أحمد السيد كردي .
أن ثورة المعلومات والتقنية المتطورة بشكل متسارع ستغير من أساليب العمل ، وما أسلوب العمل عن بُعد إلا أحد الأساليب التي بدأت تغزو قطاعات العمل بشكل متنامي وملحوظ , وتحدد التقنيات المحتاجة حسب طبيعة العمل والمهام التي تقوم بها المرأة عن بُعد كل على حدة ، مع الأخذ في الاعتبار التطور السريع والهائل في هذه التقنيات, ومن المتوقع أن تعم هذه الظاهرة الجديدة بشكل أوسع في ضوء التطور السريع الذي تشهده أجهزة الاتصالات ، ابتداءً من الحواسيب ومؤتمرات الفيديو ، وانتهاءً بأجهزة الهاتف العالمية التي لن تدع بقعة في العالم خارجة عن نطاقها .
والتقدم التقني الهائل ، يأتي كل يوم بجديد ، ومن ذلك الابتكار الذي توصلت إليه هيئة الاتصالات البريطانية " British Telecom " وأُطلق عليه ( مكتبك على ذراعك ) والذي يمكنه خدمة رجال الأعمال وهم في أي بقعة من بقاع العالم ، ويشتمل الابتكار الجديد على كافة أجهزة الحاسب الآلي المكتبية الرئيسية كالشاشة الصغيرة الملونة وأداء التحكم بالعمليات ( الفأرة ) ، علاوة على تجهيزات إضافية تربط بالرأس تظهر على شاشتها المصغرة والمركبة أمام العينين مباشرة صورة للوثائق الشخصية وذات الخصوصية المهمة والتي لا يشاهدها سوى صاحب العمل الذي يحمل مكتبه على ذراعه .
واعتمدت برامج هذا الابتكار على أسلوب التلقيم الصوتي بدلاً من لوحة المفاتيح الاعتيادية في أداء الفعاليات الإدارية المختلفة لهذه البرامج , وباستخدام نظام الاتصال التليفوني يمكن للحاسب الآلي في هذا المكتب المتنقل من الاتصال مع بقية زملاء العمل لمتابعة إنجاز المهمات الوظيفية المطلوبة كأي مكتب عادي في عالم إدارة الأعمال ولم يخل هذا المكتب من وسائل الاتصالات المعروفة كالفاكس والبريد الإلكتروني وسجل المعلومات إضافة إلى شبكة المعلومات الدولية " الإنترنت " والخبراء يتوقعون إقبالاً شديداً وطلباً ملحاً عليه في المستقبل القريب ، لأنه سيقلب مفاهيم إدارة الأعمال المختلفة رأساً على عقب.
وقد تم إنشاء مجموعة ( إف.آي ) " FI " في بريطانيا ( شركة بريطانية قائمة على أسلوب العمل عن بُعد ) لتوفير فرص عمل فى الحاسب للمرأة التى لا تستطيع الخروج للعمل ، وقد أدخلت شركة " أمريكان إكسبرس " برنامجاً يسمح لموظفي وكالات السفر التابعة لها بالعمل بالمنزل كطريقة لمنع وكالات السفر الأخرى من جذب وإغراء وكلائهم ذوي التدريب الرفيع
ويعود الفضل للوضع الذي نحن فيه الآن للثورة الرقمية “Digital technology” حيث يمكن الآن أن تحمل المرأة في حقيبة يدها الحاسب في حجم الدفتر له نفس القوة الحاسبة لحاسب ضخم قبل سنوات قليلة. علاوة على أن نسبة السعر مقارنة بالأداء قد انخفضت بنسبة 30% أو أكثر في السنة بالنسبة للحاسب الشخصي. وكما سنرى لا حقاً، نجد أن الفوائد التي يجنيها صاحب العمل تفوق كثيراً تكاليف توفير كافة خدمات الحاسب التي يحتاجها العامل عن بُعد في المنزل .
الوسائط المستخدمة في العمل عن بعد وسائل تقنية بحتة ومن أبسطها الموبايل (mobile) حيث يمكن إجراء المكالمات وبث الرسائل النصية (sms), والوسائط المتعددة (mms), وتوظيف البريد الإلكتروني لتبادل التعاميم والخطط والبرامج والملفات واستقبال الشكوى من العملاء أينما كانت مواقعهم , وإتاحة الفرصة لهم لمتابعة معاملاتهم, وإرسال محاضر الاجتماعات واستقبال الملاحظات عليها في نفس اللحظة , وتبادل البحوث وأوراق العمل ونشرها على المواقع الإلكترونية , وتثبيت جداول المواعيد , ويمكن الاستفادة من جهاز الفاكس (fax) في تنفيذ معظم العمليات التي لايمكن إتمامها عبر البريد الإلكتروني أو في حالة إنقطاع الإتصال بالإنترنت .
وتأتي تقنية الفيديو كونفرنس (video conferences) أو ما يسمى بالبث المباشر كأفضل التقنيات على الإطلاق لإدارة الاجتماعات من أي موقع , ومشاركة خبراء ومتخصصين من مختلف دول العالم , والاستفادة من الخبراء والمستشارين وهم في بلادهم , وإجراء المقابلات الشخصية مع من يتم اختيارهم من أماكن بعيدة عن المقر الرئيسي للإدارة , وتنظيم الدورات التدريبية بالبث من المقر الرئيسي إلى المناطق الأخرى أومن أي دولة ويمكن قيام خبير بإلقاء محاضرة أو تدريب وهو في مقره دون حضوره , كما يمكن متابعة المؤتمرات الداخلية والخارجية دون الحاجة إلى إرسال الوفود وصرف المزيد من التكاليف.
كل ما يلزم لتطبيق هذا الأسلوب بكفاءة هو توفير الأجهزة من هواتف نقالة وأجهزة حاسب آلي وفاكس لكل موظفة مع ربط الحاسب بالانترنت وبما يمكنها من ممارسة الأدوار الإدارية من أي موقع كانت ويفضل أن تكون الأجهزة محمولة بحيث يسهل نقلها وتركيبها في مختلف الأمكنة.
كما نجد أن التبادل الرقمي والشبكات الرقمية لها مزايا للعاملات عن بعد أيضاً , فالشبكات الرقمية بينما يتم استخدامها للاتصالات الصوتية نجد أنها بطبيعتها ملائمة لإرسال المعلومات , فشبكة الخدمات الرقمية المتكاملة ترسل بصورة مضمونة معلومات بمعدل 64 كيلوبايت/ثانية من المملكة المتحدة (56 كيلوبايت/ثانية في الولايات المتحدة) بنفس التكلفة عن الدقيقة في حالة إرسالها بمكالمة الهاتف العادية التي ترسل المعلومات بمعدل 9.6 كيلوبايت/ ثانية (وأحياناً حتى 19.2 كيلوبايت/ ثانية) عن طريق المودم (أداة لترجمة تعليمات مكتوبة بلغة كمبيوترية إلى رموز رقمية أو العكس). ولكن الشيء المؤكد هو أنها تقتصر عادة 2.4 كيلوبايت/ ثانية أو 4.8 كيلو بايت/ ثانية .
وعادة ما تكون الوسائل المساعدة للعمل عن بُعد لإرسال المعلومات من وإلى العاملات مودم للمعلومات عبر شبكات الاتصال التقليدية، أو شبكات حزمة المعلومات للمعلومات السريعة الضخمة، أو الشبكة الرقمية لمعلومات الوقت الحقيقي , والإبقاء على الاتصال : من خلال الهاتف ، الاجتماعات الهاتفية "Audioconferencing " ، البريد الصوتي " Voice Mail " ، الهاتف المحمول للعامل المتنقل ، فيديوفون " Videophones " ، الاجتماعات المرئية "Videoconferencing " ، البريد الإلكتروني " E-Mail " ، والفاكس .
ومشاركة المعلومات من خلال لوحة النشرات الإلكترونية والفاكس ، والعمل الجماعي المدعوم بالحاسب ، والوصول من بُعد لقاعدة البيانات ، وشبكات الاتصال للمناطق الواسعة ، وعبّارات لشبكات الاتصال المحلية .
ولبعض هذه الوسائل المساعدة العديد من الاستخدامات , وباستخدام صيغة تجمع بين المقترحات المقدمة سابقاً ومعطيات التقانة الأخرى ، يمكن إيجاد حلول لكل المشاكل الناجمة عن العمل عن بُعد . فالتقنية المساعدة متاحة الآن بخيارات واسعة وتكاليف متواصلة الانخفاض مع زيادة في المميزات الوظيفية .
في ظل ارتفاع أعداد المنازل المجهّزة بإمكانيات الاتصال بالإنترنت عريض النطاق، أصبح العمل من المنزل أمرًا ميسورًا , وقد بدأ انتشار هذا النوع من الإمكانيات الإلكترونية في دول الخليج، فدول البحرين والكويت وقطر والإمارات تسجل معدلات للاتصال المتنقل بشبكة الإنترنت هي من أعلى المعدلات العالمية, ولا يخفى أن العاملات عن بعد أقدر على العمل بكفاءة باستخدام الإنترنت عريض النطاق نظراً لأن تطبيقات الشركات تعمل لحظياً عندما يتم الوصول إليها عبر اتصال سريع بدلاً من الاعتماد على الاتصال بالإنترنت عبر الهاتف , كما أن الإنترنت عريض النطاق يجعل تقنية الاتصال الصوتي عبر هاتف الإنترنت وغيرها من التطبيقات التي تعتمد على هذا النوع من الاتصال ممكنةً بصورة أكبر مقارنةً بما تكون عليه الحال عند استخدام وسيلة اتصال بطيئة.
ولا شك أن انتشار الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة أتاح لملايين العاملات الأدوات اللازمة للعمل عن بعد أثناء التنقل لمقرات الشركات أو العمل بأي صورة أخرى عن بعد, لكن هذه القدرة على العمل المتنقل تشكل تحديات بالنسبة لأقسام تكنولوجيا المعلومات في الشركات تتعلق بجوانب الحماية والأمان الإلكتروني، ليس للأجهزة فحسب، بل وللشبكات اللاسلكية المستخدمة في الوصول, فانخفاض الأسعار وزيادة إمكانيات الأجهزة والكمبيوترات المحمولة قد جعل من خيار العمل عن بعد أمراً في متناول الكثير من الشركات وموظفيها.
إن التطبيقات الجديدة مثل المهاتفة ببروتوكول الإنترنت ومؤتمرات الفيديو تجنب العاملات الاضطرار إلى الاجتماع في مكان واحد للعمل بصورة تعاونية، فقد أصبحت الاجتماعات عبر شبكة الإنترنت نقطة التقاء منتشرة داخل الشركات التي وزعت القوى العاملة لديها على مكاتب بعيدة جغرافياً أو على مكاتب منزلية، علماً بأن هذه الاجتماعات لا تدعم جوانب التعاون فحسب، بل وتحول دون إحساس العاملات عن بعد بالانعزال عن المقر المركزي للعمل والتواصل معه, ويلاقي تطبيق المهاتفة ببروتوكول الإنترنت قبولاً واسع النطاق في عالم اليوم، ويرجع ذلك إلى ما يتيحه للعاملات عن بعد من إمكانية استخدام هاتف منزلي بما يتيح للمستخدمين التحدث مع بعضهم البعض عبر هذا التطبيق.