د. زكريا يحيى لال      

كلية التربيه - جامعة الملك فيصل

مقدمه : -

        يعد التعليم العالي في المملكه العربيه السعوديه أحد أهم المجالات التعليميه التي قفزت خطوات واسعه منذ نشأته لمختلف البرامج والتخصصات التي تطّورت - فطورت بذلك الثروه الإنسانيه الحقيقيه الى مجالات التأهل الذي كسب صفات اساسيه ساعدت على الوصول الى الخبره المتطوره .

        فوجود سبع جامعات، وعشرات الكليات المتنوعه في كل مدينه فتح المجال للدراسات العليا، لزيادة الاعداد والتدريب من اجل التأهل للانتاج العلمي، وهذا مهد الطريق الى اتاحة الفرصه للعائدين من الخريجين والخريجات بدرجات الدكتوراه والماجستير ان يزيدوا من خبراتهم العلميه والبحثيه من اجل مواجهة الاعداد للدارسين بالمراحل العليا .

        إن التعليم العالي لدينا كأي بلد آخر يحتاج الى تطوير في مختلف برامجه ، وان ندوة التعليم العالي الحاليه، هي صوره من الالتزام لمعرفة ما ذا يدور في اذهان المشاركين في عملية اعداد الجيل القادم والذي يليه لاستقبال تطلعات القرن الحادي والعشرين في اعماقهم .

        وعندما واجهت بعض الدول المتقدمه التغير - عملت على تطوير برامجها ومناهجها التعليميه - فقامت روسيا بالمشاركه مع 20 بلداً في مارس عام 1996م بإطلاق ((المسبار الفضائي)) نحو المريخ ، ورغم فشله ، الا انه شكّل تحدياً للولايات المتحده الامريكيه - التي بادرت بإطلاق المسبار الفضائي الامريكي ((باثفايندر)) في ديسمبر 1996م الذي هبط على سطح المريخ في 4/7/1997م ، وكانت مهمته انزال مركبه (روبورتيه) للابحاث ذات ستة عجلات(1).

        ورغم الازمات التي تواجه الدول العربيه والخلافات فيما بينها فقد بدأت تركز جهودها في مراجعة حساباتها في اعداد الانسان المؤهل ، وذلك بالدراسه لمتطلبات المرحله القادمه ، وقد توسعت دول الخليج العربي بما فيها المملكه العربيه السعوديه في مجالات مختلفه ، ومنها التعليم ، الا ان هذا التوسع يحتاج الى دراسات مقننه ، وخطط جاده من ناحية التخطيط لتأهيل الطاقات البشريه المتخصصه .

أهداف التعليم العالي : -

        يهدف التعليم العالي في المملكه العربيه السعوديه بمختلف اشكاله ومستوياته التخصصيه والاكاديميه الى سد الاحتياجات الحاضره والمستقبليه للمجتمع، ومن ضمن الاهداف الطموحه على صعيد التنميه مايلي(2) : -

1.إنماء الولاء لله سبحانه وتعالى، وتزويد الطالب والطالبه بالتربيه الاسلاميه التي تجعلهم يشعرون بمسئولياتهم امام الله ويضعون كل طاقاتهم في المثمر المفيد من الاعمال.

2.اعداد مواطنين قادرين ومؤهلين على أداء واجباتهم في خدمة وطنهم دفعاً بهم الى التقدم والرقي في ضوء مبادىء الاسلام الحكيمه ومثاليته .

3.تهيئة الفرصه امام الموهوبين من الطلاب لمواصلة تعليمهم العالي في كل ميادين التخصص الاكاديمي .

4.القيام بدور ايجابي في ميدان البحث الذي يكرس لرقي العالم في مجال الفنون والآداب والعلوم والابتكارات .

5.تنمية التأليف الذي يسخر لخدمة العلم لإظهار الفكر الإسلامي وتمكين المملكه من أداء دورها القيادي في بناء الحضاره الإنسانيه القائمه على المبادىء الساميه للإسلام التي تهدي الجنس البشري الحق وتنقذ الإنسانيه من أي جنوح مادي أو الحادي .

6.ترجمة العلوم وضروب المعرفه المفيده الى لغة القرآن ، وإثراء اللغه العربيه بالجديد من التعبيرات (والمصطلحات) التي تسد احتياج التعريب ، ووضع المعرفه متاحه بين ايدي أكبر عدد من المواطنين .

7.تقديم خدمات التدريب التي تمكن الخريجين العاملين من الوضع بالتطور الجديد خطوات جديده.

نشأة الجامعات السعوديه وتطور التعليم العالي(3) :-

        تأسست وزارة التعليم العالي بموجب مرسوم ملكي كريم في 8/10/1395هـ الموافق (1975م)، وهي السلطه المسئوله عن تنظيم مسارات التعليم العالي بالمملكه العربيه السعوديه والذي يتمثل في الدراسه بالجامعات والبعثات الخارجيه.

        وكان التفكير في إنشاء الجامعه استكمالا لمقومات المجتمع الحديث الذي بدأت الدوله ترسي دعائمه، حيث سبق إقامة الجامعه ـ دراسات طويله شاركت فيها لجنه شكّلها (خادم الحرمين الشريفين) الملك فهد بن عبدالعزيز( وزير المعارف آنذاك) وعدد من كبار رجال وزارة المعارف وبعض الخبراء- وقد استغرقت تلك الدراسات زهاء عامين استطاعت فيها اللجنه أن تضع تقريرها الذي أقامت على اساسه أولى الجامعات في عام 1377هـ، وهي جامعة الملك سعود .

        وفي عام 1381هـ تأسست الجامعه الإسلاميه بالمدينه المنوره- وفي عام 1391 تأسست جامعة الملك عبدالعزيز بجده، ومكه المكرمه- وفي عام 1394هـ جامعة البترول والمعادن في الظهران وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميه في الرياض- وفي عام 1395هـ تأسست جامعة الملك فيصل في الاحساء والدمام- وفي عام 1401هـ تم تأسيس جامعة أم القرى بمكه المكرمه-رغم ان أول كلّيه تأسست على مستوى التعليم العالي هي (كلية الشريعه ) بمكه المكرمه في عام 1369هـ ثم كلية التربيه بمكه المكرمه في عام 1382هـ، وفي عام 1390هـ تأسست أول نواة لكليات البنات الجامعيه التابعه للرئاسه العامه لتعليم البنات- حيث بدأت بكلية التربيه للبنات بالرياض، ثم تلتها 42 كليه جامعيه ومتوسطه في مختلف مدن المملكه (4) .

دور التعليم العالي تجاه متطلبات العصر:-  

        كانت بداية التعليم الجامعي في المملكه كأي بلد يتطلع الى تحقيق الكم ـ وقد حدث هذا فعلاًــ واصبح نسبة الخريجين والخريجات باعداد كبيره في فروع الجوانب الانسانيه والادبيه أكثر من التخصصات العلميه من الكليات التربويه وغير التربويه- الامر الذي نطالب فيه حالياً بالاتجاه نحو تحقيق الكيف وبصوره منظمه ومخطط لها من قبل التعليم العالي في مختلف الجامعات والكليات فهناك جوانب من السلبيات تركزت في المناهج أعداد المعلم وكيفية ادارة التلاميذ في المدارس .

        إننا الآن في عصر الثوره العلميه والتكنولوجيه والفضاء والأطباق اللاقطه، وعصر الانفتاح العالمي بواسطة شبكات الاتصال والمعلومات، وعصر التطور السريع في مختلف المجالات الاجتماعيه والاقتصاديه والعسكريه....الخ، وسوف يكون المعيار الاساسي للقوه في النظام العالمي خلال العقود الثلاثه القادمه هو المعلومات والتكنولوجيا المتقدمه، بجانب حجم المساحه والسكان والموارد.

        ويبدو ان الحد الادنى لدخول ((نادي الاقوياء)) هو توافر كتله سكانيه لاتقل عن (10 مليون) نسمه من غير الأميين بحيث تكون نسبة الحاصلين على التعليم الثانوي بينهم حوالي 50% ونسبة الحاصلين على التعليم العالي حوالي 30%  أي انها كتله سكانيه ضخمه حجماً ونوعاً (5) .

        كما ان الانسان القادر على الحياه في القرن العشرين سوف يكون القادر على التعامل مع طوفان المعلومات والتعليم الدائم واعادة التدريب والتأهيل(6) .

        وقد نقلنا (ظاهرة العولمه) الحاليه من التركيز المحلي الى المجتمع العالمي واثرّت بهذا على كافة المجالات الاقتصاديه والثقافيه والمعلوماتيه ، وعلى العلاقات بين الافراد، ولم يعد بامكان اي بلد ان يعتبر نفسه بمعزل عن تأثيرات الاحداث والتطورات الدوليه ،  بحيث اصبح العالم (قرية صغــــيرة) واصبح كل منا مواطناً من مواطني العالم ، واصبح علينا ان نتعلم لنعيش في القرية العالمية وان نكون قادرين على معرفة الآخرين والتفاهم والأنسجام معهم واحترام الاختلافات الثقافيه والروحيه التي تميزهم عنا وتقبلها وتحقيق مشروعات مشتركه معهم وبناء السلام والتعاون الدوليين(7) .

        وبالنظر الى أعداد السكان في العالم نجد انهم في زيادة مستمرة فمن عام 1975 الى عام 1993م ارتفع عدد السكان من 4 بلايين نسمه الى 5.75 بليون نسمه، وفي عام 2000 سوف يكون 6.35 بليون نسمه ثم في عام 2050م سوف يصل الى 10 بليون نسمه منهم 79% في الدول الناميه ولا يحصلون إلا على 16% من ثروات العالم ويشكل النساء 70 من فقراء العالم ، وسيكون نصيبهن في التعليم اقل من نصيب الرجال ، وهو استدلال خطير لما تواجهه الدول الناميه وافرادها في المستقبل القريب(8) .

        من خلال تلك الظروف التي ذكرناها نجد ان التعليم العالي يلعب دوراً  رئيسياً في أعداد رأس المال البشري الذي اصبح يفوق بأهميته رأس المال المادي ، فقد جاء في دراسه اجراها (البنك الدولي)  ( لــ192 ) بلداً الى ان نسبة 16% فقط من النمو تعود الى رأس المال المادي (الآلات والمباني والبنيه الاساسيه) وتأتي نسبة 20% منه من رأس المال الطبيعي ، و64% من النمو الى رأس المال البشري والاجتماعي(9) من اجل ذلك نجد ان لصفة التعليم الناحيه الاساسيه لتنمية القدرات والمهارات المطلوبه للمستقبل .

        واذا كنا نعرف تماماً ان للمعلم دور اساسي في العمليه التعليميه، فإن عضو هيئة التدريس في الجامعات، وعلى مستوى الدراسات العليا ايضاً يكاد يكون له الاهميه القصوى في مواجهة التحديات الفكريه، والتيارات اللاأخلاقيه ، والصفات التي تتطلب منه ان يعكس خيرها تجاه الطلاب ليكونوا الحلقه الجيده للاستفاده منهم في تنفيذ خطط التنميه ومجالات التطوير والانتاج في بلدانهم .

        وفي هذه الورقه لا أود هنا ان اتطرق الى التوسع عن المعلم أو عضو هيئة التدريس بقدر ما سوف اركز على مجال البحث العلمي، وأهم ما يعانيه من مشكلات .

مشكلات البحث العلمي وأهمية التطوير:-

        ان من اهم الاتجاهات التي يفترض ان تتواجد في الجامعات هي (مسألة البحث العلمي) ، ولكن للاسف الشديد غدا الاهتمام بالتدريس أكثر من تحقيق الابحاث العلميه التي هي اساس الانتاج ثم التطوير في مجالاتها المختلفه .

        "فقد اخذت معظم الجامعات في الدول الناميه تركز على عملية التدريس أكثر من تركيزها على البحوث العلميه وخدمة المجتمع لعدة اسباب يتجلى بعضها في ارتفاع النصاب التدريسي لدى بعض اعضاء هيئة التدريس وقلة الموارد الماليه المخصصه للبحث العلمي ، وعدم توفر الاجهزه والخدمات البحثيه المطلوبه ـ كما أن هذه المرحله تعتمد على تكوين قاعدة من المعلومات المختلفه لدى الطلبه لتكون اساساً للانطلاق في مجال العمل والاستمرار في مواصلة الدراسات العليا ، مما يترتب على ذلك تركيز أكثر على عملية التدريس(10) وهذا ينطبق على جميع جامعاتنا في المملكه العربيه السعوديه .

        ويلعب البحث العلمي دوراً اساسياً في عصرنا الحاضر باعتباره وسيلة لتطوير المعرفه والتجديد والابتكار والاختراع ، ولتوفير المعلومات لمتخذي القرارات حتى يتمنوا من إيجاد الحلول للمشكلات ودفع عجلة التقدم ، وبفضل البحث العلمي تمكنت بعض الدول من ان تحقق تقدماً كبيراً وان تنتقل من التخلف الى مصاف الدول المتقدمه ـ وان تصبح نموراً اقتصاديه- كدول جنوب شرق آسيا- فالحكومه التايوانيه على سبيل المثال أنفقت على البحث العلمي والتكنولوجيا 1.07% من ناتجها القومي في عام 1987م  وخططت لزيادة هذا الأنفاق الى 2% في عام 1995م، كما شجعت المؤسسات الخاصه للانفاق على البحث والتطويروانفقت كوريا الجنوبيه على البحث والتطوير2% من ناتجها القومي في عام 1988م ـ وتسعى للوصول بهذا المعدل الى 5% في عام 2000م ـ وقد زاد عدد الباحثين فيها خلال الثمانينات من 6000 باحث الى 53 الف باحث،كما ارتفع متوسط الانفاق للباحث 14 مرّة خلال هذا العقد وانشأت حكومة سنغافوره عدداً كبيرا من المعاهد ومراكز البحوث والتطوير لتدريب العماله وتأهيلها من اجل تطوير انتاجها الوطني والتكيف مع التكنولوجيا الجديده (11) .

        ان تركيز الجامعات يجب ان ينصب على البحث العلمي في البدايه وهذا ما تدعمه حكومة الجمهوريه العربيه السوريه للتعليم العالي والدراسات العليا من اجل  ايجاد بيئه تعرف الانتاج والتطويرـ كما تعرف كيف تتقدم في مختلف اتجاهاتها (12) .

        ولعل تأخر البحث العلمي في مجتمع ما يعتبر أحد سمات التخلف والتبعيه في هذا المجتمع ، ولذا نجد الدول المتقدمه بالبحوث العلميه ترصد لها الميزانيات الضخمه لانها تعلم ان التوصل الى نتائج مبتكره في بحث واحد قد يكون له عائد ضخم يغطي اضعاف ما انفق على عدد كبير من البحوث الاخرى ، بل وتعتبر نسبة الانفاق في دوله ما على البحث والتطوير الى إجمالي الانتاج القومي فيها إحدى المؤشرات الهامه المستخدمه في العالم للدلاله على مدى الاولويه التي تعطيها هذه الدول للبحث والتطوير فيها ، فإذا كانت نسبة الانفاق على البحث والتطوير الى اجمالى الانتاج المحلي اقل من 1% يكون أداء البحث والتطوير ضعيفاً جداً ، واذا كانت تلك النسبه من 1% الى 1.6% يكون آداء البحث والتطوير في مستوى أداء حرج واذا كانت من نسبة 1.6% الى نسبة 2% يكون الأداء المذكور في مستوى جيد واذا كانت نسبة الانفاق اكثر من 2% فان أداء البحث والتطوير يكون في مستوى مثالي وهكذا ، فقد زادت نسبة الاتفاق على البحث العلمي والتطوير الى اجمالي الانتاج المحلي في نهاية الثمانينات عن 3% في الولايات المتحدة الامريكية واليابان والاتحاد السوفيتي (سابقاً) والمانيا الغربيه (سابقاً)، وبلغت حوالي 2.7% في بريطانيا وفرنسا، وفي عام 1985 انفقت الولايات المتحده الامريكيه على البحث والتطوير لكل فرد (446 دولاراً) وفي اليابان (305 دولار) ، وفي بريطانيا (178 دولاراً) ، حيث بلغت مساهمة الدوله في هذا الانفاق حوالي 48% في الولايات المتحده الامريكيه والاتحاد السوفيتي ، وحوالي 44% في فرنسا و38.5 في بريطانيا، وحوالي 20% في اليابان (13) .

        وفي عام 1990م بلغت نسبة انفاق امريكا الشماليه على البحث والتطوير 42.8% ، وانفقت أوروبا 23.2% مقابل 0.2% في افريقيا جنوب الصحراء، 0.7% في الدول العربيه مما تسبب في هجرة الادمغه نحو البلاد الغنيه (14) .

        ويلاحظ من خلال هذا تزايد الانفاق على الابحاث العلميه في الدول المتقدمه، بينما يتراجع في الدول العربيه بسبب النقص في التمويل- حيث بلغ الانفاق على البحث والتنميه في المنطقه العربيه 0.75% من اجمالي الناتج القومي في عام 1990م ، وتنفق النسبه الكبيره منه على الاجور والمرتبات مثلاً في مصر ينفق 76% من الاموال المخصصه للبحث على المرتبات والاجور في حين تنفق اسرائيل 3% واليابان 2.8 % وامريكا 2.48% وكوريا الجنوبيه 2.2% من انتاجها القومي على البحوث العلميه ، علماً بأن نسبة الاجور في هذه الدول لا تزيد عن 20% من النفقات المخصصه للبحث العلمي ، وهذا الوضع يقف عثرة في طريق تطوير البحث العلمي في الدول العربيه ويجعله نشاطاً هامشياً ، ولهذا فان الدول العربيه مطالبه برفع نسبة ما تنفقه على البحث الى 1% على الاقل من اجمالي الدخل القومي ، بالاضافه الى عدم التعاون البحثي بين الجامعات العربيه ووحدات الانتاج والخدمات في المجتمع مما يحرم الابحاث من مصادر التمويل ، كما يحرم مؤسسات المجتمع من مؤتمرات البحث العلمي التي يمكن ان تقوم بها الجامعات (15) .

        ومن خلال ما تقدم يلاحظ ضعف الامكانات المتوفره للبحوث العلميه وهو ما ينطبق على الجامعات السعوديه وتكمن فيمايلي : -

   ‌أ.   المكتبات وعدم تحديثها .

 ‌ب. قلة مصادر المعلومات والمعامل المتطوره .

 ‌ج. عدم وجود شبكات فرعيه للمعلومات تربط بين الجامعات في المملكه .

  ‌د.  قلة توافر (الدوريات العلميه) بمختلف اللغات وبشكل مستمر .

هـ. عدم توافر الكتب والمصادر الحديثه الا البعض منها وبعد مرور مدة على صدورها .

و. يغلب على البحوث طابع الجهود الشخصيه لا الطابع المؤسس حيث يعدها غالباً أعضاء هيئة التدريس في الجامعات بقصد الترقيه لوظائف أعلى أو معظم طلبة الدراسات العليا بهدف الحصول على درجه علميه، وهي غالباً بحوث ضعيفه، يكثر فيها النقل من مراجع اخرى ولا تترتبط بشكل دقيق بالحاجات الفعليه لقطاعات المجتمع المختلفه، ويندر فيها الابداع، ثم توضع  في الادراج أو فوق الرفوف دون الاستفاده من نتائجها والتحقق من قيمتها .

ز. يلاحظ ان كثيراً من اعضاء هيئة التدريس يتوقفون عن اجراء البحوث بعد حصولهم على درجة الاستاذيه في حين يفترض ان يضاعفوا انتاجهم العلمي نظير توسع خبراتهم .

ح. بعض ذوي المناصب كرؤساء الاقسام وعمداء الكليات وكلاء الجامعات يستغلون بعض المتعاقدين لعمل البحوث الشخصيه الهزيله ، وهذا حدث بكثره في بعض الجامعات مما قللّ من شخصياتهم العلميه والاكاديميه .

ط. يقوم بعض المتعاقدين بعمل بعض البحوث ورسائل الماجستير والدكتوراه وبيعها على بعض الطلاب والطالبات مما جعل قيمة البحث العلمي تهبط مع تداعي مستويات هذه الفئه من الاتكاليين وعدم معرفتهم تماماً بعمل البحوث .

ي. انتشار الدواعي الشخصيه في بعض المجالس العلميه من ببعض الجامعات ، مما جعل البعض من اعضاء هيئة التدريس يتعثر في اعماله البحثيه نتيجة عدم ترقيته التي سببت لهم حالات من الاحباط وقلة الانتاج ، وهذه الظاهره ابعدت الامانه العلميه لبعض هذه المجالس نتيجة تأخير ارسال البحوث الى المحكمين والتوصيه ضدها وارسال الانتاج الى المقربين لبعض المسؤلين عن المجالس مما اضفى عليها صفة الحقد والحسد والانانيه وحب الذات .

        ونتيجه لذلك تشير الاحصاءات الى عدد العلماء لكل مواطن في بعض الدول العربيه (205) علماء- في حين يبلغ في اليابان 3500 عالم، وفي امريكا 2500 عالم، وفي اوروبا 1500 عالم- وهذا ولا شك ما جعل (شيمون بيريز) رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق يعلن : (انه اذا كانت الدول الاخرى في هذه المنطقه تملك الثروات الطبيعيه والبتروليه فأننا نستطيع ان نحسم الصراع لصالح اسرائيل عن طريق التعليم وعن طريق الثروه البشريه التي نملكها واتاحة التعليم الجامعي لكل فتى وفتاة في اسرائيل (16) .

        من خلال هذا العرض نؤكد على ضرورة اهتمام الجامعات بالمملكه بالبحث العلمي عن طريق دعم وزارة التعليم العالي لمواجهة القرن الحادي والعشرين وذلك عبر التوصيات والمقترحات التاليه : -

أولاً   - زيادة ميزانية البحث العلمي بالجامعات .

ثانياً   - العداله في توزيع الحصص البحثيه الجماعيه على اعضاء هيئة التدريس وفقاً لضوابط واولويات بعيدة عن الاهواء الشخصيه سواءً بتكليف الجامعات أو من مدينة الملك عبدالعزيز أو من مكتب التربيه العربي أو من اي مركز من المراكز العلميه .

ثالثاً   - توسيع قاعدة المشاركه في المؤتمرات والندوات الخارجيه لاعضاء هيئة التدريس حسب التخصصات وليس حسب المناصب كما يحدث حالياً (17) .

رابعاً - تدعيم المكتبات بالكتب والدوريات المتخصصه والمعامل والاجهزه والادوات الحديثه .

خامساً - محاولة ايجاد (شبكة معلومات) تربط بين الجامعات في الداخل والجامعات في الدول العربيه عبر مراكز فرعيه للمساعده في الاعداد وجمع المعلومات .

سادساً - متابعة الاعمال البحثيه في الجامعات وتقديم تقارير عنها والعمل على تدعيم المبرزين في المجالات البحثيه .

سابعاً   - منع الازدواجيه في قضية تحكيم البحوث بحيث ينبغي ان يدرس وضعها بجديه لأن ما ينشر في مجله محكمه يجب الاّ يعاد تحكيمه عن طريق المجالس العلميه وهو ما يحدث في بعض المجالس العلميه ومنها (جامعة الملك فيصل) وذلك اسوة ببعض الجامعات العربيه الاخرى، ومنطقياً ينبغي الا تكون المجالس العلميه حاجزاً امام ترقيات اعضاء هيئة التدريس، مما يتسبب في تأخير الترقيه لأكثر من سنه بين المحاضر وانعقاد الجلسات وانتظار المحكمين والتأخير المغرض...الخ .

ثامناً   - اعادة النظر في المهام التي تلقى على عاتق اعضاء هيئة التدريس، واحداث نوع من التوازن بين التدريس والارشاد والبحوث وخدمة المجتمع مع زيادة الساعات المخصصه للبحث العلمي للمشهود بكفاءتهم البحثيه .

تاسعاً  - تطوير مناهج البحث العلمي بحيث تكون مع بدء الدراسه الجامعيه لاكساب الطلبه في وقت مبكر مهارات البحث والتجريب واستخدام مصادر التعليم والمعلومات الجديده وتدريبهم على مناهج البحث وادواته (18) حتى لايكون الطالب عرضة لشراء الابحاث التافهه من بعض المكتبات أو مراكز التصوير والطباعه التي أنتشرت مؤخراً حول جميع الجامعات والكليات في المملكه .

عاشراً - تطوير برامج الدراسات العليا التي تؤهل الكوادر الوطنيه من الباحثين والتشدد في مستوى الرسائل العلميه التي تنجز لهذه الغايه بحيث تكون اضافه حقيقيه للمعرفه (19) .


المراجع والهوامش : -

 1. للمزيد من التفاصيل مراجعة جريدة الشرق الاوسط العدد 6797 في 1/7/1997م ص16.

 2. دليل جامعة الملك سعود 1407-1409هـ ص 1-2.

 3. دليل جامعة الملك سعود 1407/1409هـ ص 1-2.

 4. جريدة الجزيره العدد 9052 في 7/3/1418هـ الموافق 11/7/1997م ص5 .

 5. نبيل نوفل رؤى المستقبل المجتمع والتعليم في القرن الحادي والعشرين (المنظور العالمي والمنظور العربي) ورقة عمل مقدمه الى الحلقه الدراسيه لقادة الفكر التربوي المتخصصين في الدراسات المستقبليه ببيروت 18-21 نوفمبر 1996م ص4 .

 6. نبيل نوفل تأملات في مستقبل التعليم العالي مركز أبن خلدون للدراسات الانمائيه القاهره 1992م ص8.

 7. اليونسكو التعليم ذلك الكنز المكنون مقتطفات من التقرير الذي قدمته الى اليونسكو اللجنه الدوليه المعنيه بالتربيه للقرن الحادي والعشرين باريس 1996م.

 8. نبيل نوفل تأملات في مستقبل التعليم العالي نفس المرجع ص14-15.

 9. برنامج الامم المتحده الانمائي- التقرير الخاص بالتنميه البشريه لعام 1996م نيويورك ص12.

10.محمد عبدالله المنيع الأسس الاستراتيجيه لتطوير الدراسات العليا في دول مجلس التعاون الخليجي جامعة الملك سعود الرياض 1996م - ص20.

11.محيا زيتون مستقبل التعليم في الوطن العربي في ظل استراتيجية اعادة الهيكلة الرأسماليه ورقة عمل مقدمه الى حلقه دراسيه لقادة الفكر التربوي المتخصصين في الدراسه المستقبليه المنظمه العربيه للتربيه والثقافه والعلوم بيروت 18-21 نوفمبر 1996م ص39-40.

12.صالحه سنقرتطور التعليم العالي في الجمهوريه العربيه السوريه بحث مقدم لمؤتمر دور كليات التربيه في تطوير التربيه من اجل التنميه في الوطن العربي جامعة دمشق كلية التربيه 11-13 مايو 1997م - ص3.

13.مصطفى شعبان البحث العلمي في الجامعات وتحديات المستقبل المؤتمر القومي السنوي الثالث- مركز تطوير التعليم الجامعي جامعة عين شمس القاهره 5-7 نوفمبر 1996م ص24.

14.اليونيسكو التعليم ذلك الكنز المكنون نفس المرجع السابق .

15.وفيقه حمود خصائص العصر ومتطلباته العلميه والتعليميه ورقة عمل مقدمه للندوه العربيه الاقليميه حول مساهمة التعليم العالي في تطوير النظام التربوي بيروت 13-15/5/1997م ص27-28 .

16.حسين كامل بهاء الدين التعليم والتنميه البشريه محاضره عن تنمية القوى البشريه بمجلس الشورى وزارة التعليم القاهره 8-10/10/1996م.

17.زكريا يحيى لال الفاكس والبيروقراطيه والجامعات انظر جريدة الجزيره العدد(9000) 14 محرم 1418هـ ص9.

18.وفيقه حمود نفس المرجع ص45.

19.وفيقه حمود نفس المرجع السابق ص45

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2855 مشاهدة
نشرت فى 9 يناير 2012 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,889,416

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters