موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

الأحكام القضائية للإدارية العليا في استقالة وإنهاء خدمة موظف llllllllllllllllll

edit

طلب الاستقالة هو ركن السبب فى القرار الإداري الصادر بقبولها وجوب صدوره عن رضاء صحيح يفسده ما يفسد الرضا من عيوب ومنها الإكراه .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 149

(14)
جلسة 12 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 580 لسنة 10 القضائية

( أ ) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة". قرار إداري. سببه. إكراه. طلب الاستقالة هو ركن السبب فى القرار الإداري الصادر بقبولها - وجوب صدوره عن رضاء صحيح - يفسده ما يفسد الرضا من عيوب ومنها الإكراه - خضوع الإكراه باعتباره مؤثراً في صحة القرار لتقديم المحاكم الإدارية في حدود رقابتها لمشروعية لقرارات الإدارية - خضوعه كذلك لرقابة المحكمة العليا في تعقيبها على أحكام تلك المحاكم.
(ب) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة". إكراه. تبصير الجهة الإدارية لصاحب الشأن لما قد يترتب على الشكوى المقدمة ضده من إحالة الأمر على النيابة الإدارية وما قد يجره ذلك من إحالته إلى المحكمة - اختياره الاستقالة - لا تثريب على مسلك الجهة الإدارية - أساس ذلك.
1 - أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب الاستقالة هو ركن السبب في القرار الإداري الصادر بقبولها، وأنه يلزم لصحة هذا القرار أن يكون الطلب قائماً لحين صدور القرار مستوفياً شروط صحته شكلاً وموضوعاً. وأن طلب الاستقالة باعتباره مظهراً من مظاهر إرادة الموظف في اعتزال الخدمة يجب أن يصدر برضاء صحيح، فيفسده ما يفسد الرضا من عيوب، ومنها الإكراه إن توافرت عناصره، بأن يقدم الموظف الطلب تحت سلطان رهبة تبعثها الإدارة في نفسه دون حق، وكانت قائمة على أساس، بينما كانت ظروف الحال تصور له خطراً جسيماً محدقاً يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال، ويراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامته، وأن الإكراه باعتباره مؤثراً في صحة القرار الإداري - يخضع لتقدير المحاكم الإدارية في حدود رقابتها لمشروعية القرارات الإدارية، كما يخضع لرقابة المحكمة العليا في تعقيبها على أحكام تلك المحاكم.
2 - لا تثريب على الجهة الإدارية إن هي بصرت الطاعن بما قد يترتب على الشكوى من إحالة الأمر إلى النيابة الإدارية وما قد يجره ذلك من إحالته إلى المحاكمة، ثم تركت له التقدير في هذا الشأن فاختار هو أهون الضررين، إذ الإدارة بمسلكها هذا لم تتخذ وسيلة غير مشروعة، ولم تنحرف بسلطتها عن الغاية المشروعة بل أنها سلكت المسلك السوي الواجب عليها اتباعه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذا الطعن - على ما يبين من أوراقه - تخلص في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 445 لسنة 15 القضائية ضد جامعة عين شمس أمام محكمة القضاء الإداري "هيئة المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية والتعويضات بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة في 20 من فبراير سنة 1961، طلب فيها الحكم" بإلزام الجامعة بأن تدفع له عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية لإكراهه على تقديم استقالته من الخدمة مع إلزام المدعى عليها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. "وقال في بيان دعواه أنه تخرج في كلية الآداب عام 1940، وحصل على دبلوم معهد الدراسات الشرقية عام 1943، والدكتوراه عام 1955 ثم عين مدرساً للغة التركية بكلية الآداب بجامعة عين شمس عام 1956، وظل يؤدي عمله على خير وجه، وكان الطلبة والطالبات يترددون عليه للتزود من عمله، واستيضاحه فيما شكل عليهم فهمه، وكان من بينهم الطالبات فايزة شافعي وتيسير سليم ونبيلة فكري، وكانت الأخيرة مخطوبة لزميل لها في الكلية يدعي حامد إسماعيل وقد ألحت هذه الطالبة على الطاعن إلحاحاً شديداً كي يهدي إليها أحد دواوينه الشعرية" "وردة وبلبل" وأن يكتب عليه "كلمة إهداء، فلم يسعه إزاء إلحاحها من إهدائها الديوان بعد أن كتب عليه "إلى ابنتي الآنسة نبيلة مع أطيب التمني" وما أن شاهد خطيبها الكتاب في يدها وعليه (الإهداء) حتى أخذته ثورة جامحة واستولت عليه غيره عارمة، فبادر إلى تقديم شكوى إلى الدكتور مهدي علام عميد الكلية ضمنها ما صورته له غيرته العمياء، وقد تلقفت الكلية هذه الشكوى ودعت مقدمها إلى مكتب العميد الذي وجه إليه جملة استجوابات تعسفية على حد قوله ولم يواجه الطاعن بها، وإنما اقتصر العميد على أن قرأ عليه بعض فقرات من الشكوى وهو يهدده ويتوعده في كل لحظة بالتشهير به والإساءة إليه وإهانته أمام تلاميذه، ولم يشأ أن يسمع أقوال شهود النفي، وكان مع المستجوبين الدكتور محمد القصاص والدكتور إبراهيم أمين الشواربي رئيس قسم اللغات الشرقية الذي يحتدم كراهية وحقد على الطالب بشهادة كثير من أساتذة جامعة القاهرة وعين شمس وطلبة قسم الدراسات الشرقية بآداب عين شمس، وقد ظهر هذا الحقد منذ نحو عامين حين اختلف معه في الرأي على أسئلة الامتحان وأصبح التعاون بينهما مستحيلاً، وقد سبق لرئيس القسم أنه سبه أمام بعض زملائه قبل استجوابه بنحو أسبوعين. وكان الدكتور الشواربي أثناء استجوابه ينهره ويتهكم عليه. وبرغم أن الطالب كتب إلى العميد ورقة يدحض بها ما وجهه إلى الطاعن إلا أن المستجوبين لم يظهروا أي استعداد للتفاهم أو مناقشة الحقائق ولم يصدقوه في دفع التهمة، كما لم يقبل العميد سحب الشكوى على الرغم من إلحاح والد الطالبة.. وفي هذا الجو المليء بالحقد والضغينة طلب إليه العميد أن يكتب إليه طلباً بنقله إلى وظيفة غير تدريسية لأسباب صحية فكتبها الطالب ظناً منه أن ذلك من قبيل الشكليات فليست هناك تهمة ثابتة وسوف يحفظ التحقيق بعدها، كما أنه انتهزها فرصة لترك الكلية إلى جهة أخرى، ووقف الأمر عند هذا الحد، وبعد مضي نحو شهر أرسل إليه العميد برقية في مصيفه بالإسكندرية يطلب إليه فيها مقابلة مدير الجامعة في يوم 25 أو 26 من أغسطس سنة 1960 وقابل الطاعن المدير الذي لم يشأ أن يستمع إلى أقواله بتمامها، وأمر بضرورة تقديم استقالته لأن السلطات غير راضية عنه، بعد أن صور له أن إبلاغ النيابة الإدارية فيه مساس بكرامته وشخصه، وأنه سوف يجد له عملاً آخر، فاضطر الطالب إلى تقديم استقالته - ويستطرد الطاعن أنه لما كان قد أكره على تقديم الاستقالة التي أعقبها حرمانه من العمل في الجامعات وأي جهة أخرى من الجهات، وفي ذلك مخالفة للائحة الجامعية التي تقضي بأن عضو هيئة التدريس غير المرغوب فيه علمياً أو خلقياً ينقل إلى وظيفة أخرى، وهو إجراء لم يتخذ معه، كما أنه قدم التماساً في 15 من نوفمبر سنة 1960 إلى الجامعة يطلب فيه إجراء التحقيق دون أن يجاب إلى طلبه. وقد ترتب على إكراهه على تقديم الاستقالة أن حاقت به أضرار مادية وأدبية، وتقوضت حياته العلمية وحيثيته الاجتماعية مما يقدر عنه تعويضاً مقداره عشرة آلاف جنيه..
وفي مذكرة شارحة مرفقة بعريضة الدعوى قال إنه في نهاية العام الدراسي 1960 زاره بعض تلاميذه من طلبه السنة النهائية لسؤاله عن بعض التراكيب الفارسية والتركية استعداداً لأداء الامتحان، أما الطالبات فلم يحضرن لانشغالهن بالعمل بقسم الوثائق بوزارة الإرشاد فحدد لهن يوماً آخر، وفي الميعاد المحدد حضرت الطالبتان تيسير سليم وفايزة الشافعي ولم تحضر الطالبة نبيلة فكري، وقد جرت عادته على أن يستقبل طلبته وزملاءه بحجرة المكتب إلا أنه استقبل الطالبتين المذكورتين بحجرة الاستقبال وشرح لهما ما أرادتا كما استبقاهما بعض الوقت ريثما تحضر زميلتهما.. وبعد فترة حضرت الطالبة نبيلة فكري ولم تطق زميلتاها البقاء أكثر من خمس دقائق وانصرفتا. وقبل انصرافهما طلب من الطالبة نبيلة أن تنقل ما كتبه زميلتاها في حجرة المكتب حتى لا تشغل بالحديث معهما. وبعد انصراف الزميلتين توجه إلى حجرة المكتب وكانت قد فرغت من الكتابة فطلبت منه نسخة من ديوانه وألحت إلحاحاً شديداً في الطلب، وصدر منها ما لا يصح أن يصدر من طالبة إزاء أستاذها، ولكنه قدم إليها الديوان مسجلاً عليه عبارة الإهداء السابق ذكرها وانصرفت بعد ذلك، ولعلها شعرت بما يجرح كبرياءها خصوصاً بعد أن ردها فيما أضمرت في نفسها وأشعرها بأنه يعتبرها ابنته وهو ما لم يرض ضميرها فنسجت هي وخطيبها القصة التي صادفت هوى في نفس الدكتور الشواربي.
وقال أن الطالبة نبيلة كانت قد أوغرت صدر خطيبها بدافع العقدة الكامنة في أغوارها وهي عقدة الإعجاب بالنفس والادعاء بكثرة المعجبين، فقد سبق لها أن أذاعت بشأن وكيل إحدى الوزارات أنه معجب بها وأنه يطلب منها التردد عليه مما آثار خطيبها أمام زملائه وصمم على الاعتداء عليه، وفي مرة أخرى قالت أن رئيسها في إدارة الوثائق معجب بها ويطيل الوقوف معها ويطلب ترددها عليه. وكان قولها هذا أمام زملائها مما جعل خطيبها موضع السخرية فهدد وتوعد.
وقد عقبت الجامعة على الدعوى بأن المدعي لم يكن حين التحق بالعمل وبالجامعة لائقاً طبياً لإصابته بمرض السكر فتقرر إعفاؤه من شرط اللياقة الطبية بقرار من مدير الجامعة، وأنه كان طبيعياً أن يشعر بإرهاق بعد قيامه بعمله فطلب أول الأمر نقله إلى وظيفة غير تدريسية لعدم قدرته الصحية، ثم لم يلبث أن تقدم باستقالته وقد قبلت مراعاة لظروفه الصحية من جهة ومصلحة العمل من جهة أخرى.. أما ما زعمه من إكراهه على الاستقالة فهو قول يعوزه الدليل ولا صحة له، ولا يعقل أن يكون بريئاً ثم يستجيب وهو رجل له مكانته العلمية لما يطلب منه.. وانتهت المذكرة إلى أن استقالته قبلت وفقاً لحكم المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة. وبذلك يكون طلب التعويض يكون غير قائم على أساس سليم من القانون.
وفي مذكرة لاحقة قدمها الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري طلب سماع شهادة بعض الأساتذة عن واقعة استقالته فسمعت أقوال العميد والدكتور الشواربي والدكتور القصاص، ولم تستجب المحكمة إلى طلبه سماع شهود آخرين.
وقد قدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى رفض الدعوى.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري أصدرت في 5 يناير سنة 1964 حكمها "برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات".. وأسست قضاءها على أن المدعي يقول بأن وسيلة الإكراه تنحصر في مطالبة مدير الجامعة له باعتزال الخدمة......... وأن المطالبة على هذا النحو لا يمكن أن تصل إلى الإكراه المفسد للرضا، بل أن الأمر على حد قول المدعي لا يعدو أن يكون مجرد طلب. ومن ناحية أخرى فإن القول بأن مدير الجامعة خيره بين الاستقالة وبين إحالة الشكوى المقدمة ضده إلى النيابة الإدارية فإنه بفرض صحة هذا الادعاء فإنه لا ينهض وحده وسيلة للإكراه ذلك أن مطالبته باعتزال الخدمة مع (التلميح إليه بالتحقيق الإداري لا يمكن اعتباره وسيلة غير مشروعة اتخذت للضغط على إرادته لم يستطع معها دفعاً ولم يكن له مخرج إلا الرضوخ والاستسلام لما طلب منه، خاصة إذا روعي أن المدعي نفسه عاد وطالب بإحالته إلى التحقيق أمام أية جهة إدارية كانت أم قضائية ليتمكن من الدفاع عن نفسه الأمر الذي ينهار معه دفاعه من هذه الناحية - وأنه فيما يتعلق بالعنصر النفسي فإن مجرد مطالبة المدعي باعتزال الخدمة على النحو السالف الذكر لا يمكن أن يبعث في نفسه الرهبة، وذلك بمراعاة الدرجة العلمية الكبيرة الحاصل عليها وثقافته وإطلاعه، فليس من الهين التسليم بأن تنهار إرادته أمام مجرد هذه المطالبة ما دام أنه يجد في نفسه الصلاحية التي تؤهله للبقاء في الخدمة، خاصة وهو رب أسرة مسئول عن اسمه وسمعته وشرفه.
وانتهت المحكمة إلى أنه وقد اختار المدعي بمحض إرادته تقديم الاستقالة لما رآه فيها من الخير والمصلحة بسبب حالته الصحية وهو على بصيرة من أمره، وبعد أن وازن.. وانتهى إلى هذا الرأي، فإنه لا يجوز له أن يدعي أن إكراها قد أحاط به فأفسد رضاءه ليتنصل من طلب اعتزال الخدمة بتعللات لا تدل على معنى من معاني الإكراه أو تفيد في قيامه، الأمر الذي يتعين معه رفض الدعوى.
وحيث إن الطعن يقوم على قصور الحكم ومخالفته للقانون وإخلاله بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن لم يحصر وسيلة الإكراه في مطالبة المدير إياه بالاستقالة لكن دعواه دعوى تعويض عن سلسلة من الإجراءات الجائرة التي لا تقبل التجزئة والتي انتهت بحمل الطاعن على الاستقالة. وأن الطالب لم يكن حراً ولا مختاراً بل كانت إرادته مشوبة بإكراه أدبي غالباً نسج رؤساؤه خيوطه من إساءة استعمال سلطتهم ومن تنكب أحكام القانون العام وقانون تنظيم الجامعات فتبنوا على نحو صارخ في مخالفة للأصول القانونية قاله شفوية ظاهرة السخف رواها شخص ليس له صفة الشاهد ولا صفة صاحب الحق ولا صفة الولي على صاحب الحق عن موضوع واضح طابعة الشخصي الذي لا شأن للجامعة به، واستغل هؤلاء الرؤساء هالة مراكزهم ومكانتها وإمكان اتصالهم بالسلطات وزعم اتصالهم بها في ترويع الطالب وإزعاجه وإقناطه من رد تلك القالة وإثبات براءته للسلطات ومن أحكام التحقيق العادل النزيه. ومع أن أوراق الملف ناطقة بأن السبب الصحي الوارد في كتاب الاستقالة سبب صوري بالنسبة إلى الجامعة والطاعن عول الحكم على هذا السبب الصوري وعزا الاستقالة إلى الحالة الصحية للطاعن، كذلك فإن المحكمة قد أخلت بحق الدفاع إذا التفتت عن طلب الطاعن سماع أقوال مدير الجامعة والطالبات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني، أشارت فيه إلى أن الثابت من أقوال الدكتور مهدي علام أن الطالب بدأ عليه الاضطراب والقلق حين اطلع على الشكوى كما أن الثابت من أقوال الدكتور الشواربي أن الطاعن أسر إليه عندما عرضت عليه الشكوى بقوله "أنا غرقت وعاوزك تخلصني" فقال للعميد "اصبر عليه شويه" ومن قول هذين الشاهدين يبين أن الطاعن كان مضطرباً قلقاً يحاول من الرهبة التعلق بمن حوله لإنقاذه والتريث معه، مما يؤكد أن رهبة قد وقعت في نفسه مهددة إياه بخطر جسيم محدق وأن الثابت من ملف الدعوى أن الطاعن زوج وأب مسئول عن رعاية النشء وهو في نفس الوقت مريض بمرض السكر حسبما يستفاد من نتيجة الكشف الطبي عليه سنة 1957 فإن الإجراءات التي اتخذت معه استجابة لقول طالب لا شأن له بالموضوع - من بعض أعضاء هيئة التدريس ومعهم السيد عميد الكلية لا شك مؤثرة في هذا الإكراه الذي أدى إلى تقديم الطاعن استقالته ليمنع فضيحة في وسط أسرته ووسط طلابه لا يزيلها مهما ثبت بعد ذلك من عدم ارتكابه لأمر مما أسند إليه - وانتهى التقرير إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم للطاعن بالتعويض الذي تقدره المحكمة بمراعاة ما أصابه من فقد لوظيفته، ثم ملاحقته بعد ذلك بإبعاده عن المجالات التي يقدم فيها علمه، واحتياطياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتتولى المحكمة سماع شهادة الشهود على الوقائع التي أثارها الطاعن حتى تصل إلى الصحيح من الوصف القانوني لوقائع الإكراه لا تزال حكمها موضعاً صحيحاً.
ومن حيث إنه بالعرض للأوراق التي قدمتها الجامعة بشأن واقعة الدعوى يبين أنها تناولت ما يلي بحسب الترتيب الزمني:
(1) مذكرة السيد عميد الكلية في 25 من مايو سنة 1960 وقد أثبت فيها أنه في الرابعة من مساء يوم 25 سنة 1960 حضر إلى مكتبه الزميلان الدكتور الشواربي والدكتور القصاص، وأبلغه الدكتور الشواربي أن الدكتور القصاص أبلغه أمر رأي أن يسمعه إياه لاتصاله بقسم اللغات الشرقية.
وعندئذ سرد الدكتور القصاص ما أخبره به الطالب حامد إسماعيل نقلاً عن خطيبته نبيلة السيد فكري وأثبت العميد أنه اتفق مع الزميلين على دعوة الطالب حامد إسماعيل أمامه في اليوم الثاني لسماع أقواله أولاً، ثم التصرف بعد ذلك.
(2) مذكرة السيد عميد الكلية في 26 من مايو سنة 1960 وقد أثبت فيها حضور الدكتور الشواربي والدكتور القصاص والطالب حامد إسماعيل، وأن الأخير قص عليهم ما ينطبق على ما أخبره به الدكتور القصاص في اليوم السابق نقلاً عنه. فطلب منه أن يحرر مذكرة بذلك ففعل، واتفق معه على إحضار الطالبة نبيلة فكري في يوم 29/ 5/ 1960 للاستماع لأقوالها.
(3) مذكرة الطالب حامد إسماعيل إلى عميد الكلية في 26 من مايو سنة 1960 وقد ضمنها أن خطيبته الآنسة نبيلة السيد فكري أعلمته منذ قرابة أسبوع أن الدكتور............. المدرس بالكلية كان قد حدد للطلبة وطالبات فرع اللغة التركية موعداً لمقابلته في منزله مساء نفس اليوم، فلم يمكنهم تبليغ هذا الموعد لزملائهم من الطلبة،. وتوجهن ثلاثتهن إلى منزل الدكتور نجيب، وكانت الآنسة نبيلة قد تأخرت بعض الوقت في اللحاق بزميلتيها، فلما أن دخلت إلى حجرة الاستقبال وجدت زميلتيها مع الدكتور نجيب الذي أخبرها بأنهما سبقنها ونقلا بعض الدروس، وطلب إليها أن تتوجه إلى حجرة المكتب لنقل ما فاتها، ثم لحق بعد قليل وأعلمها أن زميلتيها قد انصرفتا، ولما اعترضت على ذلك وأبدى ملاحظته على اضطرابها وأمسك يديها ليتحسس حرارتها نتيجة اضطرابها. فحاولت الانصراف فوراً إلا أنه أخذ يطلب منها أن تحضر إليه يومياً حتى يوم الامتحان ليعطيها دروساً خصوصية بغير أجر فرفضت، ثم طلب منها أن تتصل به تليفونياً بحجة أنه يريد سماع صوتها فقط، ولما فشلت جميع عروضه طلب يدها ليقبلها إذا ما كانت تمانع في تقبيله لها، وأخذ يتوسل إليها وركع بالفعل أمامها.. كل هذا وهي تبدي من وسائل الدفاع المسموح لها في مثل هذه الظروف.. ولما فشل في جميع محاولاته وصممت على الخروج أخذ يعتذر لها ويرجوها ألا تبوح بما بدر منه. ويضيف الطالب حامد إسماعيل أنه لما قابل زميلتيها في اليوم التالي ولامهما على انصرافهما وترك خطيبته بمفردها ذكرتا أن الدكتور هو الذي طلب إليهما الانصراف.
(4) إجابة الطالبة نبيلة السيد فكري على سؤال موجه إليها كتابة من العميد عن معلوماتها عن زيارتها لمنزل الطاعن ذكرت فيها أنها وزميلتيها كانتا على موعد مع الطاعن في منزله لشرح بعض الكلمات، وأنها تأخرت في الذهاب لظروف عارضة. فلما لحقت بزميلتيها أعطتها إحداهما الورقة المكتوب بها الكلمات لتنقلها إلا أن الطاعن عرض عليها الذهاب إلى حجرة المكتب ثم لحق بها بعد قليل وأخبرها أن زميلتيها انصرفتا فتألمت وسألته عن سبب ذلك فقال لها أنهما كانتا تنويان النهوض قبل مجيئها. وأنه لم يأمرهن بالانصراف، ومضت في كتابة الكلمات، إلا أنه قال لها أنها مضطربة بعض الشيء وأنه لا داعي لهذا الاضطراب. ثم حاول أن يمسك يديها ليتبين ما إذا كانت باردة أم لا، ثم تصرف بعد ذلك بعض التصرفات التي لم ترض عنها وحاولت الانصراف غاضبة إلا أنه اعتذر عن ذلك وأنها قبلت اعتذاره.
(5) إجابة الطالبتين على سؤال موجه إلى كل منهما من العميد بشأن معلوماتهما ومؤدى إجابة كل منهما أنهما ذهبتا إلى منزل الطاعن في الموعد المحدد وتأخرت الطالبة نبيلة فلقيهما الطاعن وعاونهما في الترجمة، حاولنا الانصراف غير مرة إلا أنه استمهلهما، ثم حضرت نبيلة فأعطياها الورقة لتنقلها إلا أنه عرض عليها الذهاب إلى المكتب، ولما أن لاحظ أنها وزميلتيها تتحادثان في مسائل خاصة عرض عليهما الانصراف إن أرادتا فانصرفتا، وزادت الطالبة تيسير أن الطاعن عرض عليهما الانصراف مرتين وأنه اتصل بها في المنزل ليخبرها أن الطالبة نبيلة غادرت المنزل بعد انصرافهما بعشر دقائق.
(6) ما كتبه الطاعن في 31 من مايو سنة 1960: "لا أنكر مجيء الطالبات إلى داري لشرح بعض النصوص، وأن الطالبة نبيلة دخلت حجرة مكتبي لحضورها متأخرة ورغبة زميلاتها في الانصراف وأن سبب بقائها في حجرة المكتب هي احتمال مجيء الجيران لزيارة زوجتي.. لكني أنكر أني فكرت في الاعتداء عليها وأنها قاومت هذه الرغبة أو أني أهديتها كتاباً من كتبي إرضاء لها لقد أهديته إليها نزولاً على رغبتها".
(7) ما كتبه الطاعن أيضاً في 31 من مايو 1960 وقد ردد بعض ما كتبه أولاً... وأضاف قائلاً "لا أنكر أن الاضطراب كان بادياً على الطالبة نبيلة لانفرادها عن زميلتيها، وربما بدر مني سؤال عن اضطرابها، وقد أكون ربت على كتفها أو يدها دون قصد وبسلامة نية، فإن الطالبة والطالبات يعلمون حق العلم أن صلتي بهم صلة أبوية. أما اتصالي بتيسير تليفونياً بعد خروج نبيلة فلاً أذكر والله وحدوثه لا يدل على شيء ذي بال فتيسير تحدثني تليفونياً أحياناً كما تحدث زوجتي التي تعرفها".
(8) كتاب موجه من الطاعن إلى عميد الكلية مؤرخ 31 من مايو سنة 1960 يعرب فيه عن رغبته في الانتقال إلى وظيفة أخرى غير تدريسية لأسباب صحية، وقد أشر العميد على هذا الطلب في أول يونيه سنة 1960 بتبليغه إلى مدير الجامعة مع التوصية بقبوله "نظراً لظروف الطالب التي أشار إليها والتي أعرفها حق المعرفة".
(9) استقالة مقدمة من الطاعن وموجهة إلى مدير جامعة عين شمس بتاريخ 26/ 7/ 1960. ولم يشر الطاعن فيها إلى الأسباب التي دعته إلى تقديم الاستقالة. وقد أشر المدير في ذات التاريخ بعرضها على مجلس الجامعة الذي وافق عليها بجلسته المنعقدة في 27/ 7/ 1960.
(10) كتاب موجه من السيد مدير جامعة عين شمس إلى السيد وزير التربية والتعليم يبلغه استقالة الطاعن وموافقة العميد عليها في 1/ 6/ 1960 ثم موافقة مجلس الجامعة في 27/ 7/ 1960، وقد أشر الوزير عليها بالموافقة في 9 من أغسطس سنة 1960.
ومن حيث إنه بالعرض لأقوال الشهود الذين سئلوا بمعرفة السيد المفوض، وهم السيد العميد ورئيس القسم والدكتور القصاص، يبين أن العميد قد شهد بأن الدكتور الشواربي رئيس القسم اتصل به أن الدكتور القصاص يرغب في إبلاغه عن شكوى الطالب حامد إسماعيل، فدعا الطالب وسأله عما حدث وكلفه بكتابة معلوماته فدونها على النحو الوارد بالأوراق، ثم دعا الطالبة نبيلة فكري، ومن بعدها الطالبتين الأخريين فكتبت كل معلوماتها، ثم دعا الطاعن وأطلعه على ما كتبته الطالبة النبيلة وخطيبها وزميلتاها، فكتب الطاعن أجابته الأولى، ثم لم يلبث أن بدا عليه الاضطراب والقلق وأخذ يقول أنه في حالة ميسورة وفي غنى عن الوظيفة وسأله عما سيفعل بالأوراق ولما أفهمه أنه من واجبه تبليغها للجامعة، قال أنه يرجو ألا يكون هناك تحقيق، وأنه يلجأ إليه للتصرف بوصفه أخاً أكبر، فأشار الشاهد عليه أن يطلب نقله إلى وظيفة غير تدريسية، وأن يسبب طلبه بضعف صحته، خصوصاً وأن الثابت من ملف خدمته أنه مريض بالسكر، فقدم إليه طلباً مكتوباً بهذا المعنى، وكان قد اتصل بمدير الجامعة فأعرب عن موافقته على إجراء النقل. وأضاف العميد أنه أشر على الطلب بما يفيد توصيته بقبوله لعمله بظروف الطاعن الخاصة، وكان يعني بذلك في حقيقة الأمر ظروف الشكوى وأكد العميد أنه لا يعرف بوجود عداء بين الطاعن ورئيس القسم، وأن رئيس القسم كان حريصاً على ألا يزج بنفسه في موضوع الشكوى، وأنه أي العميد هو الذي طلب إليه الحضور.
ونفى الدكتور الشواربي أن ثمة نزاعاً بينه وبين الطاعن وقال أنه كان حاضراً عندما دعي الطاعن لمقابلة العميد ثم انصرف لبعض الوقت، وعاد فوجد الطاعن وقد كتب إجابته الأولى، وأنه مال عليه قائلاً: "أنا غرفت وعاوزك تخلصني" فرجا العميد أن "يصبر عليه شويه" فأعطاه ورقة وقال أديني حاصبر ويتفضل يجلس على المائدة الجانبية ويكتب ما يشاء وأضاف أن الطالبة عندما دعيت بمكتب العميد قالت أنها مسألة حدثت وأنا قبلت اعتذاره. فأفهمها أن المسألة ليست متعلقة بشخصها وإنما تتعلق بطالبة ومدرس بالجامعة، وأن الطالب كان راغباً في تقديم الشكوى وأنه هدد بالانتقام من المدعي إذا لم تتخذ الجامعة إجراء ما. وقد ردد الدكتور القصاص ما حدث من الطالب.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أنه عزى إلى الطاعن ارتكاب فعل يجافي مقتضيات وظيفته ويفقده الصلاحية للاستمرار في الاضطلاع بتبعاتها، وأن الدلائل كلها تضافرت على صحة هذا الاتهام، فالثابت أنه دعا الفتيات إلى داره لمعاونتهن في شرح ما غم عليهن أثناء الدراسة، وإذ قدمت إحداهن متأخرة عن زميلتيها فقد أشار عليها أن تنتقل إلى غرفة أخرى لتنقل بعض ما فاتها، وما كانت ثمة حاجة إلى مثل هذا التوجيه والفرصة متسعة وأمامها لإجراء هذا النقل في أي وقت آخر وأي مكان.. والثابت أيضاً أنه أشار على الفتاتين الأخريين بالانصراف إن أرادتا، وأنه كرر هذا القول غير مرة، فلم يسعهن إلا مغادرة داره، وليس ينبئ ما بدر منه إلا عن الرغبة في الانفراد بالفتاة وقد فعل. ثم فرطت منه أمور لم ترض عنها الفتاة، وهمت بالانصراف غاضبة، إلا أنه اعتذر لها بيد أنها لم تلبث أن كشفت لخاطبها عما جرى، وأشارت هي إلى ذلك في أقوالها على استحياء.. وشأن المتوجس المستريب بادر فور انصرافها إلى الاتصال بإحدى الفتاتين الأخريين لينبئها بأنها انصرفت في أعقابهما، فلما أن نقل الخبر إلى العميد من خاطب الفتاة طلب منه ومن الفتاة وزميلتيها أن يكتبوا ما لديهم من معلومات، ودعا الطاعن ليواجهه بما كتبوا فأسقط في يده وعراه الاضطراب والتمس العون من رئيس القسم الذي كان بجواره فاستجاب له، وطلب من العميد أن يفسح له فرصة التفكير فيما يكتب ثم التمس النصح من العميد فأشار عليه أن يقدم طلباً بنقله إلى وظيفة أخرى - لكن مدير الجامعة - الذي أحيط خبراً بما جرى - دعاه إلى مكتبه بعد مدة غير قصيرة من إبلاغه بطلب النقل، وانتهى الأمر بتقديم استقالته.
ومن حيث إن الوقائع المتقدمة ثابتة مهما شهد به أو أثبته من جرى سؤالهم عن هذا الموضوع ولم يقم دليل على أن بينهم وبين الطاعن ما يدعوهم إلى الكيد له أو التجني عليه.
ومن حيث إن الطعن قد بني على أن الاستقالة كانت وليدة الإكراه وأن المحكمة قد أخلت بحق الدفاع حين التفتت عن طلب سماع شهود آخرين.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب الاستقالة هو ركن السبب في القرار الإداري الصادر بقبولها، وأنه يلزم لصحة هذا القرار أن يكون الطلب قائماً لحين صدور القرار مستوفياً شروط صحته شكلاً وموضوعاً. وأن طلب الاستقالة باعتباره مظهراً من مظاهر أراده الموظف في اعتزال الخدمة يجب أن يصدر برضاء صحيح، فيفسده ما يفسد الرضا من عيوب، ومنها الإكراه أن توافرت عناصره، بأن يقدم الموظف الطلب تحت سلطان رهبة تبعثها الإدارة في نفسه دون حق، وكانت قائمة على أساس، بأن كانت ظروف الحال تصور له خطراً جسيماً محدقاً يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال، ويراعي في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامته وأن الإكراه باعتباره مؤثراً في صحة القرار الإداري - يخضع لتقدير المحاكم الإدارية في حدود رقابتها لمشروعية القرارات الإدارية، كما يخضع لرقابة المحكمة العليا في تعقيبها على أحكام تلك المحاكم.
وحيث إن مساق الوقائع السابق بها العرض لا تنم على وقوع إكراه عليه بل ولا شبهة إكراه، فالرجل قد شعر بفداحة ما جنت يداه وأدرك مغبته، فأثر أن يفصم علاقته الوظيفية مختاراً كي يجنب نفسه مواقف الاتهام وما قد تجره عليه من معقبات افتضاحه والتشهير به، وليس فيما صدر من العميد أو مدير الجامعة ما يشير إلى وقوع إكراه عليه مفسد لرضاه، فهو قد التمس النصيحة بادي الرأي من العميد فأشار عليه أن يتقدم بطلب نقله إلى وظيفة أخرى، ثم لقي المدير وأعقب هذا اللقاء تقديم استقالته، وبفرض التسليم بما قرره الطاعن من أنه أشار عليه أن يستقيل بعد أن صور له أن إبلاغ النيابة الإدارية فيه مساس بكرامته وشخصه وأن السلطات غير راضية عنه - ذلك كله لا يرقى إلى مرتبه التهديد أو الإيعاز بخطر محدق بالنفس أو الجسم أو الشرف أو المال، وليس من الجسامة بحيث تبعث فيمن هو في مثل مركز المدعي وسنه وثقافته رهبة تؤثر على إرادته فتفسدها وإذاً فلا تثريب على الجهة الإدارية إن هي بصرت الطاعن بما قد يترتب على الشكوى من إحالة الأمر إلى النيابة الإدارية وما قد يجره ذلك من إحالته إلى المحاكمة، ثم تركت له التقدير في هذا الشأن فاختار هو أهون الضررين، وإذن فالإدارة بمسلكها هذا لم تتخذ وسيلة غير مشروعة، ولم تنحرف بسلطتها عن الغاية المشروعة، بل أنها سلكت المسلك السوي الواجب عليها اتباعه.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، وكان الثابت أن الاستقالة لم تكن وليدة الإكراه بل نتيجة الاقتناع بسلامة مغبتها بالقياس إلى مسالك لا تؤمن عواقبها وأن وقائع التهديد المدعاة - بفرض صحتها - لم تكن لتؤثر في نفس الطاعن تأثيراً يحمله على تقديم الاستقالة، وأن القرار الصادر بقبولها يكون قائماً على سببه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما ينعاه الطاعن الحكم المطعون فيه من إخلال بحق الدفاع لرفض المحكمة الاستجابة إلى طلبه سماع بعض الشهود، فإنه متى كان الثابت أن المحكمة وقد افترضت صحة ما طلب المدعي إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته، ونفت مع ذلك لأسباب سائغة وقوع إكراه مؤثر على إرادة الطاعن، فإنها لا تكون ملزمة بإجراء تحقيق لم تعد ثمة حاجة إليه.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعه يكون الحكم المطعون فيه صحيحاً فيما انتهى إليه، ويكون الطعن على غير أساس سليم من القانون حقيقاً بالرفض.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 50 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

وفاة الموظف في ذات اليوم الذي عبر فيه عن رغبته في التخلي عن الخدمة المنصوص عليه في المادة التاسعة من القواعد المنظمة للمكافآت المستحقة للعاملين بالهيئة العامة للسكك الحديدية .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 254

(23)
جلسة 20 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد المستشارين.

القضية رقم 235 لسنة 7 القضائية

( أ) موظف. "نهاية الخدمة. استقالة". الاستقالة طبقاً للأصول العامة للوظيفة - لا تنتج بذاتها أثرها القانوني في فصم رابطة التوظف - ترتب هذا الأثر - يتوقف على القرار الصادر من الجهة الإدارية بقبولها صراحة أو على مضي المدة التي تعتبر بصدها مقبولة حكماً - سريان هذا الحكم على عمال المرافق العامة كافة.
(ب) موظف "استقالة". مكافأة ترك الخدمة. سكك حديدية. وفاة الموظف في ذات اليوم الذي عبر فيه عن رغبته في التخلي عن الخدمة المنصوص عليه في المادة التاسعة من القواعد المنظمة للمكافآت المستحقة للعاملين بالهيئة العامة للسكك الحديدية المقررة بالمنشور ( أ ) المصدق عليه من مجلس إدارتها في 13/ 4/ 1964 وقبل أن تقبل منه هذه الاستقالة - تحديد المكافأة المستحقة له على أساس أنه توفي وهو في الخدمة - صحيح لا تثريب عليه.
1 - أن الاستقالة طبقاً للأصول العامة للوظيفة وللحكمة التي قام عليها تنظيمها لضمان دوام حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد لا تنتج بذاتها أثرها القانوني في فصم رابطة التوظف، وإنما يتوقف حدوث هذا الأثر المنهي للخدمة على القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة بقبولها صراحة أو على المدة التي تعتبر بعدها مقبولة حكماً، كما أن مقدم الاستقالة يجب عليه أن يستمر في عمله إلى أن يبلغ إليه قرار قبول الاستقالة أو إلى أن ينقضي الميعاد المقرر لاعتبارها مقبولة، فإرادته المنفردة - وهو في علاقته بالإدارة في مركز قانوني أي تنظيمي عام تحكمه القوانين واللوائح لا في مركز تعاقدي - لا تكفي وحدها لترتيب أثر ذاتي فوري على تقديم الاستقالة بمجرد تحقق هذه الواقعة. ويصدق هذا الأصل في عمال المرافق العامة كافة وإن خلت القواعد المنظمة لعلاقتهم بهذه المرافق من نص مردد له.
2 - متى كان الثابت من أوراق الدعوى أن مورث المدعي قدم استقالته إلى الهيئة العامة للسكك الحديدية في أول مايو سنة 1954 ثم وافته المنية في اليوم ذاته، ولم تكن الهيئة قد قبلت هذه الاستقالة بعد ومن ثم فإن الجهة الإدارية، إذ حددت المكافأة المستحقة له على أساس أنه توفي في الخدمة، تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه يتبين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1959 وأن الطاعن تقدم إلى لجنة المساعدة القضائية بهذه المحكمة يطلب إعفائه من الرسوم القضائية المستحقة على هذا الطعن في 7 من يناير سنة 1960، أي في خلال الميعاد المقرر قانوناً، وقد صدر قرار اللجنة في طلب المساعدة القضائية رقم 14 لسنة 6 بإعفائه من هذه الرسوم بجلسة 18 من سبتمبر سنة 1960 فتقدم بطعنه هذا إلى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا خلال الستين يوماً التالية بإيداع عريضته في 14 من نوفمبر سنة 1960. ومن ثم يكون الطعن مقبولاً شكلاً ومستوفياً لأوضاعه وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في شأن أثر المساعدة القضائية القاطع لميعاد رفع الطعن أمامها.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 202 لسنة 6 القضائية ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 28 من ديسمبر سنة 1958 بموجب قرار من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة بإعفائه من الرسوم القضائية صادر في 11 من أكتوبر سنة 1958، طلب فيها الحكم باستحقاق الورثة الشرعيين للمرحوم سيد أحمد سالم أوسطى نجارين سابقاً بورشة عموم هندسة السكة والأشغال بالعباسية في صرف المكافأة المستحقة عن مدة خدمته كاملة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وما يترتب على ذلك من آثار بإلزام الهيئة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أن والده التحق بخدمة الهيئة وظل يتدرج حتى وصل إلى درجة أوسطى نجارين بورشة عموم الهندسة بالعباسية ثم مرض مرضاً أقعده عن العمل فتقدم في أول مايو سنة 1954 بطلب اعتزال الخدمة مع حفظ حقه في صرف المكافأة المستحقة له عن مدة خدمته حتى أول مايو سنة 1954 إلا أنه توفي مساء اليوم ذاته فاعتبرته الهيئة متوفياً أثناء الخدمة - وعلى هذا أعطت الورثة ثلاثة أرباع المكافأة، ولم تمنحهم المكافأة كاملة باعتبار مورثهم قد اعتزل الخدمة فعلاً مع أن حق التخلي عن الخدمة بإرادة العامل المنفردة مع صرف المكافأة بتمامها هو حق مستمد من نص المادة التاسعة من لائحة مكافآت السكة الحديد.
وقد أجابت الهيئة عن الدعوى بأن مورث المدعي توفي في أول مايو سنة 1954 في الساعة الحادية عشرة مساء، وذلك كنص شهادة الوفاة الصادرة من مكتب صحة العدوية قسم بولاق المقيدة برقم 773 في 2 من مايو سنة 1954 وكان قد ورد للهيئة طلب من المذكور صباح يوم أول مايو سنة 1954 يبدي فيه رغبته في إعفائه من الخدمة نظراً لسوء حالته الصحية وقد أرسل هذا الطلب في 6 من مايو سنة 1954 إلى القسم الطبي الذي قرر الموافقة على مد الأجازة المرضية الممنوحة للطالب حتى أول مايو سنة 1954 تاريخ وفاته مع عدم الموافقة على طلب التشريك وفقاً للتعليمات المالية.
وبجلسة 11 من نوفمبر سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن المنشور حرف "أ" الخاصة بمكافآت مصلحة سكك حديد وتلغرافات وتليفونات الحكومة هو الذي يحكم تسوية مكافأة مورث المدعي عن مدة خدمته. وطبقاً لأحكامه يحرم العامل من المكافأة عند الاستقالة فيما عدا حالتين أولاهما تأدية الخدمة العسكرية، وثانيهما الاستقالة بسبب كبر السن ببلوغ الخامسة والخمسين. وهذه الاستقالة الأخيرة لا تتم بإرادة العامل المنفردة بل يجب موافقة الجهة الإدارية عليها. ومن ثم فإن مورث المدعي كان في خدمة الهيئة وقت وفاته على الرغم من طلبه التخلي عن الخدمة ما دامت الهيئة لم تكن قد قبلت استقالته بعد، ويكون صرف المكافأة على هذا الأساس صحيحاً مطابقاً لأحكام القانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف حكم المادة التاسعة من لائحة المكافآت المصلحية التي نصت على أنه "يجوز لكل مستخدم تنطبق عليه الشروط المتقدمة للتخلي عن العمل بسبب كبر السن إذا بلغ عمره 55 سنة" وقد توفرت هذه الشروط في مورث المدعي، ولم يكن يحول دون تطبيق هذه المادة في حقه سوى صدور تعبير حاسم من جانبه برغبته في التخلي، وقد صدر منه هذا التعبير فعلاً، ولا تملك الجهة الإدارية التعقيب على إرادة العامل في التخلي عن العمل. ومن ثم فلا محل لتطبيق القواعد العامة في الاستقالة المنصوص عليها في قانون نظام الدولة رقم 210 لسنة 1951 ذلك لأن أحكام هذا القانون إنما تنصرف إلى الموظفين الدائمين الذين يخضعون لأحكامه دون من عداهم. كذلك خالف الحكم كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234/ 9/ 20 الصادر في 30 من إبريل سنة 1933 في شأن مكافأة المستخدمين الخارجين عن الهيئة الذين يطلبون اعتزال الخدمة لمرضهم ثم يتوفون قبل الكشف عليهم طبياً وهو الذي انتهى إلى اعتبارهم قد تركوا الخدمة لعدم اللياقة الطبية ثم وافتهم المنية بعد ذلك وقضى في هذه الحالة بأن تعتبر المكافأة تركة تصرف لورثتهم الشرعيين.
ومن حيث إن الطاعن قد عدل طلباته في محضر جلسة 23 من أكتوبر سنة 1966 وقصرها على طلب الحكم بنصيبه في المكافأة المستحقة لمورثة قبل وفاته على الأساس المتقدم طبقاً لقواعد مكافأة عمال مصلحة السكة الحديد وتلغرافات وتليفونات الحكومة وهو تعديل يبرره أنه لا صفة له - اتفاقاً أو قانوناً - في إقامة الدعوى نيابة عن باقي الورثة للمطالبة بحق لهم.
ومن حيث إن القواعد المنظمة للمكافآت المستحقة للعاملين بالهيئة العامة للسكك الحديدية قد وردت في المنشور حرف "أ" الذي صدق عليه من المجلس الأعلى للسكك الحديدية بجلسته المنعقدة في 13 من إبريل سنة 1940. وقد تضمن هذا المنشور شروط استحقاق المكافآت، وأسباب سقوط الحق فيها، وجعل الاستقالة سبباً لسقوط حق العامل في هذه المكافأة، إلا إذا كانت الاستقالة لأداء الخدمة العسكرية أو بسبب كبر السن فنص في المادة الخامسة منه على أن "كل مستخدم تنطبق عليه الشروط المتقدمة لا يستحق مكافأة إذا قدم استقالته، فيما عدا الحالة المنصوص عليها في المادة التاسعة، أو كان مصري الجنسية واضطر للاستقالة لتأدية الخدمة العسكرية في الجيش المصري" كما نص في مادته التاسعة على أنه "يجوز لكل مستخدم تنطبق عليه الشروط المتقدمة التخلي عن الخدمة بسبب كبر السن إذا بلغ عمره 55 سنة. وتجب إقالته حتماً عند بلوغ الخامسة والستين إلا إذا صرح له مدير المصلحة بناء على طلبه وبموافقة المجلس الأعلى بالبقاء في الخدمة مدة معينة. ولا يجوز بحال من الأحوال أن يبقى في الخدمة بعد بلوغه سن السبعين".
ومن حيث إنه يتضح من صريح هذه النصوص أن التخلي عن الخدمة المشار إليه في المادة التاسعة إن هو في حقيقة معناه الاستقالة من الخدمة بتعبير آخر. وغني عن البيان أن الاستقالة طبقاً للأصول العامة للوظيفة وللحكمة التي قام عليها تنظيمها لضمان دوام حسن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد لا تنتج بذاتها أثرها القانوني في فصم رابطة التوظف، وإنما يتوقف حدوث هذا الأثر المنهي للخدمة على القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة بقبولها صراحة أو على مضي المدة التي تعتبر بعدها مقبولة حكماً كما أن مقدم الاستقالة يجب عليه أن يستمر في عمله إلى أن يبلغ إليه قرار قبول استقالة أو إلى أن ينقضي الميعاد المقرر لاعتبارها مقبولة فإرادته المنفردة - وهو في علاقته بالإدارة في مركز قانوني أي تنظيمي عام تحكمه القوانين واللوائح لا في مركز تعاقدي - لا تكفي وحدها لترتيب أثر ذاتي فوري على تقديم الاستقالة بمجرد تحقيق هذه الواقعة. ويصدق هذا الأصل على عمال المرافق العامة كافة وإن خلت القواعد المنظمة لعلاقتهم بهذه المرافق من نص مردد له.
ولم تتضمن المادة التاسعة من المنشور حرف "أ" آنف الذكر أي تعبير أو معنى يمكن أن ينصرف إلى قصد مخالفة هذا الأصل الذي لا ينال من سلامته ومن وجوب إعمال حكمه ما ورد في كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234/ 9/ 20 الصادر في 30 من إبريل سنة 1933 من اعتبار من يطلب اعتزال الخدمة لمرضه ثم يتوفى قبل الكشف عليه - أنه ترك الخدمة قبل الوفاة لانتفاء الحاجة به.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الدعوى أن مورث المدعي قدم استقالته إلى الهيئة العامة للسكك الحديدية في يوم أول مايو سنة 1954 ثم وافته المنية في اليوم ذاته، ولم تكن الهيئة قد قبلت الاستقالة بعد ومن ثم فإن الجهة الإدارية، إذ حددت المكافأة المستحقة له على أساس أنه توفي وهو في الخدمة، تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً.
ويكون الحكم المطعون فيه قد صادف الصواب إذ قضى برفض الدعوى مما يتعين معه القضاء برفض الطعن لعدم قيامه على أساس سليم من القانون، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 52 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

الاستقالة طبقاً للأصول العامة للوظيفة لا تنتج بذاتها أثرها القانوني في فصم رابطة التوظف ترتب هذا الأثر يتوقف على القرار الصادر من الجهة الإدارية .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 254

(23)
جلسة 20 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد المستشارين.

القضية رقم 235 لسنة 7 القضائية

( أ) موظف. "نهاية الخدمة. استقالة". الاستقالة طبقاً للأصول العامة للوظيفة - لا تنتج بذاتها أثرها القانوني في فصم رابطة التوظف - ترتب هذا الأثر - يتوقف على القرار الصادر من الجهة الإدارية بقبولها صراحة أو على مضي المدة التي تعتبر بصدها مقبولة حكماً - سريان هذا الحكم على عمال المرافق العامة كافة.
(ب) موظف "استقالة". مكافأة ترك الخدمة. سكك حديدية. وفاة الموظف في ذات اليوم الذي عبر فيه عن رغبته في التخلي عن الخدمة المنصوص عليه في المادة التاسعة من القواعد المنظمة للمكافآت المستحقة للعاملين بالهيئة العامة للسكك الحديدية المقررة بالمنشور ( أ ) المصدق عليه من مجلس إدارتها في 13/ 4/ 1964 وقبل أن تقبل منه هذه الاستقالة - تحديد المكافأة المستحقة له على أساس أنه توفي وهو في الخدمة - صحيح لا تثريب عليه.
1 - أن الاستقالة طبقاً للأصول العامة للوظيفة وللحكمة التي قام عليها تنظيمها لضمان دوام حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد لا تنتج بذاتها أثرها القانوني في فصم رابطة التوظف، وإنما يتوقف حدوث هذا الأثر المنهي للخدمة على القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة بقبولها صراحة أو على المدة التي تعتبر بعدها مقبولة حكماً، كما أن مقدم الاستقالة يجب عليه أن يستمر في عمله إلى أن يبلغ إليه قرار قبول الاستقالة أو إلى أن ينقضي الميعاد المقرر لاعتبارها مقبولة، فإرادته المنفردة - وهو في علاقته بالإدارة في مركز قانوني أي تنظيمي عام تحكمه القوانين واللوائح لا في مركز تعاقدي - لا تكفي وحدها لترتيب أثر ذاتي فوري على تقديم الاستقالة بمجرد تحقق هذه الواقعة. ويصدق هذا الأصل في عمال المرافق العامة كافة وإن خلت القواعد المنظمة لعلاقتهم بهذه المرافق من نص مردد له.
2 - متى كان الثابت من أوراق الدعوى أن مورث المدعي قدم استقالته إلى الهيئة العامة للسكك الحديدية في أول مايو سنة 1954 ثم وافته المنية في اليوم ذاته، ولم تكن الهيئة قد قبلت هذه الاستقالة بعد ومن ثم فإن الجهة الإدارية، إذ حددت المكافأة المستحقة له على أساس أنه توفي في الخدمة، تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه يتبين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1959 وأن الطاعن تقدم إلى لجنة المساعدة القضائية بهذه المحكمة يطلب إعفائه من الرسوم القضائية المستحقة على هذا الطعن في 7 من يناير سنة 1960، أي في خلال الميعاد المقرر قانوناً، وقد صدر قرار اللجنة في طلب المساعدة القضائية رقم 14 لسنة 6 بإعفائه من هذه الرسوم بجلسة 18 من سبتمبر سنة 1960 فتقدم بطعنه هذا إلى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا خلال الستين يوماً التالية بإيداع عريضته في 14 من نوفمبر سنة 1960. ومن ثم يكون الطعن مقبولاً شكلاً ومستوفياً لأوضاعه وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في شأن أثر المساعدة القضائية القاطع لميعاد رفع الطعن أمامها.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 202 لسنة 6 القضائية ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 28 من ديسمبر سنة 1958 بموجب قرار من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة بإعفائه من الرسوم القضائية صادر في 11 من أكتوبر سنة 1958، طلب فيها الحكم باستحقاق الورثة الشرعيين للمرحوم سيد أحمد سالم أوسطى نجارين سابقاً بورشة عموم هندسة السكة والأشغال بالعباسية في صرف المكافأة المستحقة عن مدة خدمته كاملة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وما يترتب على ذلك من آثار بإلزام الهيئة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أن والده التحق بخدمة الهيئة وظل يتدرج حتى وصل إلى درجة أوسطى نجارين بورشة عموم الهندسة بالعباسية ثم مرض مرضاً أقعده عن العمل فتقدم في أول مايو سنة 1954 بطلب اعتزال الخدمة مع حفظ حقه في صرف المكافأة المستحقة له عن مدة خدمته حتى أول مايو سنة 1954 إلا أنه توفي مساء اليوم ذاته فاعتبرته الهيئة متوفياً أثناء الخدمة - وعلى هذا أعطت الورثة ثلاثة أرباع المكافأة، ولم تمنحهم المكافأة كاملة باعتبار مورثهم قد اعتزل الخدمة فعلاً مع أن حق التخلي عن الخدمة بإرادة العامل المنفردة مع صرف المكافأة بتمامها هو حق مستمد من نص المادة التاسعة من لائحة مكافآت السكة الحديد.
وقد أجابت الهيئة عن الدعوى بأن مورث المدعي توفي في أول مايو سنة 1954 في الساعة الحادية عشرة مساء، وذلك كنص شهادة الوفاة الصادرة من مكتب صحة العدوية قسم بولاق المقيدة برقم 773 في 2 من مايو سنة 1954 وكان قد ورد للهيئة طلب من المذكور صباح يوم أول مايو سنة 1954 يبدي فيه رغبته في إعفائه من الخدمة نظراً لسوء حالته الصحية وقد أرسل هذا الطلب في 6 من مايو سنة 1954 إلى القسم الطبي الذي قرر الموافقة على مد الأجازة المرضية الممنوحة للطالب حتى أول مايو سنة 1954 تاريخ وفاته مع عدم الموافقة على طلب التشريك وفقاً للتعليمات المالية.
وبجلسة 11 من نوفمبر سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن المنشور حرف "أ" الخاصة بمكافآت مصلحة سكك حديد وتلغرافات وتليفونات الحكومة هو الذي يحكم تسوية مكافأة مورث المدعي عن مدة خدمته. وطبقاً لأحكامه يحرم العامل من المكافأة عند الاستقالة فيما عدا حالتين أولاهما تأدية الخدمة العسكرية، وثانيهما الاستقالة بسبب كبر السن ببلوغ الخامسة والخمسين. وهذه الاستقالة الأخيرة لا تتم بإرادة العامل المنفردة بل يجب موافقة الجهة الإدارية عليها. ومن ثم فإن مورث المدعي كان في خدمة الهيئة وقت وفاته على الرغم من طلبه التخلي عن الخدمة ما دامت الهيئة لم تكن قد قبلت استقالته بعد، ويكون صرف المكافأة على هذا الأساس صحيحاً مطابقاً لأحكام القانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف حكم المادة التاسعة من لائحة المكافآت المصلحية التي نصت على أنه "يجوز لكل مستخدم تنطبق عليه الشروط المتقدمة للتخلي عن العمل بسبب كبر السن إذا بلغ عمره 55 سنة" وقد توفرت هذه الشروط في مورث المدعي، ولم يكن يحول دون تطبيق هذه المادة في حقه سوى صدور تعبير حاسم من جانبه برغبته في التخلي، وقد صدر منه هذا التعبير فعلاً، ولا تملك الجهة الإدارية التعقيب على إرادة العامل في التخلي عن العمل. ومن ثم فلا محل لتطبيق القواعد العامة في الاستقالة المنصوص عليها في قانون نظام الدولة رقم 210 لسنة 1951 ذلك لأن أحكام هذا القانون إنما تنصرف إلى الموظفين الدائمين الذين يخضعون لأحكامه دون من عداهم. كذلك خالف الحكم كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234/ 9/ 20 الصادر في 30 من إبريل سنة 1933 في شأن مكافأة المستخدمين الخارجين عن الهيئة الذين يطلبون اعتزال الخدمة لمرضهم ثم يتوفون قبل الكشف عليهم طبياً وهو الذي انتهى إلى اعتبارهم قد تركوا الخدمة لعدم اللياقة الطبية ثم وافتهم المنية بعد ذلك وقضى في هذه الحالة بأن تعتبر المكافأة تركة تصرف لورثتهم الشرعيين.
ومن حيث إن الطاعن قد عدل طلباته في محضر جلسة 23 من أكتوبر سنة 1966 وقصرها على طلب الحكم بنصيبه في المكافأة المستحقة لمورثة قبل وفاته على الأساس المتقدم طبقاً لقواعد مكافأة عمال مصلحة السكة الحديد وتلغرافات وتليفونات الحكومة وهو تعديل يبرره أنه لا صفة له - اتفاقاً أو قانوناً - في إقامة الدعوى نيابة عن باقي الورثة للمطالبة بحق لهم.
ومن حيث إن القواعد المنظمة للمكافآت المستحقة للعاملين بالهيئة العامة للسكك الحديدية قد وردت في المنشور حرف "أ" الذي صدق عليه من المجلس الأعلى للسكك الحديدية بجلسته المنعقدة في 13 من إبريل سنة 1940. وقد تضمن هذا المنشور شروط استحقاق المكافآت، وأسباب سقوط الحق فيها، وجعل الاستقالة سبباً لسقوط حق العامل في هذه المكافأة، إلا إذا كانت الاستقالة لأداء الخدمة العسكرية أو بسبب كبر السن فنص في المادة الخامسة منه على أن "كل مستخدم تنطبق عليه الشروط المتقدمة لا يستحق مكافأة إذا قدم استقالته، فيما عدا الحالة المنصوص عليها في المادة التاسعة، أو كان مصري الجنسية واضطر للاستقالة لتأدية الخدمة العسكرية في الجيش المصري" كما نص في مادته التاسعة على أنه "يجوز لكل مستخدم تنطبق عليه الشروط المتقدمة التخلي عن الخدمة بسبب كبر السن إذا بلغ عمره 55 سنة. وتجب إقالته حتماً عند بلوغ الخامسة والستين إلا إذا صرح له مدير المصلحة بناء على طلبه وبموافقة المجلس الأعلى بالبقاء في الخدمة مدة معينة. ولا يجوز بحال من الأحوال أن يبقى في الخدمة بعد بلوغه سن السبعين".
ومن حيث إنه يتضح من صريح هذه النصوص أن التخلي عن الخدمة المشار إليه في المادة التاسعة إن هو في حقيقة معناه الاستقالة من الخدمة بتعبير آخر. وغني عن البيان أن الاستقالة طبقاً للأصول العامة للوظيفة وللحكمة التي قام عليها تنظيمها لضمان دوام حسن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد لا تنتج بذاتها أثرها القانوني في فصم رابطة التوظف، وإنما يتوقف حدوث هذا الأثر المنهي للخدمة على القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة بقبولها صراحة أو على مضي المدة التي تعتبر بعدها مقبولة حكماً كما أن مقدم الاستقالة يجب عليه أن يستمر في عمله إلى أن يبلغ إليه قرار قبول استقالة أو إلى أن ينقضي الميعاد المقرر لاعتبارها مقبولة فإرادته المنفردة - وهو في علاقته بالإدارة في مركز قانوني أي تنظيمي عام تحكمه القوانين واللوائح لا في مركز تعاقدي - لا تكفي وحدها لترتيب أثر ذاتي فوري على تقديم الاستقالة بمجرد تحقيق هذه الواقعة. ويصدق هذا الأصل على عمال المرافق العامة كافة وإن خلت القواعد المنظمة لعلاقتهم بهذه المرافق من نص مردد له.
ولم تتضمن المادة التاسعة من المنشور حرف "أ" آنف الذكر أي تعبير أو معنى يمكن أن ينصرف إلى قصد مخالفة هذا الأصل الذي لا ينال من سلامته ومن وجوب إعمال حكمه ما ورد في كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234/ 9/ 20 الصادر في 30 من إبريل سنة 1933 من اعتبار من يطلب اعتزال الخدمة لمرضه ثم يتوفى قبل الكشف عليه - أنه ترك الخدمة قبل الوفاة لانتفاء الحاجة به.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الدعوى أن مورث المدعي قدم استقالته إلى الهيئة العامة للسكك الحديدية في يوم أول مايو سنة 1954 ثم وافته المنية في اليوم ذاته، ولم تكن الهيئة قد قبلت الاستقالة بعد ومن ثم فإن الجهة الإدارية، إذ حددت المكافأة المستحقة له على أساس أنه توفي وهو في الخدمة، تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً.
ويكون الحكم المطعون فيه قد صادف الصواب إذ قضى برفض الدعوى مما يتعين معه القضاء برفض الطعن لعدم قيامه على أساس سليم من القانون، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 52 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

طلب ترك الخدمة وفق أحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 المقدم من الموظف المقيد على درجة شخصية - التزام جهة الإدارة وجوباً بالاستجابة متى توافرت فيه الشروط القانونية

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 274

(26)
جلسة 26 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 1162 لسنة 9 القضائية

( أ ) موظف. "نهاية الخدمة. استقالة تيسيرية".
طلب ترك الخدمة وفق أحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 المقدم من الموظف المقيد على درجة شخصية - التزام جهة الإدارة وجوباً بالاستجابة متى توافرت فيه الشروط القانونية - لا يقدح في ذلك أن يكون القرار الصادر بترقية المدعي بصفة شخصية قد صدر بعد إحالته إلى المعاش لبلوغه السن القانونية ما دام أن هذه الترقية نافذة قبل طلبه الانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960.
(ب) موظف. "معاش. منازعة فيه".
إصرار المدعي على تسوية حالته طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 بعد أن تكشف وضعه عن أحقيته للترقية إلى الدرجة الرابعة بصفة شخصية قبل تاريخ إحالته إلى المعاش لبلوغ السن القانونية - منازعته في ذلك إنما تنصب أساساً على مقدار المعاش المستحق له - تقيدها بالميعاد المنصوص عليه في المادة 44 من القرار بقانون رقم 394 لسنة 1956 بشأن المعاشات والتأمينات الاجتماعية.
1 - أن سلطة جهة الإدارة إزاء طلب ترك الخدمة المقدم من الموظف المقيد على درجة شخصية سلطة غير تقديرية وأن الإدارة تلتزم وجوباً الاستجابة لهذا الطلب متى توافرت فيه الشروط التي استلزمها القانون وأنه متى كان الثابت أن المدعي تنطبق عليه وقت تقديم طلبه الشروط الواردة في المادة الأولى من القرار بالقانون رقم 120 لسنة 1960 المعمول به اعتباراً من 3/ 4/ 1960 فإنه ينتفع لزاماً بالتيسيرات الواردة بهذا القرار بقانون ولا يقدح في ذلك أن قرار ترقيته إلى الدرجة الرابعة صدر بتاريخ 30/ 10/ 1960 أي بعد إحالته إلى المعاش إذ أن هذه الترقية التي تمت بصفة شخصية كانت نافذة اعتباراً من مارس 1960 أي قبل تقديم المدعي طلب الانتفاع بالقانون رقم 120 لسنة 1960.
2 - إن إصرار المدعي على تسوية حالته طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 لا يخرج في نطاق الملابسات التي أحاطت به عن كونه منازعة في المعاش المستحق له إذ هو يهدف بطلبه إلى تسوية معاشه بضم مدة سنتين إلى مدة خدمته المحسوبة فيه وإلى منحه علاوتين من علاوات درجته وما يترتب على ذلك من آثار وليس من شك في أن منازعته هذه إنما تنصب أساساً على مقدار المعاش المستحق له وتنطوي من جانبه على الرغبة الجادة السافرة في طلب تعديل وزيادة مقداره استناداً إلى استحقاقه للانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بعد إذ تكشف وضعه عن أحقيته للترقية إلى الدرجة الرابعة بصفة شخصية قبل تاريخ إحالته إلى المعاش. وأن قضاء هذه المحكمة جرى في تطبيق حكم المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 التي تعتبر المادة 44 من القانون رقم 394 لسنة 1956 ترديداً لها على أن كل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت ولأي سبب كان وتحت أية حجة كانت. وهذا النص من الإطلاق والشمول بحيث تندرج فيه منازعته في المعاش أصلاً ومقداراً مهما كان سببها ومناطها وذلك حتى يستقر الوضع بالنسبة للموظف والحكومة على السواء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1296 لسنة 9 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة بتاريخ 9/ 7/ 1962 طالباً الحكم بأحقيته في تسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بمنحه علاوتين من علاوات درجته وضم سنتين إلى مدة خدمته في المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار وقال شرحاً لدعواه أنه تقدم في 29/ 3/ 1960 بطلب لتسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 إلا أن الإدارة لم تفصل في هذا الطلب واستطرد قائلاً أنه يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون سالف الذكر أن المشرع قصد معالجة حالة الموظفين المنسيين المرقيين على درجات شخصية والتخلص من هذه الدرجات بإباحة لمن يبلغ سن الخامسة والخمسين ويشغل درجة شخصية طلب ترك الخدمة طبقاً لأحكامه دون أن يكون للإدارة سلطة تقديرية في شأن قبول هذا الطلب أو رفضه أما الموظفون الشاغلون للدرجات الفعلية فقد ترك للإدارة سلطة البت في طلباتهم الاستفادة من القانون في ضوء المصلحة العامة.
ومضى المدعي يقول أنه لا وجه للقول بأنه وقد كان الباقي من مدة خدمته أقل من سنة ولم يكن يستحق فيها علاوات دورية فما كان يجوز تطبيق أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 على حالته بقبول استقالته طبقاً لأحكامه ومنحه علاوتين وضم سنتين إلى مدة خدمته لأن في ذلك إضافة أعباء على الخزانة لم تكن لو استمر في الخدمة إلى أن يبلغ سن الستين لا وجه لهذا القول طالما أن هدف المشرع هو تعويض أمثاله من قدامى الموظفين. وأضاف المدعي أن طلبه اعتزال الخدمة يعتبر مقبولاً بقوة القانون ذلك أنه تقدم به في 29/ 3/ 1960 ولم ترد عليه الإدارة بالقبول أو الرفض وبذلك ينطبق عليه نص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1950 التي تقضي بأن يتعين الفصل في الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة.
وقد دفعت الإدارة الدعوى قائلة أنه بتاريخ 29/ 3/ 1960 تقدم المدعي بطلب تطبيق القانون رقم 120 لسنة 1960 على حالته وقد أحيل المدعي إلى المعاش في 10/ 4/ 1960 أي قبل انتهاء الفترة التي يجوز خلالها للمدير العام قبول أو رفض الطلب وهي مدة شهر وأضافت أن قبول الطلب أو رفضه مما يدخل في سلطة الإدارة التقديرية التي لا يقيدها إلا لمصلحة العامة وقد رفضت الهيئة الطلب في 24/ 4/ 1960 أي في الميعاد المحدد قانوناً لذلك.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهت فيه إلى الرأي بالحكم بصفة أصلية بعدم قبولها شكلاً باعتبارها من دعاوى الإلغاء ولأن المدعي لم يتظلم من قرار رفض طلبه واحتياطياً برفض الدعوى إذا ما كيفت على أنها من دعاوى التسوية مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة في كلتا الحالتين.
وبجلسة 4/ 6/ 1963 أصدرت المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات حكمها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفي الموضوع بأحقية المدعي في تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الهيئة المدعى عليها المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وأقامت المحكمة قضاءها على ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 222 لسنة 8 القضائية عليا بجلسة 23/ 3/ 1963 من أن سلطة الجهة الإدارية بالنسبة لطلبات ترك الخدمة المقدمة من الموظفين للإفادة من أحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 ليست سلطة تقديرية تترخص بمقتضاها في قبولها أو رفضها، وأن هذا القانون جعل اعتزال الخدمة وفقاً لأحكامه رخصة مباحة للموظف يستعملها بمشيئته متى تحققت فيه شروطها فإذا اختار وتقدم بطلبه التزمت الإدارة بإجابته إليه ومن ثم فإن المنازعة في شأنها تعتبر من دعاوى التسويات وبالتالي لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المقررة قانوناً بالنسبة لدعاوى الإلغاء وانتهت المحكمة من ذلك إلى الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى.
أما عن الموضوع فقد استندت المحكمة إلى ما ثبت لها من الأوراق من أن المدعي من مواليد 11/ 4/ 1900 وأنه التحق بالخدمة في 19/ 11/ 1919 وأحيل إلى المعاش في الدرجة الخامسة الأصلية اعتباراً من 1/ 4/ 1960 بالقرار رقم 44 الصادر في 18/ 1/ 1960، وأنه تقدم في 29/ 3/ 1960 إلى السيد رئيس أقسام حركة بحري طنطا لإحالته إلى المعاش بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 فرفع طلبه بتوصية من رؤسائه لإجابته إليه حيث لا يوجد مانع من ذلك وعرض الموضوع بتاريخ 16/ 4/ 1960 على المدير العام بمذكرة انتهت إلى أنه طالما لم يصدر قرار بانتفاع المدعي بهذا القانون قبل انتهاء خدمته في 10/ 4/ 1960 فإن المدعي لا يكون محقاً في طلبه فحفظ الطلب واستطردت المحكمة إلى القول بأنه يبين مما تقدم أن كافة الشروط المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 قد توافرت في حق المدعي وقت تقديم طلب اعتزال الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون المذكور ولا مقنع في القول بأن المدة الباقية لإحالته إلى المعاش كانت تقل عن عام أو أنه ما دام لم يصدر قرار من جهة الإدارة بقبول انتفاع المدعي بهذا القانون قبل انتهاء خدمته في 10/ 4/ 1960 فإنه لا يكون محقاً في طلبه وذلك لأن رفض الطلب على هذا الوجه لا يقوم على سند من القانون إذ لا يسوغ الأخذ بقاعدة تنظيمية أدنى من القاعدة التشريعية التي صدر بها القانون للحد من إطلاق حكم نص المادة الأولى منه فيما يتعلق بالمدة الباقية للموظف لبلوغه سن الإحالة إلى المعاش بإضافة قيد لم يورده المشرع ذاته وأن المدعي وقد توافرت بالنسبة له كافة الشروط المنصوص عليها في القانون وقت تقديم الطلب لذلك يكون محقاً في طلبه.
وبتاريخ 4/ 8/ 1963 أودعت إدارة قضاياً الحكومة نيابة عن الهيئة العامة للسكك الحديدية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن في هذا الحكم قيد بجدول طعون المحكمة الإدارية العليا برقم 1162 لسنة 9 القضائية طالبة للأسباب الواردة في التقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها مع إلزام المطعون ضده المصروفات في أية حال ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده بتاريخ 2/ 9/ 1963
واستندت الإدارة في طعنها إلى مخالفة الحكم للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وبيان ذلك:
(1) فيما يتعلق بشكل الدعوى فقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أنها دعوى تسوية لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المحددة قانوناً لدعاوى الإلغاء والصحيح أن الدعوى دعوى إلغاء للقرار الصادر في 24/ 4/ 1960 برفض طلب المدعي ترك الخدمة المقدم في 9/ 3/ 1960 وخاصة أن المدعي من أصحاب الدرجات الأصلية التي تترخص الجهة الإدارية في قبول طلبهم أو رفضه وقد صدر هذا القرار خلال الثلاثين يوماً المقررة للبت فيه وفقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن لذلك كان يتعين على المدعي اتباع الإجراءات والتزام المواعيد المقررة قانوناً بالنسبة لدعاوى الإلغاء ولما كان المدعي لم يتظلم من قرار الرفض بل أقام دعواه مباشرة وبعد فوات المواعيد المقررة قانوناً لرفعها لذلك تكون دعواه غير مقبولة وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبولها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. يضاف إلى ذلك أن المطعون ضده أحيل إلى المعاش في 10/ 4/ 1960 وربط معاشه وتسلم سركي المعاش الخاص به قبل رفع الدعوى بأكثر من عام لذلك فإن المنازعة المماثلة بوصفها منازعة في المعاش المستحق للمطعون ضده إذا ما رفعت بعد مضي الأجل المنصوص عليه قانوناً وهو سنة تكون غير مقبولة.
(2) بالنسبة للموضوع فقد اعتد الحكم المطعون ضده بالطلب المقدم من المدعي في 29/ 3/ 1960 للإفادة من أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 مع أن هذا الطلب قد قدم قبل العمل بهذا القانون ابتداء من تاريخ نشره في 13/ 4/ 1960 - وبالتالي فإن طلب المدعي يكون عديم الأثر قانوناً يضاف إلى ذلك أن المطعون ضده قدم الطلب في 29/ 3/ 1960 بينما كان قد صدر بتاريخ 18/ 1/ 1960 قرار بإنهاء خدمته لبلوغه السن القانونية في 10/ 4/ 1960 وبديهي أن هذا الطلب يخضع لتقدير الإدارة لأنه كان يشغل درجة أصلية. ولما كان المطعون ضده قد انتهت مدة خدمته في 10/ 4/ 1960 لبلوغه سن الإحالة إلى المعاش وكان انتهاء الخدمة قبل انتهاء الأجل الذي يجوز فيه للإدارة أن تقبل أو ترفض طلبه لذلك فإن هذا الطلب يكون غير ذي موضوع لا أثر له قانوناً إذ لا ينتج أثره في إنهاء الخدمة وفقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 إلا بصدور قرار صريح بقبوله خلال الثلاثين يوماً المقررة للبت فيه وإذ لم ترد الإدارة وانتهت خدمة المدعي بحكم قانون آخر (قانون الإحالة إلى المعاش لبلوغ السن القانونية) لذلك لا يكون محقاً في طلب الاستفادة من أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي من مواليد 11/ 4/ 1900 والتحق بالخدمة في 19/ 10/ 1919 وبتاريخ 30/ 10/ 1960 صدر القرار الوزارة رقم 76 بترقيته "بصفة شخصية" إلى الدرجة الرابعة (420/ 540 ج) لقضائه أكثر من إحدى وثلاثين سنة في أربع درجات متتالية وذلك اعتباراً من شهر مارس سنة 1960 مع منحه اعتباراً من اليوم الأول من شهر إبريل سنة 1960 العلاوة المترتبة على هذه الترقية.
ومن حيث إن المدعي كان قد تقدم قبل القرار الصادر بهذه الترقية بطلب تسلمته الإدارة بتاريخ 2/ 4/ 1960 وطلب فيه ترك الخدمة اعتباراً من 3/ 4/ 1960 وتسوية حالته بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 ولم تفصل الإدارة في هذا الطلب فرفع دعواه بتاريخ 9/ 10/ 1963 طالباً الحكم بأحقيته في هذه التسوية.
ومن حيث إنه يبين من استقراء أحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 والمذكرة الإيضاحية المرافقة له أن المشرع قد استهدف أساساً إباحة طلب ترك الخدمة بالشروط والأوضاع المنصوص عليها في المادة الأولى من القرار بقانون لمن بلغ من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية سن الخامسة والخمسين أو يبلغها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نفاذه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة جهة الإدارة إزاء طلب ترك الخدمة المقدم من الموظف المقيد على درجة شخصية سلطة غير تقديرية وأن الإدارة تلتزم وجوباً الاستجابة لهذا الطلب متى توافرت فيه الشروط التي استلزمها القانون وأنه متى كان الثابت أن المدعي تنطبق عليه وقت تقديم طلبه الشروط الواردة في المادة الأولى من القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 المعمول به اعتباراً من 3/ 4/ 1960 فإنه ينتفع لزاماً بالتيسيرات الواردة بهذا القرار بقانون ولا يقدح في ذلك أن قرار ترقيته إلى الدرجة الرابعة صدر بتاريخ 30/ 10/ 1960 أي بعد إحالته إلى المعاش إذ أن هذه الترقية التي تمت بصفة شخصية كانت نافذة اعتباراً من مارس سنة 1960 أي قبل تقديم المدعي طلب الانتفاع بالقانون رقم 120 لسنة 1960.
ومن حيث إنه إذا كان الأمر كذلك فإن هذه المحكمة تلاحظ أن إصرار المدعي على تسوية حالته طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 لا يخرج في نطاق الملابسات التي أحاطت به عن كونه منازعة في المعاش المستحق له إذ هو يهدف بطلبه إلى تسوية معاشه بضم مدة سنتين إلى مدة خدمته المحسوبة فيه وإلى منحه علاوتين من علاوات درجته وما يترتب على ذلك من آثار، وليس من شك في أن منازعته هذه إنما تنصب أساساً على مقدار المعاش المستحق له وتنطوي من جانبه على الرغبة الجادة السافرة في طلب تعديل وزيادة مقداره استناداً إلى استحقاقه الانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بعد إذ تكشف وضعه عن أحقيته للترقية إلى الدرجة الرابعة بصفة شخصية قبل تاريخ إحالته إلى المعاش.
ومن حيث إن المادة 44 من القرار بقانون رقم 394 لسنة 1956 بشأن المعاشات والتأمينات الاجتماعية الذي يعامل به المدعي قد نصت على أنه "لا يجوز لمصلحة صناديق التأمين والمعاشات ولا لصاحب الشأن المنازعة في قيمة المعاش أو المكافأة بعد مضي سنة واحدة من تاريخ تسليم بطاقة المعاش أو صرف المكافأة".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى في تطبيق المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 التي تعتبر المادة 44 من القانون رقم 394 لسنة 1956 ترديداً لها على أن كل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت ولأي سبب كان وتحت أية حجة كانت. وهذا النص من الإطلاق والشمول بحيث تندرج فيه منازعته في المعاش أصلاً ومقداراً مهما كان سببها ومناطها وذلك حتى يستقر الوضع بالنسبة للموظف والحكومة على السواء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي أحيل إلى المعاش اعتباراً من 10/ 4/ 1960 وذلك بمقتضى القرار رقم 144 الصادر بتاريخ 18/ 1/ 1960 وجاء في طلبه المحفوظ بملف خدمته والمقدم منه بتاريخ 8/ 10/ 1960 والذي كان يطلب فيه إعادة إلحاقه بعمل يمكنه من صرف الفرق بين مرتبه الذي كان يتقاضاه قبل إحالته إلى المعاش وبين المعاش الذي يصرف له ومقداره (عشرون جنيها شهرياً) مما يفيد أن معاشه كان قد ربط قبل ذلك وأنه تسلم السركي الخاص بالمعاش في تاريخ سابق على تقديم الطلب المشار إليه في 8 أكتوبر سنة 1960.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان المدعي قام أقام دعواه الحالية بتاريخ 9/ 7/ 1962 فإن الدعوى تكون مقامة بعد الميعاد المقرر بالمادة 44 من القرار بقانون رقم 394 لسنة 1956 مما يتعين معه الحكم برفضها.

"فلهذه الأسباب"

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 54 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

إن مجرد إفصاح المدعي في استقالته عن الدافع له على تقديمها وهو رغبته في ترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة ليس من شأنه اعتبارها مقترنة بأي قيد أو شرط.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 758

(81)
جلسة 18 من مارس سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 1242 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة" دعوى إلغاء - ميعاد.
طلب اعتبار الاستقالة كأن لم تكن لا يعدو أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها - تقيده بالمواعيد المقررة لإقامة دعوى الإلغاء.
(ب) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة" الإفصاح عن الدافع على تقديم الاستقالة - ليس من شأنه اعتبارها مقترنة بأي قيد أو شرط.
(جـ) موظف. "مدة خدمة سابقة" قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 - وجوب أن يتقدم الموظف لطلب الضم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار - قرار رئيس الجمهورية 942 لسنة 1962 بفتح ميعاد جديد لطلب حساب مدد الخدمة السابقة - إقامة المدعي دعواه قبل 5 من مارس سنة 1962 تاريخ العمل بالقرار المذكور - تغنى عن تقديم طلب جديد بضم هذه المدة وتقوم مقامه.
1 - إن طلب اعتبار الاستقالة كأن لم تكن لا يعدو في حقيقته أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها يتقيد بالمواعيد المقررة لإقامة دعاوى الإلغاء.
2 - إن مجرد إفصاح المدعي في استقالته عن الدافع له على تقديمها وهو رغبته في ترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة ليس من شأنه اعتبارها مقترنة بأي قيد أو شرط.
3 - نص قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في المادة الثالثة منه على أن (يشترط لحساب مدد العمل السابقة أن يتقدم الموظف بطلب ضمها من تدعيم طلبه بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وإلا سقط حقه في حساب هذه المدة..) - وأنه ولئن كان طلب المدعي ضم مدة خدمته السابقة قد قدم بعد الميعاد المحدد في هذه المادة إلا أنه في 5 مارس سنة 1962 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962 متضمناً النص في مادته الأولى على أنه (يجوز لمن يطلب الانتفاع بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 259 لسنة 1958 المشار إليه في الموعد المحدد أن يطلب حساب مدد العمل السابقة بالتطبيق لتلك الأحكام ووفقاً للشروط والأوضاع الواردة به وذلك في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار وإلا سقط الحق في حساب هذه المدد) وبذلك فتح هذا القرار ميعاداً جديداً لطلب حساب مدد الخدمة السابقة ينتهي بانقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به - ولما كان المدعي قد أقام دعواه فعلاً قبل 5 من مارس سنة 1962 تاريخ صدور ونشر القرار المذكور - فإن هذه الدعوى فيما تضمنته من طلب ضم مدة خدمته السابقة على قبول استقالته تغنى عن تقديم طلب جديد بضم هذه المدة وتقوم مقامه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية في 29 من أكتوبر سنة 1960 أقام السيد/ عبد الله محمد عبد الله المصري الدعوى رقم 21 لسنة 8 القضائية ضد وزير الشئون البلدية والقروية ومدير عام بلدية القاهرة طالباً الحكم باعتبار الاستقالة المقدمة منه في 11 من أغسطس سنة 1956 كأن لم تكن وباعتبار مدة الخدمة متصلة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بالمصاريف والأتعاب وقال شرحاً لدعواه أنه موظف بإدارة المرور بالقاهرة وبسبب إجراء الانتخاب في سنة 1956 وصدور الأوامر بعدم جواز قبول الترشيح لمجلس الأمة إلا بعد تقديم الاستقالة بالنسبة إلى موظفي الحكومة - تقدم في 11 من أغسطس سنة 1956 باستقالته لكي يتمكن من إدراج اسمه ضمن قائمة المرشحين لمجلس الأمة وتقبل أوراقه ويعتمد ترشيحه - ولكن بسبب العدوان لم تتم الانتخابات وصدرت الأوامر بإعادة الأحوال إلى ما كانت عليه - فكتب إلى بلدية القاهرة طالباً سحب استقالته واعتبارها كأن لم تكن وكانت البلدية قد استصدرت القرار رقم 555 لسنة 1956 برفع اسمه من عداد موظفيها اعتباراً من 18 من نوفمبر سنة 1956 - والتمس هو إعادته إلى الخدمة بطلب مؤرخ في 25 من أكتوبر سنة 1956 فصدر قرار البلدية رقم 99 لسنة 1957 بإعادته إلى العمل اعتباراً من 4 من فبراير سنة 1957 - وكان قبول إعادته يستتبع حتماً ضم مدة الخدمة السابقة واعتبار فترة الانقطاع لا وجود لها - ولذلك تظلم من عدم اعتبار مدة خدمته متصلة ولكنه أعلن في 30 من أغسطس سنة 1960 بعدم قبول التماسه.
وبصحيفة أعلنت في 19 من يناير سنة 1961 وجه المدعي دعواه إلى رئيس مجلس بلدية القاهرة.
وأجابت محافظة القاهرة على الدعوى قائلة أن المدعي تقدم في 11 من أغسطس سنة 1956 بطلب استقالة من الخدمة لكي يرشح نفسه لعضوية مجلس الأمة وانقطع عن العمل منذ ذلك التاريخ وصدر قرار مدير عام بلدية القاهرة رقم 555 لسنة 1956 في أول سبتمبر سنة 1956 بالموافقة على استقالته ورفع اسمه من عداد موظفي البلدية اعتباراً من 11 من أغسطس سنة 1956 ولم تتخذ أية إجراءات في شأن الانتخابات بسبب العدوان الثلاثي - فتقدم في 25 من أكتوبر سنة 1956 بطلب لإعادته إلى الخدمة بوضعه السابق ووافقت البلدية على ذلك وصدر قرار المدير العام رقم 99 في 30 من يناير سنة 1957 بإعادته إلى الخدمة في ذات درجته وبماهيته السابقة طبقاً للمادة 18 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ثم تقدم بعد ذلك بعدة طلبات لاعتبار استقالته كأن لم تكن واعتبار مدة خدمته متصلة وذلك في 16 من مايو و25 من يوليو سنة 1957 و27 من مايو سنة 1959 و11 من يناير سنة 1960 و12 من مارس سنة 1960 وذكرت البلدية أن التكييف القانوني لدعوى المدعي هو أنها دعوى إلغاء قرار مدير عام البلدية رقم 99 لسنة 57 الصادر في 30 من يناير سنة 1957 فيما تضمنه من اعتباره معيناً تعييناً جديداً والامتناع عن اعتبار استقالته كأن لم تكن - وقد استلم العمل في 4 من فبراير سنة 1957 ولم يتظلم من القرار سالف الذكر إلا في 16 من مايو سنة 1957 أي بعد مضي أكثر من تسعين يوماً على تاريخ علمه علماً يقينياً وذلك فضلاً أنه أبلغ عن طريق إدارة المرور بالكتاب المؤرخ في 5 من يونيو سنة 1957 بعدم إمكان إجابته إلى ملتمسه فلم يطعن في هذا القرار السلبي في المواعيد القانونية فتكون دعواه غير مقبولة من الناحية الشكلية أما من الناحية الموضوعية فلا أساس لما يحتج به من أن قرار قبول استقالته ورفع اسمه كان في 18 من نوفمبر سنة 1956 أي في تاريخ تال لتقديمه طلب إعادته إلى الخدمة المؤرخ في 25 من أكتوبر سنة 1956 إذ صدر قرار قبول استقالته رقم 555 لسنة 1956 في أول سبتمبر سنة 1956 ولئن كان قد ورد خطأ في قرار إعادته إلى الخدمة أن استقالته قبلت اعتباراً من 18 من نوفمبر سنة 1956 إلا أن الصحيح أنها اعتبرت مقبولة من 11 من أغسطس سنة 1956 وانتهت المحافظة إلى طلب الحكم:
أولاً: وأصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
وثانياً: واحتياطياً برفض الدعوى موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إن المدعي قد تقدم بمذكرة بدفاعه انتهى فيها إلى أنه يصمم على طلباته الأصلية وهي اعتبار استقالته كأن لم تكن وضم مدة الخدمة السابقة على تقديمها للمدة اللاحقة على الرجوع عنها مع كافة ما يترتب على ذلك مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات وقال إن دعواه هي مطالبة بتسوية حالته واعتبار مدة اشتغاله متصلة من تاريخ تعيينه الحاصل في يوليو سنة 1942 وأضاف إلى ما تضمنته صحيفة الدعوى أنه من المسلم أن جميع من تركوا أعمالهم بسبب تقدمهم للترشيح قد أعيدوا إلى حالتهم وأوضاعهم الأصلية بعد تقرير عدم إجراء الانتخابات وأنه لا يصح القول بأن ذلك كان مقصوراً على موظفين بالذات أو على نوع معين من الموظفين - وقد أغفلت البلدية إخطاره بأن ترشيحه لم يكن يستلزم الاستقالة ولم تخطره بقبول الاستقالة فتعتبر كأن لم تكن لرجوعه عنها قبل قبولها.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية قد أقامت قضاءها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على أن ما يطلبه المدعي هو اعتبار استقالته كأن لم تكن واعتبار مدة خدمته متصلة فهو لم يطعن بالإلغاء في قرار صادر بقبول استقالته - كما أقامت قضاءها باعتبار الاستقالة المقدمة منه كأن لم تكن على أنه قد قدم استقالته مستهدفاً الترشيح لانتخابات مجلس الأمة التي أوقفت لقيام حالة قهرية هي العدوان الثلاثي وعلى أنه ولئن كانت هذه الاستقالة قد قدمت في 11 من أغسطس سنة 1956 وقبلت في أول سبتمبر سنة 1956 أي خلال مدة الشهر التي حددها قانون نظام موظفي الدولة للبت في الاستقالة إلا أن المادة 110 من ذلك القانون لا تنطبق في حالة الاستقالة للترشيح لانتخابات مجلس الأمة إلا إذا قامت حالة الترشيح - وصف المرشح - في الموظف المستقيل لأنه يبين من المادة 292 من دستور سنة 1956 والمادة 4 من القانون رقم 246 لسنة 1956 بإصدار قانون عضوية مجلس الأمة أن هذا الترشيح لا يتم دستورياً إلا بموافقة الاتحاد القومي على الترشيح - فإذا قام مانع من الترشيح كقوة قاهرة خارجة عن إرادة الموظف المستقيل لهذا الغرض أدت إلى توقف الانتخابات فإنه يتعين عدم ترتيب أثر الاستقالة المقدمة منه ولو لم يقدم طلباً لإعادته إلى الخدمة فتكون الدعوى على أساس سليم لوجوب اعتبار خدمته متصلة وعدم توليد نتائج قانونية لهذه الاستقالة التي لم تتحقق حكمتها بقيام الترشيح.
ومن حيث إن الطعن يقوم على سببين:
الأول: أن دعوى المدعي بحسب تكييفها السليم هي دعوى إلغاء القرار 555 لسنة 1956 الصادر بقبول استقالته أو إلغاء القرار رقم 99 لسنة 1957 الصادر في 30 من يناير سنة 1957 فيما تضمنه من اعتباره معيناً تعييناً جديداً وامتناع المحافظة عن تضمين ذلك القرار ما يفيد إلغاء قرارها الأول بقبول الاستقالة ولم يتظلم المدعي إلا في 16 من مايو سنة 1957 أي بعد أكثر من ستين يوماً من تاريخ علمه بالقرار المطعون عليه بل ومن تاريخ تسلمه العمل فعلاً بناء على قرار إعادة تعيينه وأبلغ برفض تظلمه في 5 من يونيو سنة 1957 ولم يرفع دعواه إلا في 29 من أكتوبر سنة 1960 فتكون قد رفعت بعد الميعاد ولا عبرة بتكرار تظلماته.
والثاني: أن المستفاد من المادتين 4، 23 القانون رقم 246 لسنة 1956 الخاص بإصدار قانون عضوية مجلس الأمة أن المشرع قد غاير في المعاملة بين رجال القضاء والنيابة والضباط وصف الضباط وبين غيرهم من موظفي الدولة فبينما حرم على الفريق الأول الترشيح لمجلس الأمة إلا بعد تقديم الاستقالة أباح لبقية الموظفين الاحتفاظ بالوظيفة حتى نجاحهم في الانتخابات بحيث لا يعتبر الموظف مختلياً نهائياً عن وظيفته إلا بالفصل في صحة عضويته للمجلس - فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في الإسناد حين طبق المادة الرابعة من القانون رقم 246 لسنة 1956 على المدعي حالة كونه ليس من بين عددتهم تلك المادة - ونظراً إلى أنه لم يكن في حاجة إلى تقديم الاستقالة لترشيح نفسه لمجلس الأمة وقد حصل قبل ذلك على الإجازات التي طلبها القيام بالدعاية الانتخابية اللازمة فإن تقديم استقالته بعد ذلك يكون منتجاً لكافة آثاره القانونية وقد قبلت هذه الاستقالة خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديمها فيكون القرار الصادر بقبوله قد صدر صحيحاً وحصيناً من الإلغاء.
ومن حيث إنه بجلسة 18 من فبراير سنة 1967 طلب الحاضر مع المدعي تأييد الحكم المطعون فيه ومن باب الاحتياط ضم المدة السابقة على تاريخ الاستقالة كما أورد بعد ذلك مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم بصفة أصلية برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبصفة احتياطية باستحقاق المدعي لأن تسحب في مدة خدمته المدة التي قضاها في الخدمة قبل استقالته وهي المدة من 2 يوليو سنة 1942 إلى 3 من فبراير سنة 1957 مع جميع الآثار المترتبة عليها سواء في الأقدمية وتحديد الماهية أو في المعاش وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وذكر أن استقالته لترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة تعتبر مشروطة الأمر الذي يؤدي إلى القطع بأن عدم قبول الترشيح أو عدم إجراء الانتخابات يجب أن يحول دون قبول الاستقالة لعدم تحقق الحكمة من تقديمها - بحيث إذا قبلت كان القرار الصادر بقبولها باطلاً بطلاناً يرقى إلى حد العدم فلا يتقيد الطعن عليه بميعاد الطعن بالإلغاء كما أن النزاع بين الموظف وبين الجهة الإدارية حول حقه في العودة إلى الوظيفة يعتبر من قبيل منازعات التسوية - وأضاف أن الطلب الاحتياطي الذي أبداه في جلسة المرافعة ليس طلباً جديداً بل هو بعض ما رفعت به الدعوى أصلاً إلى المحكمة الإدارية وأنه محق في طلب حساب مدة خدمته السابقة على الاستقالة لتوافر جميع الشروط التي نص عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 فطبيعة العمل والدرجة المالية قبل الاستقالة هي بعينها الدرجة المالية بعد إعادته إلى الخدمة كما أن مدة الخدمة حكومية تضم كلها وقد طلب حسابها فور عودته إلى الوظيفة حين التمس اعتبار الاستقالة كأن لم تكن واعتبار مدة خدمته متصلة.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن المدعي قد حصل على شهادة إتمام الدارسة الابتدائية في عام 1935 والتحق بالخدمة في 13 من يوليو سنة 1942 موظفاً بالدرجة التاسعة ورقى إلى الدرجة الثامنة الكادر الكتابي اعتباراً من 6 من ديسمبر سنة 1955 بمقتضى القرار رقم 35 الصادر من المدير العام لبلدية القاهرة في 9 من يناير سنة 1956 ثم في 5 من أغسطس سنة 1956 تقدم إلى قائد إدارة المرور بالقاهرة بطلب ذكر فيه أنه نظراً إلى أنه سيقوم بترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة عن دائرة بندر جرجا فإنه يرجو قبول استقالته من الخدمة ورفعها إلى الجهة المختصة للموافقة عليها ووافق المدير العام لبلديه القاهرة على قبول هذه الاستقالة في 11 من أغسطس سنة 1956 وانقطع المدعي عن العمل منذ ذلك التاريخ وفي 9 من سبتمبر سنة 1956 صدر القرار رقم 555 لسنة 1956 برفع اسمه من عداد موظفي إدارة المرور اعتباراً من 11 من أغسطس سنة 1956 وفي 25 من أكتوبر سنة 1956 تقدم المدعي بطلب ذكر فيه أنه سبق أن تقدم بطلب استقالة من الخدمة تمهيداً لترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة وأنه نظراً إلى أنه لم تظهر حتى ذلك التاريخ إجراءات الترشيح والانتخاب ولا يعلم متى ستتم فإنه يرجو الموافقة على إعادته إلى الخدمة بوضعه السابق. وفي 30 من يناير سنة 1957 أصدر المدير العام لبلدية القاهرة القرار رقم 99 لسنة 1957 بإعادة المدعي إلى عمله بنفس درجته السابقة ومرتبه وذلك اعتباراً من تاريخ مباشرته العمل - واستلم المدعي العمل في 4 من فبراير سنة 1957 - وفي 14 من مايو سنة 1957 تقدم بتظلم إلى قائد إدارة المرور اعترض فيه على قرار إعادته إلى العمل بوضعه الأول وذكر أن القرار رقم 555 لسنة 1956 الصادر برفع اسمه من عداد موظفي البلدية باطل ولا يترتب عليه أي أثر وطلب مخابرة البلدية لتصحيح هذا الوضع - وأجابت إدارة المستخدمين على هذا التظلم بكتابها المرسل إلى إدارة المرور في 4 من يونيو سنة 1957 بأنه لا يجوز اعتبار طلب الاستقالة كأن لم يكن - وفي 25 من يوليو سنة 1957 تقدم المدعي بتظلم آخر عقب فيه على عدم موافقة البلدية على طلبه الأول الخاص باعتبار تقديم استقالته كأن لم يكن. وطلب معاملته على هذا الأساس وذلك بصرف مرتبه من تاريخ طلب إعادته إلى الخدمة ومنحه العلاوة الدورية المستحقة له - ثم في 27 من مايو سنة 1959 تقدم المدعي بطلب التمس فيه اعتبار رجوعه إلى الخدمة استمراراً لوضعه السابق مع ما يترتب على ذلك من حقوق وفروق ثم في 11 من مارس سنة 1960 تقدم بطلب آخر ذكر فيه أنه فوجئ بأن البلدية اعتبرت إعادته تعييناً جديداً وأسقطت المدة السابقة وهي أربعة عشر عاماً من خدمته وأن في ذلك مخالفة للقرارات الصادرة بضم مدد الخدمة السابقة للموظفين - ثم أقام هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية في 29 من أكتوبر سنة 1960 طالباً الحكم باعتبار الاستقالة المقدمة منه كأن لم تكن وباعتبار مدة خدمته متصلة مع ما يترتب على ذلك من آثار مستنداً إلى أن قبول البلدية إعادته إلى الخدمة يستتبع حتماً ضم مدة خدمته السابقة واعتبار فترة الانقطاع لا وجود لها.
ومن حيث إنه لا شك في أن المدعي بتحديده طلباته على هذا الوجه قد استهدف أمرين:
الأول: اعتبار استقالته كأن لم تكن.
والثاني: ضم مدة خدمته السابقة على قبول الاستقالة.
ومن حيث إن طلب اعتبار الاستقالة كأن لم يكن لا يعدو في حقيقته أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها يتقيد بالمواعيد المقررة لإقامة دعاوى الإلغاء - وقد صدر هذا القرار في 11 من أغسطس سنة 1956 - ورغم أن المدعي قد انقطع عن عمله منذ ذلك التاريخ ثم أعيد بعد ذلك بناء على طلبه اعتباراً من 4 من فبراير سنة 1957 تاريخ استلامه العمل على أساس أن استقالته المقبولة قد أنتجت أثرها من حيث إنهاء خدمته بمجلس بلدي مدينة القاهرة - ورغم علمه اليقيني بذلك وتقدمه بعدة تظلمات في هذا الشأن كان أولها في 14 من مايو سنة 1957 فإنه لم يقم دعواه إلا بعد ذلك بمدة طويلة في 29 من أكتوبر سنة 1960 ولذلك تكون هذه الدعوى في شكلها الخاص باعتبار الاستقالة كأن لم تكن غير مقبولة شكلاً لإقامتها بعد الميعاد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن الدعوى ليست طعناً في القرار الصادر بقبول الاستقالة تأسيساً على أن المدعي قدم استقالة مستهدفاً الترشيح لانتخابات مجلس الأمة وأن الاستقالة لهذا السبب لا ترتب أثرها إلا إذا قام وصف المرشح بالموظف المستقيل - واستند في ذلك إلى المادة الرابعة من القانون رقم 246 لسنة 1956 بإصدار قانون عضوية مجلس الأمة التي تقضي بأنه (لا يجوز ترشيح رجال القضاء والنيابة وضباط البوليس قبل تقديم استقالاتهم من وظائفهم وتعتبر الاستقالة مقبولة من تاريخ تقديمها - كما لا يجوز ترشيح ضباط وصف ضباط القوات المسلحة قبل قبول استقالاتهم).
ومن حيث إن المدعي ليس من الموظفين المنصوص عليهم في المادة المذكورة فلم يكن ترشيحه لعضوية مجلس الأمة يتطلب تقدمه باستقالته أو قبول هذه الاستقالة وإنما كان يخضع لحكم المادة 23 من القانون رقم 246 لسنة 1956 المشار إليها تضمنت النص على أن الموظف الذي يصبح عضواً في مجلس الأمة عليه أن يتخلى مؤقتاً عن أعمال وظيفته ويعتبر متخلياً عنها نهائياً بمجرد الفصل في صحة عضويته بالمجلس - ومجرد إفصاح المدعي في استقالته عن الدافع له على تقديمها وهو رغبته في ترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة ليس من شأنه اعتبارها مقترنة بأي قيد أو شرط وإذ قبلها المدير العام لبلدية القاهرة بقراره الصادر في 11 من أغسطس سنة 1956 فإن طلب اعتبارها بعد ذلك كأن لم تكن هو بمثابة طلب إلغاء للقرار المذكور حسبما سبق البيان - وليس فيما استند إليه الحكم المطعون فيه ما يصلح أساساً لتكييف الطلب المذكور على غير هذا الوجه.
ومن حيث إن الدعوى قد انطوت على طلب آخر هو ضم مدة الخدمة السابقة وقد تضمنت المذكرة التي قدمها المدعي بدفاعه في هذا الطعن بياناً لهذا الطلب بقوله أن من حقه طلب حساب مدة خدمته السابقة على الاستقالة استناداً إلى ادعائه توافر جميع الشروط التي نص عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وإلى أن طبيعة العمل لم تتغير وإلى أنه أعيد إلى العمل في ذات الدرجة وطلب ضم تلك المدة عقب إعادته إلى وظيفته.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الطلبات التي تقدم بها المدعي عقب إعادته إلى الخدمة يبين أن أول طلب تضمن المطالبة بضم مدة خدمته السابقة هو طلبه المؤرخ في 27 من مايو سنة 1959، ثم ورد ذلك في طلبه المؤرخ في 11 من مارس سنة 1960 ثم في صحيفة دعواه.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة قد صدر في 20 من فبراير سنة 1958 ونشر في 3 من مارس سنة 1958 وتضمن النص في المادة الثانية منه على أن (مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة تحسب كاملة سواء أكانت متصلة أو منفصلة متى كانت قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها وفي نفس الكادر) كما نص في المادة الثالثة منه على أن (يشترط لحساب مدد العمل السابقة أن يتقدم الموظف بطلب ضمها مع تدعيم طلبه بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وألا سقط حقه في حساب هذه المدة..) - وأنه ولئن كان طلب المدعي ضم مدة خدمته السابقة قد قدم بعد الميعاد المحدد في هذه المادة إلا أنه في 5 من مارس سنة 1962 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962 متضمناً النص في مادته الأولى على أنه (يجوز لمن لم يطلب الانتفاع بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 المشار إليه في الموعد المحدد أن يطلب حساب مدد العمل السابقة بالتطبيق لتلك الأحكام ووفقاً للشروط والأوضاع الواردة به وذلك في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار وإلا سقط الحق في حساب هذه المدد) وبذلك فتح هذا القرار ميعاداً جديداً لطلب حساب مدد الخدمة السابقة ينتهي بانقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به - ولما كان المدعي قد أقام دعواه فعلاً قبل 5 من مارس سنة 1962 تاريخ صدور ونشر القرار المذكور - فإن هذه الدعوى فيما تضمنته من طلب ضم مدة خدمته السابقة على قبول استقالته تغنى عن تقديم طلب جديد بضم هذه المدة وتقوم مقامة ومن ثم يستفيد المدعي من الميعاد الجديد الذي فتحه القرار سالف الذكر وذلك مع مراعاة ما تقضي به المادة الثالثة من أنه لا يترتب على تطبيقه صرف فروق مالية عن الفترة السابقة لتاريخ العمل به.
ومن حيث إن مدة الخدمة السابقة التي يحق للمدعي طلب حسابها وفقاً لأحكام قراري رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 ورقم 942 لسنة 1962 هي التي قضاها قبل استقالته في درجة معادلة للدرجة التي أعيد تعيينه فيها وهي الدرجة الثامنة بالكادر الكتابي أي المدة من 6 من ديسمبر سنة 1955 تاريخ حصوله على الدرجة المذكورة إلى 10 من أغسطس سنة 1956 التاريخ السابق على قبول استقالته وذلك مع مراعاة حكم المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء قبول الاستقالة وبحساب مدة خدمة المدعي السابقة من 6 من ديسمبر سنة 1955 حتى 10 من أغسطس سنة 1956 في أقدمية الدرجة الثامنة وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه السابق بيانه ورفض ما عدا ذلك من طلبات وذلك مع إلزام محافظة القاهرة بالمصروفات المناسبة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء قبول الاستقالة وبحساب مدة خدمة المدعي السابقة من 6 من ديسمبر سنة 1955 حتى 10 من أغسطس سنة 1956 في أقدميته في الدرجة الثامنة بالتطبيق لقراري رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 ورقم 942 لسنة 1962 وما يترتب على ذلك من آثار ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت محافظة القاهرة بالمصروفات المناسبة.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 64 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

إن طلب اعتبار الاستقالة كأن لم تكن لا يعدو في حقيقته أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها يتقيد بالمواعيد المقررة لإقامة دعاوى الإلغاء.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 758

(81)
جلسة 18 من مارس سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 1242 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة" دعوى إلغاء - ميعاد.


طلب اعتبار الاستقالة كأن لم تكن لا يعدو أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها - تقيده بالمواعيد المقررة لإقامة دعوى الإلغاء.


(ب) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة" الإفصاح عن الدافع على تقديم الاستقالة - ليس من شأنه اعتبارها مقترنة بأي قيد أو شرط.


(جـ) موظف. "مدة خدمة سابقة" قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 - وجوب أن يتقدم الموظف لطلب الضم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار - قرار رئيس الجمهورية 942 لسنة 1962 بفتح ميعاد جديد لطلب حساب مدد الخدمة السابقة - إقامة المدعي دعواه قبل 5 من مارس سنة 1962 تاريخ العمل بالقرار المذكور - تغنى عن تقديم طلب جديد بضم هذه المدة وتقوم مقامه.
1 - إن طلب اعتبار الاستقالة كأن لم تكن لا يعدو في حقيقته أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها يتقيد بالمواعيد المقررة لإقامة دعاوى الإلغاء.


2 - إن مجرد إفصاح المدعي في استقالته عن الدافع له على تقديمها وهو رغبته في ترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة ليس من شأنه اعتبارها مقترنة بأي قيد أو شرط.


3 - نص قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في المادة الثالثة منه على أن (يشترط لحساب مدد العمل السابقة أن يتقدم الموظف بطلب ضمها من تدعيم طلبه بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وإلا سقط حقه في حساب هذه المدة..) - وأنه ولئن كان طلب المدعي ضم مدة خدمته السابقة قد قدم بعد الميعاد المحدد في هذه المادة إلا أنه في 5 مارس سنة 1962 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962 متضمناً النص في مادته الأولى على أنه (يجوز لمن يطلب الانتفاع بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 259 لسنة 1958 المشار إليه في الموعد المحدد أن يطلب حساب مدد العمل السابقة بالتطبيق لتلك الأحكام ووفقاً للشروط والأوضاع الواردة به وذلك في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار وإلا سقط الحق في حساب هذه المدد) وبذلك فتح هذا القرار ميعاداً جديداً لطلب حساب مدد الخدمة السابقة ينتهي بانقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به - ولما كان المدعي قد أقام دعواه فعلاً قبل 5 من مارس سنة 1962 تاريخ صدور ونشر القرار المذكور - فإن هذه الدعوى فيما تضمنته من طلب ضم مدة خدمته السابقة على قبول استقالته تغنى عن تقديم طلب جديد بضم هذه المدة وتقوم مقامه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.


من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.


ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية في 29 من أكتوبر سنة 1960 أقام السيد/ عبد الله محمد عبد الله المصري الدعوى رقم 21 لسنة 8 القضائية ضد وزير الشئون البلدية والقروية ومدير عام بلدية القاهرة طالباً الحكم باعتبار الاستقالة المقدمة منه في 11 من أغسطس سنة 1956 كأن لم تكن وباعتبار مدة الخدمة متصلة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بالمصاريف والأتعاب وقال شرحاً لدعواه أنه موظف بإدارة المرور بالقاهرة وبسبب إجراء الانتخاب في سنة 1956 وصدور الأوامر بعدم جواز قبول الترشيح لمجلس الأمة إلا بعد تقديم الاستقالة بالنسبة إلى موظفي الحكومة - تقدم في 11 من أغسطس سنة 1956 باستقالته لكي يتمكن من إدراج اسمه ضمن قائمة المرشحين لمجلس الأمة وتقبل أوراقه ويعتمد ترشيحه - ولكن بسبب العدوان لم تتم الانتخابات وصدرت الأوامر بإعادة الأحوال إلى ما كانت عليه - فكتب إلى بلدية القاهرة طالباً سحب استقالته واعتبارها كأن لم تكن وكانت البلدية قد استصدرت القرار رقم 555 لسنة 1956 برفع اسمه من عداد موظفيها اعتباراً من 18 من نوفمبر سنة 1956 - والتمس هو إعادته إلى الخدمة بطلب مؤرخ في 25 من أكتوبر سنة 1956 فصدر قرار البلدية رقم 99 لسنة 1957 بإعادته إلى العمل اعتباراً من 4 من فبراير سنة 1957 - وكان قبول إعادته يستتبع حتماً ضم مدة الخدمة السابقة واعتبار فترة الانقطاع لا وجود لها - ولذلك تظلم من عدم اعتبار مدة خدمته متصلة ولكنه أعلن في 30 من أغسطس سنة 1960 بعدم قبول التماسه.


وبصحيفة أعلنت في 19 من يناير سنة 1961 وجه المدعي دعواه إلى رئيس مجلس بلدية القاهرة.
وأجابت محافظة القاهرة على الدعوى قائلة أن المدعي تقدم في 11 من أغسطس سنة 1956 بطلب استقالة من الخدمة لكي يرشح نفسه لعضوية مجلس الأمة وانقطع عن العمل منذ ذلك التاريخ وصدر قرار مدير عام بلدية القاهرة رقم 555 لسنة 1956 في أول سبتمبر سنة 1956 بالموافقة على استقالته ورفع اسمه من عداد موظفي البلدية اعتباراً من 11 من أغسطس سنة 1956 ولم تتخذ أية إجراءات في شأن الانتخابات بسبب العدوان الثلاثي - فتقدم في 25 من أكتوبر سنة 1956 بطلب لإعادته إلى الخدمة بوضعه السابق ووافقت البلدية على ذلك وصدر قرار المدير العام رقم 99 في 30 من يناير سنة 1957 بإعادته إلى الخدمة في ذات درجته وبماهيته السابقة طبقاً للمادة 18 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ثم تقدم بعد ذلك بعدة طلبات لاعتبار استقالته كأن لم تكن واعتبار مدة خدمته متصلة وذلك في 16 من مايو و25 من يوليو سنة 1957 و27 من مايو سنة 1959 و11 من يناير سنة 1960 و12 من مارس سنة 1960 وذكرت البلدية أن التكييف القانوني لدعوى المدعي هو أنها دعوى إلغاء قرار مدير عام البلدية رقم 99 لسنة 57 الصادر في 30 من يناير سنة 1957 فيما تضمنه من اعتباره معيناً تعييناً جديداً والامتناع عن اعتبار استقالته كأن لم تكن - وقد استلم العمل في 4 من فبراير سنة 1957 ولم يتظلم من القرار سالف الذكر إلا في 16 من مايو سنة 1957 أي بعد مضي أكثر من تسعين يوماً على تاريخ علمه علماً يقينياً وذلك فضلاً أنه أبلغ عن طريق إدارة المرور بالكتاب المؤرخ في 5 من يونيو سنة 1957 بعدم إمكان إجابته إلى ملتمسه فلم يطعن في هذا القرار السلبي في المواعيد القانونية فتكون دعواه غير مقبولة من الناحية الشكلية أما من الناحية الموضوعية فلا أساس لما يحتج به من أن قرار قبول استقالته ورفع اسمه كان في 18 من نوفمبر سنة 1956 أي في تاريخ تال لتقديمه طلب إعادته إلى الخدمة المؤرخ في 25 من أكتوبر سنة 1956 إذ صدر قرار قبول استقالته رقم 555 لسنة 1956 في أول سبتمبر سنة 1956 ولئن كان قد ورد خطأ في قرار إعادته إلى الخدمة أن استقالته قبلت اعتباراً من 18 من نوفمبر سنة 1956 إلا أن الصحيح أنها اعتبرت مقبولة من 11 من أغسطس سنة 1956 وانتهت المحافظة إلى طلب الحكم:


أولاً: وأصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد.


وثانياً: واحتياطياً برفض الدعوى موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات.


ومن حيث إن المدعي قد تقدم بمذكرة بدفاعه انتهى فيها إلى أنه يصمم على طلباته الأصلية وهي اعتبار استقالته كأن لم تكن وضم مدة الخدمة السابقة على تقديمها للمدة اللاحقة على الرجوع عنها مع كافة ما يترتب على ذلك مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات وقال إن دعواه هي مطالبة بتسوية حالته واعتبار مدة اشتغاله متصلة من تاريخ تعيينه الحاصل في يوليو سنة 1942 وأضاف إلى ما تضمنته صحيفة الدعوى أنه من المسلم أن جميع من تركوا أعمالهم بسبب تقدمهم للترشيح قد أعيدوا إلى حالتهم وأوضاعهم الأصلية بعد تقرير عدم إجراء الانتخابات وأنه لا يصح القول بأن ذلك كان مقصوراً على موظفين بالذات أو على نوع معين من الموظفين - وقد أغفلت البلدية إخطاره بأن ترشيحه لم يكن يستلزم الاستقالة ولم تخطره بقبول الاستقالة فتعتبر كأن لم تكن لرجوعه عنها قبل قبولها.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية قد أقامت قضاءها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على أن ما يطلبه المدعي هو اعتبار استقالته كأن لم تكن واعتبار مدة خدمته متصلة فهو لم يطعن بالإلغاء في قرار صادر بقبول استقالته - كما أقامت قضاءها باعتبار الاستقالة المقدمة منه كأن لم تكن على أنه قد قدم استقالته مستهدفاً الترشيح لانتخابات مجلس الأمة التي أوقفت لقيام حالة قهرية هي العدوان الثلاثي وعلى أنه ولئن كانت هذه الاستقالة قد قدمت في 11 من أغسطس سنة 1956 وقبلت في أول سبتمبر سنة 1956 أي خلال مدة الشهر التي حددها قانون نظام موظفي الدولة للبت في الاستقالة إلا أن المادة 110 من ذلك القانون لا تنطبق في حالة الاستقالة للترشيح لانتخابات مجلس الأمة إلا إذا قامت حالة الترشيح - وصف المرشح - في الموظف المستقيل لأنه يبين من المادة 292 من دستور سنة 1956 والمادة 4 من القانون رقم 246 لسنة 1956 بإصدار قانون عضوية مجلس الأمة أن هذا الترشيح لا يتم دستورياً إلا بموافقة الاتحاد القومي على الترشيح - فإذا قام مانع من الترشيح كقوة قاهرة خارجة عن إرادة الموظف المستقيل لهذا الغرض أدت إلى توقف الانتخابات فإنه يتعين عدم ترتيب أثر الاستقالة المقدمة منه ولو لم يقدم طلباً لإعادته إلى الخدمة فتكون الدعوى على أساس سليم لوجوب اعتبار خدمته متصلة وعدم توليد نتائج قانونية لهذه الاستقالة التي لم تتحقق حكمتها بقيام الترشيح.
ومن حيث إن الطعن يقوم على سببين:
الأول: أن دعوى المدعي بحسب تكييفها السليم هي دعوى إلغاء القرار 555 لسنة 1956 الصادر بقبول استقالته أو إلغاء القرار رقم 99 لسنة 1957 الصادر في 30 من يناير سنة 1957 فيما تضمنه من اعتباره معيناً تعييناً جديداً وامتناع المحافظة عن تضمين ذلك القرار ما يفيد إلغاء قرارها الأول بقبول الاستقالة ولم يتظلم المدعي إلا في 16 من مايو سنة 1957 أي بعد أكثر من ستين يوماً من تاريخ علمه بالقرار المطعون عليه بل ومن تاريخ تسلمه العمل فعلاً بناء على قرار إعادة تعيينه وأبلغ برفض تظلمه في 5 من يونيو سنة 1957 ولم يرفع دعواه إلا في 29 من أكتوبر سنة 1960 فتكون قد رفعت بعد الميعاد ولا عبرة بتكرار تظلماته.
والثاني: أن المستفاد من المادتين 4، 23 القانون رقم 246 لسنة 1956 الخاص بإصدار قانون عضوية مجلس الأمة أن المشرع قد غاير في المعاملة بين رجال القضاء والنيابة والضباط وصف الضباط وبين غيرهم من موظفي الدولة فبينما حرم على الفريق الأول الترشيح لمجلس الأمة إلا بعد تقديم الاستقالة أباح لبقية الموظفين الاحتفاظ بالوظيفة حتى نجاحهم في الانتخابات بحيث لا يعتبر الموظف مختلياً نهائياً عن وظيفته إلا بالفصل في صحة عضويته للمجلس - فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في الإسناد حين طبق المادة الرابعة من القانون رقم 246 لسنة 1956 على المدعي حالة كونه ليس من بين عددتهم تلك المادة - ونظراً إلى أنه لم يكن في حاجة إلى تقديم الاستقالة لترشيح نفسه لمجلس الأمة وقد حصل قبل ذلك على الإجازات التي طلبها القيام بالدعاية الانتخابية اللازمة فإن تقديم استقالته بعد ذلك يكون منتجاً لكافة آثاره القانونية وقد قبلت هذه الاستقالة خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديمها فيكون القرار الصادر بقبوله قد صدر صحيحاً وحصيناً من الإلغاء.
ومن حيث إنه بجلسة 18 من فبراير سنة 1967 طلب الحاضر مع المدعي تأييد الحكم المطعون فيه ومن باب الاحتياط ضم المدة السابقة على تاريخ الاستقالة كما أورد بعد ذلك مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم بصفة أصلية برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبصفة احتياطية باستحقاق المدعي لأن تسحب في مدة خدمته المدة التي قضاها في الخدمة قبل استقالته وهي المدة من 2 يوليو سنة 1942 إلى 3 من فبراير سنة 1957 مع جميع الآثار المترتبة عليها سواء في الأقدمية وتحديد الماهية أو في المعاش وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وذكر أن استقالته لترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة تعتبر مشروطة الأمر الذي يؤدي إلى القطع بأن عدم قبول الترشيح أو عدم إجراء الانتخابات يجب أن يحول دون قبول الاستقالة لعدم تحقق الحكمة من تقديمها - بحيث إذا قبلت كان القرار الصادر بقبولها باطلاً بطلاناً يرقى إلى حد العدم فلا يتقيد الطعن عليه بميعاد الطعن بالإلغاء كما أن النزاع بين الموظف وبين الجهة الإدارية حول حقه في العودة إلى الوظيفة يعتبر من قبيل منازعات التسوية - وأضاف أن الطلب الاحتياطي الذي أبداه في جلسة المرافعة ليس طلباً جديداً بل هو بعض ما رفعت به الدعوى أصلاً إلى المحكمة الإدارية وأنه محق في طلب حساب مدة خدمته السابقة على الاستقالة لتوافر جميع الشروط التي نص عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 فطبيعة العمل والدرجة المالية قبل الاستقالة هي بعينها الدرجة المالية بعد إعادته إلى الخدمة كما أن مدة الخدمة حكومية تضم كلها وقد طلب حسابها فور عودته إلى الوظيفة حين التمس اعتبار الاستقالة كأن لم تكن واعتبار مدة خدمته متصلة.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن المدعي قد حصل على شهادة إتمام الدارسة الابتدائية في عام 1935 والتحق بالخدمة في 13 من يوليو سنة 1942 موظفاً بالدرجة التاسعة ورقى إلى الدرجة الثامنة الكادر الكتابي اعتباراً من 6 من ديسمبر سنة 1955 بمقتضى القرار رقم 35 الصادر من المدير العام لبلدية القاهرة في 9 من يناير سنة 1956 ثم في 5 من أغسطس سنة 1956 تقدم إلى قائد إدارة المرور بالقاهرة بطلب ذكر فيه أنه نظراً إلى أنه سيقوم بترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة عن دائرة بندر جرجا فإنه يرجو قبول استقالته من الخدمة ورفعها إلى الجهة المختصة للموافقة عليها ووافق المدير العام لبلديه القاهرة على قبول هذه الاستقالة في 11 من أغسطس سنة 1956 وانقطع المدعي عن العمل منذ ذلك التاريخ وفي 9 من سبتمبر سنة 1956 صدر القرار رقم 555 لسنة 1956 برفع اسمه من عداد موظفي إدارة المرور اعتباراً من 11 من أغسطس سنة 1956 وفي 25 من أكتوبر سنة 1956 تقدم المدعي بطلب ذكر فيه أنه سبق أن تقدم بطلب استقالة من الخدمة تمهيداً لترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة وأنه نظراً إلى أنه لم تظهر حتى ذلك التاريخ إجراءات الترشيح والانتخاب ولا يعلم متى ستتم فإنه يرجو الموافقة على إعادته إلى الخدمة بوضعه السابق. وفي 30 من يناير سنة 1957 أصدر المدير العام لبلدية القاهرة القرار رقم 99 لسنة 1957 بإعادة المدعي إلى عمله بنفس درجته السابقة ومرتبه وذلك اعتباراً من تاريخ مباشرته العمل - واستلم المدعي العمل في 4 من فبراير سنة 1957 - وفي 14 من مايو سنة 1957 تقدم بتظلم إلى قائد إدارة المرور اعترض فيه على قرار إعادته إلى العمل بوضعه الأول وذكر أن القرار رقم 555 لسنة 1956 الصادر برفع اسمه من عداد موظفي البلدية باطل ولا يترتب عليه أي أثر وطلب مخابرة البلدية لتصحيح هذا الوضع - وأجابت إدارة المستخدمين على هذا التظلم بكتابها المرسل إلى إدارة المرور في 4 من يونيو سنة 1957 بأنه لا يجوز اعتبار طلب الاستقالة كأن لم يكن - وفي 25 من يوليو سنة 1957 تقدم المدعي بتظلم آخر عقب فيه على عدم موافقة البلدية على طلبه الأول الخاص باعتبار تقديم استقالته كأن لم يكن. وطلب معاملته على هذا الأساس وذلك بصرف مرتبه من تاريخ طلب إعادته إلى الخدمة ومنحه العلاوة الدورية المستحقة له - ثم في 27 من مايو سنة 1959 تقدم المدعي بطلب التمس فيه اعتبار رجوعه إلى الخدمة استمراراً لوضعه السابق مع ما يترتب على ذلك من حقوق وفروق ثم في 11 من مارس سنة 1960 تقدم بطلب آخر ذكر فيه أنه فوجئ بأن البلدية اعتبرت إعادته تعييناً جديداً وأسقطت المدة السابقة وهي أربعة عشر عاماً من خدمته وأن في ذلك مخالفة للقرارات الصادرة بضم مدد الخدمة السابقة للموظفين - ثم أقام هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية في 29 من أكتوبر سنة 1960 طالباً الحكم باعتبار الاستقالة المقدمة منه كأن لم تكن وباعتبار مدة خدمته متصلة مع ما يترتب على ذلك من آثار مستنداً إلى أن قبول البلدية إعادته إلى الخدمة يستتبع حتماً ضم مدة خدمته السابقة واعتبار فترة الانقطاع لا وجود لها.
ومن حيث إنه لا شك في أن المدعي بتحديده طلباته على هذا الوجه قد استهدف أمرين:
الأول: اعتبار استقالته كأن لم تكن.
والثاني: ضم مدة خدمته السابقة على قبول الاستقالة.
ومن حيث إن طلب اعتبار الاستقالة كأن لم يكن لا يعدو في حقيقته أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها يتقيد بالمواعيد المقررة لإقامة دعاوى الإلغاء - وقد صدر هذا القرار في 11 من أغسطس سنة 1956 - ورغم أن المدعي قد انقطع عن عمله منذ ذلك التاريخ ثم أعيد بعد ذلك بناء على طلبه اعتباراً من 4 من فبراير سنة 1957 تاريخ استلامه العمل على أساس أن استقالته المقبولة قد أنتجت أثرها من حيث إنهاء خدمته بمجلس بلدي مدينة القاهرة - ورغم علمه اليقيني بذلك وتقدمه بعدة تظلمات في هذا الشأن كان أولها في 14 من مايو سنة 1957 فإنه لم يقم دعواه إلا بعد ذلك بمدة طويلة في 29 من أكتوبر سنة 1960 ولذلك تكون هذه الدعوى في شكلها الخاص باعتبار الاستقالة كأن لم تكن غير مقبولة شكلاً لإقامتها بعد الميعاد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن الدعوى ليست طعناً في القرار الصادر بقبول الاستقالة تأسيساً على أن المدعي قدم استقالة مستهدفاً الترشيح لانتخابات مجلس الأمة وأن الاستقالة لهذا السبب لا ترتب أثرها إلا إذا قام وصف المرشح بالموظف المستقيل - واستند في ذلك إلى المادة الرابعة من القانون رقم 246 لسنة 1956 بإصدار قانون عضوية مجلس الأمة التي تقضي بأنه (لا يجوز ترشيح رجال القضاء والنيابة وضباط البوليس قبل تقديم استقالاتهم من وظائفهم وتعتبر الاستقالة مقبولة من تاريخ تقديمها - كما لا يجوز ترشيح ضباط وصف ضباط القوات المسلحة قبل قبول استقالاتهم).
ومن حيث إن المدعي ليس من الموظفين المنصوص عليهم في المادة المذكورة فلم يكن ترشيحه لعضوية مجلس الأمة يتطلب تقدمه باستقالته أو قبول هذه الاستقالة وإنما كان يخضع لحكم المادة 23 من القانون رقم 246 لسنة 1956 المشار إليها تضمنت النص على أن الموظف الذي يصبح عضواً في مجلس الأمة عليه أن يتخلى مؤقتاً عن أعمال وظيفته ويعتبر متخلياً عنها نهائياً بمجرد الفصل في صحة عضويته بالمجلس - ومجرد إفصاح المدعي في استقالته عن الدافع له على تقديمها وهو رغبته في ترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة ليس من شأنه اعتبارها مقترنة بأي قيد أو شرط وإذ قبلها المدير العام لبلدية القاهرة بقراره الصادر في 11 من أغسطس سنة 1956 فإن طلب اعتبارها بعد ذلك كأن لم تكن هو بمثابة طلب إلغاء للقرار المذكور حسبما سبق البيان - وليس فيما استند إليه الحكم المطعون فيه ما يصلح أساساً لتكييف الطلب المذكور على غير هذا الوجه.
ومن حيث إن الدعوى قد انطوت على طلب آخر هو ضم مدة الخدمة السابقة وقد تضمنت المذكرة التي قدمها المدعي بدفاعه في هذا الطعن بياناً لهذا الطلب بقوله أن من حقه طلب حساب مدة خدمته السابقة على الاستقالة استناداً إلى ادعائه توافر جميع الشروط التي نص عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وإلى أن طبيعة العمل لم تتغير وإلى أنه أعيد إلى العمل في ذات الدرجة وطلب ضم تلك المدة عقب إعادته إلى وظيفته.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الطلبات التي تقدم بها المدعي عقب إعادته إلى الخدمة يبين أن أول طلب تضمن المطالبة بضم مدة خدمته السابقة هو طلبه المؤرخ في 27 من مايو سنة 1959، ثم ورد ذلك في طلبه المؤرخ في 11 من مارس سنة 1960 ثم في صحيفة دعواه.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة قد صدر في 20 من فبراير سنة 1958 ونشر في 3 من مارس سنة 1958 وتضمن النص في المادة الثانية منه على أن (مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة تحسب كاملة سواء أكانت متصلة أو منفصلة متى كانت قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها وفي نفس الكادر) كما نص في المادة الثالثة منه على أن (يشترط لحساب مدد العمل السابقة أن يتقدم الموظف بطلب ضمها مع تدعيم طلبه بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وألا سقط حقه في حساب هذه المدة..) - وأنه ولئن كان طلب المدعي ضم مدة خدمته السابقة قد قدم بعد الميعاد المحدد في هذه المادة إلا أنه في 5 من مارس سنة 1962 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962 متضمناً النص في مادته الأولى على أنه (يجوز لمن لم يطلب الانتفاع بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 المشار إليه في الموعد المحدد أن يطلب حساب مدد العمل السابقة بالتطبيق لتلك الأحكام ووفقاً للشروط والأوضاع الواردة به وذلك في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار وإلا سقط الحق في حساب هذه المدد) وبذلك فتح هذا القرار ميعاداً جديداً لطلب حساب مدد الخدمة السابقة ينتهي بانقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به - ولما كان المدعي قد أقام دعواه فعلاً قبل 5 من مارس سنة 1962 تاريخ صدور ونشر القرار المذكور - فإن هذه الدعوى فيما تضمنته من طلب ضم مدة خدمته السابقة على قبول استقالته تغنى عن تقديم طلب جديد بضم هذه المدة وتقوم مقامة ومن ثم يستفيد المدعي من الميعاد الجديد الذي فتحه القرار سالف الذكر وذلك مع مراعاة ما تقضي به المادة الثالثة من أنه لا يترتب على تطبيقه صرف فروق مالية عن الفترة السابقة لتاريخ العمل به.
ومن حيث إن مدة الخدمة السابقة التي يحق للمدعي طلب حسابها وفقاً لأحكام قراري رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 ورقم 942 لسنة 1962 هي التي قضاها قبل استقالته في درجة معادلة للدرجة التي أعيد تعيينه فيها وهي الدرجة الثامنة بالكادر الكتابي أي المدة من 6 من ديسمبر سنة 1955 تاريخ حصوله على الدرجة المذكورة إلى 10 من أغسطس سنة 1956 التاريخ السابق على قبول استقالته وذلك مع مراعاة حكم المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء قبول الاستقالة وبحساب مدة خدمة المدعي السابقة من 6 من ديسمبر سنة 1955 حتى 10 من أغسطس سنة 1956 في أقدمية الدرجة الثامنة وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه السابق بيانه ورفض ما عدا ذلك من طلبات وذلك مع إلزام محافظة القاهرة بالمصروفات المناسبة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء قبول الاستقالة وبحساب مدة خدمة المدعي السابقة من 6 من ديسمبر سنة 1955 حتى 10 من أغسطس سنة 1956 في أقدميته في الدرجة الثامنة بالتطبيق لقراري رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 ورقم 942 لسنة 1962 وما يترتب على ذلك من آثار ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت محافظة القاهرة بالمصروفات المناسبة.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 59 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

الجهة الإدارية ملزمة بقبول طلبات ترك الخدمة المقدمة طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية - أساس ذلك.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 142

(22)
جلسة 26 من نوفمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل - نائب رئيس مجلس الدولة والسادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر - المستشارين.

القضية رقم 533 لسنة 8 القضائية

( أ ) دعوى "دفع بعدم الاختصاص". حجية الأمر المقضي فيه - طلب التعويض المتفرع عن الطلب الأصلي الذي كيفته المحكمة بأنه طلب إلغاء - رفض المحكمة الطلب الأصلي بالإلغاء - لا تجوز العودة إلى إثارة مسألة الاختصاص بصدد طلب التعويض - الحكم الصادر في الطلب الأصلي بعدم القبول يكون قد قضى ضمناً باختصاص المحكمة بنظر طلب التعويض - هذا الحكم يحوز قوة الأمر المقضي في هذه الخصوصية.
(ب) دعوى "حكم - حجية الأمر المقضي فيه" - قضاء المحكمة الإدارية فيما يتعلق بطلب المدعي الخاص بتسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بعدم القبول شكلاً لرفعه بعد الميعاد - حجية هذا الحكم مقصورة على ما قضى به من الناحية الشكلية ومرتبطة بالتكييف الذي ذهب إليه بأن حقيقة طلب المدعي هو طلب إلغاء لا طلب تسوية - لا حجية لهذا الحكم بالنسبة لموضوع الطلب - هذا الحكم لا يحول دون أن يطلب المدعي التعويض العيني عما أصابه من ضرر ناتج عن امتناع الوزارة تسوية حالته.
(ج) موظف "استقالة تيسيرية" - الجهة الإدارية ملزمة بقبول طلبات ترك الخدمة المقدمة طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية - أساس ذلك.
1 - أن طلب التعويض في الخصوصية المعروضة يعتبر فرعاً للطلب الأصلي الذي قضت المحكمة الإدارية بأنه في حقيقته طلب إلغاء، إذ أن المدعي بعد أن أخفق في طلبه الأصلي الخاص بالحكم بتسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 لم يجد مناصاً من اللجوء إلى ذات المحكمة بطلب الحكم له بالتعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة امتناع الجهة الإدارية عن تطبيق القانون المذكور عليه - وهو ذات الطلب الذي سبق أن تقدم به على سبيل الاحتياط أثناء نظر دعواه ولم تفصل فيه المحكمة بسبب عدم سداد الرسم المستحق عنه والذي تبين فيما بعد للقلم المختص بمجلس الدولة أنه لا يستحق عنه رسم وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه "لا تجوز العودة إلى إثارة مسألة الاختصاص بصدد طلب التعويض، لأن الحكم الصادر في الطلب الأصلي إذ قضى بعدم قبول الطلب الأصلي شكلاً لرفعه بعد الميعاد يكون قد قضى ضمناً باختصاص المحكمة بنظر التعويض باعتباره فرعاً من الطلب الأصلي، ومن ثم يكون الحكم المذكور قد حاز في مسألة الاختصاص قوة الأمر المقضي وهو ما يقيد المحكمة في هذه المسألة عند نظر طلب التعويض، ذلك أن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في طلبات التعويض متفرع عن اختصاصه بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية والقاعدة في حجية الأمر المقضي هي أن الحكم في شيء هو حكم فيما يتفرع عنه".
2 - أن المحكمة الإدارية المطعون في حكمها ولئن كان قد سبق لها أن قضت بجلستها المنعقدة في 16 من أكتوبر سنة 1961 في الدعوى رقم 23 لسنة 8 القضائية فيما يتعلق بطلب المدعي الأصلي الخاص بتسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بعدم قبول هذا الطلب شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وكان المدعي لم يطعن في هذا الحكم فأصبح نهائياً ومن ثم حاز حجية الأمر المقضي، إلا أن هذه الحجية مقصورة فقط على ما قضى به الحكم في هذا الشأن من هذه الناحية الشكلية ومرتبطة بالتكييف الذي ذهب إليه ومحصورة في نطاق هذا التكييف - وذلك فيما لو صح قضاء المحكمة المذكورة بأحقية طلب المدعي هو طلب إلغاء قرار إداري لا طلب تسوية - ولا تجاوز حجية هذه الناحية الشكلية إلى موضوع الطلب المشار إليه ذاته، لأن المحكمة لم تتصد لهذا الموضوع من حيث مشروعية أو عدم مشروعية موقف الوزارة من عدم تسوية حالة المدعي طبقاً لأحكام القانون آنف الذكر، ولذلك فإن أثر هذه الحجية يقف عند حد التكييف الذي ارتبطت به ويتقيد بالنتيجة التي انتهى إليها الحكم على أساس هذا التكييف لا يتعداهما بحيث لا يحول دون طلب المدعي الحكم له بتعويضه عيناً بتسوية حالته طبقاً لأحكام القانون المذكور أو بتعويضه نقداً تعويضاً يجبر ما أصابه من ضرر ناتج عن رفض الوزارة تسوية حالته، طالما أن حقه في طلب التسوية أو التعويض لا يزال قائماً لم يسقط لأي سبب من الأسباب، وغنى عن البيان أن التصدي لطلب التعويض - مؤقتاً أو جابراً - يثير بالتبعية وبحكم اللزوم النظر في طلب التسوية، بحكم كون هذا الأخير هو الأصل الذي يتفرع عنه طلب التعويض، وأن الحكم به يجب الطلب الآخر ويغني عنه، فضلاً عن أن الأساس القانوني فيهما واحد، وهو مشروعية أو عدم مشروعية تصرف الوزارة برفض تسوية حالة المدعي على مقتضى أحكام القانون المشار إليه.
3 - إن قضاء هذه المحكمة قد جرى - في شأن تطبيق أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 - على أن الجهة الإدارية ملزمة بقبول طلبات ترك الخدمة المقدمة طبقاً للقانون المذكور من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية متى توفرت فيهم الشروط التي استلزمها هذا القانون دون أي قيد آخر لم يرد فيه، وأن الأمر في قبول أو رفض الطلبات التي تقدم من هؤلاء الموظفين ليس مرده إلى تقدير الجهة الإدارية ومحض اختيارها وإنما مرده في الحقيقة إلى أحكام القانون ذاته الذي رتب حقوقاً معينة لهذه الطائفة من الموظفين ذوي الدرجات الشخصية متعلقة بالمعاش، بحيث إذا ما توفرت فيهم الشروط التي نص عليها القانون سالف الذكر حقت لهم الإفادة من أحكامه، وحق على الجهة الإدارية تمكينهم من هذه الإفادة، وعلى ذلك فإن سلطتها في هذا الشأن إنما هي سلطة مقيدة بالقانون، فلا تملك أن تضيف في هذه الحالة حكماً أو قاعدة تنظيمية لا ترقى إلى مرتبة القانون على خلاف أحكامه، وقد استهدف المشرع أصلاً من إصدار هذا القانون معالجة مشكلة قدامى الموظفين، ووضع حد لتضخم الدرجات الشخصية والتخلص منها قدر المستطاع بقصد إلغائها، وعلى ذلك فليس ثمة وجه للتفرقة بسبب السن أو بدعوى مصلحة العمل ما بين فريق وآخر من شاغلي الدرجات الشخصية ما دام القانون لم يقض بهذه التفرقة ولا تقرها نصوصه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 23 لسنة 8 القضائية ضد وزارة الأشغال بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في 22 من أكتوبر سنة 1960 طالباً "الحكم بتسوية حالته على أساس إحالته إلى المعاش طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع حفظ كافة الحقوق الأخرى" وبجلسة 15 من مايو سنة 1961 عدل المدعي طلباته إلى الحكم (أصلياً) بالطلبات الواردة بعريضة دعواه (واحتياطياً) بالتعويض العيني وهو تسوية حالته طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 (ومن باب الاحتياط الكلي) بإلزام الوزارة المدعى عليها بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. وقال بياناً لدعواه أنه من مواليد 4 من مارس سنة 1901 وأنه يبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 4 من مارس سنة 1961، وقد تقدم بطلب الإحالة إلى المعاش مع ضم سنتين إلى مدة خدمته ومنحه علاوتين طبقاً للقانون 120 لسنة 1960، إلا أنه صدر قرار بحفظ طلبه وذلك بالمخالفة لأحكام هذا القانون، الذي هدفه الأساسي هو علاج مشكلة الموظفين المنسيين علاجاً شاملاً، وتعويضهم تعويضاً عادلاً إلى جانب الرغبة في التخلص من الدرجات الشخصية وتيسير اعتزال الخدمة لقدامى الموظفين ولم يقيد المشرع قبول الطلب بأي قيد أو شرط، وإذا كان سبب رفض طلبه هو أن المدة الباقية على بلوغه سن الإحالة إلى المعاش أقل من سنة فإن هذا الرفض يكون مخالفاً للقانون ولقصد الشارع وروح العدالة ومبدأ تكافؤ الفرص بالنسبة إلى طائفة واحدة من المواطنين إذ يترتب على ذلك خلق أوضاع شاذة بحيث يغدق المزايا على الموظف الأقل سناً ومرتباً ودرجة ويجعله يتقاضى معاشاً يزيد زيادة بالغة على معاش زميله الأكبر سناً والأطول خدمة، وواقع الأمر أن المشرع قد اشترط فقط حداً أدنى لسن طالب اعتزال الخدمة ولكنه سكت عن تحديد الحد الأقصى لهذه السن بل على العكس من ذلك أورد عبارة واضحة الدلالة على اتجاهه، وهي "حتى ولو تجاوز بهذا الضم سن الستين" دون التقيد بحد أعلى للسن، ولو أن المشرع قصد إلى وضع حد أعلى للسن لنص على ذلك صراحة. وقد أجابت وزارة الأشغال (مصلحة المساحة) عن الدعوى بمذكرتين قالت فيهما أن المدعي حاصل على شهادة الكفاءة في سنة 1924 وأنه عين في الدرجة الثامنة الفنية في 29 من نوفمبر سنة 1924 ورقي إلى الدرجة السابعة في أول مايو سنة 1946 وإلى الدرجة السادسة الفنية الشخصية في 7 من مارس سنة 1953، وإلى الدرجة الخامسة الفنية الشخصية في 2 من سبتمبر سنة 1956 وإلى الدرجة الرابعة الفنية الشخصية في 26 من مارس سنة 1960، وقد سبق له أن تقدم في 17 من مايو سنة 1960 بطلب لاعتزال الخدمة طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960، ولكن الوزارة أبلغت مصلحة المساحة التابع لها في 20 من مايو سنة 1960 أنه روئي أخيراً توحيداً للمعاملة بين جميع موظفي الوزارة في شأن تطبيق هذا القانون قصر الانتفاع بالترخيص الوارد به على الموظفين الذين يبلغون سن الإحالة إلى المعاش بعد سنة على الأقل من تاريخ تقديم الطلب، وطلبت الوزارة مراعاة عدم إرسال الطلبات التي تتعارض وهذه التعليمات. ولما كان المدعي من مواليد 4 من مارس سنة 1901 وكانت المدة الباقية له في الخدمة أقل من سنة من تاريخ تقديم الطلب حسب تعليمات الوزارة فقد تقرر حفظ طلبه وأخطر بذلك في 15 من يونيه سنة 1960 فتقدم بثلاث شكاوى إلى كل من مدير المصلحة ومفوض الوزارة ووزير الأشغال في 15 من يونيه سنة 1960 معترضاً على قرار حفظ طلبه إلا أن شكواه حفظت في 7 من يوليه سنة 1960، كما تقدم بتظلم آخر إلى مفوض الوزارة في 18 من أكتوبر سنة 1960، وبجلسة 16 من أكتوبر سنة 1961 قضت المحكمة الإدارية بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة للطلب الأصلي وألزمت المدعي المصروفات وقررت استبعاد الطلب الاحتياطي بالتعويض لعدم سداد الرسم عنه "وبنت قضاءها بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطلب الأصلي على أن الدعوى في حقيقتها هي دعوى إلغاء وليست دعوى تسوية، لأن قرارات إنهاء خدمة الموظف إنما هي قرارات إدارية تصدرها الإدارة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح، وأن إجابة المدعي إلى هذا الطلب لا تكون إلا بإلغاء القرار السلبي الصادر من جهة الإدارة بالامتناع عن تطبيق أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 في حقه وما يترتب على ذلك من آثار، إذ أن رفض السلطات الإدارية أو أن امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين أو اللوائح يعتبر في حكم القرارات الإدارية، والثابت من الأوراق أن المدعي تقدم في 17 من مايو سنة 1960 إلى مدير عام مصلحة المساحة بطلب اعتزاله الخدمة طبقاً للقانون المشار إليه فرفضت المصلحة طلبه وأبلغته بهذا الرفض في 15 من يونيه سنة 1960 فتقدم بثلاث تظلمات لوزير الأشغال ومدير المصلحة ومفوض الوزارة معترضاً فيها على رفض طلبه سالف الذكر وطلب إعادة النظر في قرار الرفض، وكان يتعين عليه طبقاً للمادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة أن يقيم دعواه بطلب إلغاء القرار المتظلم منه في ميعاد غايته 13 من أكتوبر سنة 1960 بيد أنه لم يقم دعواه إلا في 22 من أكتوبر سنة 1960 أي بعد فوات المواعيد القانونية، ومن ثم تكون الدعوى غير مقبولة شكلاً. وفي 27 من نوفمبر سنة 1961 تقدم المدعي للمحكمة بطلب جديد - بعد سداد الرسم المقرر - يلتمس فيه الحكم بإلزام الوزارة بأن تدفع له مبلغ مائة جنيه بصفة تعويض مؤقت مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وبجلسة 9 من ديسمبر سنة 1961 أجابته المحكمة إلى طلبه هذا بحكمها المطعون فيه، وأقامت قضاءها على أن شروط تطبيق القانون رقم 120 لسنة 1960 كانت متوفرة في حق المدعي عن تقديمه طلب اعتزاله الخدمة، ولذلك تكون الوزارة قد أخطأت بإصدارها قراراً سلبياً بالامتناع عن تطبيق أحكام القانون المذكور على حالته، وأن هذا الخطأ يترتب عليه ضرر لحق به يتمثل فيما فاته من ضم سنتين إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش ومنحه علاوتين من علاوات درجته مع حسابهما في معاشه مما أثر في مقدار هذا المعاش الأمر الذي يقتضي تعويضه عن هذا الضرر.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أن طلب ترك الخدمة المقدم بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 إنما هو في الواقع اعتزال للخدمة من نوع خاص، وتفصل فيه الجهة الإدارية بما لها من سلطة خولها إياها القانون في ضوء مقتضيات المصلحة العامة فلها أن تقبل هذا الطلب وترفضه وفقاً لهذه المقتضيات، وليس مؤدى توفر الشروط التي يتطلبها القانون في حق المطعون عليه أن تلتزم الإدارة بإجابة طلبه، وعلى ذلك فإذا رأت الجهة الإدارية رفض طلب السيد المذكور وأبلغته بذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب أي في الميعاد القانوني فإنها تكون قد استعملت حقها في الرفض وأفصحت عنه في حدود القانون، كما لم يثبت أنها قد تنكبت الجادة وتعيت في إصدار قرارها غير وجه المصلحة العامة، وبذلك يكون قرارها قد صدر صحيحاً مبرءاً من عيب الانحراف بالسلطة، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون حين أنحى عليها بالخطأ، وإذا ما انتفى ركن الخطأ فلا مسئولية على الإدارة مهما ترتب على قرارها من ضرر أصاب ذا الشأن. وقد دفعت الحكومة في مذكرتها الأخيرة بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر دعوى التعويض، وأقامت هذا الدفع على أن مناط اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بطلبات التعويض حسبما تنص على ذلك المادة 9 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة - هو وجود قرار من القرارات الإدارية المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة الثامنة من هذا القانون وفيما يتعلق بالموظفين العموميين هي قرارات التعيين والترقية والقرارات التأديبية وقرارات الإحالة إلى المعاش أو الاستيداع، ومعنى ذلك أن الخطأ المطلوب التعويض عنه يتعين أن يكون واقعاً في قرار إداري من القرارات المشار إليها، فإذا تحقق وجود مثل هذا القرار انعقد الاختصاص بدعوى التعويض للقضاء الإداري وإلا خرجت هذه الدعوى عن اختصاصه والخطأ المنسوب لجهة الإدارة والمطلوب التعويض عنه لا يتمثل في دعوى المطعون عليه في قرار إداري بل في تسوية معاشه بوصفه من أصحاب الدرجات الشخصية، وما تجريه جهة الإدارة في حقه من تصرفات بمناسبة اعتزال الخدمة بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 لا ينطبق عليه وصف القرار الإداري بل هو مجرد أعمال مادية تتعلق بتسوية يستمد فيها حقه مباشرة من القانون حسبما قضت بذلك المحكمة الإدارية العليا. وأضافت الحكومة أنه ولئن كان تقرير طعنها قد خلا من الدفع بعدم الاختصاص المشار إليه إلا أنه نظراً إلى كونه متعلقاً بولاية مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، كما أنه متعلق بالنظام العام فإنه يجوز لها إبداؤه في آية حالة تكون عليها الدعوى.
"أ" عن الدفع بعدم الاختصاص:
من حيث إن دفع الحكومة بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر دعوى المدعي بالتعويض المؤقت الذي أبدته في مذكرتها الأخيرة المقدمة لهذه المحكمة - يقوم على أن مناط الاختصاص بذلك أن يكون الخطأ المطلوب التعويض عنه ناشئاً عن قرار إداري من القرارات المنصوص عليها في المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة في حين أن التعويض الذي يطالب به المدعي ليس عن قرار إداري بل هو عن عدم تسوية معاشه على النحو الذي قضى به القانون رقم 120 لسنة 1960 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة.
ومن حيث إن المدعي أقام دعواه أصلاً أمام المحكمة الإدارية يطلب فيها الحكم بتسوية حالته على أساس إحالته إلى المعاش طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 المشار إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار، ثم عدل طلباته إلى الحكم (أصلياً) بالطلبات الواردة بعريضة دعواه (واحتياطياً) بالتعويض العيني وهو تسوية حالته طبقاً للقانون سالف الذكر (ومن باب الاحتياط الكلي) بإلزام الوزارة المدعى عليها بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت "ولكن المحكمة قضت بجلسة 16 من أكتوبر سنة 1961 بعدم قبول الطلب الأصلي شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وقررت استبعاد الطلب الاحتياطي بالتعويض لعدم سداد الرسم عنه، واستندت في عدم قبول الطلب الأصلي إلى أن هذا الطلب هو في حقيقته طلب إلغاء وليس تسوية حالة، تأسيساً على أن قرار إنهاء خدمة الموظف إنما هو من القرارات الإدارية التي تصدرها الإدارة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح، وأن إجابة المدعي إلى هذا الطلب لا تكون إلا بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تطبيق أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 في حقه وما يترتب على ذلك من آثار، وأن رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين أو اللوائح يعتبر في حكم القرارات الإدارية. وبناء على هذا تقدم المدعي للمحكمة بعد ذلك في 27 من نوفمبر سنة 1961 يطلب الحكم له - بما سبق أن طلبه احتياطياً من قبل - بإلزام الوزارة المدعى عليها بأن تدفع له مبلغ مائة جنيه بصفة تعويض مؤقت، وقد أجابته المحكمة إلى طلبه هذا بحكمها المطعون فيه الصادر بجلسة 9 من ديسمبر سنة 1961، على أساس أن الوزارة قد أخطأت بإصدارها قراراً سلبياً بالامتناع عن تطبيق أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 على حالته.
ومن حيث إنه يتبين مما تقدم أن طلب التعويض في الخصوصية المعروضة يعتبر فرعاً للطلب الأصلي الذي قضت المحكمة الإدارية بأنه في حقيقته طلب إلغاء، إذ أن المدعي بعد أن أخفق في طلبه الأصلي الخاص بالحكم بتسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 لم يجد مناصاً من اللجوء إلى ذات المحكمة بطلب الحكم له بالتعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة امتناع الجهة الإدارية عن تطبيق القانون المذكور عليه - وهو ذات الطلب الذي سبق أن تقدم به على سبيل الاحتياط أثناء نظر دعواه، ولم تفصل فيه المحكمة بسبب عدم سداد الرسم المستحق عنه والذي تبين فيما بعد للقلم المختص بمجلس الدولة أنه لا يستحق عنه رسم وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه "لا تجوز العودة إلى إثارة مسألة الاختصاص بصدد طلب التعويض، لأن الحكم الصادر في الطلب الأصلي إذ قضى بعدم قبول الطلب الأصلي شكلاً لرفعه بعد الميعاد يكون قد قضى ضمناً باختصاص المحكمة بنظر طلب التعويض باعتباره فرعاً عن الطلب الأصلي، ومن ثم يكون الحكم المذكور قد حاز في مسألة الاختصاص قوة الأمر المقضي وهو ما يقيد المحكمة في هذه المسألة عند نظر طلب التعويض، ذلك أن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في طلبات التعويض متفرع عن اختصاصه بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية، والقاعدة في حجية الأمر المقضي هي أن الحكم في شيء هو حكم فيما يتفرع عنه وعلى ذلك يكون الدفع بعدم الاختصاص - في خصوصية الدعوى الراهنة - في غير محله، ويتعين القضاء برفضه وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى.
"ب" عن الموضوع:
من حيث إنه يتعين بادئ ذي بدء تبيان أن المحكمة الإدارية المطعون في حكمها ولئن كان قد سبق لها أن قضت بجلستها المنعقدة في 16 من أكتوبر سنة 1961 في الدعوى رقم 23 لسنة 8 القضائية فيما يتعلق بطلب المدعي الأصلي الخاص بتسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 - بعدم قبول هذا الطلب شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وكان المدعي لم يطعن في هذا الحكم فأصبح نهائياً ومن ثم حاز حجية الأمر المقضي، إلا أن هذه الحجية مقصورة فقط على ما قضى به الحكم في هذا الشأن من هذه الناحية الشكلية ومرتبطة بالتكييف الذي ذهب إليه ومحصورة في نطاق هذا التكييف - وذلك فيما لو صح قضاء المحكمة المذكورة بأن حقيقة طلب المدعي هو طلب إلغاء قرار إداري لا طلب تسوية - ولا تجاوز حجية هذه الناحية الشكلية إلى موضوع الطلب المشار إليه ذاته، لأن المحكمة لم تتصد لهذا الموضوع من حيث مشروعية أو عدم مشروعية موقف الوزارة من عدم تسوية حالة المدعي طبقاً لأحكام القانون آنف الذكر، ولذلك فإن أثر هذه الحجية يقف عند حد التكييف الذي ارتبطت به ويتقيد بالنتيجة التي انتهى إليها الحكم على أساس هذا التكييف لا يتعداهما بحيث لا يحول دون طلب المدعي الحكم له بتعويض عيناً بتسوية حالته طبقاً لأحكام القانون المذكور أو بتعويضه نقداً تعويضاً يجبر ما أصابه من ضرر ناتج عن رفض الوزارة تسوية حالته، طالما أن حقه في طلب التسوية أو التعويض لا يزال قائماً لم يسقط لأي سبب من الأسباب، وغنى عن البيان أن التصدي لطلب التعويض - مؤقتاً كان أو جابراً - يثير بالتبعية وبحكم اللزوم النظر في طلب التسوية، بحكم كون هذا الأخير هو الأصل الذي يتفرع عنه طلب التعويض، وأن الحكم به يجب الطلب الآخر ويغني عنه، فضلاً عن أن الأساس القانوني فيهما واحد، وهو مشروعية أو عدم مشروعية تصرف الوزارة برفض تسوية حالة المدعي على مقتضى أحكام القانون المشار إليه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى - في شأن تطبيق أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 على أن الجهة الإدارية ملزمة بقبول طلبات ترك الخدمة المقدمة طبقاً للقانون المذكور من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية متى توفرت فيهم الشروط التي استلزمها هذا القانون دون أي قيد آخر لم يرد فيه، وأن الأمر في قبول أو رفض الطلبات التي تقدم من هؤلاء الموظفين ليس مرده إلى تقدير الجهة الإدارية ومحض اختيارها، وإنما مرده في الحقيقة إلى أحكام القانون ذاته الذي رتب حقوقاً معينة لهذه الطائفة من الموظفين ذوي الدرجات الشخصية متعلقة بالمعاش، بحيث إذا ما توفرت فيهم الشروط التي نص عليها القانون سالف الذكر حقت لهم الإفادة من أحكامه، وحق على الجهة الإدارية تمكينهم من هذه الإفادة، وعلى ذلك فإن سلطتها في هذا الشأن إنما هي سلطة مقيدة بالقانون، فلا تملك أن تضيف في هذه الحالة حكماً أو قاعدة تنظيمية لا ترقى إلى مرتبة القانون على خلاف أحكامه، وقد استهدف المشرع أصلاً من إصدار هذا القانون معالجة مشكلة قدامى الموظفين، ووضع حد لتضخم الدرجات الشخصية، والتخلص منها قدر المستطاع بقصد إلغائها، وعلى ذلك فليس ثمة وجه للتفرقة بسبب السن أو بدعوى مصلحة العمل ما بين فريق وآخر من شاغلي الدرجات الشخصية ما دام القانون لم يقض بهذه التفرقة ولا تقرها نصوصه.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حالة المدعي - من واقع ملف خدمته - أنه من مواليد 4 من مارس سنة 1901، وأنه حاصل على شهادة الكفاءة في عام 1924، والتحق بخدمة الحكومة في 29 من نوفمبر سنة 1924 في الدرجة الثامنة الفنية، وحصل على الدرجة السابعة الفنية في أول مايو سنة 1946، وعلى الدرجة السادسة الفنية الشخصية في 7 من مارس سنة 1953 وعلى الدرجة الخامسة الفنية الشخصية في 2 من سبتمبر سنة 1956، وعلى الدرجة الرابعة الفنية الشخصية في 26 من مارس سنة 1960، وأحيل إلى المعاش اعتباراً من 4 من مارس سنة 1961 التاريخ التالي لبلوغه سن الستين، ومن هذا يتضح أن المدعي كان وقت تقديم طلب اعتزاله الخدمة في 17 من مايو سنة 1960 - بالاستناد إلى أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 من ذوي الدرجات الشخصية، وإذ استوفى الشرائط المنصوص عليها في القانون المذكور فإنه تأسيساً على ما تقدم يكون محقاً في طلب تسوية حالته بالتطبيق لأحكامه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ولئن كان قد صدر في خصوص طلب المدعي القضاء له بالتعويض المؤقت تمهيداً للتعويض الجابر، إلا أن المدعي كانت نيته الحقيقية منصرفة أصلاً ودائماً إلى طلب الحكم له بتسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960، والمحكمة وهي بصدد الفصل في الدعوى الراهنة لها أن تحدد التكييف القانوني السليم للدعوى تتقصى طبيعة طلبات المدعي في ضوء فهم القاعدة القانونية التي يطلب تطبيقها في شأنه فترد تصوير الطلبات الحاصل في الدعوى إلى الفهم الصحيح لحكم القانون فيها غير متقيدة في ذلك بالتطبيق الذي اختاره المدعي أو المنحى الذي توخاه أو اضطر إليه في تكييف طلباته فتردها كما سلف القول - في ضوء النية الحقيقية له والتي قصد إليها أولاً وأخيراً من وراء طلباته بما اجتمع لديها من عناصر - إلى الفهم الصحيح لحكم القانون في هذه الطلبات في غايتها وإذ وضح مما تقدم ذكره - في بيان واقعة الدعوى وحكم القانون فيها - أن المدعي محق أصلاً، في طلب تسوية حالته على مقتضى أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960، وهو غاية ما يهدف إليه من دعواه - والدعوى على هذه الصورة أيضاً هي مما يختص القضاء الإداري بنظرها باعتبارها في الحقيقة دعوى تسوية تقوم على منازعة في معاش بعد إذ أحيل المدعي إلى المعاش في 4 من مارس سنة 1961، لم يسقط حقه فيها لأنه أقام دعواه الحالية في 27 من نوفمبر سنة 1961 - أي في الميعاد القانوني - فإنه كان يتعين تأسيساً على ما تقدم أن تقضي المحكمة باستحقاقه لتسوية حالته على وفق أحكام القانون المذكور وهي تسوية متكاملة بطبيعتها لا تتجزأ أو تتوقف بكونه قد طلب تعويضاً مؤقتاً، من باب الاحتياط الكلي، ما دام قد ثبت حقه فيها على نحو يجعل منها خير تعويض عيني جابر وفقاً لطلبه الاحتياطي في دعواه أصلاً، وإذ ذهبت المحكمة الإدارية في حكمها المطعون فيه مذهباً مغايراً، فإن هذا الحكم يقع والحالة هذه مخالفاً لمقتضى حكم القانون ويتعين لذلك إلغاؤه والقضاء باستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه برفض الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، وباختصاصه بنظرها، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 37 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

القانون رقم 120 لسنة 1960 - الهدف من إصداره - اعتزال الخدمة طبقاً له في حقيقته استقالة - ثمة اعتبارات من المصلحة العامة ترد على حق الموظف في اعتزال الخدمة طبقاً لهذا القانون. تعطيل استعمال هذا الحق بالنسبة إلى طائفة المهندسين.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 337

(45)
جلسة 24 من ديسمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر - المستشارين.

القضية رقم 1614 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف "انتهاء الخدمة. استقالة تيسيرية". مهندس.
القانون رقم 120 لسنة 1960 - الهدف من إصداره - اعتزال الخدمة طبقاً له في حقيقته استقالة - ثمة اعتبارات من المصلحة العامة ترد على حق الموظف في اعتزال الخدمة طبقاً لهذا القانون. تعطيل استعمال هذا الحق بالنسبة إلى طائفة المهندسين.
(ب) تكليف "تكليف المهندسين". موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة".
القانون رقم 296 لسنة 1956 بتكليف المهندسين - سريان مواده الثلاثة الأولى الخاصة بالتكليف على خريجي كليات الهندسة في الجامعات المصرية - لا يؤدي إلى عدم سريان حكم مادته الخامسة الخاصة بمنع الاستقالة على من يعد مهندساً بالتطبيق لأحكام قانون نقابة المهن الهندسية رقم 89 لسنة 1946 وإن لم يكن من خريجي كليات الهندسة في الجامعات المذكورة.
1 - أن القانون رقم 120 لسنة 1960 نص في مادته الأولى على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 يجوز لكل من بلغ سن الخامسة والخمسين من الموظفين أو يبلغها خلال الثلاثة شهور من تاريخ نفاذ هذا القانون طلب ترك الخدمة على أن يسوي معاشه على أساس ضم سنتين لمدة خدمته وحسابهما في المعاش حتى ولو تجاوز هذا الضم سن الستين على ألا تتجاوز مدة الخدمة المحسوبة في المعاش نتيجة لهذا الضم 37.5 سنة، وعلى أن يمنح علاوتين من علاوات درجته ولا تتجاوز بهما نهاية مربوط الدرجة" وإذا كان المشرع قد هدف أصلاً من إصدار هذا القانون إلى علاج وضع الموظفين الشاغلين درجات شخصية بإيجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية قدر المستطاع بما يجعل من المصلحة العامة إجابة هؤلاء إلى طلباتهم بترك الخدمة وفق الشروط والأوضاع التي نص عليها، إلا أن اعتزال الخدمة طبقاً للقانون المذكور لا يعدو أن يكون في حقيقته استقالة من الخدمة وإذا كان الأصل في الاستقالة أنها حق للموظف يباشره متى شاء إلا أن ثمة اعتبارات أخرى تتعلق بالمصلحة العامة ترد على استعمال هذا الحق لأن الموظف العام إنما يعمل في خدمة المجموع ومن أجل ذلك حرص المشرع عند تنظيم أوضاع الاستقالة وأحكامها على أن يوفق بين حرية الموظف في ترك العمل وبين حق الجماعة في الحصول على الخدمة التي يؤديها ضماناً لحسن سير المرافق العامة بانتظام وإطراد فجعل قبول الاستقالة رهيناً بمشيئة الجهة الإدارية التي لها أن ترفضها أو تقبلها صراحة أو ضمناً بتعبير إيجابي أو سلبي وأوجب على الموظف أن يستمر في عمله إلى أن يبلغ إليه قرار قبول الاستقالة أو إلى أن ينقضي الميعاد الذي تعتبر بمضيه مقبولة حكماً، بحيث لا تنتهي خدمة الموظف إلا عندئذ، وقد رأى لمصلحة عامة عليا بالنسبة إلى طائفة المهندسين تعطيل استعمال هذا الحق تعطيلاً نهائياً من شأنه عدم الاعتداد بالاستقالة التي يقدمها أفراد هذه الطائفة من موظفي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة من الدرجة الثالثة فما دونها واعتبر هذه الاستقالة كأن لم تكن سواء كانت صريحة أو ضمنية إذ نص في المادة الخامسة من القانون 296 لسنة 1956 على أن "يحظر على مهندسي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة من الدرجة الثالثة فما دونها الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم، ما لم تنته خدمتهم بأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه، وذلك فيما عدا الاستقالة سواء كانت صريحة أو ضمنية فإنها تعتبر كأن لم تكن" وقد أبرزت المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور الأسباب التي تبرر تقرير الحكم المتقدم إذ جاء بها "كان من آثار نهضتنا الإصلاحية أن زادت المشروعات الإنتاجية في البلاد زيادة كبيرة مضطردة مما استلزم زيادة عدد المهندسين لتنفيذ هذه المشروعات وقد لوحظ أن عدداً كبيراً منهم في الوزارات والهيئات الحكومية المختلفة قد رغبوا في التخلي عن وظائفهم مؤثرين العمل في المشروعات الخاصة والأعمال الحرة - ولما كان في ذلك تعرض المشروعات الحكومية لخطر التوقف وتعويق سير الجهاز الحكومي بوجه عام فقد صدر ناهياً مهندسي الوزارات والهيئات الحكومية من الدرجة الثالثة فما دونها عن الامتناع عن تأدية الأعمال التي يعهد إليهم بها، ولو كان ذلك عن طريق الاستقالة إلا إذا انتهت مدة خدمتهم ببلوغ السن القانونية أو لأسباب صحية يقرها القومسيون الطبي العام..." ويخلص مما تقدم أن مهندسي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة من الدرجة الثالثة فما دونها يحظر عليهم طلب ترك الخدمة عن طريق الاستقالة للحكمة التشريعية التي قام عليها القانون آنف الذكر سواء كان ذلك وفقاً لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 أو القانون رقم 120 لسنة 1960 الصادر بتعديل بعض هذه الأحكام بالاستثناء منها لتعارض ذلك مع أحكام القانون رقم 296 لسنة 1956.
2 - أن القانون رقم 296 لسنة 1956 قد تضمنت نصوصه أمرين أولهما تكليف المهندسين خريجي كليات الهندسة في الجامعات المصرية العمل بالوزارات والهيئات والمؤسسات العامة حسبما تدعو إليه حاجة العمل وهو ما نظمته المواد الثلاث الأولى من هذا القانون والثاني حظر الامتناع عن العمل ومنع الاستقالة من الخدمة ويسري هذا الحكم العام على جميع المهندسين من الدرجة الثالثة فما دونها بالجهات المشار إليها سواء منهم من تخرج في الجامعات المصرية أو في غيرها طالما أنهم يحملون لقب المهندس فضلاً عن أنه طبقاً للفقرة "ج" من المادة الثالثة من قانون نقابة المهن الهندسية رقم 89 لسنة 1946 يعد المهندس المساعد - مثل الحاصل على دبلوم الفنون والصناعات ودبلوم مدرسة الفنون الجميلة - مهندساً "إذا مارس مدة عشر سنوات على الأقل بعد تخرجه أعمالاً هندسية يعتبرها وزير الأشغال العمومية بعد أخذ رأي مجلس النقابة كافية لمنحه لقب مهندس".


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 22 من مايو سنة 1962 وقد تقدم المدعي في 12 من يوليه سنة 1962 - أي خلال ستين يوماً من تاريخ صدوره إلى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة الإدارية العليا بالطلب رقم 363 لسنة 8 القضائية لإعفائه من رسوم الطعن في هذا الحكم، فقررت اللجنة بجلستها المنعقدة في 28 من يوليه سنة 1962 قبول هذا الطلب وعليه أقام المدعي الطعن الحالي بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة في 25 من سبتمبر سنة 1962 أي في ميعاد الستين يوماً التالية - ومن ثم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص أثر طلب المساعدة القضائية القاطع لميعاد رفع الطعن أمامها.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أن المدعي أقام الدعوى رقم 819 لسنة 8 القضائية ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بالهيئة العامة لشئون السكك الحديدية في 10 من مايو سنة 1961 وذلك بناء على قرار إعفاء من الرسوم القضائية صادر له من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة بجلسة 8 من أبريل سنة 1961 في الطلب رقم 159 لسنة 8 القضائية المقدم منه في 10 من نوفمبر وطلب الحكم "بأحقيته في ترك الخدمة بالهيئة العامة لشئون السكك الحديدية وبتسوية معاشه على أساس ضم سنتين لمدة خدمته وحسابهما في المعاش على أن يمنح علاوتين من علاوات درجته وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقال بياناً لدعواه أنه قام بتقديم طلب إلى السيد مدير عام الهيئة المدعى عليها في 31 من يونيه سنة 1960 يلتمس فيه الموافقة على اعتزاله الخدمة بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة في الإقليم الجنوبي وبعرض الأمر على السيد المدير العام قرر في 4 من يوليه سنة 1960 أن العمل بالقانون المذكور قد انتهى بالنسبة إلى السكك الحديدية اعتباراً من 30 من يونيه سنة 1960، مع أن المدعي سبق أن قدم طلبه في 21 من يونيه سنة 1960، ولذلك فإن القرار المذكور يكون قد وقع مخالفاً للقانون وكان يتعين على الهيئة أن تجيبه إلى طلبه هذا ولكنها لم تفعل، الأمر الذي اضطره إلى إقامة دعواه الراهنة وقد ذكرت الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية في ردها على الدعوى أن طلبات اعتزال الخدمة المقدمة من الموظفين - ومنها طلب المدعي - قد وردت إليها يوم 7 من يوليه سنة 1960 وبعرض الموضوع على السيد المدير العام للهيئة قرر في 4 من يوليه سنة 1960 أنه قد "انتهى العمل بالقانون رقم 129 لسنة 1960 فيما يختص بالسكك الحديدية من 30 من يونيه سنة 1960 فلا محل للنظر الآن في طلبات الاستقالة التي تقدم على أساسه" وأضافت الهيئة أن المادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956 في شأن أوامر التكاليف للمهندسين المصريين خريجي الجامعات المصرية تنص على أن استقالات المهندسين من الدرجة الثالثة فما دونها سواء أكانت صريحة أم ضمنية تعتبر كأن لم تكن، وأن ديوان الموظفين قد أبدى في كتابه رقم 181/ 1/ 34 م المؤرخ 19 من يوليه سنة 1960 أنه لا يجوز قبول اعتزال الخدمة للمهندسين بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 لتعارض ذلك مع القانون رقم 296 لسنة 1956 المشار إليه. وانتهت الهيئة إلى طلب الحكم برفض الدعوى وبإلزام المدعي بالمصروفات. وبجلسة 22 من مايو سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية برفض الدعوى وبإلزام المدعي بالمصروفات، وبنت قضاءها على أن المشرع قد ترك للجهة الإدارية سلطة تقديرية في قبول أو رفض الطلبات التي يقدمها الموظفون باعتزال الخدمة والانتفاع بالمزايا التي قررها القانون رقم 120 لسنة 1960 وفقاً لمقتضيات الصالح العام بلا معقب عليها في ذلك ما دام قرارها قد جاء خالياً من إساءة استعمال السلطة ومن ثم فلا تثريب على الجهة الإدارية إن هي أعملت سلطتها التقديرية ورأت أن المصلحة العامة تقتضي عدم الموافقة على طلب المدعي اعتزاله الخدمة طبقاً لأحكام هذا القانون مستندة في ذلك سواء إلى أحكام القانون رقم 296 لسنة 1956 التي تحظر على مهندسي الوزارات والمؤسسات العامة الاستقالة أو إلى غير ذلك من الأسباب ما دام لم يقم دليل من الأوراق على أن الإدارة قد أساءت استعمال سلطتها في هذا الخصوص.
ومن حيث إن طعن المدعي يقوم على أنه قد اكتسب الحق في الإفادة من أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 طالما أنه تقدم إلى الهيئة العامة التابع لها بطلب اعتزاله الخدمة في 21 من يونيه سنة 1960 أي قبل أول يوليه سنة 1960 أو أنه يجب ألا يضار الموظف من تراخي الجهة الإدارية في عرض طلبه الذي لم يكن ثمة مانع قانوني من قبوله حتى بعد هذا التاريخ. وأضاف الطاعن أن نص المادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956 لا يسري في حقه لأنه ليس بمهندس، إذ يحمل دبلوم الفنون والصناعات ولذلك وضع بالكادر الفني المتوسط وهذا الدبلوم لا يخول صاحبه سوى الحصول على لقب مساعد مهندس، وإذ كانت بعض الجهات قد جرت على تلقيب حملة الدبلوم المذكور بمهندسين كتقدير أدبي فإنه ليس معنى ذلك اعتبارهم مهندسين وفق أحكام قانون المهن الهندسية هذا فضلاً عن أن القانون المشار إليه لا يطبق إلا في شأن المهندسين المصريين خريجي الجامعات المصرية وهم خريجو كليات الهندسة بالجامعات دون غيرهم وذلك حسبما أكدته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون، وواقع الأمر أن حملة دبلوم الفنون والصناعات ليسوا من خريجي الجامعات ولذلك لا تسري أحكام القانون المذكور في حالة الطاعن. أما من ناحية مقتضيات الصالح العام في مدى الحاجة إلى خدماته فإن السيد المفتش العام للهندسة الميكانيكية والكهربائية بالهيئة باعتباره الرئيس المسئول بل والمباشر له والذي يعلم تمام العلم مدى حاجة العمل إليه، قد وافق في 28 من يونيه سنة 1960 على طلب اعتزاله الخدمة، وطلب رفع الأمر إلى السيد المدير العام لإصدار القرار اللازم لإحالته إلى المعاش، ومن ثم يتبين أنه ما كان ثمة أي مانع يحول دون قبول طلب الطاعن سواء من الناحية الموضوعية أو القانونية بيد أن المسئولين لم يعرضوا الأمر على السيد المدير العام في حينه بل عرضوه عليه متأخراً في 4 من يوليه سنة 1960 فما كان منه إلا أن أصدر قراره المطعون فيه، بأن قد انتهى العمل بالقانون رقم 120 لسنة 1960 وأنه ولا محل إذن للنظر في طلبات الاستقالة التي تقدم على أساسه وعلى هذا فليس صحيحاً ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية في حكمها المطعون فيه من أن الجهة الإدارية التابع لها الطاعن قد أعملت سلطتها التقديرية فيما انتهت إليه من رفض طلبه وأن رائدها في ذلك كان الصالح العام.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المنازعة الراهنة إنما تنحصر الآن فيما إذا كان للمدعي الحق في الإفادة من أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 وما قرره من مزايا أم أنه يحول دون ذلك ما نصت عليه المادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956.
ومن حيث إن القانون 120 لسنة 1960 نص في مادته الأولى على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 يجوز لكل من بلغ سن الخامسة والخمسين من الموظفين أو يبلغها خلال الثلاثة شهور من تاريخ نفاذ هذا القانون طلب ترك الخدمة على أن يسوي معاشه على أساس ضم سنتين لمدة خدمته وحسابهما في المعاش حتى ولو تجاوز هذا الضم سن الستين على ألا تتجاوز مدة الخدمة المحسوبة في المعاش نتيجة لهذا الضم 37 سنة ونصف سنة، وعلى أن يمنح علاوتين من علاوات درجته ولا تتجاوز بهما نهاية مربوط الدرجة". وإذ كان المشرع قد هدف أصلاً من إصدار هذا القانون إلى علاج وضع الموظفين الشاغلين درجات شخصية بإيجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية قدر المستطاع بما يجعل من المصلحة العامة إجابة هؤلاء إلى طلباتهم بترك الخدمة وفق الشروط والأوضاع التي نص عليها، إلا أن اعتزال الخدمة طبقاً للقانون المذكور لا يعدو أن يكون في حقيقته استقالة من الخدمة وإذا كان الأصل في الاستقالة أنها حق للموظف يباشره متى شاء إلا أن ثمة اعتبارات أخرى تتعلق بالمصلحة العامة ترد على استعمال هذا الحق، لأن الموظف العام إنما يعمل في خدمة المجموع ولذلك حرص المشرع عند تنظيم أوضاع الاستقالة وأحكامها على أن يوفق بين حرية الموظف في ترك العمل وبين حق الجماعة في الحصول على الخدمة العامة التي يؤديها ضماناً لحسن سير المرافق العامة بانتظام وإطراد، فجعل قبول الاستقالة رهيناً بمشيئة الجهة الإدارية التي لها أن ترفضها أو تقبلها صراحة أو ضمناً بتعبير إيجابي أو سلبي وواجب على الموظف أن يستمر في عمله إلى أن يبلغ إليه قرار قبول الاستقالة أو إلى أن ينقضي الميعاد الذي تعتبر بمضيه مقبولة حكماً، بحيث لا تنتهي خدمة الموظف إلا عندئذ، وقد رأى لمصلحة عامة عليا - بالنسبة إلى طائفة المهندسين - تعطيل استعمال هذا الحق تعطيلاً نهائياً من شأنه عدم الاعتداد بالاستقالة التي يقدمها أفراد هذه الطائفة من موظفي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة من الدرجة الثالثة فما دونها واعتبر هذه الاستقالة كأن لم تكن سواء كانت صريحة أو ضمنية إذ نص في المادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956 على أن "يحظر على مهندسي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة من الدرجة الثالثة فما دونها الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم، ما لم تنته خدمتهم بأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه، وذلك فيما عدا الاستقالة سواء كانت صريحة أو ضمنية فإنها تعتبر كأن لم تكن" وقد أبرزت المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور الأسباب التي تبرر تقرير الحكم المتقدم إذ جاء بها: كان من آثار نهضتنا الإصلاحية أن زادت المشروعات الإنتاجية في البلاد زيادة كبيرة مطردة مما استلزم زيادة عدد المهندسين لتنفيذ هذه المشروعات وقد لوحظ أن عدداً كبيراً منهم في الوزارات والهيئات الحكومية المختلفة قد رغبوا في التخلي عن وظائفهم مؤثرين العمل في المشروعات الخاصة والأعمال الحرة - ولما كان في ذلك تعرض المشروعات الحكومية لخطر التوقف وتعويق سير الجهاز الحكومي بوجه عام فقد صدر ناهياً مهندسي الوزارات والهيئات الحكومية من الدرجة الثالثة فما دونها عن الامتناع عن تأدية الأعمال التي يعهد إليهم بها، ولو كان ذلك عن طريق الاستقالة إلا إذا انتهت مدة خدمتهم ببلوغ السن القانونية أو لأسباب صحية يقرها القومسيون الطبي العام..." ويخلص مما تقدم أن مهندسي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة من الدرجة الثالثة فما دونها يحظر عليهم طلب ترك الخدمة عن طريق تقديم الاستقالة للحكمة التشريعية التي قام عليها القانون آنف الذكر سواء كان ذلك وفقاً لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 أو القانون رقم 120 لسنة 1960 الصادر بتعديل بعض هذه الأحكام بالاستثناء منها لتعارض ذلك مع أحكام القانون رقم 296 لسنة 1956".
ومن حيث إنه يبين من استقراء أوراق ملف خدمة المدعي أنه حاصل على دبلوم مدرسة الفنون والصناعات في عام 1925 وأنه عين بوزارة الأشغال (مصلحة الورش الأميرية) في أول ديسمبر سنة 1925 في وظيفة مساعد فني في الدرجة السابعة الفنية المتوسطة ثم وقع عليه اختيار وزارة المعارف العمومية في عام 1926 لإيفاده في بعثة إلى انجلترا لحساب مصلحة السكك الحديدية وعند عودته من البعثة التحق بخدمة المصلحة المذكورة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1929 في وظيفة ملاحظ وابورات بقسم هندسة الوابورات ثم رقي إلى الدرجة الخامسة من 29 من يناير سنة 1949 وقد حصل على لقب مهندس في عام 1952 من نقابة المهن الهندسية، ومنح بدل التخصص المقرر للمهندسين اعتباراً من شهر يناير سنة 1952 (المرفق رقم 404 من ملف خدمته)، ثم رقي وهو مهندس صيانة بالهندسة الميكانيكية والكهربائية بالمصلحة - إلى الدرجة الرابعة الشخصية اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1953 وقد طلب السيد مفتش أقسام الصيانة والتشغيل التابع له المدعي - في 18 من يوليه سنة 1961 مد خدمته خمس سنوات تتجدد سنوياً نظراً للحاجة إلى خدماته لسابق خبرته في أعمال الأعطال والحوادث ولاسيما أن حالته الصحية تسمح بذلك، فلم توافق الهيئة على هذا المد اكتفاء ببقائه في الخدمة لمدة ثلاثة أشهر بعد بلوغه سن الستين لتسليم ما في عهدته.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن المدعي - وقت تقديمه طلب اعتزاله الخدمة في 21 من يونيه سنة 1960 - كان في عداد المهندسين الحاصلين على لقب مهندس بالتطبيق لأحكام قانون نقابة المهن الهندسية رقم 89 لسنة 1946 وهم الذين يسري في حقهم حكم المادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956 المشار إليه، ومن ثم يمتنع عليه قانوناً طلب الاستقالة من خدمة الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية ويعتبر الطلب المقدم منه في هذا الشأن في غير محله وكأن لم يكن وعلى ذلك فإن تصرف الهيئة بعدم قبول طلبه هذا يكون متفقاً مع الفهم الصحيح لحكم القانون.
ومن حيث إنه لا وجه لاحتجاج المدعي بعدم سريان حكم القانون رقم 296 لسنة 1956 على حالته، بمقولة أن هذا القانون وما تضمنه من أحكام إنما يسري فقط على خريجي الجامعات المصرية دون من سواهم في حين أنه خريج مدرسة الفنون والصناعات، وأن الدبلوم الحاصل عليه لا يمنحه سوى لقب مساعد مهندس - لا وجه لذلك إذ أن القانون المذكور قد تضمنت نصوصه أمرين أولهما تكليف المهندسين خريجي كليات الهندسة في الجامعات المصرية العمل بالوزارات والهيئات والمؤسسات العامة حسبما تدعو إليه حاجة العمل وهو ما نظمته المواد الثلاث من هذا القانون والثاني حظر الامتناع عن العمل ومنع الاستقالة من الخدمة ويسري هذا الحكم العام على جميع المهندسين من الدرجة الثالثة فما دونها بالجهات المشار إليها سواء منهم من تخرج في الجامعات المصرية أو في غيرها طالما أنهم يحملون لقب المهندس فضلاً عن أنه طبقاً للفقرة "ج" من المادة الثالثة من قانون نقابة المهن الهندسية رقم 89 لسنة 1946 يعد المهندس المساعد مثل الحاصل على دبلوم الفنون والصناعات ودبلوم مدرسة الفنون الجميلة - مهندساً "إذا مارس مدة عشر سنوات على الأقل بعد تخرجه أعمالاً هندسية يعتبرها وزير الأشغال العمومية بعد أخذ رأي مجلس النقابة كافية لمنحه لقب مهندس". والثابت أن المدعي قد حصل فعلاً على هذا اللقب في عام 1952 بالتطبيق لأحكام هذا القانون واعتباراً من هذا التاريخ أصبح داخلاً في عداد المهندسين الذين يسري عليهم حكم المادة الخامسة سالفة الذكر.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى المدعي، استناداً إلى ما تقضي به المادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956 يكون قد أصاب الحق وصادف الصواب فيما انتهى إليه وطبق القانون سليماً ومن ثم يكون طعن المدعي في هذا الحكم غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه وإلزام الطاعن بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بمصروفاته.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 72 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

تقديم الموظف طلباً بترقيته إلى الدرجة التالية طبقاً لقواعد الترقية التيسيرية التي تضمنها القانون 120 لسنة 1960 وإصدار قرار بإحالته إلى المعاش مع ضم سنتين إلى خدمته ومنحه علاوتين من علاوات الدرجة التي سيرقى إليها - استقالة مشروطة - عديمة الأثر قانوناً طبقاً للمادة 110 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 804

(108)
جلسة 14 من إبريل سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فتح الله بركات وسليمان محمود جاد المستشارين.

القضية رقم 347 لسنة 9 القضائية

( أ ) دعوى "قبول الدعوى". ميعاد الستين يوماً - ثبوت أن جهة الإدارة قد سلكت مسلكاً إيجابياً جدياً نحو بحث تظلم المدعي - مقتضاه حساب ميعاد رفع الدعوى من تاريخ إبلاغ المتظلم بقرارها الذي يتضمن موقفها النهائي [(1)].
(ب) موظف "استقالة" تقديم الموظف طلباً بترقيته إلى الدرجة التالية طبقاً لقواعد الترقية التيسيرية التي تضمنها القانون 120 لسنة 1960 وإصدار قرار بإحالته إلى المعاش مع ضم سنتين إلى خدمته ومنحه علاوتين من علاوات الدرجة التي سيرقى إليها - استقالة مشروطة - عديمة الأثر قانوناً طبقاً للمادة 110 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951.
(جـ) موظف "استقالة". القبول الضمني للاستقالة - لا يتحقق إلا بفوات المدة التي حددها القانون دون أن تصدر الإدارة قراراً صريحاً في الطلب - العبرة بتاريخ صدور القرار الإداري الذي يحدد موقف الإدارة من الطلب وليس بتاريخ إبلاغ هذا القرار إلى صاحب الشأن ذاته أو إلى الجهات التي يتبعها.
(د) موظف "استقالة". سلطة مقيدة وسلطة تقديرية. اختلاف سلطة الإدارة إزاء طلب اعتزال الخدمة طبقاً لأحكام القانون 120 لسنة 1960 الذي يقدمه شاغلو الدرجات الشخصية وذلك الذي يقدمه شاغلو الدرجات الأصلية.
1 - الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر في 2 من يوليه سنة 1960 وأن المدعي تظلم منه في 11 من يوليه سنة 1960، وبعد أن رأى السيد مفوض الوزارة في 6 من أغسطس سنة 1960، إجابة المتظلم إلى طلبه استطلعت المصلحة المدعى عليها رأي ديوان الموظفين الذي انتهى في 18 من نوفمبر سنة 1960 إلى عكس ما سبق أن ارتآه السيد المفوض ومن ثم فإنها تكون قد سلكت مسلكاً إيجابياً جدياً لبحث التظلم، ولم تبلغ المدعي بموقفها النهائي برفض تظلمه إلا في 13 من ديسمبر سنة 1960 وبناء عليه فإنه ينبغي حساب ميعاد رفع الدعوى من التاريخ المذكور فقط، وإذ أقيمت الدعوى في 31 من يناير سنة 1961 فإنها تكون مقبولة شكلاً لرفعها في الميعاد.
2 - إن الطلب الذي قدمه المدعي في 20 من إبريل سنة 1960 لإحالته إلى المعاش، كان طلباً مشروطاً بترقيته إلى الدرجة الخامسة طبقاً لقواعد المنسيين مع منحه علاوتين من علاوات الدرجة المرقى إليها، ومن ثم فإن هذا الطلب يكون عديم الأثر قانوناً طبقاً للمادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.
3 - لا حجة فيما يذهب إليه المدعي، مؤيداً بالحكم المطعون فيه، من أن طلبه ترك الخدمة قد اعتبر مقبولاً بقوة القانون بمضي ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه إياه دون إبلاغه برفض الجهة الإدارية له، إذ العبرة إنما هي بتاريخ صدور القرار الإداري الذي حدد موقف الإدارة من طلبه وكشف عن إرادتها القاطعة في عدم إجابته إليه، لا بتاريخ إبلاغ هذا القرار إلى صاحب الشأن ذاته أو إلى الجهات التي يتبعها.
4 - إن المشرع قد هدف من إصدار القانون رقم 120 لسنة 1960 إلى علاج وضع الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بإيجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية قدر المستطاع، وهذه الحكمة التشريعية تعبر بذاتها عن مصلحة عامة تقوم عليها قرينة قاطعة لا تحتمل إثبات العكس في تحقق هذه المصلحة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة، لما في ذلك من إلغاء لدرجاتهم الشخصية وينبني على هذا أنه يلزم قبول طلبات ترك الخدمة المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المشار إليه، متى توفرت الشروط المطلوبة في هذا القانون دون أي قيد آخر لم يرد فيه، إذ أن سلطة الإدارة في قبول أو رفض الطلبات المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام القانون سالف الذكر إنما هي سلطة مقيدة بالقانون فلا تملك الجهة الإدارية أن تضيف في هذه الحالة حكماً أو قاعدة تنظيمية لا ترقى إلى مرتبة القانون على خلاف أحكامه، أما بالنسبة إلى الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية فإن أمرهم يختلف، إذ أن قيام المصلحة العامة في تركهم الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 لا يزال أمراً متروكاً لتقدير السلطة الإدارية التي لها أن تضع من القواعد التنظيمية أو التعليمات والضوابط ما ترى اتباعه عند النظر في طلبات تركهم الخدمة بالاستناد إلى أحكام القانون المذكور، وهذه التفرقة سبق أن استشفتها هذه المحكمة من روح القانون وأهدافه التي استبانت من مذكرته التفسيرية، فإذا ما رأت السلطة الإدارية، وضع قاعدة تنظيمية من مقتضاها عدم قبول ترك الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية الذين تقل المدة الباقية لهم في الخدمة عن سنة، وقدرت في هذا تحقيق مصلحة عامة تبتغيها، فلا تثريب عليها في ذلك بالنسبة إلى هذه الفئة من الموظفين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1962 فإن ميعاد الطعن فيه ينتهي في يوم 27 من فبراير سنة 1963، إلا أنه لما كان هذا اليوم - قد صادف نهاية أيام عيد الفطر - وهو عطلة رسمية - فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل يليه وفقاً لحكم المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وإذ أودع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة في يوم 28 من فبراير سنة 1963، فإن الطعن يكون مرفوعاً في الميعاد، ويكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 375 لسنة 15 القضائية ضد وزارة الخزانة ومصلحة الضرائب بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 31 من يناير سنة 1961 وطلب الحكم: "بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإجابة الطالب إلى طلباته وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من رفض قبول طلب الإحالة إلى المعاش إعمالاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 والحكم بقبول ترك الطالب الخدمة على أن يسوى معاشه حتى ولو تجاوز بهذا الضم سن الستين، وعلى أن يمنح علاوتين من علاوات درجته، وإلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقد أوجز المدعي أسانيد دعواه في أنه عين في أول فبراير سنة 1926 في وظيفة كتابية بوزارة المالية ثم نقل إلى مصلحة الضرائب وظل بها إلى أن رقي إلى الدرجة السادسة الكتابية اعتباراً من 25 من إبريل سنة 1956. ولما كان يبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 20 من إبريل سنة 1961، فقد قدم طلباً إلى مدير عام رسوم الدمغة في 20 من إبريل سنة 1960 لترقيته إلى الدرجة الخامسة الكتابية طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 وكذا إحالته إلى المعاش مع ضم سنتين لمدة خدمته ومنحه علاوتين من علاوات الدرجة الأخيرة تطبيقاً لأحكام القانون سالفة الذكر، إلا أن مصلحة الضرائب رفضت الطلب الأول الخاص بترقيته وأغفلت الرد على الطلب الثاني الخاص بإحالته إلى المعاش. وقد قدم طلباً آخر في 5 من مايو سنة 1960 في هذا الشأن، غير أن هذا الطلب رفض بدوره بحجة أن القواعد التي وضعت لتنظيم اعتزال الخدمة طبقاً للقانون المتقدم ذكره لا تسمح بإجابة طلبه. فتظلم من قرار الرفض هذا في 11 من يوليه سنة 1960، وعلى الرغم من أن السيد/ مفوض الوزارة قد رأى إجابته إلى طلب الإحالة إلى المعاش فإنه أبلغ في 13 من ديسمبر سنة 1963 برفض تظلمه. وأضاف المدعي أنه لما كانت جميع شروط القانون رقم 120 لسنة 1960 متوفرة في حقه فإنه يكون على حق في طلباته. وقد دفعت الجهة الإدارية الدعوى بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظرها لأن المدعي من موظفي الكادر المتوسط، كما دفعت بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد لأن القرار المطعون فيه صدر في 2 من يوليه سنة 1960 وتظلم منه المدعي في 11 من يوليه سنة 1960، غير أنه لم يرفع دعواه إلا في 31 من يناير سنة 1961، وبالنسبة إلى موضوع الدعوى قالت إنه طبقاً للقواعد التي وضعت لتنظيم اعتزال الموظفين الخدمة في ظل القانون رقم 120 لسنة 1960، لا يجوز قبول استقالة المدعي لأن المدة الباقية له في الخدمة تقل عن سنة. وبجلسة 15 من نوفمبر سنة 1961 قضت محكمة القضاء الإداري "هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي": "بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية المختصة لوزارة الخزانة". وقد قيدت الدعوى بجدول المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة تحت رقم 185 لسنة 9 القضائية. وبجلسة 29 من ديسمبر سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية: أولاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً ثانياً: بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 2 من يوليه سنة 1960 فيما تضمنه من رفض طلب المدعي إحالته إلى المعاش طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960، وأحقية المدعي في المعاملة على مقتضى أحكام القانون المذكور وما يترتب على ذلك من آثار ثالثاً: إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد على أن الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر في 2 من يوليه سنة 1960 وأن المدعي تظلم منه في 11 من يوليه سنة 1960، وبعد أن رأى السيد/ مفوض الوزارة في 6 من أغسطس سنة 1960 إجابة المتظلم إلى طلبه استطلعت المصلحة المدعى عليها رأى ديون الموظفين الذي انتهى في 18 من نوفمبر سنة 1960 إلى عكس ما سبق أن ارتآه السيد/ المفوض، ومن ثم فإنها تكون قد سلكت مسلكاً إيجابياً جدياً لبحث التظلم، ولم تبلغ المدعي بموقفها النهائي برفض تظلمه إلا في 13 من ديسمبر سنة 1960 وبناء عليه فإنه ينبغي حساب ميعاد رفع الدعوى من التاريخ المذكور فقط، وإذ أقيمت الدعوى في 31 من يناير سنة 1961 فإنها تكون مقبولة شكلاً لرفعها في الميعاد، أما بالنسبة إلى الموضوع فإنه فضلاً عن أن القرار المطعون فيه صدر بعد انقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم المدعي طلب اعتزال الخدمة في 5 من مايو سنة 1960، أي بعد أن اعتبرت الاستقالة مقبولة قانوناً، فإن القرار المذكور صدر مستنداً إلى سبب مخالف للقانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، ذلك أن دعوى المطعون عليه غير مقبولة شكلاً، لأنه تظلم من القرار المطعون فيه في 11 من يوليه سنة 1960 ولكنه لم يرفع الدعوى إلا في 31 من يناير سنة 1961، وفيما يتعلق بموضوع الدعوى فإن الواضح من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 120 لسنة 1960، إن قبول الاستقالة أو رفضها أمر تترخص فيه جهة الإدارة في ضوء اعتبارات الصالح العام.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه في قضائه من رفض الدفع المبدى من الحكومة بعدم قبول الدعوى شكلاً وقبولها، وذلك للأسباب التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة.
ومن حيث إنه فيما يختص بالموضوع يبين من مطالعة الأوراق أن المدعي من مواليد 20 من إبريل سنة 1901، وأنه التحق بخدمة وزارة المالية باليومية في أول فبراير سنة 1926، ثم نقل إلى الدرجة التاسعة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1940 ورقي بعد ذلك إلى الدرجات التالية، وكانت آخر درجة رقي إليها هي الدرجة السادسة الكتابية الأصلية في 25 من إبريل سنة 1956 وبلغ مرتبه 20 جنيهاً في الشهر. وفي 20 من إبريل سنة 1960 قدم إلى مدير عام رسوم الدمغة طلباً، أشار فيه إلى أنه في 26 من مارس سنة 1960 صدر قرار جمهوري في شأن ترقية الموظفين المنسيين وتيسير خروجهم على المعاش، وأضاف أنه قد أمضى أكثر من 31 سنة في أربع درجات وأربع سنوات في الدرجة الأخيرة (السادسة)، وانتهى إلى طلب ترقيته إلى الدرجة الخامسة وإصدار قرار بإحالته إلى المعاش مع ضم سنتين إلى مدة خدمته ومنحه علاوتين من علاوات الدرجة الأخيرة (التي سيرقى إليها). ثم في 5 من مايو سنة 1960 قدم طلباً آخر لإحالته إلى المعاش مع ضم علاوتين من علاوات الدرجة الحالية، وقد تأشر على هذا الطلب في 21 من مايو سنة 1960 بحفظه، حيث إن السيد/ وزير الخزانة سبق أن أشر على الطلبات المماثلة بأن القواعد التي وضعت لتنظيم اعتزال الخدمة في ظل القانون رقم 120 لسنة 1960 هي ألا تقل المدة الباقية لبلوغ سن الستين عن سنة، الأمر المتحقق في حالة المدعي، فعاد المذكور وقدم طلباً ثالثاً في 16 من يونيه سنة 1960 وقد تأشر على هذا الطلب أيضاً بالحفظ في 2 من يوليه سنة 1960 للسبب ذاته فتظلم من رفض طلبه هذا في 11 من يونيه سنة 1960، وفي 13 من ديسمبر سنة 1960 أبلغ برفض تظلمه فأقام دعواه الراهنة في 13 من يناير سنة 1961، وقد أحيل إلى المعاش اعتباراً من 20 من إبريل سنة 1961.
ومن حيث إن الواضح مما سلف إيراده، أن الطلب الذي قدمه المدعي في 20 من إبريل سنة 1960 لإحالته إلى المعاش، كان طلباً مشروطاً بترقيته إلى الدرجة الخامسة طبقاً لقواعد المنسيين مع منحه علاوتين من علاوات الدرجة المرقى إليها، ومن ثم فإن هذا الطلب يكون عديم الأثر قانوناً طبقاً للمادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، ويكون الطلب المعتبر في نظر القانون هو الطلب الذي قدمه المدعي في 5 من مايو سنة 1960 بترك الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بتعديل أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 المتقدم ذكره، وقد رفض هذا الطلب في 21 من مايو سنة 1960 لافتقاد مقدمه الشرط الزمني الذي تضمنته القاعدة التنظيمية العامة الصادرة من السيد/ وزير الخزانة بما له من سلطة في هذا الشأن، ومن ثم لا حجة فيما يذهب إليه المدعي، مؤيداً بالحكم المطعون فيه، من أن طلبه ترك الخدمة قد اعتبر مقبولاً بقوة القانون بمضي ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه إياه دون إبلاغه برفض الجهة الإدارية له، إذ العبرة إنما هي بتاريخ صدور القرار الإداري الذي حدد موقف الإدارة من طلبه وكشف عن إرادتها القاطعة في عدم إجابته إليه، لا بتاريخ إبلاغ هذا القرار إلى صاحب الشأن ذاته أو إلى الجهات التي يتبعها.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت أن المشرع قد هدف من إصدار القانون رقم 120 لسنة 1960 إلى علاج وضع الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بإيجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية قدر المستطاع، وهذه الحكمة التشريعية تعبر بذاتها عن مصلحة عامة تقوم عليها قرينة قاطعة لا تحتمل إثبات العكس في تحقق هذه المصلحة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة، لما في ذلك من إلغاء لدرجاتهم الشخصية. وينبني على هذا أنه يلزم قبول طلبات ترك الخدمة من الموظفين الشاغلين لدرجاتهم الشخصية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المشار إليه، متى توفرت الشروط المطلوبة في هذا القانون دون أي قيد آخر لم يرد فيه، إذ أن سلطة الإدارة في قبول أو رفض الطلبات المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام القانون سالف الذكر إنما هي سلطة مقيدة بالقانون فلا تملك الجهة الإدارية أن تضيف في هذه الحالة حكماً أو قاعدة تنظيمية لا ترقى إلى مرتبة القانون على خلاف أحكامه، أما بالنسبة إلى الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية فإن أمرهم يختلف، إذ أن قيام المصلحة العامة في تركهم الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 لا يزال أمراً متروكاً لتقدير السلطة الإدارية التي لها أن تضع من القواعد التنظيمية أو التعليمات والضوابط ما ترى اتباعه عند النظر في طلبات تركهم الخدمة بالاستناد إلى أحكام القانون المذكور، وهذه التفرقة سبق أن استشفتها هذه المحكمة من روح القانون وأهدافه التي استبانت من مذكراته التفسيرية، فإذا ما رأت السلطة الإدارية وضع قاعدة تنظيمية من مقتضاها عدم قبول ترك الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية الذين تقل المدة الباقية لهم في الخدمة عن سنة، وقدرت في هذا تحقيق مصلحة عامة تبتغيها، فلا تثريب عليها في ذلك بالنسبة إلى هذه الفئة من الموظفين.
ومن حيث إن المدعي كان يشغل الدرجة السادسة الأصلية، وهو مولود في 20 من إبريل سنة 1901 وقد بلغ سن الإحالة إلى المعاش في 20 من إبريل سنة 1961 ومن ثم فقد كانت المدة الباقية له في الخدمة وقت تقديمه طلب ترك الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المتقدم ذكره في 5 من مايو سنة 1960، تقل عن مدة السنة التي قررت القاعدة التنظيمية العامة الصادرة من وزير الخزانة بما له من سلطة في هذا المجال، جعلها حداً أدنى لقبول طلبات ترك الخدمة المقدمة استناداً إلى أحكام القانون سالف الذكر، ومن ثم فإن رفض طلب المدعي المشار إليه، يكون سليماً ومطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، تكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه، إذ أخذ بغير هذا النظر، قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.


[()] قارن حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 29/ 11/ 1958 المنشور بمجموعة السنة الرابعة بند 22 صفحة 266.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 39 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

اعتبار انقطاع الموظف عن العمل، بغير إذن وبدون تقديم أعذار مقبولة، لمدة خمسة عشر يوماً متتالية في حكم الاستقالة - يجوز لجهة الإدارة اعتبار غيابه مخالفة إدارية تستوجب مجازاته وفي هذه الحالة لا يجوز اعتباره مستقيلاً.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1968 إلى منتصف فبراير سنة 1969) - صـ 300

(39)
جلسة 25 من يناير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين محمد السعيد المستشارين.

القضية رقم 680 لسنة 13 القضائية

موظف "إنهاء خدمة. أسبابها". "الاستقالة".
اعتبار انقطاع الموظف عن العمل، بغير إذن وبدون تقديم أعذار مقبولة، لمدة خمسة عشر يوماً متتالية في حكم الاستقالة - يجوز لجهة الإدارة اعتبار غيابه مخالفة إدارية تستوجب مجازاته وفي هذه الحالة لا يجوز اعتباره مستقيلاً.
إن لجهة الإدارة إذا ما انقطع العامل عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولم يقدم أعذاراً مقبولة خلال الخمسة عشر يوماً التالية إما أن تفصله من العمل ويقوم الفصل في هذه الحالة على قرينة قانونية هي اعتباره مستقيلاً، وإما أن تتخذ ضده الإجراءات التأديبية باعتبار أن غيابه بدون إذن يشكل مخالفة إدارية تستوجب مجازاته وفي هذه الحالة الأخيرة لا يجوز اعتباره مستقيلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي، السيد/ عبد الحكيم عبد السلام أحمد، أقام الدعوى رقم 2891 لسنة 19 القضائية ضد وزارة الري وتفتيش عام ضبط النيل بصحيفة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري "هيئة الجزاءات والفصل بغير الطريق التأديبي" في 31 من مايو سنة 1965 طالباً الحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم 438 لسنة 1964 الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1964 بإنهاء خدمته اعتباراً من أول أغسطس سنة 1964 وما يترتب على ذلك من آثار بإعادته إلى عمله وصرف مرتبه عن المدة التي لم يصرف له فيها حتى تاريخ عودته. وقال - شرحاً لدعواه - إن القرار المطعون فيه صدر ناسباً له أنه انقطع عن العمل أكثر من المدة القانونية مع أن هذا يخالف الواقع إذ أنه كان موجوداً فعلاً بالعمل في التواريخ المقول بغيابه فيها وقد صرف مرتبه بالكامل عن شهر أغسطس سنة 1964 الذي أسند إليه الغياب فيه. واستشهد على حضوره ببعض زملائه الموظفين. وأن الإدارة لم تجر معه أي تحقيق، بل فصلته جزاء مشادة وقعت بينه وبين السيد المفتش العام، دون اتباع لما جاء بالنشرة الشهرية لديوان الموظفين رقم 10 لسنة 1957 - من أنه لا يمكن افتراض أن العامل أراد هجر العمل إلا بتحقق شرطين: الأول أن يتغيب بدون إذن والثاني ألا يثبت ما يقنع رئيسه أن غيابه كان بسبب قوة قاهرة، وأرجع المدعي سبب فصله إلى وجود منافسة بينه وبين رئيس شئون العاملين لكونه أعلى منه درجة وأكثر منه أقدمية. وقد استدعاه السيد المفتش العام ذات مرة ونهره بلفظ ناب وطلب من رئيس شئون العاملين قيده غائباً.. ومضى المدعي يقول إنه لا يوقع على ساعة الحضور منذ ثلاث سنوات أسوة بزملائه اكتفاء بحضوره. فضلاً عن أنه رئيس قلم وهو بهذه المثابة معفى من التوقيع كما أنه رقي في شهر يوليه سنة 1964 إلى الدرجة الخامسة بتوصية من التفتيش وبتقارير سرية جيدة. ثم فصل اعتباراً من الشهر التالي للترقية ولم يعلم بالقرار المطعون فيه إلا في 7 من أكتوبر سنة 1964 وتظلم منه في 10 من ذات الشهر ولم يتلق رداً على تظلمه فأقام هذه الدعوى.
ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي لم يجر معه أي تحقيق قبل إصدار القرار المطعون فيه لأنه كان متغيباً الأمر الذي أدى إلى إخطار النيابة الإدارية ووزارة الري بانقطاعاته خلال شهور يونيه ويوليه سنة 1964 وذلك بكتابي التفتيش رقمي 11، 12 سري في 9 من سبتمبر سنة 1964 فاعتبرته الوزارة مستقيلاً بقوة القانون تطبيقاً للمادتين 49 و81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 وأن سبب صرف مرتبه عن شهر يوليه سنة 1964 فلأن التفتيش لا يملك إيقاف صرف مرتبه إلا بعد إخطار الوزارة وموافقتها على ذلك. وأن ما يذكره المدعي من منافسة بينه وبين رئيس شئون العاملين فإنه ادعاء لا يستند إلى أي دليل خاصة وأنه موظف كتابي والسيد رئيس شئون العاملين بالكادر العالي. وأضافت الجهة الإدارية أن بملف خدمة المدعي مذكرة مؤرخة في 13 من نوفمبر سنة 1963 تضمنت أنه لا يحترم مواعيد الحضور والانصراف وأنه متغيب بصفة مستمرة وأنه لا يصلح إطلاقاً للعمل وأنه صدر في 23 من ذات الشهر أمر مكتبي بإلحاقه بقسم شئون العمال وعليه القيام بإنشاء وتنظيم واستيفاء سجلات القسم خاصة سجلات المجندين والمحالين إلى المعاش والنقل والإعارة إلا أنه لم يقم بأي عمل من هذه الأعمال لتغيبه المستمر. وأنه لم يصدر أي أمر باعتباره رئيساً لقسم أو قلم، هذا فضلاً عن أن ملف خدمته حافل بالجزاءات لتلاعبه وكثرة غيابه واستهتاره بالعمل. وأنه يؤيد ذلك ما جاء بقضية النيابة الإدارية رقم 16 لسنة 1959 من كثرة انقطاعه عن العمل بدون إذن سابق وعدم تخصيصه وقت العمل الرسمي لأداء واجبات وظيفته وقد جوزي عن ذلك بالخصم من المرتب مع إنذاره. كما أنه قد أحيل إلى مجلس التأديب في القضية رقم 37 لسنة 1962 وجوزي بخصم شهر من راتبه لما ثبت من مخالفته قانون التوظف الذي حظر اشتغال الموظفين بالأعمال التجارية بأن قدم نفسه مقاولاً لدى مصلحة الطرق والكباري ورست عليه عمليتان من مقاولاتها قام بتنفيذهما مما أدى إلى كثرة انقطاعه عن العمل بدون إذن.
وبجلسة 22 من فبراير سنة 1967 قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار وبإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أن تفتيش ضبط النيل أخطر النيابة الإدارية بكتابه السري رقم 11 في 9 من سبتمبر سنة 1964 بأن المدعي دأب على الانقطاع عن العمل دون الحصول على إذن سابق، فضلاً عن انصرافه دون إذن كذلك في الأيام التي يتواجد فيها كما تغيب طوال شهر أغسطس سنة 1964 وما زال منقطعاً حتى تاريخ ذلك الكتاب وطلب من النيابة الإدارية اتخاذ اللازم، الأمر الذي ترتب عليه قيامها بالتحقيق اعتباراً من 28 من سبتمبر سنة 1964. وبعد إرسال الكتاب المذكور للنيابة الإدارية صدر القرار المطعون فيه في 26 من ذات الشهر باعتبار خدمة المدعي منتهية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1964 لانقطاعه عن العمل أكثر من المدة القانونية استناداً إلى المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 وقد نصت الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أنه لا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لتركه العمل.. وطبقاً لهذه الفقرة لا يجوز اعتبار المدعي مستقيلاً طالما أن الجهة الإدارية قد طلبت من النيابة الإدارية إجراء التحقيق معه توطئة لاتخاذ الإجراءات التأديبية ضده ومن ثم فقد جاء القرار المطعون فيه في سببه مخالفاً للقانون.
طعنت الحكومة في الحكم المذكور بصحيفة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة في 23 من إبريل سنة 1967 طالبة القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وبنت طعنها على أنه لا وجه لانطباق الفقرة الأخيرة من المادة 81 سالفة الذكر للأسباب الآتية:
أولاً: إن الخطاب الموجه من تفتيش ضبط النيل للنيابة الإدارية في 9 من سبتمبر سنة 1964 لا يعتبر إجراء تأديبياً، ذلك أن التفتيش المذكور أرسل في نفس الوقت وذات اليوم كتاباً آخر للسيد وكيل وزارة الري ببيان حالة المطعون ضده وتغيبه عن العمل أكثر من المدة القانونية. فالتفتيش بذلك عرض الموضوع على الجهتين. وهو، في نهاية الأمر لم يكن يملك أن يقرر إنهاء خدمة المذكور ولا مجازاته تأديبياً لأن ذلك لا بد وأن يكون بقرار من السيد وكيل الوزارة والسيد رئيس المصلحة وقد رأى السيد وكيل الوزارة بمجرد رفع الأمر إليه إنهاء خدمته استناداً إلى القانون ولم يعزز اتخاذ أي إجراء تأديبي ضده.
ثانياً: إن الإجراء التأديبي المانع من اعتبار الموظف مستقيلاً هو ذلك الذي يجب المخالفة وتستنفد به جهة الإدارة سلطتها في العقاب باعتبار أن الغياب بدون إذن يعتبر في ذاته مخالفة والتفتيش لم يتخذ ضد المطعون ضده أي إجراء من هذا النوع لأنه لم يفعل أكثر من الإخطار بالواقعة للجهتين حيث رأت السلطة الإدارية العليا الممثلة في السيد وكيل الوزارة إنهاء الخدمة استناداً إلى نص القانون ولم تشر باتخاذ أي إجراء تأديبي.
ثالثاً: ليس المقصود بالفقرة الأخيرة من المادة 81 أن تكون سلاحاً في يد الموظف يدفع به في مواجهة جهة الإدارة، بل المقصود بها احتياط ارتآه القانون ضرورياً حتى يواجه به حالات الانقطاع المعتمدة من جانب العاملين. فالقيد هنا ليس لصالح العامل بل مقرر ضده ومقصود به تفويت غرضه السيئ إذا كان يتعمد الغياب فعلاً حتى يعتبر مستقيلاً.
قدمت الحكومة حافظة مستندات أرفقت بها صوراً من الأوامر والمنشورات التي تنظم مواعيد الحضور والانصراف للعاملين بتفتيش عام ضبط النيل.
ومن حيث إن المادة 81 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 نصت على أنه: "يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالتين الآتيتين:
1 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب إجازة مرخص بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفي هذه الحالة يجوز لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة، كل في دائرة اختصاصه، أن يقرر عدم حرمانه من مرتبه عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من الإجازات يسمح بذلك وإلا وجب حرمانه من المرتب عن هذه المدة فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2 - إذا التحق بالخدمة في حكومة أجنبية.
ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لتركه العمل أو لالتحاقه بالخدمة في حكومة أجنبية".
ومؤدى هذه المادة أن لجهة الإدارة إذا ما انقطع العامل عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولم يقدم أعذاراً مقبولة خلال الخمسة عشر يوماً التالية إما أن تفصله من العمل ويقوم الفصل في هذه الحالة على قرينة قانونية هي اعتباره مستقيلاً، وإما أن تتخذ ضده الإجراءات التأديبية باعتبار أن غيابه بدون إذن يشكل مخالفة إدارية تستوجب مجازاته وفي هذه الحالة الأخيرة لا يجوز اعتباره مستقيلاً.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي دأب على الانقطاع عن عمله دون الحصول على إذن سابق فتوالت عليه الجزاءات لهذا السبب، إلا أنه مع ذلك لم يرتدع وقام بالتغيب عن عمله بدون إذن مدة 22 يوماً متفرقة خلال شهر يونيه سنة 1964 ومدة 18 يوماً متفرقة خلال شهر يوليه سنة 1964 ثم غاب طوال شهر أغسطس سنة 1964 مما أدى إلى قيام تفتيش ضبط النيل، الذي كان يعمل به المدعي، إلى إخطار السيد وكيل وزارة الري في 9 من سبتمبر سنة 1964 بحالة المدعي سالفة الذكر طالباً تطبيق المادة 81 من القانون المنوه عنها على سيادته. وفي 26 من سبتمبر سنة 1964 أصدر السيد وكيل الوزارة قراره بإنهاء خدمته اعتباراً من أول أغسطس سنة 1964 لانقطاعه عن العمل أكثر من المدة القانونية مع حرمانه من المرتب اعتباراً من التاريخ المذكور حتى تاريخ صدور قرار إنهاء الخدمة وأخطر تفتيش ضبط النيل بذلك الذي قام بدوره بإخطار النيابة الإدارية ولم تكن النيابة الإدارية في ذلك الوقت قد بدأت في سماع أقوال المدعي إذ أنها لم تبدأ في ذلك إلا في 29 من أكتوبر سنة 1964.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن المدعي قد انقطع عن عمله بغير إذن طوال شهر أغسطس سنة 1964 وغير ثابت أنه قدم أعذاراً لغيابه عقب الخمسة عشر يوماً الأولى ومن ثم يكون القرار المطعون فيه الصادر من السيد وكيل وزارة الري في 26 من سبتمبر سنة 1964 بإنهاء خدمته اعتباراً من أول أغسطس سنة 1964 مع حرمانه من مرتبه اعتباراً من التاريخ المذكور قد جاء سليماً وتطبيقاً صحيحاً للفقرة الأولى من المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 سالفة الذكر. ولا مجال لإعمال الفقرة الأخيرة من هذه المادة لأن الكتاب الصادر من تفتيش ضبط النيل إلى النيابة الإدارية في 9 سبتمبر سنة 1964 لا يعتبر إجراء تأديبياً في مفهوم المادة المذكورة لأن التفتيش لم يقصد بكتابه المشار إليه للنيابة الإدارية اتخاذ إجراء تأديبي، بل إنه إنما قصد مجرد إخطارها بالموضوع وبأنه قد أخطر الوزارة لتطبيق المادة 81 بإنهاء خدمته وقد أصدرت الوزارة قرارها في 26 من سبتمبر سنة 1964 بذلك وأخطرت التفتيش الذي قام بدوره بإخطار النيابة الإدارية قبل أن تبدأ في التحقيق بسماع أقوال المدعي. وقد كان يتعين على النيابة الإدارية بمجرد أن أخطرته بصدور قرار إنهاء خدمة المدعي ألا تتخذ أي إجراء معه لأن التحقيق معه أصبح غير ذي موضوع.
ومن حيث إنه لا صحة لما زعمه المدعي من أنه لم ينقطع عن عمله بدون إذن. ذلك أنه، فضلاً عن أنه لم يقدم دليلاً على ذلك، فإن الثابت من الأوراق أن تعليمات تفتيش ضبط النيل (التي قدمت الحكومة صوراً منها بحافظتها الأخيرة) توجب على جميع الموظفين به من الدرجة الرابعة إلى التاسعة - ومنهم المدعي - أن يوقعوا في شريط ساعة الميقات في الحضور والانصراف. وقد اعترف المدعي بأنه لم يوقع في هذا الشريط مما يدل على أنه لم يحضر في الأيام المقال بأنه قد انقطع فيها ولا وجه لما ذكره المدعي - من أنه رئيس قلم وأنه بهذه المثابة معفى من التوقيع. ذلك لأنه فضلاً عن أنه ليس بملف خدمة المدعي المقدم من الحكومة ما يفيد أنه رئيس قلم، فإن التعليمات المنوه عنها لم تعف رؤساء الأقلام من التوقيع بل إنها صريحة في إلزام جميع الموظفين فنيين وإداريين وكتابيين دون استثناء من الدرجة الرابعة إلى التاسعة بالتوقيع على شريط تلك الساعة.
ومن حيث إنه لذلك تكون دعوى المدعي، بطلب إلغاء القرار الصادر في 29 سبتمبر سنة 1964 بإنهاء خدمته اعتباراً من أول أغسطس سنة 1964 وحرمانه من مرتبه من ذلك التاريخ، غير قائمة على أساس سليم من القانون خليقة بالرفض. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض دعوى المدعي مع إلزامه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 55 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

هدف المشرع من إصدار القانون رقم 120 لسنة 1960 هو معالجة مشكلة قدامى الموظفين والتخلص من الدرجات الشخصية قدر المستطاع - هذه الحكمة التشريعية ترتب قرينة قانونية قاطعة لا تحتمل إثبات العكس على تحقيق المصلحة العامة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 506

(65)
جلسة 17 من مارس سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف - وكيل مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة حسنين رفعت ومحمد فتح الله بركات ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية - المستشارين.

القضية رقم 681 لسنة 9 القضائية

( أ ) - موظف. "انتهاء الخدمة - الاستقالة". هدف المشرع من إصدار القانون رقم 120 لسنة 1960 هو معالجة مشكلة قدامى الموظفين والتخلص من الدرجات الشخصية قدر المستطاع - هذه الحكمة التشريعية ترتب قرينة قانونية قاطعة لا تحتمل إثبات العكس على تحقيق المصلحة العامة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة - سلطة الإدارة في قبول أو رفض طلبات ترك الخدمة المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام هذا القانون هي سلطة مقيدة - طلب ترك الخدمة وفقاً لأحكام هذا القانون هو بمثابة استقالة بما يقتضي وجوب مراعاة أحكام قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 الواردة في هذا الشأن - أثر ذلك، عدم جواز قبول طلب الموظف ترك الخدمة وفقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 إذا كان محالاً إلى المحاكمة التأديبية وجواز إرجاء البت في هذا الطلب إذا كانت ثمة إجراءات تأديبية متخذة ضد الموظف عن تقديمه الطلب.
(ب) - هيئة البريد "موظفوها - انتهاء الخدمة - اعتزال الخدمة وفقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960".


مفاد نصوص القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 بنظام الموظفين بهيئة بريد مصر والقانون رقم 32 لسنة 1957 بإصدار قانون المؤسسات العامة أن لموظفي هيئة البريد الحق في الإفادة من أحكام القوانين الصادرة في شأن موظفي الدولة وذلك فيما لم ترد في شأنه أحكام أخرى مقابلة أو مغايرة لها منصوص عليها في القرارات واللوائح المنظمة لشئون موظفي الهيئة المذكورة - أثر ذلك، سريان نص المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 على موظفي هيئة البريد.
1 - باستعراض نصوص القانون رقم 120 لسنة 1960 ومذكرته التفسيرية يبين أن المشرع هدف أصلاً من إصدار هذا القانون إلى علاج وضع الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بإيجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية قدر المستطاع، وهذه الحكمة التشريعية تعبر بذاتها عن مصلحة عامة تقوم عليها قرينة قانونية قاطعة لا تحتمل إثبات العكس في تحقيق هذه المصلحة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة لما في ذلك من إلغاء لدرجاتهم الشخصية وبالتالي فإنه يلزم قبول طلبات ترك الخدمة المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام القانون المذكور متى توافرت فيهم الشروط المطلوبة في هذا القانون دون أي قيد آخر لم يرد فيه إذ أن السلطة في قبول أو رفض الطلبات المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكامه إنما هي سلطة مقيدة بالقانون كما أن ترك الخدمة وفقاً للقانون سالف الذكر هو بمثابة استقالة على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية له، الأمر الذي يقتضي وجوب مراعاة أحكام قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 عدا الحكم الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 110 منه التي تعتبر الاستقالة المقترنة بأي قيد أو المعلقة على أي شرط كأن لم تكن ولما كانت هذه المادة تنص على أن "للموظف أن يستقيل من الوظيفة وتكون الاستقالة مكتوبة وخالية من أي قيد أو شرط ولا تنتهي خدمة الموظف إلا بالقرار الصادر بقبول استقالته ويجب الفصل في الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه، وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة. ويجوز خلال هذه المدة تقرير إرجاء قبول الاستقالة لأسباب تتعلق بمصلحة العمل أو بسبب اتخاذ إجراءات تأديبية ضد الموظف. فإذا أحيل الموظف إلى المحاكمة التأديبية لا تقبل استقالته إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة العزل أو الإحالة إلى المعاش". فإن مقتضى هذا النص، أنه ينبغي على جهة الإدارة أن لا تقبل طلب الموظف ترك الخدمة وفقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 إذا كان محالاً إلى المحاكمة التأديبية إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة العزل أو الإحالة إلى المعاش، كما لها إرجاء قبول ذلك الطلب إذا كانت متخذة ضد الموظف إجراءات تأديبية.
2 - إن القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 "بنظام الموظفين بهيئة بريد مصر" وضع أحكاماً خاصة بوظائف وبموظفي الهيئة على أن يعمل بها اعتباراً من أول يوليه سنة 1960 ونص في المادة 58 منه على حكم متعلق باستقالة الموظف وبقبولها وقد جاء مشابهاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 "بشأن نظام موظفي الدولة" ولما كان القانون رقم 32 لسنة 1957 "بإصدار قانون المؤسسات العامة" قد نص في المادة السابعة منه على أن يختص مجلس إدارة المؤسسة "بما يلي 2000 - وضع اللوائح المتعلقة بتعيين موظفي المؤسسة وعمالها وترقيتهم ونقلهم وفصلهم وتحديد مرتباتهم وأجورهم ومكافآتهم ومعاشاتهم وفقاً لأحكام هذا القانون وفي حدود قرار رئيس الجمهورية الصادر بإنشاء المؤسسة". ونص في المادة الثالثة عشر منه على أن "تسرى على موظفي المؤسسات العامة أحكام قانون الوظائف العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القرار الصادر بإنشاء المؤسسة أو اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة". فمفاد هذه النصوص أن لموظفي مؤسسة شئون بريد الجمهورية (هيئة البريد) الحق في الإفادة من أحكام القوانين الصادرة في شأن موظفي الدولة وذلك فيما يتعلق بتلك التي لم ترد في شأنها أحكام أخرى مقابلة أو مغايرة لها منصوص عليها في القرارات أو اللوائح المنظمة لشئون موظفي الهيئة المذكورة.
وعلى مقتضى ما تقدم وإذ صدر القانون رقم 120 لسنة 1960 "بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة" وكان نص المادة الأولى منه متعلقاً بترك الموظف الخدمة مع تسوية معاشه على النحو الذي نصت عليه، وكان هذا النص غير وارد ضمن الأحكام التي شملها بالتنظيم القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 المشار إليه، فإن المادة الأولى المذكورة تسرى على موظفي هيئة البريد حتى بعد تاريخ العمل بالقرار المشار إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن في أن المدعي أقام الدعوى رقم 45 لسنة 8 القضائية ضد الهيئة العامة للبريد، بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية في 24 من أكتوبر سنة 1960، طلب فيها الحكم "بإلغاء القرار الصادر بعدم الموافقة على تسوية حالته واعتزاله الخدمة طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقال بياناً لدعواه أنه قدم في 9 من يونيه سنة 1960 طلباً إلى السيد مدير عام هيئة البريد لتسوية حالته وإحالته إلى المعاش وفقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960، وفي 12 من يوليه سنة 1960 ردت عليه مراقبة شئون الأفراد بالهيئة بأنه لا يجوز إجابة طلبه نظراً لإحالته إلى النيابة العامة وأنه لما كانت النيابة العامة قد قررت في 2 من يوليه سنة 1960 حفظ الشكوى موضوع التحقيق إدارياً تحت رقم 1674 لسنة 1960 إداري الموسكي ومن ثم انهار سبب عدم إجابته إلى طلبه المشار إليه فقد تظلم إلى السيد مدير عام الهيئة في 28 من يوليه سنة 1960 بيد أنه لم يتلق رداً خلال ستين يوماً من هذا التاريخ فأقام دعواه استناداً إلى أن شروط انطباق القانون رقم 120 لسنة 1960 على حالته متوفرة ولأن أحكام هذا القانون جاءت مطلقة واستثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 التي لا تتضمن ما يمنع من قبول استقالة الموظف المحال إلى النيابة العامة فضلاً عن أنها حفظت التحقيق الخاص به وقيد شكوى إدارية وقد أجابت هيئة البريد على الدعوى بأن المدعي من موظفي "المرتبة الأولى الشخصية/ رابعة" ويبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 8 من أكتوبر سنة 1961، وأنه لما كانت المادة الأولى من القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 الخاصة باعتزال الخدمة لمن يبلغ سن الخامسة والخمسين قد وردت استثناء من المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فيما نصت عليه من وجوب عدم اقتران استقالة الموظف بأي قيد أو شرط، ولما كان الأصل في قبول الاستقالة أنه أمر جوازي لجهة الإدارة تعمله على ضوء الصالح العام، فلا تثريب على ما قررته الهيئة من رفض طلب المدعي الإفادة من القانون رقم 120 لسنة 1960 لإحالته إلى النيابة العامة، وأنه لا محل للقول بأن النيابة العامة انتهت من تحقيقها إلى حفظ الموضوع المنسوب إلى المدعي، إذ لا يجوز النظر في الطلب المذكور حيث أصبح لهيئة البريد لائحة توظف خاصة اعتباراً من أول يوليه سنة 1960 ومن ثم فإن أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 لا تسرى على موظفي الهيئة اعتباراً من ذلك التاريخ. وعقب المدعي في مذكراته بأن اعتزاله الخدمة قبل بلوغه سن الستين بأقل من عام لا يتعارض مع الصالح العام بل إنه يعد رفعاً للغبن عنه الأمر الذي هدف المشرع إلى تحقيقه حسبما أوضح في المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه، وأن صدور اللائحة الخاصة بموظفي هيئة البريد لا يمنع من تطبيق القانون المذكور عليه طالما أن شروطه متوفرة في حالته باعتباره قانوناً خاصاً صدر استثناء من حكم القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة كما أن القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 لم يلغ أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 فيما يتعلق بموظفي هيئة البريد إذ تضمنت المادة 58 من القرار المذكور نصاً مطابقاً لنص المادة 110 من ذلك القانون الخاصة بالاستقالة من الخدمة فضلاً عن أن المادة 13 من القرار الجمهوري الصادر في 26 من أغسطس سنة 1957 بإنشاء هيئة البريد نصت على أن "تسرى في شأن موظفي الهيئة ومستخدميها وعمالها القوانين واللوائح والقواعد التنظيمية الخاصة بموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة". وأنه لما كانت النيابة العامة قد قررت في 2 من يوليه سنة 1960 حفظ الشكوى المقدمة ضده، فكان يتعين أن يفصل في طلب اعتزال الخدمة المقدم منه في 9 من يونيه سنة 1960 خلال الثلاثين يوماً المقرر لقبول الاستقالة وفقاً للمادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وللمادة 58 من القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 ومن ثم تكون استقالته مقبولة في 8 من يوليه سنة 1960 بقوة القانون. وبجلسة 19 من فبراير سنة 1963 قضت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعي في الإفادة من حكم القانون رقم 120 لسنة 1960 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الهيئة المدعى عليها بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 120 لسنة 1960 إذ جاء معدلاً لبعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 واستثناء من أحكامه، فإنه لا ينطبق على موظفي هيئة البريد اعتباراً من أول يوليو سنة 1960 تاريخ العمل باللائحة الصادر بها القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959، وأنه لما كان المدعي قد قدم طلب اعتزال الخدمة في 9 من يونيه سنة 1960 فيكون مقدماً في الميعاد المنصوص عليه في القانون رقم 120 لسنة 1960 واحتفظ بحقه في المعاملة بأحكامه، وإذ كان الثابت أنه بعد أن حفظت النيابة العامة التحقيق إدارياً أصدرت الجهة الإدارية قراراً بمجازاة المدعي بخصم يومين من مرتبه في 18 من يناير سنة 1961 فإنه يعتبر محالاً إلى المحاكمة التأديبية حتى التاريخ المذكور الذي تبدأ اعتباراً منه ممارسة الجهة الإدارية قبول الاستقالة، ومن ثم كان على هذه الجهة أن تبت في الاستقالة خلال ثلاثين يوماً منذ هذا التاريخ وإلا اعتبرت مقبولة بحكم القانون، وإذ أن الهيئة المدعى عليها لم تقبل استقالة المدعي خلال المدة المذكورة فيتعين الحكم بأحقية المدعي في الإفادة من أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي كان، عند النظر في طلبه اعتزال الخدمة بعد انتهاء محاكمته التأديبية في 18 من يناير سنة 1961، غير خاضع لأحكام القانون رقم 210 لسنة 51 إذ كانت تسرى عليه وقتذاك أحكام القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959، ومن ثم فإنه لا يفيد من أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 ويكون طلبه المذكور غير ذي أثر ما دام أن القرار المشار إليه يعمل به من أول يوليه سنة 1960 وحلت أحكامه محل أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بالنسبة للمدعي باعتباره من موظفي هيئة البريد، وبذلك تعدل مركزه القانوني اعتباراً من هذا التاريخ.
ومن حيث إن المدعي عقب على تقرير الطعن بمذكرة تضمنت أن استقالته تعتبر مقبولة بقوة القانون لأن قرار النيابة العامة بحفظ الشكوى المقدمة ضده صدر قبل انقضاء الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ولأن أحكام القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 لا تتضمن ما يفيد عدم سريان أحكام هذا القانون على موظفي هيئة البريد وأن نص المادة 58 من القرار المذكور مطابق لنص المادة 110 بادية الذكر كما أن حالة المدعي سويت بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 بعد نفاذ هذا القرار فمنح الدرجة الرابعة اعتباراً من 26 من مارس سنة 1960 لقضائه أكثر من 31 سنة في أربع درجات.
ومن حيث إن القانون رقم 120 لسنة 1960 "بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة" المعمول به من 3 من إبريل سنة 1960 - نص في مادته الأولى على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 يجوز لكل من بلغ سن الخامسة والخمسين من الموظفين أو يبلغها خلال الثلاثة شهور من تاريخ نفاذ هذا القانون طلب ترك الخدمة على أن يسوي معاشه على أساس ضم سنتين لمدة خدمته وحسابهما في المعاش حتى ولو تجاوز بهذا الضم سن الستين. على ألا تتجاوز مدة الخدمة المحسوبة في المعاش نتيجة لهذا الضم 37.5 سنة وعلى أن يمنح علاوتان من علاوات درجته ولا يتجاوز بهما نهاية مربوط الدرجة" وقد سبق للمحكمة الإدارية العليا أن قضت بعد أن استعرضت نصوص القانون رقم 120 لسنة 1960 المشار إليه ومذكرته التفسيرية، بأن المشرع هدف أصلاً من إصدار هذا القانون إلى علاج وضع الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بإيجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية قدر المستطاع، وهذه الحكمة التشريعية تعبر بذاتها عن مصلحة عامة تقوم عليها قرينة قانونية قاطعة لا تحتمل إثبات العكس في تحقيق هذه المصلحة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة لما في ذلك من إلغاء لدرجاتهم الشخصية وبالتالي فإنه يلزم قبول طلبات ترك الخدمة المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام القانون المذكور متى توافرت فيهم الشروط المطلوبة في هذا القانون دون أي قيد آخر لم يرد فيه إذ أن السلطة في قبول أو رفض الطلبات المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكامه إنما هي سلطة مقيدة بالقانون كما أن ترك الخدمة وفقاً للقانون سالف الذكر هو بمثابة استقالة على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية له، الأمر الذي يقتضي وجوب مراعاة أحكام قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 عدا الحكم الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 110 منه التي تعتبر الاستقالة المقترنة بأي قيد أو المعلقة على أي شرط كأن لم تكن ولما كانت هذه المادة تنص على أن "للموظف أن يستقيل من الوظيفة وتكون الاستقالة مكتوبة وخالية من أي قيد أو شرط ولا تنتهي خدمة الموظف إلا بالقرار الصادر بقبول استقالته، ويجب الفصل في الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه، وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة. ويجوز خلال هذه المدة تقرير إرجاء قبول الاستقالة لأسباب تتعلق بمصلحة العمل أو بسبب اتخاذ إجراءات تأديبية ضد الموظف. فإذا أحيل الموظف إلى المحاكمة التأديبية لا تقبل استقالته إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة العزل أو الإحالة إلى المعاش". فإن مقتضى هذا النص وما سبق أن قضت به المحكمة الإدارية العليا، أنه ينبغي على جهة الإدارة أن لا تقبل طلب الموظف ترك الخدمة وفقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 إذا كان محالاً إلى المحاكمة التأديبية إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة العزل أو الإحالة إلى المعاش، كما لها إرجاء قبول ذلك الطلب إذا كانت متخذة ضد الموظف إجراءات تأديبية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي كان يشغل درجات شخصية منذ ترقيته إلى الدرجة السابعة حتى رقى إلى الدرجة الرابعة الشخصية اعتباراً من 26 من مارس سنة 1960 (ملف الخدمة وكتاب الإدارة العامة بهيئة البريد المرفق بملف الدعوى تحت رقم 5) وأنه عند تقديمه طلب ترك الخدمة للإفادة من حكم المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 كانت هناك ثمة إجراءات تأديبية متخذة ضده في قضية النيابة الإدارية رقم 30 لسنة 1959 حيث قررت هذه النيابة إحالة المدعي إلى النيابة العامة مع إرجاء مساءلته تأديبياً، وقد قررت النيابة العامة بعد التحقيق حفظ الشكوى المقدمة ضده وذلك في 2 من يوليه سنة 1960، ثم انتهت الإجراءات التأديبية في 18 من يناير سنة 1961 بمجازاته بخصم يومين من مرتبه، ثم بلغ سن الإحالة إلى المعاش في 8 من أكتوبر سنة 1961.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم إنه ولئن كانت الشروط المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 تتوفر في حالة المدعي لبلوغه عند العمل بهذا القانون، سناً تفوق الخمسة والخمسين ولكونه شاغلاً وقتذاك درجة شخصية وقدم طلباً لترك الخدمة في 9 من يونيه سنة 1960 للإفادة من حكم المادة المشار إليها، لئن كان ذلك إلا أنه وقد كانت ثمة إجراءات تأديبية متخذة ضده عند تقديم طلبه، رأت بسببها الجهة الإدارية إرجاء البت في طلبه، فإن مركزه القانوني للإفادة من حكم المادة المذكورة ما كان ليكتمل إلا بعد انتهاء تلك الإجراءات في 18 من يناير سنة 1961 بمجازاته بخصم يومين من مرتبه، ومن ثم تنحصر المنازعة بعد ذلك فيما إذا كان يتعين على الجهة الإدارية وقد انتهت الإجراءات التأديبية أن تقبل طلب المدعي ترك الخدمة وفقاً للمادة الأولى باعتباره بمثابة استقالة زال سبب إرجاء البت فيها أم أنه يحول دون ذلك صدور القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 المعمول به اعتباراً من أول يوليه سنة 1960 بمقولة أنه قرر نظاماً خاصاً بموظفي هيئة البريد فغدت أحكام المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 غير مطبقة في شأنهم.
ومن حيث إن القرار الجمهوري رقم 710 لسنة 1957 "بإنشاء مؤسسة عامة لشئون بريد جمهورية مصر" قد أنشأ هذه المؤسسة على أن يطلق عليها "هيئة البريد" ونص في المادة الثالثة عشرة منه على أن "تسرى في شأن موظفي الهيئة ومستخدميها وعمالها القوانين واللوائح والقواعد التنظيمية الخاصة بموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة كما تسرى جميع القواعد القانونية الأخرى المطبقة حالياً في مرفق البريد بما لا يتعارض مع أحكام قانون المؤسسات العامة وهذا القرار". ثم صدر القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 "بنظام الموظفين بهيئة بريد مصر" متضمناً وضع أحكام خاصة بوظائف وبموظفي الهيئة على أن يعمل بها اعتباراً من أول يوليه سنة 1960 ونص في المادة 58 منه على حكم متعلق باستقالة الموظف وبقبولها وقد جاء مشابهاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 "بشأن نظام موظفي الدولة" ولما كان القانون رقم 32 لسنة 1957 "بإصدار قانون المؤسسات العامة" قد نص في المادة السابعة منه على أن يختص مجلس إدارة المؤسسة "بما يلي 2000 - وضع اللوائح المتعلقة بتعيين موظفي المؤسسة وعمالها وترقيتهم ونقلهم وفصلهم وتحديد مرتباتهم وأجورهم ومكافآتهم ومعاشاتهم وفقاً لأحكام هذا القانون وفي حدود قرار رئيس الجمهورية الصادر بإنشاء المؤسسة". ونص في المادة الثالثة عشرة منه على أن "تسرى على موظفي المؤسسات العامة أحكام قانون الوظائف العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القرار الصادر بإنشاء المؤسسة أو اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة". فمفاد هذه النصوص أن لموظفي مؤسسة شئون بريد الجمهورية (هيئة البريد) الحق في الإفادة من أحكام القوانين الصادرة في شأن موظفي الدولة وذلك فيما يتعلق بتلك التي لم ترد في شأنها أحكام أخرى مقابلة أو مغايرة لها منصوص عليها في القرارات أو اللوائح المنظمة لشئون موظفي الهيئة المذكورة.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم وإذ صدر القانون رقم 120 لسنة 1960 "بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة" وكان نص المادة الأولى منه متعلقاً بترك الموظف الخدمة مع تسوية معاشه على النحو الذي نصت عليه، وكان هذا النص غير وارد ضمن الأحكام التي شملها بالتنظيم القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 المشار إليه، فإن المادة الأولى المذكورة تسري على موظفي هيئة البريد حتى بعد تاريخ العمل بالقرار المشار إليه، ومن ثم يحق للمدعي الإفادة من حكمها، ويعتبر فوات ثلاثين يوماً من تاريخ مجازاته إدارياً في 18 من يناير سنة 1961 دون أن تبت الجهة الإدارية في طلبه بادي الذكر بمثابة قبول له وفقاً لما تضمنته كل من المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 58 من القرار الجمهوري 2191 لسنة 1959 من وجوب الفصل في طلب الاستقالة "خلال ثلاثين يوماً وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة".
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من قضاء ويكون الطعن قائماً على غير أساس سليم من القانون فيتعين رفضه مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 90 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

القانون ترك لجهة الإدارة أن تترخص في اعتبار الموظف المنقطع عن عمله دون إذن مدة خمسة عشر يوماً متتالية مستقيلاً من الخدمة طبقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 514

(66)
جلسة 22 من مارس سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد موسى - وكيل مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعلي لبيب حسن - المستشارين.

القضية رقم 873 لسنة 11 القضائية

( أ ) - دعوى. رسوم قضائية. قرار الإعفاء من الرسوم.


قرار الإعفاء من الرسوم وإن لم يشمل سوى طلب إلغاء القرار المطعون عليه إلا أنه يشمل بآثاره الطلب

 الجديد بالتعويض عن ذات القرار، أساس ذلك.


(ب) - موظف "انتهاء الخدمة، أسبابها". "الاستقالة".


القانون ترك لجهة الإدارة أن تترخص في اعتبار الموظف المنقطع عن عمله دون إذن مدة خمسة عشر يوماً متتالية مستقيلاً من الخدمة طبقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة.


1 - إن كان قرار إعفاء المدعية من الرسوم لم يشمل سوى طلب إلغاء القرار المطعون عليه، إلا أنها وقد قامت بعد ذلك بتعديل طلباتها مستبدلة بطلب الإلغاء طلب التعويض عن ذات القرار المطعون فيه، فإن قرار الإعفاء يشمل بآثاره الطلب الجديد، ذلك أن كلاً من طلب إلغاء القرار غير المشروع وطلب التعويض عنه، يقومان على أساس قانوني واحد، هو عدم مشروعية القرار الإداري، وإن الطعن بالإلغاء هو طعن فيه بالبطلان بالطريق المباشر، وطلب التعويض عنه هو طعن فيه بالبطلان بطريق غير مباشر، ومتى كان الأمر على هذا النحو يكون هذا السبب من أسباب الطعن غير مستند إلى أساس سليم من القانون.
2 - إذا ما انقطع الموظف عن عمله دون إذن لمدة خمسة عشر يوماً متتالية جاز اعتباره مستقيلاً من الخدمة، بمعنى أن القانون ترك لجهة الإدارة المختصة أن تترخص في إعمال هذا الحكم في حق الموظف إذا ما توافر مناط تطبيقه، طبقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.


من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.


ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى رقم 532 لسنة 10 القضائية، بعد أن حصلت على قرار من لجنة المساعدة القضائية بجلسة 16 يناير سنة 1963 بإعفائها من الرسوم القضائية في الطلب المقدم منها بر قم 1012 لسنة 9 القضائية إعفاء، وقد أودعت صحيفة افتتاح دعواها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة الصحة في 2 من إبريل سنة 1963، قالت فيها إنها التحقت بخدمة وزارة الصحة بوظيفة تمورجية في سنة 1950 بمصلحة الطب العلاجي ونقلت إلى مستشفى المنصورة العام في فبراير سنة 1953 ثم إلى مستشفى السنبلاوين في سنة 1955 وفي يوم 15 أغسطس وفي أثناء فترة راحتها الأسبوعية توجهت إلى المنصورة لزيارة أقاربها فأصابها مرض مفاجئ أقعدها عن العودة إلى استلام عملها بعد انتهاء الراحة، فخابرت المستشفى طالبة توقيع الكشف الطبي عليها للمرض، فورد إليها الخطاب المؤرخ 19 أغسطس سنة 1958 بالتوجه إلى القومسيون الطبي بالمنصورة يوم 21 أغسطس سنة 1958، وتم توقيع الكشف الطبي عليها وكلفها الكاتب المختص بالتوجه لاستلام عملها يوم السبت الموافق 23 أغسطس سنة 1958 ولكن كاتب المستشفى بالسنبلاوين رفض تسليمها العمل، وقدمت شكوى إلى مفتش صحة المديرية في 24 أغسطس سنة 1958، وأن المنطقة الطبية بالمنصورة استدعتها في سبتمبر سنة 1959 لإجراء تحقيق في شكواها، وأنها منذ ذلك التاريخ وهي لا تدري من أمرها شيئاً، وأنها عندما لجأت بدعواها طالبة إعفاءها من رسوم الدعوى، أجابت الوزارة على صحيفة الالتماس بمعلومات بعيدة كل البعد عن الحق والواقع، إذ أن المستشفى في سبيل تبرير مسلكها لجأت إلى الرد بمعلومات تدحضها الحقائق وتنفيها الأوراق، إذ قالت أنها انقطعت عن عملها بدون إذن في المدة من 2 يونيه سنة 1958 حتى أول سبتمبر سنة 1958 - في حين أنه ينفي ذلك الخطاب الذي تلقته الطالبة من المستشفى بتكليفها بالتوجه إلى القومسيون الطبي بالمنصورة في 21 أغسطس سنة 1958 للكشف عليها، وأنه لا صحة فيما تذكره الإدارة من أنها أعلنت المطعون ضدها بقرار فصلها من الخدمة في 21 أكتوبر سنة 1958، ولا صحة أيضاً فيما تقول به الإدارة من أن المطعون ضدها قدمت استقالتها من الخدمة في 9 يونيه سنة 1958، ثم قرر القومسيون الطبي لياقتها للخدمة في 21 أغسطس سنة 1958، وأوضحت المدعية تقول إنه ثابت أنها صرفت مرتبها عن شهري يونيه ويوليه سنة 1958، مما ينفي واقعة انقطاعهما عن المستشفى بدون إذن في الفترة الواقعة من 2 يونيه سنة 1958 إلى أول سبتمبر سنة 1958، وانتهت المدعية إلى طلب الحكم أولاً: بأحقيتها في استمرار صرف مرتبها بصفة مؤقتة حتى الفصل في طلب إلغاء القرار الصادر بفصلها من الخدمة. ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بفصلها من الخدمة لبطلانه وانعدام سببه القانوني وما يترتب على ذلك من الآثار - مع إلزام الوزارة المصروفات في الحالين ومقابل أتعاب المحاماة.


وأجابت وزارة الصحة على الدعوى بأن المطعون ضدها كانت قد أخطرت مستشفى السنبلاوين في 3 إبريل 1958 بأنها مريضة وملازمة الفراش بمنزلها، وطلبت توقيع الكشف الطبي عليها، وبعد الكشف عليها منحت إجازة مرضية مدتها خمسة أيام من 10 إبريل سنة 1958 وفي 14 إبريل سنة 1958 طلبت توقيع الكشف الطبي عليها لمرضها، فتوقع الكشف عليها في 4 مايو سنة 1958 ومنحت إجازة مرضية مدتها خمسة عشر يوماً اعتباراً من 15 إبريل سنة 1958 امتداداً للإجازة السابقة التي كانت تنتهي في 14 إبريل سنة 1958 وعادت إلى عملها يوم 10 مايو سنة 1958 عقب انتهاء الإجازات المرضية السابقة، إلا أنها في 11 مايو سنة 1958 أخطرت بمرضها فتوقع الكشف الطبي عليها في 18 مايو سنة 1958 وتقرر عودتها إلى العمل وتسوية المدة من 11 مايو سنة 1958 إلى 17 مايو سنة 1958 إدارياً، مع اعتبار يوم 18 مايو سنة 1958 يوم عمل تحت تصرف القومسيون وبتاريخ 9 يونيه سنة 1958 ورد إلى مستشفى السنبلاوين طلب استقالة منها وقبولها من تاريخ انقطاعها عن العمل، فرفعت الاستقالة إلى صحة مديرية الدقهلية ومعها بيان بأن المطعون ضدها انقطعت عن العمل اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 - ثم ورد طلب إلى مستشفى السنبلاوين في 16 يونيه سنة 1958 بأنها مريضة ولا يمكنها الحضور للعمل، وطلبت توقيع الكشف الطبي عليها فأحيلت إلى القومسيون الطبي بالدقهلية، وبجلسة 24 يوليه سنة 1958 قررت بأنها تطلب الكشف عليها لتقرير عدم لياقتها للبقاء في الخدمة، وفي 21 أغسطس سنة 1958 وقع الكشف الطبي عليها فتقرر أنها لائقة للخدمة - وفي 11 سبتمبر سنة 1958 وافق مدير عام مصلحة المستشفيات العامة على فصلها من الخدمة لانقطاعها عن العمل بدون إذن 15 يوماً متتالية من 2 يونيه سنة 1958 ولم تقدم عذراً مقبولاً خلال الخمسة عشر يوماً التالية، وأبلغت بقرار فصلها بالخطاب المسجل رقم 758 بتاريخ 21 أكتوبر سنة 1959 - وكانت قد قدمت شكوى إلى النيابة الإدارية في 26 سبتمبر سنة 1959 وقد سمعت أقوالها في 11 أكتوبر سنة 1959 حيث قررت بأنها لا تعلم شيئاً عن نتيجة الكشف الطبي عليها واتضح من التحقيق عدم صحة شكواها وحفظت، وأخطرتها النيابة الإدارية في 3 نوفمبر سنة 1959 بنتيجة التحقيق، إلا أن خطاب النيابة الإدارية أعيد لعدم تواجدها في عنوانها - ثم تظلمت بتاريخ 10 يوليه سنة 1960 من قرار فصلها من الخدمة إلى مدير المنطقة الطبية بالدقهلية فتقرر حفظ التظلم - وقد خلصت جهة الإدارة إلى أن قرار فصلها كان قد صدر من 11 سبتمبر سنة 1958 وأخطرت به في 21 أكتوبر سنة 1959 وتظلمت منه في 10 يوليه سنة 1960 وقدمت طلب الإعفاء في 30 مايو سنة 1962 وتقرر قبوله في 16 يناير سنة 1963 إلا أنها لم تقم الدعوى إلا في 2 إبريل سنة 1963 وأنه سواء اعتبر تاريخ العلم اليقيني بقرار الفصل من تاريخ إخطار المطعون ضدها به في 21 أكتوبر سنة 1959 أو من تاريخ تظلمها منه في 10 يوليه سنة 1960، فإنه كان يتعين عليها رفع الدعوى خلال الستين يوماً التالية للقرار الحكمي برفض التظلم، كما أن قرار الإعفاء من الرسوم صدر في 16 يناير سنة 1963، ولم تقم الدعوى الموضوعية إلا في 2 إبريل سنة 1963، وأنه لذلك تعتبر دعوى الإلغاء الموضوعية غير مقبولة شكلاً، وبالتالي فلا مجال لنظر طلب استمرار صرف المرتب ما دامت دعوى الإلغاء غير مقبولة شكلاً، ويكون من المتعين الحكم برفضه.


أما عن موضوع طلب الإلغاء - فقد قالت جهة الإدارة أنه يسرى في حق المطعون ضدها حكم المادتين 117، 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 باعتبارها من المستخدمات الخارجات عن الهيئة، وقد انقطعت عن العمل من 2 يونيه سنة 1958 ثم قدمت طلباً بقبول استقالتها وعدلت عنه قبل قبوله وطلبت توقيع الكشف الطبي، وقد وقع عليها الكشف الطبي، بمعرفة القومسيون الطبي بالدقهلية في 21 أغسطس سنة 1958 حيث قرر لياقتها للبقاء في الخدمة وإخطرها المستشفى في 9 يونيه سنة 1958 بضرورة عودتها إلى العمل وإلا اعتبرت مفصولة لغيابها مدة خمسة عشر يوماً إلا أنها قد استمرت في انقطاعها عن العمل عقب توقيع الكشف الطبي عليها في 21 أغسطس سنة 1958 الذي كان قد قرر لياقتها للبقاء في الخدمة، وظلت منقطعة دون عذر مقبول حتى تاريخ صدور قرار فصلها في 11 سبتمبر سنة 1958 طبقاً لحكم المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - وأوضحت جهة الإدارة تقول أن هذا القرار قد قام على سببه المبرر له قانوناً، ممن يملك سلطة إصداره، وبناءً على وقائع صحيحة وثابتة، ومن ثم يكون سليماً ومطابقاً للقانون، ومن ثم تكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون، وطلبت الإدارة الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات.


وبجلسة 3 يونيه سنة 1963 قضت المحكمة في الطلب المستعجل باستمرار صرف المرتب لحين الفصل في الإلغاء، برفضه - وبإحالة الدعوى إلى المفوض للنظر في الطلب الثاني من الدعوى وقد أقامت المحكمة هذا القضاء على أساس أنه تقرر قبول طلب الإعفاء المقدم من الطاعنة في 16 يناير سنة 1963، إلا أنها لم تقم الدعوى إلا في 2 إبريل سنة 1963، بعد فوات مواعيد الطعن بالإلغاء ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى الموضوعية شكلاً صحيحاً وفي محله ويتعين لذلك قبوله، وتكون دعوى الإلغاء الموضوعية غير محتملة الكسب لعدم قبولها شكلاً.


وبجلسة 15 مارس سنة 1964 أثناء تحضير الدعوى أما مفوض الدولة قرر الدفاع عن المدعية تعديل طلباتها إلى الحكم لها بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ. إلا أن الوزارة دفعت - "بخطاب إدارة الشئون القانونية رقم 987 في 17 مارس سنة 1964" بعدم قبول الطلبات المعدلة لأن قرار طلب الإعفاء من الرسوم يختلف موضوعه عن هذه الطلبات المعدلة.


وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهى فيه لما أبداه من أسباب إلى أنه يرى الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعية في أن تتقاضى تعويضاً مؤقتاً عما أصابها من أضرار نتيجة فصلها المخالف للقانون مع إلزام الوزارة المدعى عليها بالمصروفات.


وعقبت الوزارة على تقرير مفوض الدولة، فقالت أن انقطاع المطعون ضدها عن العمل اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 قد لحقه تقديمها طلب الاستقالة من الخدمة في 9 يونيه سنة 1958 ثم قدمت طلباً لإحالتها إلى القومسيون الطبي العام بالقاهرة بتاريخ 16 يونيه سنة 1958 لتقرير عدم لياقتها للبقاء في الخدمة - وأنها كررت ذات الطلب أمام القومسيون الطبي العام بالدقهلية في 24 يوليه سنة 1958 مما يفصح عن رغبتها في طلب الاستقالة، وأنه بذلك يكون ما افترضه المشرع بشأن المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 من قيام قرينة قيام الاستقالة قد تأيد من جانب المدعية، ومن ثم يكون القرار الصادر بفصلها استناداً إلى المادة 112 سالفة الذكر قد قام على سببه وصدر ممن يملك سلطة إصداره، وفي حدود اختصاصه إذ استخلص النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً، وأنه لذلك يكون القرار المذكور صحيحاً ومطابقاً للقانون - وخلصت الإدارة إلى طلب الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.


وبجلسة 3 مايو سنة 1965 صدر الحكم المطعون فيه قاضياً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً في طلبها المعدل، وبقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المطعون ضدها في تعويض مؤقت قدره قرش صاغ بسبب فصلها المخالف لصحيح حكم القانون، وإلزام الوزارة المدعى عليها بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن طلب التعويض مرتبط بطلب الإلغاء ويستمد سببه من واقعة الفصل محل القرار المطعون فيه، وأن الهدف من الطلبين هو إنزال حكم الشرعية على القرار الذي أصدرته الإدارة في حق المدعية، وأنه لذلك يكون الدفع بعدم قبول الطلب البديل بحجة مخالفته للطلب الأصلي بالإلغاء غير مستند إلى أساس سليم من القانون، وأنه يتعين لذلك الحكم برفضه وبقبول الدعوى في شكلها المعدل - وأقامت المحكمة حكمها في موضوع الدعوى على أساس أن انقطاع المدعية عن العمل اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 كان بسبب المرض، وأنها قدمت طلب الاستقالة عندما ضاقت ذرعاً بطلب الإحالة للكشف الطبي، وأنها بعد أن قدمت طلب الاستقالة عادت فكشفت عن السبب الحقيقي لانقطاعها، وهو المرض، وقد طلبت إحالتها إلى القومسيون الطبي العام لتقرير وتأكيد مرضها، وليس لتقرير لياقتها أو عدم لياقتها للخدمة، وأنه بعد أن تأكدت لياقتها للخدمة في 21 أغسطس سنة 1958 عادت الإدارة فلم تمكنها من العودة إلى العمل، وفي 11 سبتمبر سنة 1958 صدر قرار مدير عام مصلحة المستشفيات بفصلها من الخدمة لانقطاعها بدون إذن أكثر من خمسة عشر يوماً ولعدم تقديمها العذر المقبول في الخمسة عشر يوماً التالية - وذلك طبقاً لحكم المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وأوضحت المحكمة تقول أن استناد الوزارة إلى حكم المادة 112 سالفة الذكر هو استناد خاطئ، لأن شرط تطبيق حكم هذه المادة أن تمتنع المدعية عن تقديم عذر مقبول عن الانقطاع خلال الخمسة عشر يوماً التالية لمدة الانقطاع، بحيث تستفاد الاستقالة الضمنية من تصرفها - إلا أنه ثابت أن المدعية قدمت طلباً من 14 يونيه سنة 1958 قالت فيه بأنها مريضة، ولا يمكنها الحضور، وطلبت إحالتها إلى القومسيون الطبي العام بالقاهرة، فإنها تكون بذلك قد أبلغت الإدارة عن العذر المانع لها من مواصلة عملها، وإن الإدارة تكون قد أخطأت عندما طلبت من القومسيون الطبي أن يقرر لياقتها للخدمة أو العكس بدلاً من أن تطلب منه تقرير ما إذا كانت مريضة، وما إذا كان مرضها يبرر عدم عودتها للعمل. وقالت المحكمة في الحكم المطعون فيه أنه يبدو من الأوراق مبلغ تمسك المدعية بوظيفتها، وأن الإدارة لم ترتب على الاستقالة أثرها بل أتت من الإجراءات التالية على تقديمها ما يؤكد رعايتها للمدعية، وعدم اعتدادها بالاستقالة، لا سيما عندما أظهرت أن سبب امتناعها عن العمل هو المرض، ومن ثم يكون القرار الصادر بفصلها باعتبارها مستقيلة لانقطاعها عن العمل بدون إذن أكثر من 15 يوماً يكون والحالة هذه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون، وأبانت المحكمة في حكمها المذكور أن هذا القرار قد سبب للمدعية أضراراً تتمثل في حرمانها من وظيفتها بما ترتبه لها من دخل ومزايا، كما أن علاقة السببية قائمة بين خطأ الإدارة والضرر الذي لحق بالمدعية، وأنه بذلك تكون أركان مسئولية الوزارة عن قرارها المطعون فيه قد اكتملت، وخلصت المحكمة من ذلك إلى الحكم للمطعون ضدها بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد مع إلزام الوزارة بالمصروفات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك على النحو التالي:


أولاً: في وجوب استبعاد الدعوى من الرول لعدم سداد الرسوم:


وذلك على أساس أن المطعون ضدها أقامت دعواها بدون سداد رسوم بناءً على القرار الصادر بإعفائها من الرسوم في الطلب رقم 1012 لسنة 9 القضائية - وأن هذا القرار صدر بإعفائها من الرسوم الخاصة بالدعوى التي تزمع رفعها "بإلغاء قرار فصلها" وأنها بتنازلها عن طلب الإلغاء وتعديل طلباتها إلى طلب الحكم لها بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد فإن هذا الطلب الجديد يكون خارجاً عن نطاق قرار الإعفاء ومن ثم تستحق عليه رسوم قضائية، وإذ لم تقم المطعون ضدها بسداد تلك الرسوم فإنه كان يتعين على المحكمة أن تقضي باستبعاد الدعوى من الرول لعدم سداد الرسوم المستحقة قانوناً وقد استندت الوزارة الطاعنة في ذلك إلى قانون الرسوم رقم 90 لسنة 1940.


ثانياً: أما عن الموضوع:


فقد أوضحت الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن تطبيق الوزارة لنص المادة 112 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 في حق المطعون ضدها جاء مخالفاً للقانون بمقولة أن المدعية عقب انقطاعها في 2 يونيه سنة 1958 وعقب تقديم استقالتها في 7 يونيه سنة 1958 قامت بالتحرير إلى الوزارة بحقيقة حالتها، وبأنها مريضة وكان ذلك في 14 يونيه سنة 1958، وأنها طلبت في خطابها هذا إحالتها إلى القومسيون العام بالقاهرة حتى يتضح صدق قولها، وأن المحكمة قد استنتجت من تلك الوقائع أن نص المادة 112 سالفة الذكر غير متحقق في جانب المدعية، إذ يشترط لانطباقه أن تمتنع المدعية طيلة مدة غيابها عن إبداء عذر لتغيبها، وأنه لما كانت المدعية قد أخطرت الوزارة عدة مرات بعذرها خلال الخمس عشرة يوماً التالية للانقطاع - وهو المرض إلى أن وقع عليها الكشف الطبي في 21 أغسطس سنة 1958 وتقرر لياقتها للخدمة، وما دامت المدعية قد أخطرت بعذرها على هذا النحو فإنه لا يتحقق في جانبها معنى الانقطاع بغير عذر مقبول الذي يعتبر قرينة قانونية على الاستقالة طبقاً لنص المادة 112 المشار إليها - إلا أن الوزارة الطاعنة أوضحت أن هذا التكييف من جانب الحكم المطعون فيه جاء تكييفاً مخالفاً للحقيقة ومؤدياً إلى عكس ما تفصح عنه الأوراق وتؤكده، إذ أن المطعون ضدها كانت في الحقيقة تنوي ترك الوظيفة لسبب أو لآخر، فظلت تحصل على إجازات مرضية متلاحقة منذ إبريل سنة 1958، فكلما كثرت هذه الإجازات، تبين لها أن ثمة استحالة في إجازات أخرى قبل ترك العمل، فعادت إلى العمل وظلت به حتى أول يونيه سنة 1958 ثم انقطعت عنه اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 حيث كانت قد اعتزمت ترك العمل بالاستقالة وفعلاً قدمت استقالتها في 7 يونيه سنة 1958 وذكرت في كتاب الاستقالة أنها "لأسباب عائلية". وأنه لما أرادت المطعون ضدها أن تقرن الاستقالة بالحصول على بعض المزايا، قدمت طلباً في 14 يونيه سنة 1958 تقرر فيه أنها طلبت الاستقالة لسبب المرض، وطلبت توقيع الكشف الطبي لتقرير عدم لياقتها للخدمة، ولا يعتبر هذا عذراً يبرر الانقطاع عن العمل - وأنه قد تم توقيع الكشف الطبي عليها في 21 أغسطس سنة 1958 حيث تقرر لياقتها للخدمة، إلا أنها استمرت في انقطاعها عن العمل إلى أن صدر في 11 سبتمبر سنة 1958 القرار بفصلها من الخدمة، وأبانت الطاعنة أن كل تلك الوقائع قاطعة في توافر الأدلة القانونية التي أوردتها المادة 112 على الانقطاع، وهي تثبت أن المطعون ضدها قد استقالت استقالة فعلية وأنه على ذلك لا يكون الحكم المطعون فيه على حق فيما قضى به من أن المطعون ضدها قدمت أعذاراً تبرر بها انقطاعها عن العمل، إذ لم يكن طلب المطعون ضدها توقيع الكشف الطبي عليها بقصد إبراز عذرها، بل كان يقصد تقرير عدم لياقتها للخدمة، وهو ما تأكد من عدم عودتها للعمل حتى تاريخ صدور قرار الفصل، وأنه في الدعوى المعروضة انقطعت المطعون ضدها عن العمل بغير عذر مقبول ثم قدمت طلباً لقبول استقالتها واستمرت منقطعة عن العمل ثم وقع عليها الكشف الطبي في 21 أغسطس سنة 1958 فثبتت لياقتها الصحية للخدمة ومع ذلك فقد استمرت المطعون ضدها منقطعة عن العمل حتى صدر القرار بفصلها من الخدمة في 11 سبتمبر سنة 1958، وقد اكتملت المدة السابقة على الفصل التي تقدم فيها الأعذار التي تبرر الانقطاع عن العمل، كما أن المطعون ضدها لم تبد أي عذر عن غيابها كما أن عذر المرض قد ثبت فساده بقرار القومسيون الطبي المختص، ومن ثم يكون القرار الصادر بفصل المطعون ضدها من الخدمة قائماً على سببه ومطابقاً للقانون، ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به من الحكم للمطعون ضدها بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد، إذ بان أن القرار المطعون فيه مشروع ومطابق للقانون، وانتهت الوزارة الطاعنة إلى طلب الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبصفة أصلية استبعاد الدعوى من الرول واحتياطياً رفض الدعوى مع إلزام المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ذهبت إليه الوزارة الطاعنة في صحيفة الطعن من طلب استبعاد الدعوى من الجدول استناداً إلى أن قرار إعفاء المطعون ضدها من رسوم دعوى الإلغاء، لا يشمل إعفاءها من رسوم دعوى التعويض، وإذ لم تقم بأداء الرسم المستحق على طلب التعويض، فكان يتعين على المحكمة استبعاد الدعوى من الجدول - لا حجة في ذلك، لأنه وإن كان قرار إعفاء المدعية من الرسوم لم يشمل سوى طلب إلغاء القرار المطعون عليه، إلا أنها وقد قامت بعد ذلك بتعديل طلباتها مستبدلة بطلب الإلغاء طلب التعويض عن ذات القرار المطعون فيه، فإن قرار الإعفاء يشمل بآثاره الطلب الجديد، ذلك أن كلاً من طلب إلغاء القرار غير المشروع وطلب التعويض عنه، يقومان على أساس قانوني واحد، هو عدم مشروعية القرار الإداري، وأن الطعن بالإلغاء هو طعن فيه بالبطلان بالطريق المباشر، وطلب التعويض عنه هو طعن فيه بالبطلان بطريق غير مباشر، ومتى كان الأمر على هذا النحو، يكون هذا السبب من أسباب الطعن غير مستند إلى أساس سليم من القانون.


ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الثاني من الطعن فإن المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المطبقة على واقعة الدعوى تنص على أنه:


"يعتبر الموظف مستقيلاً في الحالتين الآتيتين:


1 - إذا انقطع عن عمله بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية، ولو كان الانقطاع عقب إجازة مرخص له فيها، ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان لعذر مقبول... وإذا لم يقدم الموظف أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت، اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل".


ومؤدى هذا النص أنه إذا ما انقطع الموظف عن عمله دون إذن لمدة خمسة عشر يوماً متتالية جاز اعتباره مستقيلاً من الخدمة، بمعنى أن القانون ترك لجهة الإدارة المختصة أن تترخص في أعمال هذا الحكم في حق الموظف إذا ما توافر مناط تطبيقه، طبقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة.


ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن المطعون ضدها، وهي من المستخدمات الخارجات عن الهيئة فتخضع لحكم المادة 112 سالفة الذكر كانت قد حصلت على إجازات مرضية مشروعة اعتباراً من 10 إبريل سنة 1958 ثم عات إلى عملها بوظيفة خادمة بمستشفى السنبلاوين فتسلمته في 10 مايو سنة 1958 ثم أخطرت بمرضها في 11 مايو سنة 1958، فقرر القومسيون الطبي عودتها إلى العمل بعد توقيع الكشف الطبي عليها مع تسوية المدة من 11 مايو سنة 1958 إلى 17 مايو سنة 1958 إدارياً، وحساب يوم 18 مايو سنة 1958 يوم عمل تحت تصرف القومسيون الطبي - وعادت المطعون ضدها إلى العمل ثم انقطعت عنه اعتباراً من يوم 2 يونيه سنة 1958 ثم قدمت طلباً في 9 يونيه سنة 1958 لقبول استقالتها، إلا أن الإدارة أخطرتها بضرورة العودة إلى العمل إلى أن يبت في طلب الاستقالة، وإلا اعتبرت منقطعة عن العمل بدون إذن، وبتاريخ 16 يونيه سنة 1958 اعتذرت المطعون ضدها عن الحضور للعمل بدعوى المرض وطلبت إحالتها إلى القومسيون الطبي بالقاهرة، وتم توقيع الكشف الطبي عليها في 21 أغسطس سنة 1958 فقرر لياقتها للخدمة، وفي 10 سبتمبر سنة 1958 وافق مدير القسم العلاجي على فصل المطعون ضدها، وفي 11 سبتمبر سنة 1958 قرر مدير عام مصلحة المستشفيات العامة فصلها من الخدمة لانقطاعها عن العمل بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 وعدم تقدمها بعذر مقبول في الخمسة عشر يوماً التالية - عملاً بحكم المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر.


ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المطعون ضدها قد انقطعت عن العمل فعلاً اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 وقد استمر انقطاعها ما يزيد على خمسة عشر يوماً، مما يعتبر قرينة قانونية على الاستقالة، وقد دعمت هذه القرينة بتقديمها طلباً لقبول استقالتها في 9 يونيه سنة 1958 - وأنها وإن كانت قد طلبت في 16 يونيه سنة 1958 إحالتها إلى القومسيون الطبي واعتذرت عن العودة للعمل بدعوى المرض فإن هذا الطلب لا يعتبر عذراً مقبولاً، إذ كان رداً منها على تكليفها بالحضور إلى العمل، وإلا فصلت من الخدمة، لانقطاعها أكثر من المدة المقررة للانقطاع بدون إذن سابق، ومما يؤكد ذلك ما أثبته الكشف الطبي الذي وقع عليها في 21 أغسطس سنة 1958 من أنها لائقة للخدمة، إلا أنها رغم ذلك استمرت في انقطاعها عن العمل إلى أن صدر قرار مدير عام مصلحة المستشفيات العامة في 11 سبتمبر سنة 1958 بفصلها من الخدمة طبقاً لحكم المادة 112 سالفة الذكر ويبين من ذلك أن المطعون ضدها استمرت منقطعة عن العمل دون إذن سابق من 2 يونيه سنة 1958 إلى 21 أغسطس سنة 1958، ومن ذلك التاريخ حتى صدر قرار فصلها من الخدمة في 11 سبتمبر سنة 1958 ولم تقدم ما يثبت أن غيابها كان لعذر مقبول - ومن ثم يكون القرار الصادر بفصلها من الخدمة قد قام على السبب المبرر له قانوناً، وبني على وقائع صحيحة وتؤدي إليه وتنتجه قانوناً - ويكون طلب المطعون ضدها الحكم لها بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها من جراء فصلها من الخدمة في غير محله لانتفاء خطأ الإدارة في إصدارها قرار الفصل، ومن ثم لا تكون الشروط الموجبة للتعويض قد تكاملت في حق الوزارة الطاعنة.
ومن حيث إنه متى كان الأمر على النحو السالف الذكر، يكون القرار الصادر بفصل المطعون ضدها قد صدر مطابقاً للقانون، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضدها بالتعويض المؤقت قد صدر على غير حق ومخالفاً حكم القانون، حقيقاً بالإلغاء، مما يتعين الحكم بإلغائه، ورفض دعوى المطعون ضدها مع إلزامها بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعية بالمصروفات.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

تضمين الاستقالة طلب تطبيق قانون المعاشات لا يعد من قبيل الشروط التي تجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 693

(93)
جلسة 10 من مايو سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار مصطفى كامل إسماعيل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد طاهر عبد الحميد وأحمد علي البحراوي ومحمد صلاح الدين السعيد - المستشارين.

القضية رقم 449 لسنة 13 القضائية

موظف "انتهاء خدمة - الاستقالة".


تضمين الاستقالة طلب تطبيق قانون المعاشات لا يعد من قبيل الشروط التي تجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.
إن الطلبين اللذين تقدم بهما المدعي يبدى فيهما رغبته في الاستقالة كما هو واضح من سياق عباراتهما غير معلقين على أي شرط، ذلك أن طلب تطبيق قانون المعاشات في حقه، وهو ما كان سيجري حكمه عليه دون حاجة إلى التنبيه إليه لو كان له وجه حق في ذلك لا يعد من قبيل الشروط التي تجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المشار إليه، على أنه أياً كان وجه الرأي في مضمون الطلب الأول الذي أشار فيه المدعي إلى قانون المعاشات فإن الطلب الثاني المقدم منه بعد ذلك الذي استند إليه القرار المطعون فيه قد جاء خلواً من أي شرط مما ينفي أية مظنة يمكن أن تساند المدعي فيما يتحمل فيه الآن، وقد كان عليه أن يتدبر أمره في ضوء حكم القانون في شأن تسوية حالته قبل أن يقدم على الاستقالة أما وقد تقدم بها وألح في قبولها بطلب آخر لم يذكر به أكثر من أنه يطلب الموافقة على قبول استقالته من الخدمة فلا تثريب على الوزارة إن هي قبلت الاستقالة ورتبت عليها أثرها القانوني، ومن ثم يكون القرار الصادر منها في هذا الشأن قد جاء مطابقاً لأحكام القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 314 لسنة 10 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة العدل بعريضة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة في 17 من يونيه سنة 1963 ذكر فيها أنه كان يشغل وظيفة مراجع حسابي بالدرجة الرابعة الفنية بمصلحة الشهر العقاري، وإذ صدر قانون المعاشات الجديد بادر في 4 من يناير سنة 1963 بتقديم طلب لإحالته إلى المعاش وقد كانت دهشته بالغة بعد أن قبلت استقالته إذ تبين له أنه لا يستحق معاشاً بل يستحق مكافأة فقط، فبادر بتقديم طلب لإعادته إلى الخدمة ما دامت الإدارة لم تحقق له الشرط الذي قرن به استقالته، غير أنها لم تعر طلبه هذا التفاتاً مما اضطره إلى إقامة هذه الدعوى طالباً الحكم بأحقيته في العودة إلى العمل وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن القرار الصادر بقبول استقالة المدعي إنما صدر بناءً على طلب صريح منه غير معلق على أي شرط، ومن ثم يكون قد صدر سليماً مطابقاً للقانون وطلبت من أجل ذلك رفض الدعوى، وقد أحيلت هذه الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص حيث قيدت بجدولها تحت رقم 531 لسنة 19 القضائية، وبعد نظرها أمام هذه المحكمة المذكورة على الوجه الموضح بمحاضر جلساتها أصدرت بجلستها المنعقدة في 6 من فبراير سنة 1967 حكمها فيها قاضياً "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها على ما تبين لها من أن الإدارة قد قبلت استقالة المدعي بناءً على الطلب المقدم منه في 10 من يناير سنة 1963 بقبول استقالته وهو طلب غير معلق على أي شرط ومن ثم يكون القرار الصادر بقبول الاستقالة سليماً ولا وجه للطعن عليه وقد طعن المدعي في هذا الحكم وأقام طعنه على أن طلب الاستقالة الذي استند إليه القرار الصادر بقبولها وإن خلا من أي شرط إلا أنه لا يمكن فصله عن طلبه السابق الذي قرنه بشرط استحقاقه للمعاش اعتقاداً منه خطأ باستحقاقه معاشاً، وهذا الشرط يجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة النافذ وقتذاك، وعلى ذلك يكون القرار الصادر بقبول استقالته استناداً إلى طلب شابه غلط وقع فيه ودون أن تحقق له الإدارة الشرط الوارد به قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وقامت به إحدى حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.


ومن حيث إنه تبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي تقدم في 3 من يناير سنة 1963 بطلب إلى السيد أمين عام الشهر العقاري أبدى فيه رغبته في استقالته من الخدمة مع تسوية حالته طبقاً لقانون المعاشات وفي 10 من يناير سنة 1963 شفع هذا الطلب بطلب آخر التمس فيه الموافقة على قبول استقالته من الخدمة، وبناءً على هذا الطلب الأخير وبعد موافقة السيد وزير العدل عليه في 22 من يناير سنة 1963 وعملاً بأحكام المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة أصدر السيد وكيل الوزارة بمقتضى التفويض الصادر له قراراً بقبول الاستقالة المذكورة اعتباراً من 22 من يناير سنة 1963 تاريخ موافقة السيد وزير العدل على قبولها


ومن حيث إن الطلبين اللذين تقدم بهما المدعي يبدي فيهما رغبته في الاستقالة كما هو واضح من سياق عباراتهما غير معلقين على أي شرط، ذلك أن طلب تطبيق قانون المعاشات في حقه، وهو ما كان سيجري حكمه عليه دون حاجة إلى التنبيه إليه لو كان له وجه حق في ذلك لا يعد من قبيل الشروط التي تجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المشار إليه، على أنه أياً كان وجه الرأي في مضمون الطلب الأول الذي أشار فيه المدعي إلى قانون المعاشات، فإن الطلب الثاني المقدم منه بعد ذلك الذي استند إليه القرار المطعون فيه قد جاء خلواً من أي شرط مما ينفي أية مظنة يمكن أن تساند المدعي فيما يتحمل فيه الآن، وقد كان عليه أن يتدبر أمره في ضوء حكم القانون في شأن تسوية حالته قبل أن يقدم على الاستقالة، أما وقد تقدم بها وألح في قبولها بطلب آخر لم يذكر به أكثر من أنه يطلب الموافقة على قبول استقالته من الخدمة فلا تثريب على الوزارة إن هي قبلت الاستقالة ورتبت عليها أثرها القانوني، ومن ثم يكون القرار الصادر منها في هذا الشأن قد جاء مطابقاً لأحكام القانون ويكون طلب المدعي إلغاءه غير قائم - والحالة هذه - على أساس سليم من القانون متعين الرفض وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة، فإنه يكون قد صادف الحق في قضائه، ويتعين لذلك القضاء برفض الطعن، مع إلزام الطاعن بمصروفاته.

"فلهذه الأسباب"

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن بمصروفاته.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 30 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة إنما هو استثناء من أصل فلا يجوز التوسع في هذا الاستثناء وقياس الاستقالة عليه .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشر - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 229

(38)
جلسة 21 من مارس سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف إبراهيم الشناوي ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن المستشارين.

القضيتان رقما 430، 914 لسنة 13 القضائية

( أ ) موظف. انتهاء خدمة "الاستقالة الضمنية"


القرينة التي جاء بها المشرع لاعتبار الموظف مستقيلاً مقررة لمصلحة جهة الإدارة - للجهة الإدارية أعمالها واعتباره مستقيلاً أو إهمالها وتمضي في مساءلته تأديبياً - الإفصاح عن ذلك يتم في صورة قرار إداري وليس في صورة قرار تنفيذي.


(ب) موظف "انتهاء خدمة" قرار إداري "سحبه"


لا يسوغ لجهة الإدارة سحب القرار الصادر بإنهاء الخدمة استناداً إلى الاستقالة الصريحة أو الضمنية - لا يجوز القياس في هذه الحالة على ما هو مقرر بالنسبة إلى القرارات الصادرة بالفصل، أساس ذلك.
(جـ) موظف "إعادة التعيين" الاستقالة. الفصل من الخدمة.


إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة إنما هو استثناء من أصل فلا يجوز التوسع في هذا الاستثناء وقياس الاستقالة عليه - الفارق بين الاستقالة والفصل.


1 - إن المشرع قد جاء بقرينة يعد معها الموظف مستقيلاً وهذه القرينة مقررة لمصلحة الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف فإن شاءت أعملت القرينة في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن شاءت تغاضت عنه رغم توافر شروط أعمالها ولها ألا تعمل أثرها فلا تعتبر الموظف مستقيلاً وتمضي في مساءلته تأديبياً لانقطاعه بدون إذن 15 يوماً متتالية.

 
ومؤدى ذلك أن إعمال هذا الأثر يصدر عن الإدارة بما لها من سلطة تقديرية والإفصاح عنه يتم في صورة قرار إداري مكتمل لجميع مقوماته وليس في صورة قرار تنفيذي.


2 - لا يسوغ لجهة الإدارة سحب القرار الصادر بإنهاء الخدمة استناداً إلى الاستقالة الصريحة أو الضمنية لأن سحب قرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة ينطوي على إهدار الإدارة للضوابط والشروط التي فرضها المشرع على الإدارة عند إعادة العامل إلى الخدمة وحساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة.
ولا يجوز في هذه الحالة القياس على ما هو مقرر بالنسبة إلى القرارات الصادرة بالفصل لأنه ولئن كان الأصل في السحب أو الرجوع في القرارات الإدارية ألا يقع أيهما إعمالا لسلطة تقديرية أو لاعتبارات الملائمة إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على جواز إعادة النظر في قرارات الفصل من الخدمة سواء اعتبر قرار الفصل صحيحاً أو غير صحيح فسحبه جائز لاعتبارات إنسانية تقوم على العدالة والشفقة إذا المفروض أن تنفصم صلة العامل بالوظيفة بمجرد فصله ويجب لإعادته إلى الخدمة أن يصدر قرار جديد بالتعيين كما يجب احساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة في أقدميته أو يتم كل ذلك وفقاً للقيود والأوضاع التي فرضها القانون.


3 - إن إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة إنما هو استثناء من أصل فلا يجوز التوسع في هذا الاستثناء وقياس الاستقالة عليه هذا بالإضافة إلى وضوح الفارق بين الاستقالة والفصل فالاستقالة صريحة كانت أو ضمنية إنما تستند إلى إرادة الموظف الصريحة أو الضمنية والقرار الإداري الصادر بإنهاء خدمة الموظف استناد إلى الاستقالة الصريحة إنما يصدر بناء على طلب صريح من الموظف برغبته في إنهاء خدمته وهذه الرغبة الصريحة تمثل ركن السبب في القرار الإداري الصادر بإنهاء الخدمة كما أن الاستقالة الضمنية والتي فرضها المشرع بنص المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (والتي تقابل المادة 112 من القانون القديم) قد اعتبرت العامل مقدماً استقالته إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص له بها. فقرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة يصدر بناء على إرادة الموظف الضمنية في إنهاء خدمته وهذه إرادة تمثل ركن السبب في قرار إنهاء الخدمة ومن ثم لا يجوز سحبه لأن مبناه في الحالتين إرادة الموظف في إنهاء خدمته أما الفصل فيتم بإرادة الجهة الإدارية وحدها ويكون سحبه استثناء من الأصل إذا ما قدرت الإدارة أن قرارها بالفصل وإن صدر مطابقاً للقانون إنما ينطوي على خطأ في التقدير أو الملائمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.


من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.


ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهما أقامتا الدعوى رقم 658 لسنة 17 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد السيدين مدير جامعة القاهرة ووزير التعليم العالي بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة بتاريخ 5/ 2/ 1963 طلبتا الحكم (بإلغاء القرار الصادر من مدير جامعة القاهرة برقم 1954 بتاريخ 21/ 5/ 1961 القاضي بسحب القرار رقم 2942 الصادر في 18/ 7/ 1957 رفع اسم السيدة ألفت جلال الدين عثمان من سجلات الجامعة وصرف مرتبها من 15/ 5/ 1961 تاريخ استلامها العمل مع إلغاء جميع ما يترتب على هذا القرار من آثار وإلزام المدعى عليه الأول بصفته المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة).


وقالتا شرحاً لدعواهما أن السيدة ألفت جلال الدين عثمان كانت تعمل مثقفة للطالبات بالدرجة السادسة بالكادر الفني العالي وبتاريخ 14/ 4/ 1957 تقدمت بطلب للموافقة على منحها أجازة بدون مرتب لمدة سنة لمصاحبة زوجها الدكتور عبد الفتاح حسن عضو هيئة التدريس بكلية الهندسة بجامعة القاهرة لمناسبة إعارته إلى المملكة السعودية وبتاريخ 27/ 7/ 1957 لم يوافق مدير الجامعة على منحها الإجازة المطلوبة ولما كانت السيدة المذكورة لم تنتظر البت في طلبها وبادرت إلى السفر مع زوجها وانقطعت عن عملها فقد صدر القرار رقم 2942 في 18/ 8/ 1957 من السيد مدير الجامعة برفع اسمها من سجلات الجامعة لانقطاعها عن العمل أكثر من خمسة عشر يوماً بدون إذن وأخطرت السيدة المذكورة بهذا القرار في 24/ 8/ 1957 على عنوان زوجها بالمملكة السعودية.


وبتاريخ 27/ 8/ 1961 تقدمت السيدة ألفت بطلب إلى السيد مدير الجامعة تلتمس الموافقة على إعادتها إلى الخدمة بوظيفة مثقفة وقد صدر قرار السيد مدير الجامعة رقم 1954 بتاريخ 21/ 5/ 1961 بسحب القرار رقم 2942 الصادر في 18/ 8/ 1957 كما وافق السيد مدير الجامعة بتاريخ 4/ 12/ 1961 علي اعتبار مدة الانقطاع في الفترة من 15/ 4/ 1957 إلى 22/ 4/ 1961 مدة انقطاع فعلى بدون مرتب واعتبار أقدميتها في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي من تاريخ تعيينها في 1/ 3/ 1956 وتنعي المدعيتان على القرار المطعون فيه عدم مشروعيته وإجحافه بحقوقهما للأسباب الآتية - أولاً - أن القرار رقم 2942 الصادر في 18/ 7/ 1957 (المسحوب) صدر صحيحاً ممن ملكه وفي حدود القانون وأخطرت به السيدة المذكورة في 24/ 8/ 1957 ومرت قرابة الأربع سنوات دون أن تتظلم منه ومن ثم فقد أصبح حصيناً من الإلغاء مرتباً حقوقاً مكتسبة للطالبتين في تحديد أقدمياتهما في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي. ثانياً - أن السيدة ألفت حسين تقدمت بطلبها للإدارة لم تطلب سحب قرار رفع اسمها وإنما طلبت إعادتها للعمل وأنه وإن كان القانون رقم 210 لسنة 1951 يبيح للإدارة ذلك بشروط إلا أن تلك الشروط غير متوافرة في حالتها لأن مدة خدمتها تقل عن ثلاث سنوات. ثالثاً - إن استناد إدارة الجامعة في تبرير إصدار قرارها المطعون عليه إلى أن وظيفة السيدة المذكورة ظلت شاغرة مردود عليه بأن الإدارة عينت بعد رفع اسمها أربع مثقفات وأن الدرجة التي شغلها كانت خالية لسبب نقل المثقفة صفية الهلباوي إلى كلية الزراعة. رابعاً - أن القرار المطعون فيه لم ينشر إلا بعد تظلم الطاعنتين ولم تعلما به إلا قبل تظلمهما مباشرة وأن وجود السيدة ألفت في العمل كان في مفهوم الطاعنتين باعتباره تعييناً جديداً.
وبجلسة التحضير المنعقدة في 15/ 10/ 1963 طلبت السيدة ألفت جلال قبولها خصماً منضماً للحكومة في طلب الحكم برفض الدعوى على أساس أن لها مصلحة في التدخل، وقرر السيد المفوض قبول تدخلها خصماً ثالثاً.


وبتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1966 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مدير جامعة القاهرة رقم 1954 بتاريخ 21/ 5/ 1961 بسحب القرار رقم 2942 الصادر في 18/ 8/ 1957 برفع اسم السيدة/ ألفت جلال الدين عثمان من سجلات الجامعة وإعادتها للعمل مع ما يترتب على ذلك من آثار وذلك على الوجه المبين بالأسباب وألزمت الجامعة المصروفات وأقامت قضاءها هذا على أن القرار الصادر برفع اسم السيدة/ ألفت جلال الدين من سجلات الجامعة لاعتبارها مستقيلة طبقاً لنص المادة 112 من القانون 210 لسنة 1951 لا يعدو أن يكون قراراً تنفيذياً لا يسوغ لجهة الإدارة أن تعدل عنه ولا تملك إلغاءه أو سحبه وأنه مع التسليم جدلاً بأن جهة الإدارة تصدر في هذا الشأن قراراً إدارياً بترتيب حكم الاستقالة الحكمية فإن الثابت أن هذه الجهة قد أعملت سلطتها التقديرية في إنزال حكم القانون ومن ثم نشأ مركز قانوني حاصلة اعتبار السيدة المذكورة هاجرة لعملها باستقالة حكمية قبلت من جهة الإدارة لا يجوز لها بعد ذلك أن تصدر قراراً إدارياً مضاداً بدعوى أنها أعادت أعمال سلطتها التقديرية لأنه لا يجوز لجهة الإدارة أن تجعل من سلطتها التقديرية في ملائمة إصدار القرارات الإدارية مسوغاً لسحب القرارات الإدارية المشروعة أو إلغائها أو تعديلها وعلي ذلك يكون القرار المطعون فيه غير مشروع حقيقاً بالإلغاء على أن مفهوم تنفيذه الإلغاء في هذا الحكم إنما ينصب على اعتبار أن القرار المطعون فيه ساحباً لقرار الفصل وهو في حقيقته ووفق التطبيق السليم للقانون لا يصح ولا يسوغ إلا أن يكون قرار تعيين مجدد بالنسبة إلى المطعون عليها لا يسري إلا من تاريخ صدوره وليس من أي تاريخ آخر سابق على هذا الصدور وهو في هذه الحدود يعتبر مشروعاً ومن ثم يتعين إلغاء كل أثر له باعتبار أنه ساحب لقرار الفصل وقصر أثره على أنه قرار تعيين جديد يسري من تاريخ صدوره ويتعين تصحيحه على هذا الوضع وبذلك لا يكون من شأنه أن يمس بالمركز المكتسب للمدعيتين.

 
ومن حيث أن الطعنين يقومان على أساس أن قرار إنهاء الخدمة سواء اعتبر صحيحاً أم غير صحيح فإن سحبه جائز على أي الحالين وأن الإدارة بإصدارها القرار المسحوب لم تكن تهدف لإحداث مراكز قانونية في شأن المطعون ضدهما سواء من حيث الاقدمية أم غيرها وإنما هدفت إلى إنهاء خدمة السيدة ألفت جلال الدين فحسب الأمر الذي لا يسوغ معه للمطعون ضدهما الاعتراض على سحب قرارات فصل الموظفين ولو كانت سليمة دون تقيد بميعاد محدد على أساس العدالة.


ومن حيث إن السيد مفوض الدولة قدم تقريراً بالرأي القانوني مسبباً طلب فيه قبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهما المصروفات وذلك استناداً إلى أن القرار الصادر برفع اسم السيدة ألفت جلال الدين من سجلات الجامعة بسبب انقطاعها عن العمل لا يعدو أن يكون قراراً فصل من الخدمة فإن الإدارة بسحبها هذا القرار تكون قد استعملت رخصة ممنوحة لها مقتضاها جواز سحب قرارات الفصل ولو كانت مشروعة.


ومن حيث إن القرار الصادر بإنهاء خدمة السيدة ألفت جلال الدين إنما صدر إعمالاً لنص المادة 112 من القانون 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة والتي تنص على أن (يعتبر الموظف مستقيلاً في الحالتين الآتيتين: (1) إذا انقطع عن عمله بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخصاً له بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان لعذر مقبول، وفي هذه الحالة يجوز لوكيل الوزارة المختص أن يقرر عدم حرمانه من مرتبه عن مدة الانقطاع).
ومن حيث أن المشرع قد جاء بقرينة يعد معها الموظف مستقيلاً وهذه القرينة مقررة لمصلحة الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف فإن شاءت أعملت القرينة في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن شاءت تغاضت عنه رغم توافر شروط أعمالها ولها ألا تعمل أثرها فلا تعتبر الموظف مستقيلاً وتمضي في مساءلته تأديبياً لانقطاعه بدون إذن 15 يوماً متتالية.


ومؤدي ذلك أن إعمال هذا الأثر يصدر عن الإدارة بما لها من سلطة تقديرية والإفصاح عنه يتم في صورة قرار إداري مكتمل لجميع مقوماته وليس في صورة قرار تنفيذي كما ذهب الطاعنون في مذكراتهم.
ومن حيث أن الأصل أن إعادة الموظف إلى الخدمة إنما يكون طبقاً للشروط والأوضاع التي نصت عليها المادة 12 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والتي تنص على أنه "يجوز إعادة تعيين العاملين في الوظائف السابقة التي كانوا يشغلونها إذا توافرت فيهم الشروط المطلوبة في شاغل الوظيفة الشاغرة وعلي أن يكون التقريران الأخيران المقدمان عنه في وظيفته السابقة بتقدير جيد على الأقل".


على أنه لا يجوز تعيين العاملين في غير أدني درجات التعيين إلا في حدود 10% من الوظائف الخالية بها.

 
كما أن الأصل عند تحديد أقدمية الموظف المعاد إلى الخدمة هو إسقاط المدة التي قضاها خارج الوظيفة إلا إذا كان قد قضاها مشتغلاً بعمل يفيد منه خبرة وذلك عملاً بالمادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة وطبقاً للقواعد التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء عل اقتراح ديوان الموظفين وقد صدر بهذه القواعد قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وطبقاً لهذه القوانين لا تضم مدد الخدمة السابقة إلا إذا كانت قد قضيت في عمل يفيد الموظف خبرة في عمله الجديد وأن تكون المدة المضمومة قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها وألا تقل هذه المدة عن سنتين إذا كانت قد قضيت في غير الحكومة أو الأشخاص الإدارية العامة.
ومن حيث إن هذه القواعد لا زال معمولاً بها في ظل العمل بأحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وذلك عملاً بالقانون رقم 158 لسنة 1964 بوضع أحكام وقينة للعاملين المدنيين بالدولة وقرار رئيس الجمهورية رقم 2264 لسنة 1964 بقواعد وشروط نقل العاملين إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم الخالية والذي صدر تنفيذاً له وقد نصت المادة الثامنة منه على أن (يكون تعيين العاملين لأول مرة في الدرجات المعادلة للدرجات المنصوص عليها في الفقرتين الأولي والثانية من المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أو كادر عمال الدرجة حسب الأحوال.
كما يجوز التعيين في غير هذه الدرجات وفقاً لأحكام المادتين 23 و24 من القانون المشار إليه بشأن مراعاة مدد العمل السابقة في تحديد درجة التعيين والمرتب والأقدمية

.
ومن حيث أنه لا يسوغ لجهة الإدارة سحب القرار الصادر بإنهاء الخدمة استناداً إلى الاستقالة الصريحة أو الضمنية لأن سحب قرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة ينطوي على إهدار الإدارة للضوابط والشروط التي فرضها المشرع على الإدارة عند إعادة العامل إلى الخدمة وحساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة.
ولا يجوز في هذه الحالة القياس على ما هو مقرر بالنسبة إلى القرارات الصادرة بالفصل لأنه ولئن كن الأصل في السحب أو الرجوع في القرارات الإدارية ألا يقع أيهما إعمالاً لسلطة تقديرية أو لاعتبارات الملائمة إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على جواز إعادة النظر في قرارات الفصل من الخدمة سواء اعتبر قرار الفصل صحيحاً أو غير صحيح فسحبه جائز لاعتبارات إنسانية تقوم على العدالة والشفقة إذ المفروض أن تنفصم صلة العامل بالوظيفة بمجرد فصله ويجب لإعادته إلى الخدمة أن يصدر قرار جديد بالتعيين كما يجب لحساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة في أقدميته أو يتم كل ذلك وفقاً للقيود والأوضاع التي فرضها القانون على الوجه الذي سلف بيانه.


ومتى ثبت أن إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة إنما هو استثناء من أصل فلا يجوز التوسع في هذا الاستثناء وقياس الاستقالة عليه هذا بالإضافة إلى وضوح الفارق بين الاستقالة والفصل فالاستقالة صريحة كانت أو ضمنية إنما تستند إلى إرادة الموظف الصريحة أو الضمنية والقرار الإداري الصادر بإنهاء خدمة الموظف استناداً إلى الاستقالة الصريحة إنما يصدر بناء على طلب صريح من الموظف برغبته في إنهاء خدمته وهذه الرغبة الصريحة تمثل ركن السبب في القرار الإداري الصادر بإنهاء الخدمة كما أن الاستقالة الضمنية والتي فرضها المشرع بنص المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (والتي تقابل المادة 112 من القانون القديم) قد اعتبرت العامل مقدماً استقالته إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص له بها.. فقرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة يصدر بناء على إرادة الموظف الضمنية في إنهاء خدمته وهذه إرادة تمثل ركن السبب في قرار إنهاء الخدمة ومن ثم لا يجوز سحبه لأن مبناه في الحالتين إرادة الموظف في إنهاء خدمته أما الفصل فيتم بإرادة الجهة الإدارية وحدها ويكون سحبه استثناء من الأصل إذا ما قدرت الإدارة أن قرارها بالفصل وإن صدر مطابقاً للقانون إنما ينطوي على خطأ في التقدير أو الملاءمة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد أنهت خدمة السيدة ألفت جلال الدين عثمان باعتبارها منفصلة لانقطاعها عن عملها بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية عملاً بحكم المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه فلا تسوغ بعد ذلك سحب القرار الصادر بإنهاء خدمتها لمخالفة ذلك للقانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى هذه النتيجة قد أصاب الحق في قضائه ويتعين لذلك رفض الطعنين مع إلزام كل من مدير الجامعة وهو الطاعن ذو الشأن في الطعن رقم 43 لسنة 13 ق والسيدة ألفت جلال الدين عثمان الطاعنة في الطعن رقم 914 ق لسنة 13 ق بمصروفات الطعن.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين المضمومين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وألزمت كلاً من الطاعنين بمصروفات طعنه.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 275 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

انقطاع الموظف عن العمل دون عذر مقبول أكثر من المدة القانونية مما يترتب عليه اعتباره مستقيلاً يتحقق معه ركن الخطأ المستوجب للمسئولية - ولا يدرأ مسئولية الإخلال بالتعهد عرض الرغبة من جديد في العودة إلى العمل الذي استقال منه - أساس ذلك.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1971 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) - صـ 351

(52)
جلسة 26 من يونيه سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ يوسف إبراهيم الشناوي - رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة: محمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأحمد حسن العتيق - المستشارين.

القضية رقم 1774 لسنة 14 القضائية

موظف - التعهد بالعمل المدة المحددة بالتعهد - انقطاع الموظف عن العمل دون عذر مقبول أكثر من المدة القانونية مما يترتب عليه اعتباره مستقيلاً يتحقق معه ركن الخطأ المستوجب للمسئولية - ولا يدرأ مسئولية الإخلال بالتعهد عرض الرغبة من جديد في العودة إلى العمل الذي استقال منه - أساس ذلك.
إنه ثابت من الأوراق أن المطعون عليها الأولى قد انقطعت عن العمل بدون عذر مقبول أكثر من المدة القانونية مما حدا بالجامعة إلى فصلها قبل انتهاء مدة الخمس سنوات المحددة بالتعهد، الأمر الذي يبين منه قيام ركن الخطأ في جانبها المستوجب لمسئوليتها ولما كان التعهد المأخوذ على المذكورة يلزمها بالاستمرار بالعمل في وظيفة مساعدة ممرضة بمستشفيات جامعة القاهرة لمدة الخمس سنوات سالفة الذكر، فإن التزامها برد نفقات تعليمها يتحقق بمجرد إخلالها بالتعهد الموقع عليه منها، ومن ثم فإنها تكون ملزمة هي وولي أمرها بطريق التضامن برد جميع المبالغ والنفقات التي أنفقت عليها أثناء مدة دراستها.


ومن حيث إنه قد تبين مما تقدم أن الإخلال بالتعهد قد وقع من جانب المطعون ضدها الأولى وبإرادتها وحدها، فمن ثم فلا يدرأ عنها مسئولية هذا الإخلال أن تعرض رغبتها من جديد في العودة إلى العمل الذي استقالت منه، لأن تلك الرغبة لم تصادف قبولاً من جهة الإدارة كما أن إعادة إلحاق المطعون ضدها بالعمل إنما هو أمر تترخص فيه جهة الإدارة وفقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة بما لا معقب عليها في هذا الشأن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.


من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.


ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعى عليها الأولى كانت قد التحقت بمدرسة مساعدات الممرضات وتعهدت بأن تعمل في وظيفة مساعدة ممرضة بمستشفيات جامعة القاهرة خمس سنوات على الأقل بعد حصولها على شهادة مساعدة ممرضة، فإذ أخلت بهذا التعهد تكون ملزمة مع ولي أمرها المدعى عليه الثاني بطريق التضامن برد جميع المبالغ التي صرفت عليها والنفقات التي تكلفتها المستشفيات أثناء فترة دراستها تطبيقاً للمادة 25 من لائحة المدرسة - وأنها لما كانت قد أخلت بهذا التعهد، إذ أنها بعد أن عينت مساعدة ممرضة بمستشفيات جامعة القاهرة اعتباراً من 7 من أغسطس سنة 1963 انقطعت عن العمل فصدر قرار بفصلها في 2 من يناير سنة 1965 اعتباراً من تاريخ انقطاعها عن العمل في 9 من ديسمبر سنة 1964، فإنها تكون ملزمة بسداد قيمة المصروفات التي أنفقتها الجامعة عليها وقدرها 74 جنيهاً و769 مليماً وذلك بطريق التضامن مع المدعى عليه الثاني وفقاً للتعهد المأخوذ عليهما.


وبجلسة 19 من مايو سنة 1968 قضت المحكمة برفض الدعوى وألزمت جامعة القاهرة بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن المدعى عليها الأولى عندما طالبتها الجامعة بسداد هذه النفقات تقدمت بطلب مؤرخ في 10 من مايو سنة 1965 تلتمس فيه إعادتها للعمل لأن حالتها المادية لا تسمح بدفع المبلغ المطلوب، ولكن مدير عام المستشفيات رفض هذا الطلب رغم أن لجنة شئون العاملين بمستشفيات الجامعة كانت قد وافقت على إعادة تعيينها، وقالت المحكمة في حكمها إن التنفيذ العيني وإن كان هو الأصل بصفة عامة، إلا أن تنفيذ الالتزام الذي يكون محله قيام المديرين بعمل معين قهراً يكون غير منتج أو غير ممكن ومن ثم يتحول حق الدائن إلى الالتزام البدلي، ومحله دفع مبلغ من النقود وتنفيذه ممكن وجائز في أي وقت، وأنه ينبني على ذلك أنه متى كان تنفيذ الالتزام الأصلي ممكناً وجائزاً، فإنه لا يجوز للدائن أن يتمسك بتنفيذ الالتزام الاحتياطي الذي لا يقوم إلا في حالة عدم إمكان الوفاء بالالتزام الأصلي عملاً بمبدأ ضرورة تنفيذ العقود بحسن نية - وخلصت المحكمة من ذلك إلى أنه متى كانت المدعى عليها الأولى لا تمانع في تنفيذ التزامها عيناً، إذ طلبت إعادة تعيينها في وظيفتها مما يثبت إمكان تنفيذ الالتزام الأصلي عيناً بإرادة المدين، فإن طلب تنفيذ الالتزام الاحتياطي، الذي لا يقوم إلا في حالة عدم إمكان تنفيذ الالتزام الأصلي، ويكون غير قائم على أساس سليم من القانون مما يتعين رفضه، وانتهى الحكم إلى أن المدعى عليها الأولى لم تخل بالتعهد المأخوذ عليها، إذ كان يتعين على الجامعة الاستجابة لطلبها وإعادة تعيينها، مما يؤدي إلى عدم مسئوليتها، ومن ثم قضت المحكمة برفض دعوى الجامعة وإلزامها بالمصروفات.


ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، لأنه يتعارض مع القواعد العامة في المسئولية العقدية، ذلك أن التعهد المأخوذ على المذكورة يلزمها بالاستمرار في العمل في وظيفة مساعدة ممرضة لمدة خمس سنوات التالية مباشرة لتخرجها، وأن التزامها برد نفقات تعليمها يتحقق بمجرد إخلالها بالتعهد، أي بمجرد عدم قيامها أو انقطاعها عن العمل أكثر من المدة القانونية، لأن العقد شريعة المتعاقدين، وأنه يجب تنفيذه طبقاً لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما توجبه حسن النية في المعاملات، فإذا استحال على المدين تنفيذ التزامه عيناً حُكم عليه بالتعويض ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد تنشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه، وأنه متى كان ثابتاً أن المذكورة قد انقطعت عن العمل بدون عذر مقبول أكثر من المدة القانونية مما حدا بالجامعة إلى فصلها قبل انتهاء مدة الخمس سنوات المحددة في التعهد مما يقيم في جانبها ركن الخطأ المستوجب لمسئوليتها، ولا يعفيها من هذه المسئولية إلا إذا كان عدم استمرارها في العمل راجعاً إلى سبب أجنبي، وأن مجرد عدم وفاء المدينة بالتزامها أو تأخرها في الوفاء به يعتبر في حد ذاته خطأ يكفي لمساءلتها عما تقوم به، بل يقوم ركن الخطأ بمجرد الإخلال بأي قدر التزمت به - وذهبت الطاعنة في طعنها إلى أن عدم قيام الجامعة بإعادة تعيين المذكورة لا يرقى إلى مرتبة السبب الأجنبي المعفي من المسئولية لأن ملء الوظائف الشاغرة مرتبط بظروف الميزانية واحتياجات المستشفيات الفعلية لمساعدات الممرضات وهو أمر متروك أمره للجهة الإدارية باعتبارها المسئولة عن حسن سير المرافق العامة، تترخص فيها بسلطتها التقديرية بلا معقب عليها إلا في أحوال إساءة استعمال السلطة - وانتهت الطاعنة إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به برفض الدعوى والحكم بإلزام المطعون ضدهما متضامنتين بأن يدفعا لها مبلغ 74 جنيهاً و769 مليماً والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.


ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن المطعون عليها الأولى قد انقطعت عن العمل بدون عذر مقبول أكثر من المدة القانونية مما حدا بالجامعة إلى فصلها قبل انتهاء مدة الخمس سنوات المحددة بالتعهد، الأمر الذي يبين منه قيام ركن الخطأ في جانبها المستوجب لمسئوليتها ولما كان التعهد المأخوذ على المذكورة يلزمها بالاستمرار في العمل في وظيفة مساعدة ممرضة بمستشفيات جامعة القاهرة لمدة الخمس سنوات سالفة الذكر، فإن التزامها برد نفقات تعليمها يتحقق بمجرد إخلالها بالتعهد الموقع عليه منها، ومن ثم فإنها تكون ملزمة هي وولي أمرها بطريق التضامن برد جميع المبالغ والنفقات التي أنفقت عليها أثناء مدة درستها.


ومن حيث إنه قد تبين مما تقدم أن الإخلال بالتعهد قد وقع من جانب المطعون ضدها الأولى وبإرادتها وحدها، فمن ثم فلا يدرأ عنها مسئولية هذا الإخلال أن تعرض رغبتها من جديد في العودة إلى العمل الذي استقالت منه، لأن تلك الرغبة لم تصادف قبولاً من جهة الإدارة كما أن إعادة إلحاق المطعون ضدها بالعمل إنما هو أمر تترخص فيه جهة الإدارة وفقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة بما لا معقب عليها في هذا الشأن.


ومن حيث إنه لذلك فإنه يتعين الحكم برد المبالغ التي أنفقت عليها كما يتعين إلزام ولي أمرها بطريق التضامن معها بسداد هذا المبلغ وفقاً للتعهد المأخوذ عليهما، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه وإلزام المطعون ضدهما بأن يدفعا للجامعة متضامنين النفقات الدراسية المذكورة وقدرها 74 جنيهاً و769 مليماً مع الفوائد القانونية والمصاريف.


ومن حيث إن المبلغ المطالب به معلوم وقت الطلب، ومن ثم فإنه تستحق عنه للمحافظة المدعية فوائد تأخيرية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تاريخ الوفاء.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يدفعا إلى جامعة القاهرة مبلغ أربعة وسبعين جنيهاً وسبعمائة وتسعة وستين مليماً وفوائده بواقع 4% (أربعة في المائة) سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 26 من ديسمبر سنة 1966 حتى السداد وبالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 66 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

استقالة موظف أعتزال الخدمة وفقا لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 12/ 1953 لا يعدو أن يكون استقالة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا


السنة الثامنة عشر (من أول أكتوبر سنة 1972 إلى آخر سبتمبر سنة 1973) - صـ 62

(36)
جلسة 18 من فبراير سنة 1973

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح بيومي نصار- نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: أحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد محمد فهمي طاهر ويوسف شلبي يوسف - المستشارين.

في القضية رقم 599 لسنة 15 القضائية

(أ) موظف "معاش" الافادة من أحكام القانون رقم 33 لسنة 1964 مناطه توافر شروط استحقاق المعاش وفقا للمرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 فيما عدا شرط التثبيت.
(ب) تيسير اعتزال الخدمة "استقالة"
اعتزال الخدمة وفقا لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 12/ 1953 لا يعدو أن يكون استقالة.
أن القانون رقم 33 لسنة 1964 بمنح معاشات للموظفين والمستخدمين الذين انتهت خدمتهم قبل أول

أكتوبر سنة 1956 ولم يحصلوا على معاش نص في مادته الثانية على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام المنصوص عليها في هذا القانون تسرى الأحكام الواردة في المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 والقوانين المعدلة له على المعاشات التي تقرر للموظفين والمستخدمين المشار إليهم في المادة السابقة وكذلك ورثة من توفي منهم" وقد أشارت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون إلى أن الهدف منه هو منح معاشات للموظفين غير المثبتين الذين كانوا على درجات دائمة في تاريخ 16 من يناير سنة 1935 أو بعد هذا التاريخ وأوقف تثبيتهم بقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من يناير سنة 1935 وتركوا الخدمة في الفترة ما بين هذا التاريخ وأول أكتوبر سنة 1956 على أن يكون تقريرها وفقأ للأحكام الواردة في المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 والقوانين المعدلة له ومن ثم يكون القانون رقم 33 لسنة 1964 قد جعل منح المعاش معلقا على توافر شروط استحقاق الموظف للمعاش وفقا للمرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 في شأن المعاشات الملكية فيما عدا شرط التثبيت.

 
إن خدمة المدعى انتهت بناء على موافقة الوزارة على طلبة المقدم إليها برغبته في اعتزال الخدمة مع الإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1953 بشأن قواعد تيسير اعتزال الخدمة للموظفين المشتركين في صندوق الادخار والذي جاء به "أن المادة 16 من المرسوم بقانون رقم 316 لسنة 1952 تقضى بأن الموظف المشترك في صندوق الادخار الذي يستقيل من الحكومة قبل أن تبلغ مدة خدمته خمسا وعشرين سنة أو قبل بلوغه سن الخمسين لا تؤدى إليه إلا الأموال التي خصمت من مرتبه فقط مع فائدة مركبة سعرها 3% سنويا. . ونظر لأن الموظفين غير المثبتين الراغبين في اعتزال الخدمة قد يضارون من استقالتهم بسبب حرمانهم من حصة الحكومة في حالة عدم استيفائهم للشروط المنصوص عليها في المادة 16 المشار إليها... لذلك ورغبة في أن يستفيد الموظفين المشتركون في صندوق الادخار بمزايا مناسبة عند تركهم الخدمة فقد رؤى أن يرخص لهؤلاء الموظفين في اعتزال الخدمة مع صرف مرتب سنتين وحفظ حقهم في الحصول على الأموال المدخرة لحسابهم كاملة (المبالغ التي أدها الموظف وحصة الحكومة مع فوائدها) وذلك وفقا للقواعد الآتية:
أولا: أن يتم اعتزال الخدمة بالطرق الإدارية المعتادة وبعد موافقة الوزير المختص.
ثانيا: أن يقتصر منح هذه المزايا على الموظفين الذين يتقدمون باستقالتهم حتى 2 يناير سنة 1954.
ثالثا: أن يكون الموظف قد أمضى في الخدمة خمس عشرة سنة على الأقل بصرف النظر عن السن أو أن يكون قد بلغ سن الخمسين على الأقل بصرف النظر عن مدة الخدمة.
رابعا: يؤدى صندوق الادخار إلى الموظف المستقيل الأموال المدخرة كاملة محسوبة حتى تاريخ الاستقالة.
خامسا: تصرف الوزارة أو المصلحة المختصة للموظف المستقيل مرتبه خلال سنتين من أول يناير سنة 1954.
يبين من قرار مجلس الوزراء المشار إليه أن الطلب الذي يقدمه الموظف برغبته في اعتزال الخدمة للإفادة من أحكامه لا يعدو أن يكون استقالة من الخدمة تقدم بمحض إرادته وتتم بالطرق الإدارية المعتادة دون تدخل من جانب مجلس الوزراء في قبول تلك الاستقالة أو رفضها وغاية ما في الأمر أن الموظف الذي تكون مدة خدمته قد بلغت خمس عشرة سنة على الأقل وقدم استقالته في موعد غايته 2من يناير سنة 1954 يفيد من المزايا التي حددها القرار المشار إليه وحاصلها أن يؤدي إليه صندوق الادخار الأموال المدخرة كاملة محسوبة حتى تاريخ الاستقالة وأن تصرف له الوزارة أو المصلحة المختصة مرتبه خلال سنتين من أول يناير سنة 1954وهو ما تحقق فعلا بالنسبة للمدعى ومن ثم فان الحكم المطعون فيه يكون قد جانبه التوفيق في استظهار الوقائع حين ذهب إلى أن خدمة المدعى قد انتهت طبقا لقرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من نوفمبر سنة 1953 وأخطأ بالتالي حين استخلص من ذلك أن خدمة المدعى انتهت بمقتضى قرار مجلس الوزراء الذي يصدر بالموافقة على اعتزاله الخدمة وأنه من ثم يسري في شأن المدعي حكم المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 التي تقرر معاشات للموظفين الذين تركوا الخدمة بسبب إلغاء الوظيفة أو الوفر بأمر ملكي أو بقرار خاص من مجلس الوزراء إذا كانت مدة خدمتهم خمس عشرة سنة أو أكثر. إن المدعي قد استقال من الخدمة قبل أن يبلغ الخمسين من عمره ودون أن يكون قد أمضى في الخدمة خمسا وعشرون سنة كاملة فإنه لا يستحق معاش بالتطبيق لأحكام المادتين 13، 58 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 ومن ثم لا يفيد من أحكام القانون رقم 33 لسنة 1964.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 37 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

المركز القانوني القائم على إنهاء خدمة الموظف بسبب الحكم عليه في جريمة إصدار شيك بدون رصيد، إذا ما اعتبرت جريمة مخلة بالشرف، يلزم لنشوئه صدور قرار إداري بمعناه الصحيح المتعارف عليه بقصد إنشاء هذا المركز القانوني.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 745

(99)
جلسة 31 من مايو سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد طاهر عبد الحميد وأحمد علي البحراوي وعلي لبيب حسن - المستشارين.

القضية رقم 811 لسنة 12 القضائية [(1)]

( أ ) - موظف "انتهاء خدمة". أسبابها - حكم في جريمة مخلة بالشرف.
القانون رقم 210 لسنة 1951 - انتهاء خدمة الموظف بسبب الحكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف - المركز القانوني لهذا الموظف لا يتغير تلقائياً بمجرد صدور حكم من هذا القبيل - لا بد من تدخل الإدارة، بحسب تقديرها لقيام ظرف الإخلال بالشرف، بعمل إيجابي تنزل به حكم القانون على وضعه الفردي متى قدرت توفر شروط انطباقه في حقه - سلطة الإدارة التقديرية في تكييف طبيعة الجريمة الصادر فيها الحكم ومدى العقوبة المقضي بها وأثرها.
(ب) - موظف - "انتهاء خدمة" أسبابها. الحكم عليه في جريمة إصدار شيك بدون رصيد.
المركز القانوني القائم على إنهاء خدمة الموظف بسبب الحكم عليه في جريمة إصدار شيك بدون رصيد، إذا ما اعتبرت جريمة مخلة بالشرف، يلزم لنشوئه صدور قرار إداري بمعناه الصحيح المتعارف عليه بقصد إنشاء هذا المركز القانوني - لا يسوغ للمحكمة التأديبية أن تستنبط افتراض وجود مثل هذا القرار - مثال.
(جـ) - موظف "انتهاء خدمة - فصل".
حق الإدارة في عزل الموظف إدارياً، متى قام موجبه، دون إحالته إلى المحاكمة التأديبية لا يعني أن هذا الحق منوط بهذه الجهة وحدها - يجوز لها إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية إذا ما رأت وجهاً لذلك - لا وجه للتحدي بوجوب صدور قرار إنهاء الخدمة من الجهة الإدارية ومن المحكمة التأديبية. أساس ذلك.
(د) - موظف "مسئولية تأديبية".
ترك الموظف للخدمة لا يترتب عليه الإفلات من المساءلة التأديبية عما يكون قد ارتكبه أثناء قيام الرابطة الوظيفية.
1 - لئن كان البادي من استظهار نص الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة السابق الإشارة إليه أنه قد أورد في مجال أعماله حكماً تنظيمياً عاماً مفاده إنهاء رابطة التوظف بسبب الحكم على الموظف في جناية أو جريمة مخلة بالشرف إلا أن المركز القانوني لهذا الموظف لا يتغير تلقائياً بمجرد صدور حكم من هذا القبيل وإنما تتدخل الإدارة - بحسب تقديرها لقيام الإخلال بالشرف - بعمل إيجابي تنزل به حكم القانون على وضعه الفردي متى قدرت توفر شروط انطباقه في حقه، وهي في سبيل ذلك إنما تتدخل بسلطتها التقديرية في تكييف طبيعة الجريمة الصادر فيها الحكم ومدى العقوبة المقضي بها وأثرها.
2 - إن المركز القانوني القائم على إنهاء خدمة الطاعنة بسبب الحكم عليها في جرائم إصدار شيكات بدون رصيد، إذا ما اعتبرت جرائم مخلة بالشرف يلزم لنشوئه صدور إفصاح ممن يملكه بقصد إنشاء هذا المركز القانوني المعين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً، أي صدور قرار إداري بمعناه الصحيح المتعارف عليه وهو الأمر غير المتحقق حتى الآن بغير جدال في شأن الطاعنة، فإنه لا يسوغ للمحكمة التأديبية أن تستنبط افتراض وجود مثل هذا القرار أو أن تعتبر خدمة المذكورة منتهية تلقائياً بمجرد صدور الأحكام النهائية الموجبة لذلك، وإنما كان يتعين عليها وقد استبان لها أن الطاعنة قد أدينت في جرائم اعتبرت مخلة بالشرف وتحقق بذلك مناط تطبيق حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 سالفة الذكر أن تقرر إنزال حكم القانون بإنهاء الرابطة الوظيفية بوصف أن ذلك هو الجزاء الحتمي لقاء ما اقترفته الطاعنة وأدينت بسببه، دون أن - يحتج على المحكمة بأنها لا تملك توقيع مثل هذا الجزاء بمقولة أن العزل في هذه الحالة حق مقصور على الجهة الإدارية وحدها.
3 - ولئن كان مفاد الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة المشار إليه أن المشرع قد خول الجهة الإدارية الحق في عزل الموظف إدارياً متى قام موجبه دون إحالته إلى المحاكمة التأديبية، إلا أنه ليس معنى ذلك أن هذا الحق منوط بالجهة الإدارية وحدها بل إن لها كذلك إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية، إذا ما رأت وجهاً لذلك، وفي هذا مصلحة محققة للموظف، إذ ليس من شك في أن محاكمة الموظف تأديبياً ضمان أوفى له من مجرد عزله بقرار إداري، ومن ثم فإن تمسك الطاعنة بوجوب صدور قرار بإنهاء خدمتها من الجهة الإدارية دون المحكمة التأديبية يكون قائماً على حجة داحضة ويتعين اطراحه.
4 - إن واقعة ترك الخدمة لأي سبب كان لا يترتب عليها إفلات الموظف من المساءلة التأديبية عما يكون قد ارتكبه في أثناء قيام الرابطة الوظيفية، وإنما يكون من حق الجهة الإدارية تتبعه ومجازاته عما جناه في حقها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 21 من فبراير سنة 1966 فإن ميعاد الطعن فيه ينتهي يوم 22 من إبريل سنة 1966، إلا أنه لما كان هذا اليوم قد صادف عطلة رسمية - يوم الجمعة - وكان اليوم التالي عطلة رسمية أيضاً بمناسبة رأس السنة الهجرية، فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل بعدهما، وفقاً لحكم المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية النافذ وقتذاك، وإذ أودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، في اليوم التالي لنهاية العطلة الرسمية وهو يوم 24 من إبريل سنة 1966، فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد المقرر قانوناً، ويكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن النيابة الإدارية أودعت في 7 من مارس سنة 1963 قلم كتاب المحكمة التأديبية لموظفي وزارة التربية والتعليم أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت بسجل المحكمة المذكورة تحت رقم 40 لسنة 5 القضائية وأرفقت بها تقرير اتهام ضد السيدة/ كريمة محمد فؤاد سالم المدرسة بالمدرسة الإنجيلية الابتدائية بالدرجة السادسة متضمناً اتهامها بأنها في غضون المدة من عام 1958 حتى عام 1962 بمحافظة القاهرة وبوصفها مدرسة تابعة لمنطقة شرق القاهرة التعليمية، خالفت ما يجب أن يكون عليه الموظف العام بصفة عامة، ومربي النشء بصفة خاصة من حسن السير والسلوك، وذلك بأن قامت بإصدار شيكات بدون رصيد واعتادت ذلك على نحو يخالف مقتضى حسن النية فضلاً عن قيامها بتبديد أشياء محجوز عليها ومسلمة إليها كحارسة، الأمر الذي ترتب عليه صدور أحكام جنائية نهائية متعددة عليها، فأهدرت بذلك كرامة الوظيفة العامة وضربت أسوأ مثل لما يمكن أن يكون عليه شاغل هذه الوظيفة، وبذلك تكون المتهمة قد ارتكبت المخالفات الإدارية المنصوص عليها في المادتين 6 فقرة 2، 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة. وطلبت النيابة الإدارية محاكمتها طبقاً للمادتين المذكورتين والمادتين 14، 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958. وبسطت النيابة الإدارية الوقائع في مذكرتها المرفقة بتقرير الاتهام وهي تتحصل في أن شكوى قدمت ضد السيدة المذكورة تضمنت طعناً في أخلاقها وسلوكها وأن عدداً من الأحكام الجنائية صدرت بإدانتها في جرائم نصب واحتيال وأنها كثيراً ما تتغيب عن عملها في إجازات مرضية وعرضية. وقد قام قسم الرقابة الإدارية بفحص الشكوى وملف الخدمة فتبين له أنها تزوجت مرتين ولم تثبت ضدها واقعة المعاشرة غير الشرعية التي نسبتها إليها الشكوى كما اتضح له أنها تعاني من اضطراب نفسي مصحوب بأرق وأنها منحت بسبب ذلك إجازة قدرها 140 يوماً في السنة الدراسية 1959/ 1960 من مجموع أيام هذه السنة وقدرها 160 يوماً كما منحت 43 يوماً إجازة مرضية منذ عملها بالمدرسة الإنجيلية اعتباراً من 18 من أكتوبر سنة 1961. وقد ثبت أن السيدة المذكورة اتهمت في قضيتين الأولى برقم 79 جنح الدرب الأحمر لسنة 1962 بتهمة إصدار شيك بدون رصيد، والثانية برقم 2383 جنح الخليفة لسنة 1961 بتهمة تبديد أشياء محجوز عليها. وقد استعرضت مذكرة النيابة الإدارية الأحكام الجنائية النهائية الصادرة بإدانة السيدة المذكورة على النحو المفصل بها، وخلصت إلى أنها تتعلق بإصدار المتهمة عدداً من الشيكات بسوء نية دون أن يكون لها رصيد قائم وقابل للسحب وتبديدها المنقولات المحجوز عليها قضائياً والمسلمة لها على سبيل الوديعة بصفتها حارسة عليها. وطلبت النيابة الإدارية فصل المتهمة من الخدمة لفقدها شرط حسن السمعة، وهو من شروط الصلاحية للبقاء في الوظيفة العامة والاستمرار فيها. وفي مذكرة لاحقة قررت النيابة الإدارية أنه لا مجال لتطبيق المادة 107 فقرة 8 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على حالة السيدة المذكورة وإنهاء خدمتها لأن الأحكام تضاربت في شأن ما إذا كانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف أم لا تعتبر كذلك. وبجلسة 21 من فبراير سنة 1966 قضت المحكمة التأديبية "بحرمان المتهمة السيدة/ كريمة محمد فؤاد سالم من المعاش لمدة ثلاثة أشهر" وأقامت قضاءها على أن المتهمة قد صدرت ضدها أحكام كثيرة في جرائم متعددة متعلقة بإصدار شيكات بدون رصيد بعضها نافذ المفعول وبعضها مشمول بوقف التنفيذ، وأن ما ارتكبته المتهمة من مخالفات بتكرارها ارتكاب جرائم إصدار الشيكات بدون رصيد يدل على أنها استمرأت الجريمة وقطعت فيها شوطاً كبيراً مما يفقد الأمل في تقويم إعوجاجها، كما ينم عن سلوك معيب لا يتفق مع ما يجب أن تكون عليه المدرسات. ولما كانت جريمة إصدار شيك بدون رصيد هي من الجرائم المخلة بالشرف فإن خدمة المتهمة تنتهي بقوة القانون اعتباراً من 30 من ديسمبر سنة 1959 تاريخ الحكم عليها نهائياً في القضية رقم 4227 لسنة 1959 جنح عابدين، وذلك تنفيذاً لما تقضي به الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة من انتهاء رابطة التوظف كأثر حتمي لصدور حكم على الموظف في جناية أو جريمة مخلة بالشرف، ومن ثم فإن فصل المتهمة من الخدمة هو في حقيقته إجراء منفذ لمقتضى حكم القانون بما لا معدي معه عن إنزال هذا الأثر القانوني على حالة المتهمة والحكم عليها تبعاً لذلك بإحدى العقوبات المقررة لمن ترك الخدمة وهي الواردة في المادة 67 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة.
ومن حيث إن طعن رئيس هيئة مفوضي الدولة المقدم منه وجوباً بناءً على طلب السيدة/ كريمة محمد فؤاد سالم بالتطبيق لحكم المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 في شأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية يقوم على أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر خدمة الطاعنة منتهية بقوة القانون اعتباراً من 30 من ديسمبر سنة 1959 تاريخ الحكم عليها في أول جريمة إصدار شيك بدون رصيد قد خالف القانون ذلك أن فصل الموظف لصدور حكم جنائي ضده لا ينشأ المركز فيه إلا بصدور قرار بالفصل من الجهة التي اختصها القانون بذلك والثابت أن وزارة التربية والتعليم ومحافظة القاهرة بوصفها السلطة التابعة لها الطاعنة تأديبياً طبقاً لقانون الإدارة المحلية قد قامتا باتخاذ مثل هذا القرار في شأن الطاعنة المذكورة. ومن ناحية أخرى فإن اعتبارها مفصولة منذ 30 من ديسمبر سنة 1959 يستتبع عدم مساءلتها عن الوقائع التي أدت إلى الحكم عليها بأحكام جنائية تالية لهذا التاريخ، هذا بالإضافة إلى أن ما وقع منها لا يعد مخالفة إدارية لأن إصدار الشيكات بدون رصيد شأنه شأن الأوراق التجارية الأخرى كالكمبيالة والسند الأذني لا يعدو أن يكون من قبيل المعاملات المالية التي لا يعتبر النزاع بصددها سوء سلوك من الموظف يؤثر على سمعة الوظيفة وكرامتها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيدة/ كريمة محمد فؤاد سالم المدرسة بالمدرسة الإنجيلية الابتدائية والشاغلة للدرجة السادسة قد صدرت ضدها أحكام عديدة في جنح إصدار شيكات بدون رصيد ومن بينها القضية رقم 4227 لسنة 1959 جنح عابدين التي قضي فيها نهائياً بجلسة 30 من ديسمبر سنة 1959 بتأييد الحكم الغيابي الصادر في 28 من أكتوبر سنة 1959 بتغريمها خمسة جنيهات لإعطائها السيدة/ هدية بركات بصفتها رئيسة جمعية المرأة الجديدة شيكاً بمبلغ عشرة جنيهات في أول إبريل سنة 1959 لصالح الجمعية دون أن يكون للمذكورة رصيد قائم وقابل للسحب. وقد رأت النيابة الإدارية بما لها من اختصاص في هذا الشأن، أن ما نسب إلى المدرسة المذكورة يشكل سلوكاً معيباً لا يتفق مع ما يجب أن تكون عليه المدرسات وهن القائمات على تربية النشء وتثقيفه بالأخلاق الفاضلة وترويضه على التزامها فضلاً عن أن المخالفات التي قارفتها تتعدى إلى النيل من خلقها وسمعتها مما يفقدها شرط حسن السمعة والسيرة الحميدة الذي يجب توفره بالنسبة للموظفين عموماً باعتباره شرطاً من شروط الصلاحية للتعيين في الوظيفة العامة والبقاء فيها، وعلى هذا إحالتها إلى المحكمة التأديبية المختصة لمحاكمتها طبقاً للمادتين 6 فقرة 2 و83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.
ومن حيث إن جريمة إصدار شيك بدون رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تقضي - كجريمة النصب - الالتجاء إلى الكذب كوسيلة لسلب مال الغير بالباطل، وقد تصدر عن انحراف في الطبع وتنم عن ضعة في النفس، ومن ثم فإنها تكون من الجرائم المخلة بالشرف إذا ما انطوت - بحسب النظرة إليها - على ضعف في الخلق وانعدام في الأمانة ورغبة في ابتزاز أموال الناس ومن شأن هذه الجريمة عندئذ إذا ما ارتكبها الموظف العام وقضى بإدانته فيها أن تمس سمعته وذمته وتخل بالثقة المشروعة في أمانته ونزاهة معاملاته، إذ أنها تتطلب قصداً جنائياً خاصاً يقوم على توفر سوء النية وقصد الإضرار بالمجني عليه، حتى أن الشارع ألحقها في المادة 337 من قانون العقوبات بجريمة النصب وعاقب عليها بالعقوبة ذاتها التي قررها في المادة 336 منه لجريمة النصب، وبالتالي فإن الحكم على الموظف في جريمة - هكذا شأنها - إذا ما اتسمت بالصفات المتقدمة لما يؤثر ولا شك في صلاحيته لتولي الوظيفة العامة أو الاستمرار فيها لانعكاس صدى هذه الجريمة على هيبة الوظيفة وكرامتها والثقة في استقامة شاغلها وأمانته ونزاهته وذمته.
ومن حيث إنه وقد ثبت على النحو السالف بيانه أن الطاعنة قد صدرت ضدها أحكام نهائية عديدة بإدانتها في جرائم إصدار شيكات بدون رصيد، وهي جرائم مخلة بالشرف بحسب الظروف التي تمت فيها وما تكشف عن وقائعها من أفعال حسبما سلف القول، فإنه يصدق في شأنها حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة النافذ وقتذاك والتي تقضي بانتهاء خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة في حالة الحكم عليه في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف الأمر الذي ينبني عليه وجوباً عزل الطاعنة من وظيفتها. وغني عن البيان أن العزل الذي يقع كنتيجة لصدور حكم جنائي على النحو الوارد بالمادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالف الذكر لا يخرج عن كونه عقوبة تبعية أوردها القانون المذكور بكل ما في كلمة العقوبة من معنى لأن هذا العزل إن هو إلا جزاء لما اقترفه الموظف من إثم يعتبر جناية أو جنحة مخلة بالشرف والعقوبة ما هي إلا جزاء.
ومن حيث إنه ولئن كان البادي من استظهار نص الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة السابق الإشارة إليه أنه قد أورد في مجال أعماله حكماً تنظيمياً عاماً مفاده إنهاء رابطة التوظف بسبب الحكم على الموظف في جناية أو جريمة مخلة بالشرف إلا أن المركز القانوني لهذا الموظف لا يتغير تلقائياً بمجرد صدور حكم من هذا القبيل وإنما تتدخل الإدارة - بحسب تقديرها لقيام ظرف الإخلال بالشرف - بعمل إيجابي تنزل به حكم القانون على وضعه الفردي متى قدرت توفر شروط انطباقه في حقه، وهي في سبيل ذلك إنما تتدخل بسلطتها التقديرية في تكييف طبيعة الجريمة الصادر فيها الحكم ومدى العقوبة المقضي بها وأثرها. وقد كان دور جهة الإدارة في التقدير في حالة الطاعنة بالذات وبالنسبة لما ارتكبته من جرائم إصدار شيكات بدون رصيد أمراً لازماً حيال ما ثار من جدل حول طبيعة هذه الجرائم وما إذا كانت من الجرائم المخلة بالشرف أم أنها ليست كذلك، وهو ما أفصحت عنه صراحة مذكرة النيابة الإدارية المؤرخة 13 من ديسمبر سنة 1962 والمرفقة بتقرير الاتهام، إذ أشارت إلى أن الأحكام قد تضاربت فيما إذا كانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد من الجرائم المخلة بالشرف، وعلى هذا الأساس طلبت النيابة الإدارية من المحكمة التأديبية في جلستها المنعقدة في 30 من مارس سنة 1964 تطبيق المادة 107 فقرة "8" من القانون رقم 210 لسنة 1951 لصدور أحكام نهائية ضد الطاعنة مخلة بالشرف.
ومن حيث إنه متى استقام أن المركز القانوني القائم على إنهاء خدمة الطاعنة بسبب الحكم عليها في جرائم إصدار شيكات بدون رصيد، إذا ما اعتبرت جرائم مخلة بالشرف، يلزم لنشوئه صدور قرار ممن يملكه بقصد إنشاء هذا المركز القانوني المعين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً، أي صدور قرار إداري بمعناه الصحيح المتعارف عليه، وهو الأمر غير المتحقق حتى الآن بغير جدال في شأن الطاعنة، فإنه لا يسوغ للمحكمة التأديبية أن تستنبط افتراض وجود مثل هذا القرار أو أن تعتبر خدمة المذكورة منتهية تلقائياً بمجرد صدور الأحكام النهائية الموجبة لذلك، وإنما كان يتعين عليها، وقد استبان لها أن الطاعنة قد أدينت في جرائم اعتبرت مخلة بالشرف وتحقق بذلك مناط حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 سالفة الذكر أن تقرر إنزال حكم القانون بإنهاء الرابطة الوظيفية، بوصف أن ذلك هو الجزاء الحتمي لقاء ما اقترفته الطاعنة وأدينت بسببه، دون أن يحتج على المحكمة بأنها لا تملك توقيع مثل هذا الجزاء بمقولة أن العزل في هذه الحالة حق مقصور على الجهة الإدارية وحدها، ذلك أنه ولئن كان مفاد الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة المشار إليه أن المشرع قد خول الجهة الإدارية الحق في عزل الموظف إدارياً متى قام موجبه دون إحالته إلى المحاكمة التأديبية، إلا أنه ليس معنى ذلك أن هذا الحق منوط بالجهة الإدارية وحدها، بل إن لها كذلك إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية، إذا ما رأت وجهاً لذلك، وفي هذا مصلحة محققة للموظف، إذ ليس من شك في أن محاكمة الموظف تأديبياً ضمان أوفى له من مجرد عزله بقرار إداري، ومن ثم فإن تمسك الطاعنة بوجوب صدور قرار بإنهاء خدمتها من الجهة الإدارية دون المحكمة التأديبية يكون قائماً على حجة داحضة ويتعين إطراحه.
ومن حيث إنه من جهة أخرى، فإن المادة 102 "مكرراً ثانياً" من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة النافذة بصدد الخصوصية المعروضة كانت تقضي بأنه يجوز إقامة الدعوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية على الموظف الذي يكون قد ترك الخدمة لأي سبب كان، وفي هذه الحالة يجوز الحكم عليه بإحدى العقوبات المبينة بالمادة المذكورة ومنها الحرمان من المعاش لمدة ثلاثة أشهر، ومفاد النص المتقدم، أن واقعة ترك الخدمة لأي سبب كان لا يترتب عليها إفلات الموظف من المساءلة التأديبية عما يكون قد ارتكبه في أثناء قيام الرابطة الوظيفية، وإنما يكون من حق الجهة الإدارية تتبعه ومجازاته عما جناه في حقها.
ومن ثم فإن المحكمة التأديبية لا تملك توقيع إحدى العقوبات الواردة في المادة 102 "مكرراً ثانياً" سالفة الذكر إلا إذا كانت واقعة ترك الخدمة قد تمت في تاريخ لاحق لارتكاب الموظف ما يستوجب محاكمته، وهو الأمر المتخلف في شأن الطاعنة بمسايرة الفهم الخاطئ الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه، ومؤداه اعتبار خدمة الطاعنة منتهية منذ 30 من ديسمبر سنة 1959، تاريخ الحكم عليها نهائياً في أول جريمة مخلة بالشرف نسب إليها ارتكابها.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه، إذ اعتبر أن خدمة الطاعنة منتهية منذ 30 من ديسمبر سنة 1959، تاريخ صدور أول حكم نهائي بإدانتها في جريمة مخلة بالشرف، وقضى نتيجة لذلك بحرمانها من المعاش لمدة ثلاث أشهر، وهي إحدى العقوبات المقررة لمن ترك الخدمة، على حين أنه كان يتعين على المحكمة التأديبية، وقد قدرت أن شرط إعمال الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 متحقق في شأن الطاعنة أن تتدخل بإنشاء المركز القانوني، وتنزل حكم هذه الفقرة، فتقضي بعزل المذكورة فحسب فإن الحكم المطعون فيه، إذ جرى هذا المجرى، يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين من ثم القضاء بإلغائه فيما قضى به من حرمان المتهمة من المعاش لمدة ثلاثة أشهر وبتعديله فيما قضى به ضمناً من اعتبار خدمة المذكورة منتهية من 30 من ديسمبر سنة 1959، إلى اعتبارها منتهية من تاريخ صدوره، مع حفظ حقها في المعاش أو المكافأة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من حرمان المتهمة من المعاش لمدة ثلاثة أشهر، وبتعديله فيما قضى به ضمناً من اعتبار خدمة المذكورة منتهية من 30 من ديسمبر 1959، إلى اعتبارها منتهية من تاريخ صدوره.


[(1)] قارن الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا في شأن اعتبار خدمة الموظف منتهية بحكم القانون في حالة الحكم عليه بالإدانة في جريمة إصدار شيك بدون رصيد بوصفها جريمة مخلة بالشرف.

 

======================================================================

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 47 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

جريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب لا تعتبر فى أحيان كثيرة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة لاسيما إذا كان مرتكبها ممن يزاول أبسط الأعمال، ألا أنه يمكن اعتبار هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة إذا اعتاد العامل ارتكاب مثل هذا الجرم

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صـ 717

(108)
جلسة 26 من مايو سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد أحمد عطية إبراهيم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ بخيت محمد إسماعيل، ومنير عبد الفتاح غطاس، وفوزى على حسين شلبي، ود. حسن عبد الله قايد نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الوهاب سيد عبد الوهاب مفوض الدولة
وحضور السيد الأستاذ/ سيد رمضان عشماوى سكرتير الجلسة

الطعن رقم 3648 لسنة 47 قضائية. عليا:

موظف - إنهاء خدمة - إصدار شيك لا يقابله رصيد لا يعد فى كل الأحوال جريمة مخلة بالشرف والأمانة.
المادة (94) قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/ 1978.
جريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب لا تعتبر فى أحيان كثيرة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة لاسيما إذا كان مرتكبها ممن يزاول أبسط الأعمال، ألا أنه يمكن اعتبار هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة إذا اعتاد العامل ارتكاب مثل هذا الجرم - أثر ذلك: إنهاء خدمة العامل حال اعتياده ارتكاب هذا الجرم لتعارضه مع طبيعة العمل ومقتضياته - تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 20/ 1/ 2001 أودع الأستاذ/ ....... المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا - بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط فى الدعويين رقمى 1530 لسنة 6 ق. و 911 لسنة 7 ق بجلسة 29/ 11/ 2000 القاضى "برفض الدعويين موضوعاً، وإلزام المدعى المصروفات".
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإلغاء القرار رقم 24 لسنة 1995 القاضى برفع اسمه من الخدمة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعلن الطعن قانوناً للمطعون ضدهما.. وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى ارتأت إحالته إلى دائرة الموضوع بهذه المحكمة حيث نظر أمامها، وتقرر بجلسة 7/ 4/ 2007 إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل فى أن الطاعن كان قد أقام بتاريخ 24/ 9/ 1995 الدعوى رقم 1530 لسنة 6 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بأسيوط طالباً فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وبإلغاء القرار رقم 24 لسنة 95 فيما تضمنه من إنهاء خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار.
كما أقام بتاريخ 23/ 9/ 1995 الدعوى رقم 911 لسنة 7ق بإيداع عريضتها ابتداء قلم كتاب المحكمة الإدارية بأسيوط بذات الطلبات المشار إليها.
وذكر - شرحاً لذلك - أنه يعمل مدرساً بمدرسة منشأة الذهب البحرية التابعة لمديرية التربية والتعليم بالمنيا، وأنه تغيب عن العمل لظروف خارجة عن إرادته المدة من 8/ 9/ 1994 حتى 8/ 10/ 1994 ثم عاد إلى عمله بتاريخ 5/ 11/ 1994 لكنه فوجئ بصدور القرار رقم 24 لسنة 1995 بإنهاء خدمته للانقطاع ، فتظلم من القرار، ثم أقام الدعويين للحكم له بالطلبات سالفة البيان، وقد نظرت المحكمة الإدارية الدعوى المقامة أمامها وبجلسة 29/ 1/ 1996 حكمت بعدم اختصاصها نوعياً بنظرها وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بأسيوط التى نظرت الشق العاجل من الدعويين المشار إليهما، وقضت بجلسة 12/ 11/ 1996 بقبولهما شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإحالتهما إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى الموضوع.
وبعد إيداع التقرير المطلوب أعيد نظر الدعويين أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن أصدرت فيهما حكمها المطعون فيه والذى أقامته على أساس أنه كان قد صدر ضد المدعى حكم بالحبس شهر مع الشغل فى جنحة إصدار شيك بدون رصيد، وأن لجنة شئون العاملين بالجهة الإدارية أصدرت قرارها بإنهاء خدمة المدعى استناداً لنص المادة (94/ 7) من قانون العاملين المدنيين بالدولة، وبعد أن تبين سبق ارتكابه خمس قضايا مماثلة.
وارتأت المحكمة أن القرار المطعون عليه فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعى قائم على سند صحيح من القانون ومن ثم قضت برفض الدعويين موضوعاً.
ويقوم مبنى الطعن الماثل على سند من أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن ظروف ارتكاب الواقعة الصادر فيها الحكم بالحبس لا تتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل، وأنه قام بسداد قيمة الشيكات التى أصدرها بدون رصيد، وأنه موظف بسيط يعول أسرة كبيرة وأنه كان قد تسلم العمل بعد صدور الحكم عليه بالحبس وبالتالى لا يجوز بعد ذلك إنهاء خدمته، وخلص إلى طلب الحكم له بالطلبات الواردة بالطعن.
ومن حيث إن المادة (94) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه "تنتهى خدمة العامل للأسباب الآتية: ....... 7 - الحكم عليه بعقوبة جناية فى إحدى الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات .... أو بعقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ما لم يكن الحكم مع وقف التنفيذ، ومع ذلك فإذا كان الحكم قد صدر عليه لأول مرة فلا تؤدى إلى إنهاء الخدمة إلا إذا قدرت لجنة شئون العاملين بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة أن بقاء العامل يتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل. ومن حيث إن جريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب لا تعتبر فى أحيان كثيرة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة لاسيما إذا كان مرتكبها ممن يزاول أبسط الأعمال إلا أنه يمكن اعتبار هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة إذا اعتاد العامل ارتكاب مثل هذا الجرم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن شغل وظيفة مدرس بمدرسة منشأة الذهب البحرية التابعة لمديرية التربية والتعليم بالمنيا وقد نسب إليه إصدار شيك مسحوب على بنك مصر فرع المنيا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك وقد حكم عليه بالحبس شهراً مع الشغل وذلك بالقضية رقم 3438 لسنة 93 جنح مستأنف المنيا.
كما سبق وأن أحيل إلى المحاكمة الجنائية فى قضايا أخرى مماثلة لإصداره شيك بدون رصيد وهى القضايا أرقام 5704 لسنة 1986، 6198 لسنة 1990، 2535 لسنة 1992، 1026 لسنة 1993 جنح المنيا، ومن ثم فإنه يكون قد ارتكب جرماً مخلاً بالشرف والأمانة.
وقد عرض أمره على لجنة شئون العاملين بالجهة الإدارية التابع لها فارتأت الموافقة على إنهاء خدمته لتعارض ما ارتكبه من جرائم مع طبيعة عمله ومقتضياته، واستناداً إلى ذلك صدر القرار المطعون فيه بإنهاء خدمته إعمالاً لحكم المادة (94/7) من القانون رقم 47 لسنة 1978، ومن ثم فإن هذا القرار يكون قد بُنى على ما يبرره وصدر صحيحاً مما لا يجوز معه الحكم بإلغائه.
وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون مطابقاً للقانون جديراً بالتأييد، ويكون الطعن عليه فى غير محله متعيناً رفضه وإلزام الطاعن المصروفات عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

 

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 47 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

القانون رقم 210 لسنه 1951 - انتهاء خدمة الموظف بحكم القانون - لا يغير من ذلك شمول الحكم الجنائي بوقف التنفيذ ما دام أن المحكمة أمرت بوقف تنفيذ العقوبة .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 55

(6)
جلسة 5 من نوفمبر سنه 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر الدين المستشارين.

القضية رقم 11 لسنة 10 القضائية

( أ ) موظف "انتهاء الخدمة. أسبابها. الحكم في جريمة مخلة بالشرف".
لم يحدد القانون الجرائم المخلة بالشرف تحديداً جامعاً مانعاً - تعريفها - هي التي ترجع إلي ضعف في الخلق وانحراف في الطبع - مثال - جريمة إصدار شيك بدون رصيد [(
1)].
(ب) موظف "انتهاء الخدمة. أسبابها. حكم نهائي في جريمة مخلة بالشرف" القانون رقم 210 لسنه 1951 - انتهاء خدمة الموظف بحكم القانون - لا يغير من ذلك شمول الحكم الجنائي بوقف التنفيذ ما دام أن المحكمة أمرت بوقف تنفيذ العقوبة ولم تأمر توقف تنفيذ الآثار المترتبة على الحكم.
(ج) تشريع "نفاذه". موظف "انتهاء الخدمة" القانون رقم 46 لسنة 1964 في شأن العاملين المدنيين بالدولة - نصه على أن يكون الفصل جوازياً للوزير في حاله الحكم مع وقف التنفيذ - عدم سريان أحكامه متى ثبت أن الحكم قد صدر قبل العمل به [(2)].
1 - تكفل المشرع في قانون العقوبات بتحديد الجنايات في وضوح وجلاء. إما الجرائم المخلة بالشرف فلم تحدد في هذا القانون أو في سواه تحديداً جامعاً مانعاً كما كان شأنه بالنسبة للجنايات، على أن المتفق عليه أنه يمكن تعريف هذه الجرائم بأنها هي تلك التي ترجع إلي ضعف في الخلق وانحراف في الطبع. والشخص إذا انحدر إلي هذا المستوى الأخلاقي لا يكون أهلاً لتولي المناصب العامة التي تقتضي فيمن يتولاها إن يكون متحلياً بالأمانة والنزاهة والشرف واستقامة الخلق ولما كانت جريمة إصدار شيك بلا رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات هي - كجريمة النصب - تقتضي الالتجاء إلي الكذب كوسيلة لسلب مال الغير فهي لذلك لا تصدر إلا عن انحراف في الطبع وضعه في النفس، ومن ثم فإنها تكون في ضوء التعريف - سالف الذكر - مخلة بالشرف.
2 - أن الطاعن - وقد حكم عليه بالعقوبة في جريمة إعطاء شيك بلا رصيد وأصبح هذا الحكم نهائياً - فأنه يقوم في شأنه سبب من أسباب انتهاء الخدمة المنصوص عليها في المادة 107 المنوه عنها ويتعين لذلك فصله من الخدمة بحكم القانون، دون حاجه إلي محاكمة تأديبية، ولا بغير من ذلك إن المحكمة الجنائية قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمده معينة - وذلك للظروف التي ارتأتها ومنها قيام الطاعن بسداد قيمة الشيكات أثناء المحاكمة - ذلك لأنه تبين من الاطلاع على هذا الحكم أن المحكمة قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة فقط ولم تحكم بوقف تنفيذ الآثار المترتبة على هذا الحكم، وعلي ذلك فإن هذا الحكم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يمنع من ترتيب الآثار المترتبة على الحكم، سواء أكانت آثارا جنائية أم مدنيه أم إدارية.
3- لئن كان قانون العاملين المدنيين رقم 46 لسنه 1964 قد جعل الفصل جوازياً للسيد الوزير في حالة الحكم بوقف التنفيذ - إلا أن هذا القانون لا يسرى على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به وقد صدر الحكم على الطاعن في تلك الجريمة المخلة بالشرف قبل العمل بالقانون المذكور، وفضلاً عن ذلك فإن أمر مقصور على جهة الإدارة أما القضاء فعليه أن ينزل حكم الفصل استناداً إلي الأصل المنصوص عليه في حاله صدور حكم في جناية أو جنحة مخلة بالشرف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في إن الطاعن السيد/ عبد العزيز محمد علي أقام الدعوى رقم 124 لسنة 6 القضائية بصحيفة أودعها سكرتارية المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة والاقتصاد والتخطيط والصناعة والزراعة والتموين في 14 من ديسمبر سنه 1961 ضد وزارة الخزانة ومصلحه الضرائب طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر بفصله من الخدمة وما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال - شرحاً لدعواه - أنه ألمت به ظروف طارئة استدعته إلي الاقتراض من أحد زملائه بالمصلحة وحرر له ستة شيكات بمبلغ خمسين جنيهاً - هو قيمة المبلغ المقترض وفوائده - تسحب من بنك سوارس المحول عليه راتبه. ثم طلب قرضاً من هذا البنك لسداد دينه فرفض، فسعى لدى بنك الجمهورية فوافق بشرط تحويل راتبه فحوله إليه وأخطر المقرض بذلك طالباً إليه تغيير مكان سحب الشيكات إلي بنك الجمهورية فتعلل بان الشيكات ليست معه وبأن الزمالة تحول دون الأضرار بزميله في العمل. وحدث أن شجر خلاف بينه وبين أحد أقارب المقترض ترتب عليه أن حصل هذا الأخير من بنك سوارس على تأشيرة بعدم وجود رصيد للساحب به وأبلغ النيابة العامة التي أحالته إلي المحاكمة الجنائية في القضية رقم 3260 لسنه 1959 جنح السيدة. فقضت المحكمة بجلسة 23 من يناير سنه 1961 بحبسه شهراً. فاستأنف فقضت المحكمة الاستئنافيه بتأييد الحكم المطعون فيه مع إيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات فطعن في هذا الحكم أمام محكمة النقض ولما يفصل في هذا الطعن، وفي 31 من يوليه سنه 1961 أبلغ بالقرار الوزاري رقم 53 لسنة 1961 بفصله من الخدمة اعتباراً من 23 من يناير سنة 1961 تطبيقاً لنص المادة 107 من قانون التوظف على اعتبار أن الجريمة التي حكم بها عليه مخلة بالشرف، فتظلم في 19 من أغسطس سنة 1961 ولما لم يصله رد أقام هذه الدعوى، وينعى على قرار فصله أنه صدر بلا مبرر ولا سند من القانون بمقولة إن جريمة إصدار شيك بدون رصيد لا تدل بذاتها على انحراف في السلوك ومن ثم فإنها لا تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف إذ هي لا تكون كذلك إلا إذا صاحبتها طرق احتيالية وأن ركن الاحتيال من واقع أسباب الحكم الجنائي غير متوفرة فيه لأن ما أتاه ليس نصباً بدليل أنه كان له رصيد في بنك الجمهورية وامتنع المقرض عن تحويل مكان السحب إليه وبدليل أنه لم ينحرف بطبعه ولم يكن به ضعف في الخلق أدى به لاجتناب الفضيلة مما استوجب احتقاره في المجتمع أو عدم ائتمانه على المصلحة العامة وأضاف المدعي أنه لا يحوز للجهة الإدارية أن تفصله تلقائياً بمجرد صدور الحكم الجنائي بل كان يجب التحقق من توافر جريمة النصب لأن القاضي الجنائي لم يتوقع أن يترتب على حكمه إقصاء موظف أمضى في خدمه الدولة بسلوك حسن أكثر من ثلاثين عاماً ثم يختلف مع المستفيد من الشيك فيتنازعان في مكان السحب فيؤدي إلى أن يتمكن المستفيد بسوء نيته إلي إقصاء موظف عن وظيفته.
وطلبت مصلحة الضرائب رفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصرفات ومقابل أتعاب المحاماة واستندت في ذلك أن قرار فصل المدعي صدر سليماً طبقاً لحكم المادة 107 من قانون التوظف رقم 210 لسنة 1951 لأن واقعه إمضاء شيك بدون رصيد بسوء نية يعتبر عملاً مخلاً بالشرف وأن الحكم بإيقاف التنفيذ لا يتعدى الآثار الجنائية ولا يجوز مد أثر الإيقاف ليشمل الناحية الإدارية وقدمت حافظة مستندات أرفقت بها صورة من الحكم الجنائي الاستئنافي وملف خدمة المدعي.
ثم قدم المدعي حافظة مستندات ومذكرة ردد فيها ما جاء بصحيفة الدعوى وأضاف إليه أن بعض أحكام المحاكم التأديبية قضت بأن جريمة إصدار شيك بلا رصيد لا تعتبر مخلة بالشرف إلا إذا خالطتها طرق احتيالية أدت بها إلى صفه النصب، وأنه يلزم بحث كل حالة على حدة لاستظهار ما يصاحبها من ظروف وملابسات ومن ثم فلاً يسرى عليها بصفة مطلقة حكم المادة 107 سالفة الذكر بل ينعقد النظر في شأن توافر حكم هذه المادة للجهة التأديبية المختصة، كما ذكر المدعي في مذكرته أن إيقاف الحكم يضع المحكوم عليه في موضع البريء أو على الأقل في صف من رد إليهم اعتبارهم - وأن الحكم ضده - وقد كان مع الإيقاف لظروفه ولأنه قام بسداد قيمة الشيك - فإنه يستنبط منه أسلوب الرحمة الذي أخذته به محكمة الجنح وهو الأسلوب الذي يرجو أن تأخذه به المحكمة الإدارية.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الدعوى انتهت فيه إلي أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وبإلزام رافعها المصروفات. واستندت في ذلك إلي نفس الأسباب التي استندت إليها الحكومة في ردها على الدعوى.
قدم المدعي مذكرتين بالتعقيب على تقرير هيئه المفوضين أوضح فيهما تاريخ جريمة إصدار شيك بلا رصيد ومصدرها التشريعي، وانتهى إلي القول بأن هذه الجريمة، وبصفه عامة، لا يمكن أن تعتبر مخلة بالشرف لأنها جريمة خاصة قصد بها المشرع - لاعتبارات اقتصادية بعيد الصلة عن الأخلاق والشرف - تمكين الشيك كي يغدو أداة للوفاء بديلاً عن النقود، وأن العلاقة بينه وبين زميله المستفيد من الشيك هي علاقة مديونية، والاستدانة ليست مخلة بالشرف إذا كانت لسبب مشروع لا يمت إلي الوظيفة بصلة، كما أن المستفيد كان يعلم، عند تحرير الشيكات، أنه ليس له رصيد في البنك المسحوب عليه مما يجعله شريكاً بالتحريض على الجريمة، ثم ردد المدعي ما جاء بدفاعه السابق وانتهى إلي التصميم على طلباته، وقدم حافظتين بمستنداته.
وبجلسة 27 من إبريل سنه 1963 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات، وأقامت قضاءها - بعد أن أوردت نص المادة 107 من قانون نظام الموظفين رقم 210 لسنه 1951، الذي كان سارياً حينذاك - على أن مقتضى هذا النص أنه إذا حكم على موظف في جناية أو في أي جريمة مخلة بالشرف، ولو كانت جنحه، فالفصل يقع بقوة القانون. وأنه لما كانت الجريمة التي فصل بسببها المدعي - وهي جريمة إصدار شيك بدون رصيد - هي جريمة مخلة بالشرف - فإن قرار فصله يكون قد صدر سليماً ومطابقاً للقانون، واستندت المحكمة، في القول بأن هذه الجريمة مخلة بالشرف، إلى أن قصد المشرع من العقاب عليها - بنص المادة 337 من قانون العقوبات - هو حماية الشيك باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات. وأن سوء النية في هذه الجريمة يتوافر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود رصيد مقابل له في تاريخ إصداره.. وأن المشرع وقد أورد المادة 337 من قانون العقوبات في الباب العاشر منه الخاص بالنصب وخيانة الأمانة وعاقب على هذه الجريمة بذات عقوبة جريمة النصب المنصوص عليها في المادة 336 من القانون المذكور - فإنه يكون قد أوضح عن قصده باعتبار هذه الجريمة من جرائم النصب وخيانة الأمانة وهي جريمة لا شك في أنها مخلة بالشرف.. وأنه فضلاً عن ذلك فإن المشرع قد نص في المادة 49 من قانون العقوبات على أن تعتبر السرقة والنصب وخيانة الأمانة جنحاً متماثلة في العود وأن التفسير الراجح أن هذا التعداد هو على سبيل التمثيل لا الحصر فإذا الحق المشرع جريمة النصب وخيانة الأمانة بالسرقة، فإنه أنما اعتبر أن جميع الجرائم الواردة تحت باب النصب وخيانة الأمانة - ومنها جريمة إصدار شيك بدون رصيد - متماثلة مع السرقة في العود لاتفاقها كلها في الطبيعة وهذا التماثل يقتضي بحكم طبائع الأشياء أن يكون لجريمة إصدار شيك بدون رصيد نفس الأثر الماس بالنزاهة والشرف الذي لجريمة السرقة.
وقد طعن المدعي في هذا الحكم طالباً قبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبالتالي إلغاء القرار الصادر بفصله من العمل وما يترتب على ذلك من آثار. أو إعادة الدعوى إلى المحكمة الإدارية للفصل فيها من جديد مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات والأتعاب. وبني طعنه على أن الحكم المطعون فيه قد صدر مبنياً على خطأ في تفسير القانون كما أنه أخل بحقه في الدفاع. وقال في بيان السبب الأول أن جريمة إصدار شيك بدون رصيد ليست مخلة بالشرف واستند في ذلك إلى نفس الأسباب التي استند إليها في عريضة دعواه وفي المذكرات المقدمة منه، وأضاف إليها أن الجرائم المخلة بالشرف هي التي تجرع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع يدفعان بالشخص إلى اجتناب الفضائل واقتراف الكبائر التي توجب احتقاره ولا يؤتمن معها على المصلحة العامة خشيه أن يضحي بها في سبيل مصالحه الخاصة لتحقيق شهواته فتنحسر عنه صفه الموظف العام وتنعدم صلاحيته للوظيفة بقوة القانون وأنه بتطبيق هذا الضابط على الجريمة التي أدين فيها يبين أنه لا يمكن أن تعتبر مخلة بالشرف بالمعنى السابق إيضاحه لأنه لم يقصد اغتيال المستفيد من الشيك. أما عن سبب الطعن الثاني - وهو الإخلال بحق الدفاع - فقد أسسه المدعي على أن المحكمة في حكمها المطعون فيه لم ترد على نقط الدفاع القانونية التي وردت بمذكراته الأمر الذي يؤدي إلى قصور في التسبيب.
ثم قدم المدعي مذكرة ردد فيها دفاعه السابق وأضاف إليه أن مجرد تحرير شيك وعدم وجود رصيد يكفي للوفاء به - رغم أنه يعتبر سلوكاً غير قويم إلا أنه لا يسئ إلى سلوك الموظف الوظيفي أو ينعكس عليه أو يؤثر في حسن سمعته بالقدر الذي يؤدي إلى فقده عنصر الصلاحية لتولي الوظائف العامة وأنه بتطبيق ذلك على الدعوى الحالية يبين أنه لم يفعل ما يعتبر مخلاً بالشرف ولم يفسر سلوكه عن نزوع إلى اغتيال مال الدائن أو خداعه بشيك وهمي أو خداعه بمظاهر غير صادقه بل أنه كان في ظروف تنم عن صدقه ورغبته في الوفاء وليس في سلوكه ما يتنافى مع واجبات الوظيفة ولاعتبارات الشرف والأمانة التي يجب أن تتوافر في الموظف. ثم أشار المدعي إلى أن قانون العاملين المدنين رقم 46 لسنة 1964 قد نص على أن تنتهي خدمة العامل عند الحكم عليه بعقوبة جنائية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ويكون الفصل جوازياً للوزير المختص إذا كان الحكم مع وقف تنفيذ العقوبة.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام رافعه المصروفات استناداً إلى أن جريمة إصدار شيك بلا رصيد من الجرائم المخلة بالشرف وأن الحكم بوقف التنفيذ لا يمنع من إنزال حكم المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
عقب المدعي على تقرير هيئة مفوضي الدولة بمذكرة ثم أعقبها أخيراً بمذكرتين وقد لخص فيها دفاعه السابق على ما سبق بيانه وأضاف إليه أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد اتجه إلى أنه إذا حكم بوقف تنفيذ العقوبة فلاً يترتب عليه الفصل وأنه لا مجال للنظر فيما إذا كان وقف التنفيذ شاملاً للآثار الجنائية أم غير شامل لها بمقولة أن العزل في هذه الحالة لا يترتب كأثر جنائي بل كأثر إداري ولا ولاية للقضاء الجنائي في أن يشمل التنفيذ بإيقاف الآثار الإدارية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن محكمة السيدة الوطنية قد قضت بجلسة 2 من يناير سنة 1961 في الجنحة رقم 3260 سنة 1959 بحبس الطاعن - السيد/ عبد العزيز محمد علي - شهراً مع الشغل وكفالة مائة قرش لإيقاف التنفيذ وألزمته أن يدفع للمدعي المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية المناسبة لهذا المبلغ ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصرفات جنائية. وذلك لما ثبت لديها من أنه قد أصدر شيكين للسيد/ مراد يوسف لمعي على بنك سوارس فرع القاهرة بلا مقابل وفاء لهما وقد عاقبته لذلك بمقتضى المادة 337 من قانون العقوبات. وقد استأنف الطاعن هذا الحكم وفي 10 من مايو سنة 161 قضي في الاستئناف بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثالث سنوات. وألزمت المتهم بالمصروفات المدنية. وجاء في أسباب هذا الحكم أن الحكم المستأنف جاء سليماً صحيحاً في تقديره للعقاب بما يتعين معه تأييده غير أن المحكمة ترى نظراً لظروف الواقعة ولما يستشعر في غضونها من أن المتهم لن يعود إلي ارتكاب جرم مماثل ولأنه قام بسداد قيمة الشيك إيقاف لتنفيذ العقوبة على مقتضى المادة 55 من قانون العقوبات. وقد قرر الطاعن بجلسة 26 من مارس سنة 1966 أن محكمة النقض قد قضت برفض الطعن الذي كان رفعه عن الحكم الجنائي الصادر ضده. وفي 11 من يوليه سنه 1961 أصدرت مصلحه الضرائب التي كان يعمل بها الطاعن قراراً فصله من الخدمة بالتطبيق لحكم المادة 107 من قانون نظام الموظفين رقم 210 لسنة 1951 الذي كان سارياً حينذاك.
ومن حيث إن هذه المادة قد نصت على أن تنتهي خدمة الموظف لأحد الأسباب التي عددتها ومنها السبب الذي ذكرته الفقرة الثامنة منها وهي الحكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف. ويستفاد من هذا النص أن الجرائم ليست كلها سواء من حيث أثرها على رابطه التوظف التي تربط الموظف بالحكومة فمنها ما يستتبع ارتكابها والحكم بالإدانة فيها فصم هذه الرابطة، وينتظم هذا النوع الجنايات كافة وكذا الجرائم المخلة بالشرف، ومنها ما لا يستتبع هذه النتيجة بحكم القانون وهو ما عدا ذلك من الجرائم. وقد تكفل المشرع في قانون العقوبات بتحديد الجنايات في وضوح وجلاء. أما الجرائم المخلة بالشرف فلم يحددها في هذا القانون أو في سواه تحديد جامعاً مانعاً كما كان شأنه بالنسبة للجنايات. على أن المتفق عليه أنه يمكن تعريف هذه الجرائم بأنها هي تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع. والشخص إذا انحدر إلى هذا المستوى الأخلاقي لا يكون أهلاً لتولي المناصب العامة التي تقتضي فيمن يتولاها أن يكون متحلياً بالأمانة والنزاهة والشرف واستقامة الخلق. ولما كانت جريمة إصدار شيك بلا رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات هي - كجريمة النصب - تقتضي الالتجاء إلى الكذب كوسيلة لسلب مال الغير فهي لذلك لا تصدر إلا عن انحراف في الطبع وضعف في النفس ومن ثم فإنها تكون، في ضوء التعريف سالف الذكر، مخلة بالشرف. وسبق لهذه المحكمة أن قضت بأن هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف. بمدلوله المعني بالفقرة الثانية من المادة 107 السابق الإشارة إليها وذلك لمساسها بسمعة الموظف وذمته وتأثيرها على الثقة في أمانته ونزاهة معاملاته إذ أنها تتطلب قصداً جنائياً خاصاً يقوم على توافر سوء النية وقصد الإضرار بالمجني عليه حتى أن الشارع ألحقها في المادة 337 من قانون العقوبات بجريمة النصب وعاقب عليها بذات العقوبة التي قررها في المادة 336 منه لجريمة النصب وأن الحكم على الموظف بالعقوبة في جريمة هكذا شأنها مما يؤثر في صلاحيته لتولي الوظيفة العامة أو الاستمرار فيها. إذ ينعكس صداها على هيبة الوظيفة وكرامتها واعتبارها.
ومن حيث إن الطاعن - وقد حكم عليه بالعقوبة في جريمة إعطاء شيك بلا رصيد وأصبح هذا الحكم نهائياً وقد أقر بأن محكمة النقض قد حكمت برفض الطعن الذي قدمه في هذا الحكم حسبما تقدم - فإنه يقوم في شأنه سبب من أسباب انتهاء الخدمة المنصوص عليها في المادة 107 المنوه عنها ويتعين لذلك فصله من الخدمة بحكم القانون دون حاجة إلي محاكمة تأديبية. ولا يغير من ذلك أن المحكمة الجنائية قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة معينة - وذلك للظروف المخففة التي ارتأتها ومنها قيام الطاعن بسداد قيمة الشيكات أثناء المحاكمة - ذلك لأنه تبين من الاطلاع على هذا الحكم أن المحكمة قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة فقط ولم تحكم بوقف تنفيذ الآثار المترتبة على هذا الحكم. وعلى ذلك فإن هذا الحكم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يمنع من ترتيب الآثار المترتبة على الحكم سواء أكانت أثاراً جنائية أم مدنية أم إدارية، ومن الآثار الإدارية التي تترتب على الحكم في جريمة مخلة بالشرف ما نصت عليه الفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر من إنهاء خدمة الموظف فور الحكم عليه في هذه الجريمة. ولا وجه لما أثاره الطاعن - من أن قانون العاملين المدنيين رقم 46 لسنة 1964 قد جعل الفصل جوازياً للسيد الوزير في حالة الحكم مع وقف تنفيذ - لأن هذا القانون لا يسري على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به وقد صدر الحكم على الطاعن في تلك الجريمة المخلة بالشرف قبل العمل بالقانون المذكور. وفضلاً عن ذلك فإن هذا أمر مقصور على جهة الإدارة. أما القضاء فعليه أن ينزل حكم الفصل استناداً إلى الأصل المنصوص عليه في حالة صدور حكم في جناية أو جنحة مخلة بالشرف.
ومن حيث إنه لا صحة لما ذهب إليه الطاعن - من أن جريمة إصدار شيك بلا رصيد لا تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف إلا إذا صاحبتها طرق احتيالية - ذلك لأن المادة 337 من قانون العقوبات تقضي بأن يحكم بالعقوبات الخاصة بجريمة النصب على كل من أعطى بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك أو سحب بعد إعطاء الشيك كل الرصيد أو بعضه بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك، أو أمر المسحوب عليه الشيك بعدم الدفع ويبين من هذا النص أن المشرع قد اعتبر الحالات التي عددها في هذه المادة، والتي تتوافر فيها أركان الجريمة، من قبيل الوسائل الاحتيالية التي تهدد قيمة الشيك باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات.
ومن حيث إنه لا يقبل من الطاعن أمام القضاء الإداري أن يناقش المعاملة التي حرر من أجلها الشيك أو البواعث التي دفعته إلى تحريره أو علم المستفيد بعدم وجود رصيد، ما دام أن الحكم الجنائي الصادر بإدانته قد اكتسب حجية نهائية وأصبح لذلك مقيداً لجهات القضاء الأخرى في خصوص ما قضى به ما دام أن إنهاء الخدمة هو أثر لازم له.
ومن حيث إنه، لما تقدم، يكون القرار الصادر بفصل الطاعن من وظيفته - للحكم عليه في جريمة مخلة بالشرف مع وقف تنفيذ العقوبة - قد صدر صحيحاً متفقاً وأحكام القانون ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه، إذ قضي برفض دعواه بإلغاء هذا القرار، يكون قد أصاب الحق في قضائه وبالتالي يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون، ولا وجه لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه - من أنه أخل بحق الدفاع لأنه لم يرد على كل نقاط دفاعه - ذلك لأنه، فضلاً عن أن المحكمة ليست ملزمة بتقصي كافة أوجه دفاع المدعي والرد عليها - فإن الحكم المطعون فيه قد بني على أسباب صحيحة فيها الرد الكافي على دفاع المدعي.
ومن حيث إنه لذلك يتعين القضاء بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.


 

[(1)] بمثل هذا المبدأ قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 1762 لسنة 7 ق بجلسة 29/ 12/ 1962 المنشور بمجموعة السنة الثامنة - المبدأ 33 ص 353، وفي حكمها الصادر في القضية رقم 574 لسنة 11 ق بجلسة 31/ 12/ 1966.
[(2)] يمثل هذا المبدأ قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 1413 لسنة 7 ق بجلسة 24/ 4/ 1965 المنشور بمجموعة السنة العاشرة - المبدأ 110 ص 1113، وفي حكمها الصادر في القضية رقم 574 لسنة 11 ق بجلسة 31/ 12/ 1966.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 60 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

لم يحدد القانون الجرائم المخلة بالشرف تحديداً جامعاً مانعاً - تعريفها - هي التي ترجع إلي ضعف في الخلق وانحراف في الطبع .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 55

(6)
جلسة 5 من نوفمبر سنه 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر الدين المستشارين.

القضية رقم 11 لسنة 10 القضائية

( أ ) موظف "انتهاء الخدمة. أسبابها. الحكم في جريمة مخلة بالشرف".
لم يحدد القانون الجرائم المخلة بالشرف تحديداً جامعاً مانعاً - تعريفها - هي التي ترجع إلي ضعف في الخلق وانحراف في الطبع - مثال - جريمة إصدار شيك بدون رصيد [(
1)].
(ب) موظف "انتهاء الخدمة. أسبابها. حكم نهائي في جريمة مخلة بالشرف" القانون رقم 210 لسنه 1951 - انتهاء خدمة الموظف بحكم القانون - لا يغير من ذلك شمول الحكم الجنائي بوقف التنفيذ ما دام أن المحكمة أمرت بوقف تنفيذ العقوبة ولم تأمر توقف تنفيذ الآثار المترتبة على الحكم.
(ج) تشريع "نفاذه". موظف "انتهاء الخدمة" القانون رقم 46 لسنة 1964 في شأن العاملين المدنيين بالدولة - نصه على أن يكون الفصل جوازياً للوزير في حاله الحكم مع وقف التنفيذ - عدم سريان أحكامه متى ثبت أن الحكم قد صدر قبل العمل به [(2)].
1 - تكفل المشرع في قانون العقوبات بتحديد الجنايات في وضوح وجلاء. إما الجرائم المخلة بالشرف فلم تحدد في هذا القانون أو في سواه تحديداً جامعاً مانعاً كما كان شأنه بالنسبة للجنايات، على أن المتفق عليه أنه يمكن تعريف هذه الجرائم بأنها هي تلك التي ترجع إلي ضعف في الخلق وانحراف في الطبع. والشخص إذا انحدر إلي هذا المستوى الأخلاقي لا يكون أهلاً لتولي المناصب العامة التي تقتضي فيمن يتولاها إن يكون متحلياً بالأمانة والنزاهة والشرف واستقامة الخلق ولما كانت جريمة إصدار شيك بلا رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات هي - كجريمة النصب - تقتضي الالتجاء إلي الكذب كوسيلة لسلب مال الغير فهي لذلك لا تصدر إلا عن انحراف في الطبع وضعه في النفس، ومن ثم فإنها تكون في ضوء التعريف - سالف الذكر - مخلة بالشرف.
2 - أن الطاعن - وقد حكم عليه بالعقوبة في جريمة إعطاء شيك بلا رصيد وأصبح هذا الحكم نهائياً - فأنه يقوم في شأنه سبب من أسباب انتهاء الخدمة المنصوص عليها في المادة 107 المنوه عنها ويتعين لذلك فصله من الخدمة بحكم القانون، دون حاجه إلي محاكمة تأديبية، ولا بغير من ذلك إن المحكمة الجنائية قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمده معينة - وذلك للظروف التي ارتأتها ومنها قيام الطاعن بسداد قيمة الشيكات أثناء المحاكمة - ذلك لأنه تبين من الاطلاع على هذا الحكم أن المحكمة قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة فقط ولم تحكم بوقف تنفيذ الآثار المترتبة على هذا الحكم، وعلي ذلك فإن هذا الحكم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يمنع من ترتيب الآثار المترتبة على الحكم، سواء أكانت آثارا جنائية أم مدنيه أم إدارية.
3- لئن كان قانون العاملين المدنيين رقم 46 لسنه 1964 قد جعل الفصل جوازياً للسيد الوزير في حالة الحكم بوقف التنفيذ - إلا أن هذا القانون لا يسرى على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به وقد صدر الحكم على الطاعن في تلك الجريمة المخلة بالشرف قبل العمل بالقانون المذكور، وفضلاً عن ذلك فإن أمر مقصور على جهة الإدارة أما القضاء فعليه أن ينزل حكم الفصل استناداً إلي الأصل المنصوص عليه في حاله صدور حكم في جناية أو جنحة مخلة بالشرف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في إن الطاعن السيد/ عبد العزيز محمد علي أقام الدعوى رقم 124 لسنة 6 القضائية بصحيفة أودعها سكرتارية المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة والاقتصاد والتخطيط والصناعة والزراعة والتموين في 14 من ديسمبر سنه 1961 ضد وزارة الخزانة ومصلحه الضرائب طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر بفصله من الخدمة وما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال - شرحاً لدعواه - أنه ألمت به ظروف طارئة استدعته إلي الاقتراض من أحد زملائه بالمصلحة وحرر له ستة شيكات بمبلغ خمسين جنيهاً - هو قيمة المبلغ المقترض وفوائده - تسحب من بنك سوارس المحول عليه راتبه. ثم طلب قرضاً من هذا البنك لسداد دينه فرفض، فسعى لدى بنك الجمهورية فوافق بشرط تحويل راتبه فحوله إليه وأخطر المقرض بذلك طالباً إليه تغيير مكان سحب الشيكات إلي بنك الجمهورية فتعلل بان الشيكات ليست معه وبأن الزمالة تحول دون الأضرار بزميله في العمل. وحدث أن شجر خلاف بينه وبين أحد أقارب المقترض ترتب عليه أن حصل هذا الأخير من بنك سوارس على تأشيرة بعدم وجود رصيد للساحب به وأبلغ النيابة العامة التي أحالته إلي المحاكمة الجنائية في القضية رقم 3260 لسنه 1959 جنح السيدة. فقضت المحكمة بجلسة 23 من يناير سنه 1961 بحبسه شهراً. فاستأنف فقضت المحكمة الاستئنافيه بتأييد الحكم المطعون فيه مع إيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات فطعن في هذا الحكم أمام محكمة النقض ولما يفصل في هذا الطعن، وفي 31 من يوليه سنه 1961 أبلغ بالقرار الوزاري رقم 53 لسنة 1961 بفصله من الخدمة اعتباراً من 23 من يناير سنة 1961 تطبيقاً لنص المادة 107 من قانون التوظف على اعتبار أن الجريمة التي حكم بها عليه مخلة بالشرف، فتظلم في 19 من أغسطس سنة 1961 ولما لم يصله رد أقام هذه الدعوى، وينعى على قرار فصله أنه صدر بلا مبرر ولا سند من القانون بمقولة إن جريمة إصدار شيك بدون رصيد لا تدل بذاتها على انحراف في السلوك ومن ثم فإنها لا تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف إذ هي لا تكون كذلك إلا إذا صاحبتها طرق احتيالية وأن ركن الاحتيال من واقع أسباب الحكم الجنائي غير متوفرة فيه لأن ما أتاه ليس نصباً بدليل أنه كان له رصيد في بنك الجمهورية وامتنع المقرض عن تحويل مكان السحب إليه وبدليل أنه لم ينحرف بطبعه ولم يكن به ضعف في الخلق أدى به لاجتناب الفضيلة مما استوجب احتقاره في المجتمع أو عدم ائتمانه على المصلحة العامة وأضاف المدعي أنه لا يحوز للجهة الإدارية أن تفصله تلقائياً بمجرد صدور الحكم الجنائي بل كان يجب التحقق من توافر جريمة النصب لأن القاضي الجنائي لم يتوقع أن يترتب على حكمه إقصاء موظف أمضى في خدمه الدولة بسلوك حسن أكثر من ثلاثين عاماً ثم يختلف مع المستفيد من الشيك فيتنازعان في مكان السحب فيؤدي إلى أن يتمكن المستفيد بسوء نيته إلي إقصاء موظف عن وظيفته.
وطلبت مصلحة الضرائب رفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصرفات ومقابل أتعاب المحاماة واستندت في ذلك أن قرار فصل المدعي صدر سليماً طبقاً لحكم المادة 107 من قانون التوظف رقم 210 لسنة 1951 لأن واقعه إمضاء شيك بدون رصيد بسوء نية يعتبر عملاً مخلاً بالشرف وأن الحكم بإيقاف التنفيذ لا يتعدى الآثار الجنائية ولا يجوز مد أثر الإيقاف ليشمل الناحية الإدارية وقدمت حافظة مستندات أرفقت بها صورة من الحكم الجنائي الاستئنافي وملف خدمة المدعي.
ثم قدم المدعي حافظة مستندات ومذكرة ردد فيها ما جاء بصحيفة الدعوى وأضاف إليه أن بعض أحكام المحاكم التأديبية قضت بأن جريمة إصدار شيك بلا رصيد لا تعتبر مخلة بالشرف إلا إذا خالطتها طرق احتيالية أدت بها إلى صفه النصب، وأنه يلزم بحث كل حالة على حدة لاستظهار ما يصاحبها من ظروف وملابسات ومن ثم فلاً يسرى عليها بصفة مطلقة حكم المادة 107 سالفة الذكر بل ينعقد النظر في شأن توافر حكم هذه المادة للجهة التأديبية المختصة، كما ذكر المدعي في مذكرته أن إيقاف الحكم يضع المحكوم عليه في موضع البريء أو على الأقل في صف من رد إليهم اعتبارهم - وأن الحكم ضده - وقد كان مع الإيقاف لظروفه ولأنه قام بسداد قيمة الشيك - فإنه يستنبط منه أسلوب الرحمة الذي أخذته به محكمة الجنح وهو الأسلوب الذي يرجو أن تأخذه به المحكمة الإدارية.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الدعوى انتهت فيه إلي أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وبإلزام رافعها المصروفات. واستندت في ذلك إلي نفس الأسباب التي استندت إليها الحكومة في ردها على الدعوى.
قدم المدعي مذكرتين بالتعقيب على تقرير هيئه المفوضين أوضح فيهما تاريخ جريمة إصدار شيك بلا رصيد ومصدرها التشريعي، وانتهى إلي القول بأن هذه الجريمة، وبصفه عامة، لا يمكن أن تعتبر مخلة بالشرف لأنها جريمة خاصة قصد بها المشرع - لاعتبارات اقتصادية بعيد الصلة عن الأخلاق والشرف - تمكين الشيك كي يغدو أداة للوفاء بديلاً عن النقود، وأن العلاقة بينه وبين زميله المستفيد من الشيك هي علاقة مديونية، والاستدانة ليست مخلة بالشرف إذا كانت لسبب مشروع لا يمت إلي الوظيفة بصلة، كما أن المستفيد كان يعلم، عند تحرير الشيكات، أنه ليس له رصيد في البنك المسحوب عليه مما يجعله شريكاً بالتحريض على الجريمة، ثم ردد المدعي ما جاء بدفاعه السابق وانتهى إلي التصميم على طلباته، وقدم حافظتين بمستنداته.
وبجلسة 27 من إبريل سنه 1963 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات، وأقامت قضاءها - بعد أن أوردت نص المادة 107 من قانون نظام الموظفين رقم 210 لسنه 1951، الذي كان سارياً حينذاك - على أن مقتضى هذا النص أنه إذا حكم على موظف في جناية أو في أي جريمة مخلة بالشرف، ولو كانت جنحه، فالفصل يقع بقوة القانون. وأنه لما كانت الجريمة التي فصل بسببها المدعي - وهي جريمة إصدار شيك بدون رصيد - هي جريمة مخلة بالشرف - فإن قرار فصله يكون قد صدر سليماً ومطابقاً للقانون، واستندت المحكمة، في القول بأن هذه الجريمة مخلة بالشرف، إلى أن قصد المشرع من العقاب عليها - بنص المادة 337 من قانون العقوبات - هو حماية الشيك باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات. وأن سوء النية في هذه الجريمة يتوافر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود رصيد مقابل له في تاريخ إصداره.. وأن المشرع وقد أورد المادة 337 من قانون العقوبات في الباب العاشر منه الخاص بالنصب وخيانة الأمانة وعاقب على هذه الجريمة بذات عقوبة جريمة النصب المنصوص عليها في المادة 336 من القانون المذكور - فإنه يكون قد أوضح عن قصده باعتبار هذه الجريمة من جرائم النصب وخيانة الأمانة وهي جريمة لا شك في أنها مخلة بالشرف.. وأنه فضلاً عن ذلك فإن المشرع قد نص في المادة 49 من قانون العقوبات على أن تعتبر السرقة والنصب وخيانة الأمانة جنحاً متماثلة في العود وأن التفسير الراجح أن هذا التعداد هو على سبيل التمثيل لا الحصر فإذا الحق المشرع جريمة النصب وخيانة الأمانة بالسرقة، فإنه أنما اعتبر أن جميع الجرائم الواردة تحت باب النصب وخيانة الأمانة - ومنها جريمة إصدار شيك بدون رصيد - متماثلة مع السرقة في العود لاتفاقها كلها في الطبيعة وهذا التماثل يقتضي بحكم طبائع الأشياء أن يكون لجريمة إصدار شيك بدون رصيد نفس الأثر الماس بالنزاهة والشرف الذي لجريمة السرقة.
وقد طعن المدعي في هذا الحكم طالباً قبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبالتالي إلغاء القرار الصادر بفصله من العمل وما يترتب على ذلك من آثار. أو إعادة الدعوى إلى المحكمة الإدارية للفصل فيها من جديد مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات والأتعاب. وبني طعنه على أن الحكم المطعون فيه قد صدر مبنياً على خطأ في تفسير القانون كما أنه أخل بحقه في الدفاع. وقال في بيان السبب الأول أن جريمة إصدار شيك بدون رصيد ليست مخلة بالشرف واستند في ذلك إلى نفس الأسباب التي استند إليها في عريضة دعواه وفي المذكرات المقدمة منه، وأضاف إليها أن الجرائم المخلة بالشرف هي التي تجرع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع يدفعان بالشخص إلى اجتناب الفضائل واقتراف الكبائر التي توجب احتقاره ولا يؤتمن معها على المصلحة العامة خشيه أن يضحي بها في سبيل مصالحه الخاصة لتحقيق شهواته فتنحسر عنه صفه الموظف العام وتنعدم صلاحيته للوظيفة بقوة القانون وأنه بتطبيق هذا الضابط على الجريمة التي أدين فيها يبين أنه لا يمكن أن تعتبر مخلة بالشرف بالمعنى السابق إيضاحه لأنه لم يقصد اغتيال المستفيد من الشيك. أما عن سبب الطعن الثاني - وهو الإخلال بحق الدفاع - فقد أسسه المدعي على أن المحكمة في حكمها المطعون فيه لم ترد على نقط الدفاع القانونية التي وردت بمذكراته الأمر الذي يؤدي إلى قصور في التسبيب.
ثم قدم المدعي مذكرة ردد فيها دفاعه السابق وأضاف إليه أن مجرد تحرير شيك وعدم وجود رصيد يكفي للوفاء به - رغم أنه يعتبر سلوكاً غير قويم إلا أنه لا يسئ إلى سلوك الموظف الوظيفي أو ينعكس عليه أو يؤثر في حسن سمعته بالقدر الذي يؤدي إلى فقده عنصر الصلاحية لتولي الوظائف العامة وأنه بتطبيق ذلك على الدعوى الحالية يبين أنه لم يفعل ما يعتبر مخلاً بالشرف ولم يفسر سلوكه عن نزوع إلى اغتيال مال الدائن أو خداعه بشيك وهمي أو خداعه بمظاهر غير صادقه بل أنه كان في ظروف تنم عن صدقه ورغبته في الوفاء وليس في سلوكه ما يتنافى مع واجبات الوظيفة ولاعتبارات الشرف والأمانة التي يجب أن تتوافر في الموظف. ثم أشار المدعي إلى أن قانون العاملين المدنين رقم 46 لسنة 1964 قد نص على أن تنتهي خدمة العامل عند الحكم عليه بعقوبة جنائية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ويكون الفصل جوازياً للوزير المختص إذا كان الحكم مع وقف تنفيذ العقوبة.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام رافعه المصروفات استناداً إلى أن جريمة إصدار شيك بلا رصيد من الجرائم المخلة بالشرف وأن الحكم بوقف التنفيذ لا يمنع من إنزال حكم المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
عقب المدعي على تقرير هيئة مفوضي الدولة بمذكرة ثم أعقبها أخيراً بمذكرتين وقد لخص فيها دفاعه السابق على ما سبق بيانه وأضاف إليه أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد اتجه إلى أنه إذا حكم بوقف تنفيذ العقوبة فلاً يترتب عليه الفصل وأنه لا مجال للنظر فيما إذا كان وقف التنفيذ شاملاً للآثار الجنائية أم غير شامل لها بمقولة أن العزل في هذه الحالة لا يترتب كأثر جنائي بل كأثر إداري ولا ولاية للقضاء الجنائي في أن يشمل التنفيذ بإيقاف الآثار الإدارية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن محكمة السيدة الوطنية قد قضت بجلسة 2 من يناير سنة 1961 في الجنحة رقم 3260 سنة 1959 بحبس الطاعن - السيد/ عبد العزيز محمد علي - شهراً مع الشغل وكفالة مائة قرش لإيقاف التنفيذ وألزمته أن يدفع للمدعي المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية المناسبة لهذا المبلغ ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصرفات جنائية. وذلك لما ثبت لديها من أنه قد أصدر شيكين للسيد/ مراد يوسف لمعي على بنك سوارس فرع القاهرة بلا مقابل وفاء لهما وقد عاقبته لذلك بمقتضى المادة 337 من قانون العقوبات. وقد استأنف الطاعن هذا الحكم وفي 10 من مايو سنة 161 قضي في الاستئناف بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثالث سنوات. وألزمت المتهم بالمصروفات المدنية. وجاء في أسباب هذا الحكم أن الحكم المستأنف جاء سليماً صحيحاً في تقديره للعقاب بما يتعين معه تأييده غير أن المحكمة ترى نظراً لظروف الواقعة ولما يستشعر في غضونها من أن المتهم لن يعود إلي ارتكاب جرم مماثل ولأنه قام بسداد قيمة الشيك إيقاف لتنفيذ العقوبة على مقتضى المادة 55 من قانون العقوبات. وقد قرر الطاعن بجلسة 26 من مارس سنة 1966 أن محكمة النقض قد قضت برفض الطعن الذي كان رفعه عن الحكم الجنائي الصادر ضده. وفي 11 من يوليه سنه 1961 أصدرت مصلحه الضرائب التي كان يعمل بها الطاعن قراراً فصله من الخدمة بالتطبيق لحكم المادة 107 من قانون نظام الموظفين رقم 210 لسنة 1951 الذي كان سارياً حينذاك.
ومن حيث إن هذه المادة قد نصت على أن تنتهي خدمة الموظف لأحد الأسباب التي عددتها ومنها السبب الذي ذكرته الفقرة الثامنة منها وهي الحكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف. ويستفاد من هذا النص أن الجرائم ليست كلها سواء من حيث أثرها على رابطه التوظف التي تربط الموظف بالحكومة فمنها ما يستتبع ارتكابها والحكم بالإدانة فيها فصم هذه الرابطة، وينتظم هذا النوع الجنايات كافة وكذا الجرائم المخلة بالشرف، ومنها ما لا يستتبع هذه النتيجة بحكم القانون وهو ما عدا ذلك من الجرائم. وقد تكفل المشرع في قانون العقوبات بتحديد الجنايات في وضوح وجلاء. أما الجرائم المخلة بالشرف فلم يحددها في هذا القانون أو في سواه تحديد جامعاً مانعاً كما كان شأنه بالنسبة للجنايات. على أن المتفق عليه أنه يمكن تعريف هذه الجرائم بأنها هي تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع. والشخص إذا انحدر إلى هذا المستوى الأخلاقي لا يكون أهلاً لتولي المناصب العامة التي تقتضي فيمن يتولاها أن يكون متحلياً بالأمانة والنزاهة والشرف واستقامة الخلق. ولما كانت جريمة إصدار شيك بلا رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات هي - كجريمة النصب - تقتضي الالتجاء إلى الكذب كوسيلة لسلب مال الغير فهي لذلك لا تصدر إلا عن انحراف في الطبع وضعف في النفس ومن ثم فإنها تكون، في ضوء التعريف سالف الذكر، مخلة بالشرف. وسبق لهذه المحكمة أن قضت بأن هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف. بمدلوله المعني بالفقرة الثانية من المادة 107 السابق الإشارة إليها وذلك لمساسها بسمعة الموظف وذمته وتأثيرها على الثقة في أمانته ونزاهة معاملاته إذ أنها تتطلب قصداً جنائياً خاصاً يقوم على توافر سوء النية وقصد الإضرار بالمجني عليه حتى أن الشارع ألحقها في المادة 337 من قانون العقوبات بجريمة النصب وعاقب عليها بذات العقوبة التي قررها في المادة 336 منه لجريمة النصب وأن الحكم على الموظف بالعقوبة في جريمة هكذا شأنها مما يؤثر في صلاحيته لتولي الوظيفة العامة أو الاستمرار فيها. إذ ينعكس صداها على هيبة الوظيفة وكرامتها واعتبارها.
ومن حيث إن الطاعن - وقد حكم عليه بالعقوبة في جريمة إعطاء شيك بلا رصيد وأصبح هذا الحكم نهائياً وقد أقر بأن محكمة النقض قد حكمت برفض الطعن الذي قدمه في هذا الحكم حسبما تقدم - فإنه يقوم في شأنه سبب من أسباب انتهاء الخدمة المنصوص عليها في المادة 107 المنوه عنها ويتعين لذلك فصله من الخدمة بحكم القانون دون حاجة إلي محاكمة تأديبية. ولا يغير من ذلك أن المحكمة الجنائية قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة معينة - وذلك للظروف المخففة التي ارتأتها ومنها قيام الطاعن بسداد قيمة الشيكات أثناء المحاكمة - ذلك لأنه تبين من الاطلاع على هذا الحكم أن المحكمة قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة فقط ولم تحكم بوقف تنفيذ الآثار المترتبة على هذا الحكم. وعلى ذلك فإن هذا الحكم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يمنع من ترتيب الآثار المترتبة على الحكم سواء أكانت أثاراً جنائية أم مدنية أم إدارية، ومن الآثار الإدارية التي تترتب على الحكم في جريمة مخلة بالشرف ما نصت عليه الفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر من إنهاء خدمة الموظف فور الحكم عليه في هذه الجريمة. ولا وجه لما أثاره الطاعن - من أن قانون العاملين المدنيين رقم 46 لسنة 1964 قد جعل الفصل جوازياً للسيد الوزير في حالة الحكم مع وقف تنفيذ - لأن هذا القانون لا يسري على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به وقد صدر الحكم على الطاعن في تلك الجريمة المخلة بالشرف قبل العمل بالقانون المذكور. وفضلاً عن ذلك فإن هذا أمر مقصور على جهة الإدارة. أما القضاء فعليه أن ينزل حكم الفصل استناداً إلى الأصل المنصوص عليه في حالة صدور حكم في جناية أو جنحة مخلة بالشرف.
ومن حيث إنه لا صحة لما ذهب إليه الطاعن - من أن جريمة إصدار شيك بلا رصيد لا تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف إلا إذا صاحبتها طرق احتيالية - ذلك لأن المادة 337 من قانون العقوبات تقضي بأن يحكم بالعقوبات الخاصة بجريمة النصب على كل من أعطى بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك أو سحب بعد إعطاء الشيك كل الرصيد أو بعضه بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك، أو أمر المسحوب عليه الشيك بعدم الدفع ويبين من هذا النص أن المشرع قد اعتبر الحالات التي عددها في هذه المادة، والتي تتوافر فيها أركان الجريمة، من قبيل الوسائل الاحتيالية التي تهدد قيمة الشيك باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات.
ومن حيث إنه لا يقبل من الطاعن أمام القضاء الإداري أن يناقش المعاملة التي حرر من أجلها الشيك أو البواعث التي دفعته إلى تحريره أو علم المستفيد بعدم وجود رصيد، ما دام أن الحكم الجنائي الصادر بإدانته قد اكتسب حجية نهائية وأصبح لذلك مقيداً لجهات القضاء الأخرى في خصوص ما قضى به ما دام أن إنهاء الخدمة هو أثر لازم له.
ومن حيث إنه، لما تقدم، يكون القرار الصادر بفصل الطاعن من وظيفته - للحكم عليه في جريمة مخلة بالشرف مع وقف تنفيذ العقوبة - قد صدر صحيحاً متفقاً وأحكام القانون ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه، إذ قضي برفض دعواه بإلغاء هذا القرار، يكون قد أصاب الحق في قضائه وبالتالي يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون، ولا وجه لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه - من أنه أخل بحق الدفاع لأنه لم يرد على كل نقاط دفاعه - ذلك لأنه، فضلاً عن أن المحكمة ليست ملزمة بتقصي كافة أوجه دفاع المدعي والرد عليها - فإن الحكم المطعون فيه قد بني على أسباب صحيحة فيها الرد الكافي على دفاع المدعي.
ومن حيث إنه لذلك يتعين القضاء بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] بمثل هذا المبدأ قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 1762 لسنة 7 ق بجلسة 29/ 12/ 1962 المنشور بمجموعة السنة الثامنة - المبدأ 33 ص 353، وفي حكمها الصادر في القضية رقم 574 لسنة 11 ق بجلسة 31/ 12/ 1966.
[(2)] يمثل هذا المبدأ قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 1413 لسنة 7 ق بجلسة 24/ 4/ 1965 المنشور بمجموعة السنة العاشرة - المبدأ 110 ص 1113، وفي حكمها الصادر في القضية رقم 574 لسنة 11 ق بجلسة 31/ 12/ 1966.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 33 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,118,889

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »