محمد العطار

(أي منظمة، من أي نوع، لها مورد واحد حقيقي: الإنسان)

                                                                           بيتر دراكر

لا يمكنك أن تدير أي منظمة بدون ناس، هذه حقيقة لا يمكن أن تغيب عن أي صاحب عمل أو مدير، فما دام هناك عمل وأهداف مطلوب إنجازها، فلابد أن يتم ذلك من خلال آخرين، حتى إذا تم العمل من خلال أجهزة وآلات، فإن الناس هم الذين يشغلونها، وإذا كانت هناك موارد كثيرة في العمل مثل الأموال، والآلات، والخامات، والمباني، والأراضي، والفن الإداري، فإن الناس هم موارد أيضًا، بل الأهم؛ أنهم المورد الذي يقوم بتشغيل باقي الموارد في أي منظمة، ويطلق على الناس الذين يعملون داخل المنظمة الموارد البشرية.

إدارة الموارد البشرية:

       يعرف كل من Torrington وHall أن إدارة شئون الأفراد هي سلسلة من الأنشطة التي من شأنها أن تقوم بالآتي: أولًا تمكن الأشخاص العاملين والمؤسسات التي يعملون بها من الإتفاق على الأهداف، وطبيعة علاقة العمل التي تربطهم، وثانيًا تضمن تنفيذ الإتفاق.

ويركز هذا التعريف على الطبيعة المشتركة لعلاقة العمل، كما يؤكد على أنه من خلال المعاملة بالمثل فقط يكون من الممكن تحقيق أهداف كل من المؤسسة والفرد.

من جهة أخرى، فإنه عند الإستعانة بالتعريف السابق كنقطة بداية، فإنه من الممكن تعريف إدارة الموارد البشرية على أنها:

مجموعة من الإستراتيجيات والعمليات والأنشطة التي يتم تصميمها؛ لدعم الأهداف المشتركة عن طريق إيجاد نوع من التكامل بين إحتياجات المؤسسة والأفراد الذين يعملون بها.

ويلاحظ أنه يوجد في هذا التعريف مزيد من التأكيد على الأهمية الإستراتيجية لإدارة الموارد البشرية وعلى العمليات، وذلك بسبب الطبيعة الإستمرارية للأنشطة التي يتم تنفيذها.

أهداف إدارة الموارد البشرية:

       سوف تتنوع الأهداف الدقيقة لإدارة الموارد البشرية من مؤسسة إلى أخرى، وسوف تعتمد على مرحلة التطوير الخاصة بالمؤسسة، وعلى ذلك، فإنه سوف يتم على سبيل المثال، النظر إلى الشخص المسئول عن الموارد البشرية، على أنه الشخص الذي يعتني بالجانب الإداري من إدارة الأشخاص، مثل إعداد عقود العمل، والإحتفاظ بملفات الموظفين، وما إلى ذلك.

وعلى الجانب الآخر تمامًا من ذلك، فإنه سوف يتم النظر إلى الشخص المسئول عن الموارد البشرية على أنه جزء متكامل وحيوي من عملية التخطيط للعمل، ولذا فإن أهداف إدارة الموارد البشرية تعد كثيرة ومتنوعة، وسوف تشتمل في أوقات مختلفة على بعض، إن لم يكن كل الأهداف التالية:

1. توجيه النصح إلى الإدارة بشأن السياسات الخاصة بالموارد البشرية اللازمة؛ لضمان أن المؤسسة لديها قوة عاملة على مستوى عالي من الكفاءة والتحفيز، ولديها مجموعة من الأشخاص المؤهلين للتكيف مع التغيير، علاوة على ضمان إلتزام المؤسسة بالتزاماتها القانونية الخاصة بالعمل.

2. تنفيذ والحفاظ على إستمرارية استخدام كل الإجراءات والسياسات الضرورية الخاصة بالموارد البشرية، حتى تمكن المؤسسة من تحقيق أهدافها.

3. المساعدة في تطوير الإستراتيجية العامة للمؤسسة، وبصفة خاصة بالنظر إلى ما يتعلق بالموارد البشرية.

4.   توفير الدعم والظروف التي سوف تساعد المديرين التنفيذيين في تحقيق أهدافهم.

5. التعامل مع الأزمات والمواقف الصعبة الخاصة بالعلاقات بين الأشخاص، وذلك حتى يضمن ألا تقف مثل هذه الأشياء في طريق تحقيق المؤسسة لأهدافها.

6.   توفير قناة إتصال بين القوة العاملة وإدارة المؤسسة.

7.   القيام بدور المشرف على القيم والمعايير المؤسسية في إدارة الموارد البشرية.

8. التوفيق بين الفرد والوظيفة أو وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ويتم ذلك من خلال الوظائف المختلفة لإدارة الموارد البشرية (الإختيار، التدريب، تقييم الأداء، النقل، الترقية، الأجور، الحوافز).

الوظائف الرئيسية للموارد البشرية:

1. تحليل العمل: هي تلك العملية التي تهدف إلى تجميع المعلومات عن خصائصها الوظيفية، والتي تميزها عن غيرها من الوظائف،أي تحديد الأنشطة المكونة للمهام، المكونة للوظيفة، ووضع ذلك في توصيف متكامل وتحديد لمواصفات شاغل الوظيفة.

2.   تخطيط الموارد البشرية: تحديد أعداد ونوعيات العمالة المطلوبة خلال فترة الخطة.

3. الإختيار والتعيين: هي تلك المراحل أو العمليات المختلفة؛ للبحث عن المرشحين الملائمين لملء الوظائف الشاغرة بالمنظمة.

4. تصميم هيكل الأجور: تحديد القيمة والأهمية النسبية لكل وظيفة، وتحديد أجرها، وتحديد درجات أجرية للوظائف.

5. الحوافز: هي الوسائل المختلفة التي تستخدمها الإدارة؛ لحث العمال وتشجيعهم على زيادة الإنتاج بشكل أو بأخر، والوصول بمعدلاته وأرقامه إلى ما هو مخطط له؛ مما يدفع بعجلة الإنتاج إلى الأمام، وتحقيق أهداف الوحدة الإنتاجية أو المصنع.

6.   تقييم الأداء: هو نظام يتم من خلاله، تحديد مدى كفاءة أداء العاملين لأعمالهم.

7. التدريب: هي تلك العملية المستمرة، والتي تهدف إلى رفع كفاءة ومعارف ومهارات العاملين، وتوجيه إتجاهاتهم نحو أنشطة معينة.

8. تخطيط وتنمية المسار الوظيفي: تحقيق التوافق والتطابق بين الأفراد وبين الوظائف، من خلال وظائف إدارة الموارد البشرية، أي هي العملية التي تؤديها إدارة الموارد البشرية؛ لتمكين المؤسسة من الحصول على الأفراد الملائمين، واستمرارهم، ومساعدتهم على التقدم المهني، بالمستوى المطلوب من الإنتاجية والرضا.

من الذي يقوم بإدارة الموارد البشرية؟

هل من الأفضل أن يكون هناك إدارة مستقلة ومتخصصة للموارد البشرية؟ أم هل من الأفضل أن تترك لكل المديرين التنفيذيين في مواقع عملهم؟ إن الإجابة ليست سهلة، وسنحاول أن نقدم الإجابة في السطور التالية، وستلاحظ أن الإجابة ستخلص إلى أنه لابد من وجود تعاون مشترك بين إدارة الموارد البشرية وباقي المديرين التنفيذيين في مواقعهم.

1.   إدارة مستقلة للموارد البشرية:

يرى البعض أن وظيفة إدارة الموارد البشرية هو من اختصاص تلك الوحدة التنظيمية التي تسمى إدارة الموارد البشرية أو إدارة الأفراد، أو إدارة شئون العاملين، ويعزز أصحاب هذا الرأي وجهة نظرهم، بأن اخصائيي الموارد البشرية هم أكفأ الناس في إدارة الموارد البشرية، وأنه مثلما تخصص المنظمات وحدات تنظيمية مستقلة للتعامل مع العناصر اللازمة للإنتاج والتسويق، فإن العنصر البشري لا يقل أهمية عنهما.

ويسير هذا الرأي مع مبدأ التخصص، والذي ينادي بتوفير أشخاص لديهم المعرفة، والمهارات، والوقت اللازم للقيام بعمل أصبح متخصصًا.

2.   كل مدير هو مدير للموارد البشرية:

يرى أصحاب الرأي الثاني أن كل مدير في موقعه هو مسئول عن تنفيذ أعماله من خلال الموارد البشرية المتاحة له، فهو إذًا مسئول عن هذه الموارد البشرية، وبما أنه مسئول عنها، فلابد أن يعطي السلطة والصلاحية لإدارتها، ولحسن الحظ فإن أصحاب هذا الرأي يعترفون بحقيقة أساسية وهي أنهم قد ينقصهم أحيانًا المهارة، والمعرفة، والوقت لإدارة مواردهم البشرية بكفاءة.

ويعترفون بضرورة وجود من يساعدهم في التخطيط للوظائف المختلفة للموارد البشرية، وفي التنسيق بين الإدارات المختلفة في هذا الأمر، أي أنهم يعترفون بحاجتهم لأخصائيين في الموارد البشرية.

3.   التعاون المشترك بين إدارة الموارد البشرية وكل المديرين:

حيث أن الهدف من إدارة الموارد البشرية، هو رفع كفاءة وفاعلية استخدام العنصر البشري، فإنه يجب أن يكون هناك تعاون كبير بين إدارة الموارد البشرية وبين باقي المديرين في كل مواقع العمل.

والآن، ماذا بعد الكلام؟

       هذه بعض الوسائل العملية، التي يجب على كل إدارة أن تتخذها، وهي:

1. على كل مدير في إدارته ممارسة وظائف إدارة الموارد البشرية، وتعاونه في ذلك إدارة الموارد البشرية كإدارة أو وحدة تنظيمية، فيقوم الأول بالممارسة اليومية التنفيذية لكثير من هذه الوظائف، بينما تقوم الثانية بأعباء التخطيط، والتنظيم والتوجيه، والرقابة لأنظمة الموارد البشرية.

2. الأفراد مختلفون والوظائف مختلفة، وأن وظيفة إدارة الموارد البشرية هي التوفيق بين الأفراد والوظائف، أي وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وذلك من خلال ممارسة الوظائف المختلفة لإدارة الموارد البشرية.

3.   تظهر إدارة مستقلة للموارد البشرية في المنظمات المتوسطة والكبيرة الحجم، وكلما كبرت المنظمة، ظهرت فيها أقسام متخصصة مثل التوظيف، والتدريب، والتعويضات، أما المنظمات الصغيرة فليس فيها قسم للموارد البشرية؛ حيث تستند وظائفها إلى المديرين التنفيذين.

4.   عند تعيين مدير موارد بشرية، لابد من تعيين مدير موارد بشرية يتحلى بأخلاقيات العمل.

وأخيرًا:

       أختم بقول تشارلز شواب: (إنني أعتبر قدرتي على إثارة الحماس بين الناس أعظم رصيد أمتلكه، وأفضل طريقة لإخراج أفضل ما في الرجال تكون بتقديرهم وتشجيعهم)، وسوف نتناول في المرة القادمة إن شاء الله من سلسلة إدارة الموارد البشرية، أول وظيفة من وظائف مدير الموارد البشرية ألا وهي تحليل العمل.

أهم المراجع:

1.   إدارة الموارد البشرية، أحمد ماهر.

2.   إدارة الموارد البشرية، باري كشواي.

3.   الخطوات الذكية للمسئولين، سام ديب ولايل سوسمان.

4.   حوافز الإنتاج في الصناعة، صلاح بيومي.

المصدر: موقع مفكرة الإسلام
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
8 تصويتات / 3519 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,755,166

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters