موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

فصل الموظف لعدم قضائه فترة الاختبار على ما يرام - اعتباره من صميم عمل السلطة الإدارية بلا معقب عليها ما لم تنحرف أو تسئ استعمال سلطتها - استخلاص الإدارة أسباب عدم الصلاحية من كثرة طلب الموظف للإجازات وتحايله للحصول عليها ولو لم يتجاوز حدودها المرسومة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة - الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) - صـ 828

(73)
جلسة 16 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة: مصطفى كامل إسماعيل. وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح. ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 967 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف - الموظف الدائم والموظف المؤقت - مناط التفرقة بينهما في قانون التوظف.
(ب) هيئة البريد - وظائف الدرجة التاسعة بميزانيتها في السنة المالية 1957/ 1958 مؤقتة - السلطة المختصة بفصل المعينين عليها - هي المنصوص عليها في قرار مجلس الوزراء الصادر في 31/ 12/ 1952 أو من يفوض بعد ذلك قانوناً.
(ج) موظف مؤقت - قرار فصله - صدوره من الوزير باعتباره من الموظفين الموضوعين تحت الاختبار لا من الموظفين المؤقتين - صحته ما دامت السلطة التي تملك الفصل في الحالتين واحدة، وقام الفصل على سبب عدم الصلاحية للبقاء في الوظيفة.
(د) موظف - فترة الاختبار - فصل - فصل الموظف لعدم قضائه فترة الاختبار على ما يرام - اعتباره من صميم عمل السلطة الإدارية بلا معقب عليها ما لم تنحرف أو تسئ استعمال سلطتها - استخلاص الإدارة أسباب عدم الصلاحية من كثرة طلب الموظف للإجازات وتحايله للحصول عليها ولو لم يتجاوز حدودها المرسومة - اعتبار الإجازات المتواصلة والغياب المتكرر إساءة لاستعمال الحق وسوء سلوك وظيفي ينعكس أثره الضار على الوظيفة العامة - نهوض ذلك دليلاً على عدم تقدير الموظف للمسئولية ولا يقدح فيه تقدير كفايته بدرجة جيد والشهادة له بالكفاية والأمانة - اعتبار عدم تقدير المسئولية سلوكاً وخلقاً لا يشفع فيهما الكفاية أو الأمانة - صحة قرار الفصل الصادر بناء على هذا الاستخلاص.
1 - إن قانون الموظفين قد جعل مناط التفرقة بين الموظف الدائم الذي يسري في شأنه حكم المادة 19 المشار إليها والموظف المؤقت هو دائمية الوظيفة أو عدم دائميتها بحسب وصفها الإداري في الميزانية، وقد أكد ذلك فيما أورده في المادة 26 من جعل المعينين على وظائف مؤقتة خاضعين في توظيفهم وتأديبهم وفصلهم للأحكام التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء.
2 - بالاطلاع على الميزانية العامة 1957/ 1958 يتبين أن وظائف الدرجة التاسعة بهيئة البريد هي وظائف مؤقتة، وما دام قرار تعيين المطعون ضده كان على إحدى هذه الدرجات المؤقتة ومن ثم فهو موظف مؤقت يخضع لحكم المادة 26 من قانون التوظف رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر، وبالتالي يكون من سلطة الجهة الإدارية إنهاء خدمته أو فصله من وظيفته بالأداة التي نص عليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 31/ 12/ 1952 أو لمن فوض بعد ذلك قانوناً.
3 - إذا كان مركز المطعون ضده في الوظيفة هو مركز لائحي فإنه يطبق في شأنه ما يطبق على الموظفين المؤقتين، ولا يغير العقد المبرم بينه وبين الحكومة من طبيعة هذه العلاقة، فإذا كان الوزير قد أنهى خدمة المطعون ضده بوصفه من الموظفين الموضوعين تحت الاختبار بالتطبيق للمادة 19 من قانون التوظف وليس من الموظفين المؤقتين الخاضعين لحكم المادة 26 من هذا القانون، فإن الأمر لا يختلف في الحالين إذ السلطة التي تملك الفصل في كليهما واحدة، وكذلك الأسباب التي قام عليها وهي عدم الصلاحية للبقاء في الوظيفة.
4 - لما كانت الوظيفة تكليفاً وضرورة، وأن الأجر مقابل العمل، فلا محل للإبقاء على شاغلها إذا لم يكن قادراً على النهوض بأعبائها لأمور خاصة به متعلقة بالبعد عن عائلته أو متعلقة بقدرته الصحية، لأنها لم تنشأ لتكون مصدر رزق بغير عمل. فإذا رأت الجهة الإدارية من الملابسات التي صاحبت الإجازات وقد بلغ مجموعها الكلي 156 يوماً في أقل من سنتين - أن المطعون ضده إنما كان يتحايل في الحصول عليها، فإن اقتناعها بذلك كان له ما يبرره مهما قيل بأنه لم يتجاوز حدوده فيها لأن الإجازات بكافة أنواعها وإن كانت مشروعة قانوناً في الحدود المرسومة إلا أن طلبها يجب أن يكون للضرورة مراعاة لصالح العمل وعدم إشاعة الاضطراب فيه بهذا الغياب المتواصل المتكرر، وإساءة استعمال الحق نوع من الانطباعات الضارة بالوظيفة العامة وتسئ إليها وبالتالي فهي ضرب من ضروب سوء السلوك الوظيفي، وعلاوة على هذا فإن الثابت من المذكرة المحررة عن المطعون ضده بتاريخ 2/ 7/ 1959 من المنطقة التي يعمل فيها أنها توافق على إنهاء فترة اختباره لكثرة إجازاته ولعدم اهتمامه بعمله وتقدير مسئوليته. وهذه الجهة بحكم اتصالها بالموظف لا شك تكون أقدر من غيرها في الحكم على عمله وعلى مدى صلاحيته للبقاء في الوظيفة. وما دام لم يوجه لها أي طعن يحمل المظنة في سلامة هذا التقدير وكونه قد حصل على تقدير جيد، وقيل عنه أنه متوسط وأمين فلا يقدح كل ذلك فيما استخلصته جهة الإدارة من أعماله في مجموعها طوال السنتين اللتين أمضاهما في الخدمة على الدرجة التاسعة المؤقتة، من أنه لا يقدر المسئولية وخصوصاً وأن عدم تقدير المسئولية إنما هو سلوك وخلق لا يشفع فيهما كفاية أو أمانة. ويتضح من المكاتبات الصادرة من المنطقة التي يعمل فيها المطعون ضده أنها كانت مشفقة عليه راغبة في أن يصلح من أمره وقد سبق أن طلبت له مهلة ليقوم نفسه.
فلذا رأت الجهة الإدارية عدم صلاحية المطعون ضده للبقاء في وظيفته مستندة في ذلك إلى ما تقدم ذكره، فإنها تكون قد بنت قرارها على استخلاص سائغ يؤدي إليه ما هو ثابت في الأوراق التي عرضت عليها.


إجراءات الطعن

في 31 من مارس سنة 1962 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة نائباً عن السيدين وزير المواصلات ومدير عام هيئة البريد، سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 29/ 1/ 1962 في الدعوى رقم 2543 لسنة 8 القضائية المرفوعة من السيد/ سليمان عبد الرحمن نصر الله ضد وزارة المواصلات والهيئة العامة للبريد القاضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من السيد وزير المواصلات بإنهاء خدمة المدعي وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة" وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين".
وقد أعلن هذا الطعن إلى الطرفين وعرض على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا، وبعد أن سمعت هذه المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى المشار إليها طلب فيها الحكم بإلغاء قرار فصله من الخدمة الصادر في 13/ 7/ 1959 واعتباره كأن لم يكن وإعادته إلى عمله طبقاً للعقد المبرم بينه وبين الإدارة مع ما يترتب على ذلك من آثار واحتياطياً الحكم بقرش صاغ كتعويض مبدئي عن هذا الفصل التعسفي وإلزام الجهة الإدارية بالمصاريف وأتعاب المحاماة...... "وقال شرحاً لدعواه إنه التحق بهيئة البريد في 18/ 5/ 1957 بوظيفة موزع من الدرجة التاسعة وذلك بموجب عقد محرر بينه وبين هيئة البريد في 31/ 10/ 1957 نص فيه على أنه "لا يجوز الاستغناء عن أحد طرفي العقد إلا بعد إخطاره قبل نهاية العقد بشهر وإذا لم يقم بإخطاره فيستمر ساري المفعول بنفس الشروط" وقد قامت الهيئة بفصل الطالب فصلاً تعسفياً أعلن إليه في 22/ 7/ 1959 دون مراعاة لنص العقد الأمر الذي يجعل قرار الفصل باطلاً، هذا بصفة أصلية واحتياطياً محل تعويض.
أجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي عين بوظيفة من الدرجة التاسعة المؤقتة تحت الاختبار اعتباراً من 18/ 5/ 1957، وقد أفادت المنطقة التي يعمل بها بأنها لا توافق على إنهاء فترة اختباره لكثرة إجازاته وعدم اهتمامه وتقديره للمسئولية وذلك بناء على ما قرره رئيسه المباشر وبعرض الأمر على السيد الدكتور وزير المواصلات وافق في 13/ 7/ 1959 على إنهاء خدمة المدعي لفقده شرط الصلاحية وقبل أن يصدر قرار الفصل في 7/ 9/ 1959 أرسلت الهيئة برقية في 22/ 7/ 1959 إلى المنطقة التابع لها الطالب لإبعاده عن العمل تمهيداً لصدور قرار الفصل. وعلى أثر ذلك تقدم المدعي بتظلم إداري في 1/ 8/ 1959.
وبتاريخ 29/ 1/ 1962 قضت المحكمة الإدارية المذكورة، برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من وزير المواصلات بإنهاء خدمة المدعي وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة "بانية حكمها هذا على أن الإدارة إنما بنت تقديرها لعدم قضاء المدعي فترة الاختبار على ما يرام على ما نعته عليه من كثرة إجازاته وعدم اهتمامه بعمله وتقدير مسئوليته... أما عن الإجازات فلا يجوز أن تكون عنصراً من عناصر صلاحية المدعي مؤثراً فيها أو مهدراً لها ما دامت قد تمت في الحدود المرسومة قانوناً.... كما وأن العناصر الأخرى التي انبنى عليها عدم الصلاحية لا تستخلص مما هو ثابت في الأوراق فقد حصل في التقدير المقدم عن سنة 1958 على 70 درجة بتقدير مرضي وقال عنه رؤساؤه من ملاحظي ورئيس قسم التوزيع عندما طلب منهم إبداء الرأي فيه أنه متوسط في عمله... ومن ثم يكون قرار الفصل قد قام على سبب غير صحيح وجاء بالتالي مخالفاً للقانون ويتعين الإلغاء.
ومن حيث إن أوجه الطعن تقوم على أن تقدير صلاحية الموظف تحت الاختبار إنما مرده إلى الإدارة بلا معقب عليها من القضاء الإداري ما دام تقديرها قد خلا من إساءة استعمال السلطة والحكم المطعون فيه إذ حاول أن يبسط رقابته على تقدير الإدارة لصلاحية المطعون ضده للبقاء في الوظيفة يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه..... والقاضي الإداري هو قاضي مشروعية عليه أن يتأكد من صحة القرار الإداري وقيامه على أسبابه أي على مجرد ثبوتها في الأوراق وأما تقدير قيمة أسباب القرار فإنه يدخل في صميم اختصاص الإدارة باعتباره من الملائمات..... وإعطاء الموظف الحق في الإجازات لا يمنع الإدارة وهي المشرفة عليها من أن تقرر أن الموظف يسئ استعمال حقه في هذه الإجازات، وقد قرر رؤساء المطعون ضده في تقاريرهم أنه كثير التحايل في الحصول على الإجازات كما وأن استناد الحكم المطعون فيه إلى التقرير السري المقدم عنه عام 1958 لا ينفي عن المطعون ضده ما نسبته إليه الإدارة إذ العبرة بسلوكها الوظيفي وكفايته طوال السنتين المحددتين للاختبار دون الاقتصار على سنة واحدة، ذلك أن الصلاحية ليست صفة لازمة للموظف فهي تتخصص بالزمان وبنوع العمل المسند إليه....".
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضده من عمال القنال وقد ألحق بالخدمة في 18/ 5/ 1957 وبعد أن استوفى مسوغات تعيينه صدر قرار في 29/ 9/ 1957 بتعيينه على الدرجة التاسعة المؤقتة بهيئة البريد.... طبقاً لشروط عقد الاستخدام الذي سيبرم معه.... وقد حرر العقد فعلاً في 31/ 10/ 1957 واعتبر بداية تعيينه من 29/ 9/ 1957 وتنتهي في 28/ 9/ 1958 متضمناً أنه يتجدد لمدة أخرى مساوية لتلك المدة ما لم يعلن أحد الطرفين الآخر قبل نهاية المدة بشهر برغبته في إنهائه ويستمر التجديد بعد ذلك بالشروط نفسها.... ولوكيل الوزارة أو رئيس المصلحة توقيع العقوبات التأديبية ويكون قراره نهائياً فيما عدا عقوبة الفصل فتكون من سلطة الوزير... ويكون من جميع الوجوه الأخرى وبدون الإخلال بأحكام المادة (7) خاضعاً للقواعد واللوائح الخاصة بالموظفين الجاري العمل بها والتي سيعمل بها في الحكومة المصرية.... وتنص المادة 7 من العقد المذكور على أن "يكون لكل من الطرفين إنهاء هذا العقد في أي وقت كان بمقتضى إعلان يرسل كتابة قبل ذلك بمدة شهر".
ومن حيث إنه بناء على مذكرة من مساعد المدير العام لشئون الأفراد والشئون العامة والتي جاء فيها "إن المطعون ضده عين بخدمة الهيئة من الدرجة التاسعة المؤقتة تحت الاختبار اعتباراً من 18/ 5/ 1957 وأن المنطقة التابع لها المذكور لا توافق على إنهاء فترة اختباره وقد وافق السيد الوزير في 13/ 7/ 1959 على فصله ثم صدر القرار الوزاري بذلك اعتباراً من هذا التاريخ وبالتطبيق لحكم المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تنص على أن "يكون التعيين لأول مرة في أدنى الدرجات بوظائف الكادرين الفني العالي والإداري. ويكون التعيين في وظائف الكادر الفني المتوسط في الدرجة السابعة أو الثامنة حسب الوظيفة المطلوب التعيين فيها ويكون التعيين في وظائف الكادر الكتابي في وظائف الدرجتين الثامنة والتاسعة.... ويكون التعيين في الوظائف المشار إليها تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، فإن لم يتم الموظف مدة الاختبار على ما يرام فصل من وظيفته..." وقد أبدى رئيس قسم الموزعين رأيه في المطعون ضده بأنه كثير الانقطاع والتحايل في الحصول على الإجازات وأن تقدير عمله متوسط رغم أمانته، كما أبدى رئيس ملاحظي الموزعين رأيه فيه بأنه كثير التحايل في الحصول على الإجازات وأنه متوسط في عمله.
ومن حيث إن قانون الموظفين قد جعل مناط التفرقة بين الموظف الدائم الذي يسري في شأنه حكم المادة 19 المشار إليها والموظف المؤقت هو دائمية الوظيفة أو عدم دائميتها بحسب وصفها الإداري في الميزانية، وقد أكد ذلك فيما أورده في المادة (26) من جعل المعينين على وظائف مؤقتة أو لأعمال مؤقتة خاضعين في توظيفهم وتأديبهم وفصلهم للأحكام التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الميزانية العامة 1957/ 1958 تبين أن وظائف الدرجة التاسعة بهيئة البريد هي وظائف مؤقتة وأن قرار تعيين المطعون ضده كان على إحدى هذه الدرجات المؤقتة ومن ثم فهو موظف مؤقت يخضع لحكم المادة 26 من قانون التوظف رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر وبالتالي يكون من سلطة الجهة الإدارية إنهاء خدمته أو فصله من وظيفته بالأداة التي نص عليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 31/ 12/ 1952 أو لمن فوض بعد ذلك قانوناً.
ومن حيث إن قرار فصل المطعون ضده وإن كان مبناه عدم قضائه فترة الاختبار على ما يرام بالتطبيق للمادة 19 من قانون التوظف إلا أنه يكون صحيحاً إذا حمل على أسباب تؤدي إلى هذه النتيجة بغض النظر عن التكييف القانوني له وما دامت أداة الفصل في الحالين واحدة.
ومن حيث إن الوظائف إنما تنشأ لحاجة المرفق إليها فيجب أن يوليها من له القدرة الجسمانية والعقلية على القيام بأعبائها خصوصاً وأن مرفق البريد من المرافق الشديدة الاتصال بمصالح الجمهور وتتطلب ممن يعمل فيه المواظبة والمثابرة بنفس مقبلة على تحمل المسئولية كاملة وتقدير ذلك كله في الموظف هو من صميم عمل السلطة الإدارية المشرفة على هذا المرفق ولا معقب عليها في ذلك ما دام لم يثبت أنها قد انحرفت به أو أساءت استعمال سلطتها فيه.
ومن حيث إن مركز المطعون ضده في الوظيفة هو مركز لائحي يطبق في شأنه ما يطبق على الموظفين المؤقتين، ولا يغير العقد المبرم بينه وبين الحكومة من طبيعة هذه العلاقة، فإذا كان الوزير قد أنهى خدمة المطعون ضده بوصفه من الموظفين الموضوعين تحت الاختبار وليس من الموظفين المؤقتين فإن الأمر لا يختلف في الحالين إذ السلطة التي تملك الفصل في كليهما واحدة وكذلك الأسباب التي قام عليها وهي عدم الصلاحية للبقاء في الوظيفة....
ومن حيث إن عدم صلاحية المطعون ضده للبقاء في الوظيفة قد استخلصت أسبابها مما هو ثابت في الأوراق فقد تبين من الاطلاع على ملف الخدمة أن المطعون ضده قد ألحق بالخدمة في 13/ 5/ 1957 بوظيفة موزع مراقبة إسكندرية وتفيد الشكاوى المقدمة من والده أن ابنه له زوجة وأولاد يقيمون بالقصاصين الجديدة بالقرب من مدينة الإسماعيلية لذلك فهو يطلب نقله إليها ثم أخذ يلح المطعون ضده في النقل إلى مكان قريب من محل إقامة عائلته فلم يجب إلى طلبه والظاهر من كشف الإجازات التي منحت له وتتابع طلبها أنه كان في حالة قلق لبعده عن أهله مما صرفه عن العمل إلى السعي الحثيث في النقل فبلغت إجازاته المرضية من 16/ 7/ 1957 لغاية 15/ 4/ 1959 90 يوماً في أقل من سنتين وفي بداية الخدمة وبلغت إجازته الاعتيادية من 3/ 5/ 58 لغاية 22/ 4/ 1959، 48 يوماً أي حوالي شهر ونصف في أقل من عامين وكذلك بلغت إجازاته العارضة خلال هذه المدة 18 يوماً، ولما كانت الوظيفة تكليفاً وضرورة، وأن الأجر مقابل العمل فلا محل للإبقاء على شاغلها إذا لم يكن قادراً على النهوض بأعبائها لأمور خاصة به متعلقة بالبعد عن عائلته أو متعلقة بقدرته الصحية لأنها لم تنشأ لتكون مصدر رزق بغير عمل.... فإذا رأت الجهة الإدارية من الملابسات التي صاحبت الإجازات وقد بلغ مجموعها الكلي 156 يوماً في أقل من سنتين أن المطعون ضده إنما كان يتحايل في الحصول عليها فإن اقتناعها بذلك كان له ما يبرره مهما قيل بأنه لم يتجاوز حدوده فيها لأن الإجازات بكافة أنواعها وإن كانت مشروعة قانوناً في الحدود المرسومة إلا أن طلبها يجب أن يكون للضرورة مراعاة لصالح العمل وعدم إشاعة الاضطراب فيه بهذا الغياب المتواصل المتكرر، وإساءة استعمال الحق نوع من الانطباعات الضارة بالوظيفة العامة وتسئ إليها وبالتالي فهي ضرب من ضروب سوء السلوك الوظيفي وعلاوة على هذا فإن الثابت من المذكرة المحررة عن المطعون ضده بتاريخ 2/ 7/ 1959 من المنطقة التي يعمل فيها أنها توافق على إنهاء فترة اختباره لكثرة إجازاته ولعدم اهتمامه بعمله وتقدير مسئوليته. وهذه الجهة بحكم اتصالها بالموظف لا شك تكون أقدر من غيرها في الحكم على عمله وعلى مدى صلاحيته للبقاء في الوظيفة. وما دام لم يوجه لها أي طعن يحمل المظنة في سلامة هذا التقدير وكونه قد حصل على تقدير جيد وقيل عنه أنه متوسط وأمين فلا يقدح كل ذلك فيما استخلصته جهة الإدارة من أعماله في مجموعها طوال السنتين التي أمضاها في الخدمة على الدرجة التاسعة المؤقتة من أنه لا يقدر المسئولية وخصوصاً وأن عدم تقدير المسئولية إنما هو سلوك وخلق لا يشفع فيهما كفاية أو أمانة...... و يتضح من المكاتبات الصادرة من المنطقة التي يعمل فيها المطعون ضده أنها كانت مشفقة عليه راغبة في أن يصلح من أمره وقد سبق أن طلبت له مهلة ليقوم نفسه.
ومن حيث إنه إذا رأت الجهة الإدارية عدم صلاحية المطعون ضده للبقاء في وظيفته مستندة في ذلك إلى ما تقدم ذكره فإنها تكون قد بنت قرارها على استخلاص سائغ يؤدي إليه ما هو ثابت في الأوراق التي عرضت عليها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون القرار المطعون فيه قد صدر سليماً لا مخالفة فيه للقانون إذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مغايراً فقد أخطأ الصواب مما يتعين إلغاؤه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 31 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,068,414

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »