موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

الأحكام القضائية للإدارية العليا في استقالة وإنهاء خدمة موظف llllllllllllllllll

edit

الاستقالة طبقاً للأصول العامة للوظيفة لا تنتج بذاتها أثرها القانوني في فصم رابطة التوظف ترتب هذا الأثر يتوقف على القرار الصادر من الجهة الإدارية .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 254

(23)
جلسة 20 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد المستشارين.

القضية رقم 235 لسنة 7 القضائية

( أ) موظف. "نهاية الخدمة. استقالة". الاستقالة طبقاً للأصول العامة للوظيفة - لا تنتج بذاتها أثرها القانوني في فصم رابطة التوظف - ترتب هذا الأثر - يتوقف على القرار الصادر من الجهة الإدارية بقبولها صراحة أو على مضي المدة التي تعتبر بصدها مقبولة حكماً - سريان هذا الحكم على عمال المرافق العامة كافة.
(ب) موظف "استقالة". مكافأة ترك الخدمة. سكك حديدية. وفاة الموظف في ذات اليوم الذي عبر فيه عن رغبته في التخلي عن الخدمة المنصوص عليه في المادة التاسعة من القواعد المنظمة للمكافآت المستحقة للعاملين بالهيئة العامة للسكك الحديدية المقررة بالمنشور ( أ ) المصدق عليه من مجلس إدارتها في 13/ 4/ 1964 وقبل أن تقبل منه هذه الاستقالة - تحديد المكافأة المستحقة له على أساس أنه توفي وهو في الخدمة - صحيح لا تثريب عليه.
1 - أن الاستقالة طبقاً للأصول العامة للوظيفة وللحكمة التي قام عليها تنظيمها لضمان دوام حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد لا تنتج بذاتها أثرها القانوني في فصم رابطة التوظف، وإنما يتوقف حدوث هذا الأثر المنهي للخدمة على القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة بقبولها صراحة أو على المدة التي تعتبر بعدها مقبولة حكماً، كما أن مقدم الاستقالة يجب عليه أن يستمر في عمله إلى أن يبلغ إليه قرار قبول الاستقالة أو إلى أن ينقضي الميعاد المقرر لاعتبارها مقبولة، فإرادته المنفردة - وهو في علاقته بالإدارة في مركز قانوني أي تنظيمي عام تحكمه القوانين واللوائح لا في مركز تعاقدي - لا تكفي وحدها لترتيب أثر ذاتي فوري على تقديم الاستقالة بمجرد تحقق هذه الواقعة. ويصدق هذا الأصل في عمال المرافق العامة كافة وإن خلت القواعد المنظمة لعلاقتهم بهذه المرافق من نص مردد له.
2 - متى كان الثابت من أوراق الدعوى أن مورث المدعي قدم استقالته إلى الهيئة العامة للسكك الحديدية في أول مايو سنة 1954 ثم وافته المنية في اليوم ذاته، ولم تكن الهيئة قد قبلت هذه الاستقالة بعد ومن ثم فإن الجهة الإدارية، إذ حددت المكافأة المستحقة له على أساس أنه توفي في الخدمة، تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه يتبين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1959 وأن الطاعن تقدم إلى لجنة المساعدة القضائية بهذه المحكمة يطلب إعفائه من الرسوم القضائية المستحقة على هذا الطعن في 7 من يناير سنة 1960، أي في خلال الميعاد المقرر قانوناً، وقد صدر قرار اللجنة في طلب المساعدة القضائية رقم 14 لسنة 6 بإعفائه من هذه الرسوم بجلسة 18 من سبتمبر سنة 1960 فتقدم بطعنه هذا إلى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا خلال الستين يوماً التالية بإيداع عريضته في 14 من نوفمبر سنة 1960. ومن ثم يكون الطعن مقبولاً شكلاً ومستوفياً لأوضاعه وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في شأن أثر المساعدة القضائية القاطع لميعاد رفع الطعن أمامها.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 202 لسنة 6 القضائية ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 28 من ديسمبر سنة 1958 بموجب قرار من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة بإعفائه من الرسوم القضائية صادر في 11 من أكتوبر سنة 1958، طلب فيها الحكم باستحقاق الورثة الشرعيين للمرحوم سيد أحمد سالم أوسطى نجارين سابقاً بورشة عموم هندسة السكة والأشغال بالعباسية في صرف المكافأة المستحقة عن مدة خدمته كاملة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وما يترتب على ذلك من آثار بإلزام الهيئة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أن والده التحق بخدمة الهيئة وظل يتدرج حتى وصل إلى درجة أوسطى نجارين بورشة عموم الهندسة بالعباسية ثم مرض مرضاً أقعده عن العمل فتقدم في أول مايو سنة 1954 بطلب اعتزال الخدمة مع حفظ حقه في صرف المكافأة المستحقة له عن مدة خدمته حتى أول مايو سنة 1954 إلا أنه توفي مساء اليوم ذاته فاعتبرته الهيئة متوفياً أثناء الخدمة - وعلى هذا أعطت الورثة ثلاثة أرباع المكافأة، ولم تمنحهم المكافأة كاملة باعتبار مورثهم قد اعتزل الخدمة فعلاً مع أن حق التخلي عن الخدمة بإرادة العامل المنفردة مع صرف المكافأة بتمامها هو حق مستمد من نص المادة التاسعة من لائحة مكافآت السكة الحديد.
وقد أجابت الهيئة عن الدعوى بأن مورث المدعي توفي في أول مايو سنة 1954 في الساعة الحادية عشرة مساء، وذلك كنص شهادة الوفاة الصادرة من مكتب صحة العدوية قسم بولاق المقيدة برقم 773 في 2 من مايو سنة 1954 وكان قد ورد للهيئة طلب من المذكور صباح يوم أول مايو سنة 1954 يبدي فيه رغبته في إعفائه من الخدمة نظراً لسوء حالته الصحية وقد أرسل هذا الطلب في 6 من مايو سنة 1954 إلى القسم الطبي الذي قرر الموافقة على مد الأجازة المرضية الممنوحة للطالب حتى أول مايو سنة 1954 تاريخ وفاته مع عدم الموافقة على طلب التشريك وفقاً للتعليمات المالية.
وبجلسة 11 من نوفمبر سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن المنشور حرف "أ" الخاصة بمكافآت مصلحة سكك حديد وتلغرافات وتليفونات الحكومة هو الذي يحكم تسوية مكافأة مورث المدعي عن مدة خدمته. وطبقاً لأحكامه يحرم العامل من المكافأة عند الاستقالة فيما عدا حالتين أولاهما تأدية الخدمة العسكرية، وثانيهما الاستقالة بسبب كبر السن ببلوغ الخامسة والخمسين. وهذه الاستقالة الأخيرة لا تتم بإرادة العامل المنفردة بل يجب موافقة الجهة الإدارية عليها. ومن ثم فإن مورث المدعي كان في خدمة الهيئة وقت وفاته على الرغم من طلبه التخلي عن الخدمة ما دامت الهيئة لم تكن قد قبلت استقالته بعد، ويكون صرف المكافأة على هذا الأساس صحيحاً مطابقاً لأحكام القانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف حكم المادة التاسعة من لائحة المكافآت المصلحية التي نصت على أنه "يجوز لكل مستخدم تنطبق عليه الشروط المتقدمة للتخلي عن العمل بسبب كبر السن إذا بلغ عمره 55 سنة" وقد توفرت هذه الشروط في مورث المدعي، ولم يكن يحول دون تطبيق هذه المادة في حقه سوى صدور تعبير حاسم من جانبه برغبته في التخلي، وقد صدر منه هذا التعبير فعلاً، ولا تملك الجهة الإدارية التعقيب على إرادة العامل في التخلي عن العمل. ومن ثم فلا محل لتطبيق القواعد العامة في الاستقالة المنصوص عليها في قانون نظام الدولة رقم 210 لسنة 1951 ذلك لأن أحكام هذا القانون إنما تنصرف إلى الموظفين الدائمين الذين يخضعون لأحكامه دون من عداهم. كذلك خالف الحكم كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234/ 9/ 20 الصادر في 30 من إبريل سنة 1933 في شأن مكافأة المستخدمين الخارجين عن الهيئة الذين يطلبون اعتزال الخدمة لمرضهم ثم يتوفون قبل الكشف عليهم طبياً وهو الذي انتهى إلى اعتبارهم قد تركوا الخدمة لعدم اللياقة الطبية ثم وافتهم المنية بعد ذلك وقضى في هذه الحالة بأن تعتبر المكافأة تركة تصرف لورثتهم الشرعيين.
ومن حيث إن الطاعن قد عدل طلباته في محضر جلسة 23 من أكتوبر سنة 1966 وقصرها على طلب الحكم بنصيبه في المكافأة المستحقة لمورثة قبل وفاته على الأساس المتقدم طبقاً لقواعد مكافأة عمال مصلحة السكة الحديد وتلغرافات وتليفونات الحكومة وهو تعديل يبرره أنه لا صفة له - اتفاقاً أو قانوناً - في إقامة الدعوى نيابة عن باقي الورثة للمطالبة بحق لهم.
ومن حيث إن القواعد المنظمة للمكافآت المستحقة للعاملين بالهيئة العامة للسكك الحديدية قد وردت في المنشور حرف "أ" الذي صدق عليه من المجلس الأعلى للسكك الحديدية بجلسته المنعقدة في 13 من إبريل سنة 1940. وقد تضمن هذا المنشور شروط استحقاق المكافآت، وأسباب سقوط الحق فيها، وجعل الاستقالة سبباً لسقوط حق العامل في هذه المكافأة، إلا إذا كانت الاستقالة لأداء الخدمة العسكرية أو بسبب كبر السن فنص في المادة الخامسة منه على أن "كل مستخدم تنطبق عليه الشروط المتقدمة لا يستحق مكافأة إذا قدم استقالته، فيما عدا الحالة المنصوص عليها في المادة التاسعة، أو كان مصري الجنسية واضطر للاستقالة لتأدية الخدمة العسكرية في الجيش المصري" كما نص في مادته التاسعة على أنه "يجوز لكل مستخدم تنطبق عليه الشروط المتقدمة التخلي عن الخدمة بسبب كبر السن إذا بلغ عمره 55 سنة. وتجب إقالته حتماً عند بلوغ الخامسة والستين إلا إذا صرح له مدير المصلحة بناء على طلبه وبموافقة المجلس الأعلى بالبقاء في الخدمة مدة معينة. ولا يجوز بحال من الأحوال أن يبقى في الخدمة بعد بلوغه سن السبعين".
ومن حيث إنه يتضح من صريح هذه النصوص أن التخلي عن الخدمة المشار إليه في المادة التاسعة إن هو في حقيقة معناه الاستقالة من الخدمة بتعبير آخر. وغني عن البيان أن الاستقالة طبقاً للأصول العامة للوظيفة وللحكمة التي قام عليها تنظيمها لضمان دوام حسن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد لا تنتج بذاتها أثرها القانوني في فصم رابطة التوظف، وإنما يتوقف حدوث هذا الأثر المنهي للخدمة على القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة بقبولها صراحة أو على مضي المدة التي تعتبر بعدها مقبولة حكماً كما أن مقدم الاستقالة يجب عليه أن يستمر في عمله إلى أن يبلغ إليه قرار قبول استقالة أو إلى أن ينقضي الميعاد المقرر لاعتبارها مقبولة فإرادته المنفردة - وهو في علاقته بالإدارة في مركز قانوني أي تنظيمي عام تحكمه القوانين واللوائح لا في مركز تعاقدي - لا تكفي وحدها لترتيب أثر ذاتي فوري على تقديم الاستقالة بمجرد تحقيق هذه الواقعة. ويصدق هذا الأصل على عمال المرافق العامة كافة وإن خلت القواعد المنظمة لعلاقتهم بهذه المرافق من نص مردد له.
ولم تتضمن المادة التاسعة من المنشور حرف "أ" آنف الذكر أي تعبير أو معنى يمكن أن ينصرف إلى قصد مخالفة هذا الأصل الذي لا ينال من سلامته ومن وجوب إعمال حكمه ما ورد في كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234/ 9/ 20 الصادر في 30 من إبريل سنة 1933 من اعتبار من يطلب اعتزال الخدمة لمرضه ثم يتوفى قبل الكشف عليه - أنه ترك الخدمة قبل الوفاة لانتفاء الحاجة به.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الدعوى أن مورث المدعي قدم استقالته إلى الهيئة العامة للسكك الحديدية في يوم أول مايو سنة 1954 ثم وافته المنية في اليوم ذاته، ولم تكن الهيئة قد قبلت الاستقالة بعد ومن ثم فإن الجهة الإدارية، إذ حددت المكافأة المستحقة له على أساس أنه توفي وهو في الخدمة، تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً.
ويكون الحكم المطعون فيه قد صادف الصواب إذ قضى برفض الدعوى مما يتعين معه القضاء برفض الطعن لعدم قيامه على أساس سليم من القانون، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 41 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

طلب ترك الخدمة وفق أحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 المقدم من الموظف المقيد على درجة شخصية - التزام جهة الإدارة وجوباً بالاستجابة متى توافرت فيه الشروط القانونية .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 274

(26)
جلسة 26 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 1162 لسنة 9 القضائية

( أ ) موظف. "نهاية الخدمة. استقالة تيسيرية".
طلب ترك الخدمة وفق أحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 المقدم من الموظف المقيد على درجة شخصية - التزام جهة الإدارة وجوباً بالاستجابة متى توافرت فيه الشروط القانونية - لا يقدح في ذلك أن يكون القرار الصادر بترقية المدعي بصفة شخصية قد صدر بعد إحالته إلى المعاش لبلوغه السن القانونية ما دام أن هذه الترقية نافذة قبل طلبه الانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960.
(ب) موظف. "معاش. منازعة فيه".
إصرار المدعي على تسوية حالته طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 بعد أن تكشف وضعه عن أحقيته للترقية إلى الدرجة الرابعة بصفة شخصية قبل تاريخ إحالته إلى المعاش لبلوغ السن القانونية - منازعته في ذلك إنما تنصب أساساً على مقدار المعاش المستحق له - تقيدها بالميعاد المنصوص عليه في المادة 44 من القرار بقانون رقم 394 لسنة 1956 بشأن المعاشات والتأمينات الاجتماعية.
1 - أن سلطة جهة الإدارة إزاء طلب ترك الخدمة المقدم من الموظف المقيد على درجة شخصية سلطة غير تقديرية وأن الإدارة تلتزم وجوباً الاستجابة لهذا الطلب متى توافرت فيه الشروط التي استلزمها القانون وأنه متى كان الثابت أن المدعي تنطبق عليه وقت تقديم طلبه الشروط الواردة في المادة الأولى من القرار بالقانون رقم 120 لسنة 1960 المعمول به اعتباراً من 3/ 4/ 1960 فإنه ينتفع لزاماً بالتيسيرات الواردة بهذا القرار بقانون ولا يقدح في ذلك أن قرار ترقيته إلى الدرجة الرابعة صدر بتاريخ 30/ 10/ 1960 أي بعد إحالته إلى المعاش إذ أن هذه الترقية التي تمت بصفة شخصية كانت نافذة اعتباراً من مارس 1960 أي قبل تقديم المدعي طلب الانتفاع بالقانون رقم 120 لسنة 1960.
2 - إن إصرار المدعي على تسوية حالته طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 لا يخرج في نطاق الملابسات التي أحاطت به عن كونه منازعة في المعاش المستحق له إذ هو يهدف بطلبه إلى تسوية معاشه بضم مدة سنتين إلى مدة خدمته المحسوبة فيه وإلى منحه علاوتين من علاوات درجته وما يترتب على ذلك من آثار وليس من شك في أن منازعته هذه إنما تنصب أساساً على مقدار المعاش المستحق له وتنطوي من جانبه على الرغبة الجادة السافرة في طلب تعديل وزيادة مقداره استناداً إلى استحقاقه للانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بعد إذ تكشف وضعه عن أحقيته للترقية إلى الدرجة الرابعة بصفة شخصية قبل تاريخ إحالته إلى المعاش. وأن قضاء هذه المحكمة جرى في تطبيق حكم المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 التي تعتبر المادة 44 من القانون رقم 394 لسنة 1956 ترديداً لها على أن كل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت ولأي سبب كان وتحت أية حجة كانت. وهذا النص من الإطلاق والشمول بحيث تندرج فيه منازعته في المعاش أصلاً ومقداراً مهما كان سببها ومناطها وذلك حتى يستقر الوضع بالنسبة للموظف والحكومة على السواء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1296 لسنة 9 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة بتاريخ 9/ 7/ 1962 طالباً الحكم بأحقيته في تسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بمنحه علاوتين من علاوات درجته وضم سنتين إلى مدة خدمته في المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار وقال شرحاً لدعواه أنه تقدم في 29/ 3/ 1960 بطلب لتسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 إلا أن الإدارة لم تفصل في هذا الطلب واستطرد قائلاً أنه يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون سالف الذكر أن المشرع قصد معالجة حالة الموظفين المنسيين المرقيين على درجات شخصية والتخلص من هذه الدرجات بإباحة لمن يبلغ سن الخامسة والخمسين ويشغل درجة شخصية طلب ترك الخدمة طبقاً لأحكامه دون أن يكون للإدارة سلطة تقديرية في شأن قبول هذا الطلب أو رفضه أما الموظفون الشاغلون للدرجات الفعلية فقد ترك للإدارة سلطة البت في طلباتهم الاستفادة من القانون في ضوء المصلحة العامة.
ومضى المدعي يقول أنه لا وجه للقول بأنه وقد كان الباقي من مدة خدمته أقل من سنة ولم يكن يستحق فيها علاوات دورية فما كان يجوز تطبيق أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 على حالته بقبول استقالته طبقاً لأحكامه ومنحه علاوتين وضم سنتين إلى مدة خدمته لأن في ذلك إضافة أعباء على الخزانة لم تكن لو استمر في الخدمة إلى أن يبلغ سن الستين لا وجه لهذا القول طالما أن هدف المشرع هو تعويض أمثاله من قدامى الموظفين. وأضاف المدعي أن طلبه اعتزال الخدمة يعتبر مقبولاً بقوة القانون ذلك أنه تقدم به في 29/ 3/ 1960 ولم ترد عليه الإدارة بالقبول أو الرفض وبذلك ينطبق عليه نص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1950 التي تقضي بأن يتعين الفصل في الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة.
وقد دفعت الإدارة الدعوى قائلة أنه بتاريخ 29/ 3/ 1960 تقدم المدعي بطلب تطبيق القانون رقم 120 لسنة 1960 على حالته وقد أحيل المدعي إلى المعاش في 10/ 4/ 1960 أي قبل انتهاء الفترة التي يجوز خلالها للمدير العام قبول أو رفض الطلب وهي مدة شهر وأضافت أن قبول الطلب أو رفضه مما يدخل في سلطة الإدارة التقديرية التي لا يقيدها إلا لمصلحة العامة وقد رفضت الهيئة الطلب في 24/ 4/ 1960 أي في الميعاد المحدد قانوناً لذلك.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهت فيه إلى الرأي بالحكم بصفة أصلية بعدم قبولها شكلاً باعتبارها من دعاوى الإلغاء ولأن المدعي لم يتظلم من قرار رفض طلبه واحتياطياً برفض الدعوى إذا ما كيفت على أنها من دعاوى التسوية مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة في كلتا الحالتين.
وبجلسة 4/ 6/ 1963 أصدرت المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات حكمها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفي الموضوع بأحقية المدعي في تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الهيئة المدعى عليها المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وأقامت المحكمة قضاءها على ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 222 لسنة 8 القضائية عليا بجلسة 23/ 3/ 1963 من أن سلطة الجهة الإدارية بالنسبة لطلبات ترك الخدمة المقدمة من الموظفين للإفادة من أحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 ليست سلطة تقديرية تترخص بمقتضاها في قبولها أو رفضها، وأن هذا القانون جعل اعتزال الخدمة وفقاً لأحكامه رخصة مباحة للموظف يستعملها بمشيئته متى تحققت فيه شروطها فإذا اختار وتقدم بطلبه التزمت الإدارة بإجابته إليه ومن ثم فإن المنازعة في شأنها تعتبر من دعاوى التسويات وبالتالي لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المقررة قانوناً بالنسبة لدعاوى الإلغاء وانتهت المحكمة من ذلك إلى الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى.
أما عن الموضوع فقد استندت المحكمة إلى ما ثبت لها من الأوراق من أن المدعي من مواليد 11/ 4/ 1900 وأنه التحق بالخدمة في 19/ 11/ 1919 وأحيل إلى المعاش في الدرجة الخامسة الأصلية اعتباراً من 1/ 4/ 1960 بالقرار رقم 44 الصادر في 18/ 1/ 1960، وأنه تقدم في 29/ 3/ 1960 إلى السيد رئيس أقسام حركة بحري طنطا لإحالته إلى المعاش بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 فرفع طلبه بتوصية من رؤسائه لإجابته إليه حيث لا يوجد مانع من ذلك وعرض الموضوع بتاريخ 16/ 4/ 1960 على المدير العام بمذكرة انتهت إلى أنه طالما لم يصدر قرار بانتفاع المدعي بهذا القانون قبل انتهاء خدمته في 10/ 4/ 1960 فإن المدعي لا يكون محقاً في طلبه فحفظ الطلب واستطردت المحكمة إلى القول بأنه يبين مما تقدم أن كافة الشروط المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 قد توافرت في حق المدعي وقت تقديم طلب اعتزال الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون المذكور ولا مقنع في القول بأن المدة الباقية لإحالته إلى المعاش كانت تقل عن عام أو أنه ما دام لم يصدر قرار من جهة الإدارة بقبول انتفاع المدعي بهذا القانون قبل انتهاء خدمته في 10/ 4/ 1960 فإنه لا يكون محقاً في طلبه وذلك لأن رفض الطلب على هذا الوجه لا يقوم على سند من القانون إذ لا يسوغ الأخذ بقاعدة تنظيمية أدنى من القاعدة التشريعية التي صدر بها القانون للحد من إطلاق حكم نص المادة الأولى منه فيما يتعلق بالمدة الباقية للموظف لبلوغه سن الإحالة إلى المعاش بإضافة قيد لم يورده المشرع ذاته وأن المدعي وقد توافرت بالنسبة له كافة الشروط المنصوص عليها في القانون وقت تقديم الطلب لذلك يكون محقاً في طلبه.
وبتاريخ 4/ 8/ 1963 أودعت إدارة قضاياً الحكومة نيابة عن الهيئة العامة للسكك الحديدية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن في هذا الحكم قيد بجدول طعون المحكمة الإدارية العليا برقم 1162 لسنة 9 القضائية طالبة للأسباب الواردة في التقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها مع إلزام المطعون ضده المصروفات في أية حال ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده بتاريخ 2/ 9/ 1963
واستندت الإدارة في طعنها إلى مخالفة الحكم للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وبيان ذلك:
(1) فيما يتعلق بشكل الدعوى فقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أنها دعوى تسوية لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المحددة قانوناً لدعاوى الإلغاء والصحيح أن الدعوى دعوى إلغاء للقرار الصادر في 24/ 4/ 1960 برفض طلب المدعي ترك الخدمة المقدم في 9/ 3/ 1960 وخاصة أن المدعي من أصحاب الدرجات الأصلية التي تترخص الجهة الإدارية في قبول طلبهم أو رفضه وقد صدر هذا القرار خلال الثلاثين يوماً المقررة للبت فيه وفقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن لذلك كان يتعين على المدعي اتباع الإجراءات والتزام المواعيد المقررة قانوناً بالنسبة لدعاوى الإلغاء ولما كان المدعي لم يتظلم من قرار الرفض بل أقام دعواه مباشرة وبعد فوات المواعيد المقررة قانوناً لرفعها لذلك تكون دعواه غير مقبولة وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبولها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. يضاف إلى ذلك أن المطعون ضده أحيل إلى المعاش في 10/ 4/ 1960 وربط معاشه وتسلم سركي المعاش الخاص به قبل رفع الدعوى بأكثر من عام لذلك فإن المنازعة المماثلة بوصفها منازعة في المعاش المستحق للمطعون ضده إذا ما رفعت بعد مضي الأجل المنصوص عليه قانوناً وهو سنة تكون غير مقبولة.
(2) بالنسبة للموضوع فقد اعتد الحكم المطعون ضده بالطلب المقدم من المدعي في 29/ 3/ 1960 للإفادة من أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 مع أن هذا الطلب قد قدم قبل العمل بهذا القانون ابتداء من تاريخ نشره في 13/ 4/ 1960 - وبالتالي فإن طلب المدعي يكون عديم الأثر قانوناً يضاف إلى ذلك أن المطعون ضده قدم الطلب في 29/ 3/ 1960 بينما كان قد صدر بتاريخ 18/ 1/ 1960 قرار بإنهاء خدمته لبلوغه السن القانونية في 10/ 4/ 1960 وبديهي أن هذا الطلب يخضع لتقدير الإدارة لأنه كان يشغل درجة أصلية. ولما كان المطعون ضده قد انتهت مدة خدمته في 10/ 4/ 1960 لبلوغه سن الإحالة إلى المعاش وكان انتهاء الخدمة قبل انتهاء الأجل الذي يجوز فيه للإدارة أن تقبل أو ترفض طلبه لذلك فإن هذا الطلب يكون غير ذي موضوع لا أثر له قانوناً إذ لا ينتج أثره في إنهاء الخدمة وفقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 إلا بصدور قرار صريح بقبوله خلال الثلاثين يوماً المقررة للبت فيه وإذ لم ترد الإدارة وانتهت خدمة المدعي بحكم قانون آخر (قانون الإحالة إلى المعاش لبلوغ السن القانونية) لذلك لا يكون محقاً في طلب الاستفادة من أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي من مواليد 11/ 4/ 1900 والتحق بالخدمة في 19/ 10/ 1919 وبتاريخ 30/ 10/ 1960 صدر القرار الوزارة رقم 76 بترقيته "بصفة شخصية" إلى الدرجة الرابعة (420/ 540 ج) لقضائه أكثر من إحدى وثلاثين سنة في أربع درجات متتالية وذلك اعتباراً من شهر مارس سنة 1960 مع منحه اعتباراً من اليوم الأول من شهر إبريل سنة 1960 العلاوة المترتبة على هذه الترقية.
ومن حيث إن المدعي كان قد تقدم قبل القرار الصادر بهذه الترقية بطلب تسلمته الإدارة بتاريخ 2/ 4/ 1960 وطلب فيه ترك الخدمة اعتباراً من 3/ 4/ 1960 وتسوية حالته بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 ولم تفصل الإدارة في هذا الطلب فرفع دعواه بتاريخ 9/ 10/ 1963 طالباً الحكم بأحقيته في هذه التسوية.
ومن حيث إنه يبين من استقراء أحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 والمذكرة الإيضاحية المرافقة له أن المشرع قد استهدف أساساً إباحة طلب ترك الخدمة بالشروط والأوضاع المنصوص عليها في المادة الأولى من القرار بقانون لمن بلغ من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية سن الخامسة والخمسين أو يبلغها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نفاذه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة جهة الإدارة إزاء طلب ترك الخدمة المقدم من الموظف المقيد على درجة شخصية سلطة غير تقديرية وأن الإدارة تلتزم وجوباً الاستجابة لهذا الطلب متى توافرت فيه الشروط التي استلزمها القانون وأنه متى كان الثابت أن المدعي تنطبق عليه وقت تقديم طلبه الشروط الواردة في المادة الأولى من القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 المعمول به اعتباراً من 3/ 4/ 1960 فإنه ينتفع لزاماً بالتيسيرات الواردة بهذا القرار بقانون ولا يقدح في ذلك أن قرار ترقيته إلى الدرجة الرابعة صدر بتاريخ 30/ 10/ 1960 أي بعد إحالته إلى المعاش إذ أن هذه الترقية التي تمت بصفة شخصية كانت نافذة اعتباراً من مارس سنة 1960 أي قبل تقديم المدعي طلب الانتفاع بالقانون رقم 120 لسنة 1960.
ومن حيث إنه إذا كان الأمر كذلك فإن هذه المحكمة تلاحظ أن إصرار المدعي على تسوية حالته طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 لا يخرج في نطاق الملابسات التي أحاطت به عن كونه منازعة في المعاش المستحق له إذ هو يهدف بطلبه إلى تسوية معاشه بضم مدة سنتين إلى مدة خدمته المحسوبة فيه وإلى منحه علاوتين من علاوات درجته وما يترتب على ذلك من آثار، وليس من شك في أن منازعته هذه إنما تنصب أساساً على مقدار المعاش المستحق له وتنطوي من جانبه على الرغبة الجادة السافرة في طلب تعديل وزيادة مقداره استناداً إلى استحقاقه الانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بعد إذ تكشف وضعه عن أحقيته للترقية إلى الدرجة الرابعة بصفة شخصية قبل تاريخ إحالته إلى المعاش.
ومن حيث إن المادة 44 من القرار بقانون رقم 394 لسنة 1956 بشأن المعاشات والتأمينات الاجتماعية الذي يعامل به المدعي قد نصت على أنه "لا يجوز لمصلحة صناديق التأمين والمعاشات ولا لصاحب الشأن المنازعة في قيمة المعاش أو المكافأة بعد مضي سنة واحدة من تاريخ تسليم بطاقة المعاش أو صرف المكافأة".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى في تطبيق المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 التي تعتبر المادة 44 من القانون رقم 394 لسنة 1956 ترديداً لها على أن كل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت ولأي سبب كان وتحت أية حجة كانت. وهذا النص من الإطلاق والشمول بحيث تندرج فيه منازعته في المعاش أصلاً ومقداراً مهما كان سببها ومناطها وذلك حتى يستقر الوضع بالنسبة للموظف والحكومة على السواء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي أحيل إلى المعاش اعتباراً من 10/ 4/ 1960 وذلك بمقتضى القرار رقم 144 الصادر بتاريخ 18/ 1/ 1960 وجاء في طلبه المحفوظ بملف خدمته والمقدم منه بتاريخ 8/ 10/ 1960 والذي كان يطلب فيه إعادة إلحاقه بعمل يمكنه من صرف الفرق بين مرتبه الذي كان يتقاضاه قبل إحالته إلى المعاش وبين المعاش الذي يصرف له ومقداره (عشرون جنيها شهرياً) مما يفيد أن معاشه كان قد ربط قبل ذلك وأنه تسلم السركي الخاص بالمعاش في تاريخ سابق على تقديم الطلب المشار إليه في 8 أكتوبر سنة 1960.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان المدعي قام أقام دعواه الحالية بتاريخ 9/ 7/ 1962 فإن الدعوى تكون مقامة بعد الميعاد المقرر بالمادة 44 من القرار بقانون رقم 394 لسنة 1956 مما يتعين معه الحكم برفضها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 56 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

اتهام الموظف في جريمة جنائية للإدارة أن تقدر بحسب ظروف الواقعة وملابساتها إذا كان من الملائم أن تنتظر نتيجة الفصل في المحاكمة الجنائية .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 530

(52)
جلسة 7 من يناير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 336 لسنة 9 القضائية

موظف. "نهاية الخدمة. فصل".
اتهام الموظف في جريمة جنائية - للإدارة أن تقدر بحسب ظروف الواقعة وملابساتها إذا كان من الملائم أن تنتظر نتيجة الفصل في المحاكمة الجنائية أو أن الأمر يتطلب تدخلاً سريعاً دون ترقب نتيجة هذه المحاكمة. أساس ذلك. اختلاف الوضع بين المجالين الإداري والجنائي.
إن اتهام الموظف في جريمة وبالذات في مثل الجريمة التي اتهم فيها المدعي والقبض عليه متلبساً بارتكابها هو أخطر ما يمكن أن يعيب الوظيفة العامة ويضر بصالحها وعلى الإدارة في هذه الحالة أن تسارع إلى التدخل فتتخذ بمقتضى السلطة المخولة لها قانوناً من الإجراءات والقرارات ما تراه واجباً لمواجهة الموقف وتقدر بحسب ظروف الواقعة وملابساتها إذا كان من الملائم أن تنتظر نتيجة الفصل في المحاكمة الجنائية أو أن الأمر يتطلب تدخلاً سريعاً دون ترقب نتيجة هذه المحاكمة وهي وحدها التي تقدر ملاءمة ذلك، فليس ثمة إلزام عليها بضرورة انتظار المحاكمة ونتيجتها، وذلك كله مرده إلى أصل مقرر هو اختلاف الوضع بين المجالين الإداري والجنائي وما استتبعه من استقلال الجريمة الإدارية عن الجريمة الجنائية، لاختلاف قوام كل من الجريمتين وتغاير الغاية من الجزاء في كل منهما، فهو في الأولى مقرر لحماية الوظيفة العامة أما في الثانية فهو قصاص من المجرم لحماية المجتمع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 82 لسنة 9 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 20/ 1/ 1962 ذكر فيها أنه بتاريخ 1/ 6/ 1961 صدر قرار إداري بفصله من عمله كشيخ حارة كوم غراب التابعة لقسم مصر القديمة وذلك لاتهامه في الجناية رقم 301 لسنة 1961 أمن الدولة العليا، وإنه ولئن كان القبض عليه في هذه الجناية من شأنه أن يوقفه عن عمله إلا أنه كان على الوزارة بعد أن أفرج عنه أن تعيده إلى عمله وتنتظر حتى يفصل فيها وتثبت إدانته لا أن تسارع إلى فصله بمجرد اتهامه والقبض عليه، ولذلك أقام الدعوى الراهنة للحكم بإلغاء هذا القرار وصرف راتبه من تاريخ صدوره حتى الحكم في الدعوى ومع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي اتهم في الجناية رقم 301 لسنة 1961 أمن الدولة العليا بأخذ مبلغ من أحد المواطنين كرشوة وقبض عليه متلبساً بارتكاب الجريمة وصدر أمر النيابة بحبسه حبساً مطلقاً وقد أوقف عن عمله من تاريخ القبض عليه ثم صدر القرار بفصله في 13/ 6/ 1961 وبجلسة 31/ 12/ 1962 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها في الدعوى قاضياً "بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 1/ 6/ 1961 بفصل المدعي ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها بإلغاء قرار الفصل على أن المدعي لم يثبت عليه ارتكاب أمر يستوجب عزله ما دام لم يصدر في الجناية المتهم فيها حكم قضائي بإدانته وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم تأسيساً على أن اتهام المدعي بهذه الجريمة يكون في ذاته جريمة تأديبية تقدر الإدارة مدى خطورتها ويسوغ تدخلها إن هي قدرت وهي المسئولة عن رعاية الأمن العام واستقامة حفظه أن الأمر يتطلب إقصاءه عن وظيفته ولا وجه للطعن على القرار الصادر منها في هذا الشأن. وأثناء نظر الطعن أمام هيئة فحص الطعون بجلستها المنعقدة في 26/ 11/ 1966 والتي قدرت فيها إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا قرر المدعي أنه صدر عليه الحكم في تلك الجناية بالسجن ثلاث سنوات وأنه قد نفذ هذا الحكم.
ومن حيث إن اتهام الموظف في جريمة بالذات في مثل الجريمة التي اتهم فيها المدعي والقبض عليه متلبساً بارتكابها هو أخطر ما يمكن أن يعيب الوظيفة العامة ويضر بصالحها وعلى الإدارة في هذه الحالة أن تسارع إلى التدخل لتتخذ بمقتضى السلطة المخولة لها قانوناً من الإجراءات أو القرارات ما تراه واجباً لمواجهة الموقف وتقدر بحسب ظروف الواقعة وملابساتها إذا كان من الملائم أن تنتظر نتيجة الفصل في المحاكمة الجنائية، أو أن الأمر يتطلب تدخلاً سريعاً دون ترقب نتيجة هذه المحاكمة وهي وحدها التي تقدر ملاءمة ذلك فليس ثمت إلزام عليها بضرورة انتظار المحاكمة ونتيجتها، ذلك كله مرده إلى أصل مقرر هو اختلاف الوضع بين الجانبين الإداري والجنائي وما استتبعه من استقلال الجريمة الإدارية عن الجريمة الجنائية، لاختلاف قوام كل من الجريمتين وتغاير الغاية من الجزاء في كل منهما، فهو في الأولى مقرر لحماية الوظيفة العامة أما في الثانية فهو قصاص من المجرم لحماية المجتمع ومن ثم فإن الإدارة إذا قدرت أن المدعي لم يعد بعد اتهامه بالرشوة وضبطه بارتكاب الجريمة متلبساً والقبض عليه فيها وتقديمه للمحاكمة إذا قدرت واستخلصت من كل هذه الملابسات أنه لم يعد أميناً على وظيفته وجديراً بها وأن بقاءه فيها وهو من رجال الأمن أصبح يشكل خطراً على هيبتها وكرامتها مما يتحتم معه إقصاؤه عنها، وأصدرت - دون انتظار للمحاكمة الجنائية واستناداً إلى السلطة المخولة لها قانوناً والتي تبيح لها فصل مشايخ الحارات إدارياً - قراراً بفصله، فإنه تأسيساً على ما تقدم لا يعيب القرار الصادر منها في هذا الشأن أنه صدر قبل صدور الحكم الجنائي وإذ وضح مما تقدم سرده في معرض بيان وقائع الدعوى أن هذا القرار إنما يستند إلى أسباب جدية مستمدة من أصول ثابتة لا وجه للتشكيك فيها، فإنه يكون قد صدر سليماً من كل وجوهه، ومطابقاً لأحكام القانون، ويكون طلب المدعي إلغاؤه غير قائم والحالة هذه على أي أساس من القانون مستوجب الرفض، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

 

الحظر الوارد في المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 على الجمع بين وظيفة عامة وبين عضوية مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 432

(42)
جلسة 17 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار وعبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 1159 لسنة 9 القضائية

( أ ) موظف. "تأديب. واجبات الوظيفة والجرائم التأديبية". موظف "انتهاء الخدمة. فصل". قرار إداري "رقابة القضاء عليه". الحظر الوارد في المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 على الجمع بين وظيفة عامة وبين عضوية مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عرضية بأي عمل فيها ولو كان على سبيل الاستشارة سواء أكان ذلك بأجر أم بغير أجر حتى ولو كان الموظف حاصلاً من الجهة الإدارية التابع لها على ترخيص يخوله العمل خارج وظيفته العامة - جزاء مخالفة هذا الحظر هو الفصل من الوظيفة العامة بقرار من الجهة التابع لها الموظف - لجهة الإدارة فصل الموظف بقرار منها أو إحالته إلى المحاكمة التأديبية أن رأت وجهاً لذلك - اختيار أحد السبيلين من صميم عمل الإدارة بلا معقب عليه من جهات القضاء.
(ب) موظف "تأديب. واجبات الوظيفة والجرائم التأديبية". شركة مساهمة.
الحظر الوارد في المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 - يستهدف منح قيام علاقة عمل بين الموظف العام وبين الشركات المساهمة ولو كانت تلك العلاقة عرضية أو مؤقتة - المحظور ليس فقط رابطة التعاقد بل قيام رابطة العمل - سريان هذا الحظر بالنسبة إلى فروع الشركات الأجنبية الكائنة بمصر.
1 - إن المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه تنص على ما يأتي - بند 1 - لا يجوز الجمع بين وظيفة من الوظائف العامة التي يتناول صاحبها مرتباً وبين إدارة أو عضوية مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عرضية بأي عمل فيها ولو على سبيل الاستشارة، سواء أكان ذلك بأجر أم بغير أجر حتى ولو كان حاصلاً من الجهة الإدارية التابع لها على ترخيص يخوله العمل خارج وظيفته العامة. ومع ذلك يجوز لمجلس الوزراء أن يرخص في الاشتغال بمثل هذه الأعمال بمقتضى إذن خاص يصدر في كل حالة بذاتها. بند 2 - ويفصل الموظف الذي يخالف هذا الحظر من وظيفته بقرار من الجهة التابع لها بمجرد تحققها من ذلك..." ومفاد هذا النص أن المشرع قد خول جهة الإدارة الحق في فصل الموظف بقرار منها متى تحققت من وقوع المخالفة إلا أنه مع ذلك لا يوجد ما يمنعها من إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية بدلاً من فصله بقرار منها إذا ما رأت وجهاً لذلك واختيارها أحد السبيلين هو عمل من صميم اختصاصها ولا معقب عليه من جهات القضاء ومن ثم فإن هذا الوجه من أوجه الطعن على غير أساس.
2 - إن الأصل أن للموظف المرخص له من جهة الإدارة المختصة في مباشرة مهنته خارج نطاق وظيفته وفي غير أوقات العمل الرسمية أن يقوم بمزاولة هذه المهنة دون قيد إلا بما ينص عليه صراحة في القانون من مراعاة الحكمة التي يستهدفها المشرع، وقد نصت المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 على النحو السالف بيانه على هذا الحظر بالنسبة لموظفي الحكومة مع التوسع في نطاقه بجعله مطلقاً يتناول العمل في الشركات ولو بصفة عرضية ثم جاء القانون رقم 155 لسنة 1955 معدلاً بالمادة سالفة الذكر فأكدت هذا الحظر ولو كان مرخصاً للموظف في العمل خارج نطاق وظيفته، وأوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون حكمة هذا الحظر ويستخلص منها أن هدف المشرع من تعديل المادة 95 وهو حظر قيام علاقة عمل بين الموظف العام وبين الشركات المساهمة يتحقق ولو كانت تلك العلاقة عرضية أو مؤقتة وأن المحظور ليس فقط رابطة التعاقد بل قيام رابطة العمل، بمعنى أن القانون حظر على الموظفين العموميين تأدية أي عمل للشركات المساهمة إلا بترخيص يصدر من مجلس الوزراء (رئيس الجمهورية حالياً) بدليل ما جاء بذلك القانون من حظر القيام بأي عمل للشركات ولو بصفة عريضة أو على سبيل الاستشارة، وعلى ذلك فليس هناك من شك في انطباق هذه الأحكام على الطبيب الحكومي المصرح له بمزاولة المهنة خارج نطاق الوظيفة وفي غير أوقات العمل الرسمية "الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 120 لسنة 9 القضائية جلسة 9 من نوفمبر سنة 1963" وكما يسري هذا الحظر بالنسبة إلى العمل في شركات المساهمة فإنه يسري أيضاً بالنسبة إلى العمل في فروع الشركات الأجنبية الكائنة في الجمهورية العربية المتحدة عملاً بنص المادة 90 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه التي تقضي بتطبيق أحكام المواد من 92 إلى 98 من القانون على ما يوجد في مصر من فروع أو بيوت صناعية أو مكاتب لشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة التي لا تتخذ في مصر مركز إدارتها أو مركز نشاطها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 496 لسنة 15 القضائية ضد وزارة الصحة لدى محكمة القضاء الإداري "دائرة الفصل بغير الطريق التأديبي" بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 7 من مارس سنة 1961 طالباً الحكم بإلغاء قرار وزير الصحة رقم 592 الصادر في 29 من سبتمبر سنة 1960 بفصله من وظيفته مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه - في عريضة الدعوى والمذكرات الشارحة إنه كان يعمل أخصائياً للأمراض الباطنية بمستشفى بولاق الأميري وكان مرخصاً له في مزاولة مهنته في غير أوقات العمل الرسمية، وقد أصدر وزير الصحة قرارا بفصله من الخدمة استناداً إلى أنه جمع بين وظيفته العامة التي يتناول عنها راتباً وبين العمل في شركتين مساهمتين هما شركة سيبا للأدوية وفندق هيلتون، نظير أجر، بالمخالفة لأحكام المادة 95 من القانون 26 لسنة 1954 بشأن بعض الأحكام الخاصة بشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة، ولما كان المكتب الفني التابع لشركة سيبا للأدوية لا تسري عليه أحكام القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه كما أنه لا تربطه بفندق هيلتون علاقة عمل من أي نوع وفقاً لما انتهت إليه النيابة الإدارية بعد تحقيق الموضوع، بل أنه كان يعالج المرضى من موظفي الفندق ونزلائه مما يدخل في نطاق الترخيص له بمزاولة المهنة في غير أوقات العمل الرسمية، فقد تظلم من قرار الفصل بتظلم أرسله إلى وزير الصحة في أول ديسمبر سنة 1960 لسحب القرار المطعون فيه ولما لم يجب إلى طلبه أقام الدعوى يطلب إلغاء ذلك القرار.
وقد ردت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بأن المدعي أحيل إلى النيابة الإدارية للتحقيق معه في واقعة اشتغاله في كل من شركتي سيبا للأدوية وفندق هيلتون النيل دون حصوله على ترخيص بذلك من الجهة المختصة، وقد أثبت التحقيق أنه اشتغل بمرتب في شركة سيبا دون ترخيص من الوزارة التابع لها كما أنه عالج موظفي فندق هيلتون وبعض نزلائه وكان يتقاضى أتعابه في كل حالة على حدة بوصفه مستشاراً طبياً للفندق بناء على اتفاق شفوي تم بينه وبين إدارة الفندق، وقد عرضت الوزارة أمر الموظف المذكور على إدارة الفتوى والتشريع المختصة التي رأت أن ما أتاه الموظف المذكور يشكل مخالفة لنص المادة 95 من قانون الشركات رقم 26 لسنة 1954 معدلاً بالقانون رقم 155 لسنة 1955، وبناء على ذلك صدر قرار وزير الصحة بفصل المدعي من الخدمة. وإذ كان هذا القرار مبنياً على أسباب صحيحة فإنه يكون مطابقاً للقانون وتكون الدعوى على غير أساس حقيقة بالرفض.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة - بناء على طلب المحكمة - كتاباً صادراً من مصلحة الشركات بتاريخ 18 فبراير سنة 1962 جاء فيه أنه فيما يتعلق بشركة سيبا فقد تبين أنها عبارة عن مكتب علمي خاص بالبحوث العلمية ولا يخضع لأحكام المادة 95 من القانون 26 لسنة 1954 أو القوانين المعدلة له لأنه تابع تبعية كاملة لشركة سويسرية سواء من ناحية التمويل أو الإدارة ولا يأخذ الشكل القانوني للفرع أو الوكالة، وأما فيما يتعلق بشركة النيل هيلتون فإنها فرع لشركة أجنبية ينطبق عليها حكم المادة 90 من القانون 26 لسنة 1954 المشار إليه. وقال السيد محامي الحكومة بمحضر جلسة 27 من مارس سنة 1963 أنه لا يوافق على ما جاء في بيان مصلحة الشركات لأنه فيما يتعلق بشركة سيبا فإن المادة 95 من قانون الشركات تسري عليها باعتبارها فرعاً أو مكتباً تابعاً لشركة مساهمة أجنبية، وأما بالنسبة إلى شركة هيلتون فهي ليست فرعاً لشركة أجنبية وإنما هي شركة مساهمة مصرية بدليل ورودها ضمن الشركات التي نص قرار رئيس الجمهورية رقم 1899 لسنة 1961 بإنشاء المجلس الأعلى للمؤسسات على تبعيتها للمؤسسة المصرية العامة التي يشرف عليها وزير الدولة.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً انتهت فيه إلى طلب الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 5 من يونيه سنة 1963 حكمت المحكمة برفض الدعوى وبإلزام المدعي بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن مصلحة الشركات بوصفها الجهة الإدارية المنوط بها تنفيذ القانون 26 لسنة 1954 المشار إليه هي مرجع الكافة في الإفادة عن وضع الشركات في مصر، وإذا كان تكييفها لوضع تلك الشركات مطابقاً للقانون فإنه يجب على الأفراد الالتزام بذلك، أما إذا كان غير متفق مع أحكام القانون والتزمه مع ذلك الأفراد، فإن التزامهم بذلك وإن أهدر إجراءات في القانون كان من الواجب عليهم مراعاتها إلا أنهم مع ذلك يعتبرون معذورين لقيام مانع حال بينهم وبين الوقوف على الوضع الصحيح لتلك الشركات وعلى هذا الأساس يتحدد الوضع القانوني للشركتين في مواجهة المدعي فلا يعتبر مكتب شركة سيبا إلا مكتباً علمياً تابعاً لشركة سويسرية لا يأخذ شكل الفرع أو الوكالة ولا ينطبق عليه حكم المادة 95 من قانون الشركات رقم 26 لسنة 1954 أمام شركة النيل هيلتون فإنها فرع لشركة أجنبية في الجمهورية العربية المتحدة، وإذ استند القرار المطعون فيه إلى سببين أولهما أنه جمع بين وظيفته بوزارة الصحة بين العمل في شركة سيبا مع أن مكتب هذه الشركة لا تنطبق عليه أحكام قانون الشركات فإن هذا السبب يكون منهاراً ويتعين إسقاطه، وأما فيما يتعلق بالسبب الثاني وهو أن المدعي جمع بين وظيفته وبين العمل في شركة هيلتون فإن التحقيقات قد أسفرت عن أن المدعي تربطه بذلك الفندق علاقة عمل واستشارة موظفي الفندق ونزلائه، ويوضحها كتاب مدير إدارة المستخدمين الموجه إلى رئيس النيابة الإدارية بتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1959 فقد جاء فيه أن المدعي حصل على مبالغ مقدارها 1016 جنيهاً بصفة أتعاب عن الكشف على موظفي الفندق في الفترة من شهر فبراير سنة 1959 إلى ديسمبر من نفس السنة، وكذلك كتاب مدير إدارة مستخدمي الفندق الموجه إلى وكيل وزارة الصحة بتاريخ 18 من يونيه سنة 1960، الذي جاء فيه أن المدعي حصل على تلك المبالغ لأنه كان الطبيب الذي قام بالكشف الطبي على موظفي وعمال الفندق كجزء من اشتراطات القبول للعمل في الفندق. وإذ كانت علاقة المدعي بالفندق على الوجه المتقدم هي علاقة عمل دون أن يحصل على ترخيص بذلك من مجلس الوزراء، فإن هذا السبب يكون سليماً، ويكون القرار المطعون فيه مطابقاً للقانون رغم ثبوت بطلان أحد السببين الذي قام عليهما لأن أياً من السببين كاف وحده لحمل القرار، إذ جعل القانون عقوبة الفصل من الوظيفة جزاء ثبوت مخالفة حظر الجمع، ولا ضرورة لأن يصدر قرار الفصل من مجلس التأديب لأن المشرع خول جهة الإدارة سلطة إصدار قرار الفصل بمجرد تحققها من المخالفة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأوجه الآتية: أولاً - أخطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى بمشروعية قرار الفصل مع أنه لم يصدر من المحكمة التأديبية المختصة وإنما صدر من الوزير وقد خالف الحكم بذلك ما انتهى إليه حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 8/ 12/ 1954 مما يعيب الحكم ويبطله. ثانياً - إنه لا قيد على حرية الطبيب نصف الوقت في مزاولة مهنته في غير أوقات العمل الرسمية ولم يثبت من التحقيقات التي أجريت أن هناك علاقة عمل قامت بينه وبين شركة هيلتون وإنما انتهت النيابة الإدارية في المذكرة التي قدمتها إلى نفي وجود علاقة تبعية أو وظيفية وطلبت النيابة حفظ الأوراق فيما يتعلق بهذه التهمة لعدم المخالفة. ثالثاً - إن القرار المطعون فيه مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة لأن الوزارة لم تعامل بعض زملاء المدعي نفس المعاملة وإنما أحالتهم إلى المحكمة التأديبية المختصة ولم يصدر حكم بفصل أحد منهم، وليس من شك في أن هذه المعاملة المختلفة في شأن تطبيق قانون واحد يعتبر صورة من صور الانحراف بالسلطة وإذ قضى الحكم المطعون فيه بمشروعية قرار الفصل رغم أنه صدر مشوباً بمخالفة القانون وعيب إساءة استعمال السلطة فإنه يكون قد جانب الصواب ويتعين إلغاءه والحكم بإلغاء قرار الفصل من الخدمة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الأول من أوجه الطعن فإن المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه تنص على ما يأتي - بند 1 - لا يجوز الجمع بين وظيفة من الوظائف العامة التي يتناول صاحبها مرتباً وبين إدارة أو عضوية مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عريضة بأي عمل فيها ولو على سبيل الاستشارة، سواء أكان ذلك بأجر أم بغير أجر حتى ولو كان حاصلاً من الجهة الإدارية التابع لها على ترخيص يخوله العمل خارج وظيفته العامة. ومع ذلك يجوز لمجلس الوزراء أن يرخص في الاشتغال بمثل هذه الأعمال بمقتضى إذن خاص يصدر في كل حالة بذاتها. بند 2 - ويفصل الموظف الذي يخالف هذا الحظر من وظيفته بقرار من الجهة التابع لها بمجرد تحققها من ذلك. ومفاد هذا النص أن المشرع قد خول جهة الإدارة الحق في فصل الموظف بقرار منها متى تحققت من وقوع المخالفة إلا أنه مع ذلك لا يوجد ما يمنعها من إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية بدلاً من فصله بقرار منها إذا ما رأت وجهاً لذلك، واختيارها أحد السبيلين هو عمل من صميم اختصاصها ولا معقب عليها من جهات القضاء ومن ثم فإن هذا الوجه من أوجه الطعن على غير أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الثاني للطعن فإن الأصل أن للموظف المرخص له من جهة الإدارة المختصة في مباشرة مهنته خارج نطاق وظيفته وفي غير أوقات العمل الرسمية أن يقوم بمزاولة هذه المهنة دون قيد إلا بما ينص عليه صراحة في القانون من مراعاة الحكمة التي يستهدفها المشرع، وقد نصت المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 على النحو السالف بيانه على هذا الحظر بالنسبة لموظفي الحكومة مع التوسع في نطاقه بجعله مطلقاً يتناول العمل في الشركات ولو بصفة عرضية ثم جاء القانون رقم 155 لسنة 1955 معدلاً بالمادة سالفة الذكر فأكدت هذا الحظر ولو كان مرخصاً للموظف في العمل خارج نطاق وظيفته، وأوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون حكمة هذا الحظر ويستخلص منها أن هدف المشرع من تعديل المادة 95 وهو حظر قيام علاقة عمل بين الموظف العام وبين الشركات المساهمة يتحقق ولو كانت تلك العلاقة عرضية أو مؤقتة وأن المحظور ليس فقط رابطة التعاقد بل قيام رابطة العمل، بمعنى أن القانون حظر على الموظفين العموميين تأدية أي عمل للشركات المساهمة إلا بترخيص يصدر من مجلس الوزراء (رئيس الجمهورية حالياً) بدليل ما جاء بذلك القانون من حظر القيام بأي عمل للشركات ولو بصفة عرضية أو على سبيل الاستشارة، وعلى ذلك فليس هناك من شك في انطباق هذه الأحكام على الطبيب الحكومي المصرح له بمزاولة المهنة خارج نطاق الوظيفة وفي غير أوقات العمل الرسمية الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 120 لسنة 9 القضائية جلسة 9 من نوفمبر سنة 1962، وكما يسري هذا الحظر بالنسبة إلى العمل في شركات المساهمة فإنه يسري أيضاً بالنسبة إلى العمل في فروع الشركات الأجنبية الكائنة في الجمهورية العربية المتحدة عملاً بنص المادة 90 من القانون 26 لسنة 1954 المشار إليه التي تقضي بتطبيق أحكام المواد من 92 إلى 98 من القانون على ما يوجد في مصر من فروع أو بيوت صناعية أو مكاتب لشركات المساهمة ولشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة التي لا تتخذ في مصر مركز إدارتها أو مركز نشاطها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان يعمل أخصائياً للأمراض الباطنية بمستشفى بولاق الأميري وكان مرخصاً له في مزاولة مهنته بعيادته الخاصة وقد اتفق شفوياً مع إدارة شركة فندق هيلتون على علاج موظفي الفندق ونزلائه في مقابل أتعاب خاصة يحصل عليها في كل حالة على حدة، وإلى جانب ذلك كان يقوم بالكشف الطبي على موظفي وعمال الفندق المرشحين للعمل به، وحصل نتيجة لهذا العمل على أتعاب مقدارها 1016 جنيهاً في المدة من شهر فبراير سنة 1959 حتى ديسمبر سنة 1959 وقد اعترف الطاعن بذلك في التحقيقات كما أشار إلى ذلك مدير المستخدمين بالفندق في كتابه المرسل إلى وكيل وزارة الصحة بتاريخ 18 من يونيه سنة 1960 إذ جاء فيه إلحاقاً بخطابنا بتاريخ 3 من ديسمبر سنة 1959 الخاص بالدكتور فكتور بولس فانوس نفيدكم علماً بأن المبالغ التي أخذها ومجموعها 1016 جنيهاً مصرياً كانت أتعاباً عن الكشف على الموظفين والعمال قبل تعيينهم بالفندق وهذا من فبراير سنة 1959 حتى ديسمبر سنة 1959 وقد أخذ الدكتور فانوس هذه المبالغ لأنه كان الطبيب الوحيد الذي قام بالكشف الطبي على موظفي وعمال الفندق كجزء من اشتراطات القبول للعمل بالفندق. وعلى ذلك فإن علاقة الطاعن بالفندق تتحدد في هذا النطاق وهي أنه كان يقوم بالكشف الطبي على المرشحين للعمل بالفندق بناء على تكليف منه مقابل أجر يحصل عليه من خزانة الفندق، فهو يؤدي عملاً له بأجر، وإذ كان ذلك الفندق يدار بواسطة فرع لشركة مساهمة أمريكية وتقيد في السجل التجاري تحت رقم 100363 تطبيقاً للمادة 91/ 1 من قانون الشركات، كما يبين من تقارير التفتيش المرفقة بالملف رقم 187 - 3/ 58 جـ 1 الخاص بمصلحة الشركات، فمن ثم تندرج علاقة الطاعن بإدارة الفندق تحت حكم المادة 95 من قانون الشركات ويحق لجهة الإدارة أن توقع بالطبيب المذكور عقوبة الفصل التي نص عليها القانون.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الثالث للطعن والمتعلق بإساءة استعمال السلطة فإن جهة الإدارة تترخص في توقيع جزاء الفصل الذي نص عليه القانون إما بقرار منها بمجرد تحققها من وقوع المخالفة وإما بإحالة المخالف إلى المحاكمة التأديبية على أساس ظروف كل حالة على حدة ووفقاً لما يتراءى لها محققاً للمصلحة العامة، وإذ لم يقدم الطاعن دليلاً على إساءة استعمال السلطة إلا ما ذهب إليه من أن جهة الإدارة رأت إحالة بعض الأطباء الآخرين إلى المحاكمة التأديبية بينما لم تتبع معه ذات الإجراء وإنما وقعت عليه جزاء الفصل من الخدمة، وهو ما لا يصلح دليلاً على الإساءة لأن اختيار السبيل الذي تتبعه جهة الإدارة بعد تحققها من المخالفة هو سلطة اختيارية لها على النحو السالف بيانه ومن ثم يكون هذا الوجه على غير أساس.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن قرار فصل الطاعن من الخدمة قد صدر من السلطة المختصة بذلك قانوناً، وبني على سببين أحدهما صحيح ومستخلص استخلاصاً سائغاً من وقائع منتجة ويكفي وحده لحمل القرار فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى قد أصاب الحق في قضائه ويكون الطعن على غير أساس من القانون متعيناً الحكم برفضه مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.


