التقرير الثالث لمرصد الإصلاح العربي.. وتبقي آليات التفعيل
بقلم : د.خالد عزب
[email protected]
جاءت قضايا الإصلاح في مجال التعليم كموضوع رئيسي للتقرير الثالث لمرصد الإصلاح العربي. وهو واحد من أبرز توصيات المؤتمر الأول للإصلاح العربي الذي عُقد بمكتبة الأسكندرية في مارس 2004 تحت عنوان: "قضايا الإصلاح العربي.. الرؤية والتنفيذ". ذلك المؤتمر الذي صدرت عنه "وثيقة الأسكندرية" التي تضمنت رصداً للواقع ورؤية للمستقبل في مجالات الإصلاح السياسي. والاقتصادي. والاجتماعي. والثقافي. وقد تبنت مكتبة الأسكندرية هذا المشروع منذ حوالي ثلاث سنوات وهو بالأساس مشروع بحثي احصائي يقوم علي دراسة تطور إدراك النخبة العربية للإصلاح - باعتبارها القوة الأساسية الدافعة للتغيير والمُنفِذة له - في كافة المجالات السياسية. والاقتصادية. والاجتماعية. والثقافية. سواء كان هذا الإدراك سلبياً أم إيجابياً.
ويعد التقرير محاولة لاستطلاع ورصد وقياس خطي الإصلاح بكافة مستوياته في العالم العربي. وشمل هذا العام قضايا الإصلاح التعليمي وربطها بالمجالات: الاقتصاد. السياسة. الاجتماع والثقافة. واعتقد أن اختيار موضوع التعليم يرجع لأهميته القصوي في تدوير عجلة الإصلاح في الوطن العربي. وما يحظي به من أهمية بالغة في تقرير مصير ومستقبل المنطقة العربية بأكملها. هو الدافع لاختياره كمحور رئيسي لذلك التقرير. فالتعليم هو بوابة البحث العلمي. وهو طريق توليد نخبة قادرة علي تحمل مسئولية الإصلاح فإذا فسد التعليم لا يمكن توقع أي نجاح لعملية الإصلاح في أي من مجالات الحياة. وهو ما يبني عليه الإصلاح الاقتصادي والإصلاح السياسي واللذان حظيا باهتمام كبير في العديد من الدول العربية في الفترة الماضية.
وبعيداً عن منهجية الدراسة ونتائج المؤشر العام لإدراك النخبة للإصلاح العربي والتي تم استعراضها في الفصل الأول التقرير. سنجد أن التقرير قد صنف المنطقة العربية إلي أربع مناطق تتميز كل منها بدرجة أعلي كثيراً من التجانس وهي: مناطق المغرب العربي. والمشرق العربي والجزيرة العربية والمنطقة الوسطي ويضم المغرب العربي. المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا ويضم المشرق العربي سوريا والأردن ولبنان وفلسطين والعراق.
وتضم الجزيرة العربية دول مجلس التعاون الخليجي الست واليمن. أما المنطقة الوسطي فتضم مصر والسودان والصومال وجيبوتي وجزر القمر. وربما كانت الأخيرة أقل تجانساً من غيرها من المناطق العربية الثلاث الأخري. وقد اختلفت نسب الاستجابة فيما بينها حسب النوع. والفئات العمرية. والمستوي التعليمي. وقطاع الأعمال والمهن.
وباستعراض القضايا الأربعة الرئيسية التي تناول التقرير نتائج الاستطلاع حولها. لنا الملاحظات التالية:
بالنسبة للإصلاح التعليمي والسياسي. فقد تم تناول العديد من النقاط المحورية التي تمس الإصلاح السياسي والتعليمي بداية بالشفافية والحريات. ومروراً بالأداء الرقابي للبرلمان وفصل السلطات واللامركزية وأداء المؤسسات التعليمية والأحزاب وأداء المؤسسات والسياسة التعليمية والثقافة السياسية والقيم الوطنية والأنشطة الطلابية والتنشئة السياسية ووصولاً لإصلاح التعليم والمناهج.
وفيما يخص إدراك النخبة العربية للإصلاح السياسي فتكشف نتائج الاستطلاع بشكل عام عن وقوف الرأي العام عند منطقة تميل إلي التشاؤم والنظرة السلبية أكثر من التفاؤل والنظرة الإيجابية وهي الملاحظة التي أشار إليها التقرير الثاني 2009. فليست هناك انحيازات كلية إلي تفضيل إجابات محددة وإنما يتركز أغلب الإجابات في المنطقة الوسط. التي تشير إلي تعايش ملامح التحول مع ملامح الجمود والثبات. والتي تشير أيضاً إلي تعايش المواطن العربي ضمن المنطقة التي لا تشير إلي الرضا التام عما تحقق. في الوقت الذي لا تغفل ما تضمنه من جوانب جديدة للتغيير. وهذه المساحة من التفكير تؤكد أن الحال العربي لا يتضمن قفزات كلية وشاملة. وعلي الرغم مما يشير إليه ذلك من بقاء الأغلبية من المجتمعات العربية عند حدود من القلق وعدم الاستقرار علي الرأي. إلا أنه يفتح منافذ الأمل بإمكانية حدوث التغيير لو أصغت السلطات السمع إلي صوت المواطن أكثر. ولو اتجهت إلي الإصلاح السياسي إيماناً منها به. وليس نزولاً علي الضغوط. وعلي جانب آخر فإن تركزت أغلب الإجابات عند مستويات الوسط ربما يمثل أحد أعمدة الاستقرار في الواقع العربي. ويمثل بارقة أمل تشير إلي أنه بالإمكان التعويل علي الإصلاح السياسي ونجاحه مستقبلاً. ولكن يبقي لنا بشكل عام غلبة التشاؤم علي التفاؤل في تقرير هذا العام. كما غلب التقارب علي إجابات المناطق الجغرافية الفرعية للعالم العربي. إلا أن منطقة المغرب مالت باستمرار إلي إجابات تشير إلي أوضاع أكثر إيجابية مقارنة بباقي المناطق. بينما كانت منطقة الجزيرة تميل دوماً إلي السلب أكثر مقارنة بباقي المناطق. وبشكل عام يمكن وضع تصور لترتيب المناطق العربية في الجوانب السياسية. بحيث يكون ترتيبها من حيث الأفضلية علي النحو التالي: منطقة المغرب. المنطقة الوسطي. منطقة المشرق. منطقة الجزيرة.. وإن لم تكن الفروق كبيرة ولا جوهرية في الحالتين. هذا يقودنا إلي ضرورة التنبيه بأهمية اتخاذ سلسلة مبادرات إصلاحية بدول منطقة الجزيرة ترفع أسهمها في مجال الإصلاح وتوازنها بباقي المناطق. كما تدعو إلي ضرورة التنبيه علي منطقة المغرب بأهمية الاستمرار علي ذات الطريق الذي يلمسه مواطنوها علي نحو جعلهم أكثر رضا وتميزاً إيجابياً مقارنة بالمواطنين العرب في المناطق الثلاث الأخري. ويفيد التمايز بين إجابات المغرب والجزيرة عن بعضهما وعن المنطقتين الأخريين إلي أن المواطن العربي ليس متشائماً أو متفائلاً بطبعه. علي نحو ما يجري اتهامه أحياناً. ولكنه واعي بما يجري حوله من أحداث ولديه حساسية مميزة تجاهها. وينعكس أي تغيير سياسي سلبي أو إيجابي عليه ويعكسه علي نحو يقدم بلده ومنطقته بشكل جيد أو سييء. بمقدار ما يتيحه له نظام بلاده من فرص وحريات وحقوق.
أما فيما يخص إدراك النخبة العربية للإصلاح التعليمي وربطه بالإدراك السياسي. فجاءت نتائج الاستطلاع لافتة في العديد من القضايا الخاصة بالتعليم فقد أظهرت النتائج أن النخبة العربية غير راضية علي مستوي التعليم. ورغم ذلك متفائلة بشأن إصلاحه. وفي الوقت نفسه فإنها شديدة الحذر من التغيير الشامل للمناهج التعليمية. وقد كشفت النتائج عن تنامي الشعور الوطني لدي المواطن العربي والدليل علي ذلك هو رفض الأغلبية الساحقة الاستعانة بمستشارين أجانب من أجل إصلاح التعليم. كذلك أشارت النتائج إلي وجود جوانب مهمة لقصور نظام التعليم العربي تمثل هذه الجوانب خطراً كبيراً علي مستقبل المنطقة العربية.
بالنسبة لإدراك النخبة للإصلاح الاقتصادي والتعليمي. فتم بناء نتائج علي عدة نقاط محورية التي تمس الإصلاح الاقتصادي التعليمي وهي: برنامج الإصلاح الاقتصادي. وبرامج إصلاح البيروقراطية الحكومية. وأثر الإصلاح الاقتصادي علي البطالة. والتعليم والإصلاح الاقتصادي: التحدي الأول للدول العربية. ووضع التنافسية في الدول العربية. والأمن الغذائي في الدول العربية. والأزمة المالية العالمية وتداعياتها علي الدول العربية. والتكامل الاقتصادي.
وأشارت النتائج إلي أن هناك اتفاقاً عاماً بين مختلف مجموعات الدول العربية علي أن برامج الإصلاح الاقتصادي في بلادهم تحتاج إلي مزيد من التفعيل والإجراءات فعلي الرغم من نجاح العديد من الدول العربية في مواجهة الأزمة المالية العالمية وتوابعها إلا أن هناك تحدياً حقيقياً يواجه صناع السياسة في البلاد العربية ألا وهو مراجعة برامج الإصلاح الاقتصادي حتي تتلاءم مع المعطيات التي تفرضها مرحلة ما بعد الأزمة العالمية
بالنسبة للإصلاح الاجتماعي تتمثل في أنه تغييرات مخططة مقصودة. نتيجة لسياسات اجتماعية تتخذها الحكومات العربية لتحسين نوعية حياة المواطنين ومستويات معيشتهم. وتأخذ هذه السياسات مسارين عامين: يتمثل الأول في الارتقاء بفرص إعداد المواطنين وتكوينهم صحيا وتعليميا ومعرفيا. ومن حيث المهارات بجانب توفير شبكات أمان اجتماعي متاحة كميا وكيفيا. وتحقيق الأمان العام للمواطنين. ويتوجه الثاني نحو معالجة ما يعانية المواطنون من مشكلات وتفاوتات وفجوات سواء علي أساس النوع الاجتماعي. أو علي مستوي الأجيال. أو علي مستوي الطبقات الاجتماعية. أو علي مستوي الأرياف والحواضر. وجاء مؤشر الإصلاح الإجتماعي. مشكلات النظام التعليمي. التفاوتات في النظام التعليمي. التعليم والصعود الاجتماعي والتعليم ومشكلات المجتمع كقضايا محورية تناولتها نتائج الاستطلاع التي أبرزت نتائجها في التقرير.
وأشارت النتائج إلي أن إدارك النخبة العربية للمشكلات الاجتماعية والإجراءات التي أتخذت لعلاجها شهد تحسنا كميا ملحوظا مقارنة بالعام الماضي. وعلي الرغم من هذا التحسن إلا أن هذا لم ينعكس علي تقييم النخبة لكفاية الإجراءات
أما بالنسبة للإصلاح التعليمي والثقافي هو ما انتهي به التقرير» فتم تناول ثلاث نقاط الأولي عن إدراك النخبة للإصلاح الثقافي. والثانية ثقافة تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات. في حين جاءت الثالثة بإدراك النخبة لقضايا التعليم. فبالنسبة لإدراك النخبة للإصلاح الثقافي. تشير النتائج إلي أن غالبية أفراد العينة "67%" /أشاروا إلي وجود ما لبرنامج الإصلاح الثقافي ولكن في الوقت نفسه كان هناك "5.45%" من العينة يرونه غير واضح. ومع دعوتنا باستمرار مشروع مرصد الإصلاح العربي والذي يتيح دراسة الإستمرار والتغير في العناصر المختلفة لإدراك النخبة العربية لأبعاد ومجالات ونطاقات الإصلاح العربي العديدة. تبقي نقطة هامة وفاصلة هي إيجاد الآليات اللازمة لترجمة النتائج إلي واقع أفضل ملموس.. فمن خلال النتائج يمكن النظر للنقاط التي كانت محل نتائج أو نظرة سلبية ثم التوصل إلي الحلول لعلاج تلك النظرة وهو ما يستعدي وجود عدة أجهزة وآليات وأيضاً إعادة النظر في وثيقة الإسكندرية للإصلاح. وإدخال ما يقتضيه الحال من تعديلات أو تغييرات أو تطويرات.
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 120 مشاهدة
نشرت فى 30 ديسمبر 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,794,784