تمـهيد
تقوم المدرسة الحديثة على أصول علمية توجه العمل في المدرسة الوجهة الصحيحة, وينبغي على مدير المدرسة أن يكون على وعي بهذه الأصول حتى يستطيع أن يحقق الدور القيادي المنوط به, فالوظيفة الرئيسة للإدارة المدرسية هي تهيئة الظروف وتقديمُ الخدمات التي تساعد على تربية الطلبة وتعليمهم, رغبة في تحقيق النمو المتكامل لهم. بيد أن وظيفة الإدارة المدرسية إعداد الناشئين للحياة في مجتمعاتهم, فالوظيفة الإدارية تطورت في العصر الحاضر بما يتلاءم والتطور العلمي, الأمر الذي يلقي على الإدارة المدرسية مسؤوليات كبيرة بحيث تتحقق للنشء تربية متكاملة فكريا ونفسيا وإجتماعيا, بعد أن كانت المدرسة لسنين خلت مقتصرة على تحقيق الكفاية المعرفية أو نقل الثقافة, ولم تعد كذلك مقتصرة على التعليم والنمو الأكاديمي فحسب, بل إتسعت مجالاتها إلى النمو الإجتماعي والثقافي والفكري من خلال إكساب الطلبة عاداتٍ وتقاليدٍ وقيمًا جديدًة. (أسعد, 2005م, ص: 15)
وعليه فان الإدارة المدرسية تعتبر بمثابة أساس يعتمد عليه المجتمع في تحقيق أهدافه الإستراتيجية في إعداد الأجيال للحياة الفضلى القادرة على مواجهة متطلبات القرن الحادي والعشرين. ومن أجل إتمام هذا البناء بنجاح, فان الإدارة المدرسية تحتاج إلى الإدارة الكفؤة, والشخصية القيادية القادرة على قيادة العملية التعليمية من أجل تحقيق الأهداف بأسهل الطرق وأقل التكاليف, فمدير المدرسة يلعب الدور الأساسي في قيادة الجهود وتوجيهها الوجهة الصحيحة, ويعمل على توحيد القوى وبذل الطاقات من أجل الإرتقاء بالعاملين معه وبطلبته من جهة, والمجتمع كله من جهة أخرى. (البلبيسي, 2007م, ص: 3)
والمدرسة هي الوحدة الأكثر أهمية في النظام التعليمي، والمسئولة مسئولية مباشرة عن سلامة مخرجاته، والإعتماد التربوي أو الأكاديمي يمثل أحد أبرز الوسائل لتقويم وقياس أداء المدرسة بصفته عاملا في تقويم أدائها وتطويره، ومؤشرا على تحقيقها للمعايير التربوية المطلوبة في بيئتها التعليمية وبيئتها العالمية. (عابدين، ٢٠٠١ م, ص: ٥1)
وتعتمد المدرسة في تحقيق أهدافها إعتمادا كبيرا على مدير المدرسة, بإعتباره محور العملية الإدارية, والركيزة الأساسية في النهوض بمستوى الإدارة المدرسية وتطويرها, والعنصر الفعال الذي يتوقف عليه نجاح العمل الإداري بالمدرسة, وحيث أن الأداء الجيد لمدير المدرسة يعتبر ﻤﻥ ﺃﻫﻡ ﺍﻟﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺕ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺸﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺘﻬﺎ، ﻭﺸﺭﻁ ﺃﺴﺎﺴﻲ ﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ، فإن الإهتمام بمدير المدرسة ﻭﺭﻓﻊ ﻤﺴﺘﻭﻯ أدائه، ﻭﺘﻭﻓﻴﺭ ﺍﻟﺴﺒل ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﻔل نجاحه ﻓﻲ عمله ﺃﻤﺭاً ﺒﺎﻟﻎ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ. (شافى، 2001م، ص: 23).
أولا: الإدارة التربوية والإدارة التعليمية والإدارة المدرسية.
1ـ الإدارة التربوية:
هي مجموعة عمليات متشابكة وشاملة لكل النظام التربوي في المجتمع, المتمثل في جهاز التربية والتعليم الرسمي (الوزارة), وما يضعه من سياسة تربوية وأنظمة وما يحدده من مناهج وخدمات ومراحل تعليمية. (عابدين, 2001م, ص: 52)
ُتعنى الإدارة التربوية بتنظيم العناصر البشرية (المعلمين، الموظفين، الطلبة، أولياء الأمور)، وتنظيم العناصر المادية (الأبنية، التجهيزات، الأثاث، الأدوات والأنظمة، التشريعات)، وتنظيم الأفكار والقيم والإتجاهات (المناهج، المقررات الدراسية، الأنشطة). ويؤكد المفهوم الحديث للإدارة التربوية على التعاون والعمل الجماعي وينظر إليها (الإدارة) على أنها وسيلة وليست غاية. (الخميسي, 2002م, ص: 4)
2ـ الإدارة التعليمية:
ُتعنى الإدارة التعليمية بتحقيق الأغراض التربوية، وبالطريقة التي توضع فيها تلك الأغراض موضع التنفيذ، وهي تمثل الحلقة المباشرة المسؤولة عن إدارة التعليم في مجتمع ما. (عابدين, 2001م, ص: 53)
إن التمييز بين الإدارة التربوية والإدارة التعليمية يمكن أن يتم بالتمييز بين التربية والتعليم، فحيث أن التربية أعم مجالا من التعليم الذي يتبع منهجا رسميا منظما فتكون الإدارة التربوية أعم مجالا من الإدارة التعليمية. بمعنى أن الإدارة التربوية أعلى مستوى من الإدارة التعليمية، الأولى تخطط والثانية تنفذ. وتتمثل الإدارة التعليمية في مديريات التربية والتعليم الموزعة عبر المدن. (الحامد، 2005م, ص: 73)
3ـ الإدارة المدرسية:
وهي وحدة مسؤولة عن تنفيذ سياسات الإدارة التربوية والإدارة التعليمية وأهدافهما, وهي بذلك لا تشكل كيانا مستقلا قائما بذاته, بل إن صلتها بالإدارة التعليمية والإدارة التربوية تشكل صلة الخاص بالعام. (بدر، 2008م, ص: 91)
ويتفق الإداريون والتربويون على أهمية السلوك القيادي الفعال لمدير المدرسة في تحقيق أهدافها وغاياتها, وإدارة العملية التعليمية التعلمية في مدرسته, فهو المسؤول عن تنظيم وتوجيه وتحفيز جميع العاملين في المدرسة, وتهيئة جميع الظروف, لتساعدهم على نموهم مهنيا, وشخصيا للقيام بأدوارهم على أفضل وجه. (العمري, 1992م, ص: 29)
وتعد الإدارة المدرسية ركناً أساسياً من أركان العملية التربوية التعليمية، ويتوقف عليها نجاح العملية التربوية كونها الإدارة المباشرة المشرفة على التعليم بشكل عام، والمنفذة للسياسات التعليمية التي تخطط لها الإدارات التعليمية العليا، ونتيجة لتعدد مهام مديرة المدرسة وإختصاصاتها، وكثرة الواجبات والمهام الملقاة على عاتقها، لذا ينبغي على المختصين والمسئولين ذوي العلاقة الإهتمام بالإدارة المدرسية وإعداد القائمين عليها وتدريبهم، حتى تستطيع القيام بواجباتها على أكمل وجه. (القباطي، 2011م, ص :391)
ثانيا: مفهوم الإدارة المدرسية.
وسوف نعرض فيما يلي بعض التعاريف التي أوردها بعض الأساتذة للإدارة المدرسية:
يعرف (حريري) الإدارة المدرسية بأنها: "مجموعة العمليات التي تقوم بها هيئة المدرسة, بقصد تهيئة الجو الصالح الذي تتم فيه العملية التربوية والتعليمية بما يحقق السياسة التعليمية وأهدافها". (العبيدي، ٢٠٠٤ م, ص: ٢٥)
ويصيغ (العمايرة) تعريفا آخر للإدارة المدرسية محددا إياها أنها: " مجموعة عمليات (تخطيط وتنسيق وتوجيه) وظيفية تتفاعل بإيجابية ضمن مناخ مناسب داخل المدرسة وخارجها، وفقا لسياسة عامة وفلسفة تربوية تضعها الدولة، رغبة فى إعداد النشء بما يتفق وأهداف المجتمع والدولة ". (العمايرة, ١٩٩٩م, ص: ١٨)
أما (نهلة الحمصي) فعرفتها بأنها: "جزء من الإدارة التربوية وهي عملية تنظيم وتوجيه لفعالية المعلمين ورفع الكفاية الإنتاجية للعملية التعليمية, وتوجيهها توجيها كافيا لتحقيق الأهداف التربوية. (العبيدي، ٢٠٠٤ م, ص: ٢٦)
ويرى (عبود) أن الإدارة المدرسية هي: " نظام ذو أهداف يتم تحقيقها بالتخطيط السليم للعمل، ومن خلال التوزيع والتنسيق ومتابعة التنفيذ ثم تقويم الإدارة، إلى جانب إستخدام الحوافز لإثارة الدوافع، وجعل مسؤوليات التنظيم متكاملََة ومتفاعلة في إطار جماعي تسوده روح التعاون، ويتم بعلاقات إنسانية ". (عابدين، ٢٠٠١ م, ص: ٥٥)
وترى (أريج بدر) أن الإدارة المدرسية هي: مجموعة العمليات "من تخطيط وتنظيم وتنسيق وتوجيه ", والأنشطة والفعاليات والجهود المنسقة تتفاعل فيما بينها ضمن مناخ المدرسة وفقا لفلسفة الدولة التربوية, بغية تحقيق الأهداف التربوية في إعداد النشء الصالح على أسس تربوية سليمة. (بدر، ٢٠٠8 م, ص: 93)
حظيت الإدارة المدرسية بإهتمام كبير في الدراسات الإدارية والتربوية, لما لها من دورمهم وبارز في إنجاح العملية التعليمية, وقد شهدت السنوات الماضية إتجاها جديدا في الإدارة المدرسية, فلم تعد مجرد تدار شؤون المدرسة سيرا روتينيا, ولم يعد هدف مدير المدرسة مجرد المحافظة على النظام في مدرسته, والتأكد من سير المدرسة وفق الجدول الموضوع, وحصر حضور التلاميذ, والعمل على إتقانهم للمواد الدراسية, بل أصبح محور العمل في الإدارة المدرسية يدور حول توفير كل الظروف والإمكانات التي تساعد على توجيه النمو العقلي والبدني والروحي والنفسي, وصولا إلى تحسين العملية التربوية من أجل إيجاد التنمية, عن طريق تفعيل دور المدرسة في المجتمع. (الخميسي، ٢٠٠2 م, ص: 3)