صمم هذا النموذج كل من (ديفيد ميرل David Merrill), و(وروبرت تنيسونRobert Tennyson), عام 1977م, لتدريس المفاهيم المختلفة، حيث يعتبر نموذج "ميرل وتنيسون" واحدًا من النماذج المعروفة الشهيرة في تنمية المفاهيم، حيث قام كل من ميرل" و"تنيسون بتصميم نموذج لتدريس المفاهيم، هذا النموذج بنى على إفتراضات واسعة قابلة للتجريب داخل حجرة الدراسة، ونتيجة للأبحاث التي قاما بها في هذا المجال فقد وضعا نموذجًا يعتمد على التفكير الإستنتاجي والإستدلالي يحتوى على ثلاث تحركات أساسية وهي: (التعريف – الأمثلة واللا أمثلة – التدريب الإستجوابي).[1]
ففي عام 1977م ظهر كمجموعة من الإرشادات التي إستخدمها التربويون فيما بعد لرفع مستوى تعليم الطلاب للمفاهيم وتجنب ما يقع فيه الطلاب في سبيل تعلمها من أخطاء متكررة ومستمرة، أما في عام 1980م فقد تطورت إلى مجموعة من الخطوات تكون بدايتها بتحليل المحتوى وتنتهي بتقويم تعلم المفاهيم.[2]
وقد هدف النموذج إلى معرفة أثر الطرق المختلفة في تدريس مفاهيم اللغة وذلك بدراسة أثر متغيرات تناولت العلاقات بين الأمثلة الموجبة والأمثلة السالبة في إكتساب المفاهيم، وهي تنوع الأمثلة ودرجة صعوبتها وتشابه الصفات المتغيرة بين الأزواج المتقابلة من الأمثلة واللاأمثلة. وقد أسفرت النتائج عن تفوق المجموعة التي درست الأمثلة المتنوعة والمتدرجة فى الصعوبة والمتقابلة أزواجا.[3]
يعرف (تنيسون Tennyson) نموذجه بأنه: أسلوب إستنتاجي يركز على القاعدة العامة ثم يعطي المتعلمين فرصة كي يستخدموا هذه القاعدة في تفسير المواقف الجزئية، أو تصنيف الحقائق الفرعية، وهذا يتطلب من المعلم تقديم التعريف أولا، ثم الأمثلة، وبعدها يقوم المتعلمون بتصنيف هذه الأمثلة إلى مثال ينتمي للمفهوم، وأخر لا ينتمي إلى المفهوم مع ذكر السبب. [4]
ويرى ميرل وتنيسون (Merrill & Tennyson, 1977) أن الهدف الأول من تدريس المفاهيم يتمثل في: مساعدة الطلاب على تجميع أمثلة المفهوم والإستجابة بها إستجابة واحدة، وذلك بالإشارة إليها بإسم أو رمز هو إسم المفهوم أو رمز. وأن إكتساب المتعلم للمفهوم يعني قيامه بتصنيف الشواهد الخاصة بالمفهوم إلى أمثلة أو أعضاء تنتمي للصف، وأخرى لا تنتمي إليه، وتتطلب عملية إكتساب المفهوم في النهاية قيام المتعلم بسلوك التصنيف، وهذا السلوك ينطوي على عمليتين مهمتين هما: التمييز والتعميم. والتعميم من وجهة نظرهما هو: قيام المتعلم بإصدار إستجابة مشابهة لمثيرات إكتسبها من موقف مثير مشابه. أما التمييز فهو: إصدار إستجابة مختلفة لمثيرات إكتسبها من موقف مثير مشابه. [5]
وكما هو ملاحظ أن "ميرل وتنيسون" قد إجتهدا بعمل دراسات على النموذج كُلّلت بالنجاح وأكدَّت سلامته مما حدا بالعديد من الباحثين أن يستخدموا خطوات النموذج، وقد أكدَّت نتائج دراساتهم قوة النموذج وحداثته وتطوره ومن هؤلاء الباحثين "مكيني" وآخرون. [6]
حيث قام بدراسة بعنوان "تدريس مفاهيم الدراسات الإجتماعية لتلاميذ الصف الأول الإبتدائي بإستخدام نموذج "ميرل وتنيسون". وقد أسفرت نتائج الدراسة عن فعالية طريقة التدريس القائمة على تقديم التعريف أولًا ثم تقديم مجموعة من الأمثلة واللاأمثلة والتدريب الإستجوابي، ثم تقديم التغذية الراجعة وأنها من أنسب الطرق في تدريس مفاهيم الدراسات الإجتماعية.
وكما أشير سابقًا فقد ثبت نجاح النموذج "ميرل وتنيسون" على الصعيد التربوي والعلمي، فقد قام كمال معبد عام 1999م بدراسة فعالية إستخدام نموذج ميرل وتنيسون، وقد أسفرت نتائج الدراسة عن وجود فروق دالة إحصائيًا لصالح المجموعة التجريبية.
وأيضًا دراسة "محمد السيد إبراهيم" عام 1999 والتي كان عنوانها "أثر تدريس وحدة تعليمية مطورة من وحدات مقرر التاريخ في تنمية بعض المفاهيم والمهارات التاريخية لدى تلاميذ الصف الثاني الأزهري. وقد أسفرت نتائج الدراسة تفوق المجموعة التجريبية التي استخدمت نموذج "ميرل وتنيسون".
لذا فإن العملية التعليمية هي عملية متكاملة يجب مراعاة كل ما سبق فيها، وذلك لكي تضمن نجاحها وسيرها نحو الوجهة التي نبتغيها لها وتحقيقها الأهداف المرجوة من عملية التعلم.
فقد قام كلا من ديفيد ميرل وروبرت تينسون بتقديم نموذج لتدريس المفاهيم بإستخدام الأمثلة الموجبة والأمثلة السالبة, ويتضمن النموذج ثلاث تحركات أساسية هى التعريف وتقديم الأمثلة والتدريب الإستجوابى, ويستند النموذج إلى الأفكار التى طرحها أوزبل بشأن التعلم ذى المعنى ومنها:
- المتعلم فى موقف التعلم بالإستقبال لايكون سلبيا ولكنه يكون إيجابيا ويقوم بربط المعرفة الحالية بالمعرفة السابقة الموجودة لدية.
- وجود إرتباط وتوازن بين الطريقة التى يتم بها تنظيم مادة التعلم وتنظيم المعرفة لدى المتعلم.
- العقل الإنسانى منظومة لتنظيم وتجهيز مادة التعلم وكلما يتعلم معرفة جديدة يعيد تنظيم نفسه مع هذه المعرفة.
- على المعلم تنظيم محتوى المادة الدراسية بشكل يسمح لعقل المتعلم تنظيمها فى بنيته المعرفية بالشكل المطلوب ويقترح أوزبل آليتين لتحقيق ذلك هما التمايز التدريجى Progressive Differentionion ويقصد به عرض الأفكار الأكثر عمومية أولا ثم يتم تمايزها تدريجيا فى ضوء تفصيلاتها والتوفيق التكاملى (Integrative Reconciliation) ويعنى دمج الأفكار الجديدة مع المعرفة السابقة بشكل يعطى فى النهاية منظومة مفاهيمية متسعة.[7]
ويتمثل نجاح التعلم ذو المعنى فى قدرة الفرد على تمثل المفهوم المراد تعلمه داخل البنية المعرفية الخاصة به ووضوحه وقدرته على إستخدام هذا المفهوم, وتذكر نوال شلبى شرطين لحدوث التعلم ذو المعنى:
1) أن يرتبط المفهوم الجديد بالبنية المعرفية للفرد إرتباطا تلقائيا وليس قسريا أو عسفيا.
2) أن يكون ذلك الإرتباط جوهريا, بمعنى أن يرتبط المفهوم الجديد بالأفكار التى تقابله فى البنية المعرفية للفرد.
ويحقق نموذج ميرل وتينسون الأفكار السابقة عن التعلم ذو المعنى من خلال الأمثلة واللاأمثلة حيث تعملان على ربط المفهموم الجديد بالخبرة المعرفية للفرد ربطا تلقائيا, لأن الأمثلة توضح الخصائص المميزة للمفهوم واللاأمثلة تساعد الفرد على إستبعاد الخصائص ويرى ميرل وتينسون أن الهدف الهدف الأولى من تدريس المفاهيم هو مساعدة المتعلمين على تجميع الأمثلة للمفهوم والإستجابة لها بإستجابة واحدة, وذلك بالإشارة لها بإسم محدد هو إسم المفهوم.
وبناء على ذلك فإن القيام بعملية التصنيف يتطلب تقديم التعريف أولا ثم عرض الأمثلة, وذلك حتى يتمكن المتعلم من إستخدام التعريف أولا ثم عرض الأمثلة, وذلك حتى يتمكن المتعلم من إستخدام فى تصنيف الأمثلة إلى عناصر تنتمى للمفهوم (أمثلة ) وأخرى لاتنتمى إليه (لاأمثلة )[8]
ويتفق ميرل وتينسون فى رؤيتهما لعملية التصنيف مع ما عرضه أوزبل فى العلم ذو المعنى من قيام المتعلم بعمليتى التمايز التدريجى والتوفيق التكاملى, وهما ما يشير اليهما ميرل وتينسون بعمليتى التمييز والتقييم ويرى ميرل وتينسون أنه بدون التقييم يصبح التعلم غاية فى الصعوبة حيث يصبح على المتعلم الإستجابة لكل مثير يواجههه أما التمييز فإنه يمكن الفرد من الإستجابة للإختلافات بين الأشياء التى تختلف وقد تبدو متشابهة.
[1]- إسماعيل السيد أحمد إبراهيم الحداد، مرجع سابق، ص: 35.
[2]- Tennyson, Woolley, Examplar and Nonexamplar variables which produce correct concept classification behavior and specified classification Errose, Journal of Educational Psychology, Vol; 63, N; 2, 1972, PP 144 – 152.
[3]- نشوى فرحات حقيق, أثر إستخدام نموذج ميرل - تنيسون في تنمية بعض المفاهيم العلمية والتفكير الإستدلالي لدى تلاميذ المرحلة الاعدادية, رسالة ماجستير غير منشورة, 2007م.
[4]- جودت أحمد سعادة ، جمال يعقوب اليوسف, مرجع سابق, ص: 456.
[5]- وجيه المرسي أبولبن, فاعلية إستراتيجية التدريس القياسي وفق نموذج "ميرل وتنيسون" في إكتساب الطالبة المعلمة بقسم التربية بعض مفاهيم أصول الفقه وفي فهم بعض القضايا الفقهية المعاصرة, المؤتمر العلمي الأول لكليتي الدراسات الإنسانية والتربية جامعة الأزهر, الأمن الإجتماعي والتربية, الفترة من 17-18 أبريل 2006م, ص: 3.
[6]- Mukinney C. Warren, et al, Teaching social studies concepts to first grad students research on Merrill and Tenhyson Model. The social Studies, Vol: 37, No: 5, 1982.
[7]- فؤاد أبو حطب، وآمال صادق، علم النفس التربوي, مكتبة الانجلو المصرية, القاهرة, مصر, 1994م, ص: 406- 407.
[8]- جودت أحمد سعادة ، جمال يعقوب اليوسف, تدريس مفاهيم اللغة العربية والرياضيات والعلوم والتربية الإجتماعية, دار الجيل, بيروت, لبنان, 1988م, ص: 226.