جاري هامل يستشرف مستقبل علم الإدارة في كتابه: أهم المهمات الآن، 2012
هشام محمد سعيد قربانمقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 23/10/2013 ميلادي - 19/12/1434 هجري
زيارة: 581
Share on favoritesShare on facebook Share on twitter Share on hotmailShare on gmail Share on bloggerShare on myspaceShare on digg
عرض كتاب أهم المهمات الآن..
كيف تفوز في عالم متنافس
لا تتوقف فيه عجلة التغيير والابتكار؟
العنوان الأصلي:
WHAT MATTERS NOW
How to Win in a World of Relentless change, Ferocious Competition, and Unstoppable Innovation.
المؤلف: جاري هامل (Gary Hamel).
الناشر: الطبعة الأولى ,Jossey-Bass: Wiley, USA, 2012
الحجم: قطع متوسط، 288 صفحة.
مقدمة:
بين أيدينا مؤلَّفٌ ثمين ذو أثر عظيم في موضوعه: استشراف علمِ الإدارة في المستقبل، ومما يزيدُه أهميةً تأليفُه من قِبَل باحث مرموق: جاري هامل، وهو أحد القامات العلمية الفذَّة التي تفخر بها واحدة من أهم المعاهد الإدارية في العالم: مدرسة لندن لعلم الإدارة، ومما يشهَد لمكانته العلمية اختيارُه في عام 2008 من قِبَل Wall Street Journal من ضمن أشهر خمسة خبراء مؤثِّرين في العالم: بيل جيتس، توماس فريدمان، مالكولم جلادويل، هوارد جاردنر، وهو مؤسسٌ للعديد من الجمعيات الرائدة والمشهورة في مجال الإدارة.
إنه كتاب مختلف ومتميِّز عن غيره؛ فهو يَلفت الأنظار إلى حقيقة قد يَغفُل عنها الكثير؛ فالنجاح في المستقبل - بمتغيراته ومفاجآته - سيُبنى على أسس ومنطلقات جديدة تختلف عما تعلمناه في أمسنا القريب، والإسراع في تعلُّمها والاعتبار بأخطائنا السابقة أمرٌ حتميٌّ ومهمٌّ جدًّا لضمان نجاح المنشآت في المستقبل الذي يقرع أبوابنا الآن، ويدعونا لإعادة النظر في العديد من المفاهيم الإدارية والقيادية!
يرى جاري هامل أن الأسسَ اللازمة لبناء منشآت تجمعُ بين أهليتها وجاهزيتها للتحدي المستقبلي ومواءمتها للفطرة الإنسانية - تتمحور حول خمس قضايا جوهرية:
1- القِيم.
2- الابتكار.
3- المرونة.
4- الشغف.
5- الأيديولوجيات.
1- المستقبل يحتاجُ إلى نهضة أخلاقية:
إن الأساسَ المتين لهذه النهضة الاعترافُ بأخطاء الأمس التي أفرزت التأزُّمَ الاقتصادي العالمي والتعلمُ منها؛ فالعقلاء يقرُّون - بعد وقوع الفأس في الرأس - بالآثار السيئة لسياسة الإغراق في الديون الناتجة من تسهيل الاقتراض غير المنضبط لشراء العقارات، والتي شجع عليها وأعانها ذلك الشعورُ الواهم بالأمن الذي نسجته شركاتُ التأمين، ووقع الكثيرُ ضحية لعوامل معقدة، وممارسات رأسمالية خاطئة، قوامها الطمعُ في الربح السهل، وقِصر النظر، وتزييف التقارير السنوية، والخداع، والإنكار، وتقديم مكاسب الساسة وأعضاء مجالس الإدارة على المصالح العامة، وغياب الشفافية، والاستهتار بحقوق المستهلكين.
نحن جميعًا بحاجة ملحَّة إلى إعادة اكتشاف ونشر وتعلُّم ما يشار إليه بـ: أخلاق الفلاحين؛ فحياتهم الصعبة كانت - ولم تزَلْ - مدرسةً للعديد من القِيم التي نسيناها، مثل: العمل الجاد، الكرامة، التضحية، التوفير، تنويع المحاصيل للمحافظة على جودة التُّربة، البُعد عن الدَّيْنِ وكراهيتُه، والتقليل منه، الحصانة من إغراءات العُروض البنكية، لا تشترِ إلا ما تملِكُ ثمنه.
المستقبل يدعونا - في النظام الرأسمالي خصوصًا - للتخلص من: متاهة النرجسية، والشعور بالكمال الزائف، وضرورة نقد الذات، وإعادة النظر في الكثير من المفاهيم والفرضيات الأساسية حول:
1- الأهداف الحقيقية للمنشآت.
2- مَن هو المستفيد الفعلي من أعمالنا؟
3- ما فائدة ما نعمَلُ؟ وما هي قيمتُه المضافة؟
لا بدَّ للنهضة الأخلاقية من التخلُّص من طائفة من الأفكار الهدامة والسامة، وإبدالها بقِيَم جميلة وبنَّاءة، فلمَ لا نجعل تحسينَ حياتنا كبشرٍ الهدفَ الرئيسي لأعمالنا، بدلاً من سعينا القديم وراء الرِّبحية؟ ولمَ لا يجاوز منظورنا لعملائنا الحدودَ الضيقة في كونهم من يشتري ما نُنتج، ويتعداها إلى منظور شامل إلى كونهم بشرًا تتأثرُ حياتُهم بمشاريعنا وقراراتنا؟ هل نبني علاماتنا التجارية على أساسٍ مِن عرض الفوائد الحقيقية لمنتجاتنا، أم على أساس الاستثمار في خطط تسويقية جوفاء ومكلِّفة؟
2- الابتكار ضمانٌ للمستقبل:
ليس الابتكار ترفًا أو موجة عابرة، بل هو ضرورة يدفعُنا إليها تحديات حياتية كبيرة؛ فالابتكار يُعيننا على إيجاد حلول لمعضلات ضخمة يشكِّل كلٌّ منها نظامًا معقدًا متعدد الأبعاد والعوامل والمتغيرات، مثل: التغيُّر المناخي العالمي، الأوبئة الجديدة، الجريمة، الفساد، التغول السياسي.
إن أهمية الابتكار تحتِّم علينا إعادة النظر في تعريفنا له، فمن المؤسف أن الكثيرَ لم يزَلْ يضيِّق تعريف الابتكار إلى درجة مقلقة، لعلها تضر بتعلم الابتكار، ومن المهم في هذا السياق التعرُّف على خمسة أصناف مختلفة للابتكار والمبتكرين، والدروس المستقاة من كل صنف تختلف في سياقها عن غيرها، ولكن تجارِب الأصناف الخمسة - في مجموعها - تعطي مفهومًا أرحبَ وأكثر شمولاً للابتكار.
هذه الأصناف هي:
1- الصواريخ: مصطلح يشيرُ إلى بعض الشركات الناشئة ذات النماذج الجديدة والجريئة، والتي أحرزت نجاحات سريعة جعلتْها تزاحمُ بعض الشركات الكبرى، وتصنف من ضمن الشركات الأكثر ابتكارًا في العالم، مثال: Gilt Group, Hulu Web TV, Spotify Music، ولكن التحديَ الذي يواجه هذا الصنف هو المحافظةُ على القدرة على الابتكار، والصواريخ - كصورة رمزية كما نعرف - تسير في مسارٍ بيضاوي، تبدأ بالانطلاق بعيدًا، ثم ما تلبث أن ترجعَ إلى نقطة انطلاقها.
2- الكبار: مصطلح يصف الشركات الكبرى (مثل: Microsoft, Novartis, Intel)، التي تواصل الابتكارَ عامًا بعد عام؛ وذلك يرجع إلى استثماراتها الضخمة في مجال البحث والتطوير، ولكن القدرةَ على الابتكار لدى هؤلاء تظل محدودةً، وكثيرًا ما تفشل أمام شركات صغيرة، مثال: بالرغم من حصول شركة سامسونج على 4551 براءة اختراع في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2010، فهي ليست العلامةَ التِّجارية الأكثر رواجًا في أمريكا في مجال التلفاز ذي تقنية LCD، وتنافسها شركة صغيرة ناشئة اسمها: VIZIO، يعمل بها 200 عامل، وتتجاوز مبيعاتها السنوية 2.5 بليون دولار أمريكي.
3- الفنانون: تصنيف يشير إلى نمطٍ من الشركات التي تختص بإنتاج الابتكار ذاته والتركيز عليه، وتمثل في مجموعها ثلثَ عدد الشركات الابتكارية، مثال: BMW Design Works، IDEO، Grey New York للإعلان، وهذه شركاتٌ تثمِّن الأفكار الجريئة، وتبني عليها، ولا تتعجَّل في الحُكم على الأفكار وتصنيفها، وتحرص على استدرار أكبر عدد من الأفكار، ويديرها نخبةٌ من الفنانين.
4- الرجل ذو القُوى الخارقة للعادة: ومثال هذا الصنف شركات رائدة تعيش وتتنفس الابتكار في أغلب أمورها، وأساليبها الإدارية غير النمطية، ومثالها: Apple , Amazon Google.
5- التائبون الجدد: وأمثالهم شركة FORD, Procter & Gamble, IBM، وهي شركة قديمة اعتنقت الابتكارَ مؤخرًا، وبدأت رحلة مضنية وجادَّة للتغيير.
3- المُرونة والقدرة على التكيُّف:
إن مِن أهم الدروس في هذا المجال الاعترافَ بحاجتنا لتغيير أنماطنا في التغيير، في عصر تتسارع فيه المتغيرات، وتتغير فيه كثيرٌ من المسلَّمات في العلوم ومجالات أخرى، ولعل أهم سؤال ينبغي طرحه في كل منشأة للبحث عن إجابة مقنعة: هل تواكب منشآتنا التغييرَ من حولنا؟ لعل الإجابة بالنفي هي الأصح، ولعل الناظرَ في صناعة الهواتف المحمولة يرى ما نقصده بالمرونة، وتغيير طريقة التغيير، فلقد أسست هذه الصناعة شركة موتورولا التي ظنت في حينها أنها آمنة من المنافسة، حتى أتت شركة نوكيا، ثم زاحمتها شركة بلاك بيري، ثم نافستها شركة أبل بالآيفون.
اجعَلْ منشآتك أقوى من التحدي المستقبلي:
يقرُّ جاري هامل أن هذا المبحث جدير بأن يؤلَّف فيه كتابٌ خاص به، ويذكر هنا ستة عوامل رئيسية تعتمد عليها قدرةُ أي منشأة على التكيف لتكون أقوى من التحدي المستقبلي، ثلاث من هذه العوامل تتعلَّق بأنواع التكيُّف:
1- التكيُّف المعرفي:
عن طريق تحدي الفرضيات، وتنويع الموارد، والتشجيع على خلاف التنوع.
2- التكيُّف الإستراتيجي:
من خلال تنويع الخيارات الإستراتيجية، وإجادة فن جذب الأفكار الكبيرة، وتقليل كلفة التجريب.
3- التكيُّف الهيكلي:
أهم نصيحة هنا هي عدم حصر المنشأة لصورتها الذاتية وكينونتها في سوق محددة أو منتج متخصص، وأفضل من هذا تعريفُ المنشأة ذاتها على أساس مهاريٍّ ومنصات عملٍ واسعة النطاق، ولنبين هذا بمثال: لم تكن شركة أبل لتنجحَ لو قَصَرَتْ تعريفَها لذَاتِها في إنتاج الحواسب الآلية، ولكن التعريف المهاريَّ لذاتها كمنشأة راقية ذات مهارات في تصميم الإلكترونيات - أنقَذَها من ورطتها إلى رحاب أوسعَ بكثير من الحواسب الآلية، فابتكرت آلات موسيقية (iPod) و(iTouch)، (iPhone)، مثال آخر .Gore & Associate.
أما العوامل الثلاثة الأخرى، فتتعلق بتوقعاتنا، التنويع، وقِيم استيعاب الأخطاء، وسرعة معاودة الكَرَّة، والتعلُّم من جديد.
أما توقعاتنا، فلا مفرَّ لنا من مواجهة التغيير الذي لا يمكن منعُه، وينبغي ألا يقتصرَ تعلُّمنا من بؤرة التغيير، ولنتعلم من الأطراف البعيدة، كما نحتاج أن نتخيَّل أنماط المستقبل المحتملة (سيناريوهات): فلا يكفي رؤية الموجة المستقبلية من بداياتها، ولا بد من تخيُّل مآلات الأمور لهذه الموجة، والطرق المختلفة لتفاعلها وتطورها، وهذا يقوِّي مرونةَ المنشأة وجاهزيتها لاحتمالات مختلفة قبل حدوثها.
1- الشغف:
كلنا لا نحب أن يعالجَنا طبيب يقتُل مرضاه، وكذلك فإننا لا نأمن شرطيًّا إذا علِمْنا أنه ارتكب عددًا من الجرائم يفُوق عددَ التي منَعَ حدوثَها، وأمثال هذه الحالات الشاذة تُغضبنا، ولكننا في المقابل نتصرَّف ببرود ولامبالاة حينما تواجهنا أبحاثٌ موثقة تبيِّن مسؤولية الإدارة في خنق نارِ الابتكار والحماس داخل المنشآت، ومحاربتها للجهود الابتكارية بدلاً من تشجيعها واحتضانها! وفي هذا السياق نستشهد بالدراسة الاستقصائية الكبيرة حول نسبة المشاركة الفعلية للعاملين (Engagement) التي أجرتها Towers Watson في عامي 2007 - 2008، ولقد شمِلت هذه الدراسة 90,000 موظف في 18 بلدًا، وأظهرت أن نسبة المشاركة الحقة من قِبل العاملين في الشريحة المدروسة = 21%، أما نسبة المشاركة الجزئية أو عدم المشاركة = 38%، ولعل أهمَّ الأسباب لتدني اهتمام بعض المسؤولين الإداريين برفع مستوى المشاركة: الجهل بتدني نسبة مشاركة العاملين، عدم الاهتمام، والإحساس بالعجز تجاه هذه الظاهرة غير الصحية.
ذكَر جاري هامل في كتابه "مستقبل الإدارة" تسلسلاً هرميًّا (يشابه قانون ماسلو لترتيب الحاجات)، ويبين الترتيب الهرمي للقدرات الإنسانية في مجال العمل (انظُر المستويات الستة في الجدول المرفق، وهو نسخة معدلة من الأصل، بزيادة الشرح لكل مستوى)، وترى الشغف في أعلى المستويات، والرِّحلة طويلةٌ وشاقة من مستوى الطاعة إلى مستوى الشغف، ويقع جزءٌ كبير من هذا الارتقاء المطلوب في القدرات إلى الشغف على كاهل الفريق الإداري.
تقديم مصلحة الأفراد على المنشآت: هذا مبحث وثيقُ الصلة بالشغف، فلا يتوقع ولادة هذا الشغف ونموُّه وسلامته فى وسطٍ لا يثمِّن الفردَ لذاته وقدراته، ويقدِّم مصلحة المنشأة على مصلحة أفرادها، ومن المؤسف أن نجد عددًا لا يُستهانُ به من البحوث والاستبيانات يُشير إلى تدني مستوى الثقة في المنشآت، فمثلاً تذكُر إحدى الدراسات الأمريكية تدنِّي مستوى الجدارة بالثقة للساسة والإداريين التنفيذيين، وتذكر دراسة أخرى أن 75% من الأمريكيين يرَوْنَ تدني مستوى المصداقية للمعلومات التي تصلهم من الرؤساء التنفيذيين في الشركات.
ويقترحُ جاري هامل عددًِا من المنطلقات التي نبني عن طريقها منشآتٍ تتمحورُ حول خدمة الإنسان الذي يعمل بها: البُعد عن المركزية، الشفافية، الحرص على بناء جماعات متآلفة داخل المنشآت بعيدًا عن الطبقية، أعطِ العاملين الصلاحية في تقييم أداءِ مَن يقودُهم، المكافأة على أساس المشاركة والأثر (وليست على أساس السُّلطة والمسمى الوظيفي)، استبدل التَّقييم الوظيفيَّ بالتقييم بين الأنداد، بدلاً من تقييم الأعلى للأقل رتبة وظيفيَّة.
5 - تحدي الأيديولوجيات الإدارية:
لعل البعض ينكر وجودَ هذا المسمى في عالم المنشآت، ولكنه موجود وإنِ اختَلَف مسمَّاه، وفي هذا السياق تبرز أسئلة ثلاث:
1- ما هي الأيديولوجية الإدارية المتمثِّلة في اللب، والحقيقة المركزية لمفهوم الإدارة؟
2- ما هو النقيض الفكري لهذه الحقيقة المركزية؟
3- التحدي: كيف نؤسِّس منشآت يتجاذَبُها الطرفان (نقطة 1 - 2) في توازن وتجاذُب خلاَّق ومُبدِع، فلا يفوزَ جانبٌ على حساب الآخر؟ مثال: الأيديولوجية النمطية للإدارة هي التحكُّم، وضدها الحرية، والتوازن هو المطلوبُ، وهو تحدٍّ صعبٌ، من القواعد المعلومة في الإدارة صعوبةُ الإبداع في الأجواء الإدارية التي تُعلي من شأن التحكُّم كحقيقة مركزية لمفهوم الإدارة!
إن التحول الإداري من المفهوم الطبقي إلى الإدارة بلا طبقية تجربةٌ واعدة وجديرة بالتأمل، ومن أجمل الأمثلة:
Gores & Associates
وهي شركة أسسها مهندس كيميائي W. L. Gore في عام 1958، يعمل بها 9000 مشارك في 50 بلدًا، وتنتج 1000 منتج، ولم تخسَرْ هذه الشركةُ منذ إنشائها قبل خمسين عامًا، وتصف تيري كيلي - الرئيس التنفيذي لهذه الشركة - الممارساتِ التي يستغربها الناظرُ من خارج الشركة، فتقول: ليس لدينا طبقية، فلا يوجد لدينا رؤساءُ ونواب رؤساء، واتخاذُ القرار لا يخضع لأي طبقية، فبإمكان أيِّ عامل لدينا التواصلُ مع أي شخص للعمل، أو اتخاذ قرار ما، ولا يوجد في شركتنا ألقابٌ أو مناصب، فكلُّ العاملين شركاء، وكل عامل لدينا حرٌّ تمامًا في اختيار ما يمكنُه عملُه، وما يمكنه إنتاجه، يختلف مفهومُ القيادة عندنا، فلا يتم تعيينُ القادة من المناصب العليا حسب الأقدمية أو العلاقات، بل إن أتباع هؤلاء القادة - موظفين آخرين - ومَن يثق بقدراتهم هم من ينصِّبونهم في مناصبهم القيادية، ولقد أجرى جاري هامل لقاءً مطولاً مع تيري كيلي، وأدرج فيه العديد من التساؤلات والتحليلات حول نظام الإدارة اللاطبقي في هذه الشركة.
أختتم المقال بالدعوة إلى رفع سقف الطموحات من خلال مشروع رائد أسسه جاري هامل، ويهدف إلى إعادة ابتكار علم الإدارة للقرن الحادي والعشرين هو: مجموعة حوار الابتكار الإداري Management Innovation eXchange: MIX.
ترجع نشأة هذه المجموعة - كما يخبرنا جاري هامل - إلى لقاء متميز نسق في عام 2008، ودُعي إليه 36 خبيرًا من أهم المختصين الإداريين في العالم، ووجِّه إليهم سؤالٌ عالي الأهمية: ما هي أحدثُ البحوث والتحديات الفكرية في علم الإدارة، والتي توازي في مستواها وأهميتها تلك المشاريعَ العلمية، مثل: مشروع الجينوم البشري، ومشروع تقنيات الحاجز الكربوني، واكتشاف المريخ؟
تم اختيارُ هذا السؤال؛ لأن جاري هامل لاحَظ ظاهرة مقلقة وغير صحية، فكثير من الباحثين ومنسقي البحوث الإدارية منشغلون بملاحقة وتوثيق أفضل الممارسات والتَّجارِب، وبهذا فالإبداع والابتكارُ الإداري جزئيٌّ وبطيء؛ لأنه مشتَّت الذِّهن، ومحدودٌ وقاصر على متابعة النجاحات القائمة، فلماذا لا يوجد بيننا مَن يسأل أسئلة جوهرية حول إعادة اختراعِ الإدارة؟ أسئلة تُشابِهُ في تحدِّيها تلك التي تشغل بعض المجالات العلمية، مثل: اختراع آلة تفكِّر مثل البشر، وأساليب التحكُّم في التصنيع بتقنيات النانو.
استخلص مِن هذا التساؤل خمسة وعشرين تحديًا فكريًّا وآفاقًا ابتكارية جديدة تواجه المختصين، وأسمَوْها: (MIX 25 Moon Shots)، ومن أمثلة هذه التحديات: الارتقاء بأهداف الإدارة، زيادة الثقة، وإنقاص الخوف، ابتكار وسائل أفضل للتحكُّم، التشجيع على القفزات التخيلية، إضفاء المتعة على مفهوم العمل، تجهيز نظام شمولي لتقييم الأداء.
وقررت المجموعة توجيه بوصلة البحوث لهذه التحديات، ويعلن بين الحين والآخر عن مسابقات بحثية تتعرَّض لواحد أو أكثرَ من هذه التحديات، ويتم اختيارُ ما يعرض من التحديات بالتشاور بين المجموعة ودورية هارفارد للأعمال ومجموعة ماكنزي الاستشارية.
http://www.alukah.net/im
ساحة النقاش