداد للتفاهم أو مناقشة الحقائق ولم يصدقوه في دفع التهمة، كما لم يقبل العميد سحب الشكوى على الرغم من إلحاح والد الطالبة.. وفي هذا الجو المليء بالحقد والضغينة طلب إليه العميد أن يكتب إليه طلباً بنقله إلى وظيفة غير تدريسية لأسباب صحية فكتبها الطالب ظناً منه أن ذلك من قبيل الشكليات فليست هناك تهمة ثابتة وسوف يحفظ التحقيق بعدها، كما أنه انتهزها فرصة لترك الكلية إلى جهة أخرى، ووقف الأمر عند هذا الحد، وبعد مضي نحو شهر أرسل إليه العميد برقية في مصيفه بالإسكندرية يطلب إليه فيها مقابلة مدير الجامعة في يوم 25 أو 26 من أغسطس سنة 1960 وقابل الطاعن المدير الذي لم يشأ أن يستمع إلى أقواله بتمامها، وأمر بضرورة تقديم استقالته لأن السلطات غير راضية عنه، بعد أن صور له أن إبلاغ النيابة الإدارية فيه مساس بكرامته وشخصه، وأنه سوف يجد له عملاً آخر، فاضطر الطالب إلى تقديم استقالته - ويستطرد الطاعن أنه لما كان قد أكره على تقديم الاستقالة التي أعقبها حرمانه من العمل في الجامعات وأي جهة أخرى من الجهات، وفي ذلك مخالفة للائحة الجامعية التي تقضي بأن عضو هيئة التدريس غير المرغوب فيه علمياً أو خلقياً ينقل إلى وظيفة أخرى، وهو إجراء لم يتخذ معه، كما أنه قدم التماساً في 15 من نوفمبر سنة 1960 إلى الجامعة يطلب فيه إجراء التحقيق دون أن يجاب إلى طلبه. وقد ترتب على إكراهه على تقديم الاستقالة أن حاقت به أضرار مادية وأدبية، وتقوضت حياته العلمية وحيثيته الاجتماعية مما يقدر عنه تعويضاً مقداره عشرة آلاف جنيه..
وفي مذكرة شارحة مرفقة بعريضة الدعوى قال إنه في نهاية العام الدراسي 1960 زاره بعض تلاميذه من طلبه السنة النهائية لسؤاله عن بعض التراكيب الفارسية والتركية استعداداً لأداء الامتحان، أما الطالبات فلم يحضرن لانشغالهن بالعمل بقسم الوثائق بوزارة الإرشاد فحدد لهن يوماً آخر، وفي الميعاد المحدد حضرت الطالبتان تيسير سليم وفايزة الشافعي ولم تحضر الطالبة نبيلة فكري، وقد جرت عادته على أن يستقبل طلبته وزملاءه بحجرة المكتب إلا أنه استقبل الطالبتين المذكورتين بحجرة الاستقبال وشرح لهما ما أرادتا كما استبقاهما بعض الوقت ريثما تحضر زميلتهما.. وبعد فترة حضرت الطالبة نبيلة فكري ولم تطق زميلتاها البقاء أكثر من خمس دقائق وانصرفتا. وقبل انصرافهما طلب من الطالبة نبيلة أن تنقل ما كتبه زميلتاها في حجرة المكتب حتى لا تشغل بالحديث معهما. وبعد انصراف الزميلتين توجه إلى حجرة المكتب وكانت قد فرغت من الكتابة فطلبت منه نسخة من ديوانه وألحت إلحاحاً شديداً في الطلب، وصدر منها ما لا يصح أن يصدر من طالبة إزاء أستاذها، ولكنه قدم إليها الديوان مسجلاً عليه عبارة الإهداء السابق ذكرها وانصرفت بعد ذلك، ولعلها شعرت بما يجرح كبرياءها خصوصاً بعد أن ردها فيما أضمرت في نفسها وأشعرها بأنه يعتبرها ابنته وهو ما لم يرض ضميرها فنسجت هي وخطيبها القصة التي صادفت هوى في نفس الدكتور الشواربي.
وقال أن الطالبة نبيلة كانت قد أوغرت صدر خطيبها بدافع العقدة الكامنة في أغوارها وهي عقدة الإعجاب بالنفس والادعاء بكثرة المعجبين، فقد سبق لها أن أذاعت بشأن وكيل إحدى الوزارات أنه معجب بها وأنه يطلب منها التردد عليه مما آثار خطيبها أمام زملائه وصمم على الاعتداء عليه، وفي مرة أخرى قالت أن رئيسها في إدارة الوثائق معجب بها ويطيل الوقوف معها ويطلب ترددها عليه. وكان قولها هذا أمام زملائها مما جعل خطيبها موضع السخرية فهدد وتوعد.
وقد عقبت الجامعة على الدعوى بأن المدعي لم يكن حين التحق بالعمل وبالجامعة لائقاً طبياً لإصابته بمرض السكر فتقرر إعفاؤه من شرط اللياقة الطبية بقرار من مدير الجامعة، وأنه كان طبيعياً أن يشعر بإرهاق بعد قيامه بعمله فطلب أول الأمر نقله إلى وظيفة غير تدريسية لعدم قدرته الصحية، ثم لم يلبث أن تقدم باستقالته وقد قبلت مراعاة لظروفه الصحية من جهة ومصلحة العمل من جهة أخرى.. أما ما زعمه من إكراهه على الاستقالة فهو قول يعوزه الدليل ولا صحة له، ولا يعقل أن يكون بريئاً ثم يستجيب وهو رجل له مكانته العلمية لما يطلب منه.. وانتهت المذكرة إلى أن استقالته قبلت وفقاً لحكم المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة. وبذلك يكون طلب التعويض يكون غير قائم على أساس سليم من القانون.
وفي مذكرة لاحقة قدمها الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري طلب سماع شهادة بعض الأساتذة عن واقعة استقالته فسمعت أقوال العميد والدكتور الشواربي والدكتور القصاص، ولم تستجب المحكمة إلى طلبه سماع شهود آخرين.
وقد قدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى رفض الدعوى.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري أصدرت في 5 يناير سنة 1964 حكمها "برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات".. وأسست قضاءها على أن المدعي يقول بأن وسيلة الإكراه تنحصر في مطالبة مدير الجامعة له باعتزال الخدمة......... وأن المطالبة على هذا النحو لا يمكن أن تصل إلى الإكراه المفسد للرضا، بل أن الأمر على حد قول المدعي لا يعدو أن يكون مجرد طلب. ومن ناحية أخرى فإن القول بأن مدير الجامعة خيره بين الاستقالة وبين إحالة الشكوى المقدمة ضده إلى النيابة الإدارية فإنه بفرض صحة هذا الادعاء فإنه لا ينهض وحده وسيلة للإكراه ذلك أن مطالبته باعتزال الخدمة مع (التلميح إليه بالتحقيق الإداري لا يمكن اعتباره وسيلة غير مشروعة اتخذت للضغط على إرادته لم يستطع معها دفعاً ولم يكن له مخرج إلا الرضوخ والاستسلام لما طلب منه، خاصة إذا روعي أن المدعي نفسه عاد وطالب بإحالته إلى التحقيق أمام أية جهة إدارية كانت أم قضائية ليتمكن من الدفاع عن نفسه الأمر الذي ينهار معه دفاعه من هذه الناحية - وأنه فيما يتعلق بالعنصر النفسي فإن مجرد مطالبة المدعي باعتزال الخدمة على النحو السالف الذكر لا يمكن أن يبعث في نفسه الرهبة، وذلك بمراعاة الدرجة العلمية الكبيرة الحاصل عليها وثقافته وإطلاعه، فليس من الهين التسليم بأن تنهار إرادته أمام مجرد هذه المطالبة ما دام أنه يجد في نفسه الصلاحية التي تؤهله للبقاء في الخدمة، خاصة وهو رب أسرة مسئول عن اسمه وسمعته وشرفه.
وانتهت المحكمة إلى أنه وقد اختار المدعي بمحض إرادته تقديم الاستقالة لما رآه فيها من الخير والمصلحة بسبب حالته الصحية وهو على بصيرة من أمره، وبعد أن وازن.. وانتهى إلى هذا الرأي، فإنه لا يجوز له أن يدعي أن إكراها قد أحاط به فأفسد رضاءه ليتنصل من طلب اعتزال الخدمة بتعللات لا تدل على معنى من معاني الإكراه أو تفيد في قيامه، الأمر الذي يتعين معه رفض الدعوى.
وحيث إن الطعن يقوم على قصور الحكم ومخالفته للقانون وإخلاله بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن لم يحصر وسيلة الإكراه في مطالبة المدير إياه بالاستقالة لكن دعواه دعوى تعويض عن سلسلة من الإجراءات الجائرة التي لا تقبل التجزئة والتي انتهت بحمل الطاعن على الاستقالة. وأن الطالب لم يكن حراً ولا مختاراً بل كانت إرادته مشوبة بإكراه أدبي غالباً نسج رؤساؤه خيوطه من إساءة استعمال سلطتهم ومن تنكب أحكام القانون العام وقانون تنظيم الجامعات فتبنوا على نحو صارخ في مخالفة للأصول القانونية قاله شفوية ظاهرة السخف رواها شخص ليس له صفة الشاهد ولا صفة صاحب الحق ولا صفة الولي على صاحب الحق عن موضوع واضح طابعة الشخصي الذي لا شأن للجامعة به، واستغل هؤلاء الرؤساء هالة مراكزهم ومكانتها وإمكان اتصالهم بالسلطات وزعم اتصالهم بها في ترويع الطالب وإزعاجه وإقناطه من رد تلك القالة وإثبات براءته للسلطات ومن أحكام التحقيق العادل النزيه. ومع أن أوراق الملف ناطقة بأن السبب الصحي الوارد في كتاب الاستقالة سبب صوري بالنسبة إلى الجامعة والطاعن عول الحكم على هذا السبب الصوري وعزا الاستقالة إلى الحالة الصحية للطاعن، كذلك فإن المحكمة قد أخلت بحق الدفاع إذا التفتت عن طلب الطاعن سماع أقوال مدير الجامعة والطالبات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني، أشارت فيه إلى أن الثابت من أقوال الدكتور مهدي علام أن الطالب بدأ عليه الاضطراب والقلق حين اطلع على الشكوى كما أن الثابت من أقوال الدكتور الشواربي أن الطاعن أسر إليه عندما عرضت عليه الشكوى بقوله "أنا غرقت وعاوزك تخلصني" فقال للعميد "اصبر عليه شويه" ومن قول هذين الشاهدين يبين أن الطاعن كان مضطرباً قلقاً يحاول من الرهبة التعلق بمن حوله لإنقاذه والتريث معه، مما يؤكد أن رهبة قد وقعت في نفسه مهددة إياه بخطر جسيم محدق وأن الثابت من ملف الدعوى أن الطاعن زوج وأب مسئول عن رعاية النشء وهو في نفس الوقت مريض بمرض السكر حسبما يستفاد من نتيجة الكشف الطبي عليه سنة 1957 فإن الإجراءات التي اتخذت معه استجابة لقول طالب لا شأن له بالموضوع - من بعض أعضاء هيئة التدريس ومعهم السيد عميد الكلية لا شك مؤثرة في هذا الإكراه الذي أدى إلى تقديم الطاعن استقالته ليمنع فضيحة في وسط أسرته ووسط طلابه لا يزيلها مهما ثبت بعد ذلك من عدم ارتكابه لأمر مما أسند إليه - وانتهى التقرير إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم للطاعن بالتعويض الذي تقدره المحكمة بمراعاة ما أصابه من فقد لوظيفته، ثم ملاحقته بعد ذلك بإبعاده عن المجالات التي يقدم فيها علمه، واحتياطياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتتولى المحكمة سماع شهادة الشهود على الوقائع التي أثارها الطاعن حتى تصل إلى الصحيح من الوصف القانوني لوقائع الإكراه لا تزال حكمها موضعاً صحيحاً.
ومن حيث إنه بالعرض للأوراق التي قدمتها الجامعة بشأن واقعة الدعوى يبين أنها تناولت ما يلي بحسب الترتيب الزمني:
(1) مذكرة السيد عميد الكلية في 25 من مايو سنة 1960 وقد أثبت فيها أنه في الرابعة من مساء يوم 25 سنة 1960 حضر إلى مكتبه الزميلان الدكتور الشواربي والدكتور القصاص، وأبلغه الدكتور الشواربي أن الدكتور القصاص أبلغه أمر رأي أن يسمعه إياه لاتصاله بقسم اللغات الشرقية.
وعندئذ سرد الدكتور القصاص ما أخبره به الطالب حامد إسماعيل نقلاً عن خطيبته نبيلة السيد فكري وأثبت العميد أنه اتفق مع الزميلين على دعوة الطالب حامد إسماعيل أمامه في اليوم الثاني لسماع أقواله أولاً، ثم التصرف بعد ذلك.
(2) مذكرة السيد عميد الكلية في 26 من مايو سنة 1960 وقد أثبت فيها حضور الدكتور الشواربي والدكتور القصاص والطالب حامد إسماعيل، وأن الأخير قص عليهم ما ينطبق على ما أخبره به الدكتور القصاص في اليوم السابق نقلاً عنه. فطلب منه أن يحرر مذكرة بذلك ففعل، واتفق معه على إحضار الطالبة نبيلة فكري في يوم 29/ 5/ 1960 للاستماع لأقوالها.
(3) مذكرة الطالب حامد إسماعيل إلى عميد الكلية في 26 من مايو سنة 1960 وقد ضمنها أن خطيبته الآنسة نبيلة السيد فكري أعلمته منذ قرابة أسبوع أن الدكتور............. المدرس بالكلية كان قد حدد للطلبة وطالبات فرع اللغة التركية موعداً لمقابلته في منزله مساء نفس اليوم، فلم يمكنهم تبليغ هذا الموعد لزملائهم من الطلبة،. وتوجهن ثلاثتهن إلى منزل الدكتور نجيب، وكانت الآنسة نبيلة قد تأخرت بعض الوقت في اللحاق بزميلتيها، فلما أن دخلت إلى حجرة الاستقبال وجدت زميلتيها مع الدكتور نجيب الذي أخبرها بأنهما سبقنها ونقلا بعض الدروس، وطلب إليها أن تتوجه إلى حجرة المكتب لنقل ما فاتها، ثم لحق بعد قليل وأعلمها أن زميلتيها قد انصرفتا، ولما اعترضت على ذلك وأبدى ملاحظته على اضطرابها وأمسك يديها ليتحسس حرارتها نتيجة اضطرابها. فحاولت الانصراف فوراً إلا أنه أخذ يطلب منها أن تحضر إليه يومياً حتى يوم الامتحان ليعطيها دروساً خصوصية بغير أجر فرفضت، ثم طلب منها أن تتصل به تليفونياً بحجة أنه يريد سماع صوتها فقط، ولما فشلت جميع عروضه طلب يدها ليقبلها إذا ما كانت تمانع في تقبيله لها، وأخذ يتوسل إليها وركع بالفعل أمامها.. كل هذا وهي تبدي من وسائل الدفاع المسموح لها في مثل هذه الظروف.. ولما فشل في جميع محاولاته وصممت على الخروج أخذ يعتذر لها ويرجوها ألا تبوح بما بدر منه. ويضيف الطالب حامد إسماعيل أنه لما قابل زميلتيها في اليوم التالي ولامهما على انصرافهما وترك خطيبته بمفردها ذكرتا أن الدكتور هو الذي طلب إليهما الانصراف.
(4) إجابة الطالبة نبيلة السيد فكري على سؤال موجه إليها كتابة من العميد عن معلوماتها عن زيارتها لمنزل الطاعن ذكرت فيها أنها وزميلتيها كانتا على موعد مع الطاعن في منزله لشرح بعض الكلمات، وأنها تأخرت في الذهاب لظروف عارضة. فلما لحقت بزميلتيها أعطتها إحداهما الورقة المكتوب بها الكلمات لتنقلها إلا أن الطاعن عرض عليها الذهاب إلى حجرة المكتب ثم لحق بها بعد قليل وأخبرها أن زميلتيها انصرفتا فتألمت وسألته عن سبب ذلك فقال لها أنهما كانتا تنويان النهوض قبل مجيئها. وأنه لم يأمرهن بالانصراف، ومضت في كتابة الكلمات، إلا أنه قال لها أنها مضطربة بعض الشيء وأنه لا داعي لهذا الاضطراب. ثم حاول أن يمسك يديها ليتبين ما إذا كانت باردة أم لا، ثم تصرف بعد ذلك بعض التصرفات التي لم ترض عنها وحاولت الانصراف غاضبة إلا أنه اعتذر عن ذلك وأنها قبلت اعتذاره.
(5) إجابة الطالبتين على سؤال موجه إلى كل منهما من العميد بشأن معلوماتهما ومؤدى إجابة كل منهما أنهما ذهبتا إلى منزل الطاعن في الموعد المحدد وتأخرت الطالبة نبيلة فلقيهما الطاعن وعاونهما في الترجمة، حاولنا الانصراف غير مرة إلا أنه استمهلهما، ثم حضرت نبيلة فأعطياها الورقة لتنقلها إلا أنه عرض عليها الذهاب إلى المكتب، ولما أن لاحظ أنها وزميلتيها تتحادثان في مسائل خاصة عرض عليهما الانصراف إن أرادتا فانصرفتا، وزادت الطالبة تيسير أن الطاعن عرض عليهما الانصراف مرتين وأنه اتصل بها في المنزل ليخبرها أن الطالبة نبيلة غادرت المنزل بعد انصرافهما بعشر دقائق.
(6) ما كتبه الطاعن في 31 من مايو سنة 1960: "لا أنكر مجيء الطالبات إلى داري لشرح بعض النصوص، وأن الطالبة نبيلة دخلت حجرة مكتبي لحضورها متأخرة ورغبة زميلاتها في الانصراف وأن سبب بقائها في حجرة المكتب هي احتمال مجيء الجيران لزيارة زوجتي.. لكني أنكر أني فكرت في الاعتداء عليها وأنها قاومت هذه الرغبة أو أني أهديتها كتاباً من كتبي إرضاء لها لقد أهديته إليها نزولاً على رغبتها".
(7) ما كتبه الطاعن أيضاً في 31 من مايو 1960 وقد ردد بعض ما كتبه أولاً... وأضاف قائلاً "لا أنكر أن الاضطراب كان بادياً على الطالبة نبيلة لانفرادها عن زميلتيها، وربما بدر مني سؤال عن اضطرابها، وقد أكون ربت على كتفها أو يدها دون قصد وبسلامة نية، فإن الطالبة والطالبات يعلمون حق العلم أن صلتي بهم صلة أبوية. أما اتصالي بتيسير تليفونياً بعد خروج نبيلة فلاً أذكر والله وحدوثه لا يدل على شيء ذي بال فتيسير تحدثني تليفونياً أحياناً كما تحدث زوجتي التي تعرفها".
(8) كتاب موجه من الطاعن إلى عميد الكلية مؤرخ 31 من مايو سنة 1960 يعرب فيه عن رغبته في الانتقال إلى وظيفة أخرى غير تدريسية لأسباب صحية، وقد أشر العميد على هذا الطلب في أول يونيه سنة 1960 بتبليغه إلى مدير الجامعة مع التوصية بقبوله "نظراً لظروف الطالب التي أشار إليها والتي أعرفها حق المعرفة".
(9) استقالة مقدمة من الطاعن وموجهة إلى مدير جامعة عين شمس بتاريخ 26/ 7/ 1960. ولم يشر الطاعن فيها إلى الأسباب التي دعته إلى تقديم الاستقالة. وقد أشر المدير في ذات التاريخ بعرضها على مجلس الجامعة الذي وافق عليها بجلسته المنعقدة في 27/ 7/ 1960.
(10) كتاب موجه من السيد مدير جامعة عين شمس إلى السيد وزير التربية والتعليم يبلغه استقالة الطاعن وموافقة العميد عليها في 1/ 6/ 1960 ثم موافقة مجلس الجامعة في 27/ 7/ 1960، وقد أشر الوزير عليها بالموافقة في 9 من أغسطس سنة 1960.
ومن حيث إنه بالعرض لأقوال الشهود الذين سئلوا بمعرفة السيد المفوض، وهم السيد العميد ورئيس القسم والدكتور القصاص، يبين أن العميد قد شهد بأن الدكتور الشواربي رئيس القسم اتصل به أن الدكتور القصاص يرغب في إبلاغه عن شكوى الطالب حامد إسماعيل، فدعا الطالب وسأله عما حدث وكلفه بكتابة معلوماته فدونها على النحو الوارد بالأوراق، ثم دعا الطالبة نبيلة فكري، ومن بعدها الطالبتين الأخريين فكتبت كل معلوماتها، ثم دعا الطاعن وأطلعه على ما كتبته الطالبة النبيلة وخطيبها وزميلتاها، فكتب الطاعن أجابته الأولى، ثم لم يلبث أن بدا عليه الاضطراب والقلق وأخذ يقول أنه في حالة ميسورة وفي غنى عن الوظيفة وسأله عما سيفعل بالأوراق ولما أفهمه أنه من واجبه تبليغها للجامعة، قال أنه يرجو ألا يكون هناك تحقيق، وأنه يلجأ إليه للتصرف بوصفه أخاً أكبر، فأشار الشاهد عليه أن يطلب نقله إلى وظيفة غير تدريسية، وأن يسبب طلبه بضعف صحته، خصوصاً وأن الثابت من ملف خدمته أنه مريض بالسكر، فقدم إليه طلباً مكتوباً بهذا المعنى، وكان قد اتصل بمدير الجامعة فأعرب عن موافقته على إجراء النقل. وأضاف العميد أنه أشر على الطلب بما يفيد توصيته بقبوله لعمله بظروف الطاعن الخاصة، وكان يعني بذلك في حقيقة الأمر ظروف الشكوى وأكد العميد أنه لا يعرف بوجود عداء بين الطاعن ورئيس القسم، وأن رئيس القسم كان حريصاً على ألا يزج بنفسه في موضوع الشكوى، وأنه أي العميد هو الذي طلب إليه الحضور.
ونفى الدكتور الشواربي أن ثمة نزاعاً بينه وبين الطاعن وقال أنه كان حاضراً عندما دعي الطاعن لمقابلة العميد ثم انصرف لبعض الوقت، وعاد فوجد الطاعن وقد كتب إجابته الأولى، وأنه مال عليه قائلاً: "أنا غرفت وعاوزك تخلصني" فرجا العميد أن "يصبر عليه شويه" فأعطاه ورقة وقال أديني حاصبر ويتفضل يجلس على المائدة الجانبية ويكتب ما يشاء وأضاف أن الطالبة عندما دعيت بمكتب العميد قالت أنها مسألة حدثت وأنا قبلت اعتذاره. فأفهمها أن المسألة ليست متعلقة بشخصها وإنما تتعلق بطالبة ومدرس بالجامعة، وأن الطالب كان راغباً في تقديم الشكوى وأنه هدد بالانتقام من المدعي إذا لم تتخذ الجامعة إجراء ما. وقد ردد الدكتور القصاص ما حدث من الطالب.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أنه عزى إلى الطاعن ارتكاب فعل يجافي مقتضيات وظيفته ويفقده الصلاحية للاستمرار في الاضطلاع بتبعاتها، وأن الدلائل كلها تضافرت على صحة هذا الاتهام، فالثابت أنه دعا الفتيات إلى داره لمعاونتهن في شرح ما غم عليهن أثناء الدراسة، وإذ قدمت إحداهن متأخرة عن زميلتيها فقد أشار عليها أن تنتقل إلى غرفة أخرى لتنقل بعض ما فاتها، وما كانت ثمة حاجة إلى مثل هذا التوجيه والفرصة متسعة وأمامها لإجراء هذا النقل في أي وقت آخر وأي مكان.. والثابت أيضاً أنه أشار على الفتاتين الأخريين بالانصراف إن أرادتا، وأنه كرر هذا القول غير مرة، فلم يسعهن إلا مغادرة داره، وليس ينبئ ما بدر منه إلا عن الرغبة في الانفراد بالفتاة وقد فعل. ثم فرطت منه أمور لم ترض عنها الفتاة، وهمت بالانصراف غاضبة، إلا أنه اعتذر لها بيد أنها لم تلبث أن كشفت لخاطبها عما جرى، وأشارت هي إلى ذلك في أقوالها على استحياء.. وشأن المتوجس المستريب بادر فور انصرافها إلى الاتصال بإحدى الفتاتين الأخريين لينبئها بأنها انصرفت في أعقابهما، فلما أن نقل الخبر إلى العميد من خاطب الفتاة طلب منه ومن الفتاة وزميلتيها أن يكتبوا ما لديهم من معلومات، ودعا الطاعن ليواجهه بما كتبوا فأسقط في يده وعراه الاضطراب والتمس العون من رئيس القسم الذي كان بجواره فاستجاب له، وطلب من العميد أن يفسح له فرصة التفكير فيما يكتب ثم التمس النصح من العميد فأشار عليه أن يقدم طلباً بنقله إلى وظيفة أخرى - لكن مدير الجامعة - الذي أحيط خبراً بما جرى - دعاه إلى مكتبه بعد مدة غير قصيرة من إبلاغه بطلب النقل، وانتهى الأمر بتقديم استقالته.
ومن حيث إن الوقائع المتقدمة ثابتة مهما شهد به أو أثبته من جرى سؤالهم عن هذا الموضوع ولم يقم دليل على أن بينهم وبين الطاعن ما يدعوهم إلى الكيد له أو التجني عليه.
ومن حيث إن الطعن قد بني على أن الاستقالة كانت وليدة الإكراه وأن المحكمة قد أخلت بحق الدفاع حين التفتت عن طلب سماع شهود آخرين.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب الاستقالة هو ركن السبب في القرار الإداري الصادر بقبولها، وأنه يلزم لصحة هذا القرار أن يكون الطلب قائماً لحين صدور القرار مستوفياً شروط صحته شكلاً وموضوعاً. وأن طلب الاستقالة باعتباره مظهراً من مظاهر أراده الموظف في اعتزال الخدمة يجب أن يصدر برضاء صحيح، فيفسده ما يفسد الرضا من عيوب، ومنها الإكراه أن توافرت عناصره، بأن يقدم الموظف الطلب تحت سلطان رهبة تبعثها الإدارة في نفسه دون حق، وكانت قائمة على أساس، بأن كانت ظروف الحال تصور له خطراً جسيماً محدقاً يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال، ويراعي في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامته وأن الإكراه باعتباره مؤثراً في صحة القرار الإداري - يخضع لتقدير المحاكم الإدارية في حدود رقابتها لمشروعية القرارات الإدارية، كما يخضع لرقابة المحكمة العليا في تعقيبها على أحكام تلك المحاكم.
وحيث إن مساق الوقائع السابق بها العرض لا تنم على وقوع إكراه عليه بل ولا شبهة إكراه، فالرجل قد شعر بفداحة ما جنت يداه وأدرك مغبته، فأثر أن يفصم علاقته الوظيفية مختاراً كي يجنب نفسه مواقف الاتهام وما قد تجره عليه من معقبات افتضاحه والتشهير به، وليس فيما صدر من العميد أو مدير الجامعة ما يشير إلى وقوع إكراه عليه مفسد لرضاه، فهو قد التمس النصيحة بادي الرأي من العميد فأشار عليه أن يتقدم بطلب نقله إلى وظيفة أخرى، ثم لقي المدير وأعقب هذا اللقاء تقديم استقالته، وبفرض التسليم بما قرره الطاعن من أنه أشار عليه أن يستقيل بعد أن صور له أن إبلاغ النيابة الإدارية فيه مساس بكرامته وشخصه وأن السلطات غير راضية عنه - ذلك كله لا يرقى إلى مرتبه التهديد أو الإيعاز بخطر محدق بالنفس أو الجسم أو الشرف أو المال، وليس من الجسامة بحيث تبعث فيمن هو في مثل مركز المدعي وسنه وثقافته رهبة تؤثر على إرادته فتفسدها وإذاً فلا تثريب على الجهة الإدارية إن هي بصرت الطاعن بما قد يترتب على الشكوى من إحالة الأمر إلى النيابة الإدارية وما قد يجره ذلك من إحالته إلى المحاكمة، ثم تركت له التقدير في هذا الشأن فاختار هو أهون الضررين، وإذن فالإدارة بمسلكها هذا لم تتخذ وسيلة غير مشروعة، ولم تنحرف بسلطتها عن الغاية المشروعة، بل أنها سلكت المسلك السوي الواجب عليها اتباعه.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، وكان الثابت أن الاستقالة لم تكن وليدة الإكراه بل نتيجة الاقتناع بسلامة مغبتها بالقياس إلى مسالك لا تؤمن عواقبها وأن وقائع التهديد المدعاة - بفرض صحتها - لم تكن لتؤثر في نفس الطاعن تأثيراً يحمله على تقديم الاستقالة، وأن القرار الصادر بقبولها يكون قائماً على سببه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما ينعاه الطاعن الحكم المطعون فيه من إخلال بحق الدفاع لرفض المحكمة الاستجابة إلى طلبه سماع بعض الشهود، فإنه متى كان الثابت أن المحكمة وقد افترضت صحة ما طلب المدعي إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته، ونفت مع ذلك لأسباب سائغة وقوع إكراه مؤثر على إرادة الطاعن، فإنها لا تكون ملزمة بإجراء تحقيق لم تعد ثمة حاجة إليه.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعه يكون الحكم المطعون فيه صحيحاً فيما انتهى إليه، ويكون الطعن على غير أساس سليم من القانون حقيقاً بالرفض.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 45 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

طلب الاستقالة هو ركن السبب فى القرار الإداري الصادر بقبولها - وجوب صدوره عن رضاء صحيح - يفسده ما يفسد الرضا من عيوب ومنها الإكراه .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 149

(14)
جلسة 12 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 580 لسنة 10 القضائية

( أ ) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة". قرار إداري. سببه. إكراه. طلب الاستقالة هو ركن السبب فى القرار الإداري الصادر بقبولها - وجوب صدوره عن رضاء صحيح - يفسده ما يفسد الرضا من عيوب ومنها الإكراه - خضوع الإكراه باعتباره مؤثراً في صحة القرار لتقديم المحاكم الإدارية في حدود رقابتها لمشروعية لقرارات الإدارية - خضوعه كذلك لرقابة المحكمة العليا في تعقيبها على أحكام تلك المحاكم.
(ب) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة". إكراه. تبصير الجهة الإدارية لصاحب الشأن لما قد يترتب على الشكوى المقدمة ضده من إحالة الأمر على النيابة الإدارية وما قد يجره ذلك من إحالته إلى المحكمة - اختياره الاستقالة - لا تثريب على مسلك الجهة الإدارية - أساس ذلك.
1 - أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب الاستقالة هو ركن السبب في القرار الإداري الصادر بقبولها، وأنه يلزم لصحة هذا القرار أن يكون الطلب قائماً لحين صدور القرار مستوفياً شروط صحته شكلاً وموضوعاً. وأن طلب الاستقالة باعتباره مظهراً من مظاهر إرادة الموظف في اعتزال الخدمة يجب أن يصدر برضاء صحيح، فيفسده ما يفسد الرضا من عيوب، ومنها الإكراه إن توافرت عناصره، بأن يقدم الموظف الطلب تحت سلطان رهبة تبعثها الإدارة في نفسه دون حق، وكانت قائمة على أساس، بينما كانت ظروف الحال تصور له خطراً جسيماً محدقاً يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال، ويراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامته، وأن الإكراه باعتباره مؤثراً في صحة القرار الإداري - يخضع لتقدير المحاكم الإدارية في حدود رقابتها لمشروعية القرارات الإدارية، كما يخضع لرقابة المحكمة العليا في تعقيبها على أحكام تلك المحاكم.
2 - لا تثريب على الجهة الإدارية إن هي بصرت الطاعن بما قد يترتب على الشكوى من إحالة الأمر إلى النيابة الإدارية وما قد يجره ذلك من إحالته إلى المحاكمة، ثم تركت له التقدير في هذا الشأن فاختار هو أهون الضررين، إذ الإدارة بمسلكها هذا لم تتخذ وسيلة غير مشروعة، ولم تنحرف بسلطتها عن الغاية المشروعة بل أنها سلكت المسلك السوي الواجب عليها اتباعه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذا الطعن - على ما يبين من أوراقه - تخلص في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 445 لسنة 15 القضائية ضد جامعة عين شمس أمام محكمة القضاء الإداري "هيئة المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية والتعويضات بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة في 20 من فبراير سنة 1961، طلب فيها الحكم" بإلزام الجامعة بأن تدفع له عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية لإكراهه على تقديم استقالته من الخدمة مع إلزام المدعى عليها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. "وقال في بيان دعواه أنه تخرج في كلية الآداب عام 1940، وحصل على دبلوم معهد الدراسات الشرقية عام 1943، والدكتوراه عام 1955 ثم عين مدرساً للغة التركية بكلية الآداب بجامعة عين شمس عام 1956، وظل يؤدي عمله على خير وجه، وكان الطلبة والطالبات يترددون عليه للتزود من عمله، واستيضاحه فيما شكل عليهم فهمه، وكان من بينهم الطالبات فايزة شافعي وتيسير سليم ونبيلة فكري، وكانت الأخيرة مخطوبة لزميل لها في الكلية يدعي حامد إسماعيل وقد ألحت هذه الطالبة على الطاعن إلحاحاً شديداً كي يهدي إليها أحد دواوينه الشعرية" "وردة وبلبل" وأن يكتب عليه "كلمة إهداء، فلم يسعه إزاء إلحاحها من إهدائها الديوان بعد أن كتب عليه "إلى ابنتي الآنسة نبيلة مع أطيب التمني" وما أن شاهد خطيبها الكتاب في يدها وعليه (الإهداء) حتى أخذته ثورة جامحة واستولت عليه غيره عارمة، فبادر إلى تقديم شكوى إلى الدكتور مهدي علام عميد الكلية ضمنها ما صورته له غيرته العمياء، وقد تلقفت الكلية هذه الشكوى ودعت مقدمها إلى مكتب العميد الذي وجه إليه جملة استجوابات تعسفية على حد قوله ولم يواجه الطاعن بها، وإنما اقتصر العميد على أن قرأ عليه بعض فقرات من الشكوى وهو يهدده ويتوعده في كل لحظة بالتشهير به والإساءة إليه وإهانته أمام تلاميذه، ولم يشأ أن يسمع أقوال شهود النفي، وكان مع المستجوبين الدكتور محمد القصاص والدكتور إبراهيم أمين الشواربي رئيس قسم اللغات الشرقية الذي يحتدم كراهية وحقد على الطالب بشهادة كثير من أساتذة جامعة القاهرة وعين شمس وطلبة قسم الدراسات الشرقية بآداب عين شمس، وقد ظهر هذا الحقد منذ نحو عامين حين اختلف معه في الرأي على أسئلة الامتحان وأصبح التعاون بينهما مستحيلاً، وقد سبق لرئيس القسم أنه سبه أمام بعض زملائه قبل استجوابه بنحو أسبوعين. وكان الدكتور الشواربي أثناء استجوابه ينهره ويتهكم عليه. وبرغم أن الطالب كتب إلى العميد ورقة يدحض بها ما وجهه إلى الطاعن إلا أن المستجوبين لم يظهروا أي استعداد للتفاهم أو مناقشة الحقائق ولم يصدقوه في دفع التهمة، كما لم يقبل العميد سحب الشكوى على الرغم من إلحاح والد الطالبة.. وفي هذا الجو المليء بالحقد والضغينة طلب إليه العميد أن يكتب إليه طلباً بنقله إلى وظيفة غير تدريسية لأسباب صحية فكتبها الطالب ظناً منه أن ذلك من قبيل الشكليات فليست هناك تهمة ثابتة وسوف يحفظ التحقيق بعدها، كما أنه انتهزها فرصة لترك الكلية إلى جهة أخرى، ووقف الأمر عند هذا الحد، وبعد مضي نحو شهر أرسل إليه العميد برقية في مصيفه بالإسكندرية يطلب إليه فيها مقابلة مدير الجامعة في يوم 25 أو 26 من أغسطس سنة 1960 وقابل الطاعن المدير الذي لم يشأ أن يستمع إلى أقواله بتمامها، وأمر بضرورة تقديم استقالته لأن السلطات غير راضية عنه، بعد أن صور له أن إبلاغ النيابة الإدارية فيه مساس بكرامته وشخصه، وأنه سوف يجد له عملاً آخر، فاضطر الطالب إلى تقديم استقالته - ويستطرد الطاعن أنه لما كان قد أكره على تقديم الاستقالة التي أعقبها حرمانه من العمل في الجامعات وأي جهة أخرى من الجهات، وفي ذلك مخالفة للائحة الجامعية التي تقضي بأن عضو هيئة التدريس غير المرغوب فيه علمياً أو خلقياً ينقل إلى وظيفة أخرى، وهو إجراء لم يتخذ معه، كما أنه قدم التماساً في 15 من نوفمبر سنة 1960 إلى الجامعة يطلب فيه إجراء التحقيق دون أن يجاب إلى طلبه. وقد ترتب على إكراهه على تقديم الاستقالة أن حاقت به أضرار مادية وأدبية، وتقوضت حياته العلمية وحيثيته الاجتماعية مما يقدر عنه تعويضاً مقداره عشرة آلاف جنيه..
وفي مذكرة شارحة مرفقة بعريضة الدعوى قال إنه في نهاية العام الدراسي 1960 زاره بعض تلاميذه من طلبه السنة النهائية لسؤاله عن بعض التراكيب الفارسية والتركية استعداداً لأداء الامتحان، أما الطالبات فلم يحضرن لانشغالهن بالعمل بقسم الوثائق بوزارة الإرشاد فحدد لهن يوماً آخر، وفي الميعاد المحدد حضرت الطالبتان تيسير سليم وفايزة الشافعي ولم تحضر الطالبة نبيلة فكري، وقد جرت عادته على أن يستقبل طلبته وزملاءه بحجرة المكتب إلا أنه استقبل الطالبتين المذكورتين بحجرة الاستقبال وشرح لهما ما أرادتا كما استبقاهما بعض الوقت ريثما تحضر زميلتهما.. وبعد فترة حضرت الطالبة نبيلة فكري ولم تطق زميلتاها البقاء أكثر من خمس دقائق وانصرفتا. وقبل انصرافهما طلب من الطالبة نبيلة أن تنقل ما كتبه زميلتاها في حجرة المكتب حتى لا تشغل بالحديث معهما. وبعد انصراف الزميلتين توجه إلى حجرة المكتب وكانت قد فرغت من الكتابة فطلبت منه نسخة من ديوانه وألحت إلحاحاً شديداً في الطلب، وصدر منها ما لا يصح أن يصدر من طالبة إزاء أستاذها، ولكنه قدم إليها الديوان مسجلاً عليه عبارة الإهداء السابق ذكرها وانصرفت بعد ذلك، ولعلها شعرت بما يجرح كبرياءها خصوصاً بعد أن ردها فيما أضمرت في نفسها وأشعرها بأنه يعتبرها ابنته وهو ما لم يرض ضميرها فنسجت هي وخطيبها القصة التي صادفت هوى في نفس الدكتور الشواربي.
وقال أن الطالبة نبيلة كانت قد أوغرت صدر خطيبها بدافع العقدة الكامنة في أغوارها وهي عقدة الإعجاب بالنفس والادعاء بكثرة المعجبين، فقد سبق لها أن أذاعت بشأن وكيل إحدى الوزارات أنه معجب بها وأنه يطلب منها التردد عليه مما آثار خطيبها أمام زملائه وصمم على الاعتداء عليه، وفي مرة أخرى قالت أن رئيسها في إدارة الوثائق معجب بها ويطيل الوقوف معها ويطلب ترددها عليه. وكان قولها هذا أمام زملائها مما جعل خطيبها موضع السخرية فهدد وتوعد.
وقد عقبت الجامعة على الدعوى بأن المدعي لم يكن حين التحق بالعمل وبالجامعة لائقاً طبياً لإصابته بمرض السكر فتقرر إعفاؤه من شرط اللياقة الطبية بقرار من مدير الجامعة، وأنه كان طبيعياً أن يشعر بإرهاق بعد قيامه بعمله فطلب أول الأمر نقله إلى وظيفة غير تدريسية لعدم قدرته الصحية، ثم لم يلبث أن تقدم باستقالته وقد قبلت مراعاة لظروفه الصحية من جهة ومصلحة العمل من جهة أخرى.. أما ما زعمه من إكراهه على الاستقالة فهو قول يعوزه الدليل ولا صحة له، ولا يعقل أن يكون بريئاً ثم يستجيب وهو رجل له مكانته العلمية لما يطلب منه.. وانتهت المذكرة إلى أن استقالته قبلت وفقاً لحكم المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة. وبذلك يكون طلب التعويض يكون غير قائم على أساس سليم من القانون.
وفي مذكرة لاحقة قدمها الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري طلب سماع شهادة بعض الأساتذة عن واقعة استقالته فسمعت أقوال العميد والدكتور الشواربي والدكتور القصاص، ولم تستجب المحكمة إلى طلبه سماع شهود آخرين.
وقد قدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى رفض الدعوى.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري أصدرت في 5 يناير سنة 1964 حكمها "برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات".. وأسست قضاءها على أن المدعي يقول بأن وسيلة الإكراه تنحصر في مطالبة مدير الجامعة له باعتزال الخدمة......... وأن المطالبة على هذا النحو لا يمكن أن تصل إلى الإكراه المفسد للرضا، بل أن الأمر على حد قول المدعي لا يعدو أن يكون مجرد طلب. ومن ناحية أخرى فإن القول بأن مدير الجامعة خيره بين الاستقالة وبين إحالة الشكوى المقدمة ضده إلى النيابة الإدارية فإنه بفرض صحة هذا الادعاء فإنه لا ينهض وحده وسيلة للإكراه ذلك أن مطالبته باعتزال الخدمة مع (التلميح إليه بالتحقيق الإداري لا يمكن اعتباره وسيلة غير مشروعة اتخذت للضغط على إرادته لم يستطع معها دفعاً ولم يكن له مخرج إلا الرضوخ والاستسلام لما طلب منه، خاصة إذا روعي أن المدعي نفسه عاد وطالب بإحالته إلى التحقيق أمام أية جهة إدارية كانت أم قضائية ليتمكن من الدفاع عن نفسه الأمر الذي ينهار معه دفاعه من هذه الناحية - وأنه فيما يتعلق بالعنصر النفسي فإن مجرد مطالبة المدعي باعتزال الخدمة على النحو السالف الذكر لا يمكن أن يبعث في نفسه الرهبة، وذلك بمراعاة الدرجة العلمية الكبيرة الحاصل عليها وثقافته وإطلاعه، فليس من الهين التسليم بأن تنهار إرادته أمام مجرد هذه المطالبة ما دام أنه يجد في نفسه الصلاحية التي تؤهله للبقاء في الخدمة، خاصة وهو رب أسرة مسئول عن اسمه وسمعته وشرفه.
وانتهت المحكمة إلى أنه وقد اختار المدعي بمحض إرادته تقديم الاستقالة لما رآه فيها من الخير والمصلحة بسبب حالته الصحية وهو على بصيرة من أمره، وبعد أن وازن.. وانتهى إلى هذا الرأي، فإنه لا يجوز له أن يدعي أن إكراها قد أحاط به فأفسد رضاءه ليتنصل من طلب اعتزال الخدمة بتعللات لا تدل على معنى من معاني الإكراه أو تفيد في قيامه، الأمر الذي يتعين معه رفض الدعوى.
وحيث إن الطعن يقوم على قصور الحكم ومخالفته للقانون وإخلاله بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن لم يحصر وسيلة الإكراه في مطالبة المدير إياه بالاستقالة لكن دعواه دعوى تعويض عن سلسلة من الإجراءات الجائرة التي لا تقبل التجزئة والتي انتهت بحمل الطاعن على الاستقالة. وأن الطالب لم يكن حراً ولا مختاراً بل كانت إرادته مشوبة بإكراه أدبي غالباً نسج رؤساؤه خيوطه من إساءة استعمال سلطتهم ومن تنكب أحكام القانون العام وقانون تنظيم الجامعات فتبنوا على نحو صارخ في مخالفة للأصول القانونية قاله شفوية ظاهرة السخف رواها شخص ليس له صفة الشاهد ولا صفة صاحب الحق ولا صفة الولي على صاحب الحق عن موضوع واضح طابعة الشخصي الذي لا شأن للجامعة به، واستغل هؤلاء الرؤساء هالة مراكزهم ومكانتها وإمكان اتصالهم بالسلطات وزعم اتصالهم بها في ترويع الطالب وإزعاجه وإقناطه من رد تلك القالة وإثبات براءته للسلطات ومن أحكام التحقيق العادل النزيه. ومع أن أوراق الملف ناطقة بأن السبب الصحي الوارد في كتاب الاستقالة سبب صوري بالنسبة إلى الجامعة والطاعن عول الحكم على هذا السبب الصوري وعزا الاستقالة إلى الحالة الصحية للطاعن، كذلك فإن المحكمة قد أخلت بحق الدفاع إذا التفتت عن طلب الطاعن سماع أقوال مدير الجامعة والطالبات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني، أشارت فيه إلى أن الثابت من أقوال الدكتور مهدي علام أن الطالب بدأ عليه الاضطراب والقلق حين اطلع على الشكوى كما أن الثابت من أقوال الدكتور الشواربي أن الطاعن أسر إليه عندما عرضت عليه الشكوى بقوله "أنا غرقت وعاوزك تخلصني" فقال للعميد "اصبر عليه شويه" ومن قول هذين الشاهدين يبين أن الطاعن كان مضطرباً قلقاً يحاول من الرهبة التعلق بمن حوله لإنقاذه والتريث معه، مما يؤكد أن رهبة قد وقعت في نفسه مهددة إياه بخطر جسيم محدق وأن الثابت من ملف الدعوى أن الطاعن زوج وأب مسئول عن رعاية النشء وهو في نفس الوقت مريض بمرض السكر حسبما يستفاد من نتيجة الكشف الطبي عليه سنة 1957 فإن الإجراءات التي اتخذت معه استجابة لقول طالب لا شأن له بالموضوع - من بعض أعضاء هيئة التدريس ومعهم السيد عميد الكلية لا شك مؤثرة في هذا الإكراه الذي أدى إلى تقديم الطاعن استقالته ليمنع فضيحة في وسط أسرته ووسط طلابه لا يزيلها مهما ثبت بعد ذلك من عدم ارتكابه لأمر مما أسند إليه - وانتهى التقرير إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم للطاعن بالتعويض الذي تقدره المحكمة بمراعاة ما أصابه من فقد لوظيفته، ثم ملاحقته بعد ذلك بإبعاده عن المجالات التي يقدم فيها علمه، واحتياطياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتتولى المحكمة سماع شهادة الشهود على الوقائع التي أثارها الطاعن حتى تصل إلى الصحيح من الوصف القانوني لوقائع الإكراه لا تزال حكمها موضعاً صحيحاً.
ومن حيث إنه بالعرض للأوراق التي قدمتها الجامعة بشأن واقعة الدعوى يبين أنها تناولت ما يلي بحسب الترتيب الزمني:
(1) مذكرة السيد عميد الكلية في 25 من مايو سنة 1960 وقد أثبت فيها أنه في الرابعة من مساء يوم 25 سنة 1960 حضر إلى مكتبه الزميلان الدكتور الشواربي والدكتور القصاص، وأبلغه الدكتور الشواربي أن الدكتور القصاص أبلغه أمر رأي أن يسمعه إياه لاتصاله بقسم اللغات الشرقية.
وعندئذ سرد الدكتور القصاص ما أخبره به الطالب حامد إسماعيل نقلاً عن خطيبته نبيلة السيد فكري وأثبت العميد أنه اتفق مع الزميلين على دعوة الطالب حامد إسماعيل أمامه في اليوم الثاني لسماع أقواله أولاً، ثم التصرف بعد ذلك.
(2) مذكرة السيد عميد الكلية في 26 من مايو سنة 1960 وقد أثبت فيها حضور الدكتور الشواربي والدكتور القصاص والطالب حامد إسماعيل، وأن الأخير قص عليهم ما ينطبق على ما أخبره به الدكتور القصاص في اليوم السابق نقلاً عنه. فطلب منه أن يحرر مذكرة بذلك ففعل، واتفق معه على إحضار الطالبة نبيلة فكري في يوم 29/ 5/ 1960 للاستماع لأقوالها.
(3) مذكرة الطالب حامد إسماعيل إلى عميد الكلية في 26 من مايو سنة 1960 وقد ضمنها أن خطيبته الآنسة نبيلة السيد فكري أعلمته منذ قرابة أسبوع أن الدكتور............. المدرس بالكلية كان قد حدد للطلبة وطالبات فرع اللغة التركية موعداً لمقابلته في منزله مساء نفس اليوم، فلم يمكنهم تبليغ هذا الموعد لزملائهم من الطلبة،. وتوجهن ثلاثتهن إلى منزل الدكتور نجيب، وكانت الآنسة نبيلة قد تأخرت بعض الوقت في اللحاق بزميلتيها، فلما أن دخلت إلى حجرة الاستقبال وجدت زميلتيها مع الدكتور نجيب الذي أخبرها بأنهما سبقنها ونقلا بعض الدروس، وطلب إليها أن تتوجه إلى حجرة المكتب لنقل ما فاتها، ثم لحق بعد قليل وأعلمها أن زميلتيها قد انصرفتا، ولما اعترضت على ذلك وأبدى ملاحظته على اضطرابها وأمسك يديها ليتحسس حرارتها نتيجة اضطرابها. فحاولت الانصراف فوراً إلا أنه أخذ يطلب منها أن تحضر إليه يومياً حتى يوم الامتحان ليعطيها دروساً خصوصية بغير أجر فرفضت، ثم طلب منها أن تتصل به تليفونياً بحجة أنه يريد سماع صوتها فقط، ولما فشلت جميع عروضه طلب يدها ليقبلها إذا ما كانت تمانع في تقبيله لها، وأخذ يتوسل إليها وركع بالفعل أمامها.. كل هذا وهي تبدي من وسائل الدفاع المسموح لها في مثل هذه الظروف.. ولما فشل في جميع محاولاته وصممت على الخروج أخذ يعتذر لها ويرجوها ألا تبوح بما بدر منه. ويضيف الطالب حامد إسماعيل أنه لما قابل زميلتيها في اليوم التالي ولامهما على انصرافهما وترك خطيبته بمفردها ذكرتا أن الدكتور هو الذي طلب إليهما الانصراف.
(4) إجابة الطالبة نبيلة السيد فكري على سؤال موجه إليها كتابة من العميد عن معلوماتها عن زيارتها لمنزل الطاعن ذكرت فيها أنها وزميلتيها كانتا على موعد مع الطاعن في منزله لشرح بعض الكلمات، وأنها تأخرت في الذهاب لظروف عارضة. فلما لحقت بزميلتيها أعطتها إحداهما الورقة المكتوب بها الكلمات لتنقلها إلا أن الطاعن عرض عليها الذهاب إلى حجرة المكتب ثم لحق بها بعد قليل وأخبرها أن زميلتيها انصرفتا فتألمت وسألته عن سبب ذلك فقال لها أنهما كانتا تنويان النهوض قبل مجيئها. وأنه لم يأمرهن بالانصراف، ومضت في كتابة الكلمات، إلا أنه قال لها أنها مضطربة بعض الشيء وأنه لا داعي لهذا الاضطراب. ثم حاول أن يمسك يديها ليتبين ما إذا كانت باردة أم لا، ثم تصرف بعد ذلك بعض التصرفات التي لم ترض عنها وحاولت الانصراف غاضبة إلا أنه اعتذر عن ذلك وأنها قبلت اعتذاره.
(5) إجابة الطالبتين على سؤال موجه إلى كل منهما من العميد بشأن معلوماتهما ومؤدى إجابة كل منهما أنهما ذهبتا إلى منزل الطاعن في الموعد المحدد وتأخرت الطالبة نبيلة فلقيهما الطاعن وعاونهما في الترجمة، حاولنا الانصراف غير مرة إلا أنه استمهلهما، ثم حضرت نبيلة فأعطياها الورقة لتنقلها إلا أنه عرض عليها الذهاب إلى المكتب، ولما أن لاحظ أنها وزميلتيها تتحادثان في مسائل خاصة عرض عليهما الانصراف إن أرادتا فانصرفتا، وزادت الطالبة تيسير أن الطاعن عرض عليهما الانصراف مرتين وأنه اتصل بها في المنزل ليخبرها أن الطالبة نبيلة غادرت المنزل بعد انصرافهما بعشر دقائق.
(6) ما كتبه الطاعن في 31 من مايو سنة 1960: "لا أنكر مجيء الطالبات إلى داري لشرح بعض النصوص، وأن الطالبة نبيلة دخلت حجرة مكتبي لحضورها متأخرة ورغبة زميلاتها في الانصراف وأن سبب بقائها في حجرة المكتب هي احتمال مجيء الجيران لزيارة زوجتي.. لكني أنكر أني فكرت في الاعتداء عليها وأنها قاومت هذه الرغبة أو أني أهديتها كتاباً من كتبي إرضاء لها لقد أهديته إليها نزولاً على رغبتها".
(7) ما كتبه الطاعن أيضاً في 31 من مايو 1960 وقد ردد بعض ما كتبه أولاً... وأضاف قائلاً "لا أنكر أن الاضطراب كان بادياً على الطالبة نبيلة لانفرادها عن زميلتيها، وربما بدر مني سؤال عن اضطرابها، وقد أكون ربت على كتفها أو يدها دون قصد وبسلامة نية، فإن الطالبة والطالبات يعلمون حق العلم أن صلتي بهم صلة أبوية. أما اتصالي بتيسير تليفونياً بعد خروج نبيلة فلاً أذكر والله وحدوثه لا يدل على شيء ذي بال فتيسير تحدثني تليفونياً أحياناً كما تحدث زوجتي التي تعرفها".
(8) كتاب موجه من الطاعن إلى عميد الكلية مؤرخ 31 من مايو سنة 1960 يعرب فيه عن رغبته في الانتقال إلى وظيفة أخرى غير تدريسية لأسباب صحية، وقد أشر العميد على هذا الطلب في أول يونيه سنة 1960 بتبليغه إلى مدير الجامعة مع التوصية بقبوله "نظراً لظروف الطالب التي أشار إليها والتي أعرفها حق المعرفة".
(9) استقالة مقدمة من الطاعن وموجهة إلى مدير جامعة عين شمس بتاريخ 26/ 7/ 1960. ولم يشر الطاعن فيها إلى الأسباب التي دعته إلى تقديم الاستقالة. وقد أشر المدير في ذات التاريخ بعرضها على مجلس الجامعة الذي وافق عليها بجلسته المنعقدة في 27/ 7/ 1960.
(10) كتاب موجه من السيد مدير جامعة عين شمس إلى السيد وزير التربية والتعليم يبلغه استقالة الطاعن وموافقة العميد عليها في 1/ 6/ 1960 ثم موافقة مجلس الجامعة في 27/ 7/ 1960، وقد أشر الوزير عليها بالموافقة في 9 من أغسطس سنة 1960.
ومن حيث إنه بالعرض لأقوال الشهود الذين سئلوا بمعرفة السيد المفوض، وهم السيد العميد ورئيس القسم والدكتور القصاص، يبين أن العميد قد شهد بأن الدكتور الشواربي رئيس القسم اتصل به أن الدكتور القصاص يرغب في إبلاغه عن شكوى الطالب حامد إسماعيل، فدعا الطالب وسأله عما حدث وكلفه بكتابة معلوماته فدونها على النحو الوارد بالأوراق، ثم دعا الطالبة نبيلة فكري، ومن بعدها الطالبتين الأخريين فكتبت كل معلوماتها، ثم دعا الطاعن وأطلعه على ما كتبته الطالبة النبيلة وخطيبها وزميلتاها، فكتب الطاعن أجابته الأولى، ثم لم يلبث أن بدا عليه الاضطراب والقلق وأخذ يقول أنه في حالة ميسورة وفي غنى عن الوظيفة وسأله عما سيفعل بالأوراق ولما أفهمه أنه من واجبه تبليغها للجامعة، قال أنه يرجو ألا يكون هناك تحقيق، وأنه يلجأ إليه للتصرف بوصفه أخاً أكبر، فأشار الشاهد عليه أن يطلب نقله إلى وظيفة غير تدريسية، وأن يسبب طلبه بضعف صحته، خصوصاً وأن الثابت من ملف خدمته أنه مريض بالسكر، فقدم إليه طلباً مكتوباً بهذا المعنى، وكان قد اتصل بمدير الجامعة فأعرب عن موافقته على إجراء النقل. وأضاف العميد أنه أشر على الطلب بما يفيد توصيته بقبوله لعمله بظروف الطاعن الخاصة، وكان يعني بذلك في حقيقة الأمر ظروف الشكوى وأكد العميد أنه لا يعرف بوجود عداء بين الطاعن ورئيس القسم، وأن رئيس القسم كان حريصاً على ألا يزج بنفسه في موضوع الشكوى، وأنه أي العميد هو الذي طلب إليه الحضور.
ونفى الدكتور الشواربي أن ثمة نزاعاً بينه وبين الطاعن وقال أنه كان حاضراً عندما دعي الطاعن لمقابلة العميد ثم انصرف لبعض الوقت، وعاد فوجد الطاعن وقد كتب إجابته الأولى، وأنه مال عليه قائلاً: "أنا غرفت وعاوزك تخلصني" فرجا العميد أن "يصبر عليه شويه" فأعطاه ورقة وقال أديني حاصبر ويتفضل يجلس على المائدة الجانبية ويكتب ما يشاء وأضاف أن الطالبة عندما دعيت بمكتب العميد قالت أنها مسألة حدثت وأنا قبلت اعتذاره. فأفهمها أن المسألة ليست متعلقة بشخصها وإنما تتعلق بطالبة ومدرس بالجامعة، وأن الطالب كان راغباً في تقديم الشكوى وأنه هدد بالانتقام من المدعي إذا لم تتخذ الجامعة إجراء ما. وقد ردد الدكتور القصاص ما حدث من الطالب.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أنه عزى إلى الطاعن ارتكاب فعل يجافي مقتضيات وظيفته ويفقده الصلاحية للاستمرار في الاضطلاع بتبعاتها، وأن الدلائل كلها تضافرت على صحة هذا الاتهام، فالثابت أنه دعا الفتيات إلى داره لمعاونتهن في شرح ما غم عليهن أثناء الدراسة، وإذ قدمت إحداهن متأخرة عن زميلتيها فقد أشار عليها أن تنتقل إلى غرفة أخرى لتنقل بعض ما فاتها، وما كانت ثمة حاجة إلى مثل هذا التوجيه والفرصة متسعة وأمامها لإجراء هذا النقل في أي وقت آخر وأي مكان.. والثابت أيضاً أنه أشار على الفتاتين الأخريين بالانصراف إن أرادتا، وأنه كرر هذا القول غير مرة، فلم يسعهن إلا مغادرة داره، وليس ينبئ ما بدر منه إلا عن الرغبة في الانفراد بالفتاة وقد فعل. ثم فرطت منه أمور لم ترض عنها الفتاة، وهمت بالانصراف غاضبة، إلا أنه اعتذر لها بيد أنها لم تلبث أن كشفت لخاطبها عما جرى، وأشارت هي إلى ذلك في أقوالها على استحياء.. وشأن المتوجس المستريب بادر فور انصرافها إلى الاتصال بإحدى الفتاتين الأخريين لينبئها بأنها انصرفت في أعقابهما، فلما أن نقل الخبر إلى العميد من خاطب الفتاة طلب منه ومن الفتاة وزميلتيها أن يكتبوا ما لديهم من معلومات، ودعا الطاعن ليواجهه بما كتبوا فأسقط في يده وعراه الاضطراب والتمس العون من رئيس القسم الذي كان بجواره فاستجاب له، وطلب من العميد أن يفسح له فرصة التفكير فيما يكتب ثم التمس النصح من العميد فأشار عليه أن يقدم طلباً بنقله إلى وظيفة أخرى - لكن مدير الجامعة - الذي أحيط خبراً بما جرى - دعاه إلى مكتبه بعد مدة غير قصيرة من إبلاغه بطلب النقل، وانتهى الأمر بتقديم استقالته.
ومن حيث إن الوقائع المتقدمة ثابتة مهما شهد به أو أثبته من جرى سؤالهم عن هذا الموضوع ولم يقم دليل على أن بينهم وبين الطاعن ما يدعوهم إلى الكيد له أو التجني عليه.
ومن حيث إن الطعن قد بني على أن الاستقالة كانت وليدة الإكراه وأن المحكمة قد أخلت بحق الدفاع حين التفتت عن طلب سماع شهود آخرين.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب الاستقالة هو ركن السبب في القرار الإداري الصادر بقبولها، وأنه يلزم لصحة هذا القرار أن يكون الطلب قائماً لحين صدور القرار مستوفياً شروط صحته شكلاً وموضوعاً. وأن طلب الاستقالة باعتباره مظهراً من مظاهر أراده الموظف في اعتزال الخدمة يجب أن يصدر برضاء صحيح، فيفسده ما يفسد الرضا من عيوب، ومنها الإكراه أن توافرت عناصره، بأن يقدم الموظف الطلب تحت سلطان رهبة تبعثها الإدارة في نفسه دون حق، وكانت قائمة على أساس، بأن كانت ظروف الحال تصور له خطراً جسيماً محدقاً يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال، ويراعي في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامته وأن الإكراه باعتباره مؤثراً في صحة القرار الإداري - يخضع لتقدير المحاكم الإدارية في حدود رقابتها لمشروعية القرارات الإدارية، كما يخضع لرقابة المحكمة العليا في تعقيبها على أحكام تلك المحاكم.
وحيث إن مساق الوقائع السابق بها العرض لا تنم على وقوع إكراه عليه بل ولا شبهة إكراه، فالرجل قد شعر بفداحة ما جنت يداه وأدرك مغبته، فأثر أن يفصم علاقته الوظيفية مختاراً كي يجنب نفسه مواقف الاتهام وما قد تجره عليه من معقبات افتضاحه والتشهير به، وليس فيما صدر من العميد أو مدير الجامعة ما يشير إلى وقوع إكراه عليه مفسد لرضاه، فهو قد التمس النصيحة بادي الرأي من العميد فأشار عليه أن يتقدم بطلب نقله إلى وظيفة أخرى، ثم لقي المدير وأعقب هذا اللقاء تقديم استقالته، وبفرض التسليم بما قرره الطاعن من أنه أشار عليه أن يستقيل بعد أن صور له أن إبلاغ النيابة الإدارية فيه مساس بكرامته وشخصه وأن السلطات غير راضية عنه - ذلك كله لا يرقى إلى مرتبه التهديد أو الإيعاز بخطر محدق بالنفس أو الجسم أو الشرف أو المال، وليس من الجسامة بحيث تبعث فيمن هو في مثل مركز المدعي وسنه وثقافته رهبة تؤثر على إرادته فتفسدها وإذاً فلا تثريب على الجهة الإدارية إن هي بصرت الطاعن بما قد يترتب على الشكوى من إحالة الأمر إلى النيابة الإدارية وما قد يجره ذلك من إحالته إلى المحاكمة، ثم تركت له التقدير في هذا الشأن فاختار هو أهون الضررين، وإذن فالإدارة بمسلكها هذا لم تتخذ وسيلة غير مشروعة، ولم تنحرف بسلطتها عن الغاية المشروعة، بل أنها سلكت المسلك السوي الواجب عليها اتباعه.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، وكان الثابت أن الاستقالة لم تكن وليدة الإكراه بل نتيجة الاقتناع بسلامة مغبتها بالقياس إلى مسالك لا تؤمن عواقبها وأن وقائع التهديد المدعاة - بفرض صحتها - لم تكن لتؤثر في نفس الطاعن تأثيراً يحمله على تقديم الاستقالة، وأن القرار الصادر بقبولها يكون قائماً على سببه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما ينعاه الطاعن الحكم المطعون فيه من إخلال بحق الدفاع لرفض المحكمة الاستجابة إلى طلبه سماع بعض الشهود، فإنه متى كان الثابت أن المحكمة وقد افترضت صحة ما طلب المدعي إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته، ونفت مع ذلك لأسباب سائغة وقوع إكراه مؤثر على إرادة الطاعن، فإنها لا تكون ملزمة بإجراء تحقيق لم تعد ثمة حاجة إليه.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعه يكون الحكم المطعون فيه صحيحاً فيما انتهى إليه، ويكون الطعن على غير أساس سليم من القانون حقيقاً بالرفض.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 56 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,119,010

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »