معايير إختيار المعلم لمهنة التعليم.
يشهد المجتمع تطورا هادفا يتطلب إعداد الإنسان القادر على التفاعل الواعي مع منجزات عصره والمتطلع بثقة إلى مستقبله مستوعبا تراثه الأصيل وواضعا نصب عينيه ما يواجه مجتمعه من تحديات وما يرنو إليه من أهداف وطموحات وليس من طريق آخر غير التربية سبيلا إلى تحقيق هذه الغاية, لذا يتفق قادة الفكر والمربون على أن المعلم هو العنصر الفعال في تحقيق الأهداف التربوية والركيزة الأساسية في العملية التعليمية التي لا تعلوها أداة ولا تعوضها وسيلة.
وعرف رمضان (٢٠٠٥م, ص: 198) المعيار عامة بأنه حكم أو قاعدة أو مستوى معين نسعى للوصول إليه على أنه غاية يجب تحقيقها بهدف قياس الواقع في ضوئه للتعرف على مدى إقتراب هذا الواقع من المستوى المطلوب. كما عرفه العريمي (٢٠٠٦م, ص: 12) بأنه نقطة مقارنة تستخدم لتحديد المقاييس من اجل تقييم الأداء، وقد تشير إلى مستويات الأداء الحالية في المؤسسة.
والتمهين عملية إجتماعية تنال من خلالها وظيفة لها خصوصية وموقعا مهنيا, ومعنى ذلك أنها عملية إجتماعية تؤثر فيها التحولات الإجتماعية والتوجهات نحو الأعمال, فقد يرقى عمل ليصبح مهنة, وقد يحدث العكس نتيجة للمستجدات والتحولات الإجتماعية, فعملية التمهين عملية إجتماعية متحركة (المفرج, والطيري, 2007م, ص: 35).
ويرى الباحث أن المهنية هي التقيد بميثاق أخلاقي داخلي فعملية التمهين هي إنتقال عمل ما من مجرد عمل حرفي بسيط, إلى مهنة منظمة تخضع لضوابط وأسس المهنة.
وحتى ينتقل العمل إلى طور المهنة يطرح بعض الباحثين معايير لابد من توفرها فيه, وفيما يتعلق بالتدريس فأن هناك عددا من المعايير لابد من توافرها في التدريس لكي يتم التمهين:
• معايير الإختيار للإلتحاق بمؤسسات إعداد المعلم.
• معايير الإعداد لمهنة التعليم.
• معايير مزاولة المهنة.
• معايير الإشراف التربوي (النمو المهني).
• معايير التدريب والتعليم المستمر.
ولعل من المهم إضافة معايير تتعلق بضبط جودة الأداء التعليمي سواء على مستوى العمليات أو النتائج, مما يؤسس لإيجاد محاسبية في التدريس.
وتتوقف قيمة المهنة على نجاحها في اختيار أبنائها في ضوء خصائص واحتياجات المهنة وإعدادهم علميا ومهنيا داخل معاهد علمية متخصصة, وتزويدهم بما يستجد في مجالهم المهني من معلومات وطرائق وتقنيات. ولذا يجب الآتي:
- إختيار أفضل العناصر للإلتحاق بكليات ومعاهد إعداد المعلمين.
- إعدادهم داخل معاهد وكليات تربوية متخصصة.
- التربية المستمرة للمعلم.
يمكن تحديد المعايير التي تجعل التعليم يكتسب صفة المهنية في العناصر الآتية: (شلاش, 2010م، ص: 21- 24)
1- معايير إختيار الطلاب للإلتحاق بمعاهد وكليات إعداد المعلمين وهي:
- الرغبة في ممارسة مهنة التعليم.
- القدرة على التعبير والتفكير السليم.
- مستوى من القدرات العقلية يضمن القيام بأدوار وعمليات التعلم.
- مستوى عال من الإتزان النفسي.
- الخلو من العيوب الخلقية.
2- معايير الإعداد لمهنة التعليم داخل معاهد وكليات إعداد المعلمين:
إن الإعداد لممارسة مهنة التعليم سواء تم وفق النظام التكاملي أو التتابعي, فإنه يجب أن يحقق الشروط والمعايير الآتية:
- توحيد مستويات إعداد المعلم بصرف النظر عن المرحلة التي يعمل بها, وأن يتم ذلك على المستوى الجامعي.
- توازن برنامج إعداد المعلم في مجالات الثلاثة (الأكاديمي والمهني والثقافي).
- التركيز في برنامج إعداد المعلم على المفاهيم والمهارات التطبيقية والعملية.
- إستخدام البحوث في تطوير برنامج إعداد المعلم.
- الإهتمام بالجانب الأخلاقي والقيمي في برنامج إعداد المعلم لترسيخ إنتمائه للمجتمع.
- يجب أن يحقق الإعداد الثقافي للمعلم الشروط الآتية:
أ- الإلمام بأبرز الأحداث التاريخية لأمته.
ب- الإلمام بقيم مجتمعه.
ت- التعرف على خصائص ومتغيرات العصر.
- يجب أن يحقق الإعداد الأكاديمي للمعلم التركيز على المعرفة التي يستفاد منها في الجوانب المهنية وإعداد المعلم في تخصص رئيسي, ومراعاة التغيرات التي تحدث في مناهج الدراسة بمراحل التعليم.
- يجب أن يحقق الإعداد التربوي للمعلم التكامل بين المقررات التربوية والتدريب على الوسائل والتقنيات الحديثة في إكساب مهارات التدريس والتدريب الميداني المتدرج مع التقدم في الدراسة, وأن يتولى الإشراف على التدريب الميداني متخصصون مارسوا التدريس في التعليم العام.
3- معايير التدريب والتعليم المستمر للمعلمين: (Cavanagh, 2003, p: 59- 63)
- إعتبار التدريب أثناء الخدمة واجبا إلزاميا وشرطا أساسيا لإستمرار المعلم في عمله وبالتالي لترقيته.
- توفير فرص التنمية المهنية للمعلم بما يضمن تجديد خبراته العلمية والتعليمية معا.
- تخطيط برامج التدريب من منظور الحاجات التدريبية الحالية والمستقبلية التي رصدها من خلال طرق علمية.
- تبني برامج التدريب والتعليم المستمر طرق متعددة في تزويد المعلمين بالمعلومات, وتنمية اتجاهاتهم وتدريبهم على المهارات الجديدة.
كما أن لتمهين التعليم أربعة أبعاد رئيسة: (كردي, 2013م, ص: 17)
1- الإلتزام بالتعليم بشكل مثالي:
ويعني هذا أن يبذل المعلم قصارى جهده في عمله, ويتابع الجديد في مجاله ويبحث التطوير فيه, وهذا بدوره يجعل المعلم يتحمل مسئولية نموه المهني, مما يقلل الحاجة إلى التنظيم الخارجي لبرامج النمو المهني, وهذا يحول الإشراف من التركيز من التدريب إلى توفير فرص النمو المهني ليعمل فيها المعلم بنفسه ويتشارك مع زملائه للإستفاده منها, بحيث يتحول مفهوم النمو المهني من برامج رسمية منظمة ومخطط لها إلى شيء من الممارسة اليومية التي تمتزج بثقافة المدرسة.
2- الإلتزام بالتعليم لغاية إجتماعية قيمة:
ويعني هذا أن يشعر المعلم أنه ملتزم أخلاقيا بتقديم خدمة تربوية للطلاب وأولياء الأمور, ويسعى لتحقيق قيم وأهداف المدرسة المتفق عليها, وهذا الإلتزام يبرز قيمة الغاية التي تسعى لها المدرسة, ويجعلها مؤثرة في كل قرارات المعلم فيما يتعلق بتدريسه, وعندما يسير العمل في المدرسة لتحقيق الأهداف, فإن القيم التي إشتقت منها تلك الأهداف أو ما على شاكلتها تصبح مصدر إلهام وحفز لتجويد العمل, ويرتفع الدافع للعمل بدرجة كبيرة للتأثر من تلك القيم ومن الثقافة التي تبنيها داخل المدرسة, وليس فقط من الضبط الإداري والمتابعة النظامية.
3- الإلتزام ليس فقط بعمل الفرد ذاته بل بممارسة التعليم ذاته:
البعد الثالث للتمهين هو أن يشعر المعلم بمسئوليته عن التدريس بشكل عام في مدرسته, وليس فقط بأدائه التدريسي, بمعنى أن يناقش الأنظمة التي تتعلق بالتدريس ويبحث عن كيف أنها تؤثر سلبا أو إيجابا على عملية التدريس داخل المدرسة, فالمعلم يشعر أن عملية تجويد التدريس بشكل عام مطلب يجب أن يتحمل مسئوليته, فالمشكلة التدريسية التي يواجهها أي زميل له في المدرسة يشعر أنه يجب أن يشارك في حلها, وهذا ينقل التدريس من العمل الفردي إلى العمل التشاركي والجماعي داخل المدرسة.
4- الإلتزام بأخلاقيات الإهتمام بالمستهدفين:
وهذا البعد يحول النظر إلى التدريس على أنه عملية آلية لتطبيق ممارسات تدريسية ربما نجحت في أماكن أخرى, إلى النظر إليه على أنه نشاط مهني يشمل الإهتمام بالإنسان بشكل متكامل, وهذا ينعكس على إعداد المعلم للدرس وطريقة تقديمه له وعلاقته بالطلاب, فلا يكون الأداء التدريسي إلي التطبيق, تجري فيه الممارسات التدريسية بنفس الوتيرة, بل يجب أن ينظر المعلم إلى كل موقف تعليمي نظرة متجددة ومختلفة.