مفهوم التنمية الاقتصادية
إذا كان النُّمو يمثل التحسن الكمي لمجمل الاقتصاد بما في ذلك الموارد والنُّمو الديمغرافي وإنتاجية العمل، وهذا النُّمو يقتضي سلسلة من التغيرات في الهيكل الاقتصادي حتى نضمن استمراره - فإن التنمية الاقتصادية تعرف بأنها "سلسلة من التغيرات والتأقلمات التي بدونها يتوقف النُّمو"، كما تعرف أيضًا بأنها: "مجموع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية المرافقة للنمو".
ويمكن تعريف التنمية بأنها: "مجموع السياسات التي يتخذها مجتمع معين، وتؤدي إلى زيادة معدلات النُّمو الاقتصادي استنادًا إلى قواه الذاتية، لضمان تواصل هذا النُّمو واتِّزانه لتلبية حاجيات أفراد المجتمع، وتحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الاجتماعية"[1].
فالتنمية بالمفهوم الواسع هي رفع مستدام للمجتمع ككل، وللنظام الاجتماعي نحو حياة إنسانية أفضل، كما عرفت أيضًا بأنها: "تقدم المجتمع عن طريق استنباط أساليب جديدة أفضل، ورفع مستويات الإنتاج من خلال إنماء المهارات والطاقات البشرية، وخَلْق تنظيمات أفضل".
ويوضح مفهوم التنمية التغيرات التي تحدث في المجتمع بأبعاده الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، الفكرية والتنظيمية، من أجل توفير الحياة الكريمة لجميع أفراد المجتمع[2].
ويرى بونيه "أن النُّمو الاقتصادي ليس سوى عملية توسع اقتصادي تلقائي، تتم في ظل تنظيمات اجتماعية ثابتة ومحددة، وتقاس بحجم التغيرات الكمية الحادثة، في حين أن التنمية الاقتصادية تفترض تطويرًا فعالاً وواعيًا؛ أي: إجراء تغييرات في التنظيمات الاجتماعية للدولة".
أما الدكتور محمد زكي الشافعي فيرى أن "النُّمو يراد به مجرد الزيادة في دخل الفرد الحقيقي، أما التنمية فالراجح تعريفها بأنها تتحصل في الدخول في مرحلة النُّمو الاقتصادي السريع، بعبارة أخرى: تحقيق زيادة سريعة تراكمية ودائمة في الدخل الفردي الحقيقي عبر فترة ممتدة من الزمن، وبما أن أي شيء ينمو لا بد له من أن يتغير، فإن التنمية لا تتحقق دون تغير جذري في البنيان الاقتصادي والاجتماعي، ومن هنا كانت عناصر التنمية هي التغير البياني، الدفعة القوية والإستراتيجية الملائمة.
من هذه التعريفات يتضح لنا أن مفهوم التنمية أكثر شمولاً من مفهوم النُّمو الاقتصادي؛ حيث إن التنمية الاقتصادية تتضمن - بالإضافة إلى زيادة الناتج وزيادة عناصر الإنتاج وكفاءتها - إجراء تغييرات في هيكل الناتج، الأمر الذي يتطلب إعادة توزيع عناصر الإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية، ومنه نستطيع القول: إن التنمية هي عبارة عن نمو مصاحب بالسعي إلى:
• إحداث تغيير هيكلي في هيكل الناتج مع ما يقتضيه ذلك من إعادة توزيع عناصر الإنتاج بين القطاعات.
• ضمان الحياة الكريمة للأفراد.
• ضمان استمرارية هذا النُّمو من خلال ضمان استمرار تدفُّق الفائض الاقتصادي، أو المتبقي بعد حاجات الأفراد، والموجه للاستثمار[3].
جدول يوضح الفرق بين النُّمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية[4]
النُّمو الاقتصادي |
التنمية الاقتصادية |
• يتم بدون اتخاذ أية قرارات من شأنها إحداث تغيير هيكلي للمجتمع. • يركز على التغيير في الحجم أو الكم الذي يحصل عليه الفرد من السلع والخدمات. • لا يهتم بشكل توزيع الدخل الحقيقي الكلي بين الأفراد. • لا يهمه مصدر زيادة الدخل القومي. |
• عملية مقصودة (مخططة) تهدف إلى تغيير البنيان الهيكلي للمجتمع لتوفير حياة أفضل لأفراده. • تهتم بنوعية السلع والخدمات نفسها. • تهتم بزيادة متوسط الدخل الفردي الحقيقي، خاصة بالنسبة للطبقة الفقيرة. • تهتم بمصدر زيادة الدخل القومي وبتنويعه. |
[1] مقدم مصطفى، مرجع سابق.
[2] صليحة مقاوسي وهند جمعوني، نحو مقاربات نظرية حديثة لدراسة التنمية الاقتصادية، ملتقى وطني حول الاقتصاد الجزائري: قراءات حديثة في التنمية، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة الحاج لخضر - باتنة، السنة الجامعية: 2009 - 2010، ص: 4.
[3] مقدم مصطفى، مرجع سابق.
[4] بناني فتيحة، السياسة النقدية والنمو الاقتصادي - دراسة نظرية - مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم الاقتصادية، جامعة أمحمد بوقرة - بومرداس، 2008 - 2009، ص: 4.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/78320/#ixzz3IyqyzBP4