 

راجع في تأييد هذين المبدأين حكمي المحكمة الإدارية العليا الصادرين في القضية رقم 1656 لسنة 6 ق بجلسة 21/ 1/ 1961 المنشور بمجموعة السنة السادسة المبدأ رقم 81 ص 628 والقضية رقم 120 لسنة 9 ق بجلسة 9/ 11/ 1963 المنشور بمجموعة السنة التاسعة المبدأ رقم 3 ص 25.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 48 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

إن طلب اعتبار الاستقالة كأن لم تكن لا يعدو في حقيقته أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها يتقيد بالمواعيد المقررة لإقامة دعاوى الإلغاء.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 758

(81)
جلسة 18 من مارس سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 1242 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة" دعوى إلغاء - ميعاد.
طلب اعتبار الاستقالة كأن لم تكن لا يعدو أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها - تقيده بالمواعيد المقررة لإقامة دعوى الإلغاء.
(ب) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة" الإفصاح عن الدافع على تقديم الاستقالة - ليس من شأنه اعتبارها مقترنة بأي قيد أو شرط.
(جـ) موظف. "مدة خدمة سابقة" قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 - وجوب أن يتقدم الموظف لطلب الضم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار - قرار رئيس الجمهورية 942 لسنة 1962 بفتح ميعاد جديد لطلب حساب مدد الخدمة السابقة - إقامة المدعي دعواه قبل 5 من مارس سنة 1962 تاريخ العمل بالقرار المذكور - تغنى عن تقديم طلب جديد بضم هذه المدة وتقوم مقامه.
1 - إن طلب اعتبار الاستقالة كأن لم تكن لا يعدو في حقيقته أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها يتقيد بالمواعيد المقررة لإقامة دعاوى الإلغاء.
2 - إن مجرد إفصاح المدعي في استقالته عن الدافع له على تقديمها وهو رغبته في ترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة ليس من شأنه اعتبارها مقترنة بأي قيد أو شرط.
3 - نص قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في المادة الثالثة منه على أن (يشترط لحساب مدد العمل السابقة أن يتقدم الموظف بطلب ضمها من تدعيم طلبه بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وإلا سقط حقه في حساب هذه المدة..) - وأنه ولئن كان طلب المدعي ضم مدة خدمته السابقة قد قدم بعد الميعاد المحدد في هذه المادة إلا أنه في 5 مارس سنة 1962 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962 متضمناً النص في مادته الأولى على أنه (يجوز لمن يطلب الانتفاع بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 259 لسنة 1958 المشار إليه في الموعد المحدد أن يطلب حساب مدد العمل السابقة بالتطبيق لتلك الأحكام ووفقاً للشروط والأوضاع الواردة به وذلك في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار وإلا سقط الحق في حساب هذه المدد) وبذلك فتح هذا القرار ميعاداً جديداً لطلب حساب مدد الخدمة السابقة ينتهي بانقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به - ولما كان المدعي قد أقام دعواه فعلاً قبل 5 من مارس سنة 1962 تاريخ صدور ونشر القرار المذكور - فإن هذه الدعوى فيما تضمنته من طلب ضم مدة خدمته السابقة على قبول استقالته تغنى عن تقديم طلب جديد بضم هذه المدة وتقوم مقامه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية في 29 من أكتوبر سنة 1960 أقام السيد/ عبد الله محمد عبد الله المصري الدعوى رقم 21 لسنة 8 القضائية ضد وزير الشئون البلدية والقروية ومدير عام بلدية القاهرة طالباً الحكم باعتبار الاستقالة المقدمة منه في 11 من أغسطس سنة 1956 كأن لم تكن وباعتبار مدة الخدمة متصلة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بالمصاريف والأتعاب وقال شرحاً لدعواه أنه موظف بإدارة المرور بالقاهرة وبسبب إجراء الانتخاب في سنة 1956 وصدور الأوامر بعدم جواز قبول الترشيح لمجلس الأمة إلا بعد تقديم الاستقالة بالنسبة إلى موظفي الحكومة - تقدم في 11 من أغسطس سنة 1956 باستقالته لكي يتمكن من إدراج اسمه ضمن قائمة المرشحين لمجلس الأمة وتقبل أوراقه ويعتمد ترشيحه - ولكن بسبب العدوان لم تتم الانتخابات وصدرت الأوامر بإعادة الأحوال إلى ما كانت عليه - فكتب إلى بلدية القاهرة طالباً سحب استقالته واعتبارها كأن لم تكن وكانت البلدية قد استصدرت القرار رقم 555 لسنة 1956 برفع اسمه من عداد موظفيها اعتباراً من 18 من نوفمبر سنة 1956 - والتمس هو إعادته إلى الخدمة بطلب مؤرخ في 25 من أكتوبر سنة 1956 فصدر قرار البلدية رقم 99 لسنة 1957 بإعادته إلى العمل اعتباراً من 4 من فبراير سنة 1957 - وكان قبول إعادته يستتبع حتماً ضم مدة الخدمة السابقة واعتبار فترة الانقطاع لا وجود لها - ولذلك تظلم من عدم اعتبار مدة خدمته متصلة ولكنه أعلن في 30 من أغسطس سنة 1960 بعدم قبول التماسه.
وبصحيفة أعلنت في 19 من يناير سنة 1961 وجه المدعي دعواه إلى رئيس مجلس بلدية القاهرة.
وأجابت محافظة القاهرة على الدعوى قائلة أن المدعي تقدم في 11 من أغسطس سنة 1956 بطلب استقالة من الخدمة لكي يرشح نفسه لعضوية مجلس الأمة وانقطع عن العمل منذ ذلك التاريخ وصدر قرار مدير عام بلدية القاهرة رقم 555 لسنة 1956 في أول سبتمبر سنة 1956 بالموافقة على استقالته ورفع اسمه من عداد موظفي البلدية اعتباراً من 11 من أغسطس سنة 1956 ولم تتخذ أية إجراءات في شأن الانتخابات بسبب العدوان الثلاثي - فتقدم في 25 من أكتوبر سنة 1956 بطلب لإعادته إلى الخدمة بوضعه السابق ووافقت البلدية على ذلك وصدر قرار المدير العام رقم 99 في 30 من يناير سنة 1957 بإعادته إلى الخدمة في ذات درجته وبماهيته السابقة طبقاً للمادة 18 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ثم تقدم بعد ذلك بعدة طلبات لاعتبار استقالته كأن لم تكن واعتبار مدة خدمته متصلة وذلك في 16 من مايو و25 من يوليو سنة 1957 و27 من مايو سنة 1959 و11 من يناير سنة 1960 و12 من مارس سنة 1960 وذكرت البلدية أن التكييف القانوني لدعوى المدعي هو أنها دعوى إلغاء قرار مدير عام البلدية رقم 99 لسنة 57 الصادر في 30 من يناير سنة 1957 فيما تضمنه من اعتباره معيناً تعييناً جديداً والامتناع عن اعتبار استقالته كأن لم تكن - وقد استلم العمل في 4 من فبراير سنة 1957 ولم يتظلم من القرار سالف الذكر إلا في 16 من مايو سنة 1957 أي بعد مضي أكثر من تسعين يوماً على تاريخ علمه علماً يقينياً وذلك فضلاً أنه أبلغ عن طريق إدارة المرور بالكتاب المؤرخ في 5 من يونيو سنة 1957 بعدم إمكان إجابته إلى ملتمسه فلم يطعن في هذا القرار السلبي في المواعيد القانونية فتكون دعواه غير مقبولة من الناحية الشكلية أما من الناحية الموضوعية فلا أساس لما يحتج به من أن قرار قبول استقالته ورفع اسمه كان في 18 من نوفمبر سنة 1956 أي في تاريخ تال لتقديمه طلب إعادته إلى الخدمة المؤرخ في 25 من أكتوبر سنة 1956 إذ صدر قرار قبول استقالته رقم 555 لسنة 1956 في أول سبتمبر سنة 1956 ولئن كان قد ورد خطأ في قرار إعادته إلى الخدمة أن استقالته قبلت اعتباراً من 18 من نوفمبر سنة 1956 إلا أن الصحيح أنها اعتبرت مقبولة من 11 من أغسطس سنة 1956 وانتهت المحافظة إلى طلب الحكم:
أولاً: وأصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
وثانياً: واحتياطياً برفض الدعوى موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إن المدعي قد تقدم بمذكرة بدفاعه انتهى فيها إلى أنه يصمم على طلباته الأصلية وهي اعتبار استقالته كأن لم تكن وضم مدة الخدمة السابقة على تقديمها للمدة اللاحقة على الرجوع عنها مع كافة ما يترتب على ذلك مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات وقال إن دعواه هي مطالبة بتسوية حالته واعتبار مدة اشتغاله متصلة من تاريخ تعيينه الحاصل في يوليو سنة 1942 وأضاف إلى ما تضمنته صحيفة الدعوى أنه من المسلم أن جميع من تركوا أعمالهم بسبب تقدمهم للترشيح قد أعيدوا إلى حالتهم وأوضاعهم الأصلية بعد تقرير عدم إجراء الانتخابات وأنه لا يصح القول بأن ذلك كان مقصوراً على موظفين بالذات أو على نوع معين من الموظفين - وقد أغفلت البلدية إخطاره بأن ترشيحه لم يكن يستلزم الاستقالة ولم تخطره بقبول الاستقالة فتعتبر كأن لم تكن لرجوعه عنها قبل قبولها.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية قد أقامت قضاءها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على أن ما يطلبه المدعي هو اعتبار استقالته كأن لم تكن واعتبار مدة خدمته متصلة فهو لم يطعن بالإلغاء في قرار صادر بقبول استقالته - كما أقامت قضاءها باعتبار الاستقالة المقدمة منه كأن لم تكن على أنه قد قدم استقالته مستهدفاً الترشيح لانتخابات مجلس الأمة التي أوقفت لقيام حالة قهرية هي العدوان الثلاثي وعلى أنه ولئن كانت هذه الاستقالة قد قدمت في 11 من أغسطس سنة 1956 وقبلت في أول سبتمبر سنة 1956 أي خلال مدة الشهر التي حددها قانون نظام موظفي الدولة للبت في الاستقالة إلا أن المادة 110 من ذلك القانون لا تنطبق في حالة الاستقالة للترشيح لانتخابات مجلس الأمة إلا إذا قامت حالة الترشيح - وصف المرشح - في الموظف المستقيل لأنه يبين من المادة 292 من دستور سنة 1956 والمادة 4 من القانون رقم 246 لسنة 1956 بإصدار قانون عضوية مجلس الأمة أن هذا الترشيح لا يتم دستورياً إلا بموافقة الاتحاد القومي على الترشيح - فإذا قام مانع من الترشيح كقوة قاهرة خارجة عن إرادة الموظف المستقيل لهذا الغرض أدت إلى توقف الانتخابات فإنه يتعين عدم ترتيب أثر الاستقالة المقدمة منه ولو لم يقدم طلباً لإعادته إلى الخدمة فتكون الدعوى على أساس سليم لوجوب اعتبار خدمته متصلة وعدم توليد نتائج قانونية لهذه الاستقالة التي لم تتحقق حكمتها بقيام الترشيح.
ومن حيث إن الطعن يقوم على سببين:
الأول: أن دعوى المدعي بحسب تكييفها السليم هي دعوى إلغاء القرار 555 لسنة 1956 الصادر بقبول استقالته أو إلغاء القرار رقم 99 لسنة 1957 الصادر في 30 من يناير سنة 1957 فيما تضمنه من اعتباره معيناً تعييناً جديداً وامتناع المحافظة عن تضمين ذلك القرار ما يفيد إلغاء قرارها الأول بقبول الاستقالة ولم يتظلم المدعي إلا في 16 من مايو سنة 1957 أي بعد أكثر من ستين يوماً من تاريخ علمه بالقرار المطعون عليه بل ومن تاريخ تسلمه العمل فعلاً بناء على قرار إعادة تعيينه وأبلغ برفض تظلمه في 5 من يونيو سنة 1957 ولم يرفع دعواه إلا في 29 من أكتوبر سنة 1960 فتكون قد رفعت بعد الميعاد ولا عبرة بتكرار تظلماته.
والثاني: أن المستفاد من المادتين 4، 23 القانون رقم 246 لسنة 1956 الخاص بإصدار قانون عضوية مجلس الأمة أن المشرع قد غاير في المعاملة بين رجال القضاء والنيابة والضباط وصف الضباط وبين غيرهم من موظفي الدولة فبينما حرم على الفريق الأول الترشيح لمجلس الأمة إلا بعد تقديم الاستقالة أباح لبقية الموظفين الاحتفاظ بالوظيفة حتى نجاحهم في الانتخابات بحيث لا يعتبر الموظف مختلياً نهائياً عن وظيفته إلا بالفصل في صحة عضويته للمجلس - فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في الإسناد حين طبق المادة الرابعة من القانون رقم 246 لسنة 1956 على المدعي حالة كونه ليس من بين عددتهم تلك المادة - ونظراً إلى أنه لم يكن في حاجة إلى تقديم الاستقالة لترشيح نفسه لمجلس الأمة وقد حصل قبل ذلك على الإجازات التي طلبها القيام بالدعاية الانتخابية اللازمة فإن تقديم استقالته بعد ذلك يكون منتجاً لكافة آثاره القانونية وقد قبلت هذه الاستقالة خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديمها فيكون القرار الصادر بقبوله قد صدر صحيحاً وحصيناً من الإلغاء.
ومن حيث إنه بجلسة 18 من فبراير سنة 1967 طلب الحاضر مع المدعي تأييد الحكم المطعون فيه ومن باب الاحتياط ضم المدة السابقة على تاريخ الاستقالة كما أورد بعد ذلك مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم بصفة أصلية برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبصفة احتياطية باستحقاق المدعي لأن تسحب في مدة خدمته المدة التي قضاها في الخدمة قبل استقالته وهي المدة من 2 يوليو سنة 1942 إلى 3 من فبراير سنة 1957 مع جميع الآثار المترتبة عليها سواء في الأقدمية وتحديد الماهية أو في المعاش وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وذكر أن استقالته لترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة تعتبر مشروطة الأمر الذي يؤدي إلى القطع بأن عدم قبول الترشيح أو عدم إجراء الانتخابات يجب أن يحول دون قبول الاستقالة لعدم تحقق الحكمة من تقديمها - بحيث إذا قبلت كان القرار الصادر بقبولها باطلاً بطلاناً يرقى إلى حد العدم فلا يتقيد الطعن عليه بميعاد الطعن بالإلغاء كما أن النزاع بين الموظف وبين الجهة الإدارية حول حقه في العودة إلى الوظيفة يعتبر من قبيل منازعات التسوية - وأضاف أن الطلب الاحتياطي الذي أبداه في جلسة المرافعة ليس طلباً جديداً بل هو بعض ما رفعت به الدعوى أصلاً إلى المحكمة الإدارية وأنه محق في طلب حساب مدة خدمته السابقة على الاستقالة لتوافر جميع الشروط التي نص عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 فطبيعة العمل والدرجة المالية قبل الاستقالة هي بعينها الدرجة المالية بعد إعادته إلى الخدمة كما أن مدة الخدمة حكومية تضم كلها وقد طلب حسابها فور عودته إلى الوظيفة حين التمس اعتبار الاستقالة كأن لم تكن واعتبار مدة خدمته متصلة.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن المدعي قد حصل على شهادة إتمام الدارسة الابتدائية في عام 1935 والتحق بالخدمة في 13 من يوليو سنة 1942 موظفاً بالدرجة التاسعة ورقى إلى الدرجة الثامنة الكادر الكتابي اعتباراً من 6 من ديسمبر سنة 1955 بمقتضى القرار رقم 35 الصادر من المدير العام لبلدية القاهرة في 9 من يناير سنة 1956 ثم في 5 من أغسطس سنة 1956 تقدم إلى قائد إدارة المرور بالقاهرة بطلب ذكر فيه أنه نظراً إلى أنه سيقوم بترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة عن دائرة بندر جرجا فإنه يرجو قبول استقالته من الخدمة ورفعها إلى الجهة المختصة للموافقة عليها ووافق المدير العام لبلديه القاهرة على قبول هذه الاستقالة في 11 من أغسطس سنة 1956 وانقطع المدعي عن العمل منذ ذلك التاريخ وفي 9 من سبتمبر سنة 1956 صدر القرار رقم 555 لسنة 1956 برفع اسمه من عداد موظفي إدارة المرور اعتباراً من 11 من أغسطس سنة 1956 وفي 25 من أكتوبر سنة 1956 تقدم المدعي بطلب ذكر فيه أنه سبق أن تقدم بطلب استقالة من الخدمة تمهيداً لترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة وأنه نظراً إلى أنه لم تظهر حتى ذلك التاريخ إجراءات الترشيح والانتخاب ولا يعلم متى ستتم فإنه يرجو الموافقة على إعادته إلى الخدمة بوضعه السابق. وفي 30 من يناير سنة 1957 أصدر المدير العام لبلدية القاهرة القرار رقم 99 لسنة 1957 بإعادة المدعي إلى عمله بنفس درجته السابقة ومرتبه وذلك اعتباراً من تاريخ مباشرته العمل - واستلم المدعي العمل في 4 من فبراير سنة 1957 - وفي 14 من مايو سنة 1957 تقدم بتظلم إلى قائد إدارة المرور اعترض فيه على قرار إعادته إلى العمل بوضعه الأول وذكر أن القرار رقم 555 لسنة 1956 الصادر برفع اسمه من عداد موظفي البلدية باطل ولا يترتب عليه أي أثر وطلب مخابرة البلدية لتصحيح هذا الوضع - وأجابت إدارة المستخدمين على هذا التظلم بكتابها المرسل إلى إدارة المرور في 4 من يونيو سنة 1957 بأنه لا يجوز اعتبار طلب الاستقالة كأن لم يكن - وفي 25 من يوليو سنة 1957 تقدم المدعي بتظلم آخر عقب فيه على عدم موافقة البلدية على طلبه الأول الخاص باعتبار تقديم استقالته كأن لم يكن. وطلب معاملته على هذا الأساس وذلك بصرف مرتبه من تاريخ طلب إعادته إلى الخدمة ومنحه العلاوة الدورية المستحقة له - ثم في 27 من مايو سنة 1959 تقدم المدعي بطلب التمس فيه اعتبار رجوعه إلى الخدمة استمراراً لوضعه السابق مع ما يترتب على ذلك من حقوق وفروق ثم في 11 من مارس سنة 1960 تقدم بطلب آخر ذكر فيه أنه فوجئ بأن البلدية اعتبرت إعادته تعييناً جديداً وأسقطت المدة السابقة وهي أربعة عشر عاماً من خدمته وأن في ذلك مخالفة للقرارات الصادرة بضم مدد الخدمة السابقة للموظفين - ثم أقام هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية في 29 من أكتوبر سنة 1960 طالباً الحكم باعتبار الاستقالة المقدمة منه كأن لم تكن وباعتبار مدة خدمته متصلة مع ما يترتب على ذلك من آثار مستنداً إلى أن قبول البلدية إعادته إلى الخدمة يستتبع حتماً ضم مدة خدمته السابقة واعتبار فترة الانقطاع لا وجود لها.
ومن حيث إنه لا شك في أن المدعي بتحديده طلباته على هذا الوجه قد استهدف أمرين:
الأول: اعتبار استقالته كأن لم تكن.
والثاني: ضم مدة خدمته السابقة على قبول الاستقالة.
ومن حيث إن طلب اعتبار الاستقالة كأن لم يكن لا يعدو في حقيقته أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها يتقيد بالمواعيد المقررة لإقامة دعاوى الإلغاء - وقد صدر هذا القرار في 11 من أغسطس سنة 1956 - ورغم أن المدعي قد انقطع عن عمله منذ ذلك التاريخ ثم أعيد بعد ذلك بناء على طلبه اعتباراً من 4 من فبراير سنة 1957 تاريخ استلامه العمل على أساس أن استقالته المقبولة قد أنتجت أثرها من حيث إنهاء خدمته بمجلس بلدي مدينة القاهرة - ورغم علمه اليقيني بذلك وتقدمه بعدة تظلمات في هذا الشأن كان أولها في 14 من مايو سنة 1957 فإنه لم يقم دعواه إلا بعد ذلك بمدة طويلة في 29 من أكتوبر سنة 1960 ولذلك تكون هذه الدعوى في شكلها الخاص باعتبار الاستقالة كأن لم تكن غير مقبولة شكلاً لإقامتها بعد الميعاد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن الدعوى ليست طعناً في القرار الصادر بقبول الاستقالة تأسيساً على أن المدعي قدم استقالة مستهدفاً الترشيح لانتخابات مجلس الأمة وأن الاستقالة لهذا السبب لا ترتب أثرها إلا إذا قام وصف المرشح بالموظف المستقيل - واستند في ذلك إلى المادة الرابعة من القانون رقم 246 لسنة 1956 بإصدار قانون عضوية مجلس الأمة التي تقضي بأنه (لا يجوز ترشيح رجال القضاء والنيابة وضباط البوليس قبل تقديم استقالاتهم من وظائفهم وتعتبر الاستقالة مقبولة من تاريخ تقديمها - كما لا يجوز ترشيح ضباط وصف ضباط القوات المسلحة قبل قبول استقالاتهم).
ومن حيث إن المدعي ليس من الموظفين المنصوص عليهم في المادة المذكورة فلم يكن ترشيحه لعضوية مجلس الأمة يتطلب تقدمه باستقالته أو قبول هذه الاستقالة وإنما كان يخضع لحكم المادة 23 من القانون رقم 246 لسنة 1956 المشار إليها تضمنت النص على أن الموظف الذي يصبح عضواً في مجلس الأمة عليه أن يتخلى مؤقتاً عن أعمال وظيفته ويعتبر متخلياً عنها نهائياً بمجرد الفصل في صحة عضويته بالمجلس - ومجرد إفصاح المدعي في استقالته عن الدافع له على تقديمها وهو رغبته في ترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة ليس من شأنه اعتبارها مقترنة بأي قيد أو شرط وإذ قبلها المدير العام لبلدية القاهرة بقراره الصادر في 11 من أغسطس سنة 1956 فإن طلب اعتبارها بعد ذلك كأن لم تكن هو بمثابة طلب إلغاء للقرار المذكور حسبما سبق البيان - وليس فيما استند إليه الحكم المطعون فيه ما يصلح أساساً لتكييف الطلب المذكور على غير هذا الوجه.
ومن حيث إن الدعوى قد انطوت على طلب آخر هو ضم مدة الخدمة السابقة وقد تضمنت المذكرة التي قدمها المدعي بدفاعه في هذا الطعن بياناً لهذا الطلب بقوله أن من حقه طلب حساب مدة خدمته السابقة على الاستقالة استناداً إلى ادعائه توافر جميع الشروط التي نص عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وإلى أن طبيعة العمل لم تتغير وإلى أنه أعيد إلى العمل في ذات الدرجة وطلب ضم تلك المدة عقب إعادته إلى وظيفته.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الطلبات التي تقدم بها المدعي عقب إعادته إلى الخدمة يبين أن أول طلب تضمن المطالبة بضم مدة خدمته السابقة هو طلبه المؤرخ في 27 من مايو سنة 1959، ثم ورد ذلك في طلبه المؤرخ في 11 من مارس سنة 1960 ثم في صحيفة دعواه.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة قد صدر في 20 من فبراير سنة 1958 ونشر في 3 من مارس سنة 1958 وتضمن النص في المادة الثانية منه على أن (مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة تحسب كاملة سواء أكانت متصلة أو منفصلة متى كانت قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها وفي نفس الكادر) كما نص في المادة الثالثة منه على أن (يشترط لحساب مدد العمل السابقة أن يتقدم الموظف بطلب ضمها مع تدعيم طلبه بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وألا سقط حقه في حساب هذه المدة..) - وأنه ولئن كان طلب المدعي ضم مدة خدمته السابقة قد قدم بعد الميعاد المحدد في هذه المادة إلا أنه في 5 من مارس سنة 1962 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962 متضمناً النص في مادته الأولى على أنه (يجوز لمن لم يطلب الانتفاع بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 المشار إليه في الموعد المحدد أن يطلب حساب مدد العمل السابقة بالتطبيق لتلك الأحكام ووفقاً للشروط والأوضاع الواردة به وذلك في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار وإلا سقط الحق في حساب هذه المدد) وبذلك فتح هذا القرار ميعاداً جديداً لطلب حساب مدد الخدمة السابقة ينتهي بانقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به - ولما كان المدعي قد أقام دعواه فعلاً قبل 5 من مارس سنة 1962 تاريخ صدور ونشر القرار المذكور - فإن هذه الدعوى فيما تضمنته من طلب ضم مدة خدمته السابقة على قبول استقالته تغنى عن تقديم طلب جديد بضم هذه المدة وتقوم مقامة ومن ثم يستفيد المدعي من الميعاد الجديد الذي فتحه القرار سالف الذكر وذلك مع مراعاة ما تقضي به المادة الثالثة من أنه لا يترتب على تطبيقه صرف فروق مالية عن الفترة السابقة لتاريخ العمل به.
ومن حيث إن مدة الخدمة السابقة التي يحق للمدعي طلب حسابها وفقاً لأحكام قراري رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 ورقم 942 لسنة 1962 هي التي قضاها قبل استقالته في درجة معادلة للدرجة التي أعيد تعيينه فيها وهي الدرجة الثامنة بالكادر الكتابي أي المدة من 6 من ديسمبر سنة 1955 تاريخ حصوله على الدرجة المذكورة إلى 10 من أغسطس سنة 1956 التاريخ السابق على قبول استقالته وذلك مع مراعاة حكم المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء قبول الاستقالة وبحساب مدة خدمة المدعي السابقة من 6 من ديسمبر سنة 1955 حتى 10 من أغسطس سنة 1956 في أقدمية الدرجة الثامنة وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه السابق بيانه ورفض ما عدا ذلك من طلبات وذلك مع إلزام محافظة القاهرة بالمصروفات المناسبة.

"فلهذه الأسباب"

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء قبول الاستقالة وبحساب مدة خدمة المدعي السابقة من 6 من ديسمبر سنة 1955 حتى 10 من أغسطس سنة 1956 في أقدميته في الدرجة الثامنة بالتطبيق لقراري رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 ورقم 942 لسنة 1962 وما يترتب على ذلك من آثار ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت محافظة القاهرة بالمصروفات المناسبة.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 50 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

انتهاء خدمة الموظف  أسبابها الفصل - التفرقة بين الفصل التأديبي والفصل غير التأديبي لا يلزم بالنسبة إلى الفصل غير التأديبي إسناد مخالفات محددة للموظف وإنما يكفي قيام سبب يبرره.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 283

(38)
جلسة 16 من ديسمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم وعباس فهمي محمد بدر - المستشارين.

القضية رقم 407 سنة 11 القضائية

( أ ) - قرار إداري. "رقابة القضاء الإداري". تفسير.
القوانين المانعة من اختصاص القضاء الإداري من رقابة بعض القرارات الإدارية - قوانين استثنائية تفسر في أضيق الحدود.
(ب) - الحراسة العامة. اختصاص القضاء الإداري. دعوى: عدم سماع الدعوى.
القرارات الصادرة من الجهات القائمة على تنفيذ الأوامر الصادرة بفرض الحراسات - القانون رقم 99 لسنة 1963 بعدم سماع الطعون فيها - لا يتناول القرارات الصادرة في شأن موظفي الحراسة العامة.
(جـ) اختصاص القضاء الإداري. حراسة عامة. موظفو الحراسة العامة.
القرارات الصادرة من الحارس على أموال الخاضعين للأمر رقم 138 لسنة 1961 - قرارات فصل موظفي إدارة الحراسة - اختصاص القضاء الإداري بطلبات إلغائها.
(د) - دعوى. "تنازل عنها" إقرار.
التنازل عن دعوى مرفوعة أمام المحكمة الإدارية - تمامه أمام محكمة ابتدائية عند نظر دعوى أخرى - أثره: لا يعتبر إقراراً قضائياً.
(هـ) - موظف. "انتهاء الخدمة: أسبابها: الفصل".
انتهاء خدمة الموظف - أسبابها: الفصل - التفرقة بين الفصل التأديبي والفصل غير التأديبي لا يلزم بالنسبة إلى الفصل غير التأديبي إسناد مخالفات محددة للموظف وإنما يكفي قيام سبب يبرره.
(و) موظف. "انتهاء الخدمة: أسبابها: الفصل بغير الطريق التأديبي - قرار إداري بالفصل بغير الطريق التأديبي - متى يعتبر قائماً على سبب يبرره.
(ز) - قرار إداري. "رقابة القضاء الإداري عليه".
فصل الموقف بغير الطريق التأديبي - سببه - رقابة القضاء الإداري له حدودها.
1 - لما كان الأصل طبقاً لمبدأ المشروعية هو تسليط رقابة القضاء الإداري على جميع القرارات الإدارية التي يختص بإلغائها والتعويض عنها فإنه إذا صدر قانون باستثناء طائفة من القرارات من الخضوع لتلك الرقابة لحكمة تغياها المشرع وغاية قصد حمايتها - وجب عدم التوسع في تفسير النص المتضمن لهذا الاستثناء بحيث لا يطبق إلا في خصوص ما صدر في شأنه وفي حدود الهدف التي قصد المشرع إصابته وبلوغه.
2 - أن الحصانة المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1963 لا تمتد إلى ما يصدر من قرارات في شأن موظفي الحراسة العامة إذ لا صلة لهذه القرارات (سواء كانت خاصة بتعيينهم أو تأديبهم أو فصلهم أو بغير ذلك من شئونهم) بمكاسب الشعب الاشتراكية التي استهدف المشرع تحصين القرارات والتدابير والإجراءات التي اتخذت تأميناً لها.
3 - إذا كان القرار محل دعوى الإلغاء صادراً من الحارس العام على أموال الخاضعين للأمر رقم 138 لسنة 1961 بفصل المدعي وهو موظف عام بإدارة الحراسة على الأموال المذكورة - فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب الحق بقضائه برفض الدفع بعدم جواز سماع تلك الدعوى.
4 - متى كان إقرار المدعي بتنازله عن دعواه الإدارية لم يحدث أثناء سير هذه الدعوى أمام المحكمة الإدارية إنما حدث في دعوى مرفوعة أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية - فإنه لا يعتبر بالنسبة إلى الدعوى الإدارية إقراراً قضائياً ولا يعدو أن يكون إقراراً غير قضائي لصدوره في دعوى أخرى ومن ثم يخضع لتقدير المحكمة فلها مع تقدير الظروف التي صدر فيها والأغراض التي حصل من أجلها أن تعتبره حجة على المدعي كما لها ألا تأخذ به أصلاً.
5 - أن فصل الموظف العام يتم بإحدى طريقتين - إما عن طريق التأديب أو بغير طريق التأديب - والفصل التأديبي يدخل في باب الجزاءات المنصوص عليها قانوناً أما الفصل غير التأديبي فمرده إلى وجوب هيمنة الإدارة على المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام فلزم أن يكون لها الحرية في اختيار من ترى فيهم الصلاحية لهذا الغرض من الموظفين وفصل من تراه غير صالح - وذلك من الملاءمات المتروكة لتقديرها بلا معقب عليها ما دام قرارها قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة وإذا كان الفصل التأديبي قوامه مخالفات محددة تثبت في حق الموظف فذلك ما لا يتطلبه الفصل بغير الطريق التأديبي الذي يكفي فيه قيام السبب المبرر له.
6 - إن الفصل غير التأديبي يقوم على ما يتجمع لدى الجهة الإدارية من أسباب مستقاة من ملف الخدمة أو من الأوراق الأخرى أو من معلومات رؤساء الموظف عنه ويعتبر صحيحاً وقائماً على سببه المبرر له قانوناً متى استند إلى وقائع صحيحة وكانت الجهة الإدارية قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها في شأنه استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها.
7 - أن رقابة القضاء الإداري لقيام السبب في القرار بالفصل غير التأديبي لا تعني أن يحل نفسه محل جهة الإدارة فيما هو متروك لتقديرها ووزنها فيستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لديها من دلائل وبيانات وقرائن أحوال إثباتاً ونفياً في خصوص قيام أو عدم قيام الحالة الواقعة التي تكون ركن السبب أو يتدخل في تقدير خطورة هذا السبب وما يمكن ترتيبه عليه من آثار وإنما الرقابة التي لهذا القضاء تجد حدها الطبيعي كرقابة قانونية في التحقق مما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها أم لا وما إذا كان تكييف الوقائع يفرض وجودها مادياً صحيحاً أو خاطئاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية بالإسكندرية في أول أبريل سنة 1963 أقام السيد/ مرسي محمد السيد الدعوى رقم 540 لسنة 10 القضائية ضد السيد وزير الخزانة والسيد الحارس العام على أموال الخاضعين للأمر رقم 138 لسنة 1961 طالباً إلغاء القرار الصادر في 2 من أكتوبر سنة 1962 بفصله من العمل وقال شرحاً لدعواه أنه في أول يناير سنة 1962 التحق بإدارة الحراسة العامة على أموال الخاضعين للأمر رقم 138 لسنة 1961 بالإسكندرية بمرتب شهري قدره خمسة عشر جنيهاً وأنه فصل من الخدمة في 2 من أكتوبر سنة 1962 دون سبب قانوني ونظراً إلى أن هذا القرار كان مجحفاً به فقد تظلم منه إلى الحارس العام في 4 من أكتوبر سنة 1962 إلا أن الجهة الإدارية لم تعر الأمر التفاتاً وأنه لذلك يطعن على القرار بإساءة استعمال السلطة وذكر أنه قد تقرر إعفاؤه من رسوم الدعوى في 7 من مارس سنة 1962.
وأجابت الحراسة على الدعوى بمذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم جواز نظر الدعوى تطبيقاً للقانون رقم 99 لسنة 1963 واحتياطياً بعدم قبولها لتنازل المدعي عن موضوعها - وفي مذكرة ثانية طلبت الحراسة الحكم أصلياً بعدم جواز سماع الدعوى واحتياطياً برفضها وإلزام المدعي بالمصروفات وتضمنت المذكرتان أن المدعي التحق بخدمة الحراسة في 6 من يناير سنة 1962 وفي 4 من سبتمبر سنة 1962 قدمت مذكرة لمراقبة الحراسة بشأن مخالفة المدعي للتعليمات لقيامه باستلام المبالغ المتأخرة على شركة التقدم الصناعي عن يوليه سنة 1962 وأعطى إيصالاً باسم عباس شلبي باعتباره متنازلاً إليه عن الشركة المذكورة وبعد التحري وفحص المستندات المقدمة بشأن التنازل عن المنشأة المذكورة أفتى القسم القانوني بالحراسة بأن هذا التنازل يفيد أيضاً التنازل عن الحق في الإيجار وعرضت هذه المذكرة على المراقب العام فوافق على إقرار التنازل ورفع رأيه إلى الحارس العام بتأشيرة تضمنت أنه وإن كانت إجراءات التنازل صحيحة إلا أن السيد/ مرسي محمد السيد قد أقحم نفسه في بحث أوراق ومستندات لا شأن له بها وأقرها وتسلم الإيجار من المتنازل إليه وأعطاه إيصالاً باسمه ولم يكن له باعتباره محصلاً أن يبدي رأيه في تلك الإجراءات بل كان عليه أن يطلب من المتنازل عرض الأمر على الحراسة لإقراره ثم يصدر إليه الأمر بما يتبعه واقترح المراقب خصم ثلاثة أيام من مرتب المدعي عن تدخله في غير اختصاصه كما أضاف أن سمعة المدعي في عمله تلوكها الألسن في موضوعات شتى ويرى الاستغناء عنه – ووافق الحارس العام على ما ورد في هذه المذكرة في 30 من سبتمبر سنة 1962 ثم صدر القرار رقم 89 لسنة 1962 من الحارس العام بفصله من خدمة الحراسة اعتباراً من 9 من أكتوبر سنة 1962 للتصرفات المنسوبة إليه في موضوع تنازل شركة التقدم الصناعي الزراعي فتظلم في 3 من أكتوبر سنة 1962 وتقرر حفظ تظلمه في 18 من نوفمبر سنة 1962 فأقام هذه الدعوى كما أقام الدعوى رقم 922 لسنة 1963 عمال الإسكندرية وبجلسة 2 من أكتوبر سنة 1963 ناقشته المحكمة الابتدائية فأقر بأنه متمسك بالدعوى المدنية وحدها وأنه متنازل عن الدعوى الإدارية وهو إقرار ملزم له وعلى هذا الأساس وحده لا تقبل هذه الدعوى وصدر حكم من المحكمة الابتدائية بوقف تنفيذ قرار فصله حتى يقضي في الدعوى الموضوعية استأنفته الحراسة وما زالت الدعوى منظورة أمامها - ودفعت الحراسة بعدم جواز سماع الدعوى تطبيقاً للقانون رقم 99 لسنة 1963 تأسيساً على أن الحظر الوارد به من العموم والشمول بحيث يندرج تحته القرارات الصادرة بتعيين الموظفين أو فصلهم منها بالطريق التأديبي أو بغير الطريق التأديبي وذكرت أن هذا القانون يسري على الدعاوى المنظورة وأن القرار الصادر بفصل المدعي من الخدمة هو قرار فصل بغير الطريق التأديبي حسبما هو ثابت من مذكرة مراقب الحراسة العامة المرفوع إلى الحارس العام إذ أن الجزاء التأديبي الذي تضمنته تلك المذكرة ووافق عليه الحارس العام هو خصم ثلاثة أيام من مرتب المدعي للمخالفة المنسوبة إليه أما الاستغناء عنه فقد تم استناداً إلى الشوائب التي علقت بسمعته وأشار إليها المراقب إجمالاً في تلك المذكرة ثم أوضحها تفصيلاً في المذكرة المقدمة منه رداً على تظلم المدعي وأضافت الحراسة أنه في 25 من أغسطس سنة 1964 أصدر رئيس مجلس الوزراء الأمر رقم 165 لسنة 1964 بسريان أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 في شأن العاملين بالحراسات وإدارة الأموال التي آلت ملكيتها إلى الدولة طبقاً لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 وقد نصت المادة 78 من القانون المذكور على أن تنتهي خدمة العاملين عند بلوغهم سن الستين ولا يجوز مد الخدمة بعد بلوغ السن المقررة إلا في حالة الضرورة وبقرار من رئيس الجمهورية وقد تجاوز المدعي سن السابعة والستين فيكون طلب إلغاء قرار فصله غير ذي موضوع لعدم جواز بقائه في الخدمة أكثر من ذلك - كما ذكرت الحراسة أن المدعي من الموظفين المؤقتين الخاضعين لقرار مجلس الوزراء الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1952 والذين يجوز إنهاء خدمتهم في أي وقت بمقتضى إعلان يرسل كتابة قبلها بشهر.
وعقب المدعي على دفاع الحراسة بقوله أن قرار فصله لم يقم على سبب يبرره ولم تحقق معه الحراسة في شأن ما قيل من أن سمعته تلوكها الألسن أما أحكام القانون رقم 99 لسنة 1963 فلا تسري في شأنه لأن دعواه رفعت قبل صدوره كما أن قرار فصله لا يعتبر من أعمال السيادة التي نص القانون على عدم سماع الدعوى بشأنها أمام أية جهة قضائية وأضاف المدعي في مذكرته طلباً احتياطياً هو الحكم باستحقاقه التعويض عن قرار فصله من الخدمة بما يوازي أجره من وقت فصله حتى تاريخ الفصل في هذه الدعوى باعتبار مرتبه خمسة عشر جنيهاً شهرياً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن القانون رقم 99 لسنة 1963 بعدم قبول الطعن في الأعمال والتدابير التي اتخذتها الجهة القائمة على تنفيذ جميع الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص قد استهدف حسبما هو مستفاد من أحكامه ومن مذكرته الإيضاحية حماية تصرفات الدولة التي اتخذتها بوصفها ذات سيادة تأميناً لمكاسب الشعب الاشتراكية وعلى هدي هذه الغاية لا يندرج تحت هذه التصرفات ما تصدره الجهات القائمة بتنفيذ الأوامر الصادرة بفرض الحراسة في شأن موظفيها من قرارات إدارية بالتعيين والتأديب أو الفصل ومن ثم يكون الدفع بعدم جواز سماع الدعوى غير مستند إلى أساس من القانون - أما تنازل المدعي عن هذه الدعوى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية فإنه لا يسقط حقه في رفع دعوى جديدة بنفس الحق أمام الجهة القضائية التي تنازل عن دعواه أمامها ما دام أن تنازله لم ينصب عن الحق ذاته وإذا كان الثابت أنه لم يتنازل عن هذه الدعوى أمام المحكمة بل قرر تمسكه بالاستمرار في نظرها فإن الدفع بعدم قبولها يكون غير مستند إلى أساس من القانون حقيقاً بالرفض - وأقام الحكم قضاءه بإلغاء قرار فصل المدعي على أن المستفاد من القرار أنه قرار فصل تأديبي إذ صدر بسبب التصرفات المنسوبة إليه في موضوع تنازل شركة التقدم الصناعي والزراعي عن الشقة رقم 2 بالعقار رقم 179 شارع السيد محمد دريم والتي رأت الإدارة أنها مخالفات ارتكبها المدعي واستحق من أجلها تأديبه وإذ كانت المذكرة التي قدمها المراقب للحارس العام قد تضمنت اقتراح مجازاته بخصم ثلاثة أيام من مرتبه والاستغناء عنه لأن سمعته في عمله كانت تلوكها الألسن فإن الحارس العام قد أفصح بقراره الصادر بفصله عن أن هذا الفصل لم يكن بسبب سمعته في عمله بل بسبب التصرفات المنسوبة إليه سالفة الذكر وبذلك يكون فصله بالطريق التأديبي فكان يتعين على الحراسة أن تواجه المدعي بما هو منسوب إليه وأن تكفل له حق الدفاع عن نفسه وذلك بالتحقيق معه وإذا كان قد فصل دون أن يحقق معه فمن ثم يكون القرار الصادر بفصله مشوباً بعيب مخالفة القانون ويتعين لذلك الحكم بإلغائه - وأنه ولئن كان المدعي قد جاوز سن الستين المقررة قانوناً لإنهاء الخدمة طبقاً لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 الذي سرى في شأن موظفي الحراسة العامة عملاً بقرار مجلس الوزراء رقم 165 لسنة 1964 إلا أن إنهاء خدمته لهذا السبب إنما يكون بقرار من الجهة الإدارية التابع لها والتي تملك الإبقاء عليه إلى ما بعد بلوغ هذه السن بالأداة القانونية وفي الحدود المقررة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً: أن المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1963 قد نصت على أن لا تسمع أمام أية جهة قضائية أية دعوى يكون الغرض منها الطعن في أي تصرف أو قرار أو تدبير أو إجراء وبوجه عام أي عمل أمرت به أو تولته الجهات القائمة على تنفيذ جميع الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص والهيئات - وقد جاءت عبارات هذا النص عامة شاملة لكافة الأعمال التي أمرت بها أو تولتها الجهات القائمة على تنفيذ أوامر فرض الحراسة دون تفرقة بينها وهذا ما أكدته المذكرة الإيضاحية للقانون - ولما كان فصل موظفي الحراسة من الأمور المتعلقة بإدارة الأموال الموضوعة تحت الحراسة إذ أن هؤلاء الموظفين هم الذين يعاونون الحارس العام في أعمال الإدارة فإنها تعتبر من أعمال السيادة المقصودة بالحماية بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 63 فلا يجوز سماع الدعوى بالطعن فيها أمام أية جهة من جهات القضاء ويكون الدفع بعدم جواز سماع دعوى إلغاء قرار الفصل المطعون فيه في محله.
ثانياً: أن المدعي قد قرر بتنازله عن هذه الدعوى في محضر جلسة 2 من أكتوبر سنة 1963 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية في الدعوى رقم 122 لسنة 1963 وهو إقرار غير قضائي ثبت في ورقة رسمية يتضمن تنازله عن كافة إجراءات الدعوى بما في ذلك صحيفة افتتاحها ولا يستساغ القول بعد ذلك أنه وقد عاد إلى التمسك بالسير في الدعوى إنما يكون قد أقام دعوى جديدة طالما أن الحق باق لم يسقط أو ينقض بالتقادم لأن دعوى الإلغاء مقيدة بمواعيد رسمها المشرع يتعين اتخاذ الإجراءات خلالها وإلا كانت غير مقبولة وإذ كان المدعي قد تنازل عن كافة إجراءات الدعوى في 2 من أكتوبر سنة 1963 فإنه لو صح أن تمسكه بالاستمرار فيها بعد ذلك يعد رفعاً للدعوى من جديد فإنها تكون غير مقبولة لرفعها بعد الميعاد فضلاً عن سابقة التنازل عنها.
ثالثاً: واحتياطياً بالنسبة إلى الموضوع فإنه في 25 من أغسطس سنة 1964 أصدر السيد رئيس الوزراء بوصفه رئيس اللجنة المشرفة على تنفيذ الأوامر الصادرة بفرض الحراسة أو رفعها الأمر رقم 165 لسنة 1964 بسريان جميع القواعد الوظيفية والمالية السارية في شأن العاملين بالدولة على العاملين بجميع الحراسات وإدارة الأموال التي آلت ملكيتها إلى الدولة طبقاً لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 ووفقاً لأحكام المادتين 77، 78 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن العاملين المدنيين بالدولة تنتهي الخدمة ببلوغ سن الستين ولا يجوز مدها إلا في حالة الضرورة وبقرار من رئيس الجمهورية - والثابت أن المدعي قد تجاوز هذه السن وبلغ السابعة والستين وإلغاء قرار فصله يترتب عليه استمراره في الخدمة بما يخالف تلك النصوص بعد أن كشف هذا القرار عن نية الحراسة في عدم مد الخدمة فيصبح إلغاء القرار المذكور غير ذي موضوع - وذلك بالإضافة إلى أن فصل المدعي كان فصلاً غير تأديبي لأن سمعته كانت تلوكها الألسن في موضوعات شتى وقد قام على سبب يبرره أما القول بأن الفصل تأديبي لأنه صدر بسبب ما نسب إليه في موضوع تنازل شركة التقدم فإنه يخالف الثابت في الأوراق من أنه صدر استناداً إلى ما قرره مراقب الحراسة من أن سمعته في عمله تلوكها الألسن في موضوعات شتى - ولما كان القرار غير تأديبي فإنه لم يكن يلزم مواجهة المدعي بما هو منسوب إليه - وبالإضافة إلى ذلك فإنه موظف مؤقت يجوز الاستغناء عنه في أي وقت.
ومن حيث إن المدعي قد عقب على الطعن بمذكرتين دفع فيهما بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه صدر في 25 من يناير سنة 1965 وطعن فيه في 27 من مارس سنة 1965 أي في اليوم الثاني والستين - وقال أن الدفعين اللذين أبداهما الطاعنان بعدم جواز سماع دعواه وبعدم قبولها لا يقومان على أساس - وأشار إلى ما تقدم به من تظلمات وشكاوى من قرار فصله وإلى أن مراقب الحراسة بالإسكندرية قد حال دون تحقيقها - وذكر أن الحارس العام قد أفصح في قراره عن أن سبب فصله لم يكن سوء سمعته في عمله بل التصرفات التي نسبت إليه في موضوع التنازل عن الشقة رقم 2 بالعقار رقم 129 بشارع السيد محمد كريم التي رأت الإدارة أنها مخالفات يستحق عنها مجازاته تأديبياً وبذلك يكون القرار المذكور قد جازاه تأديبياً عن ارتكابه لتلك المخالفات بفصله من الخدمة وإذ صدر هذا القرار التأديبي دون أن يواجه بما هو منسوب إليه ودون التحقيق معه وسماع دفاعه فإنه يكون مخالفاً للقانون - كما تقدم الطاعنان بمذكرة صمما فيها على طلباتهما.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر في 25 من يناير سنة 1965 فإن ميعاد الطعن فيه كان ينتهي في 26 من مارس سنة 1965 وهو يوم جمعة وإذ كان الطعن قد أقيم بإيداع التقرير به قلم كتاب المحكمة في اليوم التالي أي في 27 من مارس سنة 1965 فإنه يكون قد أقيم في الميعاد وفقاً لما تقضي به المادة 23 من قانون المرافعات التي تنص على أنه إذا صادف آخر الميعاد عطلة رسمية امتد إلى أول يوم عمل بعدها وبذلك يكون الطعن مستوفياً أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف أحكام القانون رقم 99 لسنة 1963 إذ رفض الدفع بعدم جواز سماع الدعوى - وتنص المادة الأولى من هذا القانون على أن (لا تسمع أمام أية جهة قضائية أية دعوى ويكون الغرض منها الطعن في أي تصرف أو قرار أو تدبير أو إجراء وبوجه عام أي عمل أمرت به أو تولته الجهات القضائية على تنفيذ جميع الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص والهيئات وذلك سواء أكان الطعن مباشراً بطلب الفسخ أو الإلغاء أو التعديل أو وقف التنفيذ أم كان الطعن غير مباشر عن طريق المطالبة بالتعويض أياً كان نوعه أو سببه) وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون (أنه لما كان الأصل العام أن التصرفات والتدابير والأوامر والقرارات التي اتخذتها أو أصدرتها الجهات القائمة على تنفيذ الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص سواء كانت تلك الجهات هي نائب رئيس الجمهورية ووزير الداخلية أو لجنة الحراسات أو الحراس العامون والخاصون ونوابهم ومندوبوهم هي من أعمال السيادة التي اتخذتها الدولة تأميناً لمكاسب الشعب الاشتراكية ومن ثم لا تختص المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها بنظر الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في تلك التصرفات أو التدابير أو الأوامر والقرارات وبوجه عام أي عمل أمرت به أو تولته تلك الجهات وسواء كان الطعن بطريق مباشر كالفسخ أو الإلغاء أو التعديل أو وقف التنفيذ أو بطريق غير مباشر كالمطالبة بالتعويض أياً كان نوعه أو سببه كما لا يجوز الطعن بأي طريق آخر - لذلك رؤى أن يعد مشروع القانون المرافق...) وواضح من هذا النص في ضوء المذكرة الإيضاحية أن الشارع قد أراد أن يضفي على طائفة من التصرفات والقرارات والتدابير والإجراءات التي تتصل بالأموال الموضوعة تحت الحراسة والتي اتخذت تأميناً لمكاسب الشعب الاشتراكية - حصانة تعصمها من الرقابة القضائية - ولما كان الأصل طبقاً لمبدأ المشروعية هو تسليط رقابة القضاء الإداري على جميع القرارات الإدارية التي يختص بإلغائها والتعويض عنها - فإنه إذا صدر قانون باستثناء طائفة من القرارات من الخضوع لتلك الرقابة لحكمة تغياها المشرع وغاية قصد حمايتها - وجب عدم التوسع في تفسير النص المتضمن لهذا الاستثناء بحيث لا يطبق إلا في خصوص ما صدر في شأنه وفي حدود الهدف الذي قصد المشرع إصابته وبلوغه - ومن ثم فإن الحصانة المنصوص عليها في المادة سالفة الذكر لا تمتد إلى ما يصدر من قرارات في شأن موظفي الحراسة العامة إذ لا صلة لهذه القرارات (سواء كانت خاصة بتعيينهم أو تأديبهم أو فصلهم أو بغير ذلك من شئونهم) بمكاسب الشعب الاشتراكية التي استهدف المشرع تحصين القرارات والتدابير والإجراءات التي اتخذت تأميناً لها.
ومن حيث إنه لذلك وإذ كان القرار محل دعوى الإلغاء صادراً من الحارس العام على أموال الخاضعين للأمر رقم 138 لسنة 1961 بفصل المدعي وهو موظف عام بإدارة الحراسة على الأموال المذكورة - فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب الحق بقضائه برفض الدفع بعدم جواز سماع تلك الدعوى.
ومن حيث إن الوجه الثاني من أوجه الطعن يتحصل في أن الحكم قد أخطأ إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة إقرار المدعي بالتنازل عنها أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بجلسة 2 من أكتوبر سنة 1963.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 922 لسنة 1963 عمال كلي ضد الحارس العام على أموال الخاضعين للأمر رقم 138 لسنة 1961 وقد دفعت الحراسة بعدم اختصاص محكمة الإسكندرية الابتدائية بنظر الدعوى وقرر الحاضر عن الحراسة بجلسة 2 من أكتوبر سنة 1963 أن المدعي رفع دعوى أمام مجلس الدولة بذات الطلبات وقال المدعي أنه رفع تلك الدعوى فعلاً لحفظ حقه في ميعاد الستين يوماً ولكنه متنازل عنها ويطلب أجلاً واسعاً وبجلسة المناقشة التي انعقدت أمام مفوض الدولة في 31 من ديسمبر سنة 1963 طلب المدعي السير في إجراءات الدعوى التي أقامها أمام المحكمة الإدارية وقرر أنه لم يسبق له التنازل عنها.
ومن حيث إن إقرار المدعي بتنازله عن دعواه الإدارية لم يحدث أثناء سير هذه الدعوى أمام المحكمة الإدارية إنما حدث في دعوى أخرى مرفوعة أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية - فإنه لا يعتبر بالنسبة إلى الدعوى الإدارية إقراراً قضائياً ولا يعدو أن يكون إقراراً غير قضائي لصدوره في دعوى أخرى ومن ثم يخضع لتقدير المحكمة فلها مع تقدير الظروف التي صدر فيها والأغراض التي حصل من أجلها أن تعتبره حجة على المدعي كما لها ألا تأخذ به أصلاً.
ومن حيث إن الظروف التي صدر فيها الإقرار المذكور تقطع بأن المدعي ما قصد به إلا تفادي الحكم بعدم اختصاص محكمة الإسكندرية الابتدائية بنظر الدعوى التي أقامها أمامها وأنه لم يبتغ به إلزام نفسه بآثاره في دعوى الإلغاء التي أقامها أمام المحكمة الإدارية - يؤكد ذلك تمسكه بالسير في إجراءات هذه الدعوى ومن ثم فإن المحكمة لا ترى وجهاً للاعتداد بالإقرار المذكور.
ومن حيث إنه فضلاً عما تقدم فإنه بالرجوع إلى قانون المرافعات يبين أنه قد استهدف بأحكامه في شأن تلك الخصومة ألا يفترض الترك وألا تستشفه المحكمة من تصرفات أو أقوال تصدر من المدعي في غير الحالات التي أوردها في المادة 308 التي تنص على أن (ترك الخصومة لا يكون إلا إذا حصل بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو بتقرير منه في قلم الكتاب أو ببيان صريح في مذكرة موقع عليها منه أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفوياً بالجلسة وإثباته في المحضر) وذلك حتى لا يكون ترك الخصومة مثاراً لنزاع يتفرع عن النزاع الذي رفعت به الدعوى.
ومن حيث إنه لما تقدم وإذ تضمن الحكم المطعون فيه القضاء برفض الدفع بعدم قبول الدعوى فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه في هذا الشأن.
ومن حيث إن الوجه الثالث من أوجه الطعن يقوم في شق منه على أن فصل المدعي كان فصلاً غير تأديبي فلم يكن يلزم مواجهته بما هو منسوب إليه فضلاً عن أنه كان موظفاً مؤقتاً يجوز الاستغناء عنه في أي وقت.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي كان موظفاً متقاعداً يتقاضى معاشاً قدره 27 جنيهاً و883 مليماً وفي 27 من نوفمبر سنة 1961 تقدم بطلب إلى الحراسة العامة على أموال الخاضعين للأمر رقم 138 لسنة 1961 ذكر فيه أنه كان يعمل في الحراسة العامة على أموال الرعايا الفرنسيين وأخلى طرفه لتسليم معظم أموال الرعايا الموضوعين تحت الحراسة إليهم وطلب إعادته إلى خدمة الحراسة وإسناد أي عمل إليه - وفي 4 من يناير سنة 1962 وافق الحارس العام على تعيينه بمرتب شهري شامل قدره خمسة عشر جنيهاً وأسندت إليه وظيفة محصل - وفي 4 من سبتمبر سنة 1962 رفعت مذكرة في شأنه إلى مراقب الحراسة تضمنت أنه قام بالمرور على العقار رقم 129 بشارع السيد محمد كريم في يوم 19 من أغسطس سنة 1962 لتحصيل الإيجار من السكان بموجب كشف تحت يده مسلم إليه من إدارة التحصيل به أسماء المستأجرين والقيمة الإيجارية لمسكن كل منهم وكان من بين هؤلاء المستأجرين شركة التقدم الصناعي والزراعي فقام باستلام المبالغ المتأخرة على هذه الشركة وأعطى إيصالاً باسم عباس شلبي بحجة أنه حل محل الشركة المذكورة وأنه تأكد من تنازلها له عن عقد الإيجار قبل فرض الحراسة - وانتهت المذكرة إلى أن في ذلك مخالفة للتعليمات الصادرة إليه - وبعد بحث هذا التنازل والاقتناع بصحته رفع مراقب الحراسة الأمر إلى الحارس العام لاعتماد التنازل - وأشر على المذكرة التي رفعت إلى الحارس في هذا الشأن بما نصه:
(هذا ونظراً لأن السيد مرسي السيد قد أقحم نفسه في بحث أوراق ومستندات لا شأن له بها وقد أقرها وتسلم الإيجار من المتنازل إليه على اعتبار أنه أصبح مستأجراً وأعطاه إيصالاً عن سداد الإيجار باسمه.
(وأن تكن إجراءات التنازل صحيحة إلا أنه باعتباره محصلاً لم يكن له أن يبدي رأيه فيها ويتخذ اللازم نحو إقرار التنازل من نفسه وكان عليه أن يطلب من المتنازل إليه عرض الأمر على الحراسة لإقراره ومن ثم يصدر إليه الأمر بما يتبعه واقترح خصم ثلاثة أيام من مرتبه عن تدخله في غير اختصاصه.
(وبهذه المناسبة أرجو التفضل بالإحاطة بأن سمعة السيد المذكور في عمله تلوكها الألسن في موضوعات شتى وأرى الاستغناء عنه رجاء التفضل بالموافقة على ذلك).
وفي 3 من سبتمبر سنة 1962 صدرت من الحارس العام تأشيرتان على ذات المذكرة وأمام تأشيرة المراقب كل منهما ممهورة بتوقيعه - نص الأولى (أوافق) ونص الثانية (ويستغنى عنه).
ثم في 10 من أكتوبر سنة 1962 أصدر الحارس العام القرار رقم 89 متضمناً النص على أنه (اعتباراً من اليوم الأول من شهر أكتوبر سنة 1962 يفصل من خدمة الحراسة السيد/ مرسي محمد السيد المحصل بمكتب الحراسة على أموال وممتلكات الخاضعين للأمر رقم 138 لسنة 1961 بالإسكندرية للتصرفات المنسوبة إليه في موضوع تنازل شركة التقدم الصناعي والزراعي عن الشقة رقم 2 بالعقار 129 شارع السيد محمد كريم).
ومن حيث إنه يتعين بادئ ذي بدء الوقوف على التكييف الصحيح للقرار الصادر بفصل المدعي - هل هو جزاء تأديبي يخضع للقواعد والإجراءات المقررة لذلك أو هو إنهاء لخدمته بسبب عدم صلاحيته للبقاء في وظيفته - ذلك أن فصل الموظف العام يتم بإحدى طريقتين - إما عن طريق التأديب أو بغير طريق التأديب - والفصل التأديبي يدخل في باب الجزاءات المنصوص عليها قانوناً أما الفصل غير التأديبي فمرده إلى وجوب هيمنة الإدارة على المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام فلزم أن يكون لها الحرية في اختيار من ترى فيهم الصلاحية لهذا الغرض من الموظفين وفصل من تراه غير صالح - وذلك من الملاءمات المتروكة لتقديرها بلا معقب عليها ما دام قرارها قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة وإذا كان الفصل التأديبي قوامه مخالفات محددة تثبت في حق الموظف فذلك مما لا يتطلبه الفصل بغير الطريق التأديبي الذي يكفي فيه قيام السبب المبرر له.
ومن حيث إن تأشيرتي الحارس العام المؤرختين 30 من سبتمبر سنة 1962 قد تضمنتا في الواقع من الأمر قرارين إداريين يستقل كل منهما عن الآخر بمحله وسببه أولهما هو الموافقة على ما اقترحه مراقب الحراسة من مجازاة المدعي بخصم ثلاثة أيام من مرتبه لإقحامه نفسه في أمر لا يدخل في اختصاصه بإقراره التنازل عن إيجار إحدى الشقق - وثانيهما هو الموافقة أيضاً على ما اقترحه المراقب من الاستغناء عن المدعي لسوء سمعته التي لاكتها الألسن في موضوعات شتى.
ومن حيث إن القرار المنشئ للمركز القانوني بالفصل والذي أنهى رابطة التوظف بين المدعي والحراسة هو قرار الحارس العام الصادر في 30 من سبتمبر سنة 1962 أما قراره رقم 89 الصادر في 10 من أكتوبر سنة 1962 فلا يعدو أن يكون تنفيذاً للقرار الأول اعتباراً من التاريخ التالي لصدوره وإذ كان سبب هذا القرار هو سوء سمعة المدعي فإنه لا اعتداد بما ورد في القرار التنفيذي من أن سبب الفصل هو ما نسب إلى المدعي في موضوع تنازل شركة التقدم الصناعي والزراعي عن الشقة المؤجرة لها إذ لا يعدو ذلك أن يكون خطأ مادياً في تبيان السبب الحقيقي للفصل الذي أفصح عنه قرار 30 من سبتمبر سنة 1962 المنشئ للمركز القانوني.
ومن حيث إنه إذا كان السبب الحقيقي لفصل المدعي هو فقدانه لشرط حسن السمعة على وجه جعله غير صالح للبقاء في وظيفته. فإن هذا الفصل لا يكون في الواقع من الأمر جزاء تأديبياً بل فصلاً غير تأديبي يكفي فيه قيام أسباب تبرره لدى الجهة الإدارية المختصة - وغني عن البيان أنه لا يلزم في هذا المجال وهو مجال الفصل غير التأديبي أن يواجه الموظف بما ينسب إليه وأن يحقق معه أو يسمع دفاعه فيه ذلك أن الفصل غير التأديبي يقوم على ما يتجمع لدى الجهة الإدارية من أسباب مستقاة من ملف الخدمة أو من الأوراق الأخرى أو من معلومات رؤساء الموظف عنه ويعتبر صحيحاً وقائماً على سببه المبرر له قانوناً متى استند إلى وقائع صحيحة وكانت الجهة الإدارية قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها في شأنه استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها - ورقابة القضاء الإداري لقيام هذا السبب لا تعني أن يحل نفسه محل جهة الإدارة فيما هو متروك لتقديرها ووزنها فيستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لديها من دلائل وبيانات وقرائن أحوال إثباتاً ونفياً في خصوص قيام أو عدم قيام الحالة الواقعية التي تكون ركن السبب أو يتدخل في تقدير خطورة هذا السبب وما يمكن ترتيبه عليه من آثار وإنما الرقابة التي لهذا القضاء تجد حدها الطبيعي كرقابة قانونية في التحقق مما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها أم لا وما إذا كان تكييف الوقائع بفرض وجودها مادياً صحيحاً أو خاطئاً.
ومن حيث إن الحراسة - حسبما يبين من الأوراق - قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها وهي عدم صلاحية المدعي للبقاء في وظيفته لفقدانه شرط حسن السمعة من تصرفات صدرت منه وأمور نسبت إليه فضلاً عن أنه - وهو محصل - قد أقحم نفسه في أمر ليس من اختصاصه وهو اعتماد التنازل عن إيجار إحدى الشقق الأمر الذي يضعه موضع الشبهة - فإنه قد نسب إليه مسلك غير قويم في الإجراءات التي اتخذتها الحراسة لبيع منقولات أحد المصانع بالمزاد العلني كما نسب إليه سوء التصرف على وجه من شأنه جلب متاعب ومشاكل للحراسة حسبما هو مبين في المذكرة المؤرخة في 21 من أكتوبر سنة 1962 المرفوعة من مراقب الحراسة إلى الحارس العام في شأن تظلم المدعي.
ومن حيث إنه لذلك وإذ استخلصت الحراسة من الوقائع المشار إليها أن المدعي فقد الصلاحية للبقاء في وظيفته فإن هذه النتيجة تكون مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها ويكون قرار فصله قائماً على سببه المبرر له قانوناً - وليس في الأوراق ما يفيد أن الحراسة بإصدارها هذا القرار قد انحرفت عن الجادة أو تنكبت وجه المصلحة العامة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى أن المدعي قد فصل من الخدمة بالطريق التأديبي دون أن يحقق معه فيما هو منسوب إليه في موضوع تنازل شركة التقدم الصناعي والزراعي عن إيجار شقتها وأنه من ثم يكون القرار الصادر بفصله مشوباً بعيب مخالفة القانون - إذ ذهب الحكم إلى ذلك يكون قد جانب الصواب ذلك أن فصل المدعي حسبما سبق البيان قد تم بغير الطريق التأديبي لفقدانه الصلاحية للبقاء في وظيفته لأسباب لها أصل ثابت في الأوراق وقدرت الجهة الإدارية خطورتها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون قرار فصل المدعي صحيحاً وقائماً على السبب المبرر له قانوناً وتكون دعواه غير قائمة على أساس سليم الأمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض تلك الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 49 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

تقدير كفاية الموظف بدرجة ضعيف عن ثلاث سنوات متتالية استناداً إلى حالته الصحية وانعكاس أثرها على عمله - فصله من الخدمة استناداً إلى هذه التقارير الثابت بها عدم لياقته الصحية - غير جائز - لا يجوز لجهة الإدارة أن تترك الوسيلة التي شرعها القانون لفصل الموظف بسبب عدم اللياقة الصحية.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 680

(89)
جلسة 16 من مارس سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد صلاح الدين السعيد ومحمد بهجت عتيبة. المستشارين.

القضية رقم 490 لسنة 12 القضائية

( أ ) موظف "درجة الكفاية". تقدير كفاية الموظف بدرجة ضعيف بسبب مرضه غير جائز - يتعين الحكم بإلغاء التقدير لأنه بني على غير سبب قانوني.
(ب) موظف "انتهاء الخدمة". تقدير كفاية الموظف بدرجة ضعيف عن ثلاث سنوات متتالية استناداً إلى حالته الصحية وانعكاس أثرها على عمله - فصله من الخدمة استناداً إلى هذه التقارير الثابت بها عدم لياقته الصحية - غير جائز - لا يجوز لجهة الإدارة أن تترك الوسيلة التي شرعها القانون لفصل الموظف بسبب عدم اللياقة الصحية.
1 - إن القانون رقم 210 لسنة 1951 لم يرتب على مرض الموظف النزول بكفايته والحط منها إلى درجة ضعيف، هذا الانتقاص الذي يؤثر تأثيراً مباشراً في ترقياته وعلاواته فيؤدي إلى حرمانه من أول علاوة دورية مع تخطيه في الترقية في السنة التي قدم عنها التقرير على ما تقضي به المادة 31 ويرتب في النهاية فصله من الخدمة إذا قدم عنه تقرير ثالث بدرجة ضعيف وفقاً لحكم المادة 32. وبناء عليه فإن الخروج على مقتضى هذه الأحكام والهبوط بكفاية الموظف إلى درجة ضعيف بسبب مرضه أمر يخالف حكم القانون.
2 - إن القانون رقم 210 لسنة 1951 كان يقضي في الفقرة (2) من المادة 107 منه بأن عدم اللياقة للخدمة صحياً سبب ينتهي به خدمة الموظف ونص القانون في المادة 109 منه على أن تثبت عدم اللياقة الصحية بقرار من القومسيون الطبي العام بناء على طلب الموظف أو الحكومة، فحدد القانون بذلك وسيلة إنهاء خدمة الموظف لعدم لياقته صحياً وإذا ابتغت الجهة الإدارية فصل المدعي بالتطبيق لحكم المادة 32 من القانون المذكور بتقدير كفايته عن عامي 1960، 1961 بدرجة ضعيف وأتبعته بتقرير ثالث لهذه الكفاية بدرجة ضعيف عن عام 1962 مستندة في ذلك إلى حالته الصحية وانعكاس أثرها على حسن اضطلاعه بعمله الوظيفي بما مؤداه أن فصل المدعي من الخدمة قد وقع بسبب عدم لياقته الصحية لممارسة عمله الوظيفي، فإن الجهة الإدارية تكون قد تركت الوسيلة الطبيعية التي شرعها القانون لإنهاء خدمة الموظف بسبب عدم لياقته صحياً واستبدلت بها وسيلة أخرى غير مقررة قانوناً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق.
تتحصل في أن المدعي (المطعون ضده) أقام الدعوى رقم 249 لسنة 11 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والإسكان والمرافق والإدارة المحلية والأوقاف والأزهر ضد السيدين وزير الصحة ومحافظ أسيوط بعريضة مودعة في 11 من مارس سنة 1964 طلب فيها الحكم بإلغاء التقرير السنوي بتقدير كفايته عن عام 1962 بدرجة ضعيف وإلغاء القرار رقم 1618 لسنة 1963 بفصله من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه أعلن في 13 من يوليه سنة 1963 بالتقرير السنوي عن عام 1962 بتقدير كفايته بدرجة ضعيف فتظلم منه في 28 من يوليه سنة 1963 إلى السيد/ مدير منطقة أسيوط الطبية، وفي 2 من سبتمبر سنة 1963 أعلن بالقرار رقم 1618 لسنة 1963 بفصله من الخدمة لحصوله على ثلاثة تقارير متتالية بدرجة ضعيف فتظلم منه في 12 من أكتوبر سنة 1963 إلى السيد وزير الصحة، ثم تقدم في 31 من أكتوبر سنة 1963 بطلب لإعفائه من رسوم دعوى طلب إلغاء القرارين المشار إليهما وقبل طلبه في 12 من فبراير سنة 1964 فأقام دعواه تأسيساً على أن سند الإدارة في تقدير كفايته في الأعوام 1960، 1961، 1962 بدرجة ضعيف كان لسبق إصابته بمرض عقلي وهو أمر خارج عن إرادة الموظف ولا يجوز أن يكون سبباً لتقدير كفاية الموظف بدرجة ضعيف وفضلاً عن ذلك فإن الرئيس المباشر قدر كفايته في عام 1962 بتقدير مرض إذ منحه 55 درجة منها 15 درجة في عنصر السرعة والإنتاج وبنى تقديره هذا على أن الموظف بطيء الإنتاج لاضطراب ذهنه نظراً لسبق مرضه بمرض عقلي وقد خفض المدير المحلي هذه الدرجة إلى صفر مما أدى إلى خفض مجموع الدرجات من 55 إلى درجة إلى 40 والتقدير من مرض إلى ضعيف، ونعى على تخفيض درجته في عنصر السرعة والإنتاج إلى الصفر انحرافه بالسلطة لأن معناه أنه لا يقوم بأي عمل في حين أنه كان يباشر عمله طوال عام 1962 بوظيفة كاتب رعاية الطفل بساحل سليم وكان يؤدي هذا العمل بمفرده ولم يتأخر فيه وخلص المدعي إلى أن تقدير كفايته في عام 1962 بدرجة ضعيف باطل وبإلغائه ينهار الأساس الذي قام عليه فصله ويتعين الحكم بإلغائه أيضاً.
ومن حيث إن الجهة الإدارية أجابت بأن المدعي يشغل الدرجة السابعة منذ 18 من يناير سنة 1950 وقدرت كفايته في عامي 1960، 1961 بدرجة ضعيف ثم عرض أمره على المحكمة التأديبية تنفيذاً للمادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فقضت بجلستها المنعقدة في 16 من أكتوبر سنة 1962 بنقله إلى وظيفة أخرى وقدرت كفايته عن عام 1962، بدرجة ضعيف، وفي 29 من أغسطس سنة 1963 أصدر السيد وكيل الوزارة القرار رقم 1618 بفصله. وأضافت أن الرئيس المباشر قدر كفاية المدعي في عام 1962 بدرجة مرض وقد قدر المدير المحلي درجة كفايته بضعيف لأنه لا يبدي اهتماماً بأعماله ولا يريد تحمل مسئوليتها وقدر رئيس المصلحة ولجنة شئون الموظفين درجة كفايته بضعيف وثبت في التقرير أنه جوزي بخصم ثلاثة أيام من مرتبه في 21 من مايو سنة 1962 لعدم قيامه بقيد بعض الاستمارات الواردة له من مستشفى البدارى في 1 من يناير سنة 1962 في دفاتر المراقبة وإهماله في قيد المعونة الأجنبية بالدفاتر المعدة لذلك (تحقيق النيابة الإدارية بأسيوط في القضية رقم 77 لسنة 1962) كما جوزي بخصم يومين في 14 من أغسطس سنة 1962، بسبب إهماله في المحافظة على باقي عهدته مما ترتب عليه وجود عجز بها (القضية رقم 84، 124 لسنة 1962) وأنه متى كان الأمر كذلك فيكون هذا التقرير قد مر بالمراحل التي رسمها القانون رقم 210 لسنة 1951 في المادة 31 منه وقام على أساس من الحق والواقع ومن ثم وجب أن ينتج أثره فيفصل المدعي بقوة القانون.
وبجلسة 20 من ديسمبر سنة 1965 قضت المحكمة بإلغاء التقرير السنوي المقدم عن المدعي عن عام 1962 بتقدير كفايته بدرجة ضعيف والقرار رقم 1618 لسنة 1963 بفصله من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن منح المدعي درجة صفر في عنصر السرعة والإنتاج بدلاً من درجة 15 قررها الرئيس المباشر لهذا العنصر إنما يكون في حالة ما إذا كان المدعي لا يؤدي الأعمال المنوط به القيام بها ويتأخر في إنجازها، ولم ينسب الرئيس المباشر للمدعي أو المدير المحلي له مثل هذه الأمور إذ أثبت الرئيس المباشر في خانة الملاحظات أمام هذا العنصر أن الموظف بطيء الإنتاج لاضطراب ذهنه نظراً لسبق مرضه بمرض عقلي وفرق بين أن يكون الموظف بطيء الإنتاج وأن يكون غير منتج أصلاً. وأنه متى كان الثابت من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه لم يجر معه أي تحقيق بشأن عدم قيامه بما يسند إليه من أعمال في العمل الجديد الذي نقل إليه بعد حصوله على تقريرين متتاليين بدرجة ضعيف فإن التقدير والحالة هذه يكون غير مستمد من عناصر ثابتة ومستخلصة استخلاصاً سائغاً من ملف خدمة المدعي ومن ثم يكون التقرير المقدم عن المدعي عن عام 1962 حقيقاً بالإلغاء وينهار بناء عليه قرار فصل المدعي من الخدمة كأثر لإلغاء التقرير المذكور.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القرار الصادر بتقدير كفاية المطعون ضده بدرجة ضعيف في سنة 1962 قد صدر سليماً مطابقاً لأحكام القانون وممن يملكه بعد استيفاء جميع الإجراءات واستند إلى الأسباب التي تبرره على الوجه الذي أوضحته الجهة الإدارية في دفاعها أمام المحكمة الإدارية وأنه لا رقابة للقضاء الإداري على هذا التقدير لتعلقه بصحيح اختصاص الإدارة ولا يحد من سلطتها في هذا الشأن سوى عيب إساءة استعمال السلطة، وهو أمر لم يقم عليه دليل، وإذا كان هذا هو التقرير الثالث الذي يقدم عن المدعي بدرجة ضعيف على التوالي فإن القرار الصادر بفصله يكون مطابقاً للقانون وفقاً لحكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون. وانتهى الطعن إلى طلب الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه استناداً إلى أن تقدير كفاية المطعون ضده عن عام 1962 بدرجة ضعيف قد قام على سببه إذ أثبت المدير المحلي أن المطعون ضده لا يبدي أي اهتمام بأعماله ولا يريد تحمل مسئوليتها كما أنه جوزي في 21 من مايو سنة 1962 بخصم ثلاثة أيام من مرتبه لإهماله في المحافظة على عهدته ووافقت لجنة شئون الموظفين على ذلك ولم يثبت المطعون ضده سوء استعمال السلطة. ولما كان الأمر كذلك فإن قرار الفصل يكون قد بني على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه يتضح من الاطلاع على أوراق الطعن أن المدعي كان يعمل في عام 1960 مساعد معمل بوزارة الصحة وقدرت كفايته في هذا العام بمرتبة ضعيف وأثبت رئيسه المباشر في هذا التقرير أنه "مريض عصبياً وقد قرر القومسيون الطبي العام ضرورة نقله من عمله بالمعامل إلى وظيفة أخرى كما أنه أمضى فترة طويلة من السنة في إجازات مرضية فكان إنتاجه ضعيفاً خلال السنة". وفي عام 1961 عمل المدعي بمراقبة العهد وقدرت كفايته في هذا العام بمرتبة ضعيف وأثبت رئيسه المباشر أنه "مريض باضطراب عقلي وغير قادر على فهم والإلمام بعمله" وبناء على ذلك نقل المدعي إلى وظيفة كتابية في شهر يوليه سنة 1962 وعرض أمره على المحكمة التأديبية المختصة إعمالاً لحكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة فقررت بجلستها المعقودة في 16 من أكتوبر سنة 1962 نقله إلى وظيفة أخرى بذات درجته ومرتبه. ويبين من التقرير السنوي السري الذي وضع عن المدعي عن عام 1962 أنه كان قائماً بالأعمال الكتابية ووقع عليه جزاءان في 21 من مايو و14 من أغسطس سنة 1962 بخصم ثلاثة أيام ويومين من مرتبه وقدر له الرئيس المباشر 55 درجة بمرتبة مرضي وأثبت بصدد مادة العمل والإنتاج أن "الموظف بطيء الإنتاج لاضطراب ذهنه لسبق مرضه بمرض عقلي" وأشار بالنسبة لمادة الصفات الشخصية إلى أنه "أحياناً هادئ ومستعد التعامل وأحياناً مضطرب" ثم خفض المدير المحلي درجة عنصر السرعة والإنتاج من 15 درجة إلى صفر فأصبح مجموع الدرجات 40 درجة بمرتبة ضعيف وقرر المدير المحلي أن "المذكور لا يبدي أي اهتمام بأعماله ولا يريد تحمل مسئوليتها" وأقر رئيس المصلحة ولجنة شئون الموظفين هذا التقدير. وفي 25 من أغسطس سنة 1963 أصدر السيد وكيل وزارة الصحة القرار رقم 1618 لسنة 1963 بفصل المدعي من الخدمة اعتباراً من 22 من مايو سنة 1963 تاريخ حصوله على التقرير السري الثالث بدرجة ضعيف.
ومن حيث إن التقرير السري السنوي المقدم عن الموظف بالتطبيق لحكم المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن موظفي الدولة الذي فصل المدعي في ظله بعد استيفاء مراحله يعد بمثابة قرار إداري نهائي يؤثر مآلاً في الترقية أو منح العلاوة أو الفصل ومن ثم يندرج في الطلبات المنصوص عليها في الفقرتين الثالثة والخامسة من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة والتي خول القضاء الإداري سلطة الفصل فيها. وبالبناء على ذلك فإن القرار الصادر بتقدير كفاية الموظف متى أصبح نهائياً فإنه يجوز لصاحب الشأن أن يطعن فيه بالإلغاء في المواعيد المقررة قانوناً شأنه في ذلك شأن القرارات الإدارية التي يختص القضاء الإداري فيها. ومقتضى ذلك اختصاص القضاء الإداري بالنظر في طلب المدعي في شقه الخاص بإلغاء التقرير السنوي المقدم عنه عام 1962 بتقدير كفايته بدرجة ضعيف.
ومن حيث إن إصابة الإنسان بمرض معين وتدهور حالته الصحية بدنياً أو عقلياً أو نفسياً نتيجة لذلك من الأمور التي تخرج بطبيعتها كأصل عام عن إرادته فلا يستطيع لها رداً أو دفعاً ويظل الإنسان رهين هذا المرض ونهباً لانعكاس آثاره إلى أن يكتب له البرء منه فيوضع عن كاهله عبؤه وينزاح عن صدره كابوسه الجاثم. ومتى كان الأمر كذلك فإنه لا يستساغ في منطق العقل والقانون أن يؤاخذ المريض بمرضه إلا في الحدود التي رسمها القانون وبالأوضاع التي حددها، فإذا لم يلتزم القرار الإداري هذا السنن كان مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن القانون رقم 210 لسنة 1951 سالف الذكر لم يرتب على مرض الموظف النزول بكفايته والحط منها إلى درجة ضعيف، هذا الانتقاص الذي يؤثر تأثيراً مباشراً في ترقياته وعلاواته فيؤدي إلى حرمانه من أول علاوة دورية مع تخطيه في الترقية في السنة التي قدم فيها التقرير على ما تقضي به المادة 31 ويترتب في النهاية فصله من الخدمة إذا قدم عنه تقرير ثالث بدرجة ضعيف وفقاً لحكم المادة 32. وبناء عليه فإن الخروج على مقتضى هذه الأحكام والهبوط بكفاية الموظف إلى درجة ضعيف بسبب مرضه أمر يخالف حكم القانون.
ولما كان المستفاد من استقراء الأوراق على النحو الذي سلف بيانه أن تقدير كفاية المدعي في عام 1962 بدرجة ضعيف - وهو التقدير المطعون فيه - قد قام أساساً على اضطراب ذهنه وحالته العصبية بسبب مرضه العقلي الذي بدأ منذ سنة 1960 واعتبر ذلك مبرراً لتقدير كفايته في هذا العام بدرجة ضعيف حيث أشار المدير المحلي إلى أنه مريض عصبياً وأمضى فترة طويلة من السنة في إجازات مرضية وقرر القومسيون الطبي العام ضرورة نقله من عمله بالمعامل إلى وظيفة أخرى كما اعتبر هذا المرض سبباً لتقدير كفايته في عام 1961 بدرجة ضعيف أيضاً إذ أثبت المدير المحلي أنه مريض باضطراب عقلي وغير قادر على فهم عمله والإلمام به. ولما كان الحال كذلك وكانت كفاية المدعي من قبل تتراوح بين جيد ومرضي فإن تقدير كفاية المدعي في عام 1962 بدرجة ضعيف يكون قد بني على غير سبب قانوني ويتعين الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن القانون رقم 210 لسنة 1951 كان يقضي في الفقرة (2) من المادة 107 منه بأن عدم اللياقة للخدمة صحياً سبب ينتهي به خدمة الموظف ونص القانون في المادة 109 منه على أن تثبت عدم اللياقة الصحية بقرار من القومسيون الطبي العام بناء على طلب الموظف أو الحكومة، فحدد القانون بذلك وسيلة إنهاء خدمة الموظف لعدم لياقته صحياً وشرط لذلك أن يقرر القومسيون الطبي العام عدم لياقة الموظف صحياً وإذ ابتغت الجهة الإدارية إلى فصل المدعي بالتطبيق لحكم المادة 32 من القانون المذكور بتقدير كفايته عن عامي 1960، 1961 بدرجة ضعيف واتبعته بتقدير ثالث لهذه الكفاية بدرجة ضعيف عن عام 1962 مستندة في ذلك إلى حالته الصحية وانعكاس أثرها على حسن اضطلاعه بعمله الوظيفي بما مؤداه أن فصل المدعي من الخدمة قد وقع بسبب عدم لياقته الصحية لممارسة عمله الوظيفي فإنه فضلاً عن انهيار قرار فصل المدعي نتيجة لإلغاء قرار تقدير كفايته في عام 1962 لارتباط القرار الأول بالثاني ارتباط النتيجة بالسبب بحيث يسقط قرار الفصل بسقوط سببه، فإن الجهة الإدارية قد تركت الوسيلة الطبيعية التي شرعها القانون لإنهاء خدمة الموظف بسبب عدم لياقته صحياً واستبدلت بها وسيلة أخرى غير مقررة قانوناً في هذا الصدد ويكون قرارها والحالة هذه غير سليم قانوناً جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء القرارين المطعون فيهما فإنه يكون قد أصاب وجه الحقيقة فيما انتهى إليه، ويكون الطعن عليه على غير أساس سليم من القانون مما يتعين معه القضاء برفضه مع إلزام الحكومة الطاعنة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 51 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة البوليس - نصه على أسباب انتهاء خدمة المتطوع ومن بينها انتهاء مدة التطوع - مؤداها - انتهاء صلة المتطوع بوظيفته بحلول أجل التطوع دون حاجة إلى قرار يصدر بذلك - إذا رأت الإدارة تجديد مدة التطوع فيتعين أن يصدر قرار بذلك.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 711

(94)
جلسة 23 من مارس سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 880 لسنة 10 القضائية

تطوع. موظف "انتهاء خدمة". هيئة البوليس. القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة البوليس - نصه على أسباب انتهاء خدمة المتطوع ومن بينها انتهاء مدة التطوع - مؤداها - انتهاء صلة المتطوع بوظيفته بحلول أجل التطوع دون حاجة إلى قرار يصدر بذلك - إذا رأت الإدارة تجديد مدة التطوع فيتعين أن يصدر قرار بذلك.
وفقاً لأحكام القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة البوليس تنتهي خدمة المتطوع في الشرطة بأسباب عدة من بينها عدم تجديد التطوع - وتجديد مدة التطوع رخصة تملكها الإدارة بسلطتها التقديرية لمقتضيات المصلحة العامة فلها أن تجيب الراغب في التطوع إلى طلب التجديد بعد انتهاء مدة تطوعه دون إلزام عليها في ذلك ولها أن ترفض هذا الطلب وفقاً لما تمليه عليها المصلحة العامة دون معقب عليها في هذا الشأن ما دام قرارها قد خلا من إساءة استعمال السلطة - وإذ كانت مدة التطوع محددة وموقوتة تنتهي حتماً بانتهاء الأجل المحدد لها ما لم تجدد وينبني على ذلك أن صلة المتطوع بوظيفة تنتهي بحلول هذا الأجل بدون حاجة إلى قرار يصدر بذلك فلا يكون إعلان المتطوع بفصله من الخدمة لعدم الموافقة على تجديد تطوعه منشئاً لمركز قانوني جديد له بل مقرراً لواقعة انتهاء خدمته بانتهاء مدة تطوعه وانصراف نية الإدارة إلى عدم إعادة التجديد لمدة تالية - أما إذا رأت الإدارة إجابة المتطوع إلى طلب تجديد مدة تطوعه فإنه يتعين صدور قرار بذلك يكون من شأنه استمرار المتطوع في الوظيفة التي كان يشغلها بعد انتهاء المدة السابقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل في 29 من مايو سنة 1962 أقام الرقيب عبد العزيز محمد حسن الدعوى رقم 173 لسنة 9 القضائية ضد السيد وزير الداخلية طالباً الحكم باعتبار مدة خدمته السابقة على قرار الإيقاف في 5 من ديسمبر سنة 1957 إلى 31 من ديسمبر سنة 1959 وقرار فصله من أول يناير سنة 1960 إلى تاريخ عودته للخدمة في 18 من سبتمبر سنة 1960 متصلة بمدة خدمته الحالية وما يترتب على ذلك من آثار منها صرف مرتبه عن هذه المدة وما يستحقه من علاوات دورية وقال شرحاً لدعواه إنه التحق بخدمة الشرطة في أول يناير سنة 1940 بمديرية أمن الجيزة وبينما كان يعمل في مديرية أمن القاهرة بقسم شرطة قصر النيل اتهم في أول ديسمبر سنة 1957 في الجنحة رقم 5147 سنة 1957 قسم ثاني الجيزة وأوقف عن عمله ابتداء من 5 من ديسمبر سنة 1957 - وفي 5 من مايو سنة 1960 قضت محكمة جنح الجيزة بحبسه ستة أشهر فاستأنف لهذا الحكم وبجلسة 8 من يونيه سنة 1960 قضت المحكمة الاستثنائية ببراءته مما نسب إليه وبإلغاء حكم أول درجة - وظل موقوفاً عن عمله من 5 من ديسمبر سنة 1957 حتى أول يناير سنة 1960 - ولم يوافق مدير أمن القاهرة بقراره الصادر في 14 من ديسمبر سنة 1959 على تجديد تطوعه اعتباراً من التاريخ المذكور فتظلم من هذا القرار وانتهى مفوض الدولة إلى قبول التظلم وسحب القرار المتظلم منه لعدم استناده إلى سبب صحيح من الواقع أو القانون - وفي 6 من سبتمبر سنة 1961 رفع السيد مفتش الداخلية مذكرة إلى مدير التفتيش العام طالباً سحب قرار الفصل لبطلانه ووافق وكيل الوزارة على إلغاء القرار المذكور إعادته إلى عمله - واستلم العمل في 8 من سبتمبر من سنة 1961 بقسم شرطة قصر النيل بدرجة رقيب وراتبه - وأضاف المدعي أن نية الإدارة قد اتجهت إلى سحب قرار الفصل الصادر في أول يناير سنة 1960 لأن قرار إعادته إلى الخدمة قد صدر بناء على التظلم المقدم منه بعد أن رفضت مديرية الأمن عودته فلم تطلب منه مسوغات تعيين جديدة ولم يعين ببداية الأجر المقرر لوظيفته فتعتبر مدة خدمته متصلة ويكون من حقه أن يقضى له بحقوقه المترتبة على سحب القرار المذكور من مرتب وعلاوات دورية وغير ذلك.
وأودع المدعي مذكرة بدفاعه ردد فيها ما تضمنته صحيفة الدعوى وذكر أنه لم يكن له دخل في الاتهام الذي وجه إليه وأنه كان على الإدارة أن تتريث لحين الفصل في الدعوى الجنائية وأنه لذلك يستحق مرتبه عن مدة الوقف ويطالب احتياطياً أن يعوض بما يوازي هذا المرتب.
وأجابت وزارة الداخلية على الدعوى بمذكرة قالت فيها إن مدة خدمة المدعي انتهت لعدم الموافقة على تجديد تطوعه بتاريخ أول يناير سنة 1960 وأنه كان قبل ذلك موقوفاً عن العمل اعتباراً من 5 ديسمبر سنة 1957 لاتهامه في جنحة إخفاء أشياء مسروقة رقم 5417 قسم ثان الجيزة سنة 1957 وفي 18 من سبتمبر سنة 1961 أعيد إلى عمله - وأضافت أن طبيعة الرابطة القانونية التي تربط بين الموظف والإدارة تختلف عن تلك التي تقوم بينها وبين العسكريين من ضباط الصف والمساعدين بالقوات المسلحة والشرطة بطريق التطوع إذ أن علاقة التطوع علاقة مؤقتة تنتهي بقوة القانون بعدم تجديدها وذلك هو ما تقضي به المادة 4 من القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة البوليس فالقرار الذي يصدر بالفصل من الخدمة لعدم تجديد التطوع لا يعتبر قرار منشئاً لحالة جديدة إنما يعتبر كاشفاً لوضع قرره القانون وإذ كان الثابت أن خدمة المدعي لم تجدد فإن الرابطة الوظيفية تكون قد انقطعت بعدم صدور قرار التجديد ومن ثم فإن إعادته إلى الخدمة تعتبر تعييناً جديداً لا سحباً لقرار الفصل فلا يحق للمدعي طلب اعتبار مدة خدمته متصلة كما لا يستحق أي مرتب عن المدة من تاريخ وقفه حتى تاريخ إعادته للعمل وفضلاً عن ذلك فقد نصت المادة 126 من القانون رقم 234 لسنة 1955 على أن.. يترتب على الوقف عدم صرف المرتب ابتداء من تاريخ الوقف ما لم يقرر من أصدر قرار الوقف غير ذلك وقد رأت الإدارة عدم استحقاقه لمرتبه عن مدة الوقف بما لها من سلطة تقديرية لا يحدها إلا عيب إساءة استعمال السلطة وذلك بالإضافة إلى أن المدعي "لم يؤد أي عمل من تاريخ وقفه حتى تاريخ عودته إلى العمل والأجر مقابل العمل - وطلبت الوزارة استبعاد التعويض لعدم سداد الرسوم عليه وذكرت أنه طلب جدير بالرفض لأنه وفقاً لإقرار التطوع لا يستحق المتطوع تعويضاً عند فصله من الخدمة سواء تم هذا الفصل قبل انتهاء مدة التطوع أو لعدم تجديدها سواء تم ذلك لسبب تأديبي أو للاستغناء وذلك بالإضافة إلى أن جهة الإدارة لم ترتكب خطأ بوقف المدعي عن العمل الذي قام على أسباب سائغة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن جهة الإدارة وقد استبان لها عدم مشروعية القرار الصادر بفصل المدعي قد أخذت بالأسباب التي أوردها السيد مفوض الدولة في تقريره بشأن تظلم المدعي وقد تضمن هذا التقرير أن استناد القرار المتظلم منه إلى اتهام المتظلم في الجنحة رقم 5417 قسم ثان الجيزة سنة 1957 لم يعد قائماً على أساس بعد أن قضي استئنافياً ببراءة المتظلم مما أسند إليه وأن ما جاء بمذكرة قسم قصر النيل من أن المتظلم سيء السير والسلوك ومعلوم عنه عدم النزاهة في عمله قول مرسل لا دليل عليه - وقد أفصحت الأوراق عن نية الإدارة في سحب القرار الصادر بفصل المدعي لإصدار قرار تعيين جديد ومقتضى القرار الساحب اعتبار القرار المسحوب كأن لم يكن ومن ثم تعتبر خدمته متصلة ولا يغير من هذا أن تعيين ضابط الصف وعساكر الدرجة الأولى يكون طبقاً للمادة 116 من القانون رقم 234 لسنة 1955 بطريق التطوع مدة خمس سنوات قابلة للتجديد فالتجديد يعتبر امتداداً للمدة لا تعييناً جديداً وعدم الموافقة على التجديد يعتبر إنهاء للرابطة الوظيفية - والأصل وفقاً لحكم المادة 126 من القانون المذكور هو عدم صرف المرتب عن مدة الوقف إلا إذا رأى مصدر قرار الوقف صرفه وإذ قررت مصلحة الشرطة عدم الموافقة على صرف المرتب عن مدة الوقف فإن قرارها يكون قد صدر إعمالاً لسلطتها التقديرية ويكون المدعي غير محق في المطالبة بمرتبه عن مدة الوقف - وإنه ولئن كان الأصل أن المرتب مقابل العمل إلا أنه إذا كان قد حيل بين الموظف وبين تأدية عمله بسبب ظروف خارجية عن إرادته ونتيجة فعل الإدارة فإنه لا يجوز حرمانه من مرتبه عن هذه الفترة ويكون المدعي محقاً في المطالبة براتبه عن المدة من أول يناير سنة 1960 إلى 17 من سبتمبر سنة 1961 باعتبار ذلك من الآثار المترتبة على سحب القرار الصادر بفصله.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن علاقة المتطوع بجهة الإدارة هي علاقة مؤقتة تنتهي بقوة القانون بانتهاء مدة التطوع وعدم تجديده وإذ كانت مدة تطوع المدعي لم تجدد عند انتهائها في 31 من ديسمبر سنة 1959 فإن الرابطة الوظيفية تكون قد انفصمت وتعتبر إعادته إلى الخدمة تعييناً جديداً فلا يحق له طلب اعتباره مدة خدمته متصلة ولا يستحق مرتباً إلا من تاريخ استلامه العمل - أما مدة الخدمة السابقة على ذلك فلا يستحق عنها مرتباً وذلك فضلاً عن أنه لم يؤد فيها عملاً - ولو صح ما ذهب إليه الحكم من أن إعادته إلى الخدمة تعتبر سحباً لقرار الفصل فإن النتيجة التي تترتب على ذلك هي أن تعود الحال إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار بعدم تجديد تطوعه ومقتضى ذلك أن يعتبر في أول يناير سنة 1960 موقوفاً عن العمل لأنه كان كذلك قبل صدور القرار بعدم تجديد التطوع وأن يستمر موقوفاً حتى تاريخ عودته للعمل ومن آثار ذلك ألا يستحق مرتباً عن فترة الوقف - يضاف إلى ذلك أن إقرار التطوع يتضمن النص على حق الوزارة في فصله في أي وقت دون أن يكون له حق طلب تعويض عن هذا الفصل فلا يجوز القضاء بالمرتب كتعويض فضلاً عن أن القضاء بالمرتب كتعويض هو قضاء بطلب تسدد عنه الرسوم القضائية المستحقة.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي قد التحق بخدمة الشرطة بطريق التطوع لمدة خمس سنوات من أول يناير سنة 1940 جددت لمدة مماثلة من أول يناير سنة 1950 ثم لمدة ثالثة من أول يناير سنة 1955 وكانت مدة تطوعه الأخير تنتهي في 31 من ديسمبر سنة 1959 وقد أوقف عن العمل في 5 من ديسمبر سنة 1957 لاتهامه في قضية الجنحة رقم 5417 لسنة 1957 قسم ثان الجيزة بالاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة سرقة وفي 17 من ديسمبر سنة 1957 قدم مأمور قسم قصر النيل تقريراً عنه تضمن أنه سيء السير والسلوك وأنه معلوم عنه عدم النزاهة أثناء عمله بالقسم - وفي 26 من ديسمبر سنة 1959 تقرر عدم الموافقة على تجديد تطوعه ووجه إليه (إعلان رفت) تضمن أنه قد تقرر فصله من الخدمة اعتباراً من أول يناير سنة 1960 لعدم الموافقة على تجديد تطوعه - وفي 5 من مايو سنة 1960 حكم في قضية الجنحة المشار إليها بحبسه ستة أشهر مع الشغل والنفاذ فاستأنف هذا الحكم وبجلسة 8 من يونيه سنة 1960 قضت محكمة الجيزة الكلية بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة إليه وببراءته بانية قضاءها بذلك على أن الدلائل التي في الأوراق لا تكفي لإدانته لأن الدليل قبله ينحصر في أقوال اثنين من المتهمين لا تكفي لإدانته - وتقدم المدعي عقب الحكم ببراءته بتظلمات طلب فيها إعادته إلى الخدمة ولكن مديرية أمن القاهرة لم توافق على ذلك نظراً إلى أن الحكم ببراءته كان لعدم كفاية الأدلة - وعرض تظلم المدعي على مفوض الدولة لوزارة الداخلية الذي انتهى في 7 من مايو سنة 1961 إلى أنه يرى قبول هذا التظلم وسحب القرار المتظلم منه لعدم استناده، إلى سبب صحيح من الواقع والقانون وذلك تأسيساً على أن مديرية أمن القاهرة لم توافق على تجديد تطوع المدعي لسببين أولهما أنه اتهم في قضية الجنحة رقم 5417 سنة 1957 وثانيهما أنه جاء بمذكرة قسم قصر النيل أنه سيء السير والسلوك ومعلوم عنه عدم النزاهة أثناء عمله بالقسم - وأنه لا يجوز الاستناد إلى السبب الأول بعد أن قضي ببراءته وأن السبب الثاني لا يقوم على وقائع ثابتة محددة بل جاء مرسلاً لا دليل عليه ويؤكد عدم صحته أن الأوراق خالية مما يشين المدعي أو يدمغه بسوء السلوك - كما قامت مصلحة التفتيش بالوزارة ببحث تظلم المدعي وانتهت في 4 من سبتمبر سنة 1961 إلى ذات النتيجة التي انتهى إليها مفوض الدولة - وعرض الموضوع على، وكيل الوزارة الذي وافق على ما انتهى إليه البحث من بطلان قرار الفصل وطلب تنفيذ ذلك وقد ألغي القرار المذكور وأعيد المدعي إلى الخدمة واستلم العمل في 18 من سبتمبر سنة 1961.
ومن حيث إن خدمة المدعي كانت حسبما سبق البيان بطريق التطوع بمقتضى إقرار ينص على الآتي: (أقر بأني قابل للخدمة في البوليس بصفة متطوع اعتباراً من 1/ 1/ 1955 لمدة خمس سنوات كاملة تستبعد منها المدد التي قد تفقد من خدمتي بمقتضى البند 28 بالباب الثامن من قانون البوليس وأني أقبل الخضوع لكافة القوانين واللوائح العسكرية المعمول بها الآن والتي تصدر أثناء وجودي بالخدمة وأن أحاكم أمام المجالس العسكرية عما يقع مني من الأمور المخالفة لتلك القوانين واللوائح وأتعهد أيضاًَ بعدم ترك الخدمة قبل انقضاء الخمس سنوات السابق ذكرها وإلا اعتبرت فاراً من الخدمة وأعترف أن لوزارة الداخلية الحق برفتي من الخدمة في أي وقت كان متى تراءى لها أوفقية ذلك قبل انتهاء مدة الخمس سنوات بدون أن يكون لي أدنى حق يطلب تعويضات أو خلافها من الحكومة وقد وقعت على هذا التعهد للمعاملة به عند الاقتضاء) - وظاهر من ذلك أن العلاقة التي تربط المدعي بالحكومة على أساس التطوع هي علاقة قانونية مؤقتة تحكمها القوانين واللوائح القائمة وقت تطوعه وما يصدر من قوانين أو لوائح أخرى بعد ذلك ووفقاً لأحكام القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة البوليس تنتهي خدمة المتطوع في الشرطة بأسباب عدة من بينها عدم تجديد التطوع - وتجديد مدة التطوع رخصة تملكها الإدارة بسلطتها التقديرية وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة فلها أن تجيب الراغب في التطوع إلى طلب التجديد بعد انتهاء مدة تطوعه دون إلزام عليها في ذلك ولها أن ترفض هذا الطلب وفقاً لما تمليه عليها المصلحة العامة دون معقب عليها في هذا الشأن ما دام قرارها قد خلا من إساءة استعمال السلطة - وإذ كانت مدة التطوع محددة وموقوتة فإنها تنتهي حتماً بانتهاء الأجل المحدد لها ما لم تجدد وينبني على ذلك أن صلة المتطوع بوظيفته تنتهي بحلول هذا الأجل بدون حاجة إلى قرار يصدر بذلك فلا يكون إعلان المتطوع بفصله من الخدمة لعدم الموافقة على تجديد تطوعه منشئاً لمركز قانوني جديد له بل مقرراً لواقعة انتهاء خدمته بانتهاء مدة تطوعه وانصراف نية الإدارة إلى عدم إعادة التجديد لمدة تالية - أما إذا رأت الإدارة إجابة المتطوع إلى طلب تجديد مدة تطوعه فإنه يتعين صدور قرار بذلك يكون من شأنه استمرار المتطوع في الوظيفة التي كان يشغلها بعد انتهاء المدة السابقة.
ومن حيث إن الثابت في الأوراق أن الجهة الإدارية المختصة - بما لها من سلطة تقديرية - لم توافق على تجديد مدة تطوع المدعي لاتهامه بالاشتراك في جريمة سرقة ولا شك في أنها قد صدرت في تصرفها هذا عن اعتبارات متعلقة بالمصلحة العامة مقتضاها عدم الإبقاء في خدمة مرفق الأمن على متطوع كان موضع شبهات تمس أمانته - فقرارها في هذا الشأن سليم ما دام قد خلا من إساءة استعمال السلطة - ولا يقدح في سلامته صدور حكم بعد ذلك من محكمة الجيزة الكلية بإلغاء الحكم الصادر بإدانة المدعي لعدم كفاية الأدلة - ولا يعتبر القرار المذكور منشئاً لمركز قانوني جديد للمدعي بل كاشفاً عن واقعة انتهاء خدمته بانتهاء مدة تطوعه في 21 من ديسمبر سنة 1959 - وينبني على ذلك أن القرار الصادر بإعادة المدعي إلى الخدمة اعتباراً من 18 من سبتمبر سنة 1961 لا يعتبر في الواقع من الأمر قراراً ساحباً لقرار إنهاء خدمته - بل هو في حقيقته بمثابة تعيين جديد بطريق التطوع.
ومن حيث إنه لذلك يكون طلب المدعي اعتبار مدته متصلة وطلبه صرف مرتبه من تاريخ انتهاء مدة تجديد تطوعه إلى تاريخ عودته إلى العمل غير قائمين على أساس سليم وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون قد جانب الصواب الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه فيما قضى به من إجابة المدعي إلى هذين الطلبين والحكم برفضهما وتأييده فيما عدا ذلك وإلزام المدعي بكامل المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من أحقية المدعي في اعتبار مدة خدمته متصلة وما يترتب على ذلك من آثار وصرف راتبه عن المدة من أول يناير سنة 1960 إلى 17 من سبتمبر سنة 1961، وبرفض هذين الطلبين وتأييد الحكم فيما عدا ذلك وألزمت المدعي بكامل المصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 47 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

اعتبار انقطاع الموظف عن العمل، بغير إذن وبدون تقديم أعذار مقبولة، لمدة خمسة عشر يوماً متتالية في حكم الاستقالة - يجوز لجهة الإدارة اعتبار غيابه مخالفة إدارية تستوجب مجازاته وفي هذه الحالة لا يجوز اعتباره مستقيلاً.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1968 إلى منتصف فبراير سنة 1969) - صـ 300

(39)
جلسة 25 من يناير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين محمد السعيد المستشارين.

القضية رقم 680 لسنة 13 القضائية

موظف "إنهاء خدمة. أسبابها". "الاستقالة".
اعتبار انقطاع الموظف عن العمل، بغير إذن وبدون تقديم أعذار مقبولة، لمدة خمسة عشر يوماً متتالية في حكم الاستقالة - يجوز لجهة الإدارة اعتبار غيابه مخالفة إدارية تستوجب مجازاته وفي هذه الحالة لا يجوز اعتباره مستقيلاً.
إن لجهة الإدارة إذا ما انقطع العامل عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولم يقدم أعذاراً مقبولة خلال الخمسة عشر يوماً التالية إما أن تفصله من العمل ويقوم الفصل في هذه الحالة على قرينة قانونية هي اعتباره مستقيلاً، وإما أن تتخذ ضده الإجراءات التأديبية باعتبار أن غيابه بدون إذن يشكل مخالفة إدارية تستوجب مجازاته وفي هذه الحالة الأخيرة لا يجوز اعتباره مستقيلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي، السيد/ عبد الحكيم عبد السلام أحمد، أقام الدعوى رقم 2891 لسنة 19 القضائية ضد وزارة الري وتفتيش عام ضبط النيل بصحيفة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري "هيئة الجزاءات والفصل بغير الطريق التأديبي" في 31 من مايو سنة 1965 طالباً الحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم 438 لسنة 1964 الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1964 بإنهاء خدمته اعتباراً من أول أغسطس سنة 1964 وما يترتب على ذلك من آثار بإعادته إلى عمله وصرف مرتبه عن المدة التي لم يصرف له فيها حتى تاريخ عودته. وقال - شرحاً لدعواه - إن القرار المطعون فيه صدر ناسباً له أنه انقطع عن العمل أكثر من المدة القانونية مع أن هذا يخالف الواقع إذ أنه كان موجوداً فعلاً بالعمل في التواريخ المقول بغيابه فيها وقد صرف مرتبه بالكامل عن شهر أغسطس سنة 1964 الذي أسند إليه الغياب فيه. واستشهد على حضوره ببعض زملائه الموظفين. وأن الإدارة لم تجر معه أي تحقيق، بل فصلته جزاء مشادة وقعت بينه وبين السيد المفتش العام، دون اتباع لما جاء بالنشرة الشهرية لديوان الموظفين رقم 10 لسنة 1957 - من أنه لا يمكن افتراض أن العامل أراد هجر العمل إلا بتحقق شرطين: الأول أن يتغيب بدون إذن والثاني ألا يثبت ما يقنع رئيسه أن غيابه كان بسبب قوة قاهرة، وأرجع المدعي سبب فصله إلى وجود منافسة بينه وبين رئيس شئون العاملين لكونه أعلى منه درجة وأكثر منه أقدمية. وقد استدعاه السيد المفتش العام ذات مرة ونهره بلفظ ناب وطلب من رئيس شئون العاملين قيده غائباً.. ومضى المدعي يقول إنه لا يوقع على ساعة الحضور منذ ثلاث سنوات أسوة بزملائه اكتفاء بحضوره. فضلاً عن أنه رئيس قلم وهو بهذه المثابة معفى من التوقيع كما أنه رقي في شهر يوليه سنة 1964 إلى الدرجة الخامسة بتوصية من التفتيش وبتقارير سرية جيدة. ثم فصل اعتباراً من الشهر التالي للترقية ولم يعلم بالقرار المطعون فيه إلا في 7 من أكتوبر سنة 1964 وتظلم منه في 10 من ذات الشهر ولم يتلق رداً على تظلمه فأقام هذه الدعوى.
ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي لم يجر معه أي تحقيق قبل إصدار القرار المطعون فيه لأنه كان متغيباً الأمر الذي أدى إلى إخطار النيابة الإدارية ووزارة الري بانقطاعاته خلال شهور يونيه ويوليه سنة 1964 وذلك بكتابي التفتيش رقمي 11، 12 سري في 9 من سبتمبر سنة 1964 فاعتبرته الوزارة مستقيلاً بقوة القانون تطبيقاً للمادتين 49 و81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 وأن سبب صرف مرتبه عن شهر يوليه سنة 1964 فلأن التفتيش لا يملك إيقاف صرف مرتبه إلا بعد إخطار الوزارة وموافقتها على ذلك. وأن ما يذكره المدعي من منافسة بينه وبين رئيس شئون العاملين فإنه ادعاء لا يستند إلى أي دليل خاصة وأنه موظف كتابي والسيد رئيس شئون العاملين بالكادر العالي. وأضافت الجهة الإدارية أن بملف خدمة المدعي مذكرة مؤرخة في 13 من نوفمبر سنة 1963 تضمنت أنه لا يحترم مواعيد الحضور والانصراف وأنه متغيب بصفة مستمرة وأنه لا يصلح إطلاقاً للعمل وأنه صدر في 23 من ذات الشهر أمر مكتبي بإلحاقه بقسم شئون العمال وعليه القيام بإنشاء وتنظيم واستيفاء سجلات القسم خاصة سجلات المجندين والمحالين إلى المعاش والنقل والإعارة إلا أنه لم يقم بأي عمل من هذه الأعمال لتغيبه المستمر. وأنه لم يصدر أي أمر باعتباره رئيساً لقسم أو قلم، هذا فضلاً عن أن ملف خدمته حافل بالجزاءات لتلاعبه وكثرة غيابه واستهتاره بالعمل. وأنه يؤيد ذلك ما جاء بقضية النيابة الإدارية رقم 16 لسنة 1959 من كثرة انقطاعه عن العمل بدون إذن سابق وعدم تخصيصه وقت العمل الرسمي لأداء واجبات وظيفته وقد جوزي عن ذلك بالخصم من المرتب مع إنذاره. كما أنه قد أحيل إلى مجلس التأديب في القضية رقم 37 لسنة 1962 وجوزي بخصم شهر من راتبه لما ثبت من مخالفته قانون التوظف الذي حظر اشتغال الموظفين بالأعمال التجارية بأن قدم نفسه مقاولاً لدى مصلحة الطرق والكباري ورست عليه عمليتان من مقاولاتها قام بتنفيذهما مما أدى إلى كثرة انقطاعه عن العمل بدون إذن.
وبجلسة 22 من فبراير سنة 1967 قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار وبإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أن تفتيش ضبط النيل أخطر النيابة الإدارية بكتابه السري رقم 11 في 9 من سبتمبر سنة 1964 بأن المدعي دأب على الانقطاع عن العمل دون الحصول على إذن سابق، فضلاً عن انصرافه دون إذن كذلك في الأيام التي يتواجد فيها كما تغيب طوال شهر أغسطس سنة 1964 وما زال منقطعاً حتى تاريخ ذلك الكتاب وطلب من النيابة الإدارية اتخاذ اللازم، الأمر الذي ترتب عليه قيامها بالتحقيق اعتباراً من 28 من سبتمبر سنة 1964. وبعد إرسال الكتاب المذكور للنيابة الإدارية صدر القرار المطعون فيه في 26 من ذات الشهر باعتبار خدمة المدعي منتهية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1964 لانقطاعه عن العمل أكثر من المدة القانونية استناداً إلى المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 وقد نصت الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أنه لا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لتركه العمل.. وطبقاً لهذه الفقرة لا يجوز اعتبار المدعي مستقيلاً طالما أن الجهة الإدارية قد طلبت من النيابة الإدارية إجراء التحقيق معه توطئة لاتخاذ الإجراءات التأديبية ضده ومن ثم فقد جاء القرار المطعون فيه في سببه مخالفاً للقانون.
طعنت الحكومة في الحكم المذكور بصحيفة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة في 23 من إبريل سنة 1967 طالبة القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وبنت طعنها على أنه لا وجه لانطباق الفقرة الأخيرة من المادة 81 سالفة الذكر للأسباب الآتية:
أولاً: إن الخطاب الموجه من تفتيش ضبط النيل للنيابة الإدارية في 9 من سبتمبر سنة 1964 لا يعتبر إجراء تأديبياً، ذلك أن التفتيش المذكور أرسل في نفس الوقت وذات اليوم كتاباً آخر للسيد وكيل وزارة الري ببيان حالة المطعون ضده وتغيبه عن العمل أكثر من المدة القانونية. فالتفتيش بذلك عرض الموضوع على الجهتين. وهو، في نهاية الأمر لم يكن يملك أن يقرر إنهاء خدمة المذكور ولا مجازاته تأديبياً لأن ذلك لا بد وأن يكون بقرار من السيد وكيل الوزارة والسيد رئيس المصلحة وقد رأى السيد وكيل الوزارة بمجرد رفع الأمر إليه إنهاء خدمته استناداً إلى القانون ولم يعزز اتخاذ أي إجراء تأديبي ضده.
ثانياً: إن الإجراء التأديبي المانع من اعتبار الموظف مستقيلاً هو ذلك الذي يجب المخالفة وتستنفد به جهة الإدارة سلطتها في العقاب باعتبار أن الغياب بدون إذن يعتبر في ذاته مخالفة والتفتيش لم يتخذ ضد المطعون ضده أي إجراء من هذا النوع لأنه لم يفعل أكثر من الإخطار بالواقعة للجهتين حيث رأت السلطة الإدارية العليا الممثلة في السيد وكيل الوزارة إنهاء الخدمة استناداً إلى نص القانون ولم تشر باتخاذ أي إجراء تأديبي.
ثالثاً: ليس المقصود بالفقرة الأخيرة من المادة 81 أن تكون سلاحاً في يد الموظف يدفع به في مواجهة جهة الإدارة، بل المقصود بها احتياط ارتآه القانون ضرورياً حتى يواجه به حالات الانقطاع المعتمدة من جانب العاملين. فالقيد هنا ليس لصالح العامل بل مقرر ضده ومقصود به تفويت غرضه السيئ إذا كان يتعمد الغياب فعلاً حتى يعتبر مستقيلاً.
قدمت الحكومة حافظة مستندات أرفقت بها صوراً من الأوامر والمنشورات التي تنظم مواعيد الحضور والانصراف للعاملين بتفتيش عام ضبط النيل.
ومن حيث إن المادة 81 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 نصت على أنه: "يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالتين الآتيتين:
1 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب إجازة مرخص بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفي هذه الحالة يجوز لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة، كل في دائرة اختصاصه، أن يقرر عدم حرمانه من مرتبه عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من الإجازات يسمح بذلك وإلا وجب حرمانه من المرتب عن هذه المدة فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2 - إذا التحق بالخدمة في حكومة أجنبية.
ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لتركه العمل أو لالتحاقه بالخدمة في حكومة أجنبية".
ومؤدى هذه المادة أن لجهة الإدارة إذا ما انقطع العامل عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولم يقدم أعذاراً مقبولة خلال الخمسة عشر يوماً التالية إما أن تفصله من العمل ويقوم الفصل في هذه الحالة على قرينة قانونية هي اعتباره مستقيلاً، وإما أن تتخذ ضده الإجراءات التأديبية باعتبار أن غيابه بدون إذن يشكل مخالفة إدارية تستوجب مجازاته وفي هذه الحالة الأخيرة لا يجوز اعتباره مستقيلاً.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي دأب على الانقطاع عن عمله دون الحصول على إذن سابق فتوالت عليه الجزاءات لهذا السبب، إلا أنه مع ذلك لم يرتدع وقام بالتغيب عن عمله بدون إذن مدة 22 يوماً متفرقة خلال شهر يونيه سنة 1964 ومدة 18 يوماً متفرقة خلال شهر يوليه سنة 1964 ثم غاب طوال شهر أغسطس سنة 1964 مما أدى إلى قيام تفتيش ضبط النيل، الذي كان يعمل به المدعي، إلى إخطار السيد وكيل وزارة الري في 9 من سبتمبر سنة 1964 بحالة المدعي سالفة الذكر طالباً تطبيق المادة 81 من القانون المنوه عنها على سيادته. وفي 26 من سبتمبر سنة 1964 أصدر السيد وكيل الوزارة قراره بإنهاء خدمته اعتباراً من أول أغسطس سنة 1964 لانقطاعه عن العمل أكثر من المدة القانونية مع حرمانه من المرتب اعتباراً من التاريخ المذكور حتى تاريخ صدور قرار إنهاء الخدمة وأخطر تفتيش ضبط النيل بذلك الذي قام بدوره بإخطار النيابة الإدارية ولم تكن النيابة الإدارية في ذلك الوقت قد بدأت في سماع أقوال المدعي إذ أنها لم تبدأ في ذلك إلا في 29 من أكتوبر سنة 1964.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن المدعي قد انقطع عن عمله بغير إذن طوال شهر أغسطس سنة 1964 وغير ثابت أنه قدم أعذاراً لغيابه عقب الخمسة عشر يوماً الأولى ومن ثم يكون القرار المطعون فيه الصادر من السيد وكيل وزارة الري في 26 من سبتمبر سنة 1964 بإنهاء خدمته اعتباراً من أول أغسطس سنة 1964 مع حرمانه من مرتبه اعتباراً من التاريخ المذكور قد جاء سليماً وتطبيقاً صحيحاً للفقرة الأولى من المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 سالفة الذكر. ولا مجال لإعمال الفقرة الأخيرة من هذه المادة لأن الكتاب الصادر من تفتيش ضبط النيل إلى النيابة الإدارية في 9 سبتمبر سنة 1964 لا يعتبر إجراء تأديبياً في مفهوم المادة المذكورة لأن التفتيش لم يقصد بكتابه المشار إليه للنيابة الإدارية اتخاذ إجراء تأديبي، بل إنه إنما قصد مجرد إخطارها بالموضوع وبأنه قد أخطر الوزارة لتطبيق المادة 81 بإنهاء خدمته وقد أصدرت الوزارة قرارها في 26 من سبتمبر سنة 1964 بذلك وأخطرت التفتيش الذي قام بدوره بإخطار النيابة الإدارية قبل أن تبدأ في التحقيق بسماع أقوال المدعي. وقد كان يتعين على النيابة الإدارية بمجرد أن أخطرته بصدور قرار إنهاء خدمة المدعي ألا تتخذ أي إجراء معه لأن التحقيق معه أصبح غير ذي موضوع.
ومن حيث إنه لا صحة لما زعمه المدعي من أنه لم ينقطع عن عمله بدون إذن. ذلك أنه، فضلاً عن أنه لم يقدم دليلاً على ذلك، فإن الثابت من الأوراق أن تعليمات تفتيش ضبط النيل (التي قدمت الحكومة صوراً منها بحافظتها الأخيرة) توجب على جميع الموظفين به من الدرجة الرابعة إلى التاسعة - ومنهم المدعي - أن يوقعوا في شريط ساعة الميقات في الحضور والانصراف. وقد اعترف المدعي بأنه لم يوقع في هذا الشريط مما يدل على أنه لم يحضر في الأيام المقال بأنه قد انقطع فيها ولا وجه لما ذكره المدعي - من أنه رئيس قلم وأنه بهذه المثابة معفى من التوقيع. ذلك لأنه فضلاً عن أنه ليس بملف خدمة المدعي المقدم من الحكومة ما يفيد أنه رئيس قلم، فإن التعليمات المنوه عنها لم تعف رؤساء الأقلام من التوقيع بل إنها صريحة في إلزام جميع الموظفين فنيين وإداريين وكتابيين دون استثناء من الدرجة الرابعة إلى التاسعة بالتوقيع على شريط تلك الساعة.
ومن حيث إنه لذلك تكون دعوى المدعي، بطلب إلغاء القرار الصادر في 29 سبتمبر سنة 1964 بإنهاء خدمته اعتباراً من أول أغسطس سنة 1964 وحرمانه من مرتبه من ذلك التاريخ، غير قائمة على أساس سليم من القانون خليقة بالرفض. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض دعوى المدعي مع إلزامه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 78 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

هدف المشرع من إصدار القانون رقم 120 لسنة 1960 هو معالجة مشكلة قدامى الموظفين والتخلص من الدرجات الشخصية قدر المستطاع - هذه الحكمة التشريعية ترتب قرينة قانونية قاطعة لا تحتمل إثبات العكس على تحقيق المصلحة العامة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 506

(65)
جلسة 17 من مارس سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف - وكيل مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة حسنين رفعت ومحمد فتح الله بركات ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية - المستشارين.

القضية رقم 681 لسنة 9 القضائية

( أ ) - موظف. "انتهاء الخدمة - الاستقالة". هدف المشرع من إصدار القانون رقم 120 لسنة 1960 هو معالجة مشكلة قدامى الموظفين والتخلص من الدرجات الشخصية قدر المستطاع - هذه الحكمة التشريعية ترتب قرينة قانونية قاطعة لا تحتمل إثبات العكس على تحقيق المصلحة العامة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة - سلطة الإدارة في قبول أو رفض طلبات ترك الخدمة المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام هذا القانون هي سلطة مقيدة - طلب ترك الخدمة وفقاً لأحكام هذا القانون هو بمثابة استقالة بما يقتضي وجوب مراعاة أحكام قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 الواردة في هذا الشأن - أثر ذلك، عدم جواز قبول طلب الموظف ترك الخدمة وفقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 إذا كان محالاً إلى المحاكمة التأديبية وجواز إرجاء البت في هذا الطلب إذا كانت ثمة إجراءات تأديبية متخذة ضد الموظف عن تقديمه الطلب.
(ب) - هيئة البريد "موظفوها - انتهاء الخدمة - اعتزال الخدمة وفقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960".
مفاد نصوص القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 بنظام الموظفين بهيئة بريد مصر والقانون رقم 32 لسنة 1957 بإصدار قانون المؤسسات العامة أن لموظفي هيئة البريد الحق في الإفادة من أحكام القوانين الصادرة في شأن موظفي الدولة وذلك فيما لم ترد في شأنه أحكام أخرى مقابلة أو مغايرة لها منصوص عليها في القرارات واللوائح المنظمة لشئون موظفي الهيئة المذكورة - أثر ذلك، سريان نص المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 على موظفي هيئة البريد.
1 - باستعراض نصوص القانون رقم 120 لسنة 1960 ومذكرته التفسيرية يبين أن المشرع هدف أصلاً من إصدار هذا القانون إلى علاج وضع الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بإيجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية قدر المستطاع، وهذه الحكمة التشريعية تعبر بذاتها عن مصلحة عامة تقوم عليها قرينة قانونية قاطعة لا تحتمل إثبات العكس في تحقيق هذه المصلحة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة لما في ذلك من إلغاء لدرجاتهم الشخصية وبالتالي فإنه يلزم قبول طلبات ترك الخدمة المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام القانون المذكور متى توافرت فيهم الشروط المطلوبة في هذا القانون دون أي قيد آخر لم يرد فيه إذ أن السلطة في قبول أو رفض الطلبات المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكامه إنما هي سلطة مقيدة بالقانون كما أن ترك الخدمة وفقاً للقانون سالف الذكر هو بمثابة استقالة على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية له، الأمر الذي يقتضي وجوب مراعاة أحكام قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 عدا الحكم الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 110 منه التي تعتبر الاستقالة المقترنة بأي قيد أو المعلقة على أي شرط كأن لم تكن ولما كانت هذه المادة تنص على أن "للموظف أن يستقيل من الوظيفة وتكون الاستقالة مكتوبة وخالية من أي قيد أو شرط ولا تنتهي خدمة الموظف إلا بالقرار الصادر بقبول استقالته ويجب الفصل في الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه، وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة. ويجوز خلال هذه المدة تقرير إرجاء قبول الاستقالة لأسباب تتعلق بمصلحة العمل أو بسبب اتخاذ إجراءات تأديبية ضد الموظف. فإذا أحيل الموظف إلى المحاكمة التأديبية لا تقبل استقالته إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة العزل أو الإحالة إلى المعاش". فإن مقتضى هذا النص، أنه ينبغي على جهة الإدارة أن لا تقبل طلب الموظف ترك الخدمة وفقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 إذا كان محالاً إلى المحاكمة التأديبية إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة العزل أو الإحالة إلى المعاش، كما لها إرجاء قبول ذلك الطلب إذا كانت متخذة ضد الموظف إجراءات تأديبية.
2 - إن القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 "بنظام الموظفين بهيئة بريد مصر" وضع أحكاماً خاصة بوظائف وبموظفي الهيئة على أن يعمل بها اعتباراً من أول يوليه سنة 1960 ونص في المادة 58 منه على حكم متعلق باستقالة الموظف وبقبولها وقد جاء مشابهاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 "بشأن نظام موظفي الدولة" ولما كان القانون رقم 32 لسنة 1957 "بإصدار قانون المؤسسات العامة" قد نص في المادة السابعة منه على أن يختص مجلس إدارة المؤسسة "بما يلي 2000 - وضع اللوائح المتعلقة بتعيين موظفي المؤسسة وعمالها وترقيتهم ونقلهم وفصلهم وتحديد مرتباتهم وأجورهم ومكافآتهم ومعاشاتهم وفقاً لأحكام هذا القانون وفي حدود قرار رئيس الجمهورية الصادر بإنشاء المؤسسة". ونص في المادة الثالثة عشر منه على أن "تسرى على موظفي المؤسسات العامة أحكام قانون الوظائف العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القرار الصادر بإنشاء المؤسسة أو اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة". فمفاد هذه النصوص أن لموظفي مؤسسة شئون بريد الجمهورية (هيئة البريد) الحق في الإفادة من أحكام القوانين الصادرة في شأن موظفي الدولة وذلك فيما يتعلق بتلك التي لم ترد في شأنها أحكام أخرى مقابلة أو مغايرة لها منصوص عليها في القرارات أو اللوائح المنظمة لشئون موظفي الهيئة المذكورة.
وعلى مقتضى ما تقدم وإذ صدر القانون رقم 120 لسنة 1960 "بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة" وكان نص المادة الأولى منه متعلقاً بترك الموظف الخدمة مع تسوية معاشه على النحو الذي نصت عليه، وكان هذا النص غير وارد ضمن الأحكام التي شملها بالتنظيم القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 المشار إليه، فإن المادة الأولى المذكورة تسرى على موظفي هيئة البريد حتى بعد تاريخ العمل بالقرار المشار إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن في أن المدعي أقام الدعوى رقم 45 لسنة 8 القضائية ضد الهيئة العامة للبريد، بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية في 24 من أكتوبر سنة 1960، طلب فيها الحكم "بإلغاء القرار الصادر بعدم الموافقة على تسوية حالته واعتزاله الخدمة طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقال بياناً لدعواه أنه قدم في 9 من يونيه سنة 1960 طلباً إلى السيد مدير عام هيئة البريد لتسوية حالته وإحالته إلى المعاش وفقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960، وفي 12 من يوليه سنة 1960 ردت عليه مراقبة شئون الأفراد بالهيئة بأنه لا يجوز إجابة طلبه نظراً لإحالته إلى النيابة العامة وأنه لما كانت النيابة العامة قد قررت في 2 من يوليه سنة 1960 حفظ الشكوى موضوع التحقيق إدارياً تحت رقم 1674 لسنة 1960 إداري الموسكي ومن ثم انهار سبب عدم إجابته إلى طلبه المشار إليه فقد تظلم إلى السيد مدير عام الهيئة في 28 من يوليه سنة 1960 بيد أنه لم يتلق رداً خلال ستين يوماً من هذا التاريخ فأقام دعواه استناداً إلى أن شروط انطباق القانون رقم 120 لسنة 1960 على حالته متوفرة ولأن أحكام هذا القانون جاءت مطلقة واستثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 التي لا تتضمن ما يمنع من قبول استقالة الموظف المحال إلى النيابة العامة فضلاً عن أنها حفظت التحقيق الخاص به وقيد شكوى إدارية وقد أجابت هيئة البريد على الدعوى بأن المدعي من موظفي "المرتبة الأولى الشخصية/ رابعة" ويبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 8 من أكتوبر سنة 1961، وأنه لما كانت المادة الأولى من القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 الخاصة باعتزال الخدمة لمن يبلغ سن الخامسة والخمسين قد وردت استثناء من المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فيما نصت عليه من وجوب عدم اقتران استقالة الموظف بأي قيد أو شرط، ولما كان الأصل في قبول الاستقالة أنه أمر جوازي لجهة الإدارة تعمله على ضوء الصالح العام، فلا تثريب على ما قررته الهيئة من رفض طلب المدعي الإفادة من القانون رقم 120 لسنة 1960 لإحالته إلى النيابة العامة، وأنه لا محل للقول بأن النيابة العامة انتهت من تحقيقها إلى حفظ الموضوع المنسوب إلى المدعي، إذ لا يجوز النظر في الطلب المذكور حيث أصبح لهيئة البريد لائحة توظف خاصة اعتباراً من أول يوليه سنة 1960 ومن ثم فإن أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 لا تسرى على موظفي الهيئة اعتباراً من ذلك التاريخ. وعقب المدعي في مذكراته بأن اعتزاله الخدمة قبل بلوغه سن الستين بأقل من عام لا يتعارض مع الصالح العام بل إنه يعد رفعاً للغبن عنه الأمر الذي هدف المشرع إلى تحقيقه حسبما أوضح في المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه، وأن صدور اللائحة الخاصة بموظفي هيئة البريد لا يمنع من تطبيق القانون المذكور عليه طالما أن شروطه متوفرة في حالته باعتباره قانوناً خاصاً صدر استثناء من حكم القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة كما أن القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 لم يلغ أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 فيما يتعلق بموظفي هيئة البريد إذ تضمنت المادة 58 من القرار المذكور نصاً مطابقاً لنص المادة 110 من ذلك القانون الخاصة بالاستقالة من الخدمة فضلاً عن أن المادة 13 من القرار الجمهوري الصادر في 26 من أغسطس سنة 1957 بإنشاء هيئة البريد نصت على أن "تسرى في شأن موظفي الهيئة ومستخدميها وعمالها القوانين واللوائح والقواعد التنظيمية الخاصة بموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة". وأنه لما كانت النيابة العامة قد قررت في 2 من يوليه سنة 1960 حفظ الشكوى المقدمة ضده، فكان يتعين أن يفصل في طلب اعتزال الخدمة المقدم منه في 9 من يونيه سنة 1960 خلال الثلاثين يوماً المقرر لقبول الاستقالة وفقاً للمادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وللمادة 58 من القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 ومن ثم تكون استقالته مقبولة في 8 من يوليه سنة 1960 بقوة القانون. وبجلسة 19 من فبراير سنة 1963 قضت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعي في الإفادة من حكم القانون رقم 120 لسنة 1960 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الهيئة المدعى عليها بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 120 لسنة 1960 إذ جاء معدلاً لبعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 واستثناء من أحكامه، فإنه لا ينطبق على موظفي هيئة البريد اعتباراً من أول يوليو سنة 1960 تاريخ العمل باللائحة الصادر بها القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959، وأنه لما كان المدعي قد قدم طلب اعتزال الخدمة في 9 من يونيه سنة 1960 فيكون مقدماً في الميعاد المنصوص عليه في القانون رقم 120 لسنة 1960 واحتفظ بحقه في المعاملة بأحكامه، وإذ كان الثابت أنه بعد أن حفظت النيابة العامة التحقيق إدارياً أصدرت الجهة الإدارية قراراً بمجازاة المدعي بخصم يومين من مرتبه في 18 من يناير سنة 1961 فإنه يعتبر محالاً إلى المحاكمة التأديبية حتى التاريخ المذكور الذي تبدأ اعتباراً منه ممارسة الجهة الإدارية قبول الاستقالة، ومن ثم كان على هذه الجهة أن تبت في الاستقالة خلال ثلاثين يوماً منذ هذا التاريخ وإلا اعتبرت مقبولة بحكم القانون، وإذ أن الهيئة المدعى عليها لم تقبل استقالة المدعي خلال المدة المذكورة فيتعين الحكم بأحقية المدعي في الإفادة من أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي كان، عند النظر في طلبه اعتزال الخدمة بعد انتهاء محاكمته التأديبية في 18 من يناير سنة 1961، غير خاضع لأحكام القانون رقم 210 لسنة 51 إذ كانت تسرى عليه وقتذاك أحكام القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959، ومن ثم فإنه لا يفيد من أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 ويكون طلبه المذكور غير ذي أثر ما دام أن القرار المشار إليه يعمل به من أول يوليه سنة 1960 وحلت أحكامه محل أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بالنسبة للمدعي باعتباره من موظفي هيئة البريد، وبذلك تعدل مركزه القانوني اعتباراً من هذا التاريخ.
ومن حيث إن المدعي عقب على تقرير الطعن بمذكرة تضمنت أن استقالته تعتبر مقبولة بقوة القانون لأن قرار النيابة العامة بحفظ الشكوى المقدمة ضده صدر قبل انقضاء الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ولأن أحكام القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 لا تتضمن ما يفيد عدم سريان أحكام هذا القانون على موظفي هيئة البريد وأن نص المادة 58 من القرار المذكور مطابق لنص المادة 110 بادية الذكر كما أن حالة المدعي سويت بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 بعد نفاذ هذا القرار فمنح الدرجة الرابعة اعتباراً من 26 من مارس سنة 1960 لقضائه أكثر من 31 سنة في أربع درجات.
ومن حيث إن القانون رقم 120 لسنة 1960 "بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة" المعمول به من 3 من إبريل سنة 1960 - نص في مادته الأولى على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 يجوز لكل من بلغ سن الخامسة والخمسين من الموظفين أو يبلغها خلال الثلاثة شهور من تاريخ نفاذ هذا القانون طلب ترك الخدمة على أن يسوي معاشه على أساس ضم سنتين لمدة خدمته وحسابهما في المعاش حتى ولو تجاوز بهذا الضم سن الستين. على ألا تتجاوز مدة الخدمة المحسوبة في المعاش نتيجة لهذا الضم 37.5 سنة وعلى أن يمنح علاوتان من علاوات درجته ولا يتجاوز بهما نهاية مربوط الدرجة" وقد سبق للمحكمة الإدارية العليا أن قضت بعد أن استعرضت نصوص القانون رقم 120 لسنة 1960 المشار إليه ومذكرته التفسيرية، بأن المشرع هدف أصلاً من إصدار هذا القانون إلى علاج وضع الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بإيجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية قدر المستطاع، وهذه الحكمة التشريعية تعبر بذاتها عن مصلحة عامة تقوم عليها قرينة قانونية قاطعة لا تحتمل إثبات العكس في تحقيق هذه المصلحة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة لما في ذلك من إلغاء لدرجاتهم الشخصية وبالتالي فإنه يلزم قبول طلبات ترك الخدمة المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام القانون المذكور متى توافرت فيهم الشروط المطلوبة في هذا القانون دون أي قيد آخر لم يرد فيه إذ أن السلطة في قبول أو رفض الطلبات المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكامه إنما هي سلطة مقيدة بالقانون كما أن ترك الخدمة وفقاً للقانون سالف الذكر هو بمثابة استقالة على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية له، الأمر الذي يقتضي وجوب مراعاة أحكام قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 عدا الحكم الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 110 منه التي تعتبر الاستقالة المقترنة بأي قيد أو المعلقة على أي شرط كأن لم تكن ولما كانت هذه المادة تنص على أن "للموظف أن يستقيل من الوظيفة وتكون الاستقالة مكتوبة وخالية من أي قيد أو شرط ولا تنتهي خدمة الموظف إلا بالقرار الصادر بقبول استقالته، ويجب الفصل في الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه، وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة. ويجوز خلال هذه المدة تقرير إرجاء قبول الاستقالة لأسباب تتعلق بمصلحة العمل أو بسبب اتخاذ إجراءات تأديبية ضد الموظف. فإذا أحيل الموظف إلى المحاكمة التأديبية لا تقبل استقالته إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة العزل أو الإحالة إلى المعاش". فإن مقتضى هذا النص وما سبق أن قضت به المحكمة الإدارية العليا، أنه ينبغي على جهة الإدارة أن لا تقبل طلب الموظف ترك الخدمة وفقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 إذا كان محالاً إلى المحاكمة التأديبية إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة العزل أو الإحالة إلى المعاش، كما لها إرجاء قبول ذلك الطلب إذا كانت متخذة ضد الموظف إجراءات تأديبية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي كان يشغل درجات شخصية منذ ترقيته إلى الدرجة السابعة حتى رقى إلى الدرجة الرابعة الشخصية اعتباراً من 26 من مارس سنة 1960 (ملف الخدمة وكتاب الإدارة العامة بهيئة البريد المرفق بملف الدعوى تحت رقم 5) وأنه عند تقديمه طلب ترك الخدمة للإفادة من حكم المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 كانت هناك ثمة إجراءات تأديبية متخذة ضده في قضية النيابة الإدارية رقم 30 لسنة 1959 حيث قررت هذه النيابة إحالة المدعي إلى النيابة العامة مع إرجاء مساءلته تأديبياً، وقد قررت النيابة العامة بعد التحقيق حفظ الشكوى المقدمة ضده وذلك في 2 من يوليه سنة 1960، ثم انتهت الإجراءات التأديبية في 18 من يناير سنة 1961 بمجازاته بخصم يومين من مرتبه، ثم بلغ سن الإحالة إلى المعاش في 8 من أكتوبر سنة 1961.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم إنه ولئن كانت الشروط المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 تتوفر في حالة المدعي لبلوغه عند العمل بهذا القانون، سناً تفوق الخمسة والخمسين ولكونه شاغلاً وقتذاك درجة شخصية وقدم طلباً لترك الخدمة في 9 من يونيه سنة 1960 للإفادة من حكم المادة المشار إليها، لئن كان ذلك إلا أنه وقد كانت ثمة إجراءات تأديبية متخذة ضده عند تقديم طلبه، رأت بسببها الجهة الإدارية إرجاء البت في طلبه، فإن مركزه القانوني للإفادة من حكم المادة المذكورة ما كان ليكتمل إلا بعد انتهاء تلك الإجراءات في 18 من يناير سنة 1961 بمجازاته بخصم يومين من مرتبه، ومن ثم تنحصر المنازعة بعد ذلك فيما إذا كان يتعين على الجهة الإدارية وقد انتهت الإجراءات التأديبية أن تقبل طلب المدعي ترك الخدمة وفقاً للمادة الأولى باعتباره بمثابة استقالة زال سبب إرجاء البت فيها أم أنه يحول دون ذلك صدور القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 المعمول به اعتباراً من أول يوليه سنة 1960 بمقولة أنه قرر نظاماً خاصاً بموظفي هيئة البريد فغدت أحكام المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 غير مطبقة في شأنهم.
ومن حيث إن القرار الجمهوري رقم 710 لسنة 1957 "بإنشاء مؤسسة عامة لشئون بريد جمهورية مصر" قد أنشأ هذه المؤسسة على أن يطلق عليها "هيئة البريد" ونص في المادة الثالثة عشرة منه على أن "تسرى في شأن موظفي الهيئة ومستخدميها وعمالها القوانين واللوائح والقواعد التنظيمية الخاصة بموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة كما تسرى جميع القواعد القانونية الأخرى المطبقة حالياً في مرفق البريد بما لا يتعارض مع أحكام قانون المؤسسات العامة وهذا القرار". ثم صدر القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 "بنظام الموظفين بهيئة بريد مصر" متضمناً وضع أحكام خاصة بوظائف وبموظفي الهيئة على أن يعمل بها اعتباراً من أول يوليه سنة 1960 ونص في المادة 58 منه على حكم متعلق باستقالة الموظف وبقبولها وقد جاء مشابهاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 "بشأن نظام موظفي الدولة" ولما كان القانون رقم 32 لسنة 1957 "بإصدار قانون المؤسسات العامة" قد نص في المادة السابعة منه على أن يختص مجلس إدارة المؤسسة "بما يلي 2000 - وضع اللوائح المتعلقة بتعيين موظفي المؤسسة وعمالها وترقيتهم ونقلهم وفصلهم وتحديد مرتباتهم وأجورهم ومكافآتهم ومعاشاتهم وفقاً لأحكام هذا القانون وفي حدود قرار رئيس الجمهورية الصادر بإنشاء المؤسسة". ونص في المادة الثالثة عشرة منه على أن "تسرى على موظفي المؤسسات العامة أحكام قانون الوظائف العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القرار الصادر بإنشاء المؤسسة أو اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة". فمفاد هذه النصوص أن لموظفي مؤسسة شئون بريد الجمهورية (هيئة البريد) الحق في الإفادة من أحكام القوانين الصادرة في شأن موظفي الدولة وذلك فيما يتعلق بتلك التي لم ترد في شأنها أحكام أخرى مقابلة أو مغايرة لها منصوص عليها في القرارات أو اللوائح المنظمة لشئون موظفي الهيئة المذكورة.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم وإذ صدر القانون رقم 120 لسنة 1960 "بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة" وكان نص المادة الأولى منه متعلقاً بترك الموظف الخدمة مع تسوية معاشه على النحو الذي نصت عليه، وكان هذا النص غير وارد ضمن الأحكام التي شملها بالتنظيم القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 المشار إليه، فإن المادة الأولى المذكورة تسري على موظفي هيئة البريد حتى بعد تاريخ العمل بالقرار المشار إليه، ومن ثم يحق للمدعي الإفادة من حكمها، ويعتبر فوات ثلاثين يوماً من تاريخ مجازاته إدارياً في 18 من يناير سنة 1961 دون أن تبت الجهة الإدارية في طلبه بادي الذكر بمثابة قبول له وفقاً لما تضمنته كل من المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 58 من القرار الجمهوري 2191 لسنة 1959 من وجوب الفصل في طلب الاستقالة "خلال ثلاثين يوماً وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة".
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من قضاء ويكون الطعن قائماً على غير أساس سليم من القانون فيتعين رفضه مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 50 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

القانون ترك لجهة الإدارة أن تترخص في اعتبار الموظف المنقطع عن عمله دون إذن مدة خمسة عشر يوماً متتالية مستقيلاً من الخدمة طبقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 514

(66)
جلسة 22 من مارس سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد موسى - وكيل مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعلي لبيب حسن - المستشارين.

القضية رقم 873 لسنة 11 القضائية

( أ ) - دعوى. رسوم قضائية. قرار الإعفاء من الرسوم.
قرار الإعفاء من الرسوم وإن لم يشمل سوى طلب إلغاء القرار المطعون عليه إلا أنه يشمل بآثاره الطلب الجديد بالتعويض عن ذات القرار، أساس ذلك.
(ب) - موظف "انتهاء الخدمة، أسبابها". "الاستقالة".
القانون ترك لجهة الإدارة أن تترخص في اعتبار الموظف المنقطع عن عمله دون إذن مدة خمسة عشر يوماً متتالية مستقيلاً من الخدمة طبقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة.
1 - إن كان قرار إعفاء المدعية من الرسوم لم يشمل سوى طلب إلغاء القرار المطعون عليه، إلا أنها وقد قامت بعد ذلك بتعديل طلباتها مستبدلة بطلب الإلغاء طلب التعويض عن ذات القرار المطعون فيه، فإن قرار الإعفاء يشمل بآثاره الطلب الجديد، ذلك أن كلاً من طلب إلغاء القرار غير المشروع وطلب التعويض عنه، يقومان على أساس قانوني واحد، هو عدم مشروعية القرار الإداري، وإن الطعن بالإلغاء هو طعن فيه بالبطلان بالطريق المباشر، وطلب التعويض عنه هو طعن فيه بالبطلان بطريق غير مباشر، ومتى كان الأمر على هذا النحو يكون هذا السبب من أسباب الطعن غير مستند إلى أساس سليم من القانون.
2 - إذا ما انقطع الموظف عن عمله دون إذن لمدة خمسة عشر يوماً متتالية جاز اعتباره مستقيلاً من الخدمة، بمعنى أن القانون ترك لجهة الإدارة المختصة أن تترخص في إعمال هذا الحكم في حق الموظف إذا ما توافر مناط تطبيقه، طبقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى رقم 532 لسنة 10 القضائية، بعد أن حصلت على قرار من لجنة المساعدة القضائية بجلسة 16 يناير سنة 1963 بإعفائها من الرسوم القضائية في الطلب المقدم منها بر قم 1012 لسنة 9 القضائية إعفاء، وقد أودعت صحيفة افتتاح دعواها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة الصحة في 2 من إبريل سنة 1963، قالت فيها إنها التحقت بخدمة وزارة الصحة بوظيفة تمورجية في سنة 1950 بمصلحة الطب العلاجي ونقلت إلى مستشفى المنصورة العام في فبراير سنة 1953 ثم إلى مستشفى السنبلاوين في سنة 1955 وفي يوم 15 أغسطس وفي أثناء فترة راحتها الأسبوعية توجهت إلى المنصورة لزيارة أقاربها فأصابها مرض مفاجئ أقعدها عن العودة إلى استلام عملها بعد انتهاء الراحة، فخابرت المستشفى طالبة توقيع الكشف الطبي عليها للمرض، فورد إليها الخطاب المؤرخ 19 أغسطس سنة 1958 بالتوجه إلى القومسيون الطبي بالمنصورة يوم 21 أغسطس سنة 1958، وتم توقيع الكشف الطبي عليها وكلفها الكاتب المختص بالتوجه لاستلام عملها يوم السبت الموافق 23 أغسطس سنة 1958 ولكن كاتب المستشفى بالسنبلاوين رفض تسليمها العمل، وقدمت شكوى إلى مفتش صحة المديرية في 24 أغسطس سنة 1958، وأن المنطقة الطبية بالمنصورة استدعتها في سبتمبر سنة 1959 لإجراء تحقيق في شكواها، وأنها منذ ذلك التاريخ وهي لا تدري من أمرها شيئاً، وأنها عندما لجأت بدعواها طالبة إعفاءها من رسوم الدعوى، أجابت الوزارة على صحيفة الالتماس بمعلومات بعيدة كل البعد عن الحق والواقع، إذ أن المستشفى في سبيل تبرير مسلكها لجأت إلى الرد بمعلومات تدحضها الحقائق وتنفيها الأوراق، إذ قالت أنها انقطعت عن عملها بدون إذن في المدة من 2 يونيه سنة 1958 حتى أول سبتمبر سنة 1958 - في حين أنه ينفي ذلك الخطاب الذي تلقته الطالبة من المستشفى بتكليفها بالتوجه إلى القومسيون الطبي بالمنصورة في 21 أغسطس سنة 1958 للكشف عليها، وأنه لا صحة فيما تذكره الإدارة من أنها أعلنت المطعون ضدها بقرار فصلها من الخدمة في 21 أكتوبر سنة 1958، ولا صحة أيضاً فيما تقول به الإدارة من أن المطعون ضدها قدمت استقالتها من الخدمة في 9 يونيه سنة 1958، ثم قرر القومسيون الطبي لياقتها للخدمة في 21 أغسطس سنة 1958، وأوضحت المدعية تقول إنه ثابت أنها صرفت مرتبها عن شهري يونيه ويوليه سنة 1958، مما ينفي واقعة انقطاعهما عن المستشفى بدون إذن في الفترة الواقعة من 2 يونيه سنة 1958 إلى أول سبتمبر سنة 1958، وانتهت المدعية إلى طلب الحكم أولاً: بأحقيتها في استمرار صرف مرتبها بصفة مؤقتة حتى الفصل في طلب إلغاء القرار الصادر بفصلها من الخدمة. ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بفصلها من الخدمة لبطلانه وانعدام سببه القانوني وما يترتب على ذلك من الآثار - مع إلزام الوزارة المصروفات في الحالين ومقابل أتعاب المحاماة.
وأجابت وزارة الصحة على الدعوى بأن المطعون ضدها كانت قد أخطرت مستشفى السنبلاوين في 3 إبريل 1958 بأنها مريضة وملازمة الفراش بمنزلها، وطلبت توقيع الكشف الطبي عليها، وبعد الكشف عليها منحت إجازة مرضية مدتها خمسة أيام من 10 إبريل سنة 1958 وفي 14 إبريل سنة 1958 طلبت توقيع الكشف الطبي عليها لمرضها، فتوقع الكشف عليها في 4 مايو سنة 1958 ومنحت إجازة مرضية مدتها خمسة عشر يوماً اعتباراً من 15 إبريل سنة 1958 امتداداً للإجازة السابقة التي كانت تنتهي في 14 إبريل سنة 1958 وعادت إلى عملها يوم 10 مايو سنة 1958 عقب انتهاء الإجازات المرضية السابقة، إلا أنها في 11 مايو سنة 1958 أخطرت بمرضها فتوقع الكشف الطبي عليها في 18 مايو سنة 1958 وتقرر عودتها إلى العمل وتسوية المدة من 11 مايو سنة 1958 إلى 17 مايو سنة 1958 إدارياً، مع اعتبار يوم 18 مايو سنة 1958 يوم عمل تحت تصرف القومسيون وبتاريخ 9 يونيه سنة 1958 ورد إلى مستشفى السنبلاوين طلب استقالة منها وقبولها من تاريخ انقطاعها عن العمل، فرفعت الاستقالة إلى صحة مديرية الدقهلية ومعها بيان بأن المطعون ضدها انقطعت عن العمل اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 - ثم ورد طلب إلى مستشفى السنبلاوين في 16 يونيه سنة 1958 بأنها مريضة ولا يمكنها الحضور للعمل، وطلبت توقيع الكشف الطبي عليها فأحيلت إلى القومسيون الطبي بالدقهلية، وبجلسة 24 يوليه سنة 1958 قررت بأنها تطلب الكشف عليها لتقرير عدم لياقتها للبقاء في الخدمة، وفي 21 أغسطس سنة 1958 وقع الكشف الطبي عليها فتقرر أنها لائقة للخدمة - وفي 11 سبتمبر سنة 1958 وافق مدير عام مصلحة المستشفيات العامة على فصلها من الخدمة لانقطاعها عن العمل بدون إذن 15 يوماً متتالية من 2 يونيه سنة 1958 ولم تقدم عذراً مقبولاً خلال الخمسة عشر يوماً التالية، وأبلغت بقرار فصلها بالخطاب المسجل رقم 758 بتاريخ 21 أكتوبر سنة 1959 - وكانت قد قدمت شكوى إلى النيابة الإدارية في 26 سبتمبر سنة 1959 وقد سمعت أقوالها في 11 أكتوبر سنة 1959 حيث قررت بأنها لا تعلم شيئاً عن نتيجة الكشف الطبي عليها واتضح من التحقيق عدم صحة شكواها وحفظت، وأخطرتها النيابة الإدارية في 3 نوفمبر سنة 1959 بنتيجة التحقيق، إلا أن خطاب النيابة الإدارية أعيد لعدم تواجدها في عنوانها - ثم تظلمت بتاريخ 10 يوليه سنة 1960 من قرار فصلها من الخدمة إلى مدير المنطقة الطبية بالدقهلية فتقرر حفظ التظلم - وقد خلصت جهة الإدارة إلى أن قرار فصلها كان قد صدر من 11 سبتمبر سنة 1958 وأخطرت به في 21 أكتوبر سنة 1959 وتظلمت منه في 10 يوليه سنة 1960 وقدمت طلب الإعفاء في 30 مايو سنة 1962 وتقرر قبوله في 16 يناير سنة 1963 إلا أنها لم تقم الدعوى إلا في 2 إبريل سنة 1963 وأنه سواء اعتبر تاريخ العلم اليقيني بقرار الفصل من تاريخ إخطار المطعون ضدها به في 21 أكتوبر سنة 1959 أو من تاريخ تظلمها منه في 10 يوليه سنة 1960، فإنه كان يتعين عليها رفع الدعوى خلال الستين يوماً التالية للقرار الحكمي برفض التظلم، كما أن قرار الإعفاء من الرسوم صدر في 16 يناير سنة 1963، ولم تقم الدعوى الموضوعية إلا في 2 إبريل سنة 1963، وأنه لذلك تعتبر دعوى الإلغاء الموضوعية غير مقبولة شكلاً، وبالتالي فلا مجال لنظر طلب استمرار صرف المرتب ما دامت دعوى الإلغاء غير مقبولة شكلاً، ويكون من المتعين الحكم برفضه.
أما عن موضوع طلب الإلغاء - فقد قالت جهة الإدارة أنه يسرى في حق المطعون ضدها حكم المادتين 117، 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 باعتبارها من المستخدمات الخارجات عن الهيئة، وقد انقطعت عن العمل من 2 يونيه سنة 1958 ثم قدمت طلباً بقبول استقالتها وعدلت عنه قبل قبوله وطلبت توقيع الكشف الطبي، وقد وقع عليها الكشف الطبي، بمعرفة القومسيون الطبي بالدقهلية في 21 أغسطس سنة 1958 حيث قرر لياقتها للبقاء في الخدمة وإخطرها المستشفى في 9 يونيه سنة 1958 بضرورة عودتها إلى العمل وإلا اعتبرت مفصولة لغيابها مدة خمسة عشر يوماً إلا أنها قد استمرت في انقطاعها عن العمل عقب توقيع الكشف الطبي عليها في 21 أغسطس سنة 1958 الذي كان قد قرر لياقتها للبقاء في الخدمة، وظلت منقطعة دون عذر مقبول حتى تاريخ صدور قرار فصلها في 11 سبتمبر سنة 1958 طبقاً لحكم المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - وأوضحت جهة الإدارة تقول أن هذا القرار قد قام على سببه المبرر له قانوناً، ممن يملك سلطة إصداره، وبناءً على وقائع صحيحة وثابتة، ومن ثم يكون سليماً ومطابقاً للقانون، ومن ثم تكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون، وطلبت الإدارة الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات.
وبجلسة 3 يونيه سنة 1963 قضت المحكمة في الطلب المستعجل باستمرار صرف المرتب لحين الفصل في الإلغاء، برفضه - وبإحالة الدعوى إلى المفوض للنظر في الطلب الثاني من الدعوى وقد أقامت المحكمة هذا القضاء على أساس أنه تقرر قبول طلب الإعفاء المقدم من الطاعنة في 16 يناير سنة 1963، إلا أنها لم تقم الدعوى إلا في 2 إبريل سنة 1963، بعد فوات مواعيد الطعن بالإلغاء ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى الموضوعية شكلاً صحيحاً وفي محله ويتعين لذلك قبوله، وتكون دعوى الإلغاء الموضوعية غير محتملة الكسب لعدم قبولها شكلاً.
وبجلسة 15 مارس سنة 1964 أثناء تحضير الدعوى أما مفوض الدولة قرر الدفاع عن المدعية تعديل طلباتها إلى الحكم لها بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ. إلا أن الوزارة دفعت - "بخطاب إدارة الشئون القانونية رقم 987 في 17 مارس سنة 1964" بعدم قبول الطلبات المعدلة لأن قرار طلب الإعفاء من الرسوم يختلف موضوعه عن هذه الطلبات المعدلة.
وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهى فيه لما أبداه من أسباب إلى أنه يرى الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعية في أن تتقاضى تعويضاً مؤقتاً عما أصابها من أضرار نتيجة فصلها المخالف للقانون مع إلزام الوزارة المدعى عليها بالمصروفات.
وعقبت الوزارة على تقرير مفوض الدولة، فقالت أن انقطاع المطعون ضدها عن العمل اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 قد لحقه تقديمها طلب الاستقالة من الخدمة في 9 يونيه سنة 1958 ثم قدمت طلباً لإحالتها إلى القومسيون الطبي العام بالقاهرة بتاريخ 16 يونيه سنة 1958 لتقرير عدم لياقتها للبقاء في الخدمة - وأنها كررت ذات الطلب أمام القومسيون الطبي العام بالدقهلية في 24 يوليه سنة 1958 مما يفصح عن رغبتها في طلب الاستقالة، وأنه بذلك يكون ما افترضه المشرع بشأن المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 من قيام قرينة قيام الاستقالة قد تأيد من جانب المدعية، ومن ثم يكون القرار الصادر بفصلها استناداً إلى المادة 112 سالفة الذكر قد قام على سببه وصدر ممن يملك سلطة إصداره، وفي حدود اختصاصه إذ استخلص النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً، وأنه لذلك يكون القرار المذكور صحيحاً ومطابقاً للقانون - وخلصت الإدارة إلى طلب الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 3 مايو سنة 1965 صدر الحكم المطعون فيه قاضياً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً في طلبها المعدل، وبقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المطعون ضدها في تعويض مؤقت قدره قرش صاغ بسبب فصلها المخالف لصحيح حكم القانون، وإلزام الوزارة المدعى عليها بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن طلب التعويض مرتبط بطلب الإلغاء ويستمد سببه من واقعة الفصل محل القرار المطعون فيه، وأن الهدف من الطلبين هو إنزال حكم الشرعية على القرار الذي أصدرته الإدارة في حق المدعية، وأنه لذلك يكون الدفع بعدم قبول الطلب البديل بحجة مخالفته للطلب الأصلي بالإلغاء غير مستند إلى أساس سليم من القانون، وأنه يتعين لذلك الحكم برفضه وبقبول الدعوى في شكلها المعدل - وأقامت المحكمة حكمها في موضوع الدعوى على أساس أن انقطاع المدعية عن العمل اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 كان بسبب المرض، وأنها قدمت طلب الاستقالة عندما ضاقت ذرعاً بطلب الإحالة للكشف الطبي، وأنها بعد أن قدمت طلب الاستقالة عادت فكشفت عن السبب الحقيقي لانقطاعها، وهو المرض، وقد طلبت إحالتها إلى القومسيون الطبي العام لتقرير وتأكيد مرضها، وليس لتقرير لياقتها أو عدم لياقتها للخدمة، وأنه بعد أن تأكدت لياقتها للخدمة في 21 أغسطس سنة 1958 عادت الإدارة فلم تمكنها من العودة إلى العمل، وفي 11 سبتمبر سنة 1958 صدر قرار مدير عام مصلحة المستشفيات بفصلها من الخدمة لانقطاعها بدون إذن أكثر من خمسة عشر يوماً ولعدم تقديمها العذر المقبول في الخمسة عشر يوماً التالية - وذلك طبقاً لحكم المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وأوضحت المحكمة تقول أن استناد الوزارة إلى حكم المادة 112 سالفة الذكر هو استناد خاطئ، لأن شرط تطبيق حكم هذه المادة أن تمتنع المدعية عن تقديم عذر مقبول عن الانقطاع خلال الخمسة عشر يوماً التالية لمدة الانقطاع، بحيث تستفاد الاستقالة الضمنية من تصرفها - إلا أنه ثابت أن المدعية قدمت طلباً من 14 يونيه سنة 1958 قالت فيه بأنها مريضة، ولا يمكنها الحضور، وطلبت إحالتها إلى القومسيون الطبي العام بالقاهرة، فإنها تكون بذلك قد أبلغت الإدارة عن العذر المانع لها من مواصلة عملها، وإن الإدارة تكون قد أخطأت عندما طلبت من القومسيون الطبي أن يقرر لياقتها للخدمة أو العكس بدلاً من أن تطلب منه تقرير ما إذا كانت مريضة، وما إذا كان مرضها يبرر عدم عودتها للعمل. وقالت المحكمة في الحكم المطعون فيه أنه يبدو من الأوراق مبلغ تمسك المدعية بوظيفتها، وأن الإدارة لم ترتب على الاستقالة أثرها بل أتت من الإجراءات التالية على تقديمها ما يؤكد رعايتها للمدعية، وعدم اعتدادها بالاستقالة، لا سيما عندما أظهرت أن سبب امتناعها عن العمل هو المرض، ومن ثم يكون القرار الصادر بفصلها باعتبارها مستقيلة لانقطاعها عن العمل بدون إذن أكثر من 15 يوماً يكون والحالة هذه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون، وأبانت المحكمة في حكمها المذكور أن هذا القرار قد سبب للمدعية أضراراً تتمثل في حرمانها من وظيفتها بما ترتبه لها من دخل ومزايا، كما أن علاقة السببية قائمة بين خطأ الإدارة والضرر الذي لحق بالمدعية، وأنه بذلك تكون أركان مسئولية الوزارة عن قرارها المطعون فيه قد اكتملت، وخلصت المحكمة من ذلك إلى الحكم للمطعون ضدها بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد مع إلزام الوزارة بالمصروفات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك على النحو التالي:
أولاً: في وجوب استبعاد الدعوى من الرول لعدم سداد الرسوم:
وذلك على أساس أن المطعون ضدها أقامت دعواها بدون سداد رسوم بناءً على القرار الصادر بإعفائها من الرسوم في الطلب رقم 1012 لسنة 9 القضائية - وأن هذا القرار صدر بإعفائها من الرسوم الخاصة بالدعوى التي تزمع رفعها "بإلغاء قرار فصلها" وأنها بتنازلها عن طلب الإلغاء وتعديل طلباتها إلى طلب الحكم لها بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد فإن هذا الطلب الجديد يكون خارجاً عن نطاق قرار الإعفاء ومن ثم تستحق عليه رسوم قضائية، وإذ لم تقم المطعون ضدها بسداد تلك الرسوم فإنه كان يتعين على المحكمة أن تقضي باستبعاد الدعوى من الرول لعدم سداد الرسوم المستحقة قانوناً وقد استندت الوزارة الطاعنة في ذلك إلى قانون الرسوم رقم 90 لسنة 1940.
ثانياً: أما عن الموضوع:
فقد أوضحت الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن تطبيق الوزارة لنص المادة 112 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 في حق المطعون ضدها جاء مخالفاً للقانون بمقولة أن المدعية عقب انقطاعها في 2 يونيه سنة 1958 وعقب تقديم استقالتها في 7 يونيه سنة 1958 قامت بالتحرير إلى الوزارة بحقيقة حالتها، وبأنها مريضة وكان ذلك في 14 يونيه سنة 1958، وأنها طلبت في خطابها هذا إحالتها إلى القومسيون العام بالقاهرة حتى يتضح صدق قولها، وأن المحكمة قد استنتجت من تلك الوقائع أن نص المادة 112 سالفة الذكر غير متحقق في جانب المدعية، إذ يشترط لانطباقه أن تمتنع المدعية طيلة مدة غيابها عن إبداء عذر لتغيبها، وأنه لما كانت المدعية قد أخطرت الوزارة عدة مرات بعذرها خلال الخمس عشرة يوماً التالية للانقطاع - وهو المرض إلى أن وقع عليها الكشف الطبي في 21 أغسطس سنة 1958 وتقرر لياقتها للخدمة، وما دامت المدعية قد أخطرت بعذرها على هذا النحو فإنه لا يتحقق في جانبها معنى الانقطاع بغير عذر مقبول الذي يعتبر قرينة قانونية على الاستقالة طبقاً لنص المادة 112 المشار إليها - إلا أن الوزارة الطاعنة أوضحت أن هذا التكييف من جانب الحكم المطعون فيه جاء تكييفاً مخالفاً للحقيقة ومؤدياً إلى عكس ما تفصح عنه الأوراق وتؤكده، إذ أن المطعون ضدها كانت في الحقيقة تنوي ترك الوظيفة لسبب أو لآخر، فظلت تحصل على إجازات مرضية متلاحقة منذ إبريل سنة 1958، فكلما كثرت هذه الإجازات، تبين لها أن ثمة استحالة في إجازات أخرى قبل ترك العمل، فعادت إلى العمل وظلت به حتى أول يونيه سنة 1958 ثم انقطعت عنه اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 حيث كانت قد اعتزمت ترك العمل بالاستقالة وفعلاً قدمت استقالتها في 7 يونيه سنة 1958 وذكرت في كتاب الاستقالة أنها "لأسباب عائلية". وأنه لما أرادت المطعون ضدها أن تقرن الاستقالة بالحصول على بعض المزايا، قدمت طلباً في 14 يونيه سنة 1958 تقرر فيه أنها طلبت الاستقالة لسبب المرض، وطلبت توقيع الكشف الطبي لتقرير عدم لياقتها للخدمة، ولا يعتبر هذا عذراً يبرر الانقطاع عن العمل - وأنه قد تم توقيع الكشف الطبي عليها في 21 أغسطس سنة 1958 حيث تقرر لياقتها للخدمة، إلا أنها استمرت في انقطاعها عن العمل إلى أن صدر في 11 سبتمبر سنة 1958 القرار بفصلها من الخدمة، وأبانت الطاعنة أن كل تلك الوقائع قاطعة في توافر الأدلة القانونية التي أوردتها المادة 112 على الانقطاع، وهي تثبت أن المطعون ضدها قد استقالت استقالة فعلية وأنه على ذلك لا يكون الحكم المطعون فيه على حق فيما قضى به من أن المطعون ضدها قدمت أعذاراً تبرر بها انقطاعها عن العمل، إذ لم يكن طلب المطعون ضدها توقيع الكشف الطبي عليها بقصد إبراز عذرها، بل كان يقصد تقرير عدم لياقتها للخدمة، وهو ما تأكد من عدم عودتها للعمل حتى تاريخ صدور قرار الفصل، وأنه في الدعوى المعروضة انقطعت المطعون ضدها عن العمل بغير عذر مقبول ثم قدمت طلباً لقبول استقالتها واستمرت منقطعة عن العمل ثم وقع عليها الكشف الطبي في 21 أغسطس سنة 1958 فثبتت لياقتها الصحية للخدمة ومع ذلك فقد استمرت المطعون ضدها منقطعة عن العمل حتى صدر القرار بفصلها من الخدمة في 11 سبتمبر سنة 1958، وقد اكتملت المدة السابقة على الفصل التي تقدم فيها الأعذار التي تبرر الانقطاع عن العمل، كما أن المطعون ضدها لم تبد أي عذر عن غيابها كما أن عذر المرض قد ثبت فساده بقرار القومسيون الطبي المختص، ومن ثم يكون القرار الصادر بفصل المطعون ضدها من الخدمة قائماً على سببه ومطابقاً للقانون، ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به من الحكم للمطعون ضدها بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد، إذ بان أن القرار المطعون فيه مشروع ومطابق للقانون، وانتهت الوزارة الطاعنة إلى طلب الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبصفة أصلية استبعاد الدعوى من الرول واحتياطياً رفض الدعوى مع إلزام المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ذهبت إليه الوزارة الطاعنة في صحيفة الطعن من طلب استبعاد الدعوى من الجدول استناداً إلى أن قرار إعفاء المطعون ضدها من رسوم دعوى الإلغاء، لا يشمل إعفاءها من رسوم دعوى التعويض، وإذ لم تقم بأداء الرسم المستحق على طلب التعويض، فكان يتعين على المحكمة استبعاد الدعوى من الجدول - لا حجة في ذلك، لأنه وإن كان قرار إعفاء المدعية من الرسوم لم يشمل سوى طلب إلغاء القرار المطعون عليه، إلا أنها وقد قامت بعد ذلك بتعديل طلباتها مستبدلة بطلب الإلغاء طلب التعويض عن ذات القرار المطعون فيه، فإن قرار الإعفاء يشمل بآثاره الطلب الجديد، ذلك أن كلاً من طلب إلغاء القرار غير المشروع وطلب التعويض عنه، يقومان على أساس قانوني واحد، هو عدم مشروعية القرار الإداري، وأن الطعن بالإلغاء هو طعن فيه بالبطلان بالطريق المباشر، وطلب التعويض عنه هو طعن فيه بالبطلان بطريق غير مباشر، ومتى كان الأمر على هذا النحو، يكون هذا السبب من أسباب الطعن غير مستند إلى أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الثاني من الطعن فإن المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المطبقة على واقعة الدعوى تنص على أنه:
"يعتبر الموظف مستقيلاً في الحالتين الآتيتين:
1 - إذا انقطع عن عمله بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية، ولو كان الانقطاع عقب إجازة مرخص له فيها، ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان لعذر مقبول... وإذا لم يقدم الموظف أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت، اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل".
ومؤدى هذا النص أنه إذا ما انقطع الموظف عن عمله دون إذن لمدة خمسة عشر يوماً متتالية جاز اعتباره مستقيلاً من الخدمة، بمعنى أن القانون ترك لجهة الإدارة المختصة أن تترخص في أعمال هذا الحكم في حق الموظف إذا ما توافر مناط تطبيقه، طبقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة.
ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن المطعون ضدها، وهي من المستخدمات الخارجات عن الهيئة فتخضع لحكم المادة 112 سالفة الذكر كانت قد حصلت على إجازات مرضية مشروعة اعتباراً من 10 إبريل سنة 1958 ثم عات إلى عملها بوظيفة خادمة بمستشفى السنبلاوين فتسلمته في 10 مايو سنة 1958 ثم أخطرت بمرضها في 11 مايو سنة 1958، فقرر القومسيون الطبي عودتها إلى العمل بعد توقيع الكشف الطبي عليها مع تسوية المدة من 11 مايو سنة 1958 إلى 17 مايو سنة 1958 إدارياً، وحساب يوم 18 مايو سنة 1958 يوم عمل تحت تصرف القومسيون الطبي - وعادت المطعون ضدها إلى العمل ثم انقطعت عنه اعتباراً من يوم 2 يونيه سنة 1958 ثم قدمت طلباً في 9 يونيه سنة 1958 لقبول استقالتها، إلا أن الإدارة أخطرتها بضرورة العودة إلى العمل إلى أن يبت في طلب الاستقالة، وإلا اعتبرت منقطعة عن العمل بدون إذن، وبتاريخ 16 يونيه سنة 1958 اعتذرت المطعون ضدها عن الحضور للعمل بدعوى المرض وطلبت إحالتها إلى القومسيون الطبي بالقاهرة، وتم توقيع الكشف الطبي عليها في 21 أغسطس سنة 1958 فقرر لياقتها للخدمة، وفي 10 سبتمبر سنة 1958 وافق مدير القسم العلاجي على فصل المطعون ضدها، وفي 11 سبتمبر سنة 1958 قرر مدير عام مصلحة المستشفيات العامة فصلها من الخدمة لانقطاعها عن العمل بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 وعدم تقدمها بعذر مقبول في الخمسة عشر يوماً التالية - عملاً بحكم المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المطعون ضدها قد انقطعت عن العمل فعلاً اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 وقد استمر انقطاعها ما يزيد على خمسة عشر يوماً، مما يعتبر قرينة قانونية على الاستقالة، وقد دعمت هذه القرينة بتقديمها طلباً لقبول استقالتها في 9 يونيه سنة 1958 - وأنها وإن كانت قد طلبت في 16 يونيه سنة 1958 إحالتها إلى القومسيون الطبي واعتذرت عن العودة للعمل بدعوى المرض فإن هذا الطلب لا يعتبر عذراً مقبولاً، إذ كان رداً منها على تكليفها بالحضور إلى العمل، وإلا فصلت من الخدمة، لانقطاعها أكثر من المدة المقررة للانقطاع بدون إذن سابق، ومما يؤكد ذلك ما أثبته الكشف الطبي الذي وقع عليها في 21 أغسطس سنة 1958 من أنها لائقة للخدمة، إلا أنها رغم ذلك استمرت في انقطاعها عن العمل إلى أن صدر قرار مدير عام مصلحة المستشفيات العامة في 11 سبتمبر سنة 1958 بفصلها من الخدمة طبقاً لحكم المادة 112 سالفة الذكر ويبين من ذلك أن المطعون ضدها استمرت منقطعة عن العمل دون إذن سابق من 2 يونيه سنة 1958 إلى 21 أغسطس سنة 1958، ومن ذلك التاريخ حتى صدر قرار فصلها من الخدمة في 11 سبتمبر سنة 1958 ولم تقدم ما يثبت أن غيابها كان لعذر مقبول - ومن ثم يكون القرار الصادر بفصلها من الخدمة قد قام على السبب المبرر له قانوناً، وبني على وقائع صحيحة وتؤدي إليه وتنتجه قانوناً - ويكون طلب المطعون ضدها الحكم لها بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها من جراء فصلها من الخدمة في غير محله لانتفاء خطأ الإدارة في إصدارها قرار الفصل، ومن ثم لا تكون الشروط الموجبة للتعويض قد تكاملت في حق الوزارة الطاعنة.
ومن حيث إنه متى كان الأمر على النحو السالف الذكر، يكون القرار الصادر بفصل المطعون ضدها قد صدر مطابقاً للقانون، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضدها بالتعويض المؤقت قد صدر على غير حق ومخالفاً حكم القانون، حقيقاً بالإلغاء، مما يتعين الحكم بإلغائه، ورفض دعوى المطعون ضدها مع إلزامها بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعية بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 24 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

انتهاء خدمة الموظف لا تحول دون استمرار محاكمته عما يثبت في حقه ولا تعفيه من المسئولية - أثر انتهاء خدمته في هذا الشأن هو ألا يوقع عليه إلا أحد الجزاءات الجائز توقيعها على من تركوا الخدمة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 588

(77)
جلسة 12 من إبريل سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد موسى - وكيل مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح السعيد وعلي لبيب حسن - المستشارين.

القضية رقم 302 لسنة 13 القضائية

موظف "انتهاء خدمة - تأديب".
انتهاء خدمة الموظف لا تحول دون استمرار محاكمته عما يثبت في حقه ولا تعفيه من المسئولية - أثر انتهاء خدمته في هذا الشأن هو ألا يوقع عليه إلا أحد الجزاءات الجائز توقيعها على من تركوا الخدمة.
إن انتهاء خدمة المطعون ضده بالقرار الصادر في 5 من مارس سنة 1969 لا يحول دون استمرار محاكمته عما يثبت في حقه ولا يعفيه من المسئولية عما فرط منه - وكل ما لانتهاء خدمته بالوزارة من أثر في هذا الشأن هو ألا يوقع عليه إلا أحد الجزاءات الجائز توقيعها على من تركوا الخدمة وفقاً لما تقضي به المادة 67 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بتاريخ 9 من يونيه سنة 1966 أودعت النيابة الإدارية سكرتيرية المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة العاملين بوزارة الري أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 60 لسنة 8 القضائية وتقرير اتهام ضد السيد/ أحمد مهدي مجاهد المهندس من الدرجة الخامسة متضمناً اتهامه بأنه اعتباراً من أول أغسطس سنة 1964 وما يلي ذلك بدائرة محافظة الشرقية بصفته من المهندسين الذين يشغلون درجة دون الثانية خالف القانون وخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته بأن (1) جمع بين وظيفته والعمل بالشركة المصرية للأعمال المدنية في الفترة من أول أغسطس سنة 1964 إلى 26 من سبتمبر سنة 1964 (2) انقطع عن مباشرة عمله دون سبب مشروع اعتباراً من 26 من سبتمبر سنة 1964 بعد انتهاء إجازته ولم يعد إليه رغم عدم انتهاء مدة خدمته بأحد الأسباب المنصوص عليها قانوناً فيكون قد ارتكب المخالفات الإدارية المنصوص عليها في المواد 48، 49، 53، 54، 59 من القانون رقم 46 لسنة 1964 والمادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956 المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 1964 - وطلبت النيابة الإدارية تحديد جلسة لمحاكمته بالمواد سالفة الذكر وتطبيقاً للمادتين 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 و61 من القانون رقم 46 لسنة 1964.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن التهمتين المسندتين إلى المتهم ثابتتان في حقه وعلى أنه إذ كان من غير المستطاع إعادته إلى عمله فإنه لا مفر من إخلاء وظيفته منه تمهيداً لشغلها بآخر يقوم مقامه - وأنه نظراً إلى أنه قد انقطع عن عمله أكثر من سنتين والتحق بالعمل بإحدى شركات القطاع العام بمرتب يفوق ضعف ما كان يتقاضاه بالوزارة وانقطع بذلك الأمر في عودته إلى عمله بها فإن المحكمة رأت فصله من الخدمة من حرمانه من ربع المكافأة أو المعاش.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956 المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 1964 تقضي بعدم جواز استقالة المهندسين أو امتناعهم عن العمل مع اعتبار ذلك فعلاً يترتب عليه مسئوليتهم الجنائية ومؤدى ذلك أنه عندما ينقطع أحدهم فإنه لا يجوز مجازاته بالفصل لأن ذلك سيترتب عليه قطع علاقته بالوظيفة وهو الأمر الذي يتنافى مع أحكام قانون التكليف والغاية المستهدفة منه وإذ خرج الحكم المطعون فيه عن ذلك فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ولا يمنع من هذا القول بأن بقاء درجة المهندس المنقطع شاغرة سوف يهز المصلحة العامة ويجعل الوزارة عاجزة عن شغلها بغيره إذ لو كان من السهل شغل درجات المهندسين بغير من ينقطع منهم عن العمل لما كان هناك ضرورة لقانون تكليفهم - وفصل المهندس المنقطع وإن كان يحمل معنى العقاب إلا أنه يحقق في النهاية غرضه في قطع علاقته القانونية بالوظيفة المكلف بها - فكان على المحكمة التأديبية أن تضع هذه الأمور في اعتبارها عند تقدير الجزاء وتراعى فيه ألا تقطع علاقة الموظف المخطئ بوظيفته - وأودعت النيابة الإدارية مذكرة بدفاعها أشارت فيها إلى ما أدخل من تعديلات على القانون رقم 296 لسنة 1956 بمقتضى القانون رقم 74 لسنة 1964 وذكرت أن المشرع قد استهدف بها منع المهندس الهارب من وضع الإدارة أمام الأمر الواقع بامتناعه عن العمل وإجباره على العودة إلى عمله الأصلي، وذلك بحظر تشغيل المهندسين الخاضعين لأحكام القانون المذكور سواء منهم المكلفون أو المحظور عليهم الاستقالة في أعمال أخرى غير أعمالهم الأصلية ما لم يقدموا ما يثبت استقالتهم أو إنهاء تكليفهم وبالنص على عقاب من يخالف ذلك بالحبس والغرامة ومحو اسمه من سجلات نقابة المهندسين وبفرض عقوبة على من يقوم بتشغيل المهندس المخالف.
وأودع المطعون ضده في 25 من فبراير سنة 1969 مذكرة قال فيها أنه ولئن كان يعمل بالقطاع العام إلا أنه لم يعين فعلاً وأن الوزارة قد أنهت خدمة ستين مهندساً من زملائه تماثل حالتهم حالته وطلب تأجيل الحكم في الطعن حتى يكون قد صدر قرار من الوزير بإنهاء خدمته وحتى لا يقف الحكم بفصله حجر عثرة في سبيل تعيينه ومستقبله - ثم أودع في 8 من مارس سنة 1969 صورة رسمية من القرار الصادر من وكيل وزارة الري - بناءً على موافقة الوزير - بإنهاء خدمته اعتباراً من 5 من مارس سنة 1969 كما أودع مذكرة ثابتة انتهى فيها إلى أنه يؤيد وجهة نظر الجهة الطاعنة في تعديل الحكم.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن المطعون ضده كان مهندساً بوزارة الري في الدرجة الخامسة وأنه انقطع عن عمله اعتباراً من 26 من سبتمبر سنة 1964 بعد أن كان قد التحق بالعمل في الشركة المصرية للأعمال المدنية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1964 - ولم يعد إلى عمله بالوزارة رغم التنبيه عليه بذلك - ونظراً إلى ثبوت المخالفتين المنسوبتين إليه قضت المحكمة التأديبية بحكمها المطعون فيه بفصله من الخدمة.
ومن حيث إن انتهاء خدمة المطعون ضده بالقرار الصادر في 5 من مارس سنة 1969 لا يحول دون استمرار محاكمته عما يثبت في حقه ولا يعفيه من المسئولية عما فرط منه - وكل ما لانتهاء خدمته بالوزارة من أثر في هذا الشأن هو ألا يوقع عليه إلا أحد الجزاءات الجائز توقيعها على من تركوا الخدمة وفقاً لما تقضي به المادة 67 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 وتقدر المحكمة الجزاء المناسب للمخالفتين اللتين ارتكبهما المطعون ضده بمبلغ عشرين جنيهاً تخصم من مكافأته أو تحصل منه بالطريق الذي رسمه القانون.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين تعديل الحكم المطعون فيه - وذلك بمجازاة المهندس المطعون ضده بخصم عشرين جنيهاً - مع إلزامه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بمجازاته بخصم مبلغ وقدره عشرون جنيهاً مصرياً وألزمته بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 39 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

ترتيب الفصل على الحكم الصادر على الموظف في جناية ولو بعقوبة الجنحة طبقاً لنص المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 623

(83)
جلسة 26 من إبريل سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن - المستشارين.

القضية رقم 191 لسنة 12 القضائية

( أ ) - موظف. "انتهاء خدمة" فصل - قانون "أثر رجعي".
ترتيب الفصل على الحكم الصادر على الموظف في جناية ولو بعقوبة الجنحة طبقاً لنص المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - صدور الحكم على الموظف في جناية وكذلك قرار فصله في ظل هذا القانون - لا تسرى على الموظف بعد ذلك أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 الذي ألغى القانون رقم 210 لسنة 1951 المجال الزمني للقانون رقم 46 لسنة 1964 لا يمتد إلى ما سبق نفاذه من وقائع تمت وتحققت أثارها في ظل القانون الأول وإلا كان في ذلك تطبيق للقانون بأثر رجعي بغير نص يجيز ذلك.
(ب) - قانون "مبدأ القانون الأصلح للمتهم".
مبدأ القانون الأصلح للمتهم لا يكون إلا بصدد النصوص الجنائية - النصوص المقررة لإجراء إداري يتحدد على مقتضاه المركز القانوني للموظف العام في مجالات العلاقة الوظيفية لا تعد من هذا القبيل.
1 - إن المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن تنتهي خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية: (1) بلوغ السن المقررة لترك الخدمة. (2) الحكم عليه في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف. (3) ..... ومؤدى ذلك أن الحكم الجنائي يفضي وفقاً لأحكام هذا القانون إلى عزل الموظف العام إذا كان الحكم صادراً في جناية، فمتى قام هذا الوصف بالفعل المنسوب إلى الموظف العام، والذي جوزي من أجله فلا مفر من أن يؤدي الحكم الصادر بإدانته بسببه إلى عزله سواء تضمن الحكم توقيع عقوبة جناية أم تضمن توقيع عقوبة الجنحة في الحالات المعينة التي نص عليها القانون، ذلك أنه واضح أن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المشار إليه لم يفرق بين الأحكام الصادرة في جناية من حيث أثرها على مركز الموظف العام تبعاً لنوع العقوبة التي تتضمنها كما أنه كذلك لم يفرق بين جناية وجناية أخرى تبعاً لكونها مخلة بالشرف أو غير مخلة به، فتتساوى في الأثر الأحكام الصادرة في جناية القتل العمد وجناية هتك العرض وجناية إحراز سلاح ناري بغير ترخيص أو غيرها، إذ جميعها أحكام صادرة في جنايات وكلها تنهي حتماً وبحكم القانون العلاقة بين الموظف والدولة.
ولما كان الحكم الذي قضى بإدانة المطعون عليه في جناية إحراز سلاح بغير ترخيص قد صدر في ظل العمل بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة آنف الذكر.
وبذا لزم أن تترتب عليه الآثار القانونية التي استتبعها والتي نص عليها هذا القانون، ما دامت الواقعة التي انبنت عليها هذه الآثار، وهي صدور الحكم، قد تحققت بالفعل قبل إلغائه بالقانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، فليس من شأن صدور هذا القانون الأخير في أثناء نظر الدعوى أن ينقل الواقعة المذكورة من الماضي ليخضعها لسلطانه، كما لا ينسحب حكمه عليها بأثر رجعي دون نص فيه على ذلك، ومن ثم فلا يكون هناك محل لإعمال القانون الجديد الذي اشترط لإنهاء الخدمة أن يكون الحكم على العامل بعقوبة جناية، لتعلق الأمر بواقعة لم تستجد من تاريخ نفاذه بل سابقة عليه وخاضعة لحكم القانون القديم وحده الذي يبقى بعد إلغائه سارياً في شأن الآثار التي تحققت بالفعل إبان نفاذه، ومتى استبعد تطبيق القانون الجديد سقط بالتالي الاستناد الذي قام عليه الحكم المطعون فيه لتطبيق أحكام هذا القانون.
2 - إن مبدأ القانون الأصلح للمتهم لا يكون إلا بصدد النصوص الجنائية التي تتصل بالتجريم والعقاب، ولا تعد من هذا القبيل النصوص المقررة لإجراء إداري يتحدد على مقتضاه المركز القانوني للموظف العام في مجالات العلاقة الوظيفية، وهو إجراء لا ينطوي على أي جزاء جنائي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 32 لسنة 8 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 22 من أكتوبر سنة 1960 ذكر فيها أنه كان يشغل وظيفة مدرس بالمدارس الابتدائية بوزارة التربية والتعليم حين اتهم في الجناية رقم 2598 لسنة 1958 منفلوط بأنه أولاً: أحرز سلاحاً نارياً بغير ترخيص. ثانياً: تسبب بغير قصد ولا تعمد في قتل عبده حسن محمد. وعلى أثر صدور الحكم عليه في هذه الجناية بحبسه ستة أشهر مع الشغل والمصادرة تقرر في 31 من مايو سنة 1960 فصله من الخدمة طبقاً لأحكام المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، ولما كانت العقوبة المقضي بها عليه هي عقوبة جنحة وفي جريمة ليست مخلة بالشرف فإنه ما كان يجوز فصله ومن ثم يكون القرار الصادر بفصله مخالفاً للقانون وطلب لذلك إلغاءه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة بالمصروفات، وقد ردت الإدارة على الدعوى بأن القرار المطعون فيه قد التزم القاعدة الواردة في المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي تقضي بإنهاء خدمة الموظف إذا حكم عليه في جناية، وطلبت رفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات. وبجلسة 22 من نوفمبر سنة 1965 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها في الدعوى قاضياً "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمة المدعي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الوزارة المصروفات وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه ولئن صدر مطابقاً لحكم المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي كانت تقضي بانتهاء خدمة الموظف إذا حكم عليه في جناية، إلا أن المدعي قد أدركه في أثناء نظر الدعوى القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، الذي اشترط لانتهاء خدمة الموظف في هذه الحالة أن يحكم عليه بعقوبة جناية فمن ثم يسري في شأنه الحكم المستحدث ويفيد منه باعتباره القانون الأصلح له، وإذ كان الثابت أنه قد حكم عليه في جناية إحراز السلاح التي اتهم فيها بحبسه مع الشغل لمدة ستة أشهر وهذه عقوبة جنحة، فإنه طبقاً لهذا القانون الجديد لا يعد الحكم الصادر ضده في هذه الجناية من الأسباب التي تنتهي بها خدمته، ويكون القرار الصادر بفصله قد انهارت بذلك مشروعيته وحق إلغاؤه.
وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم وأقامت طعنها على أن مناط إعمال حكم المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة هو أن يحكم على الموظف في جناية أو في أية جريمة مخلة بالشرف، ومن ثم فإن الحكم ضد موظف عام في جناية كاف بذاته لإنفاذ حكم هذه المادة، وإذ كان الثابت أن المطعون ضده قد حكم عليه نهائياً في جناية إحراز سلاح بغير ترخيص، فإن القرار الصادر بفصله اعتباراً من تاريخ الحكم عليه يكون قد صدر مطابقاً لأحكام القانون القائم وقت صدور هذا الحكم لما هو مقرر فقهاً وقضاءً من أن مشروعية القرار الإداري إنما تكون بالنظر إلى مدى مطابقته للقواعد القانونية التي صدر في ظلها. وإذ هب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وقامت به إحدى حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن تنتهي خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية: (1) بلوغ السن المقررة لترك الخدمة. (2) الحكم عليه في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف. (3)..... ومؤدى ذلك أن الحكم الجنائي يفضي وفقاً لأحكام هذا القانون إلى عزل الموظف العام إذا كان الحكم صادراً في جناية، فمتى قام هذا الوصف بالفعل المنسوب إلى الموظف العام، والذي جوزي من أجله فلا مفر من أن يؤدي الحكم الصادر بإدانته بسببه إلى عزله سواء تضمن الحكم توقيع عقوبة جناية أو تضمن توقيع عقوبة الجنحة في الحالات المعينة التي نص عليها القانون، ذلك أنه واضح أن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المشار إليه لم يفرق بين الأحكام الصادرة في جناية من حيث أثرها على مركز الموظف العام تبعاً لنوع العقوبة التي تتضمنها كما أنه كذلك لم يفرق بين جناية وجناية أخرى تبعاً لكونها مخلة بالشرف أو غير مخلة به، فتتساوى في الأثر الأحكام الصادرة في جناية القتل العمد وجناية هتك العرض وجناية إحراز سلاح ناري بغير ترخيص أو غيرها، إذ جميعها أحكام صادرة في جنايات وكلها تنهي حتماً وبحكم القانون العلاقة بين الموظف والدولة.
ومن حيث إن الحكم الذي قضى بإدانة المطعون عليه في جناية إحراز سلاح بغير ترخيص قد صدر في ظل العمل بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة آنف الذكر. وبذا لزم أن تترتب عليه الآثار القانونية التي استتبعها والتي نص عليها هذا القانون ما دامت الواقعة التي انبنت عليها هذه الآثار، وهي صدور الحكم، قد تحققت بالفعل قبل إلغائه بالقانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة فليس من شأن صدور هذا القانون الأخير في أثناء نظر الدعوى أن ينقل الواقعة المذكورة من الماضي ليخضعها لسلطانه، كما لا ينسحب حكمه عليها بأثر رجعي دون نص فيه على ذلك، ومن ثم فلا يكون هناك محل لإعمال القانون الجديد الذي اشترط لإنهاء الخدمة أن يكون الحكم على العامل بعقوبة جناية، لتعلق الأمر بواقعة لم تستجد من تاريخ نفاذه بل سابقة عليه وخاضعة لحكم القانون القديم وحده الذي يبقى بعد إلغائه سارياً في شأن الآثار التي تحققت بالفعل إبان نفاذه، ومتى استبعد تطبيق القانون الجديد سقط بالتالي الاستناد الذي قام عليه الحكم المطعون فيه لتطبيق أحكام هذا القانون.
ومن حيث إنه لا صحة كذلك لما استند إليه الحكم المطعون فيه لتطبيق القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة على الحالة المعروضة من أنه هو القانون الأصلح للمدعي، ذلك أن مبدأ القانون الأصلح للمتهم لا يكون إلا بصدد النصوص الجنائية التي تتصل بالتجريم والعقاب، ولا تعد من هذا القبيل النصوص المقررة لإجراء إداري يتحدد على مقتضاه المركز القانوني للموظف العام في مجالات العلاقة الوظيفية، وهو إجراء لا ينطوي على أي جزاء جنائي، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه الصادر في 31 من مايو سنة 1960، في ظل العمل بأحكام قانون نظام موظفي الدولة القديم رقم 210 لسنة 1951 بإنهاء خدمة المطعون عليه إعمالاً لأحكام هذا القانون على النحو سالف البيان قد صدر سليماً مبرأ من عيوب عدم المشروعية ويكون طلب المدعي إلغاءه غير قائم - والحالة هذه - على أساس سليم من القانون متعين الرفض. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 69 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

تضمين الاستقالة طلب تطبيق قانون المعاشات لا يعد من قبيل الشروط التي تجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.

الحكم كاملاً

 

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 693

(93)
جلسة 10 من مايو سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار مصطفى كامل إسماعيل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد طاهر عبد الحميد وأحمد علي البحراوي ومحمد صلاح الدين السعيد - المستشارين.

القضية رقم 449 لسنة 13 القضائية

موظف "انتهاء خدمة - الاستقالة".
تضمين الاستقالة طلب تطبيق قانون المعاشات لا يعد من قبيل الشروط التي تجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.
إن الطلبين اللذين تقدم بهما المدعي يبدى فيهما رغبته في الاستقالة كما هو واضح من سياق عباراتهما غير معلقين على أي شرط، ذلك أن طلب تطبيق قانون المعاشات في حقه، وهو ما كان سيجري حكمه عليه دون حاجة إلى التنبيه إليه لو كان له وجه حق في ذلك لا يعد من قبيل الشروط التي تجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المشار إليه، على أنه أياً كان وجه الرأي في مضمون الطلب الأول الذي أشار فيه المدعي إلى قانون المعاشات فإن الطلب الثاني المقدم منه بعد ذلك الذي استند إليه القرار المطعون فيه قد جاء خلواً من أي شرط مما ينفي أية مظنة يمكن أن تساند المدعي فيما يتحمل فيه الآن، وقد كان عليه أن يتدبر أمره في ضوء حكم القانون في شأن تسوية حالته قبل أن يقدم على الاستقالة أما وقد تقدم بها وألح في قبولها بطلب آخر لم يذكر به أكثر من أنه يطلب الموافقة على قبول استقالته من الخدمة فلا تثريب على الوزارة إن هي قبلت الاستقالة ورتبت عليها أثرها القانوني، ومن ثم يكون القرار الصادر منها في هذا الشأن قد جاء مطابقاً لأحكام القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 314 لسنة 10 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة العدل بعريضة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة في 17 من يونيه سنة 1963 ذكر فيها أنه كان يشغل وظيفة مراجع حسابي بالدرجة الرابعة الفنية بمصلحة الشهر العقاري، وإذ صدر قانون المعاشات الجديد بادر في 4 من يناير سنة 1963 بتقديم طلب لإحالته إلى المعاش وقد كانت دهشته بالغة بعد أن قبلت استقالته إذ تبين له أنه لا يستحق معاشاً بل يستحق مكافأة فقط، فبادر بتقديم طلب لإعادته إلى الخدمة ما دامت الإدارة لم تحقق له الشرط الذي قرن به استقالته، غير أنها لم تعر طلبه هذا التفاتاً مما اضطره إلى إقامة هذه الدعوى طالباً الحكم بأحقيته في العودة إلى العمل وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن القرار الصادر بقبول استقالة المدعي إنما صدر بناءً على طلب صريح منه غير معلق على أي شرط، ومن ثم يكون قد صدر سليماً مطابقاً للقانون وطلبت من أجل ذلك رفض الدعوى، وقد أحيلت هذه الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص حيث قيدت بجدولها تحت رقم 531 لسنة 19 القضائية، وبعد نظرها أمام هذه المحكمة المذكورة على الوجه الموضح بمحاضر جلساتها أصدرت بجلستها المنعقدة في 6 من فبراير سنة 1967 حكمها فيها قاضياً "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها على ما تبين لها من أن الإدارة قد قبلت استقالة المدعي بناءً على الطلب المقدم منه في 10 من يناير سنة 1963 بقبول استقالته وهو طلب غير معلق على أي شرط ومن ثم يكون القرار الصادر بقبول الاستقالة سليماً ولا وجه للطعن عليه وقد طعن المدعي في هذا الحكم وأقام طعنه على أن طلب الاستقالة الذي استند إليه القرار الصادر بقبولها وإن خلا من أي شرط إلا أنه لا يمكن فصله عن طلبه السابق الذي قرنه بشرط استحقاقه للمعاش اعتقاداً منه خطأ باستحقاقه معاشاً، وهذا الشرط يجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة النافذ وقتذاك، وعلى ذلك يكون القرار الصادر بقبول استقالته استناداً إلى طلب شابه غلط وقع فيه ودون أن تحقق له الإدارة الشرط الوارد به قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وقامت به إحدى حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه تبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي تقدم في 3 من يناير سنة 1963 بطلب إلى السيد أمين عام الشهر العقاري أبدى فيه رغبته في استقالته من الخدمة مع تسوية حالته طبقاً لقانون المعاشات وفي 10 من يناير سنة 1963 شفع هذا الطلب بطلب آخر التمس فيه الموافقة على قبول استقالته من الخدمة، وبناءً على هذا الطلب الأخير وبعد موافقة السيد وزير العدل عليه في 22 من يناير سنة 1963 وعملاً بأحكام المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة أصدر السيد وكيل الوزارة بمقتضى التفويض الصادر له قراراً بقبول الاستقالة المذكورة اعتباراً من 22 من يناير سنة 1963 تاريخ موافقة السيد وزير العدل على قبولها.
ومن حيث إن الطلبين اللذين تقدم بهما المدعي يبدي فيهما رغبته في الاستقالة كما هو واضح من سياق عباراتهما غير معلقين على أي شرط، ذلك أن طلب تطبيق قانون المعاشات في حقه، وهو ما كان سيجري حكمه عليه دون حاجة إلى التنبيه إليه لو كان له وجه حق في ذلك لا يعد من قبيل الشروط التي تجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المشار إليه، على أنه أياً كان وجه الرأي في مضمون الطلب الأول الذي أشار فيه المدعي إلى قانون المعاشات، فإن الطلب الثاني المقدم منه بعد ذلك الذي استند إليه القرار المطعون فيه قد جاء خلواً من أي شرط مما ينفي أية مظنة يمكن أن تساند المدعي فيما يتحمل فيه الآن، وقد كان عليه أن يتدبر أمره في ضوء حكم القانون في شأن تسوية حالته قبل أن يقدم على الاستقالة، أما وقد تقدم بها وألح في قبولها بطلب آخر لم يذكر به أكثر من أنه يطلب الموافقة على قبول استقالته من الخدمة فلا تثريب على الوزارة إن هي قبلت الاستقالة ورتبت عليها أثرها القانوني، ومن ثم يكون القرار الصادر منها في هذا الشأن قد جاء مطابقاً لأحكام القانون ويكون طلب المدعي إلغاءه غير قائم - والحالة هذه - على أساس سليم من القانون متعين الرفض وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة، فإنه يكون قد صادف الحق في قضائه، ويتعين لذلك القضاء برفض الطعن، مع إلزام الطاعن بمصروفاته.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن بمصروفاته.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

انتهاء الخصومة بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الصادر بالإحالة إلى المعاش يستتبع بالضرورة عدم حساب مدة الفصل ضمن مدة الخدمة المحسوبة في المعاش - تعارض ذلك مع طلب الإلغاء غير المباشر وهو التعويض.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 696

(94)
جلسة 17 من مايو سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار مصطفى كامل إسماعيل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد طاهر عبد الحميد وأحمد علي البحراوي ومحمد صلاح الدين السعيد - المستشارين.

القضية رقم 759 و1179 لسنة 9 القضائية

( أ ) - موظف "معاش" العلماء والموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف.
المادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق التأمين والمعاشات لموظفي الدول المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانية المستقلة حددت استثناء من الأصل العام السن التي يحال عند بلوغها العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف بالخامسة والستين - الهدف من ذلك مساواتهم في هذا الشأن بالعلماء المدرسين والعلماء الموظفين بالأزهر والمعاهد الدينية المعاملين بلائحة التقاعد الخاصة بهم المعدلة بالقانون رقم 27 لسنة 1954 - عدم جواز تفسير هذه المادة بما يخل بهذه المساواة بذريعة أن الأمر في ذلك جوازي للجهة الإدارية تبقي منهم من ترى إبقاءه وتخرج منهم بعد سن الستين من ترى إخراجه - قرار الإحالة إلى المعاش لبلوغ سن الستين يكون قد صدر والحالة هذه مخالفاً للقانون ويحق المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي نجمت من جرائه.
(ب) - عقد الصلح "تفسيره".
عبارات الصلح تفسر تفسيراً ضيقاً - يترتب على ذلك قصر التصالح على ما تنازل عنه المتصالح وحده دون غيره - إذا كان التصالح وارداً على حقوق في الراتب فإنه لا ينبغي تفسيره على أنه شامل للتعويض عن الفصل من الخدمة - أساس ذلك.
(جـ) - دعوى الإلغاء "التنازل الضمني".
التنازل الضمني عن متابعة دعوى الإلغاء يقصد به أن تحقق المحكمة أثره بالحكم بانتهاء الخصومة - التنازل عن الخصومة في طلب الإلغاء يمتنع معه على القاضي الإداري أن يتدخل فيها بقضاء - أساس ذلك.
(د) - دعوى الإلغاء "انتهاء الخصومة". موظف "انتهاء خدمة". فصل "حسابه في مدة الخدمة". تعويض.
انتهاء الخصومة بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الصادر بالإحالة إلى المعاش يستتبع بالضرورة عدم حساب مدة الفصل ضمن مدة الخدمة المحسوبة في المعاش - تعارض ذلك مع طلب الإلغاء غير المباشر وهو التعويض.
1 - إن نص المادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانيات المستقلة قد حدد استثناء من الأصل العام السن التي يحال عند بلوغها العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف بالخامسة والستين ليكون شأنهم في ذلك شأن العلماء المدرسين والعلماء الموظفين بالأزهر والمعاهد الدينية الذين يحالون إلى المعاش في هذه السن بحكم لائحة التقاعد الخاصة بهم معدلة بالقانون رقم 27 لسنة 1954، وأنه لا يقبل بعد أن سوى القانون في المعاملة بين الطائفتين وطبق عليهما الحكم ذاته، أن يفسر النص آنف الذكر بما يخل بهذه المساواة القائمة بينهما بذريعة أن الأمر في ذلك - مع أنه بطبيعته مما ينأى عن مجال السلطة التقديرية - جوازي للجهة الإدارية تبقي منهم من ترى إبقاءه في الخدمة وتخرج منهم بعد سن الستين من ترى إخراجه، وإذ كان ذلك هو التفسير السليم لحكم القانون وكان السبب في إصدار القرار الذي يطالب المدعون بتعويض مورثهم عنه هو بلوغه سن الستين على حين أن السن التي يحال قانوناً عند بلوغها إلى المعاش هي الخامسة والستون فإن قرار إحالة المذكور إلى المعاش لبلوغه سن الستين يكون قد صدر والحالة هذه مخالفاً للقانون ويحق للمدعين من ثم أن يطالبوا بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء هذه الإحالة المبكرة.
2 - إن التفسير الضيق لعبارات الصلح يستوجب قصر التصالح على ما تنازل عنه المتصالح وحده دون غيره، وإذ كان التنازل الوارد عن حقوق المدعي في الراتب مختلفاً في موضوعه عن طلب التعويض عن فصله من الخدمة، فإن هذا التنازل بفرض صحته لا ينبغي تفسيره على أنه شامل للتعويض، ومن ثم يحق للمدعين أن يطالبوا بالتعويض المشار إليه أخذاً بقاعدة تفسير الصلح تفسيراً ضيقاً.
3 - إن التنازل الضمني عن متابعة دعوى الإلغاء المستخلص من تعديل الطلبات إنما يرمي المدعون من ورائه إلى أن تحقق لهم المحكمة أثر هذا التنازل الإجرائي بالحكم بانتهاء الخصومة لأن الخصومة في طلب الإلغاء شأنها شأن كل خصومة يتوقف بقاؤها على إصرار رافعها على متابعتها، فإذا تنازل عنها فلا يجوز للقاضي الإداري أن يتدخل فيها بقضاء حاسم لها على الرغم من عدول صاحب الشأن عنها.
4 - وإذ خلصت هذه المحكمة إلى انتهاء الخصومة بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الصادر بإحالة مورث المدعين إلى المعاش، فإن مركز المذكور يكون قد تحدد نهائياً باعتباره مفصولاً من الخدمة مما يستتبع بالضرورة عدم حساب مدة فصله ضمن مدة خدمته المحسوبة في المعاش لتعارض هذا الطلب في الوقت ذاته مع طلب الإلغاء غير المباشر وهو التعويض. وما دامت مدة الفصل لم تقض فعلاً في الخدمة بصفة قانونية فلا يسوغ بحال حسابها في المعاش إذ لم يتقاض مورث المدعين عنها مرتباً وبالتالي لم يجر عليها حكم الاستقطاع وهو الشرط اللازم لحساب مدد الخدمة في المعاش طبقاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه سبق لدائرة فحص الطعون أن قررت ضم الطعنين رقم 759 لسنة 9 القضائية ورقم 1179 لسنة 9 القضائية أحدهما إلى الآخر للفصل فيهما معاً بحكم واحد.
ومن حيث إن الطعن رقم 759 لسنة 9 القضائية قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن بالنسبة إلى الطعن رقم 1179 لسنة 9 القضائية، فإن الثابت من الأوراق أن الطاعنين قدموا إلى لجنة المساعدة القضائية بهذه المحكمة في 2 من مايو سنة 1963 طلباً لإعفائهم من رسوم الطعن قيد تحت رقم 252 لسنة 9 القضائية. ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 13 من مارس سنة 1963 فإن هذا الطلب يكون قد قدم خلال الستين يوماً التالية لصدور الحكم المذكور. ولما كانت لجنة المساعدة القضائية قد أصدرت قرارها بقبول طلب الإعفاء المشار إليه في 10 من يونيه سنة 1963. وكان الطاعنون قد أودعوا تقرير طعنهم في 6 من أغسطس سنة 1963، فإن التقرير يكون قد أودع قبل انقضاء ستين يوماً محسوبة من تاريخ صدور قرار لجنة المساعدة القضائية سالف الذكر، ومن ثم يكون الطعن رقم 1179 لسنة 9 القضائية قد استوفى هو الآخر أوضاعه الشكلية وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص أثر طلب المساعدة القضائية القاطع لميعاد رفع الطعن أمامها.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المرحوم عثمان خليل مصطفى الجندي أقام الدعوى رقم 757 لسنة 14 القضائية ضد وزارة الأوقاف بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 18 من فبراير سنة 1960 طلب فيها الحكم: "بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 18 من أكتوبر سنة 1959 بإحالته إلى المعاش لبلوغه سن الستين اعتباراً من هذا التاريخ مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام وزارة الأوقاف بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال بياناً لدعواه أنه كان يعمل بوزارة الأوقاف في وظيفة إمام وخطيب ومدرس بمسجد الأمير مراد بالمحلة الكبرى وقد فوجئ في يوم 18 من أكتوبر سنة 1959 بقرار بإحالته إلى المعاش لبلوغه سن الستين، وذلك على الرغم من أن من حقه في البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين استناداً إلى حكم المادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق التأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانيات المستقلة. وقد أجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بأن المادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956 سالفة الذكر تنص على أن تنتهي خدمة الموظفين المنتفعين بأحكامه عند بلوغهم سن الستين فيما عدا الوزراء ونواب الوزراء، واستثنى من ذلك العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف فيجوز بقاؤهم حتى سن الخامسة والستين، وقد استفسرت وزارة الأوقاف من ديوان الموظفين عن مدى أحقية العلماء الموظفين بمراقبة الشئون الدينية في البقاء بالخدمة بعد سن الستين فأجاب الديوان بأن المادة 17 المشار إليها صريحة فيما أوردته من استثناءين أولهما خاص بالوزراء ونوابهم الذين استثنوا من تحديد سن الإحالة إلى المعاش بصفة مطلقة وثانيهما خاص بفئة العلماء المذكورة وقد ورد على خلاف الحكم الأول باعتباره استثناء جوازياً تترخص فيه الإدارة بما لها من سلطة تقديرية مستهدفة في ذلك الصالح العام. وقد أخذت الوزارة بهذا الرأي وسارت على قاعدة إنهاء خدمة العلماء الموظفين بها عند بلوغهم سن الستين مستهدفة بذلك إفساح المجال لتعيين خريجي الجامعة الأزهرية في وظائف الإمامة لتخفيف حدة مشكلة التعطل بين حملة المؤهلات العالية، وقدمت الجهة الإدارية إقراراً صادراً من المدعي في 26 من نوفمبر سنة 1960 يقر فيه بتنازله عن الدعوى مقابل أن تصدر وزارة الأوقاف قراراً بإعادته إلى العمل كما يقر فيه بعدم المطالبة بأي مرتب عن المدة من تاريخ فصله إلى اليوم السابق على تاريخ إعادته إلى الخدمة وتسلمه العمل، مع تعهده بتوقيع محضر الصلح الذي ستعده إدارة قضايا الحكومة لتقديمه إلى المحكمة. وبجلسة 27 من سبتمبر سنة 1961 قضت محكمة القضاء الإداري بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لوفاة المدعي. وفي 2 من نوفمبر سنة 1961 قدم ورثته طلب تعجيل للدعوى، وبالجلسة المنعقدة أمام مفوض الدولة في 25 من يناير سنة 1962 قرر الحاضر عن الورثة أن الوزارة المدعى عليها أعادت مورثهم إلى الخدمة في أول ديسمبر سنة 1960 وأنه توفى إلى رحمة الله في 2 من فبراير سنة 1961، وأن الورثة يعدلون الطلبات في الدعوى إلى طلب الحكم بصرف مرتب مورثهم عن المدة من 31 من أكتوبر سنة 1959 إلى أول ديسمبر سنة 1960 واعتبار هذه المدة ضمن مدة خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار خاصة بعد مد الخدمة إلى 2 من فبراير سنة 1962 واعتبار قرار الإحالة إلى المعاش كأن لم يكن. وبجلسة 13 من مارس سنة 1963 قضت محكمة القضاء الإداري "هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي" بإثبات تنازل مورث المدعين عن دعواه فيما يتعلق بطلب الإلغاء والمرتب عن مدة الفصل، وبأحقية مورثهم في اعتبار مدة فصله حتى وفاته في 2 من فبراير سنة 1961 ضمن مدة خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت كلاً من الحكومة وورثة المدعي المصروفات المناسبة مع المقاصة في مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على أن مورث المدعين سلم الوزارة في 26 من نوفمبر سنة 1960 تنازلاً صريحاً عن دعواه أطلعت عليه وقبلته بدليل أنها نفذت الشرط الذي علق عليه المورث تنازله وإعادته إلى العمل ومن ثم فلا تعدو مهمة القاضي مجرد إثبات هذا التنازل دون التصدي للفصل في موضوع المنازعة العينية المعروضة التي أصبحت غير ذات موضوع، وأنه ولئن عدل المدعون طلب مورثهم إلى أحقيتهم في مرتبه عن مدة فصله واعتبار هذه المدة محسوبة ضمن مدة خدمته حتى تاريخ وفاته في 2 من فبراير سنة 1961 واعتبار قرار الإحالة إلى المعاش كأن لم يكن فإن هذين الطلبين مرتبطان بالطلب الأول ارتباطاً جوهرياً، ومن ثم فإن التنازل المقدم إلى الوزارة يتضمن التنازل عن طلب الإلغاء وطلب المرتب معاً، وفي إثبات المحكمة لهذا التنازل إنهاء للخصومة في الطلب الأصلي بالإلغاء، وعدم قبول للدعوى بالنسبة لطلبه الثاني الخاص بالمرتب على أساس التعويض عنه، إذ أن التنازل ينصب في الواقع على المطالبة به بصفة عامة، وهو ما يتضمن التنازل عن المنازعة فيه مما يجعل الدعوى التي ترفع به غير مقبولة بعد أن أصبح الحق المتنازع عليه غير ذي موضوع. أما فيما يتعلق بطلب المدعين اعتبار المدة التي ظل مورثهم مفصولاً خلالها مدة خدمة حقيقة تحسب في مدة خدمته فإن هذا الطلب يخرج عن نطاق التنازل المشار إليه وهو نتيجة حتمية لإعادة المدعي إلى الخدمة وسحب قرار فصله مما يتعين القضاء به.
ومن حيث إن الطعن رقم 759 لسنة 9 القضائية يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن التنازل الصادر من مورث المدعين يتضمن حتماً وبالضرورة التنازل عن الطلبات جميعها وهي طلب الإلغاء المرفوعة به الدعوى، وطلب الراتب القائم على التعويض، وطلب حساب مدة الفصل ضمن مدة الخدمة، باعتبار أنها جميعاً مجرد آثار تترتب على إلغاء قرار الفصل الذي تم التنازل عنه. والثابت أن إعادة المورث إلى الخدمة لم تكن سحباً لقرار إنهاء خدمته وإنما إجراء جديد اتخذته الإدارة بمالها من رخصة طبقاً للمادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956. يضاف إلى ذلك أن حساب هذه المدة في المعاش يخالف الأصل المقرر من أن المدة التي لا يجري عليها حكم الاستقطاع لا تحسب في المعاش.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1179 لسنة 9 القضائية أن محضر الصلح الذي اعتمدته المحكمة المطعون في حكمها باطل لمخالفته للنظام العام ولأنه مشوب بالإكراه ولما كان القرار الصادر بإحالة مورث المدعين إلى المعاش قبل بلوغه سن الخامسة والستين قد جاء باطلاً فإن هؤلاء الورثة يستحقون تعويضاً عن الأضرار التي لحقتهم من جرائه يعادل قيمة مرتب مورثهم عن المدة التي حرم فيها من هذا المرتب.
ومن حيث إنه لا خلاف بين طرفي المنازعة في أن مورث المدعين وهو من العلماء الموظفين بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف قد أحيل إلى المعاش قبل بلوغه سن الخامسة والستين، وإنما تدور المنازعة حول ما إذا كان القرار الصادر بإحالة المذكور إلى المعاش متفقاً مع حكم القانون حسبما تذهب إلى ذلك وزارة الأوقاف، أم أن تلك الإحالة جاءت على خلاف الحكم القانوني الصحيح الواجب مراعاته عند إحالة أفراد طائفة المدعي إلى المعاش على النحو الذي ساقه في دعواه.
ومن حيث إن الواضح من صياغة نص المادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانيات المستقلة وفي ضوء ما جاءت به المذكرة الإيضاحية لهذا القانون من تفسيرات أن واضع التشريع - وفقاً لما سبق أن قضت به هذه المحكمة - قد حدد استثناء من الأصل العام السن التي يحال عند بلوغها العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف بالخامسة والستين ليكون شأنهم في ذلك شأن العلماء المدرسين والعلماء الموظفين بالأزهر والمعاهد الدينية الذين يحالون إلى المعاش في هذه السن بحكم لائحة التقاعد الخاصة بهم معدلة بالقانون رقم 27 لسنة 1954، وأنه لا يقبل بعد أن سوى القانون في المعاملة بين الطائفتين وطبق عليهما الحكم ذاته، أن يفسر النص آنف الذكر بما يخل بهذه المساواة القائمة بينهما بذريعة أن الأمر في ذلك - مع أنه بطبيعته مما ينأى عن مجال السلطة التقديرية - جوازي للجهة الإدارية تبقى منهم من ترى إبقاءه في الخدمة وتخرج منهم بعد سن الستين من ترى إخراجه، وإذ كان ذلك هو التفسير السليم لحكم القانون وكان السبب في إصدار القرار الذي يطالب المدعون بتعويض مورثهم عنه هو بلوغه سن الستين على حين أن السن التي يحال قانوناً عند بلوغها إلى المعاش هي الخامسة والستون فإن قرار إحالة المذكور إلى المعاش لبلوغه سن الستين يكون قد صدر والحالة هذه مخالفاً للقانون ويحق للمدعين من ثم أن يطالبوا بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء هذه الإحالة المبكرة.
ومن حيث إن وزارة الأوقاف أصدرت قراراً بإعادة مورث المدعين إلى خدمتها بعد أن استوقعته عقد صلح قبل ذلك على أساس تنازله عن دعواه بطلب إلغاء قرار إحالته إلى المعاش، وعلى أساس تنازله أيضاً عن المطالبة بالمرتب المستحق له خلال مدة فصله من الخدمة حتى تاريخ إعادته إليها بيد أن مورث المدعين عاد ونازع في صحة هذا التصالح.
ومن حيث إنه أياً كان وجه الرأي في مدى بطلان عقد الصلح تأسيساً على بطلان ركنه المتعلق بالتنازل عن دعوى الإلغاء - وفقاً لما سبق أن قضت به هذه المحكمة - فإنه حتى لو سلم على الفرض الجدلي باستقلال التنازل عن المرتب وتفرده بالصحة دون سائر شروط الصلح فإن التفسير الضيق لعبارات الصلح يستوجب قصر التصالح على ما تنازل عنه المتصالح وحدده دون غيره، وإذ كان التنازل الوارد عن حقوق المدعي في الراتب مختلفاً في موضوعه عن طلب التعويض عن فصله من الخدمة، فإن هذا التنازل بفرض صحته لا ينبغي تفسيره على أنه شامل للتعويض، ومن ثم يحق للمدعين أن يطالبوا بالتعويض المشار إليه أخذاً بقاعدة تفسير الصلح تفسيراً ضيقاً.
ومن حيث إن التنازل الضمني عن متابعة دعوى الإلغاء المستخلص من تعديل الطلبات إنما يرمي المدعون من ورائه إلى أن تحقق لهم المحكمة أثر هذا التنازل الإجرائي بالحكم بانتهاء الخصومة لأن الخصومة في طلب الإلغاء شأنها شأن كل خصومة يتوقف بقاؤها على إصرار رافعها على متابعتها، فإذا تنازل عنها فلا يجوز للقاضي الإداري أن يتدخل فيها بقضاء حاسم لها على الرغم من عدول صاحب الشأن عنها. ومن ثم فإن الحكم بانتهاء الخصومة ليس سببه هو هذا التنازل الاتفاقي عن دعوى الإلغاء الذي تضمنه عقد الصلح آنف الذكر إذ سبق القول ببطلان هذا العقد لمخالفة شروط التنازل لقواعد النظام العام وإنما مرده إلى التنازل الإجرائي الحاصل أمام القضاء الذي هو مانع للتقاضي من التدخل في الخصومة العينية بقضاء.
ومن حيث إن الطلب الأول للمدعين الوارد في مذكراتهم وفي تقرير الطعن مقصور على التعويض وقد قدروه بمقدار الراتب الذي حرم منه مورثهم مدة فصله من الخدمة وتوجيه طلبهم على هذا النحو في المنازعة يجعل التعويض مطلوباً وإن وقع منهم الخلط بين طلبي الراتب والتعويض. ومن ثم يتعين القضاء لهم بالتعويض الشامل عن الضرر المادي والأدبي الذي حاق بمورثهم بسبب قرار إحالته المبتسرة إلى المعاش ما دام قد وضح بطلانه حسبما سلف البيان وتقدر المحكمة هذا التعويض الجابر بمبلغ مائتي جنيه للضرر الأدبي والمادي الذي أصاب مورث المدعين وذلك بمراعاة ظروف إعادته إلى العمل ومدة بقائه مفصولاً سنة وقدرته على العمل في فترة الفصل.
ومن حيث إنه عن الطلب الثاني للمدعين وهو الخاص بحساب مدة الفصل ضمن مدة خدمة مورثهم، فإن هذا الطلب ولا ريب يرتبط ارتباطاً جوهرياً بالطلب الأصلي الذي أقيمت به الدعوى. وإذ خلصت هذه المحكمة إلى انتهاء الخصومة بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الصادر بإحالة مورث المدعين إلى المعاش، فإن مركز المذكور يكون قد تحدد نهائياً باعتباره مفصولاً من الخدمة مما يستتبع بالضرورة عدم حساب مدة فصله ضمن مدة خدمته المحسوبة في المعاش لتعارض هذا الطلب في الوقت ذاته مع طلب الإلغاء غير المباشر وهو التعويض. وما دامت مدة الفصل لم تقض فعلاً في الخدمة بصفة قانونية فلا يسوغ بحال حسابها في المعاش إذ لم يتقاض مورث المدعين عنها مرتبه وبالتالي لم يجر عليها حكم الاستقطاع وهو الشرط اللازم لحساب مدد الخدمة في المعاش طبقاً للقانون.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذا النظر يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه وبانتهاء الخصومة بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الصادر بإحالة مورث المدعين السيد/...... إلى المعاش، والقضاء للمدعين بتعويض شامل قدره مائتا جنيه عن فصل مورثهم من الخدمة، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات مع إلزام وزارة الأوقاف بالمصروفات المناسبة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين المضمومين رقمي 759 و1179 لسنة 9 القضائية شكلاً، وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباعتبار الخصومة منتهية بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الصادر بإحالة مورث المدعين إلى المعاش، وبإلزام وزارة الأوقاف بأن تدفع لورثته مبلغ 200 ج (مائتي جنيه) على سبيل التعويض عن إحالة مورثهم إلى المعاش، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت وزارة الأوقاف بالمصروفات المناسبة.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 47 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

انتهاء الخصومة بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الصادر بالإحالة إلى المعاش يستتبع بالضرورة عدم حساب مدة الفصل ضمن مدة الخدمة المحسوبة في المعاش - تعارض ذلك مع طلب الإلغاء غير المباشر وهو التعويض.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 696

(94)
جلسة 17 من مايو سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار مصطفى كامل إسماعيل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد طاهر عبد الحميد وأحمد علي البحراوي ومحمد صلاح الدين السعيد - المستشارين.

القضية رقم 759 و1179 لسنة 9 القضائية

( أ ) - موظف "معاش" العلماء والموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف.
المادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق التأمين والمعاشات لموظفي الدول المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانية المستقلة حددت استثناء من الأصل العام السن التي يحال عند بلوغها العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف بالخامسة والستين - الهدف من ذلك مساواتهم في هذا الشأن بالعلماء المدرسين والعلماء الموظفين بالأزهر والمعاهد الدينية المعاملين بلائحة التقاعد الخاصة بهم المعدلة بالقانون رقم 27 لسنة 1954 - عدم جواز تفسير هذه المادة بما يخل بهذه المساواة بذريعة أن الأمر في ذلك جوازي للجهة الإدارية تبقي منهم من ترى إبقاءه وتخرج منهم بعد سن الستين من ترى إخراجه - قرار الإحالة إلى المعاش لبلوغ سن الستين يكون قد صدر والحالة هذه مخالفاً للقانون ويحق المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي نجمت من جرائه.
(ب) - عقد الصلح "تفسيره".
عبارات الصلح تفسر تفسيراً ضيقاً - يترتب على ذلك قصر التصالح على ما تنازل عنه المتصالح وحده دون غيره - إذا كان التصالح وارداً على حقوق في الراتب فإنه لا ينبغي تفسيره على أنه شامل للتعويض عن الفصل من الخدمة - أساس ذلك.
(جـ) - دعوى الإلغاء "التنازل الضمني".
التنازل الضمني عن متابعة دعوى الإلغاء يقصد به أن تحقق المحكمة أثره بالحكم بانتهاء الخصومة - التنازل عن الخصومة في طلب الإلغاء يمتنع معه على القاضي الإداري أن يتدخل فيها بقضاء - أساس ذلك.
(د) - دعوى الإلغاء "انتهاء الخصومة". موظف "انتهاء خدمة". فصل "حسابه في مدة الخدمة". تعويض.
انتهاء الخصومة بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الصادر بالإحالة إلى المعاش يستتبع بالضرورة عدم حساب مدة الفصل ضمن مدة الخدمة المحسوبة في المعاش - تعارض ذلك مع طلب الإلغاء غير المباشر وهو التعويض.
1 - إن نص المادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانيات المستقلة قد حدد استثناء من الأصل العام السن التي يحال عند بلوغها العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف بالخامسة والستين ليكون شأنهم في ذلك شأن العلماء المدرسين والعلماء الموظفين بالأزهر والمعاهد الدينية الذين يحالون إلى المعاش في هذه السن بحكم لائحة التقاعد الخاصة بهم معدلة بالقانون رقم 27 لسنة 1954، وأنه لا يقبل بعد أن سوى القانون في المعاملة بين الطائفتين وطبق عليهما الحكم ذاته، أن يفسر النص آنف الذكر بما يخل بهذه المساواة القائمة بينهما بذريعة أن الأمر في ذلك - مع أنه بطبيعته مما ينأى عن مجال السلطة التقديرية - جوازي للجهة الإدارية تبقي منهم من ترى إبقاءه في الخدمة وتخرج منهم بعد سن الستين من ترى إخراجه، وإذ كان ذلك هو التفسير السليم لحكم القانون وكان السبب في إصدار القرار الذي يطالب المدعون بتعويض مورثهم عنه هو بلوغه سن الستين على حين أن السن التي يحال قانوناً عند بلوغها إلى المعاش هي الخامسة والستون فإن قرار إحالة المذكور إلى المعاش لبلوغه سن الستين يكون قد صدر والحالة هذه مخالفاً للقانون ويحق للمدعين من ثم أن يطالبوا بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء هذه الإحالة المبكرة.
2 - إن التفسير الضيق لعبارات الصلح يستوجب قصر التصالح على ما تنازل عنه المتصالح وحده دون غيره، وإذ كان التنازل الوارد عن حقوق المدعي في الراتب مختلفاً في موضوعه عن طلب التعويض عن فصله من الخدمة، فإن هذا التنازل بفرض صحته لا ينبغي تفسيره على أنه شامل للتعويض، ومن ثم يحق للمدعين أن يطالبوا بالتعويض المشار إليه أخذاً بقاعدة تفسير الصلح تفسيراً ضيقاً.
3 - إن التنازل الضمني عن متابعة دعوى الإلغاء المستخلص من تعديل الطلبات إنما يرمي المدعون من ورائه إلى أن تحقق لهم المحكمة أثر هذا التنازل الإجرائي بالحكم بانتهاء الخصومة لأن الخصومة في طلب الإلغاء شأنها شأن كل خصومة يتوقف بقاؤها على إصرار رافعها على متابعتها، فإذا تنازل عنها فلا يجوز للقاضي الإداري أن يتدخل فيها بقضاء حاسم لها على الرغم من عدول صاحب الشأن عنها.
4 - وإذ خلصت هذه المحكمة إلى انتهاء الخصومة بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الصادر بإحالة مورث المدعين إلى المعاش، فإن مركز المذكور يكون قد تحدد نهائياً باعتباره مفصولاً من الخدمة مما يستتبع بالضرورة عدم حساب مدة فصله ضمن مدة خدمته المحسوبة في المعاش لتعارض هذا الطلب في الوقت ذاته مع طلب الإلغاء غير المباشر وهو التعويض. وما دامت مدة الفصل لم تقض فعلاً في الخدمة بصفة قانونية فلا يسوغ بحال حسابها في المعاش إذ لم يتقاض مورث المدعين عنها مرتباً وبالتالي لم يجر عليها حكم الاستقطاع وهو الشرط اللازم لحساب مدد الخدمة في المعاش طبقاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه سبق لدائرة فحص الطعون أن قررت ضم الطعنين رقم 759 لسنة 9 القضائية ورقم 1179 لسنة 9 القضائية أحدهما إلى الآخر للفصل فيهما معاً بحكم واحد.
ومن حيث إن الطعن رقم 759 لسنة 9 القضائية قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن بالنسبة إلى الطعن رقم 1179 لسنة 9 القضائية، فإن الثابت من الأوراق أن الطاعنين قدموا إلى لجنة المساعدة القضائية بهذه المحكمة في 2 من مايو سنة 1963 طلباً لإعفائهم من رسوم الطعن قيد تحت رقم 252 لسنة 9 القضائية. ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 13 من مارس سنة 1963 فإن هذا الطلب يكون قد قدم خلال الستين يوماً التالية لصدور الحكم المذكور. ولما كانت لجنة المساعدة القضائية قد أصدرت قرارها بقبول طلب الإعفاء المشار إليه في 10 من يونيه سنة 1963. وكان الطاعنون قد أودعوا تقرير طعنهم في 6 من أغسطس سنة 1963، فإن التقرير يكون قد أودع قبل انقضاء ستين يوماً محسوبة من تاريخ صدور قرار لجنة المساعدة القضائية سالف الذكر، ومن ثم يكون الطعن رقم 1179 لسنة 9 القضائية قد استوفى هو الآخر أوضاعه الشكلية وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص أثر طلب المساعدة القضائية القاطع لميعاد رفع الطعن أمامها.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المرحوم عثمان خليل مصطفى الجندي أقام الدعوى رقم 757 لسنة 14 القضائية ضد وزارة الأوقاف بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 18 من فبراير سنة 1960 طلب فيها الحكم: "بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 18 من أكتوبر سنة 1959 بإحالته إلى المعاش لبلوغه سن الستين اعتباراً من هذا التاريخ مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام وزارة الأوقاف بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال بياناً لدعواه أنه كان يعمل بوزارة الأوقاف في وظيفة إمام وخطيب ومدرس بمسجد الأمير مراد بالمحلة الكبرى وقد فوجئ في يوم 18 من أكتوبر سنة 1959 بقرار بإحالته إلى المعاش لبلوغه سن الستين، وذلك على الرغم من أن من حقه في البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين استناداً إلى حكم المادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق التأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانيات المستقلة. وقد أجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بأن المادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956 سالفة الذكر تنص على أن تنتهي خدمة الموظفين المنتفعين بأحكامه عند بلوغهم سن الستين فيما عدا الوزراء ونواب الوزراء، واستثنى من ذلك العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف فيجوز بقاؤهم حتى سن الخامسة والستين، وقد استفسرت وزارة الأوقاف من ديوان الموظفين عن مدى أحقية العلماء الموظفين بمراقبة الشئون الدينية في البقاء بالخدمة بعد سن الستين فأجاب الديوان بأن المادة 17 المشار إليها صريحة فيما أوردته من استثناءين أولهما خاص بالوزراء ونوابهم الذين استثنوا من تحديد سن الإحالة إلى المعاش بصفة مطلقة وثانيهما خاص بفئة العلماء المذكورة وقد ورد على خلاف الحكم الأول باعتباره استثناء جوازياً تترخص فيه الإدارة بما لها من سلطة تقديرية مستهدفة في ذلك الصالح العام. وقد أخذت الوزارة بهذا الرأي وسارت على قاعدة إنهاء خدمة العلماء الموظفين بها عند بلوغهم سن الستين مستهدفة بذلك إفساح المجال لتعيين خريجي الجامعة الأزهرية في وظائف الإمامة لتخفيف حدة مشكلة التعطل بين حملة المؤهلات العالية، وقدمت الجهة الإدارية إقراراً صادراً من المدعي في 26 من نوفمبر سنة 1960 يقر فيه بتنازله عن الدعوى مقابل أن تصدر وزارة الأوقاف قراراً بإعادته إلى العمل كما يقر فيه بعدم المطالبة بأي مرتب عن المدة من تاريخ فصله إلى اليوم السابق على تاريخ إعادته إلى الخدمة وتسلمه العمل، مع تعهده بتوقيع محضر الصلح الذي ستعده إدارة قضايا الحكومة لتقديمه إلى المحكمة. وبجلسة 27 من سبتمبر سنة 1961 قضت محكمة القضاء الإداري بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لوفاة المدعي. وفي 2 من نوفمبر سنة 1961 قدم ورثته طلب تعجيل للدعوى، وبالجلسة المنعقدة أمام مفوض الدولة في 25 من يناير سنة 1962 قرر الحاضر عن الورثة أن الوزارة المدعى عليها أعادت مورثهم إلى الخدمة في أول ديسمبر سنة 1960 وأنه توفى إلى رحمة الله في 2 من فبراير سنة 1961، وأن الورثة يعدلون الطلبات في الدعوى إلى طلب الحكم بصرف مرتب مورثهم عن المدة من 31 من أكتوبر سنة 1959 إلى أول ديسمبر سنة 1960 واعتبار هذه المدة ضمن مدة خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار خاصة بعد مد الخدمة إلى 2 من فبراير سنة 1962 واعتبار قرار الإحالة إلى المعاش كأن لم يكن. وبجلسة 13 من مارس سنة 1963 قضت محكمة القضاء الإداري "هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي" بإثبات تنازل مورث المدعين عن دعواه فيما يتعلق بطلب الإلغاء والمرتب عن مدة الفصل، وبأحقية مورثهم في اعتبار مدة فصله حتى وفاته في 2 من فبراير سنة 1961 ضمن مدة خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت كلاً من الحكومة وورثة المدعي المصروفات المناسبة مع المقاصة في مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على أن مورث المدعين سلم الوزارة في 26 من نوفمبر سنة 1960 تنازلاً صريحاً عن دعواه أطلعت عليه وقبلته بدليل أنها نفذت الشرط الذي علق عليه المورث تنازله وإعادته إلى العمل ومن ثم فلا تعدو مهمة القاضي مجرد إثبات هذا التنازل دون التصدي للفصل في موضوع المنازعة العينية المعروضة التي أصبحت غير ذات موضوع، وأنه ولئن عدل المدعون طلب مورثهم إلى أحقيتهم في مرتبه عن مدة فصله واعتبار هذه المدة محسوبة ضمن مدة خدمته حتى تاريخ وفاته في 2 من فبراير سنة 1961 واعتبار قرار الإحالة إلى المعاش كأن لم يكن فإن هذين الطلبين مرتبطان بالطلب الأول ارتباطاً جوهرياً، ومن ثم فإن التنازل المقدم إلى الوزارة يتضمن التنازل عن طلب الإلغاء وطلب المرتب معاً، وفي إثبات المحكمة لهذا التنازل إنهاء للخصومة في الطلب الأصلي بالإلغاء، وعدم قبول للدعوى بالنسبة لطلبه الثاني الخاص بالمرتب على أساس التعويض عنه، إذ أن التنازل ينصب في الواقع على المطالبة به بصفة عامة، وهو ما يتضمن التنازل عن المنازعة فيه مما يجعل الدعوى التي ترفع به غير مقبولة بعد أن أصبح الحق المتنازع عليه غير ذي موضوع. أما فيما يتعلق بطلب المدعين اعتبار المدة التي ظل مورثهم مفصولاً خلالها مدة خدمة حقيقة تحسب في مدة خدمته فإن هذا الطلب يخرج عن نطاق التنازل المشار إليه وهو نتيجة حتمية لإعادة المدعي إلى الخدمة وسحب قرار فصله مما يتعين القضاء به.
ومن حيث إن الطعن رقم 759 لسنة 9 القضائية يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن التنازل الصادر من مورث المدعين يتضمن حتماً وبالضرورة التنازل عن الطلبات جميعها وهي طلب الإلغاء المرفوعة به الدعوى، وطلب الراتب القائم على التعويض، وطلب حساب مدة الفصل ضمن مدة الخدمة، باعتبار أنها جميعاً مجرد آثار تترتب على إلغاء قرار الفصل الذي تم التنازل عنه. والثابت أن إعادة المورث إلى الخدمة لم تكن سحباً لقرار إنهاء خدمته وإنما إجراء جديد اتخذته الإدارة بمالها من رخصة طبقاً للمادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956. يضاف إلى ذلك أن حساب هذه المدة في المعاش يخالف الأصل المقرر من أن المدة التي لا يجري عليها حكم الاستقطاع لا تحسب في المعاش.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1179 لسنة 9 القضائية أن محضر الصلح الذي اعتمدته المحكمة المطعون في حكمها باطل لمخالفته للنظام العام ولأنه مشوب بالإكراه ولما كان القرار الصادر بإحالة مورث المدعين إلى المعاش قبل بلوغه سن الخامسة والستين قد جاء باطلاً فإن هؤلاء الورثة يستحقون تعويضاً عن الأضرار التي لحقتهم من جرائه يعادل قيمة مرتب مورثهم عن المدة التي حرم فيها من هذا المرتب.
ومن حيث إنه لا خلاف بين طرفي المنازعة في أن مورث المدعين وهو من العلماء الموظفين بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف قد أحيل إلى المعاش قبل بلوغه سن الخامسة والستين، وإنما تدور المنازعة حول ما إذا كان القرار الصادر بإحالة المذكور إلى المعاش متفقاً مع حكم القانون حسبما تذهب إلى ذلك وزارة الأوقاف، أم أن تلك الإحالة جاءت على خلاف الحكم القانوني الصحيح الواجب مراعاته عند إحالة أفراد طائفة المدعي إلى المعاش على النحو الذي ساقه في دعواه.
ومن حيث إن الواضح من صياغة نص المادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وآخر لموظفي الهيئات ذات الميزانيات المستقلة وفي ضوء ما جاءت به المذكرة الإيضاحية لهذا القانون من تفسيرات أن واضع التشريع - وفقاً لما سبق أن قضت به هذه المحكمة - قد حدد استثناء من الأصل العام السن التي يحال عند بلوغها العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف بالخامسة والستين ليكون شأنهم في ذلك شأن العلماء المدرسين والعلماء الموظفين بالأزهر والمعاهد الدينية الذين يحالون إلى المعاش في هذه السن بحكم لائحة التقاعد الخاصة بهم معدلة بالقانون رقم 27 لسنة 1954، وأنه لا يقبل بعد أن سوى القانون في المعاملة بين الطائفتين وطبق عليهما الحكم ذاته، أن يفسر النص آنف الذكر بما يخل بهذه المساواة القائمة بينهما بذريعة أن الأمر في ذلك - مع أنه بطبيعته مما ينأى عن مجال السلطة التقديرية - جوازي للجهة الإدارية تبقى منهم من ترى إبقاءه في الخدمة وتخرج منهم بعد سن الستين من ترى إخراجه، وإذ كان ذلك هو التفسير السليم لحكم القانون وكان السبب في إصدار القرار الذي يطالب المدعون بتعويض مورثهم عنه هو بلوغه سن الستين على حين أن السن التي يحال قانوناً عند بلوغها إلى المعاش هي الخامسة والستون فإن قرار إحالة المذكور إلى المعاش لبلوغه سن الستين يكون قد صدر والحالة هذه مخالفاً للقانون ويحق للمدعين من ثم أن يطالبوا بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء هذه الإحالة المبكرة.
ومن حيث إن وزارة الأوقاف أصدرت قراراً بإعادة مورث المدعين إلى خدمتها بعد أن استوقعته عقد صلح قبل ذلك على أساس تنازله عن دعواه بطلب إلغاء قرار إحالته إلى المعاش، وعلى أساس تنازله أيضاً عن المطالبة بالمرتب المستحق له خلال مدة فصله من الخدمة حتى تاريخ إعادته إليها بيد أن مورث المدعين عاد ونازع في صحة هذا التصالح.
ومن حيث إنه أياً كان وجه الرأي في مدى بطلان عقد الصلح تأسيساً على بطلان ركنه المتعلق بالتنازل عن دعوى الإلغاء - وفقاً لما سبق أن قضت به هذه المحكمة - فإنه حتى لو سلم على الفرض الجدلي باستقلال التنازل عن المرتب وتفرده بالصحة دون سائر شروط الصلح فإن التفسير الضيق لعبارات الصلح يستوجب قصر التصالح على ما تنازل عنه المتصالح وحدده دون غيره، وإذ كان التنازل الوارد عن حقوق المدعي في الراتب مختلفاً في موضوعه عن طلب التعويض عن فصله من الخدمة، فإن هذا التنازل بفرض صحته لا ينبغي تفسيره على أنه شامل للتعويض، ومن ثم يحق للمدعين أن يطالبوا بالتعويض المشار إليه أخذاً بقاعدة تفسير الصلح تفسيراً ضيقاً.
ومن حيث إن التنازل الضمني عن متابعة دعوى الإلغاء المستخلص من تعديل الطلبات إنما يرمي المدعون من ورائه إلى أن تحقق لهم المحكمة أثر هذا التنازل الإجرائي بالحكم بانتهاء الخصومة لأن الخصومة في طلب الإلغاء شأنها شأن كل خصومة يتوقف بقاؤها على إصرار رافعها على متابعتها، فإذا تنازل عنها فلا يجوز للقاضي الإداري أن يتدخل فيها بقضاء حاسم لها على الرغم من عدول صاحب الشأن عنها. ومن ثم فإن الحكم بانتهاء الخصومة ليس سببه هو هذا التنازل الاتفاقي عن دعوى الإلغاء الذي تضمنه عقد الصلح آنف الذكر إذ سبق القول ببطلان هذا العقد لمخالفة شروط التنازل لقواعد النظام العام وإنما مرده إلى التنازل الإجرائي الحاصل أمام القضاء الذي هو مانع للتقاضي من التدخل في الخصومة العينية بقضاء.
ومن حيث إن الطلب الأول للمدعين الوارد في مذكراتهم وفي تقرير الطعن مقصور على التعويض وقد قدروه بمقدار الراتب الذي حرم منه مورثهم مدة فصله من الخدمة وتوجيه طلبهم على هذا النحو في المنازعة يجعل التعويض مطلوباً وإن وقع منهم الخلط بين طلبي الراتب والتعويض. ومن ثم يتعين القضاء لهم بالتعويض الشامل عن الضرر المادي والأدبي الذي حاق بمورثهم بسبب قرار إحالته المبتسرة إلى المعاش ما دام قد وضح بطلانه حسبما سلف البيان وتقدر المحكمة هذا التعويض الجابر بمبلغ مائتي جنيه للضرر الأدبي والمادي الذي أصاب مورث المدعين وذلك بمراعاة ظروف إعادته إلى العمل ومدة بقائه مفصولاً سنة وقدرته على العمل في فترة الفصل.
ومن حيث إنه عن الطلب الثاني للمدعين وهو الخاص بحساب مدة الفصل ضمن مدة خدمة مورثهم، فإن هذا الطلب ولا ريب يرتبط ارتباطاً جوهرياً بالطلب الأصلي الذي أقيمت به الدعوى. وإذ خلصت هذه المحكمة إلى انتهاء الخصومة بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الصادر بإحالة مورث المدعين إلى المعاش، فإن مركز المذكور يكون قد تحدد نهائياً باعتباره مفصولاً من الخدمة مما يستتبع بالضرورة عدم حساب مدة فصله ضمن مدة خدمته المحسوبة في المعاش لتعارض هذا الطلب في الوقت ذاته مع طلب الإلغاء غير المباشر وهو التعويض. وما دامت مدة الفصل لم تقض فعلاً في الخدمة بصفة قانونية فلا يسوغ بحال حسابها في المعاش إذ لم يتقاض مورث المدعين عنها مرتبه وبالتالي لم يجر عليها حكم الاستقطاع وهو الشرط اللازم لحساب مدد الخدمة في المعاش طبقاً للقانون.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذا النظر يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه وبانتهاء الخصومة بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الصادر بإحالة مورث المدعين السيد/...... إلى المعاش، والقضاء للمدعين بتعويض شامل قدره مائتا جنيه عن فصل مورثهم من الخدمة، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات مع إلزام وزارة الأوقاف بالمصروفات المناسبة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين المضمومين رقمي 759 و1179 لسنة 9 القضائية شكلاً، وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباعتبار الخصومة منتهية بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الصادر بإحالة مورث المدعين إلى المعاش، وبإلزام وزارة الأوقاف بأن تدفع لورثته مبلغ 200 ج (مائتي جنيه) على سبيل التعويض عن إحالة مورثهم إلى المعاش، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت وزارة الأوقاف بالمصروفات المناسبة.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 45 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

قرار ادارى أن الحكم الجنائى بعد انقضاء فترة ايقاف العقوبة يعتبر كان لم يكن ويزول كل أثر لهذا الحكم صدور قرار إنهاء خدمة الموظف بعد انقضاء مدة وقف تنفيذ العقوبة استنادا للحكم الجنائى الصادر بها يعتبر فاقدا للسبب الذى قام عليه، أساس ذلك.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول (من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 158

(26)
جلسة 17 من يناير سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ محمد شلبى يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه يوسف إبراهيم الشناوى ومحمد صلاح الدين السعيد وعلى لبيب حسن وأبو بكر محمد عطية. المستشارين.

القضية رقم 925 لسنة 13 القضائية

(أ) حكم جنائي "أثر إيقاف العقوبة" موظف "انتهاء خدمة" إذا أمر الحكم الجنائي بأن يكون إيقاف تنفيذ العقوبة شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر إلى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التي تترتب على الحكم المذكور - إنهاء خدمة الموظف بالتطبيق لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون 210 لسنة 1951 هو أثر من آثار الحكم الجنائي.
(ب) حكم جنائى "أثر انقضاء مدة ايقاف العقوبة دون الغائه". موظف "انتهاء خدمة" قرار ادارى أن الحكم الجنائى بعد انقضاء فترة ايقاف العقوبة يعتبر كان لم يكن ويزول كل أثر لهذا الحكم - صدور قرار إنهاء خدمة الموظف بعد انقضاء مدة وقف تنفيذ العقوبة استنادا للحكم الجنائى الصادر بها يعتبر فاقدا للسبب الذى قام عليه، أساس ذلك.
(ج) موظف "الغاء قرار الفصل". "مرتب".
أن الغاء قرار الفصل يترتب عليه أن تكون الرابطة الوظيفية وكأنها دائمة - ليس من شأن ذلك أن يعود للموظف حقه في المرتب طوال مدة الفصل تلقائيا وإنما قد ينشأ له مجرد الحق في التعويض عن فصله غير المشروع، أساس ذلك.
(د) موظف "وقف عن العمل".
وقف الموظف عن العمل احتياطيا لا يسوغ إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى معه واقتضت مصلحته هذا الإيقاف - صدور قرار الوقف بعد الانتهاء من التحقيق يكون قد تم على غير ما يقضى به القانون - قرار إيقاف الموظف بمناسبة النظر في إنهاء خدمة صدوره بعد انقضاء المدة أمر الحكم الجنائي بوقف تنفيذ العقوبة خلالها يجعله فاقدا للسبب الذي قام عليه.
1- إذا أمر الحكم الجنائي بأن يكون إيقاف تنفيذ العقوبة شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر إلى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها في قانون العقوبات أم في غيره من القوانين، ذلك أن طبيعتها جميعا واحدة، ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها ما دام أنها كلها من آثار الحكم الجنائى، وأن أنهاء خدمة الموظف بالتطبيق لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة، إذا حكم عليه في جناية أو في جنحة مخلة بالشرف، أن هو الا أثر من آثار الحكم الجنائي الذي يصدر بالإدانة.
2- أن المادة 59 من قانون العقوبات تقضى بأنه "إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يصدر خلالها حكم بالغائة فلا يمكن تنفيذ العقوبات المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن" وظاهر هذا النص واضح في أن الحكم بعد انقضاء مدة الإيقاف يعتبر كأن لم يكن ويزول كل أثر لهذا الحكم. ولما كانت المدة التى أمر الحكم الجنائي المشار إليه بوقف تنفيذ العقوبة خلالها وقدرها ثلاث سنوات قد مضت قبل انهاء خدمة المدعى بالقرار الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 استنادا إلى صدور الحكم الجنائي المشار إليه ضده، فان هذا القرار يكون قد صدر مستندا إلى حكم يعتبره القانون بعد انقضاء هذه المدة كأن لم يكن ومن ثم يكون القرار المذكور قد صدر فاقدا لسبب الذي قام عليه.
3- بإلغاء قرار الفصل تكون الرابطة الوظيفية وكأنها لا تزال قائمة، بين الموظف وبين الجهة الادارية، بكافة آثارها، إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يعود للموظف حقه في المرتب طوال مدة الفصل تلقائيا، ذلك أن الأصل في المرتب أنه مقابل العمل. ولما كان قد حيل بين الموظف وبين أدائة العمل المنوط به بالفصل غير المشروع وحرمت الجهة الادارية من خدمات الموظف طوال مدة هذا الفصل ، فان الموظف ينشأ له مجرد الحق في التعويض عن فصله غير المشروع إذا ما توافرت عناصره ومقوماته.
4- أن وقف الموظف عن العمل احتياطيا،لا يسوغ وفقا لحكم المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفي الدولة، إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى معه واقتضت مصلحة التحقيق هذا الإيقاف ولما كان قرار إيقاف المدعى عن عمله في 3 من أكتوبر سنة 1961 قد صدر بعد انتهاء التحقيق الادارى الذى باشرته النيابة الادارية في القضية رقم 250/ 2 لسنة 1955 وبعد انتهاء التحقيق الذى أجرته النيابة العامة في الجناية رقم 2573 لسنة 1955 قسم ثان بور سعيد آنفة الذكر وصدر الحكم الجنائي النهائي في 11 من نوفمبر سنة 1957 في الاتهام الذى أوقف المدعى بسببه، فان قرار الوقف والحال كذلك يكون قد تم على غير ما يقضى به القانون، حيث لم يكن ثمة تحقيق يجرى مع المدعى تقتضى مصلحته هذا الإيقاف، وإنما صدر القرار على ما يبين من الأوراق بمناسبة النظر في انهاء خدمته وفقا لنص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 للحكم عليه في الجناية المشار إليها، وإلى أن يتم استطلاع الرأى في مدى قانونية اتخاذ هذا الاجراء. وإذا كان الأمر كذلك وكان صدور قرار الايقاف بعد انقضاء المدة التى أمر الحكم الجنائى المشار إليه بوقف تنفيذ العقوبة خلالها واعتباره من ثم وكأنه لم يكن وفقا لحكم المادة 59 من قانون العقوبات على ما سلف بيانه، فان القرار المذكور يكون فاقد السبب الذى قام عليه مشوبا بالبطلان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعى كان يشغل وظيفة ناظر مدرسة بور سعيد الابتدائية، وأتهم في قضية الجناية رقم 2573 لسنة 1955 جنايات قسم ثان بور سعيد ، بأنه في المدة من سنة 1952 إلى مارس سنة 1955 بدائرة قسم ثان بور سعيد بصفته موظفا عموميا اختلس مبلغ 844 مليم و55 جنيه كانت مسلمة إليه بسبب وظيفته وكان أمينا،عليها وأحيلت القضية من غرفة الاتهام إلى محكمة بورسعيد الجزئية للفصل فيها على أساس عقوبة الجنحة، وصدر فيها الحكم حضوريا بحبسه ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمه 844 مليم و 55جنيه وأمرت المحكمة بايقاف تنفيذ عقوبتى الحبس والغرامة وأيقاف جميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا،وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا في 11 من نوفمبر سنة 1957، ولم يطعن فيه بطريق التقض وأصبح نهائيا. وفي 23 من مارس سنة 1961 طلبت منطقة بور سعيد التعليمية أحالة المدعى إلى المحاكمة التأديبية، ولكن ادارة الدعوى التأديبية رأت الاكتفاء بفصل المدعى بالتطبيق لحكم المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة وذلك نظرا لفقد الأوراق الأصلية من محكمة بورسعيد الجزئية أثناء العدوان على بور سعيد، وبناء على ذلك أحالت المنطقة الموضوع إلى أدارة الشئون القانونية بوزارة التربية والتعليم لاستطلاع رأيها في أمر فصل المدعى بالتطبيق لحكم الفقرة الثانية من المادة 107 سالفة الذكر، وأصدر السيد/ مدير التربية والتعليم بمنطقة بورسعيد التعليمية في 3 من أكتوبر سنة 1961 قرارا بوقف المدعى عن العمل احتياطيا لما نسب إليه في قضية النيابة الادارية رقم 350/ 2 لسنة 1955لاستيلائه على مبلغ 844 مليم و55 جنيه باقى سلفة التغذية من عام 52/1953 مع إيقاف مرتبه تنفيذا للمادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه، وفي 9 من ديسمبر سنة 1961 أصدرت المنطقة القرار رقم 107 مسلسل 27 بإنهاء خدمة المدعى ورفع أسمه من عداد موظفى الوزارة اعتبارا من 11 من نوفمبر سنة 1957 تنفيذا للمادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وذلك للحكم عليه في الجناية رقم 2573 سنة 1955 على أن تحسب المدة من 11 من نوفمبر سنة 1957 إلى 2 من اكتوبر سنة 1961 (التاريخ السابق لوقفه عن العمل) أيام عمل بأجر. وقد تبين من الاطلاع على كتاب مكتب الشئون القانونية بمنطقة بور سعيد التعليمية المؤرخ في 27 من ديسمبر سنة 1961 أن ملف قضية النيابة الادارية رقم 250/2 لسنة 1955 قد فقد أيضا من نيابة بور سعيد الجزئية أثناء العدوان على بور سعيد. وقد أقام المدعى أربع دعاوى طعنا في القرارات الصادرة ضده هي: الأولى: الدعوى رقم 87 لسنة 9 القضائية ضد السيد/ وزير التربية والتعليم بصفته بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 14 من نوفمبر سنة 1961 طلب فيها "الحكم بصرف مرتبه حتى يقضى بإلغاء قرار الإيقاف الصادر من منطقة بور سعيد التعليمية في 3 من أكتوبر سنة 1961 مع الزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقد قضت المحكمة في 31 من ديسمبر سنة 1961"بأحقية المدعى في صرف راتبه بصفة مؤقتة حتى بفصل في طلب الغاء القرار الصادر بإيقافه عن العمل والزام الوزارة المصروفات ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة". وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم وقيد طعنها بجدول المحكمة الادارية العليا تحت رقم 818 لسنة 8 القضائية وبجلسة 31 من يولية سنة 1962 قضت دائرة فحص الطعون بإثبات ترك الطاعنة للخصومة وألزمتها بالمصروفات. الثانية: وأقام المدعى الدعوى رقم 380 لسنة 9 القضائية ضد السيدين/ وزير التربية والتعليم ومدير منطقة بور سعيد التعليمية بصفتيهما بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 5 من مارس سنة 1962 طلب فيها "الحكم بإلغاء قرار إيقافه عن العمل الصادر من السيد/ مدير منطقة بور سعيد التعليمية في 3 من أكتوبر سنة 1961 وإعادته إلى العمل وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الجهة الادارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
الثالثة: ثم أقام المدعى الدعوى رقم 690 لسنة 9 القضائية ضد السيدين/ وزير التربية والتعليم ومدير منطقة بور سعيد التعليمية بصفتيهما بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم في الأول من أغسطس سنة 1962 طلب فيها "الحكم بإلغاء قرار فصله الصادر من السيد/ مدير منطقة بورسعيد التعليمية في 9 من ديسمبر سنة 1961 برقم 107 ومسلسل 27 إنهاء خدمته وأعادته إلى عمله وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
الرابعة: وأقام المدعى الدعوى رقم 50 لسنة 10 القضائية ضد السيدين/ وزير التربية والتعليم ومدير منطقة بور سعيد التعليمية بصفتيهما بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 4 من نوفمبر سنة 1962 طلب فيها "الحكم بصفة مستعجلة باستمرار صرف مرتبه من تاريخ انهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961 حتى يقضى في دعوى الغاء قرار الفصل وذلك استمرارا لما قضى به الحكم الصادر في الدعوى رقم 87 لسنة 9 القضائية مع الزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
وبجلسة 6 من ديسمبر سنة 1962 قررت المحكمة الادارية المذكورة ضم الدعويين رقمى 280 لسنة 9،690 لسنة 9 القضائيتين إلى الدعوى رقم 50 لسنة 10 القضائية. وفي 19 من يولية سنة 1965 قرر السيد/ رئيس المحكمة، بناء على حكم المادة 3 من القانون رقم 144 لسنة 1964 بتعديل أحكام القانون رقم 55 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة. أحالة الدعوى رقم 50 لسنة 10 القضائية إلى محكمة القضاء الادارى للاختصاص، حيث قيدت برقم 3731 لسنة 19 القضائية، وهي مثار الطعن الماثل.
وبجلسة 12 من أبريل سنة 1967 قضت محكمة القضاء الادارى "أولا: بالغاء القرار رقم 107 الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 بإنهاء خدمة المدعى اعتبارا من 11 من نوفمبر سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار. وثانيا: بإلغاء القرار الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1961 بوقف المدعى عن العمل. وثالثا: باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب المدعى الاستمرار في صرف راتبه. ورابعا: بإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أن إنهاء الخدمة المنصوص عليه في الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة لا يخرج عن كونه أثرا من آثار الحكم الجنائي الذي يصدر بالإدانة فإذا أمرت المحكمة بوقف تنفيذ جميع الآثار الجنائية المترتبة على ذلك الحكم شمل وقف التنفيذ انهاء الخدمة باعتباره من تلك الآثار، فلا تعتبر خدمة الموظف المحكوم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف منتهية بقوة القانون لمجرد صدور الحكم المذكور ضده، ولما كانت محكمة بور سعيد الجزئية قد قضت بحبس المدعى ثلاثة أشهر وتغريمه مبلغ 844 مليم و55 جنيه
وأيقاف تنفيذ عقوبتى الحبس والغرامة وجميع الآثار المترتبة على الحكم لمدة ثلاثة سنوات تبدأ من صيرورة الحكم نهائيا وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا في 11 من نوفمبر سنة 1957، فان القرار رقم 107 الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 بإنهاء خدمة المدعى يكون قد جاء مخالفا للقانون، ويتعين الحكم بإلغائه. واستطردت المحكمة إلى أن مقتضى إلغاء قرار إنهاء خدمة المدعى أعادته إلى عمله وصرف راتبه، ومن ثم يكون طلب استمرار راتبه حتى يقضى في دعوى إلغاء قرار إنهاء خدمته قد أصبح والحالة هذه غير ذي موضوع وتكون الخصومة بشأنه منتهية مع إلزام الإدارة بالمصروفات حيث كان المدعى على حق عند رفع هذه الدعوى. وبالنسبة للطلب الخاص بإلغاء القرار الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1961 بوقف المدعى عن العمل، اعتنقت المحكمة الأسباب التى ساقتها المحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم في حكمها الصادر بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1961 في الدعوى رقم 87 لسنة 9 القضائية سالف الاشارة إليها، وحاصلها أنه لم يكن ثمة تحقيق يجرى مع المدعى عند وقفه ولم يكن محبوسا احتياطيا أو تنفيذا لحكم جنائي وبالتالي فان وقفه عن العمل يكون قد تم بالمخالفة لحكم القانون، ويكون القرار الصادر في هذا الشأن غير مشروع.
ومن حيث أن مبنى الطعن الذى أقامته الحكومة أنه ليس صحيحا ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن ما تقضى به الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة هو من قبيل العقوبات التبعية، ذلك أن العقوبة التبعية المقصودة في حكم المادة 55 من قانون العقوبات هي تلك التى ينص عليها قانون العقوبات، وبناء على ذلك فان وقف تنفيذ العقوبة الذى يلحق الحكم الجنائى وآثاره لا ينصرف إلى الآثار الأخرى التى تترتب طبقا لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 سالفة الذكر. وأضاف الطعن أن قضاء المحكمة بالغاء قرار الوقف قضاء غير ذى موضوع لأن قرار الوقف ذاته زال أثره بعد صدور قرار أنهاء خدمة المدعى فضلا عن أن قرار الوقف المذكور صدر صحيحا ملتزما حكم القانون.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إذا أمر الحكم الجنائى بأن يكون إيقاف تنفيذ العقوبة شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر إلى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها في قانون العقوبات أم في غيره من القوانين، ذلك أن طبيعتها جميعا واحدة، ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها ما دام أنها كلها من آثار الحكم الجنائى، وأن أنهاء خدمة الموظف بالتطبيق لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة، إذا حكم عليه في جناية أو في جنحة مخلة بالشرف، أن هو إلا أثر من آثار الحكم الجنائى الذى يصدر بالادانة.
ومن حيث أن محكمة بور سعيد الجزئية قد قضت بحبس المدعى ثلاثة أشهر وتغريمه مبلغ 844 مليم و55 جنيه وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبتى الحبس والغرامة وجميع الآثار المترتبة على الحكم لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورته نهائيا وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا من محكمة جنح بور سعيد الاستئنافية في 11من نوفمبر سنة 1957، فان المحكمة تكون قد استهدفت بحكمها المقترن بإيقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية المحافظة على مركز المدعى الوظيفى وعدم الاضرار بمستقبله، وكان مؤدى احترام حجية هذا الحكم ابقاء المدعى في وظيفته، وعدم أعمال حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في حقه باعتبار أن أنهاء الخدمة وفقا لحكم هذه الفقرة من الآثار الجنائية التى أوقف الحكم تنفيذها.
ومن حيث انه فضلا عما تقدم فان المادة 59 من قانون العقوبات تقضى بأنه "إذا انقضت مدة الايقاف ولم يصدر خلالها حكم بالغائة فلا يمكن تنفيذ العقوبات المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن" وظاهر هذا النص واضح في أن الحكم بعد أنقضاء مدة الايقاف يعتبر كأن لم يكن ويزول كل أثر لهذا الحكم. ولما كانت المدة التى أمر الحكم الجنائى المشار إليه بوقف تنفيذ العقوبة خلالها وقدرها ثلاث سنوات قد مضت قبل أنهاء خدمة المدعى بالقرار الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 استنادا إلى صدور الحكم الجنائى المشار إليه ضده، فان هذا القرار يكون قد صدر مستندا إلى حكم يعتبره القانون بعد انقضاء هذه المدة كأن لم يكن ومن ثم يكون القرار المذكور قد صدر فاقدا للسبب الذى قام عليه ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق في قضائه بالغاء قرار إنهاء خدمة المدعى الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961.
ومن حيث أن المدعى وقد طالب بالآثار المترتبة على إلغاء قرار أنهاء خدمته، فان الأمر يقتضى النظر فيما ينطوى عليه الغاء هذا القرار من آثار بالنسبة لمرتب المدعى طوال مدة الفصل.
ومن حيث بإلغاء قرار الفصل تكون الرابطة الوظيفية وكأنها لا تزال قائمة، بين الموظف وبين الجهة الادارية، بكافة آثارها، إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يعود للموظف حقه في المرتب طوال مدة الفصل تلقائيا، ذلك أن الأصل في المرتب أنه مقابل العمل. ولما كان قد حيل بين الموظف وبين أدائة العمل المنوط به بالفصل غير المشروع وحرمت الجهة الإدارية من خدمات الموظف طوال مدة هذا الفصل، فان الموظف ينشأ له مجرد الحق في التعويض عن فصله غير المشروع إذا ما توافرت عناصره ومقوماته.
ومن حيث أنه يبين من ظروف الدعوى وملابساتها أن المدعى أخل اخلالا جسيما بمقتضيات النزاهة والامانة، وهي أول ما يجب أن يتحلى به الموظف من حميد الخصال ويحرص عليه لينال شرف البقاء في الخدمة العامة، وذلك حين استباح لنفسه العدوان على أموال الدولة واختلس لنفسه منها مبلغ 844 مليم و55 جنيه وإذا كانت الجهة الادارية قد تنكبت الطريق القانونى الصحيح فأصدرت قرارها بإنهاء خدمة المدعى بالتطبيق لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة، ولم تلجأ إلى اتخاذ الاجراءات التأديبية ضده والتى ما كان يحول دونها فقد التحقيقات الادارية والجنائية، وكان سلوك المدعى على هذا النحو غير القويم، فانه يكون قد هيأ العذر للادارة لا صدار قرارها المعيب، الأمر الذى ترى المحكمة معه، وبمراعاة أن المدعى لم يقم بأى عمل للحكومة مدة تنحيته عن وظيفته، أنه حسبه تعويضا له عن اصدار الادارة قرارها بإنهاء خدمته، أنه قد قضى لصالحه بإلغاء هذا القرار، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى في سياق أسبابه بأنه من مقتضى الغاء قرار انهاء خدمة المدعى صرف مرتبه إليه طوال مدة الفصل في غير محله جديرا بالإلغاء.
ومن حيث أنه عن طلب المدعى الحكم بصفة مستعجلة باستمرار صرف مرتبه إليه من تاريخ انتهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961 حتى يقضى في دعوى إلغاء قرار الفصل، فانه لما كان الحكم مؤقتا بصرف المرتب كله أو بعضه، وفقا لحكم المادة 21 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 55 لسنة 1959، يرتبط بمصير دعوى الإلغاء، وكانت هذه المحكمة قد انتهت رغما عن إلغاء قرار إنهاء خدمة المدعى إلى عدم أحقيته تلقائيا لمرتبه من تاريخ تنفيذ قرار إنهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961 وكذلك عدم استحقاقه ثمة تعويضات، فان الطلب المستعجل بصرف المرتب يكون قد قام على غير سبب جدي يبرر قانونا صرف مرتب المدعى إليه، منذ تاريخ إنهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961، حقيقا بالرفض ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف حكم القانون إذ ذهب غير هذا المذهب.
ومن حيث أن وقف الموظف عن العمل احتياطيا،لا يسوغ وفقا لحكم المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1961 في شأن نظام موظفى الدولة، إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى معه واقتضت مصلحة التحقيق هذا الإيقاف ولما كان قرار إيقاف المدعى عن عمله في 3 من أكتوبر سنة 1961 قد صدر بعد انتهاء التحقيق الادارى الذى باشرته النيابة الادارية في القضية رقم 250/ 2 لسنة 1955وبعد انتهاء التحقيق الذي أجرته النيابة العامة في الجناية رقم 2573 لسنة 1955 قسم ثان بور سعيد آنفة الذكر وصدر الحكم الجنائى النهائى في 11 من نوفمبر سنة 1957 في الاتهام الذى أوقف المدعى بسببه، فان قرار الوقف والحال كذلك يكون قد تم على غير ما يقضى به القانون، حيث لم يكن ثمة تحقيق يجرى مع المدعى تقتضى مصلحته هذا الإيقاف، وإنما صدر القرار على ما يبين من الأوراق بمناسبة النظر في إنهاء خدمته وفقا لنص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 للحكم عليه في الجناية المشار إليها، وإلى أن يتم استطلاع الرأي في مدى قانونية اتخاذ هذا الاجراء. وإذا كان الأمر كذلك وكان صدور قرار الإيقاف بعد انقضاء المدة التى أمر الحكم الجنائى المشار إليه بوقف تنفيذ العقوبة خلالها واعتباره من ثم وكأنه لم يكن وفقا لحكم المادة 59 من قانون العقوبات على ما سلف بيانه، فان القرار المذكور يكون فاقد السبب الذي قام عليه مشوبا بالبطلان، ويكون الحكم المطعون فيه قد التزم صحيح القانون إذا قضى بإلغاء قرار الإيقاف المطعون فيه.
ومن حيث أنه لما تقدم من أسباب يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من إلغاء قراري إنهاء خدمة المدعى ووقفه عن العمل المشار إليهما، وخالف حكم القانون فيما قضى به من اعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب الاستمرار في صرف مرتب المدعى إليه من تاريخ أنتهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961 حتى يقضى في طلب الغاء قرار انهاء خدمته وكذلك فيما رتبه في أسبابه على الغاء قرار أنهاء الخدمة من صرف مرتب المدعى إليه طوال مدة الفصل، ويتعين والحالة هذه تعديل الحكم المطعون فيه على مقتضى ما تقدم وإلزام الحكومة بنصف المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه على الوجه الآتى:
(أولا) بإلغاء قرار السيد مدير التربية والتعليم بمنطقة بور سعيد التعليمية الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1961 بوقف المدعى عن العمل.
(ثانيا) بإلغاء قرار المنطقة المذكورة الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 بإنهاء خدمة المدعى وما يترتب على ذلك من آثار في الحدود المبينة بأسباب هذا الحكم.
(ثالثا) برفض طلب المدعى الاستمرار في صرف مرتبه إليه من تاريخ أنهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961.
(رابعا) بإلزام الحكومة بنصف المصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 100 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

إذا أمر الحكم الجنائي بأن يكون إيقاف تنفيذ العقوبة شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر إلى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التي تترتب على الحكم المذكور.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول (من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 158

(26)
جلسة 17 من يناير سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ محمد شلبى يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه يوسف إبراهيم الشناوى ومحمد صلاح الدين السعيد وعلى لبيب حسن وأبو بكر محمد عطية. المستشارين.

القضية رقم 925 لسنة 13 القضائية

(أ) حكم جنائي "أثر إيقاف العقوبة" موظف "انتهاء خدمة" إذا أمر الحكم الجنائي بأن يكون إيقاف تنفيذ العقوبة شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر إلى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التي تترتب على الحكم المذكور - إنهاء خدمة الموظف بالتطبيق لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون 210 لسنة 1951 هو أثر من آثار الحكم الجنائي.
(ب) حكم جنائى "أثر انقضاء مدة ايقاف العقوبة دون الغائه". موظف "انتهاء خدمة" قرار ادارى أن الحكم الجنائى بعد انقضاء فترة ايقاف العقوبة يعتبر كان لم يكن ويزول كل أثر لهذا الحكم - صدور قرار إنهاء خدمة الموظف بعد انقضاء مدة وقف تنفيذ العقوبة استنادا للحكم الجنائى الصادر بها يعتبر فاقدا للسبب الذى قام عليه، أساس ذلك.
(ج) موظف "الغاء قرار الفصل". "مرتب".
أن الغاء قرار الفصل يترتب عليه أن تكون الرابطة الوظيفية وكأنها دائمة - ليس من شأن ذلك أن يعود للموظف حقه في المرتب طوال مدة الفصل تلقائيا وإنما قد ينشأ له مجرد الحق في التعويض عن فصله غير المشروع، أساس ذلك.
(د) موظف "وقف عن العمل".
وقف الموظف عن العمل احتياطيا لا يسوغ إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى معه واقتضت مصلحته هذا الإيقاف - صدور قرار الوقف بعد الانتهاء من التحقيق يكون قد تم على غير ما يقضى به القانون - قرار إيقاف الموظف بمناسبة النظر في إنهاء خدمة صدوره بعد انقضاء المدة أمر الحكم الجنائي بوقف تنفيذ العقوبة خلالها يجعله فاقدا للسبب الذي قام عليه.
1- إذا أمر الحكم الجنائي بأن يكون إيقاف تنفيذ العقوبة شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر إلى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها في قانون العقوبات أم في غيره من القوانين، ذلك أن طبيعتها جميعا واحدة، ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها ما دام أنها كلها من آثار الحكم الجنائى، وأن أنهاء خدمة الموظف بالتطبيق لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة، إذا حكم عليه في جناية أو في جنحة مخلة بالشرف، أن هو الا أثر من آثار الحكم الجنائي الذي يصدر بالإدانة.
2- أن المادة 59 من قانون العقوبات تقضى بأنه "إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يصدر خلالها حكم بالغائة فلا يمكن تنفيذ العقوبات المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن" وظاهر هذا النص واضح في أن الحكم بعد انقضاء مدة الإيقاف يعتبر كأن لم يكن ويزول كل أثر لهذا الحكم. ولما كانت المدة التى أمر الحكم الجنائي المشار إليه بوقف تنفيذ العقوبة خلالها وقدرها ثلاث سنوات قد مضت قبل انهاء خدمة المدعى بالقرار الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 استنادا إلى صدور الحكم الجنائي المشار إليه ضده، فان هذا القرار يكون قد صدر مستندا إلى حكم يعتبره القانون بعد انقضاء هذه المدة كأن لم يكن ومن ثم يكون القرار المذكور قد صدر فاقدا لسبب الذي قام عليه.
3- بإلغاء قرار الفصل تكون الرابطة الوظيفية وكأنها لا تزال قائمة، بين الموظف وبين الجهة الادارية، بكافة آثارها، إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يعود للموظف حقه في المرتب طوال مدة الفصل تلقائيا، ذلك أن الأصل في المرتب أنه مقابل العمل. ولما كان قد حيل بين الموظف وبين أدائة العمل المنوط به بالفصل غير المشروع وحرمت الجهة الادارية من خدمات الموظف طوال مدة هذا الفصل ، فان الموظف ينشأ له مجرد الحق في التعويض عن فصله غير المشروع إذا ما توافرت عناصره ومقوماته.
4- أن وقف الموظف عن العمل احتياطيا،لا يسوغ وفقا لحكم المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفي الدولة، إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى معه واقتضت مصلحة التحقيق هذا الإيقاف ولما كان قرار إيقاف المدعى عن عمله في 3 من أكتوبر سنة 1961 قد صدر بعد انتهاء التحقيق الادارى الذى باشرته النيابة الادارية في القضية رقم 250/ 2 لسنة 1955 وبعد انتهاء التحقيق الذى أجرته النيابة العامة في الجناية رقم 2573 لسنة 1955 قسم ثان بور سعيد آنفة الذكر وصدر الحكم الجنائي النهائي في 11 من نوفمبر سنة 1957 في الاتهام الذى أوقف المدعى بسببه، فان قرار الوقف والحال كذلك يكون قد تم على غير ما يقضى به القانون، حيث لم يكن ثمة تحقيق يجرى مع المدعى تقتضى مصلحته هذا الإيقاف، وإنما صدر القرار على ما يبين من الأوراق بمناسبة النظر في انهاء خدمته وفقا لنص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 للحكم عليه في الجناية المشار إليها، وإلى أن يتم استطلاع الرأى في مدى قانونية اتخاذ هذا الاجراء. وإذا كان الأمر كذلك وكان صدور قرار الايقاف بعد انقضاء المدة التى أمر الحكم الجنائى المشار إليه بوقف تنفيذ العقوبة خلالها واعتباره من ثم وكأنه لم يكن وفقا لحكم المادة 59 من قانون العقوبات على ما سلف بيانه، فان القرار المذكور يكون فاقد السبب الذى قام عليه مشوبا بالبطلان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعى كان يشغل وظيفة ناظر مدرسة بور سعيد الابتدائية، وأتهم في قضية الجناية رقم 2573 لسنة 1955 جنايات قسم ثان بور سعيد ، بأنه في المدة من سنة 1952 إلى مارس سنة 1955 بدائرة قسم ثان بور سعيد بصفته موظفا عموميا اختلس مبلغ 844 مليم و55 جنيه كانت مسلمة إليه بسبب وظيفته وكان أمينا،عليها وأحيلت القضية من غرفة الاتهام إلى محكمة بورسعيد الجزئية للفصل فيها على أساس عقوبة الجنحة، وصدر فيها الحكم حضوريا بحبسه ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمه 844 مليم و 55جنيه وأمرت المحكمة بايقاف تنفيذ عقوبتى الحبس والغرامة وأيقاف جميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا،وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا في 11 من نوفمبر سنة 1957، ولم يطعن فيه بطريق التقض وأصبح نهائيا. وفي 23 من مارس سنة 1961 طلبت منطقة بور سعيد التعليمية أحالة المدعى إلى المحاكمة التأديبية، ولكن ادارة الدعوى التأديبية رأت الاكتفاء بفصل المدعى بالتطبيق لحكم المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة وذلك نظرا لفقد الأوراق الأصلية من محكمة بورسعيد الجزئية أثناء العدوان على بور سعيد، وبناء على ذلك أحالت المنطقة الموضوع إلى أدارة الشئون القانونية بوزارة التربية والتعليم لاستطلاع رأيها في أمر فصل المدعى بالتطبيق لحكم الفقرة الثانية من المادة 107 سالفة الذكر، وأصدر السيد/ مدير التربية والتعليم بمنطقة بورسعيد التعليمية في 3 من أكتوبر سنة 1961 قرارا بوقف المدعى عن العمل احتياطيا لما نسب إليه في قضية النيابة الادارية رقم 350/ 2 لسنة 1955لاستيلائه على مبلغ 844 مليم و55 جنيه باقى سلفة التغذية من عام 52/1953 مع إيقاف مرتبه تنفيذا للمادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه، وفي 9 من ديسمبر سنة 1961 أصدرت المنطقة القرار رقم 107 مسلسل 27 بإنهاء خدمة المدعى ورفع أسمه من عداد موظفى الوزارة اعتبارا من 11 من نوفمبر سنة 1957 تنفيذا للمادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وذلك للحكم عليه في الجناية رقم 2573 سنة 1955 على أن تحسب المدة من 11 من نوفمبر سنة 1957 إلى 2 من اكتوبر سنة 1961 (التاريخ السابق لوقفه عن العمل) أيام عمل بأجر. وقد تبين من الاطلاع على كتاب مكتب الشئون القانونية بمنطقة بور سعيد التعليمية المؤرخ في 27 من ديسمبر سنة 1961 أن ملف قضية النيابة الادارية رقم 250/2 لسنة 1955 قد فقد أيضا من نيابة بور سعيد الجزئية أثناء العدوان على بور سعيد. وقد أقام المدعى أربع دعاوى طعنا في القرارات الصادرة ضده هي: الأولى: الدعوى رقم 87 لسنة 9 القضائية ضد السيد/ وزير التربية والتعليم بصفته بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 14 من نوفمبر سنة 1961 طلب فيها "الحكم بصرف مرتبه حتى يقضى بإلغاء قرار الإيقاف الصادر من منطقة بور سعيد التعليمية في 3 من أكتوبر سنة 1961 مع الزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقد قضت المحكمة في 31 من ديسمبر سنة 1961"بأحقية المدعى في صرف راتبه بصفة مؤقتة حتى بفصل في طلب الغاء القرار الصادر بإيقافه عن العمل والزام الوزارة المصروفات ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة". وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم وقيد طعنها بجدول المحكمة الادارية العليا تحت رقم 818 لسنة 8 القضائية وبجلسة 31 من يولية سنة 1962 قضت دائرة فحص الطعون بإثبات ترك الطاعنة للخصومة وألزمتها بالمصروفات. الثانية: وأقام المدعى الدعوى رقم 380 لسنة 9 القضائية ضد السيدين/ وزير التربية والتعليم ومدير منطقة بور سعيد التعليمية بصفتيهما بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 5 من مارس سنة 1962 طلب فيها "الحكم بإلغاء قرار إيقافه عن العمل الصادر من السيد/ مدير منطقة بور سعيد التعليمية في 3 من أكتوبر سنة 1961 وإعادته إلى العمل وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الجهة الادارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
الثالثة: ثم أقام المدعى الدعوى رقم 690 لسنة 9 القضائية ضد السيدين/ وزير التربية والتعليم ومدير منطقة بور سعيد التعليمية بصفتيهما بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم في الأول من أغسطس سنة 1962 طلب فيها "الحكم بإلغاء قرار فصله الصادر من السيد/ مدير منطقة بورسعيد التعليمية في 9 من ديسمبر سنة 1961 برقم 107 ومسلسل 27 إنهاء خدمته وأعادته إلى عمله وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
الرابعة: وأقام المدعى الدعوى رقم 50 لسنة 10 القضائية ضد السيدين/ وزير التربية والتعليم ومدير منطقة بور سعيد التعليمية بصفتيهما بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 4 من نوفمبر سنة 1962 طلب فيها "الحكم بصفة مستعجلة باستمرار صرف مرتبه من تاريخ انهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961 حتى يقضى في دعوى الغاء قرار الفصل وذلك استمرارا لما قضى به الحكم الصادر في الدعوى رقم 87 لسنة 9 القضائية مع الزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
وبجلسة 6 من ديسمبر سنة 1962 قررت المحكمة الادارية المذكورة ضم الدعويين رقمى 280 لسنة 9،690 لسنة 9 القضائيتين إلى الدعوى رقم 50 لسنة 10 القضائية. وفي 19 من يولية سنة 1965 قرر السيد/ رئيس المحكمة، بناء على حكم المادة 3 من القانون رقم 144 لسنة 1964 بتعديل أحكام القانون رقم 55 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة. أحالة الدعوى رقم 50 لسنة 10 القضائية إلى محكمة القضاء الادارى للاختصاص، حيث قيدت برقم 3731 لسنة 19 القضائية، وهي مثار الطعن الماثل.
وبجلسة 12 من أبريل سنة 1967 قضت محكمة القضاء الادارى "أولا: بالغاء القرار رقم 107 الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 بإنهاء خدمة المدعى اعتبارا من 11 من نوفمبر سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار. وثانيا: بإلغاء القرار الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1961 بوقف المدعى عن العمل. وثالثا: باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب المدعى الاستمرار في صرف راتبه. ورابعا: بإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أن إنهاء الخدمة المنصوص عليه في الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة لا يخرج عن كونه أثرا من آثار الحكم الجنائي الذي يصدر بالإدانة فإذا أمرت المحكمة بوقف تنفيذ جميع الآثار الجنائية المترتبة على ذلك الحكم شمل وقف التنفيذ انهاء الخدمة باعتباره من تلك الآثار، فلا تعتبر خدمة الموظف المحكوم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف منتهية بقوة القانون لمجرد صدور الحكم المذكور ضده، ولما كانت محكمة بور سعيد الجزئية قد قضت بحبس المدعى ثلاثة أشهر وتغريمه مبلغ 844 مليم و55 جنيه
وأيقاف تنفيذ عقوبتى الحبس والغرامة وجميع الآثار المترتبة على الحكم لمدة ثلاثة سنوات تبدأ من صيرورة الحكم نهائيا وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا في 11 من نوفمبر سنة 1957، فان القرار رقم 107 الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 بإنهاء خدمة المدعى يكون قد جاء مخالفا للقانون، ويتعين الحكم بإلغائه. واستطردت المحكمة إلى أن مقتضى إلغاء قرار إنهاء خدمة المدعى أعادته إلى عمله وصرف راتبه، ومن ثم يكون طلب استمرار راتبه حتى يقضى في دعوى إلغاء قرار إنهاء خدمته قد أصبح والحالة هذه غير ذي موضوع وتكون الخصومة بشأنه منتهية مع إلزام الإدارة بالمصروفات حيث كان المدعى على حق عند رفع هذه الدعوى. وبالنسبة للطلب الخاص بإلغاء القرار الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1961 بوقف المدعى عن العمل، اعتنقت المحكمة الأسباب التى ساقتها المحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم في حكمها الصادر بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1961 في الدعوى رقم 87 لسنة 9 القضائية سالف الاشارة إليها، وحاصلها أنه لم يكن ثمة تحقيق يجرى مع المدعى عند وقفه ولم يكن محبوسا احتياطيا أو تنفيذا لحكم جنائي وبالتالي فان وقفه عن العمل يكون قد تم بالمخالفة لحكم القانون، ويكون القرار الصادر في هذا الشأن غير مشروع.
ومن حيث أن مبنى الطعن الذى أقامته الحكومة أنه ليس صحيحا ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن ما تقضى به الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة هو من قبيل العقوبات التبعية، ذلك أن العقوبة التبعية المقصودة في حكم المادة 55 من قانون العقوبات هي تلك التى ينص عليها قانون العقوبات، وبناء على ذلك فان وقف تنفيذ العقوبة الذى يلحق الحكم الجنائى وآثاره لا ينصرف إلى الآثار الأخرى التى تترتب طبقا لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 سالفة الذكر. وأضاف الطعن أن قضاء المحكمة بالغاء قرار الوقف قضاء غير ذى موضوع لأن قرار الوقف ذاته زال أثره بعد صدور قرار أنهاء خدمة المدعى فضلا عن أن قرار الوقف المذكور صدر صحيحا ملتزما حكم القانون.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إذا أمر الحكم الجنائى بأن يكون إيقاف تنفيذ العقوبة شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر إلى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها في قانون العقوبات أم في غيره من القوانين، ذلك أن طبيعتها جميعا واحدة، ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها ما دام أنها كلها من آثار الحكم الجنائى، وأن أنهاء خدمة الموظف بالتطبيق لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة، إذا حكم عليه في جناية أو في جنحة مخلة بالشرف، أن هو إلا أثر من آثار الحكم الجنائى الذى يصدر بالادانة.
ومن حيث أن محكمة بور سعيد الجزئية قد قضت بحبس المدعى ثلاثة أشهر وتغريمه مبلغ 844 مليم و55 جنيه وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبتى الحبس والغرامة وجميع الآثار المترتبة على الحكم لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورته نهائيا وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا من محكمة جنح بور سعيد الاستئنافية في 11من نوفمبر سنة 1957، فان المحكمة تكون قد استهدفت بحكمها المقترن بإيقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية المحافظة على مركز المدعى الوظيفى وعدم الاضرار بمستقبله، وكان مؤدى احترام حجية هذا الحكم ابقاء المدعى في وظيفته، وعدم أعمال حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في حقه باعتبار أن أنهاء الخدمة وفقا لحكم هذه الفقرة من الآثار الجنائية التى أوقف الحكم تنفيذها.
ومن حيث انه فضلا عما تقدم فان المادة 59 من قانون العقوبات تقضى بأنه "إذا انقضت مدة الايقاف ولم يصدر خلالها حكم بالغائة فلا يمكن تنفيذ العقوبات المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن" وظاهر هذا النص واضح في أن الحكم بعد أنقضاء مدة الايقاف يعتبر كأن لم يكن ويزول كل أثر لهذا الحكم. ولما كانت المدة التى أمر الحكم الجنائى المشار إليه بوقف تنفيذ العقوبة خلالها وقدرها ثلاث سنوات قد مضت قبل أنهاء خدمة المدعى بالقرار الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 استنادا إلى صدور الحكم الجنائى المشار إليه ضده، فان هذا القرار يكون قد صدر مستندا إلى حكم يعتبره القانون بعد انقضاء هذه المدة كأن لم يكن ومن ثم يكون القرار المذكور قد صدر فاقدا للسبب الذى قام عليه ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق في قضائه بالغاء قرار إنهاء خدمة المدعى الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961.
ومن حيث أن المدعى وقد طالب بالآثار المترتبة على إلغاء قرار أنهاء خدمته، فان الأمر يقتضى النظر فيما ينطوى عليه الغاء هذا القرار من آثار بالنسبة لمرتب المدعى طوال مدة الفصل.
ومن حيث بإلغاء قرار الفصل تكون الرابطة الوظيفية وكأنها لا تزال قائمة، بين الموظف وبين الجهة الادارية، بكافة آثارها، إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يعود للموظف حقه في المرتب طوال مدة الفصل تلقائيا، ذلك أن الأصل في المرتب أنه مقابل العمل. ولما كان قد حيل بين الموظف وبين أدائة العمل المنوط به بالفصل غير المشروع وحرمت الجهة الإدارية من خدمات الموظف طوال مدة هذا الفصل، فان الموظف ينشأ له مجرد الحق في التعويض عن فصله غير المشروع إذا ما توافرت عناصره ومقوماته.
ومن حيث أنه يبين من ظروف الدعوى وملابساتها أن المدعى أخل اخلالا جسيما بمقتضيات النزاهة والامانة، وهي أول ما يجب أن يتحلى به الموظف من حميد الخصال ويحرص عليه لينال شرف البقاء في الخدمة العامة، وذلك حين استباح لنفسه العدوان على أموال الدولة واختلس لنفسه منها مبلغ 844 مليم و55 جنيه وإذا كانت الجهة الادارية قد تنكبت الطريق القانونى الصحيح فأصدرت قرارها بإنهاء خدمة المدعى بالتطبيق لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة، ولم تلجأ إلى اتخاذ الاجراءات التأديبية ضده والتى ما كان يحول دونها فقد التحقيقات الادارية والجنائية، وكان سلوك المدعى على هذا النحو غير القويم، فانه يكون قد هيأ العذر للادارة لا صدار قرارها المعيب، الأمر الذى ترى المحكمة معه، وبمراعاة أن المدعى لم يقم بأى عمل للحكومة مدة تنحيته عن وظيفته، أنه حسبه تعويضا له عن اصدار الادارة قرارها بإنهاء خدمته، أنه قد قضى لصالحه بإلغاء هذا القرار، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى في سياق أسبابه بأنه من مقتضى الغاء قرار انهاء خدمة المدعى صرف مرتبه إليه طوال مدة الفصل في غير محله جديرا بالإلغاء.
ومن حيث أنه عن طلب المدعى الحكم بصفة مستعجلة باستمرار صرف مرتبه إليه من تاريخ انتهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961 حتى يقضى في دعوى إلغاء قرار الفصل، فانه لما كان الحكم مؤقتا بصرف المرتب كله أو بعضه، وفقا لحكم المادة 21 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 55 لسنة 1959، يرتبط بمصير دعوى الإلغاء، وكانت هذه المحكمة قد انتهت رغما عن إلغاء قرار إنهاء خدمة المدعى إلى عدم أحقيته تلقائيا لمرتبه من تاريخ تنفيذ قرار إنهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961 وكذلك عدم استحقاقه ثمة تعويضات، فان الطلب المستعجل بصرف المرتب يكون قد قام على غير سبب جدي يبرر قانونا صرف مرتب المدعى إليه، منذ تاريخ إنهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961، حقيقا بالرفض ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف حكم القانون إذ ذهب غير هذا المذهب.
ومن حيث أن وقف الموظف عن العمل احتياطيا،لا يسوغ وفقا لحكم المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1961 في شأن نظام موظفى الدولة، إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى معه واقتضت مصلحة التحقيق هذا الإيقاف ولما كان قرار إيقاف المدعى عن عمله في 3 من أكتوبر سنة 1961 قد صدر بعد انتهاء التحقيق الادارى الذى باشرته النيابة الادارية في القضية رقم 250/ 2 لسنة 1955وبعد انتهاء التحقيق الذي أجرته النيابة العامة في الجناية رقم 2573 لسنة 1955 قسم ثان بور سعيد آنفة الذكر وصدر الحكم الجنائى النهائى في 11 من نوفمبر سنة 1957 في الاتهام الذى أوقف المدعى بسببه، فان قرار الوقف والحال كذلك يكون قد تم على غير ما يقضى به القانون، حيث لم يكن ثمة تحقيق يجرى مع المدعى تقتضى مصلحته هذا الإيقاف، وإنما صدر القرار على ما يبين من الأوراق بمناسبة النظر في إنهاء خدمته وفقا لنص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 للحكم عليه في الجناية المشار إليها، وإلى أن يتم استطلاع الرأي في مدى قانونية اتخاذ هذا الاجراء. وإذا كان الأمر كذلك وكان صدور قرار الإيقاف بعد انقضاء المدة التى أمر الحكم الجنائى المشار إليه بوقف تنفيذ العقوبة خلالها واعتباره من ثم وكأنه لم يكن وفقا لحكم المادة 59 من قانون العقوبات على ما سلف بيانه، فان القرار المذكور يكون فاقد السبب الذي قام عليه مشوبا بالبطلان، ويكون الحكم المطعون فيه قد التزم صحيح القانون إذا قضى بإلغاء قرار الإيقاف المطعون فيه.
ومن حيث أنه لما تقدم من أسباب يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من إلغاء قراري إنهاء خدمة المدعى ووقفه عن العمل المشار إليهما، وخالف حكم القانون فيما قضى به من اعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب الاستمرار في صرف مرتب المدعى إليه من تاريخ أنتهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961 حتى يقضى في طلب الغاء قرار انهاء خدمته وكذلك فيما رتبه في أسبابه على الغاء قرار أنهاء الخدمة من صرف مرتب المدعى إليه طوال مدة الفصل، ويتعين والحالة هذه تعديل الحكم المطعون فيه على مقتضى ما تقدم وإلزام الحكومة بنصف المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه على الوجه الآتى:
(أولا) بإلغاء قرار السيد مدير التربية والتعليم بمنطقة بور سعيد التعليمية الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1961 بوقف المدعى عن العمل.
(ثانيا) بإلغاء قرار المنطقة المذكورة الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 بإنهاء خدمة المدعى وما يترتب على ذلك من آثار في الحدود المبينة بأسباب هذا الحكم.
(ثالثا) برفض طلب المدعى الاستمرار في صرف مرتبه إليه من تاريخ أنهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961.
(رابعا) بإلزام الحكومة بنصف المصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 62 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

الاقرار بالتعهد بعدم المطالبة بحقوق سابقة على توقيعه لا يجعل ثمت سند في المطالبة بالتعويض عن قرار الفصل الصادر قبل الإقرار أساس ذلك.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 176

(29)
جلسة 31 من يناير سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف إبراهيم الشناوي ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية. المستشارين.

القضية رقم 411 لسنة 12 القضائية

(أ) موظف. "انتهاء الخدمة". قرار فصل من الخدمة. "تعويض".
الاقرار بالتعهد بعدم المطالبة بحقوق سابقة على توقيعه لا يجعل ثمت سند في المطالبة بالتعويض عن قرار الفصل الصادر قبل الإقرار، أساس ذلك.
(ب) الإكراه "تعريفه". مثال.
(ج) موظف. قرار فصل من الخدمة. "تعويض".
إلغاء قرار الفصل المطلوب التعويض عن الأضرار التي نتجت عن صدوره، ونفاذ الحكم بإلغاء والعودة إلى العمل وضم مدد الخدمة والترقي - في هذا خير تعويض عن الأضرار المادية والأدبية. مثال.
(هـ) فوائد قانونية.
لا تسرى الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية إلا عن المبالغ التى تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى.
1 - بالنسبة إلى طلب التعويض عن قرار فصل المدعى الأول، فالثابت أنه وقع في 17 من يونية سنة 1950 أقرار تعهد فيه بعدم المطالبة بحقوق سابقة على توقيع هذا الاقرار، ولما كان حق المدعى في التعويض عن قرار فصله الصادر في 1946 - أن كان له وجه حق فيه - هو من الحقوق السابقة التى يشملها هذا الاقرار، بل أن هذا الحق هو الذي استهدفه الإقرار أساسا، فانه تأسيسا على ذلك لا يكون للمدعى ثمت سند في المطالبة بالتعويض عن هذا القرار بعد أن تنازل عن حقه في هذا التعويض، ولا محل بعد ذلك للبحث عما إذا كان قرار فصل المدعى في 1946 قد قام على أسباب تبرره أم لا.
2 - أن الإكراه باعتباره رهبة تقع في نفس المكره دون حق، أى بوسائل غير مشروعة، وتقوم على أساس أى أن ظروف الحال تصور لمن يدعى الاكراه أن خطرا جسيما محدقا يهدده في نفسه أو جسمه أو شرفه أو ماله لم تتوافر عناصره بالنسبة إلى الواقعة المعروضة، فليس في مسلك وزارة الصحة وهي بصدد الاستجابة لطلب المدعى أعادة تعيينه وفي مقام تذليل التي كانت قائمة في سبيل هذا التعيين - وهى أنه سبق أن فصل لسوء السلوك - ما يرقى إلى مرتبة التهديد بخطر محدق وشيك الوقوع حين اشترطت عليه أن لا يتخذ من قرارها بإعادة تعيينه ذريعة للادعاء بحقوق سابقة كان قد سكت عن المطالبة بها فعلا بمحض اختياره طوال أربع سنوات من تاريخ فصله في 1946 إلى أن تقدم يلتمس إعادة تعيينه في 1950 فموقف الوزارة من المدعى كان مشروعا في الوسيلة والغاية معا.
3 - إذا ما روعي أن القرار الذي يطالب المدعى بالتعويض عن الأضرار التي لحقته نتيجة صدوره قد ألغى ونفذ الحكم الصادر بإلغائه، وعاد المدعى إلى عمله فعلا، وضمت إلى مدة خدمته بالوزارة مدد علمه وهو خارجها في حدود ما يقضى به القانون، وسويت حالته بعد هذا الضم ومنح عدة ترقيات كان في هذا خير تعويض له عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقته نتيجة صدور هذا القرار.
4 - لا محل لمطالبة المدعى بالفوائد القانونية عن هذا المبلغ لأن مفاد نص المادة 226 من القانون المدني والأعمال التحضيرية لهذه المادة أن لا تسرى الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية إلا عن المبالغ التي تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى، والمقصود يكون محل الالتزام معلوم المقدار يكون تحديد مقداره قائما على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة التقدير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 980 لسنة 15 القضائية ضد وزارة الصحة أمام هيئة العقود والتعويضات بمحكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة المذكورة في 27 من يولية سنة 1961 وطلب في ختامها الحكم بإلزام وزير الصحة بصفته بأن يدفع له مبلغ 500 مليم و 592 جنيه جنيها والفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية لحين تمام السداد مع إلزامه المصروفات وأتعاب المحاماة، وقال بيانا لدعواه أنه عين طبيبا بوزارة الصحة في 22 من يناير 1933 وكان تعيينه بعقد جدد مرارا إلى أن عين في 1941 على وظيفة دائمة من الدرجة السادسة الفنية، وظل يؤدى علمه على أحسن وجه إلى أن فوجىء في 30 من يوليه 1946 بصدور القرار الوزاري رقم 583 بفصله من العمل بدعوى سوء السلوك، وفي 14 من مايو 1950 صدر القرار الوزاري رقم 572 بإعادته إلى خدمة وزارة الصحة في الدرجة السادسة الفنية، وفي أول مايو 1952 أصدر السيد وزير الصحة القرار رقم 2820 ويقضى:
1 - بإبطال القرار رقم 1833 الصادر في 3/ 12/ 1951 بتجديد خدمة المدعى لمدة سنة قابلة للتجديد اعتبارا من 20 من يونية 1951.
1 - إبطال القرار الوزاري رقم 572 الصادر في 14 مايو 1950 بتعيينه بوظيفة طبيب بالوزارة على ربط الدرجة السادسة الفنية.
3 - فصله من خدمة الوزارة اعتبارا من 1/ 4/ 1952 تاريخ العمل بقواعد المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 واعتبار فصله لسوء السلوك منذ 30 من يوليه 1946 قائما.
وقد أعلن هذا القرار إلى المدعى في 11 من مايو 1952 فتظلم منه في 11 من يونيه 1952 ولما لم يجد هذا التظلم أقام الدعوى رقم 1388 لسنة 6 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري طالبا الحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم 2820 لسنة 1952 بكامل اشقاقه مع إلزام وزارة الصحة بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وفي 25 من يناير 1956 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 2820 الصادر من وزير الصحة في 29 من أبريل 1952 والذي قضى بإبطال القرارين الوزاريين رقمي 572 لسنة 1950،1833 لسنة 1951 الصادرين في 17 من مايو 1950،3 من ديسمبر 1951 وفيما تضمنه من فصل المدعى وألزمت الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد عقب المدعى على ذلك بقوله أنه قد لحقه ضرر من جراء فصله من العمل في 1946 ومن جراء فصله مرة أخرى بالقرار 2820 لسنة 1952 وهذا الضرر ماثل فيما ضاع عليه ومالحقه من اساءة في سمعته، وقد قدر التعويض الذي يجبر هذا الضرر بمبلغ 500 مليم و 5920 جنيه
ومن حيث أن الجهة الإدارية أجابت على الدعوى بقولها أن مسئولية الإدارة في شأن التعويض لا تتحقق في جميع الحالات إلا بتوافر ثلاثة أركان هي: خطأ يشوب تصرف جهة الإدارة وضرر يلحق بطالب التعويض وعلاقة سببية بين الخطأ والضرر وانه وأن كان من الأمور المستقرة أن من صور الخطأ الملموسة عدم مشروعية القرار الذي تصدره جهة الإدارة بأوجهة الأربعة المعروفة، إلا أن عدم المشروعية هذه لا ترتب المسئولية في كل الأحوال إذ قد توجد بعض الصور التي يكون فيها القرار الإداري مشوبا بعيب من عيوب عدم المشروعية وبالرغم من ذلك لا تتحقق مسئولية جهة الإدارة في شأن التعويض عن الأضرار التي يحدثها هذا القرار المعيب، وأبانت جهة الإدارة انه لم يكن يوجد خطأ موجب للتعويض في جانبها وقت أن أصدرت قراري فصل المدعى في سنتي 1946،1952 بمقولة أن القرار الصادر في 1946 بنى على تحقيق سليم توفرت فيه الضمانات التأديبية وقد انتهت فيه إدارة التحقيق إلى الموافقة على الفصل، وانه إذا كان الثابت أن هذا القرار قام على أسباب تبرره فان جهة الإدارة لا تسأل عن الضرر الذي قد يصيب المدعى نتيجة له، طالما أن الحكم الصادر من القضاء الإداري في 1956 في الدعوى رقم 1388 لسنة 6 القضائية لم ينع على هذا القرار انه لم يقم على أسباب موضوعية تتعلق بثبوت الاتهام قبل المدعى وإنما أنصب فقط على صدوره من غير مختص بمقولة أن توقيع عقوبة الفصل لم يكن من اختصاص الوزير وإنما من اختصاص مجلس التأديب، ولما كان قرار الفصل الصادر في 1946 هو قرار تأديبى صدر بناء على تحقيقات صحيحة ثبت فيها سوء سلوك المدعى الشديد فانه لا يجوز نسبة الخطأ إلى الإدارة في أعمالها لنص المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 لأن شروطها كانت متوافرة لدى المدعى، وانه ينبنى على ما سبق عدم توافر ركن الخطأ الموجب للتعويض لدى الجهة الإدارية المدعى عليها عليها في إصدارها لقراري فصل المدعى في سنتي 1946 ،1952 أما بالنسبة إلى الضرر الذي يقول المدعى أنه لحقه من جراء هذين القرارين فإنه مكلف بإثبات حصول الضرر وعناصره سواء كان ضررا ماديا أو أدبيا وهو ما لم يفعله، مما يجعل دعواه خليقة بالرفض.
وبجلسة 5 من ديسمبر سنة 1965 قضت المحكمة برفض دعوى المدعى وألزمته المصاريف مؤسسة قضاءها على أن مقطع النزاع في المنازعة المعروضة هو بيان الأساس الذى بنى عليه الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري لصالح المدعى في الدعوى رقم 1388 لسنة 6 القضائية الذي الغي القرار رقم 2820 الصادر من وزير الصحة في 29 من أبريل 1952 فيما تضمنه من فصل المدعى وهو الحكم الذي يستند إليه المدعى في الدعوى في الدعوى الحالية للمطالبة بالتعويض، وأنه يبين من استقراء الحكم المشار إليه أنه بنى على أساس أن القرار الوزاري رقم 583 الصادر في 8 من أكتوبر 1946 والقاضي بفصل المدعى من الخدمة قد وقع باطلا ومخالفا للقانون لأنه شابه عيب عدم الاختصاص ذلك أن الوزير جاوز حدود سلطته بتوقيع عقوبة فصل المدعى متخطيا السلطة المختصة وهي مجلس التأديب، وأنه وأن كان هذا القرار حصينا ومعصوما من الإلغاء لصدوره قبل العمل بقانون مجلس الدولة، إلا أن حصانته هذه يجب أن تفسر في النطاق المقصود منها وهو عدم قابليته للإلغاء فحسب وانه ينبنى على اعتبار القرار رقم 583 عديم الاثر أن يكون القرار رقم 572 الصادر في 14 مايو 1950 القاضي بإعادة المدعى إلى الخدمة قرارا قانونيا سليما صادرا ممن يملكه، كما لا تعتبر إعادة المدعى للخدمة استثناء ينطبق عليه حكم الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 في شأن إبطال الترقيات والعلاوات والأقدميات والتعيينات والمعاشات الاستثنائية، وانه يترتب على ما تقدم أن القرار رقم 2820 المشار إليه يكون فيما تضمنه من فصل المدعى قد جاء مخالفا للقانون وقد عقبت المحكمة في حكمها المطعون عليه على هذا القضاء بقولها أنه وان كانت محكمة القضاء الإداري قد إلغت قرار فصل المدعى على أساس انه صدر مشوبا بعيب عدم الاختصاص إلا انها لم تتعرض إلى الأسباب التى بنى عليها ومدى صحة الوقائع والاتهامات التى نسبت للمدعى وسلامة الاجراءات التى اتبعتها الوزارة في تحقيق هذه الاتهامات، ومن الأمور المستقرة أن عيب عدم الاختصاص وان صح سببا لإلغاء القرارات الإدارية إلا أنه لا يرتب مسئولية الحكومة في شأن التعويض في جميع الحالات إذا ما ترتب على تنفيذ القرار المشوب بهذا العيب ضرر للفرد ولما كان الثابت من الأوراق ومن التحقيقات التي أجريت مع المدعى أن قرار فصله الصادر في 1946 قد بنى على أسباب تبرره فمن ثم يكون الاحتجاج بالحكم الصادر في 1956 من محكمة القضاء الادارى بالنعى على هذا القرار بانه مشوب بعيب عدم الاختصاص - في إثبات الخطأ في جانب الوزارة المدعى عليها في غير محله كما لا يسوغ كذلك وتأسيسا على أن قرار فصل المدعى في 1946 قد بنى على أسباب تبرره - نسبة الخطأ إلي الوزارة حينما قامت بفصل المدعى في 1952 أعمالا لنص المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 ومن ثم تكون الدعوى على غير أساس سليم لفقدانها أحد أركان المسئولية وهو ركن الخطأ.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن ما ذهب إليه الحكم المطعون عليه يخالف القانون مخالفة صارخة ذلك أنه رتب آثارا على قرار صدر حكم قضائي حائز لقوة الشىء المقضي فيه ببطلان بل وبانعدامه على أساس أنه معيب بعيب عدم الاختصاص ولا يجوز في هذه الحالة أن يفترض أن مثل هذا القرار يكون صحيحا على أية صورة أو أن يذهب الحكم المطعون فيه إلى أن الوزارة المدعى عليها لم ترتكب خطأ حين أصدرت هذا القرار مع أن الخطأ ثابت ثبوتا مقطوعا فيه بحكم قضائي إلا وهو مجاوزة الجهة الإدارية حدود اختصاصها في إصدار ذلك القرار، هذا فضلا عن إغفال الحكم الرد على دفاع الطاعن الجوهري والمؤيد بالمستندات والذي يخلص في أن قرار الفصل لم يكن مشوبا بعيب عدم الاختصاص فحسب بل كان منطويا أيضا على اساءة استعمال السلطة، وقد افترض الحكم المطعون عليه صحة الاتهامات التي تذرعت بها الإدارة لفصل الطاعن دون أن يكون ذلك موضوعا لتحقيق أمامها ودون أن تعرض لدفاع الطاعن أو تبين الأسباب التي حمل عليها قضاؤها في هذا الشأن.
ومن حيث أنه يتبين من مراجعة الأوراق أنه في 8 من أكتوبر 1946 أصدر السيد وزير الصحة القرار رقم 583 بفصل المدعى من خدمة الوزارة لسوء السلوك، وقد تظلم المدعى من هذا القرار فوافق السيد الوزير في 22 من فبراير 1947 على تعديل سبب الفصل من سوء السلوك إلى الاستغناء.
وفي 9 من مارس 1950 تقدم المدعى بطلب إلى السيد وزير الصحة التمس فيه أعادة تعيينه بخدمة الوزارة وقد وافق السيد الوزير في 15 من أبريل 1950 على مذكرة أعدتها إدارة الشئون القانونية في هذا الشأن اقترحت فيها أعادة تعيين المدعى طبيبا في الدرجة السادسة بعقد لمدة سنة بالشروط المقررة على أن لا يكسبه هذا التعيين حق المطالبة بحقوق سابقة أو بضم مدة خدمة سابقة إلى مدة خدمته الجديدة.
وفي 14 من مايو 1950 أصدر السيد الوزير القرار رقم 572 بتعيين المدعى بعقد على ربط الدرجة السادسة اعتبارا من تاريخ استلامه العمل وأشير في ديباجة القرار إلى ما يأتي: "وبعد الاطلاع على الإقرار المقدم من المدعى والمتضمن قبوله التعيين في الدرجة السادسة بعقد لمدة سنة واحدة بماهية 12 جنيها شهريا مع تعهده بعدم المطالبة بحقوق سابقة أو بضم مدة خدمة سابقة إلى مدة خدمته الجديدة، وقد وقع المدعى في 17 من يونية 1950 اقرارا أكد فيه ذات المعنى وذلك قبل أن يستلم عمله في 20 من يونية 1950".
وفي 29 من أبريل 1952 أصد السيد وزير الصحة القرار رقم 2820 بإلغاء قراري أعادة تعيين المدعى وبتجديد هذا التعيين الصادرين في سنتي 50/ 1951 واعتبار فصله في 1946 لسوء السلوك قائما، وهو القرار الذي ألغته محكمة القضاء الإداري في 25 من يناير 1956 في الدعوى رقم 1358 لسنة 6 القضائية على ما سلف البيان.
وفي 6 من سبتمبر سنة 1959 صدر القرار الوزاري رقم 188 بتنفيذ هذا الحكم وبمقتضى هذا القرار أعيد المدعى إلى خدمة الوزارة وتسلم عمله في ذات التاريخ وقد ضمت إلى المدعى مدة خدمته كطبيب بالمؤسسات الطبية العراقية من 14 مارس 1948 إلى 19 يونية 1950 كما صدرت عدة قرارات بإجراء تسوية حالته وبترقيته كان آخرها منحه الدرجة الثالثة بصفة شخصية من 6 سبتمبر سنة 1962 وقد ثبت من كتاب السفارة العراقية رقم 10/ 20/ 102/ 100 المؤرخ 2 من فبراير 1960 أن المدعى عمل بالمؤسسات الصحية العراقية في الفترة من 27 سبتمبر 1953 إلى 6 من يونية 1959.
ومن حيث أن المدعى أقام دعواه للمطالبة بالتعويض عن قراري فصله الصادر أولهما برقم 583 في 28 من أكتوبر 1946 وثانيهما برقم 2820 في 29 من أبريل 1952.
ومن حيث أنه بالنسبة إلى طلب التعويض عن قرار فصل المدعى الأول، فالثابت أنه وقع في 17 من يونية سنة 1950 أقرارا تعهد فيه بعدم المطالبة بحقوق سابقة على توقيع هذا الإقرار، ولما كان حق المدعى في التعويض عن قرار فصله الصادر في 1946 - أن كان له وجه حق فيه - هو من الحقوق السابقة التي يشملها هذا الإقرار، بل أن هذا الحق هو الذي استهدفه الإقرار أساسا، فانه تأسيسا على ذلك لا يكون المدعى ثمت سند في المطالبة بالتعويض عن هذا القرار بعد أن تنازل عن حقه في هذا التعويض، ولا محل بعد ذلك للبحث عما إذا كان قرار فصل المدعى في 1946 قد قام على أسباب تبرره أم لا.
ولا حجة فيما ذهب إليه المدعى من أن تنازله عن حقه في التعويض كان نتيجة إكراه لأن الوزارة اشترطت لإعادته إلى عمله قبوله هذا التنازل، ذلك أن الإكراه باعتباره رهبة تقع في نفس المكره دون حق، أي بوسائل غير مشروعة، وتقوم على أساس أي أن ظروف الحال تصور لمن يدعى الإكراه أن خطرا جسيما محدقا يهدده في نفسه أو جسمه أو شرفه أو ماله لم تتوافر عناصره بالنسبة إلى الواقعة المعروضة، فليس في مسلك وزارة الصحة وهي بصدد الاستجابة لطلب المدعى أعادة تعيينه وفي مقام تذليل العقبة التي كانت قائمة في سبيل هذا التعيين - وهى أنه سبق أن فصل لسوء السلوك - ما يرقى إلى مرتبة التهديد بخطر محدق وشيك الوقوع حين اشترطت عليه أن لا يتخذ من قرارها بإعادة تعيينه ذريعة للادعاء بحقوق سابقة كان قد سكت عن المطالبة بها فعلا بمحض اختياره طوال أربع سنوات من تاريخ فصله في 1946 إلى أن تقدم يلتمس إعادة تعيينه في 1950 فموقف الوزارة من المدعى كان مشروعا في الوسيلة والغاية معا.
ومن حيث انه بالنسبة إلى طلب التعويض عن قرار فصل المدعى الثاني الصادر في 1952 فالثابت أن محكمة القضاء الإداري قد ألغت هذا القرار بحكمها الصادر بجلسة 25 من يناير 1956 في الدعوى رقم 1388 لسنة 6 القضائية وقد أقامت قضاءها على أن هذا القرار جاء مخالفا للقانون واستندت في ذلك إلى أسباب تخلص حسبما ورد في الحكم في أن "القرار الوزاري رقم 583 الصادر في 8 من أكتوبر 1946 والقاضي بفصل المدعى من الخدمة قد شابه عيب عدم الاختصاص ووقع باطلا ومخالفا للقانون... ويترتب على بطلان هذا القرار واعتباره عديم الأثر أن يكون القرار رقم 572 الصادر في 14 من مايو 1950 والقاضي بإعادة المدعى إلى الخدمة قرارا قانونيا سليما صادرا ممن يملكه، كما لا تعتبر إعادة المدعى إلى الخدمة استثناء ينطبق عليه حكم الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 ويكون القرار رقم 2820 الصادر من وزير الصحة العمومية في 28 من أبريل 1952 والذي قضى بإبطال القرارين الوزاريين رقمي572 ،1833 الصادرين في 17 من مايو 1950 ،3 من ديسمبر 1951، وفيما تضمنه من فصل المدعى قد جاء مخالفا للقانون".
ومن حيث أن هذا الحكم قد جاز حجية الشىء المقضي فيه فيما انتهى إليه من أن تعيين المدعى في 1950 كان تعيينا قانونيا سليما، وان جهة الإدارة قد خالفت القانون حين قضت بإلغاء هذا القرار تطبيقا للمرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952، وترتيبا على ذلك يكون ركن الخطأ وهو أحد الأركان التي يجب توفرها لمسئولية جهة الإدارة عن تصرفها قد توافر في حقها عندما أصدرت قرار فصل المدعى في 1952 ذلك القرار الذي قضى بإلغائه لمخالفته للقانون على نحو ما توضح. ومن حيث أن المدعى يذكر انه قد لحقه ضرر من جراء إصدار هذا القرار، وهذا الضرر يتمثل فيما ضاع عليه من ترقيات طوال مدة فصله واضطراره إلى أغلاق عيادته بسبب اغترابه في العراق وقد ضاع عليه بذلك جزء من دخله وفيما أصاب سمعته كطبيب وما ألم به من ألم.
ومن حيث انه إذا ما روعي أن القرار الذي يطالب المدعى بالتعويض عن الأضرار التي لحقته نتيجة صدوره قد ألغى ونفذ الحكم الصادر بإلغائه، وعاد المدعى إلى عمله فعلا، وضمت إلى مدة خدمته بالوزارة مدد علمه وهو خارجها في حدود ما يقضى به القانون، وسويت حالته بعد هذا الضم ومنح عدة ترقيات كان في هذا خير تعويض له عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقته نتيجة صدور هذا القرار ولا وجه لمقارنة حالته بحالة بعض زملائه من حيث الترقيات لاختلاف ظروف كل منهم ولأنه تراخى في تنفيذ الحكم الصادر لصالحه بإلغاء قرار فصله منذ صدوره في 25 من يناير 1956 إلى أن تقدم بطلب تنفيذه بعد عودته من العراق في 6 من يوينه 1959 ولاشك أن تراخيه في تنفيذ هذا الحكم طوال هذه الفترة يحمل في طياته معنى انه آثر الاستمرار في العمل بالمؤسسات الطبية العراقية خلال هذه الفترة، ولما كان الثابت أنه بدأ العمل في هذه المؤسسات منذ 27 من سبتمبر 1953 فان المدة التي يحتمل أن يكون قد قضاها مقتصرا على العمل في عيادته التي ذكر انه أغلقها عندما أغترب في العراق لا تزيد على سنه ونصف.
ومن حيث انه يتضح مما تقدم أن صور الضرر التي يحتمل أن تكون قد أصابت المدعى ولم يعوض عنها تنحصر في حرمانه من راتبه خلال فترة عمله بعيادته - وان كان عمله بعيادته طوال الوقت خلال هذه الفقرة قد ساهم بلا شك في تعويضه عن حرمانه من مرتبه أن لم يكن بأكمله فمن بعضه - وأضطراره إلى أغلاق بسبب سفره إلى العراق.
ومن حيث أن المحكمة تقدر للمدعى - بمراعاة كل ما تقدم - تعويضا شاملا قدره مائة جنيه.
ومن حيث انه لا محل لمطالبة المدعى بالفوائد القانونية عن هذا المبلغ لأن مفاد نص المادة 226 من القانون المدني والأعمال التحضيرية لهذه المادة أن لا تسرى الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية إلا عن المبالغ التي تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى، والمقصود يكون محل الالتزام معلوم المقدار أن يكون تحديد مقداره قائما على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة التقدير.
ومن حيث انه لذلك يكون الطعن بالنسبة إلى هذا الشق من الدعوى الخاص بطلب التعويض عن الأضرار التي لحقت المدعى نتيجة صدور قرار فصله في 1952 في محله، وإذ ذهب الحكم المطعون عليه إلى خلاف ذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويتعين لذلك الغاؤه، والقضاء للمدعى بالتعويض الذى قدرته المحكمة مع إلزام الحكومة بالمصاريف المناسبة لما قضى به من طلبات المدعى.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه بإلزام وزارة الصحة بأن تدفع للمدعى مبلغ 100 جنيه (مائة جنيه) على سبيل التعويض وبالمصروفات المناسبة ورفض ماعدا ذلك من الطلبات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 49 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

لا يسوغ لجهة الإدارة سحب القرار الصادر بإنهاء الخدمة استناداً إلى الاستقالة الصريحة أو الضمنية.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشر - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 229

(38)
جلسة 21 من مارس سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف إبراهيم الشناوي ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن المستشارين.

القضيتان رقما 430، 914 لسنة 13 القضائية

( أ ) موظف. انتهاء خدمة "الاستقالة الضمنية"
القرينة التي جاء بها المشرع لاعتبار الموظف مستقيلاً مقررة لمصلحة جهة الإدارة - للجهة الإدارية أعمالها واعتباره مستقيلاً أو إهمالها وتمضي في مساءلته تأديبياً - الإفصاح عن ذلك يتم في صورة قرار إداري وليس في صورة قرار تنفيذي.
(ب) موظف "انتهاء خدمة" قرار إداري "سحبه"
لا يسوغ لجهة الإدارة سحب القرار الصادر بإنهاء الخدمة استناداً إلى الاستقالة الصريحة أو الضمنية - لا يجوز القياس في هذه الحالة على ما هو مقرر بالنسبة إلى القرارات الصادرة بالفصل، أساس ذلك.
(جـ) موظف "إعادة التعيين" الاستقالة. الفصل من الخدمة.
إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة إنما هو استثناء من أصل فلا يجوز التوسع في هذا الاستثناء وقياس الاستقالة عليه - الفارق بين الاستقالة والفصل.
1 - إن المشرع قد جاء بقرينة يعد معها الموظف مستقيلاً وهذه القرينة مقررة لمصلحة الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف فإن شاءت أعملت القرينة في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن شاءت تغاضت عنه رغم توافر شروط أعمالها ولها ألا تعمل أثرها فلا تعتبر الموظف مستقيلاً وتمضي في مساءلته تأديبياً لانقطاعه بدون إذن 15 يوماً متتالية.
ومؤدى ذلك أن إعمال هذا الأثر يصدر عن الإدارة بما لها من سلطة تقديرية والإفصاح عنه يتم في صورة قرار إداري مكتمل لجميع مقوماته وليس في صورة قرار تنفيذي.
2 - لا يسوغ لجهة الإدارة سحب القرار الصادر بإنهاء الخدمة استناداً إلى الاستقالة الصريحة أو الضمنية لأن سحب قرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة ينطوي على إهدار الإدارة للضوابط والشروط التي فرضها المشرع على الإدارة عند إعادة العامل إلى الخدمة وحساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة.
ولا يجوز في هذه الحالة القياس على ما هو مقرر بالنسبة إلى القرارات الصادرة بالفصل لأنه ولئن كان الأصل في السحب أو الرجوع في القرارات الإدارية ألا يقع أيهما إعمالا لسلطة تقديرية أو لاعتبارات الملائمة إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على جواز إعادة النظر في قرارات الفصل من الخدمة سواء اعتبر قرار الفصل صحيحاً أو غير صحيح فسحبه جائز لاعتبارات إنسانية تقوم على العدالة والشفقة إذا المفروض أن تنفصم صلة العامل بالوظيفة بمجرد فصله ويجب لإعادته إلى الخدمة أن يصدر قرار جديد بالتعيين كما يجب احساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة في أقدميته أو يتم كل ذلك وفقاً للقيود والأوضاع التي فرضها القانون.
3 - إن إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة إنما هو استثناء من أصل فلا يجوز التوسع في هذا الاستثناء وقياس الاستقالة عليه هذا بالإضافة إلى وضوح الفارق بين الاستقالة والفصل فالاستقالة صريحة كانت أو ضمنية إنما تستند إلى إرادة الموظف الصريحة أو الضمنية والقرار الإداري الصادر بإنهاء خدمة الموظف استناد إلى الاستقالة الصريحة إنما يصدر بناء على طلب صريح من الموظف برغبته في إنهاء خدمته وهذه الرغبة الصريحة تمثل ركن السبب في القرار الإداري الصادر بإنهاء الخدمة كما أن الاستقالة الضمنية والتي فرضها المشرع بنص المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (والتي تقابل المادة 112 من القانون القديم) قد اعتبرت العامل مقدماً استقالته إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص له بها. فقرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة يصدر بناء على إرادة الموظف الضمنية في إنهاء خدمته وهذه إرادة تمثل ركن السبب في قرار إنهاء الخدمة ومن ثم لا يجوز سحبه لأن مبناه في الحالتين إرادة الموظف في إنهاء خدمته أما الفصل فيتم بإرادة الجهة الإدارية وحدها ويكون سحبه استثناء من الأصل إذا ما قدرت الإدارة أن قرارها بالفصل وإن صدر مطابقاً للقانون إنما ينطوي على خطأ في التقدير أو الملائمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهما أقامتا الدعوى رقم 658 لسنة 17 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد السيدين مدير جامعة القاهرة ووزير التعليم العالي بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة بتاريخ 5/ 2/ 1963 طلبتا الحكم (بإلغاء القرار الصادر من مدير جامعة القاهرة برقم 1954 بتاريخ 21/ 5/ 1961 القاضي بسحب القرار رقم 2942 الصادر في 18/ 7/ 1957 رفع اسم السيدة ألفت جلال الدين عثمان من سجلات الجامعة وصرف مرتبها من 15/ 5/ 1961 تاريخ استلامها العمل مع إلغاء جميع ما يترتب على هذا القرار من آثار وإلزام المدعى عليه الأول بصفته المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة).
وقالتا شرحاً لدعواهما أن السيدة ألفت جلال الدين عثمان كانت تعمل مثقفة للطالبات بالدرجة السادسة بالكادر الفني العالي وبتاريخ 14/ 4/ 1957 تقدمت بطلب للموافقة على منحها أجازة بدون مرتب لمدة سنة لمصاحبة زوجها الدكتور عبد الفتاح حسن عضو هيئة التدريس بكلية الهندسة بجامعة القاهرة لمناسبة إعارته إلى المملكة السعودية وبتاريخ 27/ 7/ 1957 لم يوافق مدير الجامعة على منحها الإجازة المطلوبة ولما كانت السيدة المذكورة لم تنتظر البت في طلبها وبادرت إلى السفر مع زوجها وانقطعت عن عملها فقد صدر القرار رقم 2942 في 18/ 8/ 1957 من السيد مدير الجامعة برفع اسمها من سجلات الجامعة لانقطاعها عن العمل أكثر من خمسة عشر يوماً بدون إذن وأخطرت السيدة المذكورة بهذا القرار في 24/ 8/ 1957 على عنوان زوجها بالمملكة السعودية.
وبتاريخ 27/ 8/ 1961 تقدمت السيدة ألفت بطلب إلى السيد مدير الجامعة تلتمس الموافقة على إعادتها إلى الخدمة بوظيفة مثقفة وقد صدر قرار السيد مدير الجامعة رقم 1954 بتاريخ 21/ 5/ 1961 بسحب القرار رقم 2942 الصادر في 18/ 8/ 1957 كما وافق السيد مدير الجامعة بتاريخ 4/ 12/ 1961 علي اعتبار مدة الانقطاع في الفترة من 15/ 4/ 1957 إلى 22/ 4/ 1961 مدة انقطاع فعلى بدون مرتب واعتبار أقدميتها في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي من تاريخ تعيينها في 1/ 3/ 1956 وتنعي المدعيتان على القرار المطعون فيه عدم مشروعيته وإجحافه بحقوقهما للأسباب الآتية - أولاً - أن القرار رقم 2942 الصادر في 18/ 7/ 1957 (المسحوب) صدر صحيحاً ممن ملكه وفي حدود القانون وأخطرت به السيدة المذكورة في 24/ 8/ 1957 ومرت قرابة الأربع سنوات دون أن تتظلم منه ومن ثم فقد أصبح حصيناً من الإلغاء مرتباً حقوقاً مكتسبة للطالبتين في تحديد أقدمياتهما في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي. ثانياً - أن السيدة ألفت حسين تقدمت بطلبها للإدارة لم تطلب سحب قرار رفع اسمها وإنما طلبت إعادتها للعمل وأنه وإن كان القانون رقم 210 لسنة 1951 يبيح للإدارة ذلك بشروط إلا أن تلك الشروط غير متوافرة في حالتها لأن مدة خدمتها تقل عن ثلاث سنوات. ثالثاً - إن استناد إدارة الجامعة في تبرير إصدار قرارها المطعون عليه إلى أن وظيفة السيدة المذكورة ظلت شاغرة مردود عليه بأن الإدارة عينت بعد رفع اسمها أربع مثقفات وأن الدرجة التي شغلها كانت خالية لسبب نقل المثقفة صفية الهلباوي إلى كلية الزراعة. رابعاً - أن القرار المطعون فيه لم ينشر إلا بعد تظلم الطاعنتين ولم تعلما به إلا قبل تظلمهما مباشرة وأن وجود السيدة ألفت في العمل كان في مفهوم الطاعنتين باعتباره تعييناً جديداً.
وبجلسة التحضير المنعقدة في 15/ 10/ 1963 طلبت السيدة ألفت جلال قبولها خصماً منضماً للحكومة في طلب الحكم برفض الدعوى على أساس أن لها مصلحة في التدخل، وقرر السيد المفوض قبول تدخلها خصماً ثالثاً.
وبتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1966 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مدير جامعة القاهرة رقم 1954 بتاريخ 21/ 5/ 1961 بسحب القرار رقم 2942 الصادر في 18/ 8/ 1957 برفع اسم السيدة/ ألفت جلال الدين عثمان من سجلات الجامعة وإعادتها للعمل مع ما يترتب على ذلك من آثار وذلك على الوجه المبين بالأسباب وألزمت الجامعة المصروفات وأقامت قضاءها هذا على أن القرار الصادر برفع اسم السيدة/ ألفت جلال الدين من سجلات الجامعة لاعتبارها مستقيلة طبقاً لنص المادة 112 من القانون 210 لسنة 1951 لا يعدو أن يكون قراراً تنفيذياً لا يسوغ لجهة الإدارة أن تعدل عنه ولا تملك إلغاءه أو سحبه وأنه مع التسليم جدلاً بأن جهة الإدارة تصدر في هذا الشأن قراراً إدارياً بترتيب حكم الاستقالة الحكمية فإن الثابت أن هذه الجهة قد أعملت سلطتها التقديرية في إنزال حكم القانون ومن ثم نشأ مركز قانوني حاصلة اعتبار السيدة المذكورة هاجرة لعملها باستقالة حكمية قبلت من جهة الإدارة لا يجوز لها بعد ذلك أن تصدر قراراً إدارياً مضاداً بدعوى أنها أعادت أعمال سلطتها التقديرية لأنه لا يجوز لجهة الإدارة أن تجعل من سلطتها التقديرية في ملائمة إصدار القرارات الإدارية مسوغاً لسحب القرارات الإدارية المشروعة أو إلغائها أو تعديلها وعلي ذلك يكون القرار المطعون فيه غير مشروع حقيقاً بالإلغاء على أن مفهوم تنفيذه الإلغاء في هذا الحكم إنما ينصب على اعتبار أن القرار المطعون فيه ساحباً لقرار الفصل وهو في حقيقته ووفق التطبيق السليم للقانون لا يصح ولا يسوغ إلا أن يكون قرار تعيين مجدد بالنسبة إلى المطعون عليها لا يسري إلا من تاريخ صدوره وليس من أي تاريخ آخر سابق على هذا الصدور وهو في هذه الحدود يعتبر مشروعاً ومن ثم يتعين إلغاء كل أثر له باعتبار أنه ساحب لقرار الفصل وقصر أثره على أنه قرار تعيين جديد يسري من تاريخ صدوره ويتعين تصحيحه على هذا الوضع وبذلك لا يكون من شأنه أن يمس بالمركز المكتسب للمدعيتين.
ومن حيث أن الطعنين يقومان على أساس أن قرار إنهاء الخدمة سواء اعتبر صحيحاً أم غير صحيح فإن سحبه جائز على أي الحالين وأن الإدارة بإصدارها القرار المسحوب لم تكن تهدف لإحداث مراكز قانونية في شأن المطعون ضدهما سواء من حيث الاقدمية أم غيرها وإنما هدفت إلى إنهاء خدمة السيدة ألفت جلال الدين فحسب الأمر الذي لا يسوغ معه للمطعون ضدهما الاعتراض على سحب قرارات فصل الموظفين ولو كانت سليمة دون تقيد بميعاد محدد على أساس العدالة.
ومن حيث إن السيد مفوض الدولة قدم تقريراً بالرأي القانوني مسبباً طلب فيه قبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهما المصروفات وذلك استناداً إلى أن القرار الصادر برفع اسم السيدة ألفت جلال الدين من سجلات الجامعة بسبب انقطاعها عن العمل لا يعدو أن يكون قراراً فصل من الخدمة فإن الإدارة بسحبها هذا القرار تكون قد استعملت رخصة ممنوحة لها مقتضاها جواز سحب قرارات الفصل ولو كانت مشروعة.
ومن حيث إن القرار الصادر بإنهاء خدمة السيدة ألفت جلال الدين إنما صدر إعمالاً لنص المادة 112 من القانون 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة والتي تنص على أن (يعتبر الموظف مستقيلاً في الحالتين الآتيتين: (1) إذا انقطع عن عمله بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخصاً له بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان لعذر مقبول، وفي هذه الحالة يجوز لوكيل الوزارة المختص أن يقرر عدم حرمانه من مرتبه عن مدة الانقطاع).
ومن حيث أن المشرع قد جاء بقرينة يعد معها الموظف مستقيلاً وهذه القرينة مقررة لمصلحة الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف فإن شاءت أعملت القرينة في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن شاءت تغاضت عنه رغم توافر شروط أعمالها ولها ألا تعمل أثرها فلا تعتبر الموظف مستقيلاً وتمضي في مساءلته تأديبياً لانقطاعه بدون إذن 15 يوماً متتالية.
ومؤدي ذلك أن إعمال هذا الأثر يصدر عن الإدارة بما لها من سلطة تقديرية والإفصاح عنه يتم في صورة قرار إداري مكتمل لجميع مقوماته وليس في صورة قرار تنفيذي كما ذهب الطاعنون في مذكراتهم.
ومن حيث أن الأصل أن إعادة الموظف إلى الخدمة إنما يكون طبقاً للشروط والأوضاع التي نصت عليها المادة 12 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والتي تنص على أنه "يجوز إعادة تعيين العاملين في الوظائف السابقة التي كانوا يشغلونها إذا توافرت فيهم الشروط المطلوبة في شاغل الوظيفة الشاغرة وعلي أن يكون التقريران الأخيران المقدمان عنه في وظيفته السابقة بتقدير جيد على الأقل".
على أنه لا يجوز تعيين العاملين في غير أدني درجات التعيين إلا في حدود 10% من الوظائف الخالية بها.
كما أن الأصل عند تحديد أقدمية الموظف المعاد إلى الخدمة هو إسقاط المدة التي قضاها خارج الوظيفة إلا إذا كان قد قضاها مشتغلاً بعمل يفيد منه خبرة وذلك عملاً بالمادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة وطبقاً للقواعد التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء عل اقتراح ديوان الموظفين وقد صدر بهذه القواعد قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وطبقاً لهذه القوانين لا تضم مدد الخدمة السابقة إلا إذا كانت قد قضيت في عمل يفيد الموظف خبرة في عمله الجديد وأن تكون المدة المضمومة قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها وألا تقل هذه المدة عن سنتين إذا كانت قد قضيت في غير الحكومة أو الأشخاص الإدارية العامة.
ومن حيث إن هذه القواعد لا زال معمولاً بها في ظل العمل بأحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وذلك عملاً بالقانون رقم 158 لسنة 1964 بوضع أحكام وقينة للعاملين المدنيين بالدولة وقرار رئيس الجمهورية رقم 2264 لسنة 1964 بقواعد وشروط نقل العاملين إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم الخالية والذي صدر تنفيذاً له وقد نصت المادة الثامنة منه على أن (يكون تعيين العاملين لأول مرة في الدرجات المعادلة للدرجات المنصوص عليها في الفقرتين الأولي والثانية من المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أو كادر عمال الدرجة حسب الأحوال.
كما يجوز التعيين في غير هذه الدرجات وفقاً لأحكام المادتين 23 و24 من القانون المشار إليه بشأن مراعاة مدد العمل السابقة في تحديد درجة التعيين والمرتب والأقدمية.
ومن حيث أنه لا يسوغ لجهة الإدارة سحب القرار الصادر بإنهاء الخدمة استناداً إلى الاستقالة الصريحة أو الضمنية لأن سحب قرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة ينطوي على إهدار الإدارة للضوابط والشروط التي فرضها المشرع على الإدارة عند إعادة العامل إلى الخدمة وحساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة.
ولا يجوز في هذه الحالة القياس على ما هو مقرر بالنسبة إلى القرارات الصادرة بالفصل لأنه ولئن كن الأصل في السحب أو الرجوع في القرارات الإدارية ألا يقع أيهما إعمالاً لسلطة تقديرية أو لاعتبارات الملائمة إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على جواز إعادة النظر في قرارات الفصل من الخدمة سواء اعتبر قرار الفصل صحيحاً أو غير صحيح فسحبه جائز لاعتبارات إنسانية تقوم على العدالة والشفقة إذ المفروض أن تنفصم صلة العامل بالوظيفة بمجرد فصله ويجب لإعادته إلى الخدمة أن يصدر قرار جديد بالتعيين كما يجب لحساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة في أقدميته أو يتم كل ذلك وفقاً للقيود والأوضاع التي فرضها القانون على الوجه الذي سلف بيانه.
ومتى ثبت أن إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة إنما هو استثناء من أصل فلا يجوز التوسع في هذا الاستثناء وقياس الاستقالة عليه هذا بالإضافة إلى وضوح الفارق بين الاستقالة والفصل فالاستقالة صريحة كانت أو ضمنية إنما تستند إلى إرادة الموظف الصريحة أو الضمنية والقرار الإداري الصادر بإنهاء خدمة الموظف استناداً إلى الاستقالة الصريحة إنما يصدر بناء على طلب صريح من الموظف برغبته في إنهاء خدمته وهذه الرغبة الصريحة تمثل ركن السبب في القرار الإداري الصادر بإنهاء الخدمة كما أن الاستقالة الضمنية والتي فرضها المشرع بنص المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (والتي تقابل المادة 112 من القانون القديم) قد اعتبرت العامل مقدماً استقالته إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص له بها.. فقرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة يصدر بناء على إرادة الموظف الضمنية في إنهاء خدمته وهذه إرادة تمثل ركن السبب في قرار إنهاء الخدمة ومن ثم لا يجوز سحبه لأن مبناه في الحالتين إرادة الموظف في إنهاء خدمته أما الفصل فيتم بإرادة الجهة الإدارية وحدها ويكون سحبه استثناء من الأصل إذا ما قدرت الإدارة أن قرارها بالفصل وإن صدر مطابقاً للقانون إنما ينطوي على خطأ في التقدير أو الملاءمة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد أنهت خدمة السيدة ألفت جلال الدين عثمان باعتبارها منفصلة لانقطاعها عن عملها بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية عملاً بحكم المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه فلا تسوغ بعد ذلك سحب القرار الصادر بإنهاء خدمتها لمخالفة ذلك للقانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى هذه النتيجة قد أصاب الحق في قضائه ويتعين لذلك رفض الطعنين مع إلزام كل من مدير الجامعة وهو الطاعن ذو الشأن في الطعن رقم 43 لسنة 13 ق والسيدة ألفت جلال الدين عثمان الطاعنة في الطعن رقم 914 ق لسنة 13 ق بمصروفات الطعن.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين المضمومين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وألزمت كلاً من الطاعنين بمصروفات طعنه.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 286 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

القرينة التي جاء بها المشرع لاعتبار الموظف مستقيلاً مقررة لمصلحة جهة الإدارة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشر - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 229

(38)
جلسة 21 من مارس سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف إبراهيم الشناوي ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن المستشارين.

القضيتان رقما 430، 914 لسنة 13 القضائية

( أ ) موظف. انتهاء خدمة "الاستقالة الضمنية"
القرينة التي جاء بها المشرع لاعتبار الموظف مستقيلاً مقررة لمصلحة جهة الإدارة - للجهة الإدارية أعمالها واعتباره مستقيلاً أو إهمالها وتمضي في مساءلته تأديبياً - الإفصاح عن ذلك يتم في صورة قرار إداري وليس في صورة قرار تنفيذي.
(ب) موظف "انتهاء خدمة" قرار إداري "سحبه"
لا يسوغ لجهة الإدارة سحب القرار الصادر بإنهاء الخدمة استناداً إلى الاستقالة الصريحة أو الضمنية - لا يجوز القياس في هذه الحالة على ما هو مقرر بالنسبة إلى القرارات الصادرة بالفصل، أساس ذلك.
(جـ) موظف "إعادة التعيين" الاستقالة. الفصل من الخدمة.
إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة إنما هو استثناء من أصل فلا يجوز التوسع في هذا الاستثناء وقياس الاستقالة عليه - الفارق بين الاستقالة والفصل.
1 - إن المشرع قد جاء بقرينة يعد معها الموظف مستقيلاً وهذه القرينة مقررة لمصلحة الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف فإن شاءت أعملت القرينة في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن شاءت تغاضت عنه رغم توافر شروط أعمالها ولها ألا تعمل أثرها فلا تعتبر الموظف مستقيلاً وتمضي في مساءلته تأديبياً لانقطاعه بدون إذن 15 يوماً متتالية.
ومؤدى ذلك أن إعمال هذا الأثر يصدر عن الإدارة بما لها من سلطة تقديرية والإفصاح عنه يتم في صورة قرار إداري مكتمل لجميع مقوماته وليس في صورة قرار تنفيذي.
2 - لا يسوغ لجهة الإدارة سحب القرار الصادر بإنهاء الخدمة استناداً إلى الاستقالة الصريحة أو الضمنية لأن سحب قرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة ينطوي على إهدار الإدارة للضوابط والشروط التي فرضها المشرع على الإدارة عند إعادة العامل إلى الخدمة وحساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة.
ولا يجوز في هذه الحالة القياس على ما هو مقرر بالنسبة إلى القرارات الصادرة بالفصل لأنه ولئن كان الأصل في السحب أو الرجوع في القرارات الإدارية ألا يقع أيهما إعمالا لسلطة تقديرية أو لاعتبارات الملائمة إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على جواز إعادة النظر في قرارات الفصل من الخدمة سواء اعتبر قرار الفصل صحيحاً أو غير صحيح فسحبه جائز لاعتبارات إنسانية تقوم على العدالة والشفقة إذا المفروض أن تنفصم صلة العامل بالوظيفة بمجرد فصله ويجب لإعادته إلى الخدمة أن يصدر قرار جديد بالتعيين كما يجب احساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة في أقدميته أو يتم كل ذلك وفقاً للقيود والأوضاع التي فرضها القانون.
3 - إن إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة إنما هو استثناء من أصل فلا يجوز التوسع في هذا الاستثناء وقياس الاستقالة عليه هذا بالإضافة إلى وضوح الفارق بين الاستقالة والفصل فالاستقالة صريحة كانت أو ضمنية إنما تستند إلى إرادة الموظف الصريحة أو الضمنية والقرار الإداري الصادر بإنهاء خدمة الموظف استناد إلى الاستقالة الصريحة إنما يصدر بناء على طلب صريح من الموظف برغبته في إنهاء خدمته وهذه الرغبة الصريحة تمثل ركن السبب في القرار الإداري الصادر بإنهاء الخدمة كما أن الاستقالة الضمنية والتي فرضها المشرع بنص المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (والتي تقابل المادة 112 من القانون القديم) قد اعتبرت العامل مقدماً استقالته إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص له بها. فقرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة يصدر بناء على إرادة الموظف الضمنية في إنهاء خدمته وهذه إرادة تمثل ركن السبب في قرار إنهاء الخدمة ومن ثم لا يجوز سحبه لأن مبناه في الحالتين إرادة الموظف في إنهاء خدمته أما الفصل فيتم بإرادة الجهة الإدارية وحدها ويكون سحبه استثناء من الأصل إذا ما قدرت الإدارة أن قرارها بالفصل وإن صدر مطابقاً للقانون إنما ينطوي على خطأ في التقدير أو الملائمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهما أقامتا الدعوى رقم 658 لسنة 17 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد السيدين مدير جامعة القاهرة ووزير التعليم العالي بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة بتاريخ 5/ 2/ 1963 طلبتا الحكم (بإلغاء القرار الصادر من مدير جامعة القاهرة برقم 1954 بتاريخ 21/ 5/ 1961 القاضي بسحب القرار رقم 2942 الصادر في 18/ 7/ 1957 رفع اسم السيدة ألفت جلال الدين عثمان من سجلات الجامعة وصرف مرتبها من 15/ 5/ 1961 تاريخ استلامها العمل مع إلغاء جميع ما يترتب على هذا القرار من آثار وإلزام المدعى عليه الأول بصفته المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة).
وقالتا شرحاً لدعواهما أن السيدة ألفت جلال الدين عثمان كانت تعمل مثقفة للطالبات بالدرجة السادسة بالكادر الفني العالي وبتاريخ 14/ 4/ 1957 تقدمت بطلب للموافقة على منحها أجازة بدون مرتب لمدة سنة لمصاحبة زوجها الدكتور عبد الفتاح حسن عضو هيئة التدريس بكلية الهندسة بجامعة القاهرة لمناسبة إعارته إلى المملكة السعودية وبتاريخ 27/ 7/ 1957 لم يوافق مدير الجامعة على منحها الإجازة المطلوبة ولما كانت السيدة المذكورة لم تنتظر البت في طلبها وبادرت إلى السفر مع زوجها وانقطعت عن عملها فقد صدر القرار رقم 2942 في 18/ 8/ 1957 من السيد مدير الجامعة برفع اسمها من سجلات الجامعة لانقطاعها عن العمل أكثر من خمسة عشر يوماً بدون إذن وأخطرت السيدة المذكورة بهذا القرار في 24/ 8/ 1957 على عنوان زوجها بالمملكة السعودية.
وبتاريخ 27/ 8/ 1961 تقدمت السيدة ألفت بطلب إلى السيد مدير الجامعة تلتمس الموافقة على إعادتها إلى الخدمة بوظيفة مثقفة وقد صدر قرار السيد مدير الجامعة رقم 1954 بتاريخ 21/ 5/ 1961 بسحب القرار رقم 2942 الصادر في 18/ 8/ 1957 كما وافق السيد مدير الجامعة بتاريخ 4/ 12/ 1961 علي اعتبار مدة الانقطاع في الفترة من 15/ 4/ 1957 إلى 22/ 4/ 1961 مدة انقطاع فعلى بدون مرتب واعتبار أقدميتها في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي من تاريخ تعيينها في 1/ 3/ 1956 وتنعي المدعيتان على القرار المطعون فيه عدم مشروعيته وإجحافه بحقوقهما للأسباب الآتية - أولاً - أن القرار رقم 2942 الصادر في 18/ 7/ 1957 (المسحوب) صدر صحيحاً ممن ملكه وفي حدود القانون وأخطرت به السيدة المذكورة في 24/ 8/ 1957 ومرت قرابة الأربع سنوات دون أن تتظلم منه ومن ثم فقد أصبح حصيناً من الإلغاء مرتباً حقوقاً مكتسبة للطالبتين في تحديد أقدمياتهما في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي. ثانياً - أن السيدة ألفت حسين تقدمت بطلبها للإدارة لم تطلب سحب قرار رفع اسمها وإنما طلبت إعادتها للعمل وأنه وإن كان القانون رقم 210 لسنة 1951 يبيح للإدارة ذلك بشروط إلا أن تلك الشروط غير متوافرة في حالتها لأن مدة خدمتها تقل عن ثلاث سنوات. ثالثاً - إن استناد إدارة الجامعة في تبرير إصدار قرارها المطعون عليه إلى أن وظيفة السيدة المذكورة ظلت شاغرة مردود عليه بأن الإدارة عينت بعد رفع اسمها أربع مثقفات وأن الدرجة التي شغلها كانت خالية لسبب نقل المثقفة صفية الهلباوي إلى كلية الزراعة. رابعاً - أن القرار المطعون فيه لم ينشر إلا بعد تظلم الطاعنتين ولم تعلما به إلا قبل تظلمهما مباشرة وأن وجود السيدة ألفت في العمل كان في مفهوم الطاعنتين باعتباره تعييناً جديداً.
وبجلسة التحضير المنعقدة في 15/ 10/ 1963 طلبت السيدة ألفت جلال قبولها خصماً منضماً للحكومة في طلب الحكم برفض الدعوى على أساس أن لها مصلحة في التدخل، وقرر السيد المفوض قبول تدخلها خصماً ثالثاً.
وبتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1966 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مدير جامعة القاهرة رقم 1954 بتاريخ 21/ 5/ 1961 بسحب القرار رقم 2942 الصادر في 18/ 8/ 1957 برفع اسم السيدة/ ألفت جلال الدين عثمان من سجلات الجامعة وإعادتها للعمل مع ما يترتب على ذلك من آثار وذلك على الوجه المبين بالأسباب وألزمت الجامعة المصروفات وأقامت قضاءها هذا على أن القرار الصادر برفع اسم السيدة/ ألفت جلال الدين من سجلات الجامعة لاعتبارها مستقيلة طبقاً لنص المادة 112 من القانون 210 لسنة 1951 لا يعدو أن يكون قراراً تنفيذياً لا يسوغ لجهة الإدارة أن تعدل عنه ولا تملك إلغاءه أو سحبه وأنه مع التسليم جدلاً بأن جهة الإدارة تصدر في هذا الشأن قراراً إدارياً بترتيب حكم الاستقالة الحكمية فإن الثابت أن هذه الجهة قد أعملت سلطتها التقديرية في إنزال حكم القانون ومن ثم نشأ مركز قانوني حاصلة اعتبار السيدة المذكورة هاجرة لعملها باستقالة حكمية قبلت من جهة الإدارة لا يجوز لها بعد ذلك أن تصدر قراراً إدارياً مضاداً بدعوى أنها أعادت أعمال سلطتها التقديرية لأنه لا يجوز لجهة الإدارة أن تجعل من سلطتها التقديرية في ملائمة إصدار القرارات الإدارية مسوغاً لسحب القرارات الإدارية المشروعة أو إلغائها أو تعديلها وعلي ذلك يكون القرار المطعون فيه غير مشروع حقيقاً بالإلغاء على أن مفهوم تنفيذه الإلغاء في هذا الحكم إنما ينصب على اعتبار أن القرار المطعون فيه ساحباً لقرار الفصل وهو في حقيقته ووفق التطبيق السليم للقانون لا يصح ولا يسوغ إلا أن يكون قرار تعيين مجدد بالنسبة إلى المطعون عليها لا يسري إلا من تاريخ صدوره وليس من أي تاريخ آخر سابق على هذا الصدور وهو في هذه الحدود يعتبر مشروعاً ومن ثم يتعين إلغاء كل أثر له باعتبار أنه ساحب لقرار الفصل وقصر أثره على أنه قرار تعيين جديد يسري من تاريخ صدوره ويتعين تصحيحه على هذا الوضع وبذلك لا يكون من شأنه أن يمس بالمركز المكتسب للمدعيتين.
ومن حيث أن الطعنين يقومان على أساس أن قرار إنهاء الخدمة سواء اعتبر صحيحاً أم غير صحيح فإن سحبه جائز على أي الحالين وأن الإدارة بإصدارها القرار المسحوب لم تكن تهدف لإحداث مراكز قانونية في شأن المطعون ضدهما سواء من حيث الاقدمية أم غيرها وإنما هدفت إلى إنهاء خدمة السيدة ألفت جلال الدين فحسب الأمر الذي لا يسوغ معه للمطعون ضدهما الاعتراض على سحب قرارات فصل الموظفين ولو كانت سليمة دون تقيد بميعاد محدد على أساس العدالة.
ومن حيث إن السيد مفوض الدولة قدم تقريراً بالرأي القانوني مسبباً طلب فيه قبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهما المصروفات وذلك استناداً إلى أن القرار الصادر برفع اسم السيدة ألفت جلال الدين من سجلات الجامعة بسبب انقطاعها عن العمل لا يعدو أن يكون قراراً فصل من الخدمة فإن الإدارة بسحبها هذا القرار تكون قد استعملت رخصة ممنوحة لها مقتضاها جواز سحب قرارات الفصل ولو كانت مشروعة.
ومن حيث إن القرار الصادر بإنهاء خدمة السيدة ألفت جلال الدين إنما صدر إعمالاً لنص المادة 112 من القانون 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة والتي تنص على أن (يعتبر الموظف مستقيلاً في الحالتين الآتيتين: (1) إذا انقطع عن عمله بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخصاً له بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان لعذر مقبول، وفي هذه الحالة يجوز لوكيل الوزارة المختص أن يقرر عدم حرمانه من مرتبه عن مدة الانقطاع).
ومن حيث أن المشرع قد جاء بقرينة يعد معها الموظف مستقيلاً وهذه القرينة مقررة لمصلحة الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف فإن شاءت أعملت القرينة في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن شاءت تغاضت عنه رغم توافر شروط أعمالها ولها ألا تعمل أثرها فلا تعتبر الموظف مستقيلاً وتمضي في مساءلته تأديبياً لانقطاعه بدون إذن 15 يوماً متتالية.
ومؤدي ذلك أن إعمال هذا الأثر يصدر عن الإدارة بما لها من سلطة تقديرية والإفصاح عنه يتم في صورة قرار إداري مكتمل لجميع مقوماته وليس في صورة قرار تنفيذي كما ذهب الطاعنون في مذكراتهم.
ومن حيث أن الأصل أن إعادة الموظف إلى الخدمة إنما يكون طبقاً للشروط والأوضاع التي نصت عليها المادة 12 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والتي تنص على أنه "يجوز إعادة تعيين العاملين في الوظائف السابقة التي كانوا يشغلونها إذا توافرت فيهم الشروط المطلوبة في شاغل الوظيفة الشاغرة وعلي أن يكون التقريران الأخيران المقدمان عنه في وظيفته السابقة بتقدير جيد على الأقل".
على أنه لا يجوز تعيين العاملين في غير أدني درجات التعيين إلا في حدود 10% من الوظائف الخالية بها.
كما أن الأصل عند تحديد أقدمية الموظف المعاد إلى الخدمة هو إسقاط المدة التي قضاها خارج الوظيفة إلا إذا كان قد قضاها مشتغلاً بعمل يفيد منه خبرة وذلك عملاً بالمادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة وطبقاً للقواعد التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء عل اقتراح ديوان الموظفين وقد صدر بهذه القواعد قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وطبقاً لهذه القوانين لا تضم مدد الخدمة السابقة إلا إذا كانت قد قضيت في عمل يفيد الموظف خبرة في عمله الجديد وأن تكون المدة المضمومة قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها وألا تقل هذه المدة عن سنتين إذا كانت قد قضيت في غير الحكومة أو الأشخاص الإدارية العامة.
ومن حيث إن هذه القواعد لا زال معمولاً بها في ظل العمل بأحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وذلك عملاً بالقانون رقم 158 لسنة 1964 بوضع أحكام وقينة للعاملين المدنيين بالدولة وقرار رئيس الجمهورية رقم 2264 لسنة 1964 بقواعد وشروط نقل العاملين إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم الخالية والذي صدر تنفيذاً له وقد نصت المادة الثامنة منه على أن (يكون تعيين العاملين لأول مرة في الدرجات المعادلة للدرجات المنصوص عليها في الفقرتين الأولي والثانية من المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أو كادر عمال الدرجة حسب الأحوال.
كما يجوز التعيين في غير هذه الدرجات وفقاً لأحكام المادتين 23 و24 من القانون المشار إليه بشأن مراعاة مدد العمل السابقة في تحديد درجة التعيين والمرتب والأقدمية.
ومن حيث أنه لا يسوغ لجهة الإدارة سحب القرار الصادر بإنهاء الخدمة استناداً إلى الاستقالة الصريحة أو الضمنية لأن سحب قرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة ينطوي على إهدار الإدارة للضوابط والشروط التي فرضها المشرع على الإدارة عند إعادة العامل إلى الخدمة وحساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة.
ولا يجوز في هذه الحالة القياس على ما هو مقرر بالنسبة إلى القرارات الصادرة بالفصل لأنه ولئن كن الأصل في السحب أو الرجوع في القرارات الإدارية ألا يقع أيهما إعمالاً لسلطة تقديرية أو لاعتبارات الملائمة إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على جواز إعادة النظر في قرارات الفصل من الخدمة سواء اعتبر قرار الفصل صحيحاً أو غير صحيح فسحبه جائز لاعتبارات إنسانية تقوم على العدالة والشفقة إذ المفروض أن تنفصم صلة العامل بالوظيفة بمجرد فصله ويجب لإعادته إلى الخدمة أن يصدر قرار جديد بالتعيين كما يجب لحساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة في أقدميته أو يتم كل ذلك وفقاً للقيود والأوضاع التي فرضها القانون على الوجه الذي سلف بيانه.
ومتى ثبت أن إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة إنما هو استثناء من أصل فلا يجوز التوسع في هذا الاستثناء وقياس الاستقالة عليه هذا بالإضافة إلى وضوح الفارق بين الاستقالة والفصل فالاستقالة صريحة كانت أو ضمنية إنما تستند إلى إرادة الموظف الصريحة أو الضمنية والقرار الإداري الصادر بإنهاء خدمة الموظف استناداً إلى الاستقالة الصريحة إنما يصدر بناء على طلب صريح من الموظف برغبته في إنهاء خدمته وهذه الرغبة الصريحة تمثل ركن السبب في القرار الإداري الصادر بإنهاء الخدمة كما أن الاستقالة الضمنية والتي فرضها المشرع بنص المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (والتي تقابل المادة 112 من القانون القديم) قد اعتبرت العامل مقدماً استقالته إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص له بها.. فقرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة يصدر بناء على إرادة الموظف الضمنية في إنهاء خدمته وهذه إرادة تمثل ركن السبب في قرار إنهاء الخدمة ومن ثم لا يجوز سحبه لأن مبناه في الحالتين إرادة الموظف في إنهاء خدمته أما الفصل فيتم بإرادة الجهة الإدارية وحدها ويكون سحبه استثناء من الأصل إذا ما قدرت الإدارة أن قرارها بالفصل وإن صدر مطابقاً للقانون إنما ينطوي على خطأ في التقدير أو الملاءمة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد أنهت خدمة السيدة ألفت جلال الدين عثمان باعتبارها منفصلة لانقطاعها عن عملها بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية عملاً بحكم المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه فلا تسوغ بعد ذلك سحب القرار الصادر بإنهاء خدمتها لمخالفة ذلك للقانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى هذه النتيجة قد أصاب الحق في قضائه ويتعين لذلك رفض الطعنين مع إلزام كل من مدير الجامعة وهو الطاعن ذو الشأن في الطعن رقم 43 لسنة 13 ق والسيدة ألفت جلال الدين عثمان الطاعنة في الطعن رقم 914 ق لسنة 13 ق بمصروفات الطعن.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين المضمومين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وألزمت كلاً من الطاعنين بمصروفات طعنه.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 71 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,119,037

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »