«صرخات غضب» ضد الإثارة والتحريض في الإعلام العربي |
حجم الخط | |
|
|||
نقل التلفزيون لمباريات كرة القدم هو الذي يستثير الجمهور المشاهد (الصورة عن goal.com) |
تاريخ النشر: الإثنين 24 يونيو 2013
أبوظبي (الاتحاد) - يتزايد اتهام الإعلام بالتحريض والإثارة في الساحة العربية إلى حد الطفرة ويكاد المراقب يقع يومياً على مواقف وتصريحات لا تحصى لسياسيين وفنانين ومثقفين ورياضيين يرفع أصحابها الصوت عالياً لضبط الأداء الإعلامي، ووسط اشتداد رحى النزاعات والخلافات، العسكرية والسياسية وحتى الفكرية، باتت هذه القضية تشغل بال كثيرين من مختصين وغير مختصيّن في المواقع وفي الواقع، سواء عبر دراسات متخصصة أو ندوات أو حتى آراء من أبناء الجيل الجديد يعبرون عن مكنوناتهم على شبكة الإنترنت، مثلما جاء على موقع “مجلة الوعي الشبابي” الإلكترونية الصادرة عن قطاع الشؤون الثقافية في وزارة الأوقاف الكويتية، حيث كتب عبادة نوح تحت عنوان “إعلام الإثارة” عن سوق الفضائيات المتخصصة التي باتت مفتوحة “لمن أراد الخير أو أراد الشر” وعن “انحراف” وظيفة الإعلام عن أهدافها الحقيقية “وبات المال معيار التحكم في أي عمل في هذا المجال، باعتبار أن رغبات الجمهور الشهوانية هي التي تجلب الربح الوفير والمكسب الرخيص”، مؤكدا الحاجة الماسة “للتجديد والإصلاح في المنظومة الإعلامية المترهلة بالفساد الأخلاقي الرهيب”.
“الإعلام إثارة أم تأثير”
ويجتهد كثيرون في الكتابات البحثية على الشبكة، مثل موقع الدكتور محمد الحضيف ومدونة احمد السيد كردي وموقع كنانة، لمحاولة تأثير الإعلام وتفسير الإثارة الإعلامية وحقيقتها ومخاطرها على القيم. وفي الواقع، كان لافتاً أن يفتتح “ملتقى المرأة العربية” مؤخراً سلسلة ندواته بعنوان “الإعلام إثارة أم تأثير” بمشاركة متخصصين وأكاديميين، وفيها انصبت الكثير من المداخلات على تحميل الإعلام مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الراهنة، فبينما دعا البعض إلى صرخة غضب ضد “التشويه الذي أصاب الإعلام” و”الانحطاط الذي أصابه بسبب التصرفات والعبارات اللاأخلاقية” تحدث الكاتب والصحافي شربل زغيب، عن ضرورة “إيجاد البديل لتلك التصرفات الشاذة التي تؤذي الأذن والعين وتنعكس سلبياً مسببة المشاكل النفسية”. وفي الندوة ذاتها التي أقيمت في جامعة شيدة اللويزة في لبنان، شرحت الإعلامية د. مي شدياق فاعتبرت أسباب تدهور الاعلام والانحطاط في بعض أساليب الكلام والمواد المقدمة، مستشهدة بعرض فيلم وثائقي يدعم رأيها. ولكنها عادت وتساءلت اذا كانت المسؤولية تقع على الصحافي والوسيلة الاعلامية، أو ذلك ناتج عن تدهور في المجتمع بشكل ينعكس على المادة الاعلامية.
مباريات كرة القدم
ولعل من أبرز الأمثلة المحيرة لهذه المعادلة ما يحدث مثلا لدى مشجعي الفرق الرياضية، فمن الصعب مثلا معرفة ما إذا كان نقل التلفزيون لمباريات كرة القدم هو الذي يستثير الجمهور المشاهد في حين أن المشجعين الحاضرين قد يكونون أحيانا كثيرة أكثر استثارة وانفعالاً مما هو عليه لو كانوا أمام الشاشة.
أما الباحث والدكتور أنيس المسلم أستاذ الإعلام في الجامعة اللبنانية فقد استبعد أن يكون الحل من خلال الرقابة الرسمية، لأن هذه الرقابة “تقوم على تشريع التعسف والاعمال الاعتباطية أحيانا”، ورأى في المقابل وحدها “الرقابة الذاتية تبدو كخيار واعٍ، بل كصمام أمان الحرية الاعلامية، لأنها طوعية ولأن صاحبها يضبط تصرفه الشخصي ويتنزه عن الدنايا ويتسامى”، معترفاً في الوقت نفسه بأن الرقابة الذاتية مُتعبة بل مرهقة، ولكنها تمثل “إكليل غار على من يمارسها بشجاعة”.
مخاطر التحريض
أما رئيسة اللجنة العليا لملتقى المرأة العربية كارمن زغيب فاعتبرت ان ما يعرض على شاشات التلفزيون “لن تسكت عنه المرأة العربية المربية والمسؤولة” متحدثة عن تأليف لجنة لمتابعة هذه القضية مع المسؤولين في التربية والاعلام لأن “تحسين وضع الاعلام يبدأ بالمؤسسات التربوية والجامعية”.
على بعض المواقع العربية يجد الباحث بعض الدراسات والكتابات التي تتناول وظائف الإعلام من التسلية إلى التغيير إلى تعلم “الناس كثيراً من القيم والعادات والسلوك من وسائل الإعلام.. أكثر مما يتعلمون من المدرسة..”
وكذلك تحفيز الناس وتشجيعهم على سلوك أو عمل ما” وتأثير وسائل الإعلام من حيث تغيير المواقف والتغيير والإثارة الجماعية و”السيطرة على الجمهور، عبر الترويج لآراء معينة، والتعتيم على الآراء المخالفة..” مع الإشارة على سبيل المثال إلى دراسة قام بها “ألبرت باندورا” التي “أظهرت بما لا يدع مجالاً للشك، أن المشاهدين، خصوصاً صغار السن يتعلمون كثيراً من وسائل الإعلام”، وإلى دراسات أخرى أظهرت تأثير الإعلام ولاسيما المتلفز حيث يتعلم الجمهور “العنف من خلال الملاحظة والمتابعة” كما يؤدي تكرار التعرض لمشاهد العنف “إلى تبلد الإحساس تجاه الجريمة، والممارسات العنيفة.. والسلوك الإجرامي بشكل عام”.