بقلم:
أحمد السيد كردي.
خبير تنمية بشرية وتطوير إداري
معيد إدارة أعمال
كلية التجارة جامعة الأزهر
مقدمة
النجاح هو حلم كل إنسان , ولن يصل إليه إلا من اجتهد وأخذ بالإسباب , والنجاح هو المحصلة النهائية لتحقيق الأهداف فهو بدأ بحلم صاحبتها فكرة وليس له حدود ولا نهاية ولا يأتي من فراغ فالإنسان الناجح مر بالعديد من محطات الفشل , فعلى طريق النجاح هناك العديد من العقبات والمعيقات التي تعرقل المرء من الوصول إلى ما يريد , فقد يظن البعض أن الطريق إلى النجاح مفروش بالورود ولكن الحقيقة هي أنه لا يصل إلى قطف الورود إلا من أصيب بشوكها فاحذر من أعداء النجاح , فالطريق إلى النجاح ليست بممهدة فالإنسان الناجح هو من يستطيع أن يتجنب ويتفادى هذه العقبات ويذلل العراقيل حتى يصل إلى هدفه ومبتغاه .
والطريق إلى النجاح كما فيه من المعيقات والعراقيل والعقبات ففيه أيضا العديد من المبادرات والمساعدات الخارجية التى تعمل على دعم خطة النجاح وتساعد الفرد الطموح من الوصول إلى ما يريد هؤلاء هم أصدقاء النجاح وهم من يتذكرهم الإنسان الناجح دئما ويتذكر فضلهم في الوقوف بجانبه ويظلون دائما الشمعة المضيئة له في الحياة , فحاول دائما الإحتفاظ والمحافظة على هذه المبادرات وهؤلاء الداعمين لدفع عجلة النجاح.
وكما قيل " ليت المطالب بالتمني .. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا " فتمنى على الله وارضى بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس , واعلم أن النجاح هو مكافأة الكفاح , فتوكل على الله وابدأ رحلة الكفاح فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة .
الشخصية الناجحة
هي شخصية لديها العديد من الصفات الإيجابية أهم هذه الصفات الصبر والمثابرة في تحمل ضغوط الحياة والكفاح في سبيل تحقيق النجاح والفلاح , وكذلك هي شخصية قوية لا تغيرها ولا تؤثر عليها العراقيل والمعيقات ولا يسيطر عليه أعداء النجاح , كما أن الشخصية الناجحة شخصية لديها ثقة بالنفس وأن لها قيمة وقد كرمه الله سبحانه وتعالى على من خلق تفضيلا , وثقة في الله بأنه سبحانه وتعالى بيده النفع وإن إجتمعت الدنيا كلها والإنس والجن على أن ينفعوك بشيء فلن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو إجتمعوا على أن يضرو بشيء قد كتبه الله عليك .
الشخصية الناجحة هي لإنسان طبيعي وغير خارق ولكنه صاحب شخصية غير عادية تكسر حاجز المستحيل وتتغلب على الروتين , وصاحب الشخصية الناجحة ذو عزيمة قوية قد يكون مخاطرا لحدا ما ولكنه يرى الخطر بمنظور أخر وبعيون أصحاب الهمة حتى يصل إلى القمة , فهو صاحب حلم , الحلم الذي لا يأتي في المنام ولكنه الحلم الذي لا يجعله ينام .
محطة البداية
حتى تنطلق بقطار النجاح عليك أن تبحث عن البداية وتركب القطار من أقرب محطة إليك , واعلم أن القطار لن يأتي حتى إليك ولن ينتظرك فأنت الذي ستذهب إلى المحطة وتنتظره , واعلم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة , والحق سبحانه وتعالى أمرنا بالأخذ بالأسباب فقال :" وامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ".
وقرار البداية يحتاج إلى تخطيط دقيق وتحديد واعي للأعداف وعزم النية وتجهيز الزاد والزواد حتى تكون على الطريق الصحيح , وعليك تحمل مشقة السفر وأعباء الرحلة لتنعم بملذة الوصول إلى قمة النجاح , فعلى سبيل المثال من عزم أن يسافر لقضاء الأجازة بأحد المصايف يقوم من الفجر ويتحمل مشقة السفر ولهيب الشمس حتى يصل إلى الشاطىء فعندها ينسى التعب والجهد والمشقة وكل هموم الطريق أمام روعة المنظر وجمال البحر والهواء العليل كذلك يكون الأحساس لمن وصل إلى قمة النجاح وحقق ما يريد .
تخيل هذا الشخص الذي سلك طريق المصيف مثلا إلى الأسكندرية ركب قطار الصعيد هل سيصل إلى ما يريد , لذا فكل من أراد هدفا ووجهتا وحلما معينا عليه أن يسلك الطريق الصحيح ويلحق بالقطار الذي سيأخذه إلى ما يريد .
إعلم أن البداية هي التي تحدد طريق النهاية وإذا كانت البداية صحيحة ستكون النهاية سعيدة , لذا فعليك التركيز قبل الإنطلاق وتحديد الأهداف , واسأل واستشير قبل الإنطلاق في قطار النجاح ومغادرة المحطة حتى توفر على نفسك الوقت والجهد والتكلفة ولا تضطر للعودة مرة أخرى إلى نقطة البداية والمحطة التي بدأت منها .
إعلم أن مشروع النجاح هو كأي مشروع إستثماري له دورة حياة تبدأ من النمو والتوسع من خلال الجهد والمثابرة والسعي في تحقيق الأهداف ثم مرحلة الإستقرار على طريق النجاح ثم الوصول إلى قمة النجاح والإنتقال من نجاح إلى نجاح في مرحلة التقدم والإزدهار وفلاح أكبر ثم تأتي مرحلة الإنكماش والإنحدار وهي سنة الله في كونه مثلها مثل دورة حياة الإنسان بدأ طفلا ضعيفا ثم شابا قويا يافعا ثم شيخا كهلا ضعيفا لا حول له ولا قوة ,, والشخص الناجح هو من يستثمر فترة الشباب على أكمل وجه والمؤسسات الناجحة هي التي تعمل على تطويل مرحلة التقدم والإزدهار.
والنجاح بإعتبارة مكافأة مستقبلية فيجب أن يخطط له إستراتيجيا على المدى البعيد من بداية الطريق , فالتحديد الصحيح للأهداف والتخطيط السليم هما أفضل سلاح للفوز بالنجاح وتحقيق الفلاح , وقبل تحديد الأهداف يجب على الفرد أن يراعي عملية التحليل الإستراتيجي في مشروع النجاح من خلال تحديد نقاط القوة والضعف لديه والعمل على تعزيز وتنمية, ثم الإنطلاق إلى البيئة الخارجية والوسط المحيط للتعرف على أهم الفرص التي يمكن إقتناصها في تحقيق الأهداف وكذلك التعرف على التهديدات والعقبات المحيطة والعمل على تفاديها وتجنبها في سبيل الوصول إلى النجاح .
وهناك العديد من الأمثلة على ذلك : فمواطن ونقاط القوة لدى الشخص كثيرة وعليك أن تعلم أن الإنسان ذو قيمة فضلة الله سبحانه وتعالى على سائر المخلوقات بالعقل وكرمه وسخر كل ما في الدنيا لخدمته , فالعقل البشري أقوى من الجبال الرواسي لأنه إستطاع شق الجبال وتمهيد الطرق والكهوف بداخلة , والذكاء البشري أعظم في قدراته من الذكاء الإصطناعي لأنه من صنع الإنسان , فابحث عن ذاتك وقدراتك التي ميزك الله بها , واعلم أنه كما لديك مميزات فكل من حولك له من القدرات والطاقات والمميزات ولكن بنسب متفاوته وهناك من لديه من الطاقات المكبوته والغير مستغلة فلا تتعامل معهم على أنك فريد من نوعك وتلتمس فيهم الغباء , واعلم أنك لست الوحيد المنطلق بقطار النجاح وأن هذا القطار يحمل العديد العديد من الأشخاص لهم نفس الأهداف والإتجاه والغايات ويستخدمون قطار النجاح كوسيلة لتحقيق الأهداف للوصول إلى النجاح .
وكل إنسان كما لديه من مواطن للقوة لديه أيضا نقاط للضعف فلا كمال إلا لله سبحانه وتعالى , فاعمل جاهدا أن تتعرف وتكتشف سلبياتك ونقاط ضعفك مثلا كالخوف من المبادرة والإستسلام لليأس والإحباط وضعف الشخصية وعدم الثقة بالنفس وغيرها من السلبيات التي تضعف موقفك واعمل على علاجها وتقويمها فقد تكون هذه الأمور عدو لك من نفسك وعائقا على طريق النجاح .
كل هذه الأمور يجب أن توضع في الحسبان قبل الإنطلاق من محطة البداية في طريق النجاح .
كما يجب أن تتعرف على الفرص المحيطة بك واعمل على إقتناصها وإستغلالها فالفرص متعددة وتختلف بإختلاف الهدف وطبيعة الأشخاص في تحليل الفرص والنظر إليها والإستفادة منها وقد تكون فرصة لك ولا تعبر عن شيء لغيرك فالفرص من أدوات وسائل النجاح وقد تكون الفرصة هي صديق ناجح يعين الفرد على إجتياز عقبات النجاح أو تكون الفرصة في بيئة صالحة تعين على النجاح وتساعد الفرد على تحقيق الأهداف كبيئة الأسرة وبيئة العمل الفاعلة.
وكذلك كما أن في الوسط المحيط العديد من الفرص التي تساعد على تقدم خطة النجاح فهناك أيضا العديد من التهديدات والعقبات التي تقف في طريق تحقيق الأهداف وتغيير المسار نحو الوصول إلى النجاح فالطريق ليست ممهدة وأمثلة التهديدات الخارجية كثير قد تكون تهديدات إجتماعية من المجتمع المحيط فيما يطلق عليهم أعداء النجاح وقد يكونوا أقرب الأقربين كما قال تعالى " إن من أزواجكم وأولادكم عدو لكم فاحذروهم " وقد يكون التهديدات والعقبات خاص بالمشاكل الإقتصادية والمالية وهي تعتبر من أهم المشاكل وخاصة في إنجاح المشروعات الإقتصادية الإستثمارية وكذلك التهديدات السياسية والأمنية وغيرها من المعيقات المرتبطة بالبيئة المحيطة.
إبحث عن الناجحين وتقرب منهم
إذا تصادفت مع شخص ناجح تثق فيه فاغتنم الفرصة وحاول أن تتعلم منه مهارات النجاح بطرق غير مباشرة وكن له خير مستمع حتى تستفيد , إعرف منه من أين البداية ؟ وما هي الوسائل والأدوات المساعدة في طريق النجاح ؟ وما هي الفرص المحيطة التي يمكن إقتناصها في سبيل تحقيق الأهداف ؟ وما هي المشاكل والعقبات التي يمكن أن تواجه الشخص على هذا الطريق ؟.
ويا حبذا أن يكون هذا الشخص الناجح في المجال الذي تحلم أنت بالنجاح والوصول إليه , وليكن لديك الفطنة والحنكة في الحصول على المعلومة , وأدبا في الحوار وإختيار الوقت المناسب والمكان المناسب في طلب المشورة " فلا خاب من إستشار ولا ندم من إستخار ".
أكتب أهدافك
ليس من العيب أن تكتب ماذا تريد وبماذا تتمنى , فكما قال خبراء التنمية البشرية " نصف الأهداف المكتوبة تتحقق " , فخذ ورقة وقلم ودون أهدافك وأحلامك وماذا تريد أن تصل إليه وضع ما كتبت أمام عينك في مكان بارز يذكرك دائما حتى إن شغلتك الدنيا عن أمانيك وأحلامك تلفت نظرك , وحاول أن لا يراها أحد غيرك حتى لا يوجه إليك أي إستهزاء أو سخرية أو حقد وخلافه , واستعين على قضاء ما تحتاجه وتريده في السر والكتمان .
محطة النجاح الإيماني
حتى تكون صاحب شخصية ناجحة عليك أن تسعى وتجتهد في الطريق إلى النجاح مع الله ومع الناس ومع النفس فإن قصرت في أي من الطرق فلن تتذوق حلاوة النجاح , فإن نجحت في علاقتك مع الناس وأصبحت إنسانا ناجحا في حياتك العملية وشهد لك كل من حولك بذلك ولكنك مقصر في علاقتك مع ربك بصورة واضحة حيث جعل إهتمامك بالنجاح الدنيوي أن تهمل نجاحك الإيماني مع الله فعليك السعي والإجتهاد في طريق الحق طريق الإيمان طريق النجاح مع الله حتى تنول شرف النجاح في الدنيا والأخرة , قال تعالى {فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ، وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ } .
لذا فعليك أن تسعى أولا ودائما بأن تنجح في علاقتك مع ربك فهو المعين والمستعان وخير من أعان , فلا يرد سبحانه من طرق بابه واحتاج إليه وسعى إلى طلب الرضوان , فأسمى درجات النجاح أن تنجح في الوصول إلى رضا الحق سبحانه وتعالى وأن تعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا وأن تعمل لأخرتك كأنك تموت غدا واعلم علم اليقين أن الملك لله ويعز من يشاء ويذل من يشاء وبيده الخير والملك وهو على كل شيء قدير قدر النجاح لكل مجتهد .
واعلم أن لكل ملك في الدنيا علامات فإذا علا مات , ومهما وصلت في الدنيا إلى أعلى المناصب وحققت أعظم وأعلى درجات النجاح بدون رضا من الله فإنك لم تتحرك ساكنا ومازلت في الدنو ولن ترنوا إلى العلو إلا بالنجاح الإيماني مع الله سبحانه وتعالى وعلى سنة حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم .
وحتى تنجح مع الله عليك عدم إغفال وإهمال نجاحك مع نفسك أو نجاحك مع الناس فهي حلقة متكاملة تصب في بوتقة النجاح المثالي وإلى قمة النجاح في الدنيا والأخرة " فإن لنفسك عليك حق ولربك عليك حق ولزوجك عليك حق ولزورك عليك حق فاعط لكل ذي حق حقه ".
ويمكنك أن تحول نجاحك في الدنيا إلى عبادة تثاب عليها وتنفعك في الأخرة من خلال توجيه النية من العمل والنجاح لله سبحانه وتعالى وأن يكون هذا النجاح في خدمة الإسلام والمسلمين فالأمة الإسلامية بحاجة إلى كل فرد ناجح في المجتمع , نحن بحاجة إلى طبيب مسلم ناجح من أحفاد إبن سينا وفيلسوف إسلامي كأمثال إبن رشد وغيرهم من العماء والمفكرين العظماء .
محطة النجاح الدراسي
والنجاح في الحياة له العديد من الأنماط والمحطات منها النجاح الدراسي والتفوق فيه , والمرتبط بالنجاح العلمي فهناك من يسلك طريق النجاح المؤدي إلى أعلى الدرجات والتقديرات العلمية ولا يتوقف عنده العلم والتعلم على مجرد شهادات فهو دائما يجتهد في تحصيل العلم وحتى ينول العلو والرفعة من عند الله " يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ".
ويظن البعض أن بمجرد الفشل الدراسي أنه نهاية العالم والعجيب في ذلك أنه لا يحاول مرة أخري بمجرد الإخفاق في المرة الأولى ويمكن أن يرجع السبب لتكوينة العقلي وأن قدراته محدودة ولا يعلم أن النفس البشرية لها طاقة تهدم الجبال وتتخطى حاجز المستحيل .
إن النجاح العلمي وطلب العلم فريضة فرض عين على كل مسلم ومسلمة ليس العلم الشرعي فقط ولكن كافة العلوم التي تخدم جميع نواحي الحياة , فلا تنظر إلى من هو أعلى منك في الدنيا وانظر إلى من هو أعلى منك في العلم والدين , قيل للإمام أحمد بن حنبل: إلى متى المحبرة , فقال: حتى المقبرة .
ليس كل ما يتمناه المرء يدركة
النجاح العلمي ليس بمستحيل ما دام هناك نماذج بشرية قد وصلت لهذه المكانه فالعقل البشري لا يعرف المستحيل والنجاح والفلاح له العديد من الطرق , فاختر أي منها وإن قدر لك طريق أخر فاعلم أنه الصواب مادمت قد توكلت على الله وأخذت بأسباب النجاح , ولكن قد تخطط لحياتك بأن تكون في إتجاه معين وطريق تحبه لنفسك وتحلم أن تصل إليه , ثم يغير القدر ذلك الإتجاه إلى طريق أخر نفسك ليست راضية على مواصلة النجاح من خلال هذا الطريق وقد يكون حلم ناس أخرين ويحسدونك عليه , فالطالب الذي كان يحلم بإحدى كليات القمة كما يطلق عليها البعض كالطب والصيدلة والهندسة ولم يحالفه القدر وأخذه التنسيق إلى كلية أخرى كالتجارة هذه الكلية ليست من طموحة ويستحيي ذكر إسم الكلية عندما يطلب منه مع أنها أقصى طموح لطلبة دبلوم التجارة ولا يعلم هذا الشخص أن هناك من إلتحقوا بمثل هذه الكليات أصبحوا من العلماء الذين نفعوا الأمة بعلومهم وقدموا للعلم مالم يقدمة خريجوا كليات القمة, فالحل هو الرضا والقناعة بما هو مقدر لك واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطئك لم يكن ليصيبك وأن المولى سبحانه وتعالى قدر لك هذا الطريق لأنه من نصيبك , فهل هناك مانع أن تضع أمام عينك التفوق والإجتهاد ومواصلة خطة النجاح والكفاح من خلال هذا الطريق ولا تستسلم لليأس والقنوط .
كما أن هناك الكثير ممن إلتحقوا بمثل هذه الكليات واجتهدوا في الدراسة وحصلوا على تقديرات عليا وعينوا كمعيدين في الكلية ثم استكملوا دراستهم الأكاديمية من ماجستير ودكتوراه ونفع الله سبحانه وتعالى بعلمهم الآلاف والملايين من طلاب العلم ورفع الله قدرهم وتمنى مكانتهم من إلتحقوا بكليات القمة , وهذا ليس معناه التقليل من شأن هذه الكليات فأصحابها من المجتهدين ومسؤولياتهم عظيمة وعملهم نبيل في خدمة أبناء المجتمع والعمل على راحته فالكل في مركب واحد ويجب أن يكملوا بعضهم حتى تسير المركب بهم ولا تغرق بهم.
وطلب العلم ليس حكرا لأحد على أحد ولا يرد العلم طارق بابه خائبا , والجميل أن تجد من تخرج من الطب يدرس الإدارة التي هي أحد تخصصات كليات التجارة حتى يكون مديرا ناجحا ويصبح على كفاءة وفاعلية بإدارة المستشفيات, كما أن خريجوا التجارة والمحبين للمجال الطبي يلتحقوا دائما بالعمل في شركات الأدوية والصيدليات وإدارة المستشفيات والخدمات الطبية , وهذا معناه أن تحقيق الحلم والطموح لا يتوقف عند حد معين ويمكن تحقيقه من عدة أبواب والكل يجب أن يعلم أنه في قطار النجاح ركاب الدرجة الأولى وكذلك ركاب الدرجة الثالثة في النهاية سيصلون إلى ما يريدون فالمحطة المقصودة واحدة والإتجاه واحد .
وقد أدرجت مثال التعليم الجامعي والعالي لأن الغالبية يظن أن المستقبل للفرد متوقف على النجاح الجامعي وإلتحاقه بالكلية المرغوبة , فالشخص الناجح علميا ليس صاحب فكر تقليدي ولكنه يفكر خارج الصندوق فقد تكون الثقافة المجتمعية في البيئة المحيطة داعمة لفكر تقليدي منتشر بين الجميع ومن خرج عن المألوف ينكر عليه الجميع ما فعل فمثلا : هناك من حصلوا على درجات عليا تمكنهم من الإلتحاق بكليات القمة العملية ولكنهم أحبوا ورغبوا أن يخوضوا تجربة النجاح من خلال كليات الشعب , لأن أحلامهم مرتبطة بهذا الطريق , وقد يفاجئوا أن كل من حولهم ينكر عليهم مثل هذا التوجه ولكن طموحهم وقدراتهم لا تقف أمام رغبة وفكر المجتمع التقليدي فهم يعلمون من أين البداية الصحيحة .
قد يضعك الله سبحانه وتعالى في مثل هذا الطريق وتلتحق بمثل هذه الكليات حتى تكون قدوة للأخرين يحتذى بك في الإجتهاد وحب التعلم من هذا المجال وتغيير أفكارهم السلبية في الإلتحاق بمثل هذه الكليات للحصول على شهادة فقط والتخرج من التعليم بدون علم " وكأنك يا أبو زيد ما غزيت ".
وعندما إهتم الغرب بمثل هذه الكليات سادوا العالم وتفوقوا إقتصاديا وحضاريا , فعندهم المتفوقون فقط من يلتحقوا بكليات مثل التجارة ويدرسون علم الإدارة والإقتصاد , كما أنهم يقدرون ويحترمون علماء الإدارة في الدول العربية لمكانتهم وقدرتهم في النهوض بالأمم , فالذين يضعوا الخطط الإستراتيجية للدول هم في الأساس خريجوا كليات التجارة والإقتصاد والإدارة , وأن من يسن القوانين والتشريعات الوطنية هم خريجوا كليات الحقوق وأن من يربوا الأجيال القادمة وبناة المستقبل هم خريجوا كليات التربية , فلا تحقر من شأن كليات الشعب واخدم الشعب والوطن من خلال هذه الكليات.
لا تقل فات الآوان
أما بخصوص من فاته قطار التعليم لا ييأس فمحطات التعليم يمر بها الآلاف من القطارات في جميع المجالات والإتجاهات , فمن الناس من تحدى الصعاب وحطم قيود اليأس من إستكمال المسار التعليمي وبدأ من الصفر من المراحل الأساسية إلى أن إجتازوا التعليم العالي حتى شهادة الدكتوراه وأصبح طلب العلم مرتبط بدمائهم مع أنهم بدأوا في مراحل متأخرة من حياتهم ولديهم أيضا الرغبة في إستكمال المسيرة العلمية حتى الوفاة ليقدموا أروع أمثلة في الكفاح وهناك العديد من النماذج المشرفة في هذا الصدد , فإن كنت قد ألهتك الدنيا وشغلتك عن التعليم وطلب العلم فالتعليم ليس مرتبط بزمان أو مكان " فاطلب العلم ولو في السند " , والموضوع بسيط جدا لأكثر ممكا تتخيل لا يحتاج أكثر من خمس إلى عشر ساعات أسبوعيا فقط في التركيز على التعلم في أي مرحلة دراسية من التعليم الأساسي وحتى التعليم العالي في مرحلة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه فالعمر على أي حال سيمر وينتهي فاعمل جاهدا على إستغلاله في النفع حتى تكون نموذجا يحتذى به وتترك بصمه رائعة للأجيال القادمة وأبنائك وأحفادك أن يفتخروا به , فكم ضيعنا أوقاتا ثمينه في غير النفع وتركنا المشاكل هي التي تحدد مصيرنا وألقينا الأعذار على الظروف فلا العمل أو الأسرة يمكن أن يكونوا عائقا أمام النجاح التعليمي وذلك بشهادة من أتموا دراستهم الأكاديمية وهم ذو أسرة وعائلة وأصحاب مناصب وظيفية ومسؤوليات متعددة .
الأمر ليس بصعب وإلى كل من ينادي بالوصول إلى القمة فالنجاح يحتاج إلى علو في الهمة , مهما بلغت العقبات وعظمت المعيقات , فحطم قيود اليأس والإستسلام وابدأ وسوف تصل بعون الله حتى تفيد وتستفيد .
ولا يكن غايتك وهدفك من النجاح في التعليم وإكمال المسيرة العلمية فقط الحصول على شهادة وليس علما فلن تستطيع أن تنفع نفسك أو غيرك , أدخل هذا العالم وأنت صاحب همة عالية بأن تتعلم وتجتهد في طلب العلم وأن تعلم كل من طرق بابك وهذا كله لا يأتي إلا من خلال الصدق في طلب العلم فأكم من الحاصلين على شهادات الدكتوراه كمشروع تجاري مربح للحصول على عائد مادي ومكانه إجتماعية والترقي لأعلى الوظائف ولا يفقهون ما تعلموه ويقولون ما لا يفعلون , وعار على المتعلمين ونموذج سيء في العلو والكبر كأنهم خالدون ولا أحد مثلهم ولا يعلمون " أنه كلما زاد الله المرء علما زاد بالعلم تواضعا ".
محطة النجاح الوظيفي
كما أن أحد أهم محطات وأنماط النجاح هو النجاح الوظيفي وأحيانا يرتبط النجاح الوظيفي بالنجاح والتقدم العلمي والدراسي لشغل المناصب العليا وقد يظن البعض أن أسمى درجات النجاح الوظيفي هو الترقي للمناصب العليا وهذا ليس بصحيح فهناك الملايين من المدراء قد فشلوا في حياتهم الوظيفية ولم يذكر لهم التاريخ أي إضافة في سجلات النجاح , فلربما وصلوا بطرق غير شرعية بني عليها وضع الأشخاص الغير مناسبين في الوظائف الهامة .
وفي المقابل يمكن أن نجد هناك أحد العمال على أله وميكنة في أحد المصانع يمكن أن يثبت وجوده وتفوقه ويبهر الجميع في نجاحه في تطوير الألة التي ساهمت في زيادة الإنتاج وساعدت في تنمية الكفاءة الإنتاجية وارتبط إسمه بهذه الألة وهذا الإختراع , وهذا ليس معناه أنه يجب أن يكون الشخص الناجح مخترعا ولكن ينبغي أن يكون مبتكرا ومبدعا.
وحتى يتم تحقيق الهدف من الوصول إلى النجاح المنشود يجب أن يكون هناك تخصصا في مجال معين , بمعنى أن تعلم وتتعلم كل شىء عن شيء محدد ومجال معين ويعلم شيء عن كل شيء وفي كافة المجالات المختلفة , فالعلماء والعباقرة العظماء ذكرهم التاريخ في أعمق الحدود الشديدة التخصص وهو أيضا ما نادى به أدم سميث أبو الإقتصاديين بأن النجاح الإقتصادي أحد مبادئه مرتبط بالتخصص وتقسيم العمل .
فلا تشتت نفسك بأكثر من شيء في مجالات مختلفة تماما عن بعضها , وحاول تركيز الإهتمام في مجال محدد مع الإستعانة بمجالات أخرى مرتبطة إرتباطا وثيقا بهذا المجال المحدد وتعمل على تطويرة وتنميته